Ads by Google X

رواية شبح حياتي الفصل الثلاثون 30 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

   

رواية شبح حياتي الفصل الثلاثون 30 -  بقلم نورهان محسن

 
يحتاجُ الإنسانُ إلى وطنٍ في هيئة إنسان ، وبلدٍ في صيغة ضلوع ، وحياةٍ ملخصة في حيّ ، وجنةٍ حدودها ذراعان.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



في فندق يطل على شاطئ البحر الأحمر



: انبسطتي انهاردة!!



التفتت إليه حياة على شفتيها ابتسامة واسعة ، لتجيب على سؤاله بحماس : طبعا المكان تحفة و يجنن .. بجد كان يوم جميل اوي



سكت بدر للحظة وهو يراقب رد فعلها ، وعيناها تتألق بالبهجة ، ليقول بنبرة هادئة : انتي اللي تجنني و زي القمر .. واحلي من القمر كمان



تمتمت حياة بتنهيدة حالمة هربت من شفتيها الوردية ، وعيناها تتأمل ملامحه القريبة منها بحب : انت اللي القمر جنبك لمبة سهاري



حيرة مشوبة بالقلق ، ومضت في عينيه ، رافعًا حاجبيه بدهشة ، وصاح مستفسرًا بشك : انا شاكك ان العصير اللي شربتيه دا مخلوط بكحول؟



أجابت حياة بتبرير فى نعومة ، بعد أن دحرجت عينيها بتذمر : ماتقلقش حبيبي انا زي الفل اهو قدامك



قطب بدر حاجبيه بعدم الارتياح ، حينما أشارت إليه بيدها ، وأردفت بابتسامة بلهاء : يلا اتفضل روح اوضتك وانا هقف هنا استناك لما تدخل واعملك بإيدي باي



لوحت حياة له في نهاية جملتها ، ليدمدم بحدة ، رغم أن صوته منخفضًا ، حتى لا يزعج النزلاء في الغرف المجاورة : حياة .. بلاش هبل انتي ادخلي .. مش هتحرك الا لما تدخلي ..وخدي شنطتك دي



أنهى بدر كلماته ، وهو يعلق حقيبة يدها على معصمها ، لترفع يدها الأخرى لدعمها حتى لا تنزلق على الأرض ، وهي تراقب تجعد ملامحه ، ثم تمتمت بعبوس : حاضر اوامرك يا حضرت المحامي المبجل



أستدارت حياة مولية ظهرها إليه ، وهي تنوي الدخول إلى الغرفة ، لكنها سارعت في تغيير قرارها ، والتفتت إليه مرة أخرى قائلة على الفور : افتكرت كنت عايزة اقولك حاجة..



تلاشى صوتها وهي ترفع رأسها ، لتنظر إلى وجهه ، فإلتحمت عيناها العسليتان في حدقتيه البنيتين ، مدركة أنها قريبة جدًا منه.



تسارعت خفقات قلبها المجنون بعشقه في صدرها ، ثم استأنفت كلامها بتلعثم ، متناسية للحظة ما أرادت قوله : حاجة .. مهمة..



حرك بدر رأسه في إيماءة يحثها على الكلام ، وانبسطت أساريرُ وجهه المتجهمة على الفور ، فابتسمت ابتسامة رائعة وأمالت رأسها جانباً ، مستفسرةً بنبرة عاشقة : احنا قد ايه حلوين مع بعض بذمتك؟!


 
                
ابتسم بدر لها ، وهو يتأمل بمحبة في ملامحها الملائكية ، فأن لحظات قليلة من الجنون بالقرب منها توازي حياته السابقة كلها ، ليقول بنبرة عميقة وخافتة : احنا مافيش احلي مننا مع بعض .. احنا نجنن مش بس حلوين



عضت حياة شفتها السفلى بخجل ، وأسبلت جفنيها ، وقد أحببت ما قاله كثيرًا ، ثم مدت يدها لتصافحه ، وهمست بنبرة مبحوحة : ما تيجي نتعرف علي بعض من تاني .. يلا هات ايدك



لتكمل سريعًا بحماسة : انا حياة .. هكون حرم الاستاذ بدر بكرا .. وانت؟



حدق بدر فيها بدهشة ، ورفع حاجبيه ، لكنه فضل مجاراتها بما تقوله ، واثقًا من أن عقلها لا يعمل بشكل صحيح ، أو بالأحرى ، فقدت السيطرة على تفكيرها العقلاني ، ليقوم بمصافحتها ، وهو يلمس راحة يدها الناعمة ، قال بنبرة رصينة تليق به : تشرفنا يا حياة وانا بدر عريسك



أمسك يدها بين راحتيه الدافئتين ، وقبلها بحرارة مليئة بالحب ، ممً جعل جسدها يرتجف ، لتقول بنبرة صادقة ممزوجة بالعشق : محدش في الدنيا دي كلها زيك يا بدر .. لطيف وقلبك حنين و رقيق .. مش عارفة اعمل فيك ايه؟



نظر بدر إليها بتمعن ، ثم ابتسم بمكر ، وهو يقطع المسافة بينهما حتى لم يعد يفصله عنها إلا انشا واحدا ، ثم تابع حديثه بنبرة عابثة : ولا انا عارف .. بس قوليلي ايه اللي جه علي بالك مثلا؟



تأرجح بصرها التائه بين شفتيه المبتسمتين ، وعينيه الداكنتين اللامعتين ، لتصدر صوتًا بلسانها وعلى شفتيها ابتسامة عريضة ، وترفع سبابتها على وجهه بتحذير متحدثة بشقاوة : عارف يا بدر انت فظيع وسهن اوي



اقترب بدر منها كثيرًا ، هامسًا بصوت أجش مليء بمشاعره المتأججة بجانب أذنها : لولا ان الممر هنا مرشق كاميرات وهنتفضح كنت بوستك 



ألقت حياة رأسها للخلف ، وأطلقت ضحكة مرتجفة ، وهي تتكئ على الجزء الخلفي من الباب المفتوح ورائها ، مما جعله يتحرك ، ففقدت توازنها وكادت أن تسقط.



سارع بدر على الفور ، ولف ذراعيه حول خصرها واقربها منه ، وهو ينبس بقلق : بشويش خدي بالك



وضعت حياة يدها على ذراعه ، ومدت الأخرى نحوه ، قائلة بشكل تلقائي : هات بالي للي انت اخدته مني



رفع بدر حاجبًا في استنكار ، مغمغمًا بإستفسار بمكر : متأكدة اني انا اللي اخدته مش العصير؟



هزت حياة رأسها نفيًا ، بصوت ناعم مليء بالعفوية المحببة تكلمت : محدش قدر يدوخني الا انت .. بس انا مبسوطة اوي بالدوخة دي



اتسعت ابتسامته ، ونظرته العاشقة تطوف بصمت على وجهها ، فأطلقت تأففًا رقيقًا بحزن ، لتقول بعبوس طفولي : مش عايزة اسيبك وانام اعمل ايه بقي .. لو ينفع نعيد اليوم دا من الاول ونفضل مع بعض




        
          
                
نظراتها إليه تفيض عشقًا ، وعمق نبرة صوتها المنبثقة من قلبها الذي يتوق لقضاء الوقت معه ، جعلت قلبه يتخبط بين ضلوعه بشوق يفوق شوقها إليه ، لذا حاوط وجهها بنعومة بين كفيه ، وعينيه عانقت عينيها الساحرتين ، وهو يتكلم بصوت هامس أمام شفتيها : ادخلي نامي دلوقتي ووعد مني هخليكي تعيش ايام احلي من دي بكتير بعد الجواز



رفعت حياة عينيها للأعلى ، متظاهرة بالتفكير ، لتقول مازحة بابتسامة : كل الرجالة بيقولو كدا في الاول وبعد الجواز الستات مابتخرجش مع ازواجهم الا في المناسبات الرسمية بس..



استأنفت حديثها بدلال ، وعيناها تشع بريقًا آسرًا : بس انت لسه واعدني دلوقتي اوعي تخلف وعدك



قام بدس خصلات شعرها وراء أذنها ، وهو يحدق في ملامحها الجميلة المشرقة كالشمس ، قائلاً بنبرة لا تترك مجالاً للشك : طبعا عمري ماهخلف وعدي معاكي



أردف بدر بصوت أجش بجوار أذنها : يلا علي النوم عشان تصحي فايقة يا قلبي ولا اجي معاكي



قالت حياة بنبرة نعسانة ، مشددة على كل كلمة نطقتها ببطء ، وكأنها تحاول إطالة الوقت بينهما ، لم يكن لديها أدنى فكرة أنها تلعب معه على أوتار الحب دون خشية من السقوط : لا انا هخش انام واصحي بسرعة عشان اجهز نفسي يا عريسي



ظلوا يتبادلون النظرات الطويلة في صمت ، ثم دون أن تفكر حياة ، باغتته بقبلة على خده ، قائلة على الفور : تصبح علي خير



أنهت كلامها بالتزامن مع إغلاق الباب بسرعة دون انتظار رده حتى لا يرى وجهها المحمر من الخجل وابتسامتها الهائمة ، الأمر الذي جعله يضحك عليها في صمت ، متفاجئًا بشكل مفرط من جراءتها.



واثقًا أنها لن تنظر إليه في الصباح بسبب إحراجها منه عندما تتذكر تلك الأفعال ، لكنه متيم بكل حركاتها التي تسرق قلبه.



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



في اليوم التالي وبالتحديد يوم حفل الزفاف "بدر عز الدين" علي التي أحيت روحه وسرقت قلبه وسحرت عقله "حياة مجدي".



الليلة لن تكون اعتيادية بكل ما يشملها ، لذلك حرصت حياة على جعلها أسطورية واستثنائية بفكرة جديدة خارجة عن المألوف ، سوف يتذكرونها في أذهانهم إلى الأبد.



أمام ساحة واسعة مفتوحة مباشرة أمام البحر في سهل حشيش ، حيث المناظر الطبيعية الرائعة و الطقس المثالى ، لإقامة حفل زفاف خيالي ، وأيضاً لقضاء شهر عسل مميز.



يغلب اللون الأبيض على ديكورات الزفاف ، وخاصة المقاعد والطاولات والممر والكوشة مع ورود صفراء وخضراء وفوشيه ، متناغمة مع اللون الأبيض.




        
          
                
كما تم توزيع لافتات مميزة ومتناسقة على الشاطئ ، مع تصميم الممر من الخشب الذي ينسجم بشكل سحري مع الشمعدانات ، وفروع الضوء الرائعة.



★★★



تسللت قدماه بهدوء وحذر نحو غرفتها بعد أن لاحظ مجموعة الفتيات يغادرون مع أختها. 



أطلق زفيرًا متحمسًا لرؤيتها أخيرًا قبل أن يلف أصابعه على مقبض الباب ، ثم يديرها ببطء ليدلف بسرعة ، ويغلق الباب خلفه ، ثم يستدير ويمشي بخطوات هادئة بالداخل.



تسمرت قدميه على الأرض في حالة صدمة وانشداه ، حينما جاءت عيناه مباشرة على تلك الجنية البرتقالية.



أما حياة كانت واقفة أمام المرآة ، محدقة بعيون مشرقة من الفرح والإعجاب بجمال فستان الزفاف الأبيض عليها ، فهو طويل وليس به تموجات أو طبقات كثيرة ، بل ينسدل على جسدها بنعومة ، إلى أخمص قدميها في قالب واحد ، مما يبرز جمال خصرها النحيل ، يتميز بالعديد من التفاصيل الدقيقة التي تضيف إليه طابعًا راقيًا بأكتاف طويلة شفافة وتسريحة شعر جديلة على جانب كتفها ، ويزين رأسها طرحة بيضاء طويلة. 



أما بالنسبة لملامحها الملائكية ، فقد حملت بعض مستحضرات التجميل الخفيفة للغاية فقط لإبراز جمالها الطبيعى.



كانت بسيطة ورقيقة بكل معنى الكلمة ، سلبت فؤاده بجمالها الآسر.



أغمضت حياة عينيها حينما داهمها رائحة عطره الذي تعشقه ، وسرعان ما رفعت عينيها تجاهه في المرآة ، ونظرت إليه بذهول ، بينما اتسعت ابتسامته الجانبية ، واقترب منها بخطواته فى تأنى ، قائلاً في إنبهار : ايه القمر اللي منور في الابيض دا؟



تسارعت خففاتها المجنونة ، وغمرت حرارة شديدة المكان من حولها على الرغم من الطقس المعتدل ، ليس فقط من نظراته المدهوشة إليها ، ولكن من مظهره الرجولي الجذاب في بدلته السوداء الأنيقة ، وقميصه الأبيض مع ربطة عنقه الصغيرة على شكل فراشة سوداء ، كما يزين فكه الحاد لحيته الخفيفة ، وشعره الأسود المصفف للأعلى.



تدلّت عيناها إلى الأسفل ، متجاهلة النظر إلى عينيه الثاقبتين بخجل ، فيما تردد صدى ضحكاته الماكرة خلفها ، ملاحظًا شرودها فيه.



حدقت حياة فيه بوجه محمر ، خجولة وغاضبة فى آن واحد ، ثم هتفت في تذمر ، بينما تشبك اصابعها فى بعضهم البعض : ممكن تقولي ايه طلعك هنا ودخلت ازاي؟



أنهت كلماتها ، واستدارت في مواجهته مباشرة بعد أن جلبته قدميه إليها ، بينما هو يرفع حاجبيه رافضًا ما كانت تقوله مستفسرًا : ايه هو اللي ازاي و ايه طلعني؟ 




        
          
                
انفرج فمه بابتسامة جانبية مؤكدًا بخشونة ، بينما هى ترفع يديها تلقائيًا ، وقامت بتعديل ربطة عنقه بنعومة : لو رجعتي بطن امك تاني هوصلك برده .. انا شبحك يا حياتي



ردت حياة بسخرية ، وهي تضحك بصوت خافت : انت بقيت بيئة اوي اوي علي فكرة



راقص حاجبيه بخبث ، وقال بمشاكسة : من قعدتي معاكي



حدجته حياة فاغرة فمها ، متناسية إحراجها ، وهي تضع يديها على خصرها ، ترسل إليه نظرات معاتبة ، ثم زمجرت بصوتها الناعم : يا نعم يادلعادي .. ليه شايفني قاعدة في سوق خضار؟



عالج الموقف بلباقة ، ليُكوب وجهها بين راحتيه ، واقترب منها حتى اختلطت أنفاسهما ، ليقول بصوت همس رجولي مهلكاً لحواسها : انتي قعدة جوا قلبي



رقصت ابتسامة خجولة على ثغرها الوردي ، لتغمغم بصوت متلعثم ونظرات مرتبكة : بدر .. اا اتفضل انزل قبل ما ميساء تشوفك و تفضحنا



نبض قلبها بعنف فى حلقها ، حينما تلقت عيناها مع عينيه اللامعتين ، لتدلى رموشها الطويلة إلى أسفل ، فقال ببحة صوته المميزة التي تخطف الأنفاس من صدرها : مهما حاولتي تبيني انك جامدة .. مابتعرفيش .. اوام بتحمري حتي مابتقدريش تبصي جوا عيني ربع دقيقة علي بعض 



رفع بدر ذقنها إليه ، وغمز بعينيه مضيفًا بصوت هامس : لا ربع الدقيقة دا كتير كمان



ابتلعت ريقها بصعوبة ، وتوردت وجنتيها خجلاً ، ثم قالت وهي ترمش عينيها ببراءة ، رافعة أطراف أصابعها إلى كفه التي تأسر ذقنها : هما طفوا التكييف ولا بيتهيألي



تحدث بدر بثقة : دي حرارة قلبي المولع بحبك



قطبت حياة حاجبيها بإنزعاج ، وشعرت بالكلمات تذوب من شفتيها ، بينما دقات قلبها الصاخبة تتخبط عشقًا بهذا الرجل المحنك ، لذا دمدمت بحرج : بدر وبعدين معاك بقي بطل تحرجني



بسط بدر كفيه ليبتسم لها ، وقال ببساطة : اعمل ايه بس مش بإيدي يا روح الروح



فجأة ، جذبها بدر نحوه من خصرها حتى تلامست شفتيهما معًا ، لتشهق حياة ذهولاً ، ودفعته من صدره ، ثم صاحت باستياء خجول : ايه دا هتعمل ايه !! مايصحش تبوسني عيب



ارتفع جانب فمه مستنكرًا ، ليقول بسخط شديد ، بينما تضغط أصابعه برفق على خصرها : نعم يا ماما انتى عروستى نسيتي ان بعد ربع ساعة هنكتب كتابنا



أطلقت حياة ضحكة خافتة رغماً عنها ، ثم قالت بابتسامة بينما أسندت يديها على صدره برقة جعلته يغرق فى بحور هواها أكثر : لا بقي ماتنساش انت قعدت تتحايل قد ايه عشان اوافق؟




        
          
                
همهم بدر بمكر ، لينطق بحة رجولية أجش : وفي الاخر وافقتي



ابتسمت حياة له بسعادة ، ثم حمحمت بخفة ، لتقول بحب : ماهو انا ماقدرش اقولك لا



مال بدر رأسه واقترب منها مرة أخرى حتى اختلطت أنفاسهم ، وهمس بصوت يتلوى بالمشاعر : طب هاتي اطه بقي يا قطة



دفعته حياة بعيدًا في ارتباك من جرأته ، لتنجح هذه المرة ، مستنشقة الهواء الذي سرق منها بسبب قربه المهلك لحواسها ، وتحدثت بعبوس خجول : لا اتأدب .. وامشي اطلع برا 



قبلها من جبهتها قبلة طويلة ، وهمس بصوته الخشن الأجش ، ليلين قلبها إليه ، فأغمضت عينيها ، متأثرة بقربه ، لتسمع صوته ، ينبس بعناد : مش هتحرك من هنا .. الا وانتي معايا



صنعُت تواصلاً بصريًا معه لعدة ثوانٍ قبل أن تهمس بنبرة ناعمة ولينة ، ربما يتعاطف معها : ميساء لو عرفت انك طلعت هنا وشوفتني بالفستان قبل ماننزل هتقتلنا



هز بدر رأسه احتجاجًا ، متلامسًا أنفها الدقيق بأنفه بمشاكسة قبل أن يهمس بصوته العميق مشوب بالعبث : كان لازم اشيك عليه بنفسي يمكن محتاج حاجة كدا ولا كدا



أنهى كلماته بوضع قبلة عميقة على خدها المتورد ، لتتمتم بقشعريرة لذيذة : يا غلس..



تنهدت حياة في استسلام عاشق قبل أن تبتعد عنه قليلاً ، وتحول نفسها بين ذراعيه نحو المرآة ، وألقت نظرة أخيرة على مظهرها ، ثم قالت برقة : خلاص انا اصلا خلصت .. يلا ننزل



أنهت كلماتها ، بينما اتسعت ابتسامته في صمت ، ومدّ ذراعه إليها حتى تعانقه بكل سرور.



خرج الاثنان من الغرفة ونزلوا الدرج معًا بفرحة غامرة في قلوبهم.



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



تم عقد القران قبل دقائق ، والآن يقفون لتلقي التهاني من المدعوين ، بينما ابتسامة حياة الواسعة على وجهها ، والتي تعبر عن فرحتها ، لا تفارق شفتيها. 



أما بدر ، مبتسمًا فى شرود بها ، بل محلقًا بسعادة ، والحمد لله صارت زوجته أخيرًا.



: الف الف مبروك يا متر



رد بدر بابتسامة صفراء وهو يصافحه : الله يبارك فيك يا معاذ باشا .. عقبالك



تكلم معاذ بإبتسامة هادئة : ميرسي .. مبروك يا حياة ربنا يسعدك



صافحته حياة قائلة بابتسامة صافية : الله يبارك فيك يا معاذ وعقبالك




        
          
                
حالما غادر من أمامهم ، أدار بدر رقبته نحوها ، مائلًا إلى جانب أذنها ، وضم شفتيه في خط مستقيم ، وهو يغمغم بين أسنانه : دا اللي جابو هنا دا؟



نظرت حياة إليه بحاجبين مرفوعين ، ثم تمتمت بصوت منخفض : ازاي مايجيش!! انت ناسي انه اخو جوز اختي مايصحش اني ماعزموش



تنهد بدر وهو يجعد حاجبيه ، ثم وجه يده نحو رقبته نحو تفاحة آدم ، ودمدم بإمتعاض : مش طايقو ولا راضي يتبلع من هنا .. مش حابو يا خلق



عانقت أصابعه بين أصابعها ، وابتسامة جميلة على شفتيها ، ثم همست برقة في أذنه : مش مهم تحبه .. حبني انا و بس



: بعشقك



هذه الكلمة هربت من شفتيه بشكل عفوي ، حيث استرخت ملامحه مع تأثير قوي من أنفاسها الحارة على أذنه ، ثم سألها مردفًا : مبسوطة!!



برمت حياة شفتيها في تفكير ، ثم ردت بابتسامة ملتوية : سؤال غريب .. اومال جايبني هنا بالعافية يعني



أطلق بدر ضحكة خافتة رغمًا عنه ، ثم قال بآسى على حالته : هو مافيش مرة تجاوبني من غير ماتحشري لماضتك وسطنا



هزت حياة رأسها إلى اليسار واليمين ، وهي تقرب وجهها منه كثيرًا ، بينما هو يستمتع باقترابها ، لتقول بنبرة ماكرة : ان كان عجبك بقي .. ولما انا لمضة كنت حبتني ليه ؟



أجابها بدر هامسًا في أذنها بحة رجولية دافئة قبل أن يطبع قبلة خاطفة على شفتيها ، مما جعل ملامحها تتشبع بالخجل من جرأته : و ازاي اقدر محبكيش وانتي حلوة اوي و مميزة و قلبك ابيض .. حقيقية و بسيطة بس كالعادة شوية هابة منك و مطرقعة



تمتم بخفوت فى نهاية كلماته ، منهياً إياها بابتسامة خبيثة على وجهه ، لتطلق نسيمًا غاضبًا وهي تضربه على كتفه ، بينما تبتعد عنه بنظرة متوعدة : اما وريتك يا بدر المطرقعة مابقاش انا حياة



: ايه يا متر انت و هي ماسكين في بعض ليه؟



التفتوا معًا إلى جاسر ، الذي كان ينظر إليهما بتعجب ، بينما ارتفعت ابتسامة ماكرة علي فمه ، فابتسم بدر له بذات الابتسامة ، ليغمغم بنبرة عبثية لم يسمعها جاسر بسبب الضوضاء المحيطة بهم ، لكن حياة تمكنت من سماعه جيدًا : لا احنا هنمسك في بعض فوق مش هنا



لكمته حياة بقبضتها في صدره بخفة ، وهي تتذمر في سخط محرج : احترم نفسك يا بدر



اقترب بدر من أذنها ليهمس لها ، وثمة ابتسامة لعوب تعتلى فمه : يا حبيبتي لو احترمت نفسي هتزعلي مانتش عارفة حاجة



وزع جاسر نظراته بينهما ، ووضع يديه في جيوبه ثم هتف بابتسامة عريضة : طيب انا كدا اطمنت عليكو .. رايح اشوف شذي فين..




        
          
                
أجابته حياة على الفور : شذي قالت رايحة تشوف البوفيه



التفت جاسر إليها سريعًا ، وعيناه مفتوحتان على مصرعيهما من كلماتها التي صدمته ، ثم قال على عجل قبل أن يركض من أمامهم : يا خبر ابيض هروح اشوف ايه المتبقي منه .. من يوم ما حملت وهي مش مبطلة اكل كأنها عايشة في مجاعة



قال بدر بوجه مزين بابتسامة عذبة : حبيبي .. ايه زعلانه مني؟



بادرت بوضع قبلة رقيقة على خده ، ثم تمتمت بابتسامة صادقة : انا مفيش وحدة في الدنيا اسعد مني انهاردة انا بحبك اوي اوي



همس بدر بنبرة مفعمة بالعشق ، وهو يشعر بمداعبة أنفاسها على جانب أذنه : ربنا يخليكي ليا يا حياتي و قلبي و روحي



★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



دلف بدر الجناح حاملاً حياة بين ذراعيه ، وكأنه لا يحمل شيئًا ، فوزنها أخف من الريشة بعد إصرارها الفظيع على ذلك.



توقف بدر عن المشي في منتصف الغرفة ، ثم أنزلها برفق على الأرض ، بينما إنزعجت ملامحها المبتسمة ، وقالت بتذمر طفولي : مش هاين عليك تكمل الطريق و تحطني علي السرير زي الافلام



رفع بدر يده ، وفك ربطة عنقه ، والأزرار الأولين من قميصه حتى يتمكن من التنفس بشكل مريح قبل أن ينظر إليها من زاوية عينه ، ويتمتم : احمدي ربنا اني وافقت اشيلك قدام الحشد اللي كان تحت دا .. كنت حاسس ان منظري منيل



أنهى جملته متخطيًا إياها ، ورمي ما كان في يده بلا مبالاة على السرير المزين بالزهور. 



شهقت حياة في استنكار ، وعيناها واسعتان بذهول ممَ تسمعه ، وهي تضع يديها على خصرها ، وتهتف بنبرة حانقة من خلفه : لا يا شيخ!! ليه ان شاء الله .. اي بنت يوم فرحها على المتعوس علي عينه جوزها بيشيلها قدام الناس .. دي من طقوس الجواز يا بابا



انتهى بدر من نزع سترته ، واستدار ينظر لها بحاجب مرتفع ، ثم تمتم في تعجب : يعني انا متعوس يا حياة!!



سارعت حياة تحرك رأسها فى إنكار ، وابتسمت بإتساع وهي ترد عليه : لا يا حبيبي دا انا اللي متعوسة وصحباتي كلهم معاتيس كمان .. روق دمك كدا اقولك هروح اطلبلك ليمون يعدل مزاجك



قالت ذلك وتوجهت مباشرة للهاتف ، ليلحق بدر ممسكًا بيدها ليسحبها إليه ، فشهقت بتفاجئ حينما إرتطمت بصدره ، بينما يقول فى ذهول : تعالي هنا يا مطيورة في عقلك 



سألته حياة بعدم فهم ، وهي تضع يديها على كتفيه : مالك في ايه؟



رمش بدر بعينيه في تعجب ، وهو يجيبها مستفسرًا : هو في حد بيطلب ليمون ليلة دخلته؟




        
          
                
رفعت حياة كتفيها ، وأجابت عليه بابتسامة حمقاء ممزوجة بالجدال : الليمون مالوش مواعيد علي فكرة بيطلب في اي وقت



قاوم بدر الابتسامة التي تسعى الظهور على وجهه ، وأضاف بنبرة واثقة ، وهو يلف ذراعيه حول خصرها أكثر : لا يا حبيبتي ليلة الدخلة دي بقي من طقوسها شرب حاجات تانية



برزت شفتها السفلى إلى الأمام ، وسألت ساخرة : و ايه هي الحاجات التانية دي يا خبرة؟



أمال بدر رأسه إلى جانب أذنها ، هامسًا لها ببعض الكلمات لا يسمعها إلا هي.



تشبعت وجنتيها بحمرة قانية ، وصاحت بشهقة خجولة ، وهي ترمقه شرزًا ، وتصفعه بامتعاض على كتفه : ما تحترم نفسك حد يشرب الحاجات دي في ليلة مفترجة زي دي ربنا يبارك في الجوازة دي ازاي



حدجها بدر بإغتياظ ، وهو يدلك المكان الذي ضربتها فيه ، ثم أمسك بذراعها ، وقال مازحا : يخربيت ايدك بتلسع .. دي عصايا مش ايد انثي رقيقة



سحبت ذراعها من بين قبضته ، محدقة فيه بنصف عين ، ثم قالت بإعتراض : انسي يا بدر مافيش حاجات من دي هتدخل هنا .. هو اخرك ليمون عجبك ماشي مش عجبك نام خفيف



كانت على وشك تجاوزه ، منهية هذا النقاش ، لكنه أوقفها حالما اعترض طريقها ، وهو يجعد حاجبيه ، ويتساءل بغرابة ، مشوبًا بالسخط : انتي رايحة فين يا بت انتي .. ماتجننيش .. ونوم ايه اللي هنامو دلوقتي الليلة دي مافيهاش نوم اصلا



أختتم بدر جملته بغمزة عابثة بحافة عينه ، فإشتعلت وجنتيها من الخجل حينما وصل لها مغزى كلامه ، لتحاول تغيير دفة الحديث بطريقتها المرحة : مش هتقدر تنام من فرحتك انك اتجوزتني .. مش مصدق نفسك من الفرحة مش كدا



اقترب بدر منها ، وهو يداعب خدها بإبهامه ، ويرسم ابتسامة صادقة مصحوبة بنبرة دافئة ممَ جعل قلبها يخفق بقوة : طبعا انا اسعد واحد انهاردة عشان خلاص بقيتي مراتي وهقدر رسميا اقص لسانك اللي اطول منك دا



اتسعت عيناها سخطًا على كلماته الأخيرة ، فأخرجت لسانها إليه لكى تثير غيظه ، ثم قالت بتحد : ماتقدرش



اقترب بدر منها حتى اختلطت أنفاسهما ، وقال بصوت همس مثير أمام شفتيها ، محذرًا إياها : تحبي تجربي



دون تردد ، لفت حياة ذراعيها حول رقبته ، ورفعت جسدها قليلاً على أطراف أصابع قدميها ، وفي نفس الهمس قالت بغنج : اهون عليك يا بدورتي



منع نفسه عن الابتسام ، وحني شفتيه في استياء ، وسألها في اندهاش : بدورتك دا ايه يا بت!!



ردت حياة عليه ببساطة ، بينما أصابعها تداعب أزرار قميصه ، مما تسبب في إرتفاع حرارة جسده من حركاتها المغرية : بدلعك يا حبيبي كنت عملهالك مفاجأة لبعد الجواز




        
          
                
قهقه در بخفة فى آسى على حاله ، وتمتم بصوت يكاد يسمع : انا ايه اللي عملته في نفسي دا!!



دوى ضحكها الناعم بصوت عالٍ ، ثم زمت فمها الوردي ، وقالت بفخر أنثوي : قدرك يا حبيبي خلاص فات الاوان وبقيت من نصيبك .. ايه هتعترض علي حكمة ربنا ؟



ظهرت ابتسامة جذابة على ثغره ، وعيناه مليئة بالعشق والشغف ، انحنى يغمس وجهه في تجاويف رقبتها ، تزامنًا مع مداعبة أطراف شعرها ، ليهمس تنهيدة حارة : ونعم بالله العلي العظيم .. انا راضي يارب بنصيبي كوكتيل المانجة علي الفراولة دا



رغماً عنها ، أغمضت عينيها بخدر وحاولت التحدث بثبات ، لكن نبرتها خرجت مرتجفة وهي تدفعه بضعف ، وخفقات قلبها تهدر بصوت عالٍ : بدر.. 



رفع رأسه إليها ببطء ، والتقت عيناها بعيونه التي تتوق إليها بشغف ، فاستطردت على الفور بثرثرة ممزوجة بارتباك ملحوظ : انا هروح اغير هدومي اتخنقت من الفستان دا طابق علي مراوحي مش قادرة اتنفس و رجلي ورمت من الكعب العالي



قام بتحريك رأسه بالاتفاق وهو يلمس خدها بحنان ، يتفهم موقفها تمامًا ويتقبل خجلها منه ، ووعد نفسه بأنه سيعمل على إزالة أي حواجز بينهما على المهل ، وقال بإبتسامة : ماشي ماتتأخريش عشان هنصلي مع بعض ركعتين عشان ربنا يرزقنا الذرية الصالحة والعشرة الطيبة ويبعد عننا الشيطان ويبارك في حياتنا الجاية



ابتسمت حياة وهي تومئ إليه بالقبول ، ثم دلفت بسرعة إلى الحمام ووقفت خلف الباب ، ووضعت يديها على صدرها ، في محاولة لتخفيف نبضاتها الصاخبة ، لأن المزاح لم يقلل من توترها وخوفها مما سيحدث فى تلك الليلة المنشودة. 



سارت حياة ببطء بعد أن خلعت حذائها ، ثم نظرت إلى انعكاسها في المرأة ، تهمس بهدوء لنفسها بينما تحاول تنظيم تنفسها : اهدي يا حياة دا بدر حبيبك ماتخافيش دي ليلة فرحك وانتي في امان معه .. اهدي .. اهدي كدا وافرحي ماتقلبيش الليلة نكد يا حبيبتي



مرت عدة دقائق طويلة ، تصارع في نزع الفستان والطرحة قبل أن تخرج من الحمام ببدلة نسائية ربيعية ضيقة إلى حد ما ، بأكمام طويلة ، باللون الكحلي وعليها نقوش على شكل نجوم ، و أسدلت شعرها البرتقالى على كتفيها مما عكس نعومة ملامحها وجاذبيتها.



نظرت إلى الأمام فوجدته يمشط خصلات شعره الداكنة أمام المرآة ، وهو يرتدي قميصًا أبيض بلا اكمام وبنطالًا بنفس اللون ، ورائحة عطره التي تسحرها تملأ أرجاء الغرفة.



ابتلعت حياة لعابها ، وهي تجعد حاجبيها من الألم الذي بدأ يزداد أكثر من ذي قبل.



وضعت يدها تلقائيًا على بطنها ، ربما يخف الألم ، لكن دون جدوى ، فتنهدت بضيق شديد ، ممَ جعل بدر ينتبه لوجودها ويستدير إليها بابتسامة ، لكنها تضاءلت تدريجياً عندما رآها بهذا الشكل ، ولم تكن ترتدي رداء الصلاة.




        
          
                
سأل بقلق وهو يتقدم نحوها : حياة!! انتي كويسة .. مالك؟



تمتمت بصوت خافت ، وعقلها يسعى لإيجاد صيغة مناسبة لتخبره عن هذا الأمر ، لكنها فشلت : انا كويسة..



وضع بدر كفيه على ذراعيها بلطف قائلاً باهتمام : وشك تعبان كدا ليه و ماسكة بطنك ليه؟



لم يحصل على إجابة منها ، لذلك بدا حائرًا غير قادر علي معرفة ما يحدث ، لأنها خفضت رأسها إلى أسفل لتجنب النظر إليه : قوليلي حاسة بإيه؟



عضت شفتيها من الألم الممزوج بالحرج ، فوضع أطراف أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه.



تفاجأ بعينيها تلتمع بالدموع ، وسمعها تهمس بصوت ضعيف : بطني وجعاني شوية



نظر بدر إليها باستفهام ، واقترب منها ، يسمح على خدها بإبهامه : دا قلق العروسة الطبيعي يعني واكلتي حاجة مش كويسة فهميني!!



بدأ خدي حياة يحمران ، وهمست بخجل وصوتها شبه معدوم ، فتطلب منه الأمر أن يدنو إلى مستوى شفتيها حتى يسمعها جيدًا : لا انا .. عندي يعني .. ظرف قهري



: ظرف ايه...



فرت الكلمات عن لسانه ، فاغرًا فمه في صدمة من إيضاحها المستتر ، بعد أن فهم سريعًا المغزى منه ، ليسأل بحذر ، بينما يشير إلى رأسه بإصبعه السبابة : اوعي يكون اللي جه في بالي صح؟



أومأت حياة إليه بضعف ، وهي تخفض عينيها في حرج وقلق من رد فعله القادم.



ابتسم بدر بإتساع لأنه يعتقد أنها تمزح معه كالمعتاد ، لكن من العقدة على جبهتها يبدو عليها الألم حقًا ، ليقول بعدم إستيعاب نادرًا ما يحدث له : مش فاهم ازاي يعني مش بتحسيبلها؟



أومأت برأسها مرة أخرى مؤكدة كلامها دون أن تنبس ببنت شفة.



نظر بدر إليها بعيون ضيقة ، وقال بنوع من التأنيب بعد أن تذكر أحداثًا مماثلة في الماضي مع زوجته السابقة المخادعة : يعني كنتي عارفة بميعادها يا حياة ؟ ليه ماقولتيش طيب عشان نأجل شوية؟



حمحمّت حياة لتخرج صوتها المرتعش من الألم ، وامتلأت مقل عينيها بالعبرات : لما حددنا معاد الفرح ماجتش علي بالي .. بس لما حسبتها لاقيتها قربت وماكنتش عارفة ازاي اقولك يا بدر اتحرجت منك



جفلت من صوته حالما سألها بنبرة منفعلة ، وهو يلوح بكلتا يديه في الهواء : يعني بقيت انا الغلطان كمان مش كدا؟



لانت ملامح وجهه الغاضب بمجرد أن رأى الدموع تنهمر على خدها بصمت ، ليقول بقلق بعد أن شعر بوخز في قلبه من بكائها : بتعيطي ليه دلوقتي؟




        
          
                
همست حياة بإختناق بين شهقاتها المتقطعة ، بعد أن غطت عينيها بكلتا يديها ، وبكت أكثر : عشان بتزعقلي كأني قتلتلك قتيل



اتسعت عيناه بذهول ، مشيرا إلى نفسه مصدوما ليسأل بتعجب : انا زعقت امتي ؟ ماكنتش اقصد..



لم يكمل تبريره عندما أدرك أخيرًا ما قاله لها بعد صدمته ، فى حين انها هزت رأسها إنكارًا ، حيث رفعت رأسها بحدقتيها المحمرة الدامعة ، مقلدة حركته ، قائلة بنبرة مليئة باللوم وبحة طفولية خافتة : لا انت قاصد تتنرفز عليا وبعد ما كنت بتطبطب عليا بعدت وشوحت بإيديك في وشي كأنك هتضربي



شعر بدر بصدمة بالغة لما قالته مع اتساع مقل عينيه ، مرردًا بنفى ، بينما تهز رأسها مؤكدة كلامها : انا عملت دا!! 



أغلق بدر عينيه بضيق ، حينما رمقته بتلك النظرات الحزينة المملوءة بالعتاب ، معنفًا نفسه داخليًا فيما قاله دون مراعاة مشاعرها. 



زفر الهواء بصوت مسموع ، وأزال أي إزعاج من صدره وهو يفتح عينيه ، مبتسمًا لها بندم ، ليكوب وجهها بكلتا يديه ، ويمسح حبات اللؤلؤ من على خديها ، هامسًا بحنان بالغ بعد أن استعاد هدوءه : انا اسف حقك عليا .. خلاص اهدي وبطلي عياط وحياتك عندي ماكنتش اقصد كدا انا بس كنت متفاجأ شوية



أنهى بدر كلامه بوضع قبلة حانية على جبهتها ، وهو يربت على شعرها ، لتغمس حياة وجهها في صدره ، قائلة بخفوت وهي تمسح الدموع من عينيها : يعني مش زعلان مني اني بوظت الليلة؟



ابتسم عندما وصل إليه صوتها المتردد ، بينما يطوق ذراعيه حول جسدها اكثر ، ليهمس بحنان : ليه ازعل دا بيحصل عادي مش بإيدك .. خلاص ياروحي ماتزعليش مني



قام بالإستعاذة من الشيطان في سره ، واثقا أنها على عكس أميرة ، وتكن له مشاعر صادقة وعشق كبير فى قلبها مثله تمامًا ، كما كان ينبغي ألا يكون في عقله مثل هذا التفكير في حقها.



شاكرا الله على تداركه هذا الموقف الذي كاد أن يدمر بينهما الكثير ، ويخلق شكًا في قلبه لا سبب له على الإطلاق ، ويدعو الله أن يكون قادرًا على محو آثار ذلك الزواج من حياته إلى الأبد.



استنشق بدر عطرها بقوة قبل أن يخرجها من عناقه قليلاً ، بينما يضع يده خلف ظهرها ويجعلها تتحرك معه نحو السرير ، حتى تستلقى عليه برفق قائلاً بابتسامة هادئة : استريحي علي ما اطلبلك حاجة سخنة تهدي معدتك



نظرت إليه عدة لحظات بعد أن مسحت دموعها ، وهي تفكر في رد فعله ، لقد أخبرها بما كان يحدث في زواجه السابق ، لذا كانت مترددة في إخباره بما حدث معها حتى لا يسيء فهمها. 



تنفست حياة بارتياح كبير مما قاله للتو ، وهى مسرورة بتفهمه وحنانه معها ، لكنها قالت بابتسامة صغيرة مليئة بالشقاوة : لا عايزة ليمون



صاح بدر رافضًا ، وهو يرفع سبابته لتحذيرها : كلو الا دا انا اتشائمت منه خلاص مافيش شرب ليمون تاني



ضحكت حياة بمرح من حالة العصبية التي أحاطت به دون سابق إنذار ، بالتزامن مع استنشاقه للهواء بالراحة من عودة البهجة إلى عينيها التي ذرفت الدموع بسببه منذ قليل. 



قبل بدر جبهتها ، وقال في بمزاح يشوبه بالاستياء : انا كنت حاسس ان الليلة دي مش فايته طبيعي يعني كان لازم تصري تخليني اعزمهم



رفعت حياة حاجبيها بدهشة وسألت : قصدك مين؟



لوى بدر فمه ودحرج عينيه ، قائلاً بعدم رضا : مازن و معاذ هو فيه غيرهم



نظرت حياة إليه بعيون واسعة ، وقالت بتوبيخ هادئ : حرام عليك يا بدر ماكنش ينفع مانعزمهمش مروة ومازن دول جيرانا ومعاذ اخو جوز اختي



صر بدر أسنانه في سخط ، وزمجر بامتعاض : ماهي عينهم رشقت في الليلة وباظت يا اختي مرتاحة كدا



عبست حياة من جديد ، وشبكت يديها على صدرها محذرة إياه بضيق : تاني بتزعق!!



هز بدر رأسه نفيًا ليقول بتنهيدة عميقة ، ورفع يديه في استسلام : مابزعقش ولا حاجة .. كنت بسأل نفسي ليه عصبية بزيادة اليومين دول و دلوقتي فهمت



أنهى كلماته بالغمز إليها باستفزاز ، لتبرم شفتيها ، قائلة بإغتياظ : دمك تقيل علي فكرة



همس بدر لها ، وهو يلوى شفتيه بابتسامة ماكرة ، بينما ينهض ليجاورها على السرير ، بعد أن أفسحت له مكانًا ، فرفع ذراعه ووضعه خلف ظهرها ، وأحاط بها : بس بتموتي فيا .. حاسة بوجع جامد لسه؟



سألها بدر باهتمام في نهاية جملته ، لتهمس له بعد أن أسندت رأسها على صدره ، وغمست وجهها فيه ، وهي تغلق عينيها استعدادًا للنوم : هبقي كويسة بس انت خليك جنبي



نثر قبلاته على شعرها البرتقالي ، ونبس بنبرة دافئة : حاضر يلا نامي



مرت لحظات قبل أن يسمع صوت أنفاسها المنتظمة على صدره.



ابتسم لمنظرها الملائكي بين ذراعيه ، ثم ضاق عينيه ، ملاحظًا تلك الدموع التي ما زالت عالقة في رموشها ، فاقترب بخفة ، يقبل عينيها برقة ، ماسحًا دموعها بشفتيه ، ويغرس رأسه في شعرها ، واستنشقه بحب وعيناه مغلقتان ، ليستسلم لسلطان النوم الذي بدأ يتسلل إلى جفنيه.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
  
google-playkhamsatmostaqltradent