Ads by Google X

رواية اسرت قلبه الفصل التاسع 9 - بقلم سوليية نصار

الصفحة الرئيسية

  

 رواية اسرت قلبه الفصل التاسع 9 -  بقلم سوليية نصار

(رفض )

أغمض عينيه وصوتها ينسل داخل روحه ….لقد ظن أنه خسرها للابد …ابتلع ريقه وهو يتنهد بقوة ….وهو يقول :

-مياس…مياس …

علي الجانب الآخر انفجرت الدموع من عينيها وهي تقول :

-معاذ …ابوس ايديك تعالى خدني من هنا ….تعالى يا معاذ …عمي عايز يجوزني ابنه غصب عني …عايز يفرض رأيه عليا ….

ازدادت دقات قلبه وشعر بدمه يغلي….كيف يجرؤ على التفكير اصلا بهذا ….


-وانتِ اللي وداكي عنده اصلا يا مياس؟!

-لان محدش كان معايا ..لانك المفروض اللي كنت اخويا بعدت عني …حتى جنازة خالتك محضرتهاش…مكانش عندي اي حد غير عمي …

أغمض عينيه بيأس وقال:

-عشان أنا حبيتك !!!

-ارتجف صوتها وهي تقول :

-لو سمحت متكررش الكلمة دي تاني …ميصحش كده …انت متجوز !!!

-متجوز صحيح بس مبحبهاش …أنا بحبك أنتِ وبكلمة منك بس هطلقها ونتجوز

أغمضت مياس عينيها بيأس …لقد اخطأت بالإتصال به….اخطأت عندما فكرت أنه سوف يساعدها

تنهدت بيأس وقالت:

-انا غلطت …مكانش لازم اتصل بيك يا معاذ ….افتكرت انك هتساعدني لاني من دمك وهتنجدني …بس انت عايز حاجة معينة وانا بعتذر …مقدرش اكسر قلب واحدة ملهاش ذنب وقولتها وهقولها تاني …أنا مش شايفاك الا اخويا …متقلقش أنا هقدر اساعد نفسي ….وبعتذر لو ازعجتك …أنا عن نفسي مش هزعجك تاني ….سلام !!!!

ولكنها قبل أن تغلق معه صرخ بها:

-متقلقيش السكة !!

توقفت لبرهة على أمل أن ينسى كل هذا الهراء ويساعدها ….تنهد معاذ وحك رأسه بتوتر وقال:

-طيب قوليلي اساعدك ازاي …اعمل ايه ؟!

-عايزاك تيجي تاخدني من بيت عمي … عايزاك تكون جمبي الفترة دي لحد ما اقدر اعتمد على نفسي واقف على. رجلي وبعدين انا بخليك من مسؤوليتي للأبد ….هتساعدني يا معاذ….

هز رأسه بدون تردد وقال:

-اكيد هساعدك …أنا هحجز واجي اسكندرية فورا واخدك من هناك ….ومحدش هيقدر يمنعني !!!

………

أغلق الخط بإبتسامة ….كان يطير من السعادة حقاً …لقد فقد الامل أن تلجأ إليه ولكن ها هي فريسته تقترب منه…سوف ينالها…سوف يتزوجها …لن تفلت من يديه مجددا…تلك هي حبيبته …ملكه هو فقط ….

اخذ يدور حول نفسه وهو يغني بسعادة …توقف فجأة وهو يرى زوجته تنظر إليه بتوتر كعادتها…ابتسم وهو يقترب منها انكمشت على نفسها وهو يقترب منها ….ابتسم بلطف وقال:


-متقلقيش مش هضربك النهاردة خالص ….أنا النهاردة سعيد …..سعيد اووي يا مياس….

ثم جذبها نحوه وهو يرقص معاها بسعادة وقال:

-مياس الحقيقية قربت تدخل حياتي …مش هيبقى ليه لازمة تمثلي انك هي …مش هجبرك تلبسي عدسات تاني …ولا كمان هيكون فيه باروكة …هي هتكون هنا ….مش هتحتاجي تمثلي انك هي مرة تانية …..

تنفست عهد براحة وقالت بلهفة :

-يعني ..يعني هتطلقني خلاص …

نظر إليها بلوم مصطنع وقال:

-لا طبعا يا بيبي أنا مش هسيبك …هتبقي معانا في البيت بعد ما نتجوز …على الأقل عشان تخدمينا……

اكتسى وجهها بالإحباط …كانت تتمنى حقا أن يتركها وشأنها ….قبلها معاذ على وجنتها وقال:

-يالا يا بيبي بقا أنا هجهز نفسي عشان اسافر …متحاوليش تلعبي من ورايا وتسيبي البيت وتروحي لوالدتك …أنتِ عارفة انا ممكن اعمل ايه …

ارتجفت والدموع تتساقط من عينيها وقالت بنبرة مرتجفة:

-حاضر …حاضر …

-شاطرة يا بيبي …

قالها ضاحكاً ثم خرج من المنزل لتهرع هي إلى غرفتها وتتنفس بعنف وهي تضع كفها على قلبها …هذا المجنون المختل. …لن يتركها وشأنها…ليتها لم تتزوجه ..لو تعرف أنه بهذا الاختلال العقلي لم تكن لتتزوجه …نظرت إلى غرفة النوم الخاصة بهما وهي ترى صور عديدة لمياس …تلك المرأة التي يعشقها زوجها بهوس لدرجة أنه جعلها نسخة عنها رغماً عنها …أجبرها على ارتداء العدسات الطبية طوال الوقت لتصبح عينيها زرقاء …جعلها تصبغ شعرها ولكنه عندما لم ترضيه النتيجة أجبرها على ارتداء الشعر المستعار … أجبرها على اتباع حمية قاسية ليكون جسدها مثل جسد مياس…لم يدعوها ابدا بإسمها الاصلي …دوما يخبرها أنها مياس ..أجبرها أن تتصرف كمياس….كم تتمنى أن تتحرر منه …أنها تشفق على مياس لأنها سوف تكون في حياة تلك المختل !!!!

……..

-عايز اعرف ايه اللي مبعوت على الميل ده يا نوال ؟!

قالها صالح وهو يجلس على كرسيه براحة بينما يتفحصها جيدا ….

حافظت هي على ملامحها ثابتة وقالت بهدوء شديد :

-زي ما حضرتك شوفت يا فندم …أنا بقدم استقالة …..


-ليه؟!

قالها متسائلاً لتنظر إليه بحرقة وتقول :

-ليا أسبابي الخاصة ….

لمعت عينيه البنية وهو ينظر إليها ثم نهض واقترب منها …ترجعت بتوتر وهي تقول بإرتجاف:

-ممكن حضرتك تقف ؟!…انت ليه بتقرب مني ؟!

-أنتِ خايفة من ايه ؟!مني …ولا من مشاعرك ناحيتي …خصوصاً بعد ما ارتبطت بهبة. ..

احمر وجهها من الغضب وقالت :

-وأنا مالي ترتبط ولا تتجوز …. وبعدين أنا مفيش مشاعر جوايا ناحيتك خالص …أنا هتخطب لسيف …..

-بتحبيه؟!

-دي حاجة متخصكش ..

قالتها بإندفاع فرد مبتسماً وهو يحاصرها أكثر :

-خايفة من ايه يا نوال …خايفة تعترفي انك بتحبيني…خايفة تقولي انك عمرك ما حبيتي سيف …خايفة تقولي الحقيقة دي صحيح …

-لا مش صح …أنا بحب سيف …

-أنتِ كدابة …أنتِ بتحبيني أنا …باين من نظراتك وغيرتك وهروبك مني …قوليلي ازاي هتتجوزيه وفي قلبك واحد تاني …هترتاحي ازاي وأنتِ بتبصي في عيونه بس عينيكي مش شايفة غيري انا …فاكراه لما يكتشف هيكون مبسوط يا نوال…صحيح لو سيبتيه دلوقتي هيزعل بس كمان لما في يوم من الايام يكتشف أنه مش الراجل اللي كان في قلبك وعقلك هينتهي خالص ويتدمر …أنتِ عايزة كده ……

انفجرت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه بعجز …كان الذنب يقتلها من الداخل…انها تموت حقاً…كيف سمحت لمشاعرها بأن تنجرف…كيف سمحت لنفسها أن تحب صالح …. رباه ماذا عن سيف الذي يحارب العالم لأجلها اطرقت رأسها للاسف وارتفع نشيجها …تنهد صالح واقترب منها وهو يحاصر وجهها ويجعلها تنظر إليه وقال:

-اسمعيني كويس اووي …أنا بحبك …مش عارف امتى بس حبيتك …وأنتِ مهما حاولتي تنكري فأنتِ كمان بتحبيني أوووي كمان….وعلى فكرة أنا وهبة لعبنا اللعبة دي عشان اشوف غيرتك عليا …وشوفتها …أنا دلوقتي مرتاح مش هاممني اي حاجة …أنا عايز اتقدملك ….

شهقت دموعها تنسكب أكثر ليقترب منها وهو يطبع قبلة قوية على جبهتها ويقول :

-انفصلي عنه …أنتِ مبتحبهوش !!!

تدمرت اللحظات السحرية فجأة وهي تبتعد عنه وتهرب خارجاً تاركاً إياها تنظر إلى أثرها بحزن ….ذهب وجلس على مقعده وهو يفكر بها …لماذا تعقد الأمور …هي تحبه هو متأكد من هذا …لماذا تصر على أبعاده عن حياتها ….


اغمض عينيه وهو يضع رأسه على مسند المقعد ….سوف تعود له ….هو لن يتركها لغيره !!

……….

في الحمام ….

كانت تقف نوال أمام المرآة…تتحسس رأسها بينما تبكي بعنف….أنها تخطئ…تنزلق في طريق مظلم …طريق سوف يدمرها ويدمر سيف .. لا يمكنها أن تفعل هذا بسيف. . لا يمكنها أن تخونه خاصة هو يفعل ما بجهده لكي يتزوجها …. رباه كم هي حقيرة…شعرت بأنها رخيصة …أخذت تبكي أكثر وقلبها يؤلمها ….قلبها …أنها تكره قلبها ….هذا القلب الذي عشق شخص غير سيف ..لماذا لم يحب سيف ….لماذا أحبت صالح ….لا يمكنها أن تؤسس حياة معاه وتبني سعادة على حساب مشاعر سيف …لا يمكنها فعل هذا ….رباه ماذا تفعل … أخفت وجهها بين يديها وهي تبكي بعنف أكثر …سيف لا يستحق منها هذا ابداً…الرجل الذي منحها كل شئ لا يستحق الخيانة …هي خائنة ….خائنة لا مجال للإنكار

……..

-ابعد يا عادل عني ؟!

قالتها نوران وهي تكتم دموعها بينما تتذكر ما حدث بينهما …منذ ما حدث هي لا تفعل شئ سوى البكاء …تبكي وتبكي وهي تشعر بالقهر …تشعر أنه تم انتهاكها من قبله …ابتلعت شهقاتها وهي تضم كتبها إلى صدرها كأنها تتاخذها حماية لها…ولكنه وقف أمامها وقال:

-مش هبعد يا نوران غير ما تسامحيني …والله أنا مش عارف عملت كده ازاي …أنا غلطان …أنا آسف يا حبيبتي والله …مش هعمل كده تاني ….

ولكنها لم تنظر إليه حتى واكملت سيرها ….وقف أمامها مرة أخرى وقال:

-والله لو ما وقفتي لأكون مصرخ في نص الكلية واقول اني بحبك ….

وقفت فجأة وهي تنظر إليه …الدموع تتساقط من عينيها فقال برقة :

-دموعك اغلى مني متعيطيش …أنا آسف …اسف والله مكنتش في وعي…اوعدك اني مش هعمل حاجة تاني زي كده سامحيني !!!!

تنهدت وهي تنظر إليه وقالت بصوت مختنق :

-اوعي تعمل كده تاني يا عادل …اوعى تأذيني بالطريقة دي ….

-عمر ما هعمل كده تاني يا روحي …عمري !!!

………

في قاعة المحاضرات….

كانت ماجدة تجلس وهي تفرك كفيها بتوتر …لقد تركت ابنها مع جارتها ….وهي مرعوبة الان…هي تأخذه حتى للعمل وصاحب العمل رجل طيب لا يتذمر…ولكن الدكتور الجامعي الجديد صارم للغاية لا يقدر حالتها …نظرت إليه وحاولت التركيز بينما هو يشرح ولكنها لم تفهم شئ …فجأة توقفت عيني يوسف العسلية عليها وقال ؛


-أنتِ قومي أنا كنت بقول ايه ؟!

ارتجفت ماجدة وهي تنظر خلفها ليكمل هو :

-انا بكلمك أنتِ يا ام طرحة سودا …أنا كنت بقول ايه ؟!

نهضت ماجدة بتوتر وأخذت تفرك كفيها ليعيد يوسف كلامه بصبر ويقول:

-كنت بقول ايه ؟!

اطرقت برأسها وقالت بخفوت ؛

-اسفة يا دكتور …أنا …

ولكنه قاطعها بقوة وقال:

-يا جماعة هو مين اجبركم تعملوا الدبلومة ؟!يعني ليه جايين مادام هتسرحوا أو مش هتستفادوا…..اللي يكون في المحاضرة بتاعتي ياريت يكون مركز لو سمحتوا!

ثم نظر إلى ماجدة وقال بصرامة:

-تقدري تقعدي وركزي!!

هزت رأسها بينما الدموع تلسع عينيها ..ولكنها أمسكت نفسها بالقوة وجلست

…….

-ايه ده ؟!

قالتها تولين بصدمة بينما عمر يعطيها عبوة دواء ….

هز كتفه وقال ببساطة:

-ما هو واضح قدامك اهو …دي حبوب منع الحمل …

لسعت الدموع عينيها وقالت:

-ما أنا عارفة أنها حبوب منع الحمل بتدهاني أنا ليه ؟!مش عايز تخلف مني يا عمر …للدرجادي ….

زفر هو بضيق وقال؛

-خديها من غير اي كلام…أنا مش عايز نقاش يا تولين …لو عايزة نكمل حياتنا مع بعض خدي الحبوب دي بإنتظام !!

………

-سيلا أنتِ بتعملي ايه هنا ؟!رجعتي ليه من فرنسا ….


قالتها بتول بقلق وهي ترى نظرات شقيقتها لا تبشر بالخير…هزت سيلا كتفيها وقالت بتصميم ؛

-جاية ارجع اللي كان حقي…جورج حبيبي …

-ايه اللي بتقوليه ده جورج اتجوز !!

قبضت على كفيها وقالت والغضب يشتعل بعينيها:

-يعني ده هيمنعني …..جورج حتى لو متجوز ملكي أنا وبس …

تنهدت ونظرت إلى شقيقتها وقالت:

-غلطت لما سيبته بس خلاص انا رجعت وجورج هيبقى ملكي وبس ….بس طبعا مش هظهر في حياته دلوقتي خالص !!

………..

في اليوم التالي …..

كان يقف أمام قصر الحسيني وهو ينظر إليه بحقد ….هذا الرجل لا يكفي أنه لديه الأموال ..هو يريد سرقة مياس منه أيضاً….كان على وشك الحصول على مياس ولكنه تدخل هو …ولكن اليوم هو مصمم أن يأخذها ….سوف يتزوجها ….اقترب من حارس القصر وقال بقوة :

-قول لجلال الحسيني ان معاذ جابر هنا !!!

……….

كان جلال يعمل بمكتبه بالمنزل …بينما الأفكار تعصف به …لقد تمنى أن يتم زفاف مياس وابنه ….كان يريد أن يضمن الحماية الكاملة لها قبل أن يموت ….ضميره يؤلمه بشأنها. ..يكفي ما عانته ….هو يضع اللوم على. نفسه في كل ما حدث لها….لو كان معها …لو كان يحميها لما حدث هذا …ولكنه ترك الخلاف بينه وبين شقيقه يؤثر عليه …فترك من من دمه ولم يساعدها …ولكن الآن هو سيفعل المستحيل ليساعدها….حتى لو لم تتزوج سيف سوف يضمن لها أن تكون آمنة …طرقة على الباب أخرجته من شروده فورا …

-اتفضل …

قالها بصوته المميز ليلج أحد العاملين بالمنزل …

-نعم يا عم بكر فيه حاجة ؟!

-يا بيه في واحد برا بيقول أنه اسمه معاذ جابر وبيقول أنه عايزك ….

لمعت عينيه وضم كفه بقوة …هذا الرجل …ماذا يفعل هنا؟!ماذا يريد؟!هل يمكن أن يكون هنا من أجل مياس ولكن لا هو لن يسمح له بأن يأخذها ابداً…

.-خليه يدخل يا عم بكر …وضايفه كويس عقبال ما اجي…


هز بكر رأسه بطاعة وخرج من فوره بينما أسند جلال رأسه على ظهر المقعد وهو يفكر …هل يمكن أن تكون مياس هي من لجأت عليه …هل هذا يعقل …ولكن رغم هذا هو لن يسمح له ابدا بأن يأخذ مياس …هو لا يرتاح لهذا الشاب ….

……….

كان معاذ جالساً على الأريكة المريحة وهو يضع ساق على ساق وينظر لكل ما حوله بحقد لا يخفيه … لطالما كره عائلة الحسيني بأكملها ….حتى والد مياس …كانوا دوما يمتلكون المال ….خالتها عاشت حياة مرفهة بسبب هذا….مياس من صغرها كان تنظر إليه كشخص أقل منها …لم تشير إلى هذا ابدا ولكنها كانت دوما تعطيه العابها القديمة ….وخالته كانت دوما تبتاع له الملابس التي لا يستطيع أهله أن يبتاعوها له …كره تلك العائلة بشدة ولكنه رغم هذا صمم أن تكون مياس له….احبها بشدة رغم كرهه لوالدها ووالدتها التي هي خالتها …مياس كانت الجزء الجميل بحياته …وقد صمم على الحصول عليها ولكنها رفضته ….كسرت قلبه…ولكن الآن الوضع تغير لقد اختفى جمال مياس …وهي الآن من تحتاجه…هو الآن الطرف القوي….

-اهلا بيك يا معاذ ….

قالها جلال وهو يتقدم لصالة القصر لينهض معاذ ويصافح جلال ببرود ويقول :

-اهلا بيك ..

-خير ايه اللي جابك هنا ؟!

-جاي اخد مياس ….

ضحك جلال بسخرية وقال:

-تاخدها فين يا حبيبي …وبصفتك ايه ؟؛

-بصفتي ابن خالتها

-طيب انا عمها وبقولك مش هتخرج من هنا….

-مياس واحدة كبيرة وهي اللي تقرر يا جلال ..مش انت خالص ….

كاد جلال أن يتكلم ولكن ظهرت فجأة مياس خلفه وهي ترتدي نقابها …

-كويس انك جيتي يا مياس ….معاذ بيقول انك لجأتي ليه صح ؟!

لم تتكلم مياس ليكمل جلال :

-السكوت علامة الموافقة يا مياس …

استجمعت مياس شجاعتها وقد لمعت عينيها وهي تقول :


-ايوة انا لجأت ليه !!

كان معاذ مأخوذا بلمعان عينيها وصوتها الذي به نغمة خاصة …لطالما كانت مميزة ….

-طيب حابب اعرف لو روحتي معاه هتقعدي فين؟! معاه هو ومراته مثلا؟!ولا هتقعدي معاه على اي اساس ….

هنا تدخل معاذ وقال بقوة ؛

-هتقعد معايا على أساس أنها مراتي أنا هتجوز مياس …

انقبض قلب مياس وهي تنظر إليه وقالت:

-ايه اللي انت بتقوله ده ؟!

-دي الطريقة الوحيدة يا مياس صدقيني مفيش غيرها …

هزت راسها بقوة وقالت ؛

-احنا متفقناش على كده …أنا مش عايزة اتجوزك…

نظر إليها بكره …كان يريد أن يضربها حقا في تلك اللحظة …نظراته اللطيفة تغيرت وأصبحت على النقيض تماما لدرجة أنها ارتجفت وشعرت بالخوف منها…ازدردت ريقها وهي تفرك كفيها بتوتر …

ابتسم جلال الحسيني وقال:

-اهو سمعت !! يالا ورينا جمال خطوتك ….

-مستحيل هي هتيجي معايا …

قالها وهو يحاول أن يقترب من مياس ولكن بسرعة وجد سيف أمامه…ينظر إليه ببرود …..لم يعرف معاذ متى ظهر اساسا وكأنه ظهر من العدم …أبعده سيف قليلا وقال ؛

-مياس مش هتخرج من هنا ….بابا كان لطيف معاك وهو بيفهمك….بس يظهر أن مستوى ذكاءك متدني وانا بعرف اتعامل مع نوعك ده ….فقبل ما اخلى الأمن يرميك برا …اطلع بكرامتك !!

……….

بعد أسبوع …

ولجت للصالة وهي تمسك صينية القهوة…بينما ترتجف من الداخل …تعلم أن الأمر لن يمر على خير …ما أن يرى وجهها سوف يذهب ولن يعود مرة أخرى ولكنها قررت أن تتوكل على الله …وضعت الصينية على الطاولة الزجاجية المستديرة ثم جلست وهي تفرك كفيها بتوتر …


أعطتها منى ابتسامة مصطنعة وهي تقول :

-ايه يا عروسة مش هتورينا وشك ولا ايه ؟!…

هزت رحيق رأسها وهي ترفع النقاب بهدوء ……ظهر على وجه منى الصدمة وهي تنظر إلى ابنها ولكن صُدمت أكثر وهي تراه ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة سعيدة …لا.يصدق أنها جميلة ….بل رائعة للغاية …..

……..

انتهت الرؤية الشرعية وتبادلا بعض الاسئلة سريعاً…..

تنهدت رحيق وهي تخلع فستانها الرمادي بينما اقترب منها شقيقها وقال:

-شفت في عيونه القبول …

ابتسمت بسخرية وقالت:

-بس عيون مامته لا يا أمجد ومستحيل هو يعارض أهله ….

-هتتجوزيه هو مش أهله …

هزت رأسها وقالت:

-للاسف في مصر احنا بنتجوز الأهل كمان مع الشاب….عموما مش زعلانة لو رفضني مش هتكون اول مرة يعني….

……..

-أنت مجنون مش شايف شكلها ؟!

قالتها منى بعصبية لابنها الغبي هذا بعد أن عادا إلى المنزل ليرد بعبوس:

-ماله شكلها يا ماما …ما هي زي القمر اهي

-أنت مجنون يا بني ولا ايه …ولا اعمى …انت شايف دي حلوة …

احمر وجهه بغضب وقال:

-ايوة شايفها حلوة وعايزها يا ماما ….وهخطبها !!!

هزت والدته رأسه وقالت:

-طيب ما دام كده خلاص يا مؤيد يا انا يا بنت دي …لو خطبتها اعتبر أن امك ماتت …ايه رايك ؟!!وده قراري النهائي…..

………


كانت رحيق تجلس على الأريكة وتقرأ القرآن عندما رن هاتف أمجد …أمسك امجد الهاتف وهو يقول :

-ده مؤيد ….

رد عليه وهو مبتسم بسعادة …ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة من شفتيه …نظرت إليه رحيق وقد فهمت ولكنها لم تعلق بل عادت تقرأ القرآن والدموع تلسع عينيها …تهدد بالإنهمار…..

اشعرت بشخص ما يمسك كتفها بقوة …نظرت لتجد دلال تنظر إليها بشفقة …ابتسمت لها رحيق دامعة واكملت قراءة القرآن وقد هزمتها دموعها وأصبحت تنهمر من عينيها ….كان أمجد ينظر اليها بشفقة …قلبه يعتصر ألما على شقيقته بينما يتذكر كلام مؤيد وهو يقول :

-كل شئ قسمة ونصيب ….

لا يفهم ماذا حدث …حقا لا يفهم….لقد رأى الإعجاب بعينيه …لماذا تراجع …هل يمكن أن يكون السبب هي والدته ….لقد رأى نظرات عدم الرضا بعيني والدته…ربما هي التي اعترضت عليها وربما هذا خير لها ….ربما سوف يكون مصيرها مع شخص افضل منه بكثير ….

اقترب امجد من شقيقته وجثا على ركبتيه بجوارها….صدقت هي وأغلقت المصحف الخاص بها .. أمسك أمجد كف شقيقته وقال بهدوء.:

-مش نصيبك يا حبيبتي ….عارفة ليه عشان نصيبك مع حد احسن منه بكتير …

هزت رأسها والدموع تنهمر من عينيها :

-المشكلة فيا أنا يا امجد …بس الحمدلله على كل حال …

هز رأسه وقال:

-لا خالص المشكلة مش فيكي ولا حاجة …أنتِ ربنا شايلك الاحسن …..

مسحت دموعها وقالت :

-مش مهم انا دلوقتي …المهم انت كمان امتى هتروح تتقدم للبنت اللي قولت عليها ….انت قولت مش هتقدم الا لما موضوعي يخلص واهو موضوعي خلص الحمدلله اتقدم بقا وخلي الفرحة تدخل البيت

-متفكريش في ده دلوقتي …

-أنت وعدتني يا أمجد ….ابوس ايديك متزعلنيش اكتر

تنهد وقال:

-حاضر يا حبيبتي هعمل اللي أنتِ عايزاه

……


اقترب عاصي من ابنته الصغيرة وهي نائمة …كانت تبدو كالملاك ….جلس بجوارها وهو يمسك كفها ويقبله برقة …ابنته الصغيرة …التي حُرمت من والدتها منذ صغرها ….لقد حاول أن يربيها ولا يجعلها تحتاج لأم ولكن للأسف فشل …هو يرى نظراتها الحزينة في كل مرة ترى امهات صديقاتها معهن….ابنته تشعر بالحرمان …لقد حاول أن يعوضها عن كل شئ ولكنه فشل عن تعويضها عن أم ….ولكنه سيفعل المستحيل كي لا يحرم ابنته من شئ تريده ….سيتزوج مرة أخرى من امرأة تتقى الله بها ….سوف يبحث ويبحث حتى يجد المرأة المناسبة ..

……….

بعد اسبوع آخر …

كانت تدفن رأسها في الوسادة وهي تبكي بعنف …تشعر أن قلبها يتمزق من فرط الألم …رباه …سوف يكون لغيرها …لقد تقدم للفتاة وتمت الموافقة واليوم سوف تكون خطبته عليها ….خطبة بسيطة سوف تقام في منزل العروس وقد دعتهم بما أنهما من أقاربه ….كانت تشعر بالمرض وان قلبها يتفتت من الألم …

-جهزتي يا جيلان …

قالتها شربات وهي تلج لغرفتها ولكنها شحبت وهي ترى ابنتها بتلك الحالة ….

-يالهوووي مالك يا بنتي …

هرعت شربات إليها وهي تشدها إلى حضنها ثم تملس على شعرها وتقول :

-بسم الله الرحمن الرحيم يا حبيبتي الف سلامة عليكي …ايه اللي حصل ؟!

-ما…ماما…أنا بحب امجد …بحبه اووي …أنا مش هقدر احضر خطوبته….

-بتقولي ايه يا بت ؟!

قالتها شربات وهي تبتعد عنها ثم أمسكتها من كتفيها وهي تقول:

-وده حصل امتي ؟!

-من زمان ….من زمان بس محدش كان حاسس بيا …اتغيرت عشانه…بس هو مشافنيش …أنا بموت يا ماما …ابوس ايديكي متخلنيش احضر الخطوبة دي ….والا هعيط وافضح الدنيا عشان خاطري !!!!

تنهدت شربات بحزن على ابنتها ثم سحبتها إليها وضمتها برفق

……….

بعد شهر …..

-مش مصدقة انك هتجبرني احضر عيد ميلاد بنت خالتك ….أنا مبحبهاش البنت دي ؟؛


قالتها سما بضيق وهي تلف حجابها بشكل مميز ….كان يقف خلفها وعينيه تمر عليه بإنبهار وقال بمكر:

-لتكوني بتغيري منها ؟!

عبست وهي تنظر إليه وقالت:

-واغير منها ليه؟!

-عشان كانت بتحبني مثلا…

ضحكت بفكاهة وقالت:

-أنت عارف ان الموضوع ده اخر همي يا حبيبي …لو تحب كمان اطلب ايديها ليك عشان تتجوزها …والله ما اتاخر عليك ….

إدراها وجعلها تنظر إليه وقال؛

-موافق…

توترت وهي تنظر إليه وقالت:

-موافق على ايه ؟!

+موافق انك تطلبي ايديها اتجوزها …أنا عايز اعف نفسي. …وانا وانتِ جوازنا مش هياخد الطريق

ده فهسيب ليكي الطلعة دي انا عايز اتجوز ….

-أنت …انت …عايز تتجوز ؟!!

ابتسم بمكر وهو ينظر إلى وجهها الشاحب وقال:

-مال وشك صفر ليه …مش كل شوية بتقولي هتجوزيني بنفسك واني اختار العروسة …شكلك متردد ليه …..

كان يقصد أن يجعلها تغضب تعرف هذا وكان يجب أن تقاوم غضبها ….ولكنها لم تستطع مقاومة الغضب الذي لون وجهها الأبيض باللون الأحمر ….حافظت على هدوءها بشق الأنفس في الوقت الذي تمنت بشده ان تشوه وجهه الجميل …

.رفعت رأسها وقالت بإبتسامة مغيظة :

-وماله يا بيبي …خد ميعاد وانا هطلب ايديها وازغرط كمان في فرحك …

رفع حاجبيه وقال؛

-انتِ قد الكلام ده ؟!

-ايوة قده …


ابتسم بسخرية وقال :

-طيب …يالا عشان منتأخرش على العيد ميلاد …انا سيبت عمر مع والدتك وقولت أننا مش هنتاخر اكتر من ساعتين ….

هزت رأسها وهي تتبعه ….

…..

في عيد الميلاد ….

كانت سهيلة تقف وسط اصدقائها وهي تضحك بقوة …ترتدي فستان أزرق فاتح بأكمام طويلة وقد تركت شعرها الطويل ينسدل مغطياً ظهرها….

-سهيلة أمير جه …

قالتها إحدى صديقاتها بإبتسامة فنظرت من فورها إليه ثم ركضت بلهفة وعينيها تلمع وكادت أن تعانقه ولكن سما وقفت في طريقها وعانقتها وهي تقول :

-كل سنة وأنتِ طيبة يا سوسو ….

ثم همست في أذنها وقالت:

-اقسم بالله لو فكرتي وحضنتيه لانتف شعرك شعراية شعراية فاهمة ولا لا!!!!

ثم ابتعدت عنها وهي تمسك الهدية من يد امير ثم اتعطيها لها وتقول :

-عقبال هدية جوازك.يا حبيبتي ….

ثم أمسكت ذراع امير بتملك ….

ابتسم امير وهو ينظر إليها …لا يعرف لماذا ولكن غيرتها اسعدته…لقد ظن أنها باردة لا تهتم …ولكن حقا صدمته وهي تعلن تملكها له دون أي خجل

….

خرجت من عيادة الطبيبة وهي تمسك التحاليل الخاصة بها وهي تشعر أن العالم يدور حولها….تغمض عينيها والدموع تنساب منهما وهي تتذكر كلام الطبيبة ..

-مبروك يا مدام ماريانا أنتِ حامل !

لا تصدق هذا …هي حامل منه ….تحمل طفلاً منه ….ماذا تفعل الان ؟!هذا الخبر يجب أن يكون الخبر الأكثر سعادة ولكنها تشعر بالبؤس …طفلها سيأتي وسيعيش في منزل بلا حب !! يجب أن تخبره ….

………

منذ أكثر شهر تقريباً قد مر وهي تتجاهله تماما…لا تتحدث معه ….حتى ابتسامتها قد اختفت ….استيقظ ثم تخرج لعملها …تتجنبه كأنه مرض …يعترف انه قد جرحها بتصرفاته…هو حقا يكره نفسه لانه عاملها بتلك الطريقة …ولكنه لا يعرف ماذا يفعل حقاً….لماذا يبعدها عنه بتلك الطريقة ….لماذا يكذب عليها ….لقد أخبرها ان ما حصل بينهم منذ أكثر من شهر كان خطأ …ولكنه كان يكذب …نعم لقد كذب عليها …اغمض عينيه وهو يعترف بالإكراه انه كان واعي لما يفعله….انه اراد بشدة ان يلمسها ….اعترف مرغماً ان كل لحظة عاشها معها في تلك الليلة كانت من اجمل لحظات حياته…لن يكذب هو يرغب بها …ربما لا يحبها ولكنه يرغب بها بشدة …ولو حاولت مرة أخرى معه سوف يستسلم ويقبلها كما قبلها ذلك اليوم وسيجعلها ملكه مجدداً …لكن بعد ما حدث اختارت ان تتجاهله وهو لا يلومها …ربما هذا افضل ..افضل ليتخلص من تلك الرغبة المزعجة نحوها ….


اغمض عينيه وهو يتذكر يوم استيقظ بجوارها …

……..

فتح عينيه وهو يشعر بثقل على صدره ليرفع رأسه ويجدها تنام على صدره وتعانقه ….اغمض عينيه للحظات وعطرها ينسل الى روحه …الذكريات اخذت تندفع الى عقله…هو من جذبها إليه …ارادها ..اراد امتلاكها لن ينكر هذا ….لا يستطيع أن ينكره ….نظر إليها وهو يتلمس شعرها الأسود الطويل…ابتسم ابتسامة حقيقة وهو يتذكر هوسها بشعرها…هي دوما تصبغه بالألوان …لا تلتزم بلون معين لعلها تنال اعجابه…ولكنه لا يخبرها أن اللون الأسود يناسبها اكثر من أي شئ …لم يخبرها يوما ان عينيها جميلة …بل رائعة….وان ابتسامتها رائعة …هي امرأة رائعة …مناسبة جدا ولكن ليست مناسبة له ….فقلبه ليس ملكه…هو ملعون بلعنة العشق …الفقد ..

تلاشت الابتسامة من شفتيه ونهض وهو يرتدي بنطاله ثم اخرج ملابس له وقرر الذهاب لاخذ حمام ساخن….

……

وقف تحت صنبور المياه وهو يغمض عينيه ….رباه ماذا فعل؟! لقد اعطاها أمل….أمل ان يحبها …..بلمسها الأمس جعلها توقن أنه يمكن ان يحبها …هو يجب أن يصلح هذا الخطأ…يجب أن يخبرها أن ما حدث بالأمس خطأ…وانه لا يريدها …لا يمكنه أن يعطيها هذا الأمل …لا يمكن …

خرج من شروده وهو يتساءل لماذا هو حزين …هذا ما أراده وهذا ما فعله…هو فعل الصواب …يجب ألا يجعلها تأمل انه سيحبها …هي من سوف تتحطم وهو لا يريد ان يحطمها…لا يريد !!!ولكن تجاهلها يضايقه …بهوت ملامحها يقلقه…هي مريضة منذ ايام ….تتقيأ دوما…وقد نحفت ….اصبحت حزينة دوماً…يرى بعينيها الانكسار …هي لا تدعي القوة …هي مكسورة …وقد كسرها من أحبت اكثر من الحياة….نعم يعترف بهذا ولن ينكر …هو شخص حقير….فجأة فُتح الباب …رفع رأسه بحيرة…لقد.انتهت مواعيد عمله وذهبت المساعدة الخاصة به ولكنه تجمد وهو يراها

-سيلا!!!

ارتجف صوته ونهض بصدمة وهو يراها أمامه…نعم هي امامه هو لا يحلم ….هذا ليس حلم …سيلا امامه….حب حياته أمامه …أتت بنفسها الى عيادته ….

انهمرت الدموع من عينيها وهي تقترب منه سريعاً وتعانقه دون تفكير….دون الاهتمام بمكان وجودهما ….دون الاهتمام بكونه متزوج بآخرى !!!

كانت متجمد بين ذراعيها …الدموع لسعت عينيه الزرقاء…هل يحلم …بالتأكيد يحلم …هي ليست هنا ….شعر بأن قلبه سوف يخرج من صدره …لا يصدق انه يلمسها مرة أخرى …

-سيلا!!!

خرج اسمها من فمه بصدمة

-انا هنا يا حبيبي …أنا هنا !!

قالتها. هي تضمه أكثر ثم اكملت:

-انا جيت ومش هسيبك أبداً…أنا وانت ملناش الا بعض !!!

انفتح الباب فجأة وظهرت ماريانا !!!

google-playkhamsatmostaqltradent