Ads by Google X

رواية في رحالها قلبي الفصل الثالث 3 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

 رواية في رحالها قلبي الفصل الثالث 3 - بقلم آية العربي 

الفصل الثالث بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .

اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء

الفصل الثالث من رواية في رحالها قلبي

❈-❈-❈

يقال أن الرجل يلتفت إذا رأى جمالًا ولكنه يتعجب إذا رأى اختلافًا وعفةً وينجذب إذا رأى غموضًا وخجلًا
ويقترب إذا رأى عفوية وطيبة ويميل إذا رأى لينًا وحنانًا
ويتعلق إذا رأى قبولًا ويخضع إذا رأى صدقًا 
ويحب إذا رأى ذكاءًا ويعشق إذا ابتسمت له كما لم تبتسم لأحدٍ من قبل 
ويهيم بها عشقًا إذا استطاعت إضحاكه 
ولكنه لا يبقى إلا إذا وجد سلامًا  . 

❈-❈-❈

توقفت بسيارتها أمام شركته وترجلت بعدما أدت تمارين ضبط النفس كي تهدأ وتستطيع محاورته  . 

دلفت من باب الشركة ووقفت تخبر الموظفة عن هويتها لترفع الأخرى الهاتف وتتحدث لثوانٍ ثم نظرت لها بهدوء وقالت : 

- تفضلي اصعدي إلى الطابق الخامس  ، مديرة مكتب السيد سيف في انتظاركِ . 

أومأت لها سارة وتحركت نحو المصعد بخطواتٍ واثقة وهي تعلم جيدًا كيف ستقنعه  . 

بعد قليلٍ وصلت واتجهت نحو مكتبه بعدما سألت أحدهم ثم دلفت تطالع مديرة مكتبه قائلة بهدوء  : 

- السلام عليكم  ،  أنا سارة المهدي جئت لمقابلة السيد سيف  . 

رفعت الموظفة رأسها تطالعها بثقب وتعجب من نقابها ثم تحدثت برسمية وهي تشير نحو المقعد  : 

- تفضلي هنا إلى أن يخرج العميل من الداخل  . 

أومأت سارة وجلست تنتظر خروج العميل كما أخبرتها هذه الفتاة التي اندمجت في عملها بعد ذلك  . 

❈-❈-❈

مرت الدقائق وبدأت سارة تشعر بالضيق لذا زفرت بحنق وتساءلت بعدما نظرت في ساعة يدها  : 

- لو سمحتِ هل سيتأخر ذلك العميل في الداخل  ؟ 

نظرت لها الموظفة بتعالٍ وهزت كتفيها تردف ببرود  : 

- لا أعلم  . 

تنهدت سارة تلف وجهها عنها حتى لا توبخها ثم بدأت تفكر وتمارس تمارين ضبط النفس إلى أن يخرج ذلك العميل المزعوم  . 

دقائق أخرى حتى قاربت سارة على النهوض والرحيل ليرن هاتف السكرتيرة فرفعته تجيب لثانيتين ثم أغلقت ونظرت إلى سارة تردف وتشير نحو المكتب  : 

- تفضلي السيد سيف في انتظاركِ  . 

قطبت جبينها بتعجب فالعميل المزعوم لم يغادر الغرفة ولكن ربمَا ما زال في الداخل لذا نهضت تتجه نحو المكتب وطرقت الباب بخفة فسمح لها لذا دلفت تتطلع حولها بعيون ثاقبة تبحث عن أي شخصٍ سواه فلم تجد لذا باغتته بنظرة غضب لمحها خاصةً وأنه تعمد تركها في الخارج وهذا ما أدركته الآن   ،  كاد أن يبتسم عليها ولكنه أتقن ارتداء قناع البرود وهو يشير نحو المقعد  : 

- تفضلي آنسة سارة  ،  ما سبب هذه الزيارة يا ترى؟  . 

تمالكت نفسها بصعوبة وقررت تجاهل قلة ذوقه معها وإلا فستوبخه وتغادر ولن تتحدث عن الأمر الذي جاءت من أجله لذا زفرت بقوة واتجهت تجلس على المقعد الذي لم يشير إليه في تحدٍ مغلفٍ منها ورفعت أنظارها تطالعه بغيظ تخفيه خلف عينين سوداويتين ثاقبتين قائلة بدون مقدمات  : 

- أختي تريد أن تحتفظ بجنينها  ،  وأنا جئت إليك كي أخبرك ألا تجبرها على إجهاضه  . 

- وإلا  ؟ 

قالها بعد ثانيتين تجاوز فيهما تعجبه من تدخلها في هذا الأمر الخاص إلا أنه كان سريع البديهة وتساءل بالعواقب التي تجهزها له هذه المسكينة  . 

ولكنه مخطئ هي لم تكن يومًا مسكينة لذا سلطت أنظارها عليه تردف بتحدٍ صريح  : 

- لا يوجد وإلا  ،  لأنه بالأساس أنت لن ترفض  ،  ستقبل بهذا الحمل  . 

تجلى الاندهاش على ملامحه وبات يريد معرفة مصدر هذه الثقة التي تتحدث بها لذا تساءل ساخرًا  : 

- هل جئتِ بعرضٍ كريمٍ لهذه الدرجة  ؟   

تحدثت بتريث وهدوءٍ وتعقل  : 

- نعم  ،  معي عرض لك  ،  ما رأيك أن تكن إنسانًا مسؤولًا تسجد لله شكرًا على نعمته التي يتمناها غيرك ويشتاق لها الكثير ،  ما رأيك أن تحمده على نعمة أنت لا تعلم قيمتها بعد  ؟  ،  ما رأيك ألا تألف النعمة كي لا تزول منك  ؟ 

تعمق في عينيها بصمتٍ باحثًا عن إجابة داخله فلم يجد لذا أطرق رأسه وسريعًا عاد يطالعها ويردف بنبرة هجومية كي يخفي تأثره  : 

- ألا ترين يا آنسة سارة أنكِ تتدخلين فيمَ لا يعنيكِ  ،  هذا الأمر خاصًا بي وبفريدة وحتى لو كنتِ شقيقتها هذا لا يعطي لكِ حق التدخل  . 

أومأت له تردف بثباتٍ كأنها تتوقع كلماته وجهزت الإجابة  : 

- نعم أعلم أن لا دخل لي  ،  ولكن هذا كان قبل أن تشاركني شقيقتي معاناتها وتطلب مني المساعدة  ،  وهذا يعني أنك تجبرها وتضعها تحت ضغطٍ ستحاسب عليه  ،  أنت تزوجتها بعقدِ زواج أقسمت فيه أن تعاملها معاملة حسنة وألا تحزنها  . 

للمرة الثانية يعجز عن مجابهتها بينما هي تنفست تتابع  : 

- أعلم أن بينكما اتفاقًا معينًا ولكن هذا لا يعفيك من الذنب فيمَا تود فعله  . 

زفر بقوة وقرر أن يتحدث بجدية بعدما كان ينوي الاستهزاء بها ولكنه اكتشف أن حجتها قوية وهذا عكس ما سمعه عنها لذا اعتدل في جلسته يتحدث بروية  : 

- أنظري أنا لم أخدع فريدة  ،  هذا كان شرط زواجنا وهي وافقت به وما أوله شرط آخره نور  ،  أليس كذلك  ؟  

طالعته بصمتٍ لعلمها أن شقيقتها أخطأت حينما قبلت بينما هو يتابع بنبرة رخيمة  : 

- أنا لست مستعدًا أن أصبح أبًا  ،  أعلم أنها نعمة وأعلم جيدًا أنها منة من الله ولكن يعلم الله أن لدي أسبابي الخاصة  ،  ولا تنسي أن شقيقتكِ وافقت ووعدت بألا تفعل . 

نعم هي تدرك خطأ شقيقتها الفادح لذا تنهدت تبحث عن حلٍ سريعٍ وتقول بهدوء  : 

- حسنًا لننظر للأمور بشكلٍ مختلف  ،  شقيقتي أخطأت ولكنها تحبك وأنت تحبها  ،  مهما كانت أسبابك ولكن وقع الأمر الخارج حدود إرادتكما لذا فيجب عليك أن تتقبل وألا تفعل شيئًا ربما بدى لك طبيعًا ولكن كن على يقين أنك مستقبلًا ستندم عليه  . 

بدأ يظهر عليه الضيق وأطرق رأسه يتنفس لذا نهضت تردف بنبرة هادئة قبل أن تغادر  : 

- حسنًا في النهاية هو قرارك فكر جيدًا  ،  فكر بمنظورٍ مختلفٍ عن أسبابك الخاصة ربمَا وجدت الحل  ، وأتمنى منك أن تكون مسؤولًا ولا تجبرها على فعل شيءٍ لا تريده   . 

تحركت بعدها تغادر وتركته يفكر  ،  يفكر في حديثها ثم يفكر من منظورٍ مختلفٍ عن أسبابه كما قالت هذه ال  ...  مختلفة  ؟ 

❈-❈-❈

مساءًا  . 

تجلس فريدة بتوترٍ ملحوظٍ خاصةً بعدما أخبرتها سارة بمَ حدث وغادرت منذ قليل  . 

لم تكن تريد أن تتدخل سارة في الأمر ولكن حدث ما حدث ولم يعد لإلقاء اللوم فائدة  . 

يكفيها أن يتركها تحتفظ بصغيرها وليته يقتنع  . 

وحوش القلق والترقب تهاجمها وهي تنتظره خاصةً وأنه لا يجيب على اتصالاتها  . 

دقائق مرت حتى سمعت صوته من الأسفل فنهضت تفكر هل تنزل له أم تنتظره هنا  . 

لم يدم تفكيرها طويلًا حيث قررت انتظاره كما هي ولكنها أسرعت كالعادة نحو المرآة لترى هيئتها قبل أن يصعد  . 

دقيقة أخرى مرت حتى وجدته يقف أمامها حيث ألقى السلام وبدأ يخلع ثيابه فانتعش داخلها الأمل مجددًا حيث لم يذكر موضوع الإجهاض  . 

تحركت نحوه وطالعته بتوتر ثم تحدثت وهي تفرك كفيها ببعضهما  : 

- سيف هل أنت غاضب مني  ؟ 

تجرد من ملابس عمله واعتدل يطالعها لثوانٍ كانت كفيلة لكتم أنفاسها وأخيرًا نطق بنبرة هادئة  : 

- نعم فريدة  ،  غاضبٌ منكِ ولكن هذا لا يعني أنني سأتعامل معكِ بنبلٍ خاصةً مع وضعكِ هذا  . 

تعجبت وضيقت عيناها تطالعه باستفهام فتحدث بنبرة جادة  : 

- أنا فكرت وسأترككِ تحتفظين بالحمل  ،  ومن بعد الآن سينقلب الوضع  ،  فبدلًا عن إجهاضه دعيني أخبركِ أمرًا  . 

انحنى عند أذنها وهمس بنبرة خافتة ولكنها تحمل تهديدًا أرعبها بالرغم من أنها لن تفعل  : 

- إياكِ أن يصيبه أذى  ،  إياكِ أن تغادري من المنزل بدوني  ،  وإياكِ يا فريدة مرة أخرى أن تطلعي الغير على أسرارنا مثلما فعلتِ اليوم  . 

ابتعد عنها فوجد وجهها شاحبًا تمامًا حتى أنها لم تسعد بخبر بقاء جنينها ليبتسم كأنه شخصًا آخر ورفع يداه تربتان على وجنتها بخفة ثم تابع بنبرة حنونة تناقض تمامًا ما يقوله  : 

- لا تجعليني أتعامل معكِ بالطريقة التي ستكرهينني فيها  . 

قالها وسحب رأسها يقبل جبينها ثم تركها وتحرك نحو الحمام ووقفت تحدق بأثره وتعيد حديثه في عقلها  ،  هي لن تؤذي جنينها ولكن وقع كلماته على قلبها مخيفًا   .

غموضه وعدم فهمها لشخصيته يجعلانها تخشاه بالقدر الذي جعلها لم تعد تشعر بمذاق السعادة . 

❈-❈-❈

بعد شهرين 

انتهت سارة من جولتها مع فرستها وترجلت من فوق ظهرها تدلك رقبتها كشكرٍ لها على هذه السعادة ثم تحركت تودع علي الذي أوقفها قائلًا  : 

- آنسة سارة ثانية لو سمحتِ  . 

توقفت سارة وتساءلت بعينيها ثم نطقت بهدوء  : 

- نعم يا علي  ،  هل هناك أمرٌ ما  ؟ 

تحمحم علي ولا يعلم لمَ هاجمه التوتر الآن ولكنها فرصته وإلا فقدها فهي لن تسمح بلقاءٍ خارجي بينهما لذا تحدث بنبرة متخبطة من شدة توتره  : 

- كـ  كنت أريد زيارتكم أنا ووالدتي   . 

تجمدت لثوانٍ في مكانها تطالعه ببلاهة كأنها لم تفهم ثم أُنير عقلها وأدركت مقصده لذا أخفضت بصرها بتوتر وتلعثمت متعجبة من حالتها ومن هذا الموقف برمته ثم قالت قبل أن تغادر  :

- حسنًا سأبلغ أمي وأخبرك  . 

غادرت بعدها ولأول مرة لا تعلم هل جوابها كان صحيحًا أم كان يجب عليها أن ترفض  . 

علي  ؟  ،  علي نفسه صاحب هذا المكان ومالك هذه الخيول يريد طلب يدها  ؟ 

حسنًا ربمَا هي تعامله برسمية ومعاملة رسمت لها حدود صريحة ولكن على ما يبدو أن الأمر مختلفًا تمامًا بالنسبة له  . 

الآن فقط صدقت حدسها حينما كانت تقرأ تعليقاته وتشك  ،  وحينما كانت تلاحظ نظراته وترفض التصديق  ،  الآن فقط باتت شبه متأكدة من أنه  ...  يحبها  ؟ 

غادرت بسيارتها وقبل أن تعود للبيت قررت الذهاب إلى فريدة لتراها وتشاركها ما حدث فهي باتت مشتتة حائرة ينبض قلبها بصخب ولكن ليس فرحًا وإنما توترًا  . 

❈-❈-❈

كانت فريدة في هذا الوقت تلج من حمامها بعدما أفرغت مافي معدتها  . 

الآن تعيش شهور الوحم المتعبة وما يزيد تعبها أن سيف أصبح جديًا تمامًا معها  . 

في ظاهر الأمر هو يعاملها معاملة حسنة ويعطيها الدواء والغذاء ولكنه أيضًا أصبح غامضًا أكثر  ،  أصبح منشغلًا عنها أكثر  ،  أصبح جادًا معها أكثر وهذا مالا تتحمله  . 

الآن أدركت لما هددها بسلامة الجنين  ،  لأنه يعلم أنها ستندم على هذا الحمل وهذا بالفعل ما يحدث الآن معها  . 

هي نادمة على اتخاذها هذا القرار دون الرجوع إليه أولًا  . 

كان عليها أن تحاول إقناعه قبل وضعه أمام الأمر الواقع فهي تعلم أنه يكره القرارات الطرفية  . 

وتعلم أيضًا أنه يكره تدخل الغرباء فيمَ بينهما خاصةً عائلتها وهذا أيضًا كان من ضمن الشروط التي وافقت هي عليها ونقضتها حينما أدخلت سارة في الأمر  . 

في نهاية الأمر وبعدما خططت لتنتشل السعادة من هذه الأيام وجدت أنها لم تزد حزنها إلا حزنًا جديدًا عليها  . 

لقد تزوجت بـ سيف لينتشلها من الحياة الروتينية التي كانت تعيشها إلى حياة الثراء والبذخ ولكن يبدو أن المال وحده لا يصنع السعادة  . 

أجفلت حينما رن جرس الباب لتتجه بخطواتٍ متمهلة تفتح الباب حيث وجدت سارة أمامها  . 

وقفت تطالعها بعيون مرهقة بينما لاحظت سارة ذبول ملامحها واصفرار بشرتها لذا تساءلت بقلق وهي تدلف   : 

- ما بكِ يا فريدة  ؟  ،  هل أنتِ بخير  . 

أومأت فريدة وتحدثت بابتسامة باهتة وهي تتحرك معها نحو الأريكة  : 

- نعم سارة بخير لا تقلقي  ،  هي فقط شهور الوحم المقرفة  . 

رفعت سارة نقابها ثم تحدثت بروية   : 

- أجل حبيبتي  ،  إن شاء الله تمر ويقر الله عينيكِ بصغيرك وهو في صحةٍ جيدة  . 

- آمين  . 

تحمحمت سارة ونظرت إلى فريدة تردف بترقب  : 

- فريدة حدث معي شيئًا أريد أن أخبركِ به  . 

ترقبت فريدة السمع فتابعت سارة بتوتر ووجهٍ تشبح بالحمرة  : 

- تعلمين أنني أذهب لركوب الخيل ،  وهناك يتعامل معي صاحب المكان بنفسه  ،  بعد أن بدأت التعامل معه بفترة قليلة لاحظت أنه يتعامل معي هو  ، نعم أحيانًا أتعجب خاصة وأنني أرى الكثير من الفتيات يتعامل معهن العمال لديه ولكن برغم ذلك قذفت تلك الأفكار من رأسي وتعاملت بتجاهل  . 

أومأت فريدة تحثها على المزيد فتابعت سارة  : 

- اليوم هو أخبرني برغبته في زيارتنا  ،  ينوي التقدم لي  . 

انفرجت ملامح فريدة وتجلت الدهشة عليها وهي تتمسك بكفي سارة وتردف بفرحة واضحة  : 

- هذا جيد جدًا يا سارة  ،  يبدو أنه يحبكِ  ،  وماذا أخبرتيه  ؟ 

توترت سارة مجددًا لا تعلم السبب وتحدثت تميل برأسها  : 

- لا شيء  ،  قلت له سأخبر أمي وأبلغه  ،  ولكنني متوترة وخائفة  . 

شجعتها فريدة بعدما زال وهنها وتحدثت بنبرة حماسية  : 

- لما الخوف يا جبانة  ، يبدو أنه رجلٌ نبيل لم يركِ أبدًا وبرغم ذلك أحبكِ ويريد الارتباط بكِ  ،  هيا على الفور اتصلي على أمي وأخبريها لنحدد موعدًا ونخبره  . 

تعجبت سارة من حماس شقيقتها وتحدثت بنبرة هادئة  : 

- اهدئي يا فريدة ما بكِ  ،  أراكِ متحمسة أكثر مني  ،  أقول لكِ أنا لا أعلم عنه أي شيء  . 

تحدثت فريدة بنبرة تبريرية متساهلة  : 

- وما فائدة الخطبة إذًا يا نابغة عصركِ  ؟  ،  لكي تتعرفان وتتحدثان وتدرسان بعضكما  ،  هيا سارة هاتفي أمي  . 

قالتها فريدة تحثها على الإسراع وحينما وجدت سارة ساكنة متوترة دست يدها في جيب سروالها وأخرجت هاتفها تقول وهي تعبث به  : 

- حسنًا دعيني أحدثها أنا  . 

حاولت سارة منعها ولكن تصميم فريدة وفرحتها كانا جديدين عليها وثوانٍ حتى فتحت سعاد الخط تردف بحنان  : 

- فريدة ابنتي كيف حالك يا قلب أمكِ  . 

تجاهلت فريدة سؤال سعاد وتحدثت بحماس  : 

- أمي اسمعيني  ،  هناك أحدهم طلب من سارة أن تأخذ موعدًا منكِ كي يأتي ويطلبها  ،  هيا حددي لنا موعدًا وسارة الآن بجانبي  . 

نظرت لها سارة بلومٍ بينما تعجبت سعاد مما سمعته وتساءلت بترقب  : 

- من هذا ؟  ،  ولمَ لا تخبرني سارة بنفسها  . 

كانت نية سعاد بريئة من شك فريدة الذي جعلها تحبط وتتجهم ملامحها ثم أطرقت تقول بهدوء بعدما فقدت حماسها  : 

- لا أمي أنا فقط أردت أن أبشركِ  ،  حسنًا سارة معكِ الآن تحدثي إليها  . 

أسرعت تناول الهاتف إلى سارة التي لاحظت تغيّر حالتها المزاجية لذا زفرت وتحدثت إلى سعاد بنبرة هادئة ومتوترة في آنٍ واحد  : 

- نعم أمي  ،  الأمر فقط أن ذلك الشاب صاحب الخيول وجدته يخبرني اليوم بعدما انتهيت من الركض أنا ورشيدة بأنه يريد أن يحضر والدته ويقومان بزيارتنا  ،  وأنا جئت إلى فريدة كي أتحدث معها بشأنه  ،  تعلمين أن هذه الأمور توترني  . 

نظرت فريدة إلى سارة وهي تتحدث وشعرت بالغيرة الخفية داخلها  ،  دومًا هي مندفعة في قراراتها بينما الأخرى هادئة تستطيع إقناع من أمامها برويتها وتعقلها  . 

ابتلعت فريدة لعابها وسحبت إحدى الوسائد تضعها بين يديها وتنظر نحو سارة بشرود بينما الأخرى تستمع إلى حديث والدتها وعيناها منكبة على وجه فريدة الذي بدأ يتجهم  . 

❈-❈-❈

بعد يومين 

وبعدما تم تحديد الموعد  . 

ها هما سعاد وسارة تساعدان بعضهما في تنظيف المنزل  . 

تساءلت سعاد بتوتر ممزوجٍ بالفرحة  : 

- سارة هل أعددتي الشوكولاتة والكيك  ؟ 

تعجبت سارة تنظر لوالدتها باندهاش وتقول  : 

- ما بكِ يا سعادة هذه رابع مرة تسألينني عن الشوكولاتا والكيك  ؟  ،  أراكِ متوترة أكثر مني  ،  ماذا ستفعلين ليلة زفافي إذا ؟. 

تجمعت الدموع في عيني سعاد لذا رفعت يدها تلوح في الهواء أمام عينيها لتزفر بقوة وتقول بنبرة حنونة وقلبٍ منفطر  : 

-  أوه يا إلهي سأبكي  ،  لا أعلم حقًا ماذا سأفعل يوم زفافكِ ولكنني سأفرح بالتأكيد  ،  حسنًا سأفرح وأحزن أيضًا  . 

هاجمتها الدموع بضراوة فبكت سعاد لذا أسرعت سارة تخطو إليها وتعانقها عنوةً بقوة ثم تحدثت بنبرة مرحة كي تخرجها من حالتها  : 

- حسنًا يا سعادة ما رأيكِ أن نجعلها خطبة أبدية  ؟  ،  أنا بالأساس لا أود الابتعاد عنكِ  ،  من هذا علي ليأخذني منكِ  ،  أنا فقط سأستدرجه لأسرق منه رشيدة ثم سآخذكِ وآخذها ونهاجر دون رجعة  . 

صفعتها على كتفها كالعادة وهي تبتعد ثم قرصتها من أذنها تردف موبخة بمرحٍ استطاعت سارة جلبه  : 

- رشيدة من والناس نيام  ؟  ،  الرجل سيعطيكِ قلبه وأنتِ ستتلاعبين به وبخيوله ؟ ،  يا إلهي صبرني على هذه الابنة اللعوبة  . 

دلكت سارة أذنها وقالت بملامح منكمشة   : 

- ما بها يدكِ يا ست الكل أصبحت ثقيلة هكذا  ،  نحن نمزح فقط  ،  ولكن الحق علي أقف هنا أثرثر معكِ وأترك التحضيرات والعريس ووالدته شارفا على الوصول  . 

تحدثت سعاد وهي تضع التحف مكانها بدقة  : 

- نعم  ،  وأيضًا فريدة وسيف على وصول  . 

تجمدت سارة ونظرت لوالدتها بصدمة متساءلة  : 

- فريدة وسيف  ؟  ،  لمَ سيف يا أمي  ؟   ،  هل هو من بقية عائلتنا  ؟ 

التفتت سعاد تطالعها بحدة وقالت بجدية وثبات  : 

- نعم هو أصبح كذلك  ،  زوج شقيقتكِ وسيصبح والد طفلها وأيضًا أنا لا أعرف سواه  ،  يجب أن يكون بيننا رجلًا  ،  هل أحضر رجلًا من الشارع وأترك زوج شقيقتكِ  . 

زفرت سارة بضيق ولكنها لم تعترض بل أومأت وتحدثت بهدوء يحمل ضيقًا بعدما تعكر صفوها  : 

- حسنًا سعادة كما تريدين  . 

❈-❈-❈

في سيارة سيف 

يقود متجهًا هو وزوجته إلى منزل سعاد  . 

تجاوره شاردة حيث باتت تشعر بثقل وضيقٍ يعتلي صدرها وباتت نبضاتها غير منتظمة  . 

وبرغم حملها إلا أن وزنها ضعيفًا كما هي بل ازدادت شحوبًا فوق شحوبها  . 

دومًا تبغض الأطباء ولولا حملها ومتابعتها لما ذهبت للطبيب النسائي  . 

لاحظ سيف صمتها وشرودها لذا تساءل بعدما ألقى عليها نظرة  : 

- ما بكِ فريدة  ؟ 

انتبهت له لذا التفتت تطالعه ثم اعتدلت تتحدث بهدوء  : 

- لا شيء  ،  أنا بخير  . 

مط شفتيه ثم طرأ على عقله سؤالًٍا ما لذا تحدث قائلاً  : 

- هل ذلك الشخص موثوقٌ فيه ؟ 

- تقصد من  ؟ 

تساءلت فريدة بتعجب فتابع وعيناه على الطريق  : 

- أقصد هذا العريس  ،  هل سألتُن عنه  ؟  ،  أم سيأخذ الصبية هكذا دون سؤالٍ أو جواب  . 

تملكها الغضب والغيرة معًا لذا تحدثت بتجهم  : 

- ولم تهتم  ؟  ،  هو بالأساس صديق سارة وهي تعرفه جيدًا  . 

- صديقها  ؟ 

ضيق عيناه متسائلًا بتعجب فتابعت فريدة بغيظ  : 

- نعم صديقها  ، تعرفه منذ عامٍ تقريبًا وتذهب عنده دومًا لركوب الخيل  . 

مط شفتيه متعجبًا من تصريحات فريدة التي تؤكد له أن ملابس سارة ونقابها ما هي إلا واجهة للجذب فقط  . 

وهنا طرأ على عقله سؤالًا آخر فسأله مستفهمًا  : 

- وهل رآها من قبل  ؟ 

التفتت تطالعه لثوانٍ وقد اشتعل قلبها لذا عاد ضميرها ينهشها وقالت بهدوء تخفي بين طياته صراعًا نفسيًا  : 

- رآها أو لم يرها لا أعلم  . 

- كيف هذا يا فريدة  ؟  ،  بالفعل يجب أن يكون قد رآها ليطلب يدها  . 

نطقها عن قناعة  ،  فقناعاته أن جمال الملامح هي الخطوة الأولى لاستقطاب أي رجل لذا تحدثت بضيق خاصةً وأنها تعلم جيدًا أن هذا ما جذبه لها  : 

- حسنًا سارة ملامحها عادية  ،  لذا أعتقد أنه أحبها حقًا سواءً كان رآها أم لا  . 

أومأ مرارًا وتكرارًا وأكمل قيادته بتساؤلات  ،  كيف يكون الحب  ؟  ،  وكيف للإنسان أن يقع في حب شخصٍ لم يره  ، وكيف للرجل أن يعشق امرأة ملامحها  ...  عادية  ؟  .

يتبع  ...

  •تابع الفصل التالي "رواية في رحالها قلبي" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent