رواية مسك الليل الفصل الثلاثون 30 - بقلم سارة طارق
جلبه مسحور
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى على الحبيب قلبك يطيب فصلاة عليه نورا وطيب
_________________________________________
استيقظ من نومه بعد صلاة العصر ، فصل الفروض التى فاتته واحضرت له مسك الطعام أكل وذهب سأل عن والده أخبروه مكانه ذهب له وجده يجلس ويتمعن فى الأرض الخضراء ويتأمل فى نعم الله التى تتلألأ أمامه اقترب منه وجلس وبجانبه
" ايه يابا ، عامل ايه مسألتش عليا يعنى "
رد عليه والده وعيونه مازلت على الأرض
" كنت بشوف الحكاية اللى بلغتنى بيها ، وعرفنالك جرارها ، بس طلع الموضوع صعب حبتين"
" صعب ازاى يعنى "
" علوان ، شغال عند يونس حمزاوى ، غفير ، علوان ضحك على واحدة مبتخلفش وجلها أن مراته عنده القلب وحملت فى العيل ده غلطة والدكتور بتاعها كان محظرها أنها تخلف تانى عشان المرض اللى عندها فى الجلب وأنها لو حملت هتموت ، المهم ربنا أراد أن أمانته تيجى على الدنيا "
" وماتت وهى. بتولد مش كده "
هز جابر رأسه بحزن
" لاه ربك كان كبير وحصلت المعجزة اللى تخلى الست دى تجوم منها بسلامه بس كانت تعبانه جوى ، المهم علوان كان متفج مع الست دى وضحك عليها وجلها أنه مش هيعرف يربى العيل ده لوحده وان مراته هتموت وعرف يضغط على الست دى ويصحى جرحها من تانى ، واتفج معها أنها تاخد الواد ، وتكتبه بأسمها لأن كده كده وهو مكانش عايز عيال تانى ، أنها لو مخدتوش هيجتله ، أو يرميه فى اى حتة "
دهش رضوان
" أنت بتجول ايه يابا ، انا مش مصدق كل اللى بتقوله ، ولو فرضنا أن ده حصل مين الهبلة اللى تصدق واحد زى علوان أن يقتل ابنه ، علوان مش عبيط عشان يقول قدام حد أنه هيقتل يابا ، الحكاية دى مش داخلة فى زمتى بتلات تعريفة ، وطبعا هتقول أن الست اللى علوان ادها ابنها دى مسكينة وخدت العيل خوف عليه ليتقتل ، وسمته بأسمها "
نظر له والده نظرة جعلت رضوان يبتلع ريقه فنطق جابر
" مش مصدق كلامى أياك ، لما أجولك كلمة اعرف انها صوح ، لأن الحرف اللى بيخرچ من بوجى ختم ياابن النمر ، شايفنى أصغير اياك وبهلفط بأى كلام ولا شيب شعرى خلاك تجول انى خرفت "
رجع رضوان فى حديثه صحح لوالده
" لا عاش ولا كان اللى يجول عليك صغير أو شايب يابا ، بس الحكاية بس ناجصها حاجة ، فى حاجة مش مفهومة فى الحكاية دى ، وأنت بتحكى حاسك مضامن مع الست اللى خدت العيل دى جوى كأنك عارفه يعنى "
" عارفها ومربيها على يدى كمان ، يا ولدى ربنا مايجعلك تحس انك زى الأرض البور اللى مينفعهاش لازرع ولا حتى ينفع فيها بوج ماية ، فإى حد هيدوس على وجعك ده ويستغله هتصدجوا "
...
" معنى كلامك أنها خددت العيل طمع وحب فى أنها تحس انها ست وعندها عيل ، بس دا يعاقب عليه القانون ، وانت قولت كمان أنها سمت الوالد يإسمها ودى جريمة تانية يابا ، انا معاك أن أحساس الامومة بتحلم بيه اى بنت او ست ، بس ده ميدهاش الحق أنها تاخد عيل من أمه وتقهرها عليه لحد ماتموت، ودى جريمة تالته ، وانا مش هقدر. اسكت على حاجة زى دى ، وارجع الواد لأخته وعلوان ده حسابه مع القانون هو و اللى شاركت معاه فى الجريمة دى وبعد. اذنك يابا تقولى مين الست دى "
" نوارة مرات يونس حمزاوى ، صاحب اخوك رشاد "
" انت بتقول ايه يابا ، استحالة طبعاً ، يونس مش ممكن يعمل حاجة زى دى ، ولا نوارة مراتة ممكن تعمل كده ، نوارة أعقل من أنها تحط نفسها فى موقف زى ده ، مش نوارة يابا اللى تكون سبب فى قتل حد ، دى أرق من كده بكتير "
تنهد والده وهو يقول
" استغلوا نقطة ضعفها ياولدى ، استغلوها صح ، وضغطوا على جرحها "
" ابا بالله عليك أنا مش فاهم حاجة براحة عليا واحدة واحدة. كده وفهمنى "
" خلينا انا افهمك يا رضوان ، على الأقل لما تسمع من صاحبة الحكاية تفهم اكتر " قالتها نوارة وهى تتقدم منه هو و والده ، وجثت بجسدها حتى. تقبل يده جابر الذى اجلسها بجانبه قائلا
" أنا جبتلك صاحبة الحكاية عشان تسمع منيها يمكن سعتها تعذرها "
شعر رضوان أن والده يضعه تحت الآمر. الواقع وهذا جعله يغضب
" أبا لو فاكر انك بتستغل معزتى ليونس نوارة ، فى أنى أضيع حق ست غلبانة زى مرات علوان وعيالها تبجا غلطان انا لايمكن أعمل حاجه ضد القانون ، انتى مش غبية عشان توقعى نفسك فى جريمة زى دى ، عشان ايه كل ده "
ترقرت دموعها
" عشان ابقى ام ، والله العظيم أنا اضحك عليا ، انت لو كنت مكانى ، ولقيت حد جايبلك اكتر حاجة بتتمناها من ربنا ، وبيقولك اهى ، النعمة اللى كنت عايزها معايا اهى ربنا أنعم عليا بيها بس انا مش عايزها وياتخدها يا أموتها ، خوفت وفرحت وقبلت اديته مبلغ يسعده فى ولادة مراته ، بس بعد مشي وفكرت ، استغفرت ربنا وقولت يمكن بيعمل كده عشان حالتهم على قدهم ومش هيعرف يربى الواد بعد موت مراته ، وبعدها بيومين كلمته وقولتله يجى عشان عوزاه ، وجهزتله مبلغ وقولت يمكن ربنا بعته ليه عشان أسعده وان ده اختبار من ربنا ليه وانى لو ساعته واديته فلوس يعمل مشروع أو اى حاجة وحسنت من حالته المادية ، ربنا ممكن يكرمنى و و يخلينى أحمل وأخلف واحس انى. ست زى الستات اللى فى البلد واشيل عيل يكون حتة من يونس ومنى ، والله العظيم ده اللى كان فى نيتى ساعتها بس لقيته جه قبل المعاد اللى اتفاقنا عليه وطلب يقابلنى ، ويونس مكانش موجود فى اليوم ده ، ولقيته جاى ومعاه متيم ، وبيدهولى ويقول خدى ابنك جه على الدنيا ومحتاج حضنك وفجأة بعد ماكنت بقوله أنا مش هاخد ابنك لقيت الواد على. دراعى بيعيط وفجأة سكت وبصلى كده خلى قلبى بقا من كتر الدق هحسيت أن هيقف أنا لقيت نفسي بضمه لحضنى أوى ، دموعى نزله منى زى الشلال وفرحانه اوى كأن فعلا ابن بطنى ، وكلامه ليا وهو بيقول ابنك جه على الدنيا وعايز أمه وكأن الدنيا كلها فى اللحظة دى خليت من الناس ومبقاش اللى أنا ومتيم وبس ، اه مايونس سماه متيم ، وكأن الولد ده هو الوصف اللى بيوصف بيه يونس حبه ليا "
هنا نطق رضوان بحزن
" ازاى يونس يقبل بحاجة زى دى ويطوعك فيها "
اجهشت فى البكاء اكثر
" يونس مكانش يعرف ، يونس كان مسافر بيسلم خيول بيعها لواحد فى مصر وجه اتفاجاء بلولد عندى ، وكدبت عليه ساعتها وقولتله أنى اتبنيت طفل من ملجأ ، وهو صدق رغم أنه كان رافض التبنى بس زى ماتقول اول ماشاف الولد سكت ومقدرش يعمل أى حاجة وعمل شهادة ميلاد للولد "
هنا نطق رضوان بحيرة
" وانا مستغرب ازاى علوان جتله الجرأة ويجيلك من الأول و مخافش من يونس "
هنا ردت عليه نوارة بكسرة
" علوان لما جه و قالى انا افتكرت أنه كان طمعان فى قرشين ، بس الحقيقة أنه طلع مزقوق عليا " قالت وهى تبكى وتضع يدها على وجهها
" أصدق مين " قالها رضوان لتجيبه هى
" رحمة هانم ، اللى عمرها مرحمتنى وخلتنى اعيش يوم واحدة حلو ، رحمة هانم اللى مفيش يوم بيعدى فيه غير وهى معيرانى بقلة خلفتى ومش بتقولى دايما غير انى ارض بور ، وأنى حمل كبيرة وأكبر غلطة غلطها يونس فى حق نفسه أنه اتجوز واحدة طلعت ست فى الشكل وبس ، وأنها لازم تجوزه واول ما يخلف من التانيه وأشوف خلفته من واحدة غيرى هترمينى فى الشارع بس لازم تذلنى وتكسرنى الاول ، على أساس أنها مش ذلانى وكسرانى كل يوم بكلامها ، ابوس ايدك يارضوان هى عملت كل ده عشان يونس يطلقنى واستغلتنى صح وعرفت ازاى تدخلي ، أنا قولت ليونس كل حاجه من يومين ، ومن ساعتها وهو مش بيكلمنى ، انا اعترفت بكل حاجة "
"وانتى عرفتى أن حماتك ورا دا كله ازاى " قالها رضوان
" أنا سمعتها بتكلم فى التليفون وانا معدية من قصاد أوضتها الفجر ، كانت بتكلم علوان فى التليفون ، وبيطمنها أن كل حاجه ماشية مظبوط ، رغم العكوسات اللى حصلت بس برود حصل اللى احنا عاوزينه ، ساعتها معرفتش اعمل ايه وكنت هموت ، كان نفسي انى اصوت وافضحها وأجرى اقول ليونس بس خوفت لاميصدقنيش وهى ذكية جدا لدرجة أنها ممكن تقلب كل حاجه ضدى ، وتستغل كمان أن يونس مقطعنى ومش بيكلمنى من ساعتها ، ملقتش غير الحاج جابر وانت يلحقونى ، انا عرفت انك كنت مع بنته الكام يوم اللي. فاته دول ، بس ابوس ايدك ساعدنى بس من غير ماحد يحس بحاجة أنا خايفة لحد من أهل البلد يعرف ويعاير يونس أو يتقل منه ، انا مش عاوزاه يتعاقب على غبائى وأنانيتى ، والله العظيم أنا مكانش فى نيتى أى أذية لحد يا رضوان ، وحياة مراتك مسك لتساعدنى أنا عارفة أنها غالية عندك قد أيه ، وأنك مش هترفضلى طلب " انهمرت أكثر فى البكاء على تلك الكارثة. التى أوقعت نفسها بها والتى ستتسبب فى تحقيق أسوء كوابيسها وهى أن يتزوج عليها يونس ويتركها
رق رضوان قلبه لها وشعر بألمها هو يعلم نوارة حق المعرفة فهى رغم أنها ليست فتاة صعيديه ، وأنها انت على الصعيد بعد أن تزوجت من يونس لا أنها فى تلك الأعوام التى قضاها هنا احبها الجميع اعتبروها من أهل البلده ، بسبب معاملتها الحسنة وطيبة قلبها ونقائها وأخلاقها التى يحلف به أهل البلدة ، ربط عليها جابر ليهدئها ويجعلها تطمئن ، لانه فى تلك اللحظة تذكر ابنته التى هجرته وتركته سندس فهى كانت أقرب صديقة لنوارة
"أهدى يابتى والله طول ما أنى عايش ، ماهخلى مخلوق واحد يزعلك واصل " نطقت نوارة بكسرة
" ما أنا لو كان بابا عايش مكانش كل ده حصلى ولا اتذليت كده ، يعم جابر "
" أهدى يابتى ليكى رب اسمه الجبار ، وهو جادر يجبر بخاطرك ، وينتجم من كل اللى جه عليكى ، دا كله اللى الظلم والافترا يابنتى "
هنا نطق رضوان
" متخافيش يانوارة بس ، عشان أساعدك ونثبت الكلام اللى قولتيه ده على حماتك ، لازم نلاقى علوان "
انهمرت دموعها قائلا
" مش هتلاقيه ، انا اديته فلوس عشان يهرب "
هنا نطق جابر
" انتى انچنيتى ازاى تعمل كده "
هنا نتهد رضوان و وضع يده فى شعره قائلا بحيرة
" طب هنعمل ايه دلوك يابا هنثبت الكلام ده ازاى ، بعد ما المخفي ده ماهرب ، ولو. نجاة فاقت الشرطة هتيجى وتحقق معها ودا مش هيكون فى مصلحة نوارة خالص ، وهتلبس كل حاجه لوحدها بعد ما الكلب ده هرب "
نظر له والده نظرة واعيد
" أنا اللى هثبت كل ده ، بمعرفتى يابنى ، سبها على الله وعليا "
_________________________________________
السواد أحاط عينيه وسحب وجهه لأول مرة لايهتم بمظهره لم يجافيه النوم منذ يومين لأول مرة بعد أن تزوجها ينام بدونها على سرير غير سريرهم ، لأول مرة لا يتحدث معها طول تلك المدة لم تحصل ولا مرة أن يتركها هكذا ، لكنها يجب أن تعلم خطائها
ولكن لقد اشتاق حقا لضمه لها قبل النوم فهو لايعرف النوم دون احتضانها لقد تعود على ذلك لكن لا هو لن يضعف أمامها بعد ما فعلته به ألم تكتفى بحبها الذى أصبح كالدماء التى تجرى فى عروقه حتى جعلته لايريد تركها ابدا حتى عمله يديره من البيت حتى لايتركها ويبعد عيونه عنها
قام من نومته وذهب لشرفة وفتحها وجلس على سور الشرفة ، وضعى كلتا قدميه على السور وسند ظهره على الحائط وهو ينظر لسماء يتأمل بها يرسم صورتها بنجوم ويبتسم بحزن وخيبة أمل ، وجد نفسه يدندن
*لأقعدن على الطريق وأشتكى واقول مظلوما وانت ظلمتنى ، لأقعدن على الطريق وأشتكى ، وأول مظلوما وأنت ظلمتنى ، لأدعونا عليك فى غسق الدجى ، يبلك ربك مثل ما أبليتنى *
كانت تستمع لدندنته تلك وهى تضم قدميها لصدرها وتخفى وجهها بين قدميها وتضم يدها حول ساقيها وتبكى بوجع خائفة أن يتركها فكرة أن يونس يطلقها تلك تجعلها ترتعب وغنائه هذا جعلها تشعر بامدا حقارتها وأنانيتها تلك نعم فهو على حق لقد ظلمته
وجدت من يفتح الباب ويدخل عليها رفعت راسها وانهمرت دموعها أكثر فرحت لوجوده أمامها مرة اخر فى غرفتهم
نطقت بفرحه
" يونس ، انا كنت عارف انى مش هاهون عليك ، عمر نوارة ماتهون على يونس مش كده "
لم ينطق بحرف واحد بل تقدم من الفراش ونام عليه وسحبها من يدها وجعلها تنام فى أحضانها كادت تتحدث ولكنه منعها وهو. يقول بصوت ضعيف يملأه الألم والأرهاق والتعب
" أنا عايز أنام يانوارة ، ارجوكى سبينى أرتاح " هنا صمتت ولم تتحدث واستكانت هى أيضا فى أحضانه وبعد فترة قصيرة جدا غفت فهى أيضا لم تنم منذ يومين ، وعندما علم أنها قد ارتاحت وغفت ، هنا أستكان جسده وقلبه وعقله أيضا ولاول مرة أرى أن العقل والقلب قد أتفقا على شخص واحد وهى نوارة
ارتاحت عيونه وضمت جفونه ونام كالمغيب الذى لم ينم منذ سنين وكأن حضنها كان كالمنوم لوجعه منها
لقد أصبحت نوارة ، هى الداء و الدواء معا
لقد كانت مثل اقراص المنوم الذى ادمنها حتى جعله لايعرف النوم الابها
_________________________________________
كانت رحمة والدة يونس تتحدث فى الهاتف وتحاول السيطرة على غضبها من تلك المغفلة الغبية التى تتحدث معها
" بجولك ايه مش ذنبى انك معرفتيش تعمل. كل اللى جولتلك عليه ، انتى مش شغلتى دماغك ، يلا بجا ابقى ورينى شطارتك ، ماهو اللى مايمشيش على كلام رحمة تبجا دى نهايته يبجا زى الكلب اللى صاحبه طفش منيه "
ردت الآخرى عليها عبر الهاتف وهى تبكى بحسرة
" يعنى ده جزاتي أنى جبلت أنى أتچوز ابنك وهو على زمته واحدة تانية ، فى الأخر ألجى نفسي مرمية. الذى الكلبة دا حتى بعد ما كتب عليا ومن ساعتها ماشفتوش دا حتى ما ستناش يشوفنى مسناش يشوف العروسة اللى أمه جبتهاله ، جه مضى على البيعة ومشى "
هنا ردت عليها رحمة جبروت
" وحياتك عندى لخليكى ، تجى هنا وتخدى مكانها بس أنتى أصبرى عليا بس استحملى شوية بس "
" لحد امتى يا ست رحمة هستحمل ، لحد مايته ، جوليلى مين تستحمل أن لو چوزها جبلها فى الشارع وعينها جت فى عنيه ميعرفهاش ، انا برده ست لحم ودم ، واللى بيجرا فيا ده ميتحملوش بنى أدم "
" اجعدى زى خبتها أكده لحد متلاجيه بعتلك ورجة طلاجك ويبجى لاطولتى ورد الشام وعنب اليمن "
صرخت فى وجهها تلك المسكينة
" حسبي الله ونعمة الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل فيكى ، منك لله انتى اللى جعتى تجوليلى هتعيش عيشة ملوك وهتبجى ست البيت لما تچوزيه وتجبيله حتة العيل اللى محروم منه هتبجى ست البلد ، اديه رمانى ، عشان مراته ورغم أنها مابتخلفش بس مش بيجدر على بعدها ، روحى ربنا ينتجم منك " قالته واغلقت الخط فى وجه رحمة التى انزلت الهاتف من على أذنها
ظلت تبكى على خيبة أمالها لقد حلمت أن تطير فى السماء وظنت أن بتلك الزيجة سوف تقتلع نفسها من هذا الفقر الذى عاشت فيه طول. حياتها ولكنها وجدت نفسها تلقى من سحابة أحلامها على الأرض كالسلعة التى بيعت ،والقها صاحبها دون أن يهتم بها
وكأنها ليست لها قيمة عنده لن تنسي اليوم الذى قابلته فيه بعد زواجهم بشهر
كانت تحمل على رأسها حقيبة السوق التى ملأتها بكل طلبات والدتها من السوق وظلت تمشى ببطئ بسبب ثقل الحقيبة على رأسها حتى توقفت قدميها عندما رأته يركب على خيله ويتمشى به فى البلدة كعادته
انزلت حقيبتها وتركتها فى. منتصف الشارع دون أن تهتم لها ، وهرولت إليه تناديه ، تريد معاتبته على تركها تريد أن تكون أمام عينيه لعله يرق قلبه لها
" يونس بيه ياسي يونس " شعر أن هناك من ينادى عليه فتوقف بفرسه ونظر خلفه وحد فتاة لا يتعدى. عمرها تسعة عشر عاما تركض بإتجاهه وتنادى عليه بفرحة كبيرة لكنه لم يعرفها حتى عندما توقفت أمامه ، ابتسمت له وهى تقول له
" ازيك ياسي يونس عامل ايه والست هانم عاملة ايه " كانت تقصد والدته
ابتسم له برسمية
" أنا بخير الحمدلله ، والست نوارة كمان بخير ، ياشاطرة " هنا كانت الصدمة لها أنه لم يتعرف عليها فإشارت على نفسها فنطقت برعشة خفيفه
" أنى جهاد ، يا يونس بيه انت مش عارفنى "
" لا معلش مش واخد بالي ، انتى محتاجة اى حاجة يا أنسة أنا تحت أمرك " نطق بإحترام جعل قلبها يتهشم لدرجة أنها سمعت صوته انكساره
" أنسة ... لا أنى مش عندى طلب أنى عندى مظلمة ، بابيه "
" طب ماتروحى لكبير البلد الحاج جابر وهو بشوفهالك ويجبلك حقك من اللى ظلمك "
نطق بكسرة والدمع يتلألاء بعينيها
" ميهونش عليا أجلل منه جدام حد ، ولا أخليه يبان صغير جدام الناس "
" هو مين ده "
انهمرت دمعه منها ونظرة واحنا رأسها للاسفل وهى تقول
" چوزى ياسعة البيه جوزى ، فايتنى بجاله شهر من بعد ما كتب عليا ولحد دلوك ، ماشفتوش ، رحل وسنبى ولا حتى أهتم بيه ، حتى لما لجيته جريت عليه زى الغبية أفتكرت نفسي وحشاه بس كسر بخاطرى لما وجفت جدامه ومعرفنيش ، رغم ظلمه ليه بس مش هاين عليا انى أجلل منه جدام الناس
أصله طول عمره كبير جوى فى عيون الناس زى ماهو كبير فى عينى أجده ، فارس على جواده ولا حد يساوى رمش من عينيه " كانت تتحدث وعيونها على الأرض بسبب كسرة لخاطرها ولكن وجدته يرد عليها ماجعلها تشعر بقلة قيمتها
" معلش يا قولتى امسك ايه ، انا مسمعتش بقيت كلامك مراتى بعتتلى رسالة على التليفون ومخلتنيش ركزت فى بقية كلامك ، انتى قولتى جوزك اللى سافر وسابك ده فين واسمه ايه وانا هحاول ارجعهولك"
ا
خنتقت فى البكاء اكثر
" جوزى ..... لا خلاص ماتتعبش نفسك يابيه عمره ما
هيرجع يابيه ، أصله بعيد عنك جلبه مسحور "
استغرب حديثها
" قلب مسحور ازاى "
" بالحب يابيه ، جلبه مسحور بالحب ، واللى بيحب بيحس أن الدنيا كلها مابجاش فيها غير اللى بيحبه "
" وانتى ايه اللى خلاكى ترتبطى بواحد متجوز ، وانتى فى السن الصغير ده ، لافاتك قطر الجواز ولا عنستى ايه اللى يجبرك على اللى انتى فيه ده "
" نصيبى الأسود يابيه " رد عليه رد قوى ولم يهتم بمشاعرها
" لا العيب مش فى نصيبك العيب عليكى انتى اللى وافقت من الأول على واحد قلبه متعلق بواحدة تانيه وحطيتى نفسك فى موقف زى ده ، وممكن يجى عليه وقت ويطلقك ويرميكى وتبقى حكمتى على نفسك بالقب زى ده و انتى فى السن ده ، تستاهلي كل اللى بيعمله فيكى عشان انتى رضيتى انك تجوزى واحدة فى واحدة فى حياته ، ورضيتى تقهريها بس ربنا قهرك أنتى " القى كلماته كلها مرة واحدة ولم يهتم حتى بمشاعرها وكأنه القى عليها ماكان يحمله فى قلبه من تلك الفتاة التى تزوجها بالغصب بسبب أمه ، ولا يعلم حتى أن تلك الفتاة هى زوجته الثانية ، تركها وركض بحصانه بعيدا عنها وتركها فى منتصف الطريق كتأهة التى لا مأوى لديها و كأنه هو المأوى وهاجرها وتركها تتعرى بشوارع
_________________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية مسك الليل) اسم الرواية