رواية ما لا تبوح به النساء الفصل الخامس 5 - بقلم عبير حبيب
الفصل الخامس
"عنق الزجاجة"
اعتقدت سلمى أن ما حدث هو بداية لحياة وردية كانت تتمناها، ولكن الوازع الأخلاقي والديني الذي تربت عليهم كان أشبه بكابوس، كلما شعرت بالسعادة وذهبت لتنام إلتف ذلك الكابوس حول جسدها وكأنه يفتك بها ليقول أستيقظي وكفاكي هراء ماذا تفعلين بالله عليكِ أنتِ أم لطفلين وزوجة لرجل كل ذنبه أحبك ووثق بكِ... اااااآه من ذلك العذاب ألم الضمير لا يعادله أي ألمً آخر أنه كالنار في الهشيم لا يتوقف كلما أدرت له ظهرك وجدته أمامك يحذرك، يحذرك من القادم كم سيكون مرعبًا، مؤلم مهما كانت قوتك لن تستطيع احتمال هذا الألم.. .. أزاحت سلمى ذلك الغطاء الذي كانت تلف به جسدها لتهرب من الفراغ..امسكت هاتفها لتعي أن أذان الفجر سيقام الآن، ذهبت لتتوضاء وبعد أن أنتهت ارتدت إسدالها الأبيض المنقوش بالورد البنفسجي الصغير وقد لملمت شعرها الحريري المسدول لمنتصف ظهرها أنتهت بسرعة ليكون زيها الشرعي قد أكتمل.. تابعت سلمى
سلمى: في اليوم دا صحيت وقت آذان الفجر... كنت حاسة فرحتي بحمزة مخنوقة، حاجة ماسكها مانعاها تكمل قمت أتوضى وأصلي الفجر أكيد راحتي مع ربنا هو العالم بالقلوب.
أول ما فرشت مصليتى ووقفت عشان أصلي، لاقيتني بنهار بالبكاء ببكي بإحتياج كنت بقول يا رب يا رب أنت عالم بيا أنا أنسانة ضعيفة يا رب سامحني.
يا رب أنت إللي زرعت حبه في قلبي رغم كدا حاسة إني بغضبك أو مش مقدرة النعمة إللي أنا فيها، يا رب أنا حمداك دايمًا وهحمدك في كل وقت بس قلبي.. قلبي مش بأيدي سبحانك يا مقلب القلوب ازاى دخلت حبه قلبي وازاى دلوقتي ببكي بين إيديك عشان تغفرلي.. أنا ضميري هيموتني، بحبهُ ايوا بس خايفه منك هتكون رحيم بيا ولا هترفع غطاء سترك عني ولحد أمتى هتفضل ساترني؟ متسبنيش أغوص في ذلات الشيطان خليك معايا يا رب خليك معايا.
أكملت سلمى صلاتها من ثم أتجهت إلى مرآيتها تنظر إلى عيناها بعد أن تضخمتا من كثرة البكاء أحست وكأن وجهها يحترق من شدة سيلان دموعها.. دعت الله كثيرًا أن يغفر لها ولا شيء آخر.
جنى بعينان تملأها الدموع
جنى: ليه عملتي في نفسك كدا يا سلمى لما أنتِ عارفة إنك ضعيفة أوي كدا من جواكِ، خايفه من ربنا أوي
طب كملتى ليه؟
كل حاجة كانت في إيدك من البداية، حتى حمزة بإيدك قربتيه منك وإدتيه الفرصة،
جوزك كان في إيدك وأنتِ إللي ادتيه الفرصة يبعد، محدش قلك تتحملي ٨ سنين من غير ما تشتكي ولا تاخدي موقف أنتِ لو كنتِ حسستية أن الأهتمام مهم بالنسبالك كان هيهتم.
سلمى: لا طلبت كتير قولتله أهتم بس هو زي ما هو بيهتم ساعة وينسى ٢٣ ساعة
جنى: بتضحكي على نفسك أنتِ واحدة جبارة..لو كنتِ خدتي موقف روحتي بيت أهلك، دخلتي بينكم حد كانت الدنيا اتعدلت، عارفة ليه؟ عشان هو أصلًا بيحبك وبيعمل كل حاجه ليكي، هو مش شايف غيرك أنتِ وأولاده وشغله يعنى مبصش لوحده تانية، مقهرش قلبك يا سلمى.
سلمى: وأي إللي مخليكي واثقة أن مبيخونيش هو راجل زي كل الرجالة عينهم إللي بتحركهم بنظره يضعف ويتحول وما أكثر النساء.
جنى: أنتِ شايفه سليم كدا؟
سلمى: أنا شايفاه راجل زي باقي الرجالة.
تابعة ودموعها تنهمر عارفة يا جنى نفسي يطلع بيخوني عشان أقدر أسامح نفسي، عمرك شوفتي ست عايزة جوزها يخونها؟
أنا أتمنى يعمل كدا مش هزعل بالعكس هحس قلبي ارتاح شوية من عذاب الضمير تقدري تقولي.. تبقى واحدة بواحدة.
جنى بحزن مكتوم: حبتيه أوي كدا معقول؟!
عندك بيت وأولاد جوزك وأهلك عرفتي تلاقيله مكان في قلبك؟
سلمى بأبتسامة باردة: حمزة خد نص قلبي.
كل إلى قولتي عليهم في نص وهو نص لوحده الحب مش عدد يا جنى كام واحد دخل قلبنا حبناه وكام واحد كرهناه هيخرح لا لا لا لا هو مكنش ينفع مكان يساعو غير النص دا.
جنى: أنتِ قاسية أوي يا سلمى.
سلمى: ممكن أكون قاسية بس مش على حد مني، أنا قاسية على نفسي وبس علشان كل ما ادوقها حاجه حلوة أعقبها وأشربها قهوة مره.
جنى: معقولة حمزة بقى السكر وضميرك بقى بن مر؟!
سلمى: عارفة ليه مكملة معاكِ كلام لحد دلوقتي؟
جنى: ليه يا ستي؟!
سلمى: علشان عرفتي تدخلي جوايا وتفهميني، حمزة عمل زيك يا جنى.
جنى: شهادة اعتز بها من ست جاحدة زيك ههههه.
سلمى: حمزة يقول مفيش أي إحساس وأنتِ تقولي جاحدة في أي تاني.
جنى: هههههههه متزعليش.. .كملي.
فضلت لساعة ٣ العصر قافلة الإنترنت كنت بحاول أرجع سلمى بتاعت الأول بعد إللي حصل ساعة صلاة الفجر.
مسكت تيلفوني قعدت أقلب في الصور بتاعتنا وأفتكر كل حكاية وراء كل صورة وأضحك زي ما أكون هونت على نفسي من غير ما أحس لقيت نفسي.. فتحت الإنترنت بصالح قلبي هههههه.
شافني"متصلة" بعت.
حمزة: كنتِ فين قافلة من أمبارح ليه؟
سلمى بأستسلام: موجودة بس كنت بخلص كام حاجة مع ولادي.
حمزة باستغراب شديد: مع مين؟ ولادك؟
سلمى: ايوا ولادي!!
حمزة: أنتِ متجوزه؟
سلمى: بتهزر يعني متعرفش؟
قاطعتها جنى: طب مشفش صورة صفحتك الشخصية ولا بياناتك؟
سلمى: وقتها كنت حاطه صورتي وقافلة صفحتي عشان محدش غريب يقدر يتصفحها.
جنى: تمام، كملي.
حمزة يكمل: هعرف منين أنتِ بتنزلي لوحدك وميبانش عليكِ الجواز.
سلمى: إللي هو ازاى؟
حمزة: أقصد واخده بالك من شكلك وجسمك وشكلك صغير عشان كدا متخيلتش أنك متجوزة.
سلمى: مجاملة لطيفة.
حمزة: شكلك أتجوزتي صغيرة؟
سلمى: مش أوي كان عندي ٢٢ سنة.
بقالي ٨ سنين متجوزة ومعايا ولدين "زين ويزيد"
حمزة: ما شاء الله ربنا يحفظهم.
سلمى: وأنت متجوز صح؟
حمزة: لا خطبت قبل كدا مرتين ومحصلش نصيب.
سلمى: عندك كام سنة؟
حمزه: ٣٢ أكبر منك بسنتين بس.
سلمى: آه فعلًا، بشوف العمر مجرد رقم.
حمزة: أكيد، سلمى هو جوزك هنا؟
سلمى: لا مسافر، دولة عربية.
حمزة: بتحبيه؟
سلمى: أكيد بحبهُ.
حمزة: متأكدة أنه حب مش عشرة؟
سلمى: بص يا حمزة أي حب ينتهي بمجرد الجواز لكن العشرة هي إللي بتكمل.
حمزة: ازاي دا الحب يكبر بعد الجواز.
سلمى: بيضحكو عليك هههههه.
الحب حالة بنعيشها مفيهاش أي إلتزامات، هي مشاعر جميلة تتحكم فينا وتسيطر علينا وبس، لكن الجواز مسؤولية كله إلتزامات ليك وعليك هنا بقى الحب بيتحول لعشرة وعشان تبقى عارف العشرة أقوى من الحب، بتخليك كل ما تعمل غلط ترجع تحاسب نفسك لكن الحب من موقف واحد ممكن يغير مكانتك أو يشيلك خالص وتبقى عدو.
حمزة: أقنعتينى.
سلمى: كنت بحاول أوضحلك مش أكتر، مبتفكرش ترتبط؟
حمزة: أكيد كان بيجي على بالي لحد ما كلمتك
هكون بضحك على نفسي لو حاولت أرتبط بحد وأنتِ معايا.
سلمى: معاك أى أحنا مجرد اتنين بيتكلمو كأصدقاء مع أني مش مقتنعه بالمسمي دا بس بحاول.
حمزه بأستهزاء: أصدقاء؟؟
أصدقاء أى يا سلمى مصدقة إللي بتقوليه أنا مش شايفك كدا أنا شايفك حبيبه وحده حبيتها.
سلمى: أنت مجنون بقولك متجوزة مفيش الكلام دا
من فضلك يا حمزة مش هينفع نتكلم تاني.
حمزة بغضب: هو بمزاجك تدخليني حياتك وبمزاجك تخرجينى هو في أى أنتِ ازاي كدا تقلبي فجاءة وتطلعيني كأن مليش حق الرد، على فكرة يا سلمى لو بعدتي مش هينفع تقربي تاني ابدًاااا مبعرفش أعيش إحساس وأتعامل بعكسه، يعني لو حبيتك بحبك وبس مينفعش تبقي صديقة ولا أخت عندي أخوات.
اشتعل جسد سلمى غضبًا من ثم همت قائلة:
سلام يا حمزة.
* * *
من أشرس الحروب التي تقع على النفس البشرية
"عقل يخاف الواقع والعواقب قلب يذوب حبًا ويعشق المغامرة"
•تابع الفصل التالي "رواية ما لا تبوح به النساء" اضغط على اسم الرواية