رواية غفران العاصي الفصل الثالث 3 - بقلم لولا
كانت تجلس بجانبه علي الفراش تطعمه بيدها ، فهي لم يغمض لها جفن ولم تشعر بالراحه طوال الاسبوع الماضي منذ ان استيقظت من نومها تلك الليله علي صراخ عاصي قلبها العالي منادياً باسمه ….
كفايه بقي يا غفران مش قادر شبعت .. هتف بها الجد بتعب…
يا جدو يا حبيبي انت مش بتاكل كويس ومش مهتم بصحتك والدكتور مشدد علينا انك ترتاح كويس وما تعملش مجهود وتتغذي كويس وكمام تاخد ادويتك بانتظام ..
انا الحمد الله بقيت احسن بفضلك بعد ربنا ، انتي من يوميها وانتي مش سيباني وواخده بالك مني كويس اوي…
طبعت قبله علي جبينه وعلي كفه الموضوع فوق صدره وهتفت بحنو وحب صادق : ربنا يخاليك ليا يا حبيبي وما يحرمنيش منك ابداً …
ملس علي شعرها الاسود الطويل : ويخاليكي ليا يا روح قلب جدك …
ااااه يا غفران بتفكريني بجدتك الله يرحمها… فوله واتقسمت نصين ، اخدتي منها كل حاجه ..
شكلها وطيبه قلبها وروحها الحلوه … كل ما ابص لك ببقي شايفها هي وهي بتبص لي ../
ربنا يكرمك يا بنتي ويريح بالك ويديكي طوله العمر …
ويخاليك لينا يا رب… ثم تابعت تضيف بشقاوه محببه الي قلبه: قول كده بقي يا سي جدو الحب ده كله مش لله في لله .. ده علشان انا شبهه ملك روحك فانت بتحبني …
ثم تابعت حديثها تضيف بتمني ….
اه يا جدو نفسي الاقي واحد زيك كده في كله حاجه ويحبني زي ما انت بتحب نانا الله يرحمها كده …
ابتسم الجد بحنو قائلاً بنبره ذات مغذي ولكنها لم تفهم معناها :موجود يا روح جدو موجود.
اجابته نافيه : زيك انت يا جدو استحاله يكون موجود،شباب اليومين دول مش بيعرفوا يحبوا ولا بيقدروا البنت اللي بتحبهم ،كلهم بيتسلوا او بيرتبطوا علشان المصلحه غير كده مفيش…
ولو حصل وكان في حب بجد مش بيكمل يا بتحصل حاجه تخاليه ما يكملش يا اما اهاليهم بتقف قصادهم ويحاولوا بفرقوهم عن بعض زي ما حصل مع ندي صاحبتي الله يرحمها ….
الله يرحمها … غمغم الجد مترحماً عليها بحزن..
عقب الجد علي حديثها مضيفاً بمغزي: الحب موجود في كل وقت وكل مكان وساعات بنكون مش واخدين بالنا انه موجود اصلاً واحياناً بننكر وجوده ، بس لو الحب ده قوي هينتصر وهيظهر ويقف قدام اي عاصفه تحاول انها تهده وقبل كل ده النصيب هو اللي بيحكم في الاخر …
بس انا واثق ومتاكد ان ربنا شايلك الخير ونصيبك هتلاقيه احسن مما كنتي تتخيلي وهتلاقي الحب اللي تستاهليه ، والقلب اللي يحبك ويخاف عليكي ..
لانك تستاهلي ده واكتر كمان …..
كان يقف علي باب غرفه جده يراها وهي تعتني ، فقد اكتشف منذ تعب جده الاخير ، جانب جديد في شخصيتها لم يعده من قبل !!!
فقد كبرت صغيرته واصبحت اكثر نضجاً واكثر احساساً بالمسؤليه ولم تعد تلك الصغيره المدللة…
كاد ان يدلف الي الداخل ولكنه توقف يستمع الي حديثها مع جده …
شعر بالاختناق كلما استمعها تسترسل في الكلام ، هي محقه فيما تقول ، هي تستاهل ان ترتبط بشخص يعشقها لذاتها وليس شخص مجبور علي الارتباط بها وهذا ما يعزز موقفه اكثر واكثر ….
فهو لايريد ان يظلمها معه ، فهو لايراها الا طفلته وصغيرته وليس امرأته !!!!
علي الرغم من ان حديثها هذا يصب في مصلحته الا انه يحشره في الزاويه ويضيق عليه الخناق …
فهو اصبح بين نارين.، فهو لا يقدر علي مواجهتها بحقيقه الوصيه ويجرح مشاعرها …
وفي نفس الوقت لا يقدر علي عصيان جده فحالته الصحيه لا تسمح له بأن يواجه عصيانه !!!!
شعر بالغضب يتفاقم داخله فهو اصبح مقيداً بقيود من نار ، لا هو قادر علي حلها ولا قادر علي تحمل نيرانها ….
اخذ نفس عميق يهدء من النيران المستعره بداخله وتنحتح يجلي حنجرته وهي يدلف الي داخل العرفه وكأنه وصل للتو ولم يستمع لحديثهم معاً../
تحدث بصوته الرخيم : صباح الخير ….
ثم اقترب من جده وطبع قبله حانيه علي جبينه : عامل ايه انهارده ياحج منصور …
اجابه الجد بجمود : صباح النور …الحمد الله احسن !!!
ثم نظر الي غفران التي كانت تختلس النظرات اليه ، فهي منذ اليوم الذي صرخ عليها فيه وهي تتعمد عدم الالتقاء به او الحديث معه…
صباح الخير يا غافي .، عامله ايه ؟؟
رفرف قلبها فرحاً عندما خصها بالحديث… اذاً هو مهتم بها وبحالها !!!
بللت طرف شفتيها واجابته برقتها المعتاده : صباح النور.. انا الحمد الله كويسه ..ثم صمتت لثواني وسالته بتردد عن حاله:واانت اخبارك ايه…
انا الحمد الله تمام طول ما الحج منصور بخير …
ثم تابع بمرح ملطفاً الاجواء من حولهم : وهكون احسن لو خاليتي نعمات تعملي قهوتي علشان لسه ما شربتهاش…
نهضت من علي الفراش وحملت صينيه الطعام الخاصه بجدها وتحدثت بحماس: هعملهالك انا …
ثم غادرت الغرفه مسرعه لكي تعد له اطيب فنجان قهوه …
تابعها بنظراته حتي غادرت الغرفه ، ثم توجه بعدها وجلس علي طرف الفراش بجانب جده، الذي كان ينظر له بحزن ولوم …
هتف عاصي بحنان: لسه برضه زعلان مني وواخد علي خاطرك مني؟؟؟
طب ما انا اهو خلاص مسافرتش ولسه قاعد معاك اهو …
تحدث الجد بضيق : ما انت مستني لما اخف وهتنفذ اللي في دماغك وتسافر وتسبني …
وانا اللي قلت خلاص هرتاح وجيه اللي يشيل عني ويبقي سندي ، لكن لقيتك عاوز ترمي كل ده وراك وتسافر وتسبني لامك علشان تبهدل فيا وتفضحني قدام اللي يسوا واللي مايسواش….
هتف عاصي بشراسه: متخلقش لسه اللي يفكر يمس شعره منك يا جدي وانا عايش علي وش الدنيا ..
الي يفكر بس يقرب منك او من اي حد من عيله الجارحي انا امحيه من علي وش الدنيا من غير ما يرف لي جفن…
هتف الجد بامتنان : انا عارف يا حبيبي من غير ما تقول ، بس انا مش قادر علي الفراق من تاني ، كفايه اللي فارقوني زمان ، مش هتبقي انتي كمان …
ربط عاصي علي كف جده مطمئناً اياه: اطمن يا حج منصورانا مش مسافر انا هفضل هنا مش هقدر اتخلي عن مسؤليتي اكتر من كده …!!!!
……::::::::.::
دلفت دريه الي المطبخ تشرف علي الخدم مثل كل يوم
وجدت غفران تقف تعد القهوه وسمعتها تتحدث مع نعمات قائله: خالي بالك من القهوه لا تفور يا نعمات علي ما احضر لعاصي ساندوتش خفيف وعصير يفطر بيهم ، ما انتي بتقولي مفطرش وكمان عاوز يشرب قهوه ساده علي الريق .. كده غلط علي صحته.!!!
قالتها وهي تتحرك هنا وهناك تحضر له وجبه افطار خفيفه ،غافله عن نظرات دريه الكريهه التي تكاد تفتك بها …
هتفت دريه بغضب : في ايه بيحصل هنا بالظبط.؟؟؟
اجابتها غفران بعفويه: انا بحضر فطار خفيف لعاصي علشان مفطرش …
هتفت دريه بشراسه: مين سمح لك تعملي كده وازاي تدخلي في حاجه مش بتاعتك اصلاً….
البيت ده له نظام اظن انك عرفاه كويس اوي ، وعاصي طالما مفطرش معانا يبقي مش هيفطر ، ومدام طلب قهوه يبقي قهوه وبس …
ثم تابعت بغيظ وحقد وهي تقترب منها حتي اصبح لا يفصل بينهمً سوي انفاسهم : ولا انتي لاقتيها فرصه وقلتي استغلها كويس وارسم واخطط براحتي …
لااااااا يا ينت جميله ، انا مفتحه عينيه وواخده بالي من حركاتك اللي زي حركات امك ، ومش هسمح لك تكرري تاني اللي كانت هي بتعمله زمان انتي فاهمه …
صرخت في اخر كلمه بقوه ،ثم وجهت كلامها الي نعمات الخادمه : نعمات سيبي اللي في ايدك ده وحصليني علي اوضتي…بسرعه!!
غادرت المطبخ بخطوات تدك الارض غضباً وحقداً ، بينما غفران وقفت تنظر الي طيفها بحزن واخيراً سمحت لدموعها التي كانت محبوسه داخل مقلتيها ان تسقط علي وجنتها البيضاء الرقيقه …
فهي قد اعتادت علي اسلوب زوجه عمها القاسي والحاد ولكنها تريد ان تعرف سبباً واحداً لهذا الكره التي تكنه لها ولوالدتها ؟؟؟؟
فوالدتها رحمها الله الكل يحبها ويذكزها بالخير ، وهي لم تفعل ما يجعلها تكررها وتحقد عليها هكذا…
اقتربت منها نعمات وعلي وجهها ترتسم معالم الحزن علي تلك الجوهره الرقيقه وما تلاقيه من معامله سيئه من زوجه عمها باستمرار ولكنها اليوم كانت اشد قسوه..
همت ان تقترب منها ولكنها استمعت الي صراخ العجوز الشمطاء دريه عليها من الخارج فاسرعت تلبي ندائها بعد ان اعتطها غفران نظره مطمئنه معناها ” لا تقلقي انا بخير”…
سارت بخطوات ثقيله الي الموقد تغلقه بعد ان فارت القهوه وانسكبت عليه وشرعت في اعداد واحده اخري بدلاً منها ، ولكن سرعان ما قذفت ما بيدها داخل حوض المطبخ عندما لمحت طيفه من نافذه المطبخ وهو يستقل سيارته مغادراً القصر ..
خرجت من القصر قاصده غرفتها تغلق علي نفسها حتي لا يري احداً ضعفها وانكسارها فحتي هو لم يشغل باله بها او بما طلبه منها ورحل دون ان يكلف نفسه عناء السؤال عنها او حتي الاعتذار منها علي طلبه!!!!
……………….
تجلس مع صديقاتها في النادي تتناول معهم الافطار بعيداً عن جو القصر الكئيب الذي بات يخنقها …
سألتها احدي صديقاتها : مقولتيش يا نيسو اخبار الموز ابن خالتك ايه ؟؟ مشوفناهوش يعني من ساعه ما رجع من لندن؟؟
نهرتها بحده طفيفه: بقولك ايه مالكيش دعوه بيه ، عاصي ده بتاعي انا وبس ..
تحدثت اخري: لا بجد يا نيسو هو مش انتي كنتي بتقولي انكم في حكم المخطوبين ، ازاي ولا مره خرجتم سوا او سهرتم مع بعض ، انتي حتي بتخرجي وتسهري معانا لوحدك من غيره…
كتمت غيظها منهم واجابتهم وهي تزيف ابتسامه علي وجهها : اصل هو مشغول في تظبيط الbusiness بتاعه هنا وكمان تعب جده هو اللي خلانا نأجل اعلان خطوبتنا ، بس اول ما حاله جده تتحسن هنعمل big party ونعلن فيها خطوبتنا وانتوا هتكونوا اول المعزومين اكيد …
اسيبكم بقي علشان رايحه لعاصي الشركه ، اشوفكم بعدين ، بااااااي….
تبدلت ملامحها فور ان غادرتهم الي الغل والغيظ من عاصي ومن خالتها التي لا تعرف ما الذي يشغل بالها منذ مرض الجد والتي لا تساعدها في اخذ خطوه جاده في علاقتها مع عاصي…..
………………..
وصلت نسرين الي الشركه وتوجهت الي مكتب رئيس مجلس اداره مجموعه الجارحي ” مكتب منصور الجارحي سابقاً ، وعاصي الجارحي حالياً”….
دلفت الي مكتبه بعد ان طلبت من مديره مكتبه ان لا تبلغه فهي تريد ان تفاجأه بوجودها …
كان منكباً علي المكتب يراجع بعض الملفات ، وقفت تتطلع اليه بملامح عاشقه بها لمحه من الهوس !!!
نعم فهي مهووسه به ، تعشقه ولاتري غيره ، لقد اختصرت كل رجال العالم في شخصه …
تعشقه بكل ما فيه ولكنها تعشق ايضاً النفوذ والاموال التي يمتلكها …
فهو بالنسبه لها المصباح السحري الذي سيحقق لها كل احلامها وطموحاتها !!!!
هو لها ولن يكون لغيرها ستفعل المستحيل لتكون زوجته !!! حرم عاصي الجارحي !!!!
الاسم واللقب وحده يكفيها …
تنهدت بحالميه وسارت بخطوات متمهله نحوه ، فهو يبدو انه لم يشعر بوجودها ..
اقتربت منه حتي وقفت بجانبه ومالت عليه وطبعت قبله علي وجنته وهي تبتسم باتساع: مفاجاة مش كده؟؟ اتفضل …
قالتها وهي تمد يدها اليه تقدم له باقه من الزهور كانت قد جلبتها معها كلفته رومانسيه منها نحوه!!!
اجفل عاصي من حركتها المفاجأه ونهرها بحده: ايه اللي انتي بتعمليه ده ؟؟؟ودخلتي كده ازاي؟؟؟
والهانم اللي باره دي ازاي تدخلك من غير اذني …
انتفضت في مكانها من صراخه عليها وهتفت بخوف وهي تحاول تهدئته: اهدي يا عاصي مفيش حاجه حصلت تستاهل عصبيتك دي…
انا اللي طلبت من البنت انها ما تقولكش اني عاوزه اقابلك علشان عاوزه اعمل لك مفاجاة…
اكمل بغضب اكبر : وهي اي حد يقولها عاوز اعمل له زفت مفاجاة تقوم مدخلاه من غير اذن ، هي وكاله من غير بواب ، ده انا هطلع عينها علي اهمالها ده…
تابعت تسترضيه: يا عاصي هي ملهاش ذنب ماهي عارفه اني بنت خالتك وبشتغل هنا معاك ، ثم انا مش اي حد علشان يدخل لك كده …
رفع اصبعه في وجهها وهتف بتحذير : اول واخر مره تدخلي عليا مكتبي بالطريقه دي ، بنت خالتي دي في البيت مش في الشغل ، ده اولاً …
والحركه اللي عملتها دي ما تتكررش تاني فهماني ، مش هعيد كلامي مرتين …
مالت بجسدها للامام واستندت بذراعيها علي حافه المكتب فاصبحت قريبه منه للغايه ، وهتفت تساله بمكر: حركه ايه دي اللي مش عاوزني اعملها تاني ؟؟
نظر لها بغضب ولم يجيبها ، ثم اخذ يراجع الاوراق امامه وكأن لا وجود لها !!!
اغتاظت من لامبالاته واهماله المتعمد لها وهتفت تلومه بنبره حاولت جعلها منكسره بعض الشيء علها تستميل قلبه العاصي: انت ليه يا عاصي بتعاملني بالطريقه دي.. انت اتغيرت اوي ….
انا كنت فاكره انك لما هترجع من السفر هنقرب من بعض اكتر ، لكن لقيتك بتبعد اوووي…
احنا طول عمرنا واحنا مع بعض من واحنا صغيرين ، ليه بعدت عني كده …
ثم تابعت بلؤم: ده حتي خالتو بتشتكي منك ومن طريقتك وانك مش عاوز تريحها وتسمع كلامها وتتجوز وتفرحها بيك وتجيب لها عاصي junior!!
كان ينظر لها وهي تتحدث ، يقرأ ما بين السطور في حديثها، هو يعرفها جيداً ويعرف شخصيتها ، علي الرغم من انها تربت معه منذ صغرها الا انه لم يشعر نحوها بالمسؤليه والالتزام مثلما يشعر نحو غفران ..
دائماً ما كانت غفران مميزه لديه بالرغم من تشابه ظروف حياه نسرين وغفران ،الا انه كان يميل الي غفران اكثر منها ، فنسربن عاشت معهم بعد انفصال والدته وكانت ذات العشر سنوات ، وغفران ولدت علي يده وفقدت والديها وهي في سن الخامسه!!!
لكن غفران بريئه ، نقيه، عاطفيه وحساسه ،رقيقه منذ نعومه اظافرها ، عكس نسرين التي كانت عدوانيه ، لئيمه وشرسه وانانيه وكانت تتعمد ايذاء غفران باستمرار ولكنه كان يتصدي لها دائماً….
هتفت بنبره مرتفعه بعض الشيء اخرجته من شروده: هاااي روحت فين ؟؟؟
اجابه باقتضاب : معاكي …
سالته مستفسره: هااا مش انا عندي حق في كل اللي قلته ؟؟؟
لم يسمع اي شيء من حديثها ولكنه اجابها كاذباً حتي ينتهي من ثرثرتها : طبعاً عندك حق ..
تهللت اساريرها وهتفت تساله بلهفه: بجد !!! بجد يا عاصي اقتنعت بكلامي وهتسمع كلام خالتو وتتجوز زي ما قالت لك؟؟؟
زوي ما بين حاجبيه باستغراب وسالها باستنكار: اتجوز!!!
هتفت مسترسله بلهفه: ايوه طبعاً تتجوز ، انت دلوقتي رجل مسؤل وسنك مناسب ، محتاج واحده تقف جانبك ، تكون واجهه ليك تشرفك وسط مجتمع رجال الاعمال؛ تكون شيك وبنت ناس ومن مستواك ، واحده تعرف تكون زوجه لواحد من اهم رجال الاعمال في البلد …/
سألها عاصي متعجباً: بس كده ؟؟
سالته بعدم فهم : بس ايه مش فاهمه؟؟؟
اجابها ساخراً : ولا عمرك هتفهمي يا نسرين ….
ثم اعتدل في جلسته وعاود النظر الي الاوراق التي امامه مره اخري وهتف بجمود …
المهم …اتفضلي روحي دلوقتي علشان عندي شغل كتير وابقي اشوفك في القصر …
تابعت تساله بالحاح : حاضر همشي بس انت ما قولتش اقتنعت بكلامي ولا لاء وهتسمع كلام انطي دريه ولا لاء…
اجابها بسأم : طبعاً طبعاً اقتنعت ،بس خالي ده سر بيني وبينك ومش لازم تعرفي دريه هانم بالكلام ده وانا هبقي اتفاهم معاها بعدين علشان يبان اني اقتنعت بكلامها هي مش بعد ما انتي اقنعتيني علشان انتي عرفاها بتضايق من الحاجات دي….
تهللت اساريرها فرحاً وشعرت بقرب ارتباطهم بعد حديثه هذا ، فابتسمت باتساع وتحدثت بفرحه: تمام
وانا هستناك ما تتاخرش عليا .. تشااااو….
نفخ خديه بزهق بعد رحيلها وعاود النظر في الاوراق امامه فقد اهدر الكثير من الوقت في حديث غير مُجدي!!!!
…………………….
وصلت نرمين الي القصر وهرولت تجري نحو خالتها تعطيها البشاره ..-
انطي … انطي دريه … يا انطي انتي فين …
كانت تنادي عليها بصوت عالي وهي تجري هنا وهناك حتي وجدتها تجلس في غرفه المعيشه تحتسي قهوتها بهدوء وذهنها شارد في البعيد …
دلفت نسرين الي الداخل واوصدت الباب خلفها حتي لا يستمع احد الي حديثهم او يزعجهم …
جلست امامها وحدثتها : انتي مختفيه هنا يا انطي وانا بدور عليكي في القصر كله …/
اجفلت من صوتها العالي وحدثتها بزهق/ في ايه يا نسرين ، ما انا قاعده هنا اهو هروح فين ، ايه اللي حصل لكل الغاغه اللي انتي هملاها دي ….
هتفت نسرين بعيون لامعه : حصل ، حصل يا انطي .. عاصي…
سالتها دريه باهتمام : ماله عاصي في ايه ؟؟
اجابتها نسرين بتحذير : هقولك بس توعديني انك ما تقوليش لعاصي انك عرفتي مني حاجه او انك عرفتي الموضوع من اساسه !!!
تنبهت حواس دريه بالكامل واجابتها موافقه : اتفقنا مش هقوله ، بس قولي بقي في ايه ….
هقولك .، اسمعي يا ستي …….
………………………….
في المساء……
عاد عاصي الي القصر مساءاً بعد يوم عمل طويل وشاق ، استقبلته نسرين بسعاده واضحه علي تقاسيمها ، وقد كانت متألقه علي غير عادتها كما لو كانت ذاهبه الي حضور حفل ما بفستانها الاسود القصير ذو الاكتاف العاريه !!!!
رسمت ابتسامه عريضه علي شفتيها وهي تستقبله بحفاه وتأبطت زراعه قائله: حمد الله علي سلامتك يا عاصي ، اتاخرت كده ليه ؟؟
انا وانطي مرضناش نتعشي من غيرك وقلنا نستناك نتعشي سوا….
نظر لها باستغراب شديد وجذب زراعه من يدها وسار مبتعداً عنها هاتفاً بجمود : انا متاخرتش ده معادي….
كان قد وصل الي غرفه الطعام ووجد والدته تجلس علي السفره بمفردها ..!!!،
فسأل مستفسراً :وفين جدي وغفران مش معاكم علي العشاء ليه؟؟
قلبت نسرين عينيها بملل ولم تعقب !!!
اما دريه فاجابته باقتضاب : جدك قال مش عاوز ينزل وطلب العشاء في اوضته .
وغفران؟؟؟ سالها مستفسراً بوضوح .
توترت نظراتها من جمود ملامحه وهتفت تجيبه بعدم معرفه: معرفش هي من الصبح في اوضتها قافله علي نفسها ….
نظر اليها مطولاً بغموض وكلما طالت مدخ نظره بها زاد من توترها مما اكد له ظنونه ان هناك شيء حدث مع غفران متعلق بوالدته ….
هز راسه بهدوء وهتف بنبره جامده: تمام ….
انا هطلع لجدي اشوفه وانتي يا امي حصليني علشان تعتذري لجدي عن اللي حصل منك …
ثم نظر الي نسرين وتحدث موجهاً حديثه لوالدته: انتي بس يا امي اللي تحصليني …مفهوم؟؟؟
حاولت دريه الاعتراض:بس يا عاصي ..اصل.
تحدث بنبره جامده لا تسمح بالنقاش : انتهي !!!!
وغادرهم وتحرك حيث جده ….
تبادلت دريه ونسرين نظرات التوجس والقلق فيما بينهم …
وهتفت دريه وهي تتحرك من مقعدها تلحق بابنها منفذه اوامره: ربنا يستر….
تاركه نسرين وحيده خلفها تقضم اظافرها غلاً وغيظاً منهم …..
اثناء صعوده الي اعلي ، قابل نعمات الخادمه وهي تنزل من ناحيه غرفه غفران وتحمل معها صيينيه العشاء والتي رفضت غفران ان تلمس اي شيء منها..
سالها عاصي مستفسراً عن سبب حالتها تلك: ايوه يعني ايه اللي حصل لكل ده مخاليها قاعده طول اليوم في اوضتها ورافضه الاكل ؟؟؟
هتفت نعمات بتلعثم : م م معرفش بصراحه يا عاصي بيه ….
نظر لها نظره اجفلتها وهتف من بين اسنانه: نعماااات!!!
ارتعش بدنها من نظرته وصوته الغاضب ، وتحدثت بصوت منخفض وهي تسحبه من يده الي جانب مخفي عن انظار دريه الحقوده: هقول لحضرتك كل حاجه يا بيه ، بس سايقه عليك حبيبك النبي ما تقول اني قلت لك حاجه …
هتف بغضب مكبوت: اخلصي يا نعمات وقولي حصل ايه…
حاضر يا بيه… اللي حصل ان الست دريه …… ثم اخذت تسرد عليه كل تفاصيل ما حدث معهم في الصباح………..
…………………
دلف الي جناحه اخيراً ، يسير بخطوات متمهله وجسد منهك ، فقد استطاع اخيراً تخفيف حده التوتر بين جده ووالدته بس ان اعتذرت منه عن ما بدر منها في حقه وعن كلامها الجارح …
وبعد تدخلات منه اقتنع الجد وصالحها علي مضد ، ولكنه يعلم ان جده لم يعد قلبه صافي من جهه والدته كما السابق وهو يعطيه كل الحق في شعوره نحوها ، ولكن جده سيظل الكبير الذي يحمي الكل تحت جناحه فقبل باعتذارها فهي في الاخير ابنه اخوه وام حفيده..
توجه الي الحمام لاخذ حمام ساخن يزيل به ارهاق اليوم وينعش جسده المتشنج من شده التوتر والعصبيه ….
بعد قليل من الوقت كان يفرد جسده علي الفراش نائماً علي ظهره ، ناظراً الي سقف الغرفه …
يفكر في كل شيء حدث معه من قدومه من الخارج ، جده ، الشركات ، الوصيه ، والدته ونسرين ، وغفران ….
غفراااااااان !!!!!
زفر مطولاً وهو يفكر فيما حدث معها اليوم من والدته، وايضاً حديثها مع جدها عن فارس احلامها، وقارن بين كلامها وكلام نسرين عن الارتباط والزواج .
واخذ يفكر ويحلل حتي غلبه النعاس ومازال شعور التخبط والاحساس بالمسؤليه مسيطراً عليه …..
……………….
في صباح اليوم التالي ….
كان الجميع ملتف حول سفره الطعام ، وهذا اول افطار يحضره الجد معهم بعد مرضه الاخير ، فحرص الجميع علي الحضور احتراماً لعودته مره اخري …
دخل عاصي عليهم بطلته المهيبه وحضوره القوي كعادته ملقياً عليهم تحيه الصباح وجلس في مقعده علي يمين جده وبجانب غفران وامامه نسرين ودريه!!!!
تحدث بابتسامه صادقه: حمد الله علي سلامتك يا حج منصور ، نورت مكانك ..
اجابه الجد بحنانه المعهود: الله يسلمك من كل شر يا غالي يا ابن الغالي …
تنحنح عاصي وتحدث موجهاً حديثه اليهم: بالمناسبه دي بقي انا عندي خبر هيفرحكم كلكم ….
تهللت اسارير نسرين فرحاً ونغزت قدم خالتها من تحت الطاوله ونظرت لها نظره بمغذي ” مش قلت لك انه اقتنع بكلامي “..
وباداتها دريه نظره الفرح والانتصار …
اما غفران فقد شعرت بانقباضه في قلبها من حديثه وشعرت ان ما يقوله سيكون سطر النهايه في قصه حبها الوهميه التي نسجتها وعاشتها في خيالها ….
فركزت نظاراتها علي صحنها ولم تجرأ علي النظر اليه ، حابسه دموعها داخل مقلتيها ….
كان عاصي ينظر اليهم يتفرس في ملامحهم ليرصد رد فعلهم علي حديثه ، فاستوقفه حاله غفران الغريبه وجهها الاحمر وارتعاش يدها وهي تقبض علي ملعقه الطعام !!!
لم يستطيع ان يفهم حالها وظن انه ربما لازالت متاأثره بما حدث امس مع والدته ….
تحدث الجد اخيراً يسأله باهتمام : خير يا ابني ايه الخبر الحلو اللي عاوز تقوله….
صمت عاصي قليلاً ملقياً نظره سريعه عليهم ولكنه استجمع شجاعته في الاخير ملقياً قنبلته في وجههم: انا بعد اذنك يا جدي انا قررت اتجوز …
صمت معلقاً باقي جملته يرصد رد فعلهم بعيون كعيون الصقر المتربص لفريسته…
وجد نسرين ودريه قد انتفجت اوداجهم فرحاً وانتصاراً بذلك الخبر ….
بينما غفران كانت تقاوم وتحارب دموعها بضراوه حتي لا تسقط منها امامهم ….
تحدث الجد بشيء من التوجس : ومين دي اللي امها داعيه لها اللي هتكون من نصيب عاصي الجارحي…
نفشت نسرين صدرها ورفعت كتفيها واشرآبت بعنقعا كالطاووس في انتظار سماع اسمها يخرج من بين شفتيه …
وغفران تقود حرب ضاريه داخلها ، تحارب السقوط مغشياً عليها من شده الضغط العصبي والنفسي التي تتعرض له ، وآلم قلبها الذي ينخر عظامها وهي تجد حلمها يتسرب كالمياه من بين يديها ، ودموعها التي اغشت الرؤيه امامها ….
وقد كان …. حدث ما جعلها تبكي وتبكي محرره دموعها اخيراً عندما سمعت صوته وهو يقول ….
انا بطلب منك يا جدي ايد غفران علي سنه الله ورسوله……..
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية غفران العاصي) اسم الرواية