رواية اسرت قلبه الفصل الثالث 3 - بقلم سوليية نصار
الفصل الثالث (عرض ).
لطالما كان قلبي هو لعنتي….
-يا بنتي ايه اللي حصل بس بينك وبين جورج …جه جابك هنا من الصبح وبعدين مشي ….قوليلي ايه اللي حصل بينكم ؟!
قالتها مريم بحيرة لتحاول ماريانا السيطرة على دموعها وتقول ببهوت :
-مفيش حاجة يا ماما وحشتيني وقولت اقعد معاكي بس كام يوم ولا أنتِ مش عايزاني ولا ايه ؟؛
-لا طبعا يا حبيبتي تنوري في اي وقت …بس يا بنتي قلبي مش مطمن لجيتك المرة دي …قلبي بيقولي أن فيه مشكلة بينك وبين جوزك ..مش كده ؟!وانا احساسي ميكدبش يا ماريانا …قوليلي يا بنتي فيه ايه …ريحي قلبي الله يريح قلبك …أنا خايفة يكون المشكلة كبيرة ….
نهضت ماريانا بعصبية وقد طفرت الدموع التي حبستها طويلا وقالت:
-يوووه يا امي ما قولتلك مفيش اي حاجة …ليه مصممة تضايقيني …خلاص لو فيه حاجة هقولك متبقيش كده مصممة تعرفي عن اللي ميخصكيش !!!
بهتت مريم وهي تنظر إلى أسلوب ابنتها الغريب وقالت:
-مالك يا بنتي …ليه بتعامليني كده …كده يا ماريانا …الله يسامحك يا بنتي وحقك عليا مش هسأل عن حاجة متخصنيش تاني ….
انهمرت الدموع من عينيها وهي تنظر إلى والدتها التي تجهم وجهها بقوة وظهر على عينيها الانكسار ..
جلست ماريانا بجوار والدتها وأمسكت كفها وقبلته بقوة ثم قالت وهي تشهق بقوة :
-سامحيني …عشان خاطري سامحيني يا ماما …أنا مضغوطة…منهارة ..حاسة ان الدنيا كلها على دماغي …حاسة اني حياتي بتنهار….مش عارفة أعمل ايه …كل حاجة بتضيع يا ماما …بتضيع !!!
ضمتها والدتها بقوة وهي تقول بهلع:
-مالك يا حبيبتي قوليلي بس مالك..
يمكن اعرف أساعدك …
ابتعدت ماريانا أخيرا وهي تقول:
-مبيحبنيش يا ماما …مش شايفني اصلا …أنا حاسة اني مجرد ديكور في حياته …مبيقعدش معايا ومبيتكلمش ….أنا صفر على الشمال في حياته …أنا مش موجودة…مش موجودة …
-طيب اهدي يا بنتي وقوليلي ايه اللي حصل ؟!
قالتها مريم بخوف على ابنتها وهي تمسح دموعها ….
ابتلعت ماريانا ريقها وقالت :
-لسه بيحب حبيبته القديمة يا ماما …رافض يقرب مني ….نادرا ما بيديني حقوقي …علطول سرحان ومعظم الوقت مش في البيت …حتى في الفترات الأخيرة بقى ميجيش البيت الا على النوم …حتى في اجازته مبيقعدش معايا بيروح يقعد مع اصحابه وسايبني …أنا عايشة لوحدي يا ماما …ده يرضي مين بس ….
تنهدت مريم بحزن على حال ابنتها وضمتها بلطف وهي تقول:
-طيب اهدي ..اهدي …متعيطيش يا بنتي …متحر.قيش قلبي عليكي …كل مشكلة وليها حل ..
-مشكلتي ملهاش حل يا ماما …أنا جوزي مش شايفني اصلا …جوزي قلبه مع واحدة تانية ….
ابعدتها مريم بلطف ومسحت دموعها وهي تقول :
-بس يا بت بلاش هبل …قلبه هيبقى معاكي …لازم يبقى معاكي ….اكسبي قلب جوزك وبطلي هبل وعياط ..مش هيفيدك ….
-اكسب قلبه ازاي …أنا حاولت يا ماما حاولت …
-يمكن محاولتيش صح …يا بنتي الرجالة دوول سهل تكسبيهم …حبيبتي القديمة خلاص اختفت من حياته وانتِ اللي موجودة …ومستحيل يجمعهم أي حاجة. .انتِ بس اللي في حياته فمتتنازليش عن مكانك ده لأي واحدة …فاهمة ولا لا!!!!
-طيب أعمل ايه ؟!
-تفكري بعقلك يا حبيبتي …اديله اهتمام مرة …واهمال مرة ….طنشيه شوية واهتمي بيه شوية …خليه ينشغل بيكي علطول …حاولي كده تتجاهليه شوية وشوفي ايه اللي هيحصل….
-يعني دلوقتي افضل هنا ومتصلش بيه لحد ما يجي ويعتذر …
-لا طبعا يا حبيبتي …انتِ تتصلي بيه وتصالحيه وترجعي معاه زي الأول واحسن كمان بس فجأة تسحبس اهتمامك ده وتفضلي تهتمي وتهملي لحد ما يتجنن …فهمتيني ؟!يالا اتصلي بيه وقوليلو يعدي عليكي في الشغل النهاردة وياخدك على البيت وبلاش هبل تاني ماشي. ..
هزت هي رأسها وهي تمسح دموعها
…….
بعد قليل ….
ولجت لغرفتها وهي تمسك الهاتف بينما كفيها يرتعشان بشدة …عضت شفتيها وهي تفكر جديا الا تتصل به …فكرت في كرامتها للحظات …كيف انه اهدرها اكثر من مرة ….كيف تتصل هي بها …يجب أن يتصل هو ….هكذا فكرت للحظات بتمرد ولكنها تذكرت كلمات والدتها …لن تجعل أي امرأة تحتل مكانها…ستكون هي الأولى بحياته…ولن تسمح لأحد أن يسلبها حب حياتها …
أغمضت عينيها وهي تبتسم وترسم ملامحه داخل مخيلتها….انه كل ما تريده في تلك الحياة …لا تريد غيره ….لتتنازل قليلا عسى ان تحصل على قلبه….
فتحت عينيها وهي تقرر الاتصال به ….
……
في عيادة جورج …
كان يجلس في مكتبه وهو يخرج تلك الصورة التي يحتفظ بها …صورة خطبته هو وسيلا …تأمل ابتسامته …وتذكر كم كان سعيدا معها ….عكس حالته الآن … فجأة اضاء هاتفه معلناً عن وصول اتصال من زوجته ….عينيه الزرقاء اصبحت كقطعة من الجليد وهو ينظر الي. الاسم وامسك الهاتف ثم فتحه وقال:
-نعم …
ارتعشت ابتسامة على شفتيها وقالت:
-ابقى تعالى خدني النهاردة من الكوافير بعد الشغل ممكن يا حبيبي …
-انفصام ده ولا ايه ؟!مش قولتي هتقعدي عند مامتك شوية ؟!
ابتسمت وقالت بدلع:
-اصلك وحشتني أعمل ايه ..ابقى تعالى خدني ماشي
زفر بضيق وقال :
-حاضر هاجي اخدك …
…….
-اخوكي ده بارد ومستفز !!!
قالتها جيلان بضيق لنوران بينما تجلس بجوارها على فراشها …
ابتسمت نوران ببهوت لها وقالت ؛
-بس أنتِ بتحبي البارد ده …
احمر وجه جيلان لتبتسم نوران بشقاوة رغم شحوب وجهها وتقول :
-مش هتكسبي قلب أمجد لما تعانديه بالعكس هتلفتي انتباهه لما يحس انك بدأتي تبقي شبهه …مش هيبصلك وانتِ لبسك مش على مزاجه… صدقيني أنا عارفة نوع اخويا كويس …ده كان عايز يلبسني الخمار وفضل ايام يقنع فيا …
-يعني اعمل ايه عشان يشوفني ؟!
قالتها جيلان بلهفة لترد نوران ببساطة :
-البسي اللبس اللي يعجبه …الطويل والواسع ..اصدميه بعكس شخصيتك ..صدقيني وقتها هيبصلك …
……
نهضت من فراشها وهي تترنح بقوة …لم تأكل منذ يومين تقريبا وتشعر أنها سوف تموت …السيدة أم مروان أحضرت لها الطعام وتوسلتها أن تأكل وهي وعدتها أنها سوف تأكل بالفعل ….ولذلك هي نهضت الآن …عرفت أنها بحاجة للطعام …سوف تموت بتلك الطريقة …لطالما تمنت الموت ولكن الموت جوعاً بتلك الطريقة وهي بمفردها في المنزل لم تكن أبدا فكرة جيدة….
احضرت الطعام من المطبخ ووضعته على الطاولة ثم بدأت في الآكل بآلية …كانت الدموع تطفر من عينيها بينما هي تأكل …تتذكر خالتها العزيزة …كيف عاملتها كأنها والدتها …تلك السيدة الجميلة التي وقفت بجوارها عندما ظنت أنها وحيدة …أغمضت عينيها وهي تشهق وتبكي بينما تتذكر مواقف خالتها التي لا تقدر بثمن …
-أغمضت عينيها وهي تشتم الرائحة بإستمتاع وتقول :
-آه عملتي الكشري صح …الله عليكي يا خالتي نوال …
قالتها ثم ركضت نحو الطاولة وابتسمت وهي ت طبق الكشري الكبير يعلوه صوص الطماطم بالطريقة التي تحبه…
-ريحته تجنن ..تسلم ايديكي…
ثم جلست لكي تأكل ولكن نوال قالت محذرة :
-بت انتِ روحي اغسلي ايدك الاول وغيري هدومك الأكل مش هيطير …أنا مرضتش احط الأكل الا لما عرفت انك قربتي تيجي من الكلية ومتقلقيش مش هاكل الا لما تيجي ..يالا بس الاول غيري هدومك …
نظرت إلى الطعام وبطنها تصدر اصوات دليل على جوعها وقالت :
-بس يا خالتو أنا عايزة …
-من غير بس ..غيري هدومك بسرعة وتعالي كلي براحتك مش هقولك حاجة ….
ابتسمت مياس بشقاوة وعينيها الزرقاء تلمع وقالت للطعام :
-بس بس ثانية واحدة وهتلاقيني نطالك يا جميل
ضحكت نوال وقالت:
-عوض عليا عوض الصابرين يا رب …
ثم اندفعت مياس نحو غرفتها وأخذت منامتها ثم ولجت للحمام …اغتسلت بسرعة ثم ارتدت منامتها البنية المريحة وخرجت وهي تدندن بسعادة ….
…
جلست على الطاولة وبدأت في الاكل بلهفة وهي تغمض عينيها وتستمتع بالطعم اللذيذ :
-الله يا خالتوا بجد يجنن …احلى كشري عملتيه في حياتك …
ضحكت نوال وهي تهز رأسها وتقول :
-يا بت يا بكاشة ما أنا علطول بعمله بنفس الطريقة وأنتِ كل مرة تقوليلي الكلمتين دوول يا نصابة …
ضحكت مياس وقالت:
-الله يا خالتو بجبر بخاطرك غلطت أنا …بس بجد تسلم ايديكي …مظنش حد بيعرف يعمل كشري زيك ..أنا نفسي اتعلم والله …
-ما أنا قولتلك يا بت أنتِ اقفي جنبي في المطبخ واتعلمي….ده أنتِ على وش جواز ولا عايزة عمر ياكل وشنا ويقول :
-البت متعرفش تطبخ ..
عبست وقالت:
-على فكرة بعرف أطبخ يا خالتو..
-يا ستي مش بقول لا بس اتعلمي أصناف تانية…بدل الموبايل اللي لازقة فيه ليل نهاره بتكلمي عليه خطيبك تعالي اتعلمي مني حاجة …عشان لما اموت بكرة تترحمي عليا وتقولي الله يرحمك يا خالتي علمتيني حاجة …
فجأة توقفت مياس عن الأكل وشحب وجهها ثم ترطبت عينيها بفعل الدموع …عبست نوال وهي تقول :
-فيه ايه يا بت مالك ؟!
لم ترد عليها مياس وبدأت الدموع تتساقط من عينيها…
-فيه ايه يا مياس خوفتيني ؟!
قالتها خالتها بخوف لتشهق مياس بالبكاء ….نهضت نوال واقتربت منها وهي تقول :
-مياس حبيبتي فيه ايه ؟!…قوليلي حصل ايه …
عانقتها مياس بقوة وهي تقول بينما تبكي بعنف ؛
-متقوليش كده يا خالتي …متقوليش انك هتموتي…عشان خاطري …انا مش هقدر اعيش من غيرك …أنتِ كل اهلي …كفاية أن اهلي سابوني ومشيوا…متمشيش أنتِ كمان ….
أحرقت الدموع عيني نوال وقالت بصوت مختنق :
-يا عبيطة أنا بهزر معاكي …أنا مش هروح حته ..أنا هطبق على نفسك لحد ما تزهقي مني …
ضمتها مياس أكثر وقالت:
-متقوليش كده تاني ممكن …اوعديني متجبيش سيرة الموت تاني …عشان خاطري يا خالتو متوجعيش قلبي ….
ربتت نوال على كتفها وقالت:
-خلاص يا ستي وعد أنا مش هجيب سيرة الموت تاني …يالا بقا كفاية دراما وكملي أكل
خرجت من شرودها وهي تبكي بعنف …كانت تبكي بشدة …ما خافت منه قد حدث لقد عانت مجددا من الخسارة …تذوقت ذلك الألم مجددا ….كما خسرت والديها من قبل ها هي خسرت خالتها …اخر شخص اهتم بها….والآن الحقيقة المرة تواجهها …هي على الطاولة بمفردها تجلس وتاكل بمفردها ووجهها غارق بدموعه …بينما روحها تحترق من الداخل …تمنت في تلك اللحظة أن تموت وترتاح كليا من هذا الألم الذي يعصف بها ….تمنت أن ترتاح …ولكنها لا تموت …هي تنهض يوميا لتواجه حقيقة أنها أصبحت وحيدة منبوذة …الجميع تركها….أهلها ثم عمر ثم خالتها …حتى جمالها غادرها ….أصبحت منبوذة من الجميع ….
أطرقت برأسها وهي تبكي أكثر وتأكل ….
.. ………
بعد قليل كانت قد انتهت كليا من البكاء ومن الاكل …لقد اكلت كثيرا …كانت كأنها تنتقم من الطعام …اكلت أكثر من المعتاد …توجهت إلى المطبخ وقامت بغسل كل الأواني لتعيدها للسيدة أم مروان ….قررت أن تفيق من غيبوبتها تلك لترى ماذا تفعل …بعد حادثها قررت التوقف عن الذهاب للجامعة …وموت خالتها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير ….ولكن الآن يجب أن تحقق حلم خالتها ستكمل دراستها وستعتمد على حالها …في حسابها مبلغ لا بأس به من المال سوف تستخدمه لإنشاء مشروع لها …..
انتهت من غسل الأواني ثم رتبتهم على الصينية وارتدت ملابسها ونقابها وخرجت ….
رنت جرس المنزل ليفتح الباب ويظهر أمامها …تأملها بعينيه السوداء وقال :
-أزيك يا آنسة مياس …
-اهلا بحضرتك …اومال طنط فين ؟!
-مياس حبيبتي اتفضلي …
قالتها السيدة أم مروان وهي تقترب منها …
ابتسمت مياس بلطف من خلف نقابها وقالت :
-شكرا ليكي يا طنط ..أنا بس مستعجلة …اتفضلي الحاجة وكتر خيرك معايا ….
-يا حبيبتي طيب ادخلي واقعدي معايا شوية …
-اتفضلي يا آنسة مياس أنا كده كده ماشي …
قالها مروان بنفاذ صبر لترد :
-مرة تانية بإذن الله …
ثم استدارت لكي تذهب إلا أن مروان أوقفها ساخرا وقال :
-ايه مش عايزة تدخلي ليه؟!مكسوفة بعد ما رفضتك …
استدارت بحدة وهي تنظر إليه بصدمة وتقول :
-أنت بتقول ايه ؟!
-بس يا مروان اسكت!!
صرخت والدته به ليقول بتشفي :
-ايه يا آنسة مياس …فاكراني مش عارف انك اثرتي على امي وقعدتي تدحلبي عشان تخليني اتجوزك ؟!…دلوقتي بعد ما خطيبك هرب وجمالك راح بدأتي تفكري فيا صح ؟!
-مروان قولتلك اخرس !!!
تجمدت نظرات مياس ونقلت عينيها بين مروان ووالدته وقد فهمت ما يرمي عليه …بالطبع والدته بحسن نية عرضت عليه أن يتزوج مياس وهو ظن أنها من أقنعت والدته بهذا ….صحيح أن والدته قالت هذا بحسن نية ولكنها لن تسمح لأحد أن يقلل من احترامها …
بدأت بالتكلم ببرود وقالت:
-سيد مروان حضرتك غلطان أنا مطلبتش من والدتك أنها تكلمك عشان تتجوزني ولا عمري هعمل كده …لو عايزة فعلا اتجوزك كنت هقبل بيك في المرتين اللي اتقدمتلي فيهم بس انا رفضتك في المرتين فليه دلوقتي أسعى اني اتجوزك ….
ابتسم بشماتة وقال:
-ده كان زمان قبل ما جمالك …
قاطعته قبل أن يكمل كلامه :
-صدقني حتى لو جمالي راح رأيي فيك مش هيتغير يا استاذ مروان وسواء زمان أو دلوقتي إمكانية اني اتجوزك مستحيل مليون في المية ولو حتى انت اللي طلبت هقولك لا ……
لمعت عينيها وهي ترى الغضب الذي عصف بوجهه وابتسمت وهي تقول بنبرة متسلية:
-عن اذنكم بقا ورايا شغل كتير …هعدي عليكي.شوية يا طنط وشكرا على كل حاجة …
ثم تركتهم وذهبت
…..
ولجت لمنزلها بسرعة وهي تشهق وتضع كفها على صدرها …أخرجت هاتفها ونظرت إلى الرقم الذي ظهر أمامها بتردد ثم.ضغطت عليه وهي تضعه على أذنها وقالت:
-انا هاجي معاك اسكندرية !!!
……….
-وبنتك موافقتش على العريس ليه يا دلال هي عبيطة …
قالتها اعتماد وهي تلوي فمها ثم أكملت :
-ده دكتورها في الجامعة يعني مركز ووضعه المالي ممتاز …اكيد البت دي محسودة …
قالتها وهي تنظر بطرف عينيها إلى رحيق التي وضعت صينية العصير على الطاولة الزجاجية المستديرة …
نظرت رحيق إلى دلال وقالت:
-عايزة حاجة تاني يا ماما …
-لا روحي أنتِ
قالتها دلال بجمود لتبتسم اعتماد بخبث وتقول :
-لازم تبخري بنتك يا دلال ….الناس بقت نفوسها وحشة …اصل مش معقول واحدة في العشرين العرسان بيجروا وراها وواحدة قربت تكمل التلاتين ومحدش معبرها ….
ترطبت عيني رحيق بالدموع ونظرت إلى اعتماد بقهر وقالت:
-تقصدي ايه ؟!أنا ببص لأختي يعني ؟!
-والله يا حبيبتي اللي على رأسه بطحة يحسس عليها …أنتِ اهو عنستي ومحدش عبرك واكيد لما المسكينة دي حد اتقدملها النار أكلتك من جوا و …
-سيد اعتماد …
صرخة جعلتها تنتفض من مكانها لتنهض وتتسع عينيها بقوة وهي تجد أمجد يقف وينظر إليها بإستياء…اقترب اكثر وقال :
-مش من حقك تدخلي بيتنا وتغلطي في اختي ….لو هتيجي هنا تقعدي بأدبك واحترامك لو مش هتقدري أستأذنك تلزمي بيتك ومتجيش لاني مش هدخلك …
-كده برضه يا دلال …شايفة اللي بيعمله ابنك ….
قالتها اعتماد بعتاب لصديقتها ولكن دلال كانت عاجزة عن الكلام …لقد تعدت اعتماد حدودها وهي لن تتدخل الآن ….
-دلال …
قالتها اعتماد بصدمة ليكمل أمجد ويقول :
-ده اخر تحذير ليكي يا ست اعتماد ….
رفعت رأسها بكبر ثم ذهبت مسرعة إلى باب المنزل وخرجت وهي تكتم دموعها !!!
كانت رحيق منزوية في ركن معين بالصالة وهي تبكي ون صوت …..اقترب منها شقيقها ثم عانقها وقال :
-حقك عليا أنا …حقك عليا أنا ….
…..
في المساء …
-خلاص يا نوران أنا اكتشفت انك مبتحبنيش …احنا ننهي كل اللي بيننا ونبقى اخوات … وربنا يسعدك مع اللي قلبك يختاره ..
كانت تقرأ تلك الرسالة بهلع…ترددها مرة بعد أخرى ….أمسكت الهاتف جيدا والدموع اغشت عينيها فأصبحت الرؤية ضبابية …ارسلت له بسرعة رسالة تلو أخرى …تستجديه الا يتركها….تخبره بحبها العظيم له ….تذكره بسنتين من الغرام …كان لها كل شىء…
…..
صوت تنبيه عن قدوم رسالة على تطبيق الواتس اب جعله ينتبه …امسك هاتفه وابتسامة خبيثة ترتسم على. ثغره….لقد توقع هذا …أنها تستجديه لكي لا يتركها….رنين جرس الهاتف جعل ابتسامته تتسع …رد على الهاتف وهو يتنهد بحزن مدعي وقال:
-ايه يا نورا ….
-عادل انت عايز تسيبني …عايز تسيبني بجد …
لمعت عينيه السوداء وقال :
-الست اللي متثقش فيا متلزمنيش وانتِ مش واثقة فيا يا نورا بعد كل اللي عملته معاكي …يبقى خلاص كفاية وجع قلب لحد كده …
-الموضوع مش موضوع ثقة!!
-اومال ايه يا نورا ؟!
حكت شعرها بعصبية وهي تقول :
-اللي بتطلبه مني مستحيل…ازاي عايزني ابعتلك صوري من غير ….
أغمضت عينيها وهي لا تستطيع نطق الكلمة ليقول بقسوة :
-ده اللي عندي يا نورا …لو مش عايزة خلاص ننهي ام العلاقة دي ..ما كل اصحابي مرتبطين وبيعملوا كده اشمعنى أنتِ يعني …أنا أقولك انهي علاقتك بيا واستني اخوكي امجد لما يجيبلك عريس زيه يكرهك في حياتك ويخليكي متشوفيش الشارع. ..سلام …
ثم اغلق بوجهها …
لتسقط هاتفها على الفراش وتدفن وجهها بالوسادة وهي تبكي ….
طرقة خفيفة على الباب لم تجعلها تنهض من مكانها …كانت رحيق تقف خلف الباب وقد سمعت بالصدفة بكاءها العنيف وقد قلقت عليها …ولكنها خافت أن تلج فتنفجر فيها غضباً….
ابتلعت ريقها وفتحت الباب وهي تقول بصوت ضعيف :
-نوران …
ولكن لا رد …
ولجت للغرفة واقتربت من نوران التي تبكي وربتت على كتفها وهي تقول بقلق :
؛نوران مالك ؟!
فجأة فزعت نوران ونهضت وهي تنظر إليها بصدمة وتصرخ بها ؛
-ازاي تتجرأي تدخلي اوضتي؟!
ارتبكت رحيق وقالت :
-انا لقيتك بتعيطي ف….
-ملكيش دعوة …سمعتي ملكيش دعوة بيا …. متلعبيش دور الاخت الكبيرة …لا أنتِ اختي ولا معترفة بيكي اصلا …أنتِ بت الست اللي سرقت ابويا من امي …امك خطافة رجالة و….
-نوران !!!
هدر أمجد وهو يلج للغرفة بعد أن سمع صوتها المرتفع …كان حقا مصدوم من سوء تصرف شقيقته ….
أتت أيضا دلال وهي ترى ما يحدث …كانت تلقى بنظرات اللوم إلى نوران بينما نظرت بشفقة مخفية إلى رحيق التي تكتم دموعها بشق الأنفس ….
-بتدخل الاوضة من غير اذني وبتدخل في خصوصياتي ..رغم اني قولتلها مليون مرة ملهاش دعوة بيا …بس هي مبتفهمش …مبتفهمش ..ياريت يا شيخة اي واحد اهبل يتجوزك ويغورك من وشنا!
-أنتِ واحدة …
هدر أمجد وكاد أن يقترب منها ولكن رحيق وقفت بوجهه وهي تقول :
-امجد …نوران عندها حق أنا اللي غلطانة د..أنا اللي اتدخلت في شؤونها من الاول ومكانش لازم اعمل كده ….أنا اسفة …
ثم خرجت مسرعة من الغرفة ….
نظر أمجد إلى نوران بقسوة وقال:
-لحد امتى هتفضلوا تعاملوها كده …هي عملت ايه حرام عليكم …حرام عليكم !!!
ثم تركهم وغادر …..
نظرت دلال إلى ابنتها بإستياء ثم غادرت الغرفة لتنفجر نوران بالبكاء مجددا وهي تشعر وكأن أحدهم يعتصر قلبها بقوة ….
………..
زفر جورج بضيق وهو يتململ في سيارته بدون راحة بينما ينتظرها لتخرج من المركز التجميلي الخاص بها….وقد قرر ألا ينتظرها بعد الآن …سيطلب من السائق يحضرها فهو ليس متفرغ لسيادتها فهي بعد ان ارادت ن تمطث لدى والدتها اتصلت به واخبرته انها ستعود معه …أي نوع من الانفصام هي تعاني منه …فجأة توسعت عينيه بصدمة وهو يراها تخرج من المركز …كان كل شئ بها هو نفسه …نفس القميص الزهري الذي ارتدته صباحا عندما اخذها الى والدتها ونفس البنطال الأبيض ولكن الذي تغير هو شعرها …شعرها الذي تحول للون الأحمر !!!
أحمر وجهه بغضب وهو يضغط على مقود السيارة بعنف وأمكنه أن يسمع احتكاك أسنانه ببعضهما …
تقدمت ماريانا من سيارته بإبتسامة واثقة وحيته بنعومة ؛
-معلش يا حبيبي اتأخرت عليك …وحشتك مش كده
ولكنه لم يرد عليها وهو ينظر أمامه وما أن ربطت حزام الآمان بها حتى انطلق بسرعة رهيبة …توسعت عيني ماريانا السوداء وهي تنظر اليه …قالت بتوتر :
-حبيبي فيه ايه ؟!
-أخرسي!
قالها بقوة لتتراجع وقد خفق قلبها بخوف …نظرت من النافذة وهي تشعر بالدموع تلسع عينيها …ترى ماذا فعلت هي ؟!.
……..
ما أن وصلا إلى المنزل جذبها من ذراعها ثم دفعها حتى اصطدمت بالحائط …
-جورج فيه ايه خوفتني ؟!
-ايه اللي عملتيه في شعرك ده ؟!
قالها بغلظة لتتسع عينيها بصدمة وترد ببلاهة:
-أنت زعلان عشان صبغت شعري أحمر ..افتكرت انك مش بيهمك الحاجات دي …أنا علطول بصبغ شعري بألوان اغرب من كده اشمعنى المرة دي زعلت …
هزها بعنف وصرخ :
-ماريانا متستهبليش …أنتِ عملتي كده عشان تفكريني بيها صح ؟!!تفكريني بسيلا …..
انسابت دموعها وقالت بنبرة مختنقة :
-والله العظيم أنا عمري ما افكر التفكير ده …ومعملتش كده عشان افكرك بيها ولا حاجة انا حبيت اللون عليا عشان كده عملته …
ابتعد عنها وقال ببرود :
-وانا مش مصدقك ..أنا عارف حركات البنات عايزة تبقي نسخة منها عشان احبك …وأنا قولتلك ميت مرة اتقبلي الموضوع يا ماريانا أنا مش بحبك ..مش عافية هي …
ثم تركها متجها إلى غرفته فصرخت هي به :
-انا مراتك يا جورج مش هي خالص !!!مشاعرك مفروض تكون ملكي مش ملكها …
استدار وأكمل بنبرة قاطعة:
-مشاعري مش ملكك ولا هتكون يا ماريانا وأنتِ كنتِ عارفة اني مش بحبك ووافقتي فمتجيش تعيطي دلوقتي ..بكرة تصلحي الهبل اللي عملتيه ده انا مش عايز اضايقك اكتر من كده خلينا نقضى الباقي من عمرنا من غير مشاكل …ده لو سمحتي !!!
،……..
-التجاهل ده غير لايق عليكي خصوصا بعد اللي عرفته يا سما …
قالها أمير بضيق وهو يتذكر كل الايام التي تجاهلته بها وانشغلت بعمر فقط ….كانت سما تجلس ممسكة هاتفها تتفحص شيكات التواصل الاجتماعي بعد يوم طويل من العمل في المنزل عندما اقتحم هذا المتطفل خصوصيتها
تركت هاتفها ونظرت إليه وقالت:
-احنا اتفقنا أن ده هيكون التعامل ما بيننا …لو عايز زوجة قولتلك من بكرة اخطبلك واحدة تلبيلك طلباتك …
رفع حاجبيها بسخرية وقال :
-عايزة تبيني انك مش مهتمة بعد كل اللي قريته في مذكراتك ؟!
-انت نر جسي على فكرة …فاكر ان شوية كلام على ورق كتبته في فترة مجنو نة في حياتي هو الصح …رغم ان دلوقتي مشاعري من ناحيتك اختفت تماما …زي ما قولتلك ..انت ابو عمر وبس …عمر اللي انا قررت اربيه اكراما لأختي …فأنا مش هبصلك بطريقة تاني تقدر تريح نفسك ….ولو حابب تأخد حقوقك الزوجية ليك كل الحق أنك تتجوز غيري وانا اللي هنقيلك العروسة بنفسي يا زوجي العزيز …
قالتها سما بثقة مفرطة ليرفع حاجبيه بدهشة ويقول :
-ثقتك اللي بتتكلمي بيها دي مش هتخد عني يا سما…بس عموما ده احسن افضلي اقنعي بنفسك بكدة لحد ما تصدقي أنك مبتحبنيش وتتجنبي كسرة القلب ..لان من سابع المستحيلات اني أحبك !!
نظرت إليه ببرود وقالت :
-والله أنا بعيدة عنك وبتجنبك بقدر الإمكان ومطنشاك خالص …انت اللي محروق مني عشان مطنشاك وبتنكش وخلاص …أهدى على نفسك واشغل نفسك بحاجة تانية وانصح أن الحاجة دي تكون ابنك عشان هو محتاجك وبطل شغل العيال ده …
ثم تركته وغادرت تاركة إياه يغلي من الغضب !!!!
………
على باب السيما
تذكرتي قديمة
ومعايا حكاية
نفسى اغيرها
وانا مين يديني
فرصة تخليني
ادخل لو مرة
واعيشها بتفاصيلها
ايدي في ايديها
وعينيا عليها
سامع ضحكتها
واحنا بنتفرج
خلصت حكايتنا والدنيا خدتنا
لا انا عارف ابعد
ولا قادر اقرب
ايدي في ايديها وعينيا عليها
سامع ضحكتها واحنا بنتفرج
خلصت حكايتنا والدنيا خدتنا
لا انا عارف ابعد
ولا قادر اقرب
كان ممكن افضل
كان ممكن تصبر
لكن يا خسارة
تذكرتي قديمة
من باب السيما
داخلين حبيبهَ
بحكاية جديدة
ونهاية بتقرب
شايف أحلامهم
حاسس بوجعهم
من قبل ما يحصل
ما انا اصلي مجرب
ولا حد شايفني ولا حد سامعني
وانا واقف بره
على باب السيما
شايف احلامهم
حاسس بوجعهم
من قبل ما يحصل
ما انا اصلي مجرب
ولا حد شايفني ولا حد سامعني
وانا واقف بره
على باب السيما
على باب السيما
تذكرتي قديمة
ومعايا حكاية
نفسي اغيرها
كانت الأغنية تصدح من سيارته الواقفة بعيد وهو يراقبها …لقد تجاوزته كليا وها هي سعيدة للغاية مع زوجها. ..وهو ..هو ما زال مكانه ….لا يستطيع أن ينساها….حاول كثيرا …سافر وعرف نساء عديدة ولكن لم يطأ قلبه غيرها هي …هي فقط ….
كانت نسرين ملكه ولكنه خسرها وفؤاد من فاز وهو لم يحصل الا على رؤيتها من بعيد بعد أن كانت بين يديه …الدموع الساخنة انحدرت على وجنته ومسحها سريعا وهو يفكر …أن لم ينساها الآن سيعاني للأبد …أدار سيارته وانطلق وهو يعد نفسه للمرة المليون أنه سوف ينساها !!
…….
في اليوم التالي …
-اتفضلي يا مياس …ده بيتك …
قالها جلال بينما نظرت مياس إلى الفيلا الواسعة التي ولجت بها والتي تشبه الأحلام في جمالها ….هل ستعيش هنا ؟!
نظرت إلى عمها بإرتباك وهي تعدل النقاب أكثر وتقول :
-ماشي فين اوضتي عشان…..
-مياس …
صوت رجولي مميز قاطعها …نظرت إلى مصدر الصوت لتجده يقترب منها ….رجل طويل …حاد الملامح ازرق العينين…على وجهها ابتسامة سعيدة حقا تناقض تلك الملامح الحادة ….
اقترب منها وهو يقول :
-أخيرا نورتي حياتنا يا مياس …روحك الحلوة اخيرا دخلت بيتنا .
………
في غرفة المعلمين …
كانت مادونا ورحيق يجلسان سويا ….
-مالك النهاردة يا رحيق مش مركزة ليه؟!
قالتها مادونا صديقة رحيق المقربة وهي تعدل من وضع حجابها …ابتسمت رحيق ببهوت من خلف نقابها وقالت :
-مفيش حاجة يا مادي بس تعبانة شوية ….
-ياااه عليا الكلام ده …قوليلي ايه اللي حصل ..مش في المود النهاردة …قوليلي بقا …
نظرت رحيق اليها دامعة ثم انفجرت بالبكاء ….
اقتربت مادونا من صديقتها بهلع وضمتها وهي تقول :
-حصل ايه ؟!قوليلي حصل ايه بس يا رحيق ؟!
بكت رحيق أكثر ثم بدأت بقص ما حدث بينها وبين شقيقتها ….حكت لها عن كل المضايقة التي تتعرض لها خاصة بعد تقدمها في السن وعدم زواجها !!!
بعد أن انتهت رحيق ربتت مادونا عليها وهي تقول بإنفعال:
-اختك دي عايزة قص لسانها والست اللي اسمها اعتماد دي مشافتش ريحة التربية ..متحطيش في بالك أنتِ قمر وجميلة والف واحد يتمناكي وهتلاقي نصيبك بإذن الله. ..صدقيني يا رحيق أنا حاسة أن قريب هتتجوزي واحد هيحبك بطريقة مش هتصدقيها ….
ابتسمت بحزن وقالت:
-مظنش …مظنش يا مادونا …
صمتت قليلا ونظرت إلى مادونا وقالت بإرتباك:
-مادونا ممكن أطلب منك طلب …؟!
-عيوني يا حبيبتي اتفضلي …
فركت كفيها بقوة وقالت:
-ممكن تطلبي من اخوكي أنه يتجوزني !!!!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اسرت قلبه ) اسم الرواية