Ads by Google X

رواية بين يديك الفصل التاسع 9 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية

  

 رواية بين يديك الفصل التاسع 9 - بقلم قوت القلوب

••سوف أختفى ••
بيت رضوى…
لأول مرة تشعر “مى” بأن الطريق لبيت “رضوى” القريب منهك للغايه حين سارت بطريقها متحمله آلام جسدها المتورم لتصل أخيراً الحى الذى تقطن به صديقتها …
وصلت لبيتها بأول الحى لكنها لم تقدر على ندائها كما إعتادت فطرقت الباب بآخر قوة تمتلكها لتهوى بعد ذلك مباشرة جالسه أرضاً أمام بوابتهم العتيقه تنتظر أن يستجيب أحد لطرقاتها متمنيه أن تكون “رضوى” من تقابلها فلا طاقه لها لشرح ما حدث لأهلها …
لعبت الصدفه قدراً من حسن الحظ لأن والدا “رضوى” لم يكونا بالبيت من الأساس لتلبى “رضوى” الطارق وتفتح هى البوابه السفليه للبيت لتتسع عيناها السوداوتين بصدمه من هيئه “مى” وتورمها بهذا الشكل المخيف …

هتفت بها بفزع …
رضوى : “مى” ….!!! يا خبر أبيض .. إيه إللى حصل … و إيه إللى عمل فيكى كده ….؟؟!!
إكتفت “مى” بكلمه واحدة فقط فهمت منها “رضوى” كل شئ ..
مى: “عادل” …
زفرت “رضوى” بإشفاق على حال تلك المسكينه لتدنو منها مسندة ذراعها فوق كتفها قائله ..
رضوى : تعالى .. أدخلى .. أدخلى الأول …
برفق شديد صعدتا السلم لشقه “رضوى” ثم إلى غرفتها مباشرة لتجلس “مى” فوق الأريكه بتأوه حين أسرعت “رضوى” تغلق الباب عليهما تحسباً لعودة أى من والديها ورؤيه “مى” بتلك الصورة …
مى: اااه … جسمى كله متدغدغ يا “رضوى” ….
رضوى :ربنا ينتقم منه … إيه إللى حصل إحكى لى ..
بدأت “مى” بسرد ما حدث لـ”رضوى” بالتفصيل بعدما خرجت من بيتها ورؤيتها لـ”عادل” …
تخوفت “رضوى” للغايه من قسوة “عادل” التى سببت كل ذلك الأذى لـ”مى” ، لكنها تطلعت نحو “مى” بإشمئزاز من ملبسها الغريب والرخيص للغايه فهى لم تعتاد عليها بمثل تلك الملابس الرثه …


رضوى : و إيه إللى إنتى لابساه ده ؟!!! … شكله غريب ولونه غريب أوى …
مى : خفت “عادل” و”بدوى” يكونوا راجعين تانى ويشوفنى يعرفونى … بس بالهدوم دى مكنش حييجى على بالهم إن دى أنا خصوصاً الإيشارب إللى على راسى ده … مدارينى خالص …
توجست “رضوى” خوفاً على ما سوف يحدث من “عادل” حين يمسك بها مرة أخرى …
رضوى : أنا خايفه عليكى أوى يا “مى” … أكيد حيقلبوا الدنيا عليكى …
لم يكن التوجس حق “رضوى” فقط بل تفكرت “مى” بذلك أيضاً ووصلت بتفكيرها لشئ واحد عليها فعله …
مى : أنا لازم أختفى شويه …
ربما هى محقه بذلك خوفاً مما يمكنه فعله بها ، لكن أين ستذهب وكيف …
رضوى: حتروحى فين بس …؟؟؟
لم تدرك “مى” ذلك بعد لكن عليها التحرك بأسرع وقت ممكن مبتعده تماماً عن أى مكان يمكن أن يصل إليها “عادل” به …

مى : مش عارفه لسه … هاتيلى بس الأوراق إللى إحنا مخبينهم أحطهم فى الشنطه بتاعتى وحبقى أطمنك عليا … بس خدى بالك من ماما “فاديه” …
رضوى : حاضر … ربنا يستر …
أسرعت “رضوى” بالذهاب للمكان المخبئ به الأوراق وبقيه الأغراض لتخرجها وتعيدها مرة أخرى إلى”مى” التى وضعتهم بحقيبتها بعجاله حين لاحظت هاتفها ملقى بإهمال بداخل الحقيبه …
أمسكت به لتلاحظ أنه مغلق تماماً فيبدو أن “عادل” أغلقه حتى لا يستطيع أحد الوصول إليها ، أخرجت الشريحه وكسرتها حتى لا يستطيع”عادل” الوصول إليها عن طريقها ثم وضعت الهاتف مرة أخرى بداخل الحقيبه لتصطدم أصابعها بجسم غريب لم تدركه “مى” بالبدايه لتمسك به مخرجه إياه خارج الحقيبه لتجدها تلك النظارة الغليظه التى تخص جد “رضوى” لتكمل بها هيئتها العجيبه تتخفى بها عن “عادل” فقد تغير شكلها تماماً ومن يراها الآن لن يظن أنها “مى” نفسها بالمرة …


إلتفت “رضوى” فجأة لتعيد جزعها للخلف قليلاً وهى تنظر بفجعه تجاه “مى” لتعقص أنفها بإشمئزاز لتردف بفم مقلوب ..
رضوى : إيه يا بنتى إللى إنتى ملخبطاه فى شكلك ده .. وشك إللى وارم والنظارة إللى مش مبينه عنيكى والإيشارب الغريب ده مخليكى وحشه أووى بجد ..
مى : كده أحسن عشان محدش يعرفنى …
نهضت “مى” من جلستها ممسكه بحقيبتها حين إستوقفتها “رضوى” متسائله ..
رضوى : مش حتقوليلى نويتى تروحى فين طيب …؟؟
مى : أنا لسه مش عارفه … بس ححاول أبقى أكلمك أطمنك …
أسرعت “مى” تتحامل آلام جسدها لكنها عليها الرحيل بأسرع وقت ، إستقلت سيارة أجرة وطلبت من السائق التوجه بها إلى الإسكندرية …
تلك المدينه التى طالما تعلق قلبها بها وشهدت طفولتها وأجمل أيام حياتها مع والديها ،كم كانت تشعر بالحنين والإشتياق إليهم ….
بعد عدة ساعات …
وصلت “مى” إلى الإسكندرية بعد بضعه ساعات قضتها بالطريق ، وبمجرد وصولها تذكرت آخر لقاء لها بهذه المدينه العريقه ، كم كان مؤلم هذا اللقاء ، كم كانت حزينه ويائسه ، وها هى تعود إليها بألم وحزن مرة أخرى …..
ترجلت “مى” من السيارة تتلفت حولها فلم يتغير أى شئ هنا ، فالمكان نفسه بكل تفاصيله …
وياللقدر هو نفس المكان الذى كانت ترتجف فيه من البرد ليله لقائها بالسيدة “فاديه” …
عبرت الطريق بحرص متجهه إلى البنايه المواجهه لها ، فعقلها أهداها إلى أن تأتى هنا لتتخبئ عند “إحسان” وزوجها “خيرى” اللذان طلبا من السيده “فاديه” عند بيعها لهذه العمارة برغبتهم فى الإستقرار بالأسكندريه ، فساعدتهم السيده “فاديه” بالسكن فى هذه البنايه كمكافأه لهم على خدمتها بإخلاص طوال سنوات عديدة …


كانت تعلم تماماً أنهم أحرص الناس على السيده “فاديه” وسيساعدونها فى حفظ الجميل فلها أيضاً فى رقبتهم جميل يستحق أن يرد ….

مى فى نفسها: أنتم الناس الوحيده إللى أعرفهم هنا … أو بمعنى أصح إللى أعرفهم بحياتى بعد ماما “فاديه” … ربنا إن شاء الله مش حيخيب ظنى فيكم وحتساعدونى ….
صعدت نحو الشقه الخاصه بهم وحاولت طرق الباب عدة مرات لكن لا مجيب إطلاقاً ..
لكنهم هم السبيل الوحيد لها هنا وإلا … إلى أين ستذهب ، فظلت تطرق الباب دون توقف فربما يسمعونها …
إنتبهت إحدى الجارات لطرقات “مى” المتتاليه لتقابلها بتساؤل …
_ إنتى عايزة مين …؟؟؟
إلتفت “مى” نحوها تجيبها وتسألها بذات الوقت …
مى: عايزة عم “خيرى” والست “إحسان” مراته …؟؟ مش هم ساكنين هنا برضه ….؟؟
_ أه يا بنتى ساكنين هنا … بس دول مسافرين بقالهم يومين ..راحوا البلد عندهم فرح ناس قرايبهم ..حيقعدوا تقريبا يجى عشر أيام ….
صدمتان متتاليتان … صدمه بسفرهم وصدمه أخرى بغيابهم لعشرة أيام لتقف “مى” مدهوشه لفترة ثم رددت بآليه ..
مى : ياااه .. عشر أيام … شكراً لحضرتك …
بحسرة وخيبه شديدة نكست “مى” رأسها هابطه درجات السلم وقد توقف عقلها تماماً عن التفكير فماذا ستفعل الآن …
أخذت تحدث نفسها بشرود ..
مى: أعمل إيه دلوقتى … ؟؟ أنا لا أعرف حد أروح له ولا أعرف أى حد يساعدنى … ؟؟؟ وأخر فلوس معايا دفعتها للتاكسى ..؟؟
أحست فجأه بالضعف و إمتلأت عيناها بالدموع لتخونها وتتساقط رغماً عنها فما عادت تتحلى بتلك القوة للتماسك فقد آن أوان الإنهيار …
***
بيت عائله خالد ……
وقفت “أم مصطفى” تعدل من خمارها الطويل متحدثه إلى زوجها بصوت عالٍ حتى يستطيع سماعها من الداخل …
أم مصطفى : يا حاج “خالد” …. إنت رحت فين بس …. بقولك إيه أنا نازله … مش محتاج حاجه …؟؟؟


خرج “خالد” من داخل الغرفه ليقابلها بتلك الصاله الصغيرة مندهشاً من تجهيز حالها للخروج بهذا الصباح …
الحاج خالد : رايحه فين على الصبح كده يا “أم مصطفى” بس ….؟؟
بضحكتها المميزة أعادت على مسامعه سبب خروجها بهذا الوقت مرة أخرى فيبدو أنه قد نسى ذلك …
أم مصطفى: ما أنا قلتلك … إنت بقيت تنسى ولا ايه يا حاج … “أم سحر” موصيانى قبل ما تسافر أروح شقتها كل يومين أسقى الزرع بتاعها أحسن يموت … حرام !!! … حروح ومش حتأخر حرجع على طول …

الحاج خالد: ربنا يجازيكى خير … طيب بالسلامه … متتأخريش ….
أم مصطفى: إن شاء الله مش حتأخر …
خرجت “أم مصطفى” بخطواتها الخفيفه الرشيقه مسرعه بخطواتها كالمعتاد وإتجهت صوب بيت صديقتها لتسقى الزرع الخاص بها فهى سيدة طيبه للغايه ومتعاونه إلى أقصى حد لا ترد طلباً ولا تبخل بمساعده قط …..
عندما وصلت “أم مصطفى” إلى البنايه التى تعرفها جيداً لفت إنتباهها تلك الفتاه الجالسه بمدخل البنايه وهى تبكى بصمت كما يبدو من تورم وجهها ويديها أنها تعرضت لحادث أو ضربت ضرباً عنيفاً …


دنت منها “أم مصطفى” وقد رق قلبها لتلك الضعيفه الباكيه …
أم مصطفى : لا حول ولا قوة إلا بالله …. مين إللى عمل فيكى كده يا بنتى ….؟
رفعت إليها “مى” وجهها بإندهاش لظهور هذه السيدة أمامها من العدم ، تتحدث معها بود كما لو كانت تعرفها من قبل …
أجابتها “مى” بغموض دون توضيح ..
مى: بنى آدم .. حقير …
أم مصطفى : يا حبيبتى يا بنتى …
رفعت طرف عبائتها لتجلس إلى جوارها تتجاذب أطراف الحديث معها معرفه نفسها إليها …
أم مصطفى : أنا “أم مصطفى” .. متخافيش منى … بس إحكيلى إيه إللى عمل فيكى كده … و إيه إللى مقعدك كده فى المدخل ..؟؟
مى : كنت جايه لناس قرايبى .. بس لقيتهم مسافرين .. ومش عارفه أروح فين دلوقتى … أنا ماليش حد خالص ..؟؟؟
بفراسه تسائلت “أم مصطفى” عن هؤلاء اللذين جائت إليهم ..
أم مصطفى : مين …؟؟؟ لتكونى جايه لـ”أم سحر” …؟؟
توقفت “مى” عن البكاء وإستعادت رباط جأشها وهى تسأل “أم مصطفى” بفضول …
مى : إنتى تعرفيها …؟؟؟
أم مصطفى : يوووه … دى عشرة عمر يا بنتى …أنا و”إحسان” حبايب وجيران من وأحنا صغيرين .. حتى بعد ما إتجوزت وسافرت مصر كنت برضه بكلمها و أطمن عليها … لحد ما جم من كام سنه ورجعوا اسكندريه تانى ومن ساعتها مقطعناش الود خالص …
توسمت “مى” الطيبه بتلك السيدة قائله ..
مى: بجد !! … شكلك طيبه أوى .. زى “أم سحر” بالضبط …

أم مصطفى : إنتى قريبتهم يا بنتى …؟؟!!
مى : أيوه … وأنا جايه لهم مخصوص من بعيد أوى … ومش عارفه أعمل إيه …؟؟
ام مصطفى : بس دول سافروا أول امبارح ولسه قدامهم عشر أيام …حتروحى فين و إنتى بتقولى جايه لهم مخصوص …؟؟
اجابتها “مى” بحيرة وقله حيله فقد أنهكت تماماً حقاً ولا تقوى على مجرد التفكير بحل آخر …
مى : مش عارفه …؟؟!!!!
أم مصطفى: إنتى اسمك إيه …؟؟؟
مى : “مى”..
لن تتركها “أم مصطفى” فهى تساعد الغريب قبل القريب لتردف بعجاله وهى تنهض بخفه …
أم مصطفى : أنا حروح بسرعه أسقى الزرع إللى فوق وجايه على طول …إستنينى هنا يا “مى” .. أنا راجعه لك …
جلست “مى” تنتظر “أم مصطفى” فهى على كل حال لا تعرف إلى أين ستذهب .. لكنها واثقه أن الله سيخرجها من ضيقتها …
عادت “أم مصطفى” بعد وقت قليل لتقترب من “مى” ممسكه بخفه يدها المتورمه وهى تردف ….
أم مصطفى : يلا بينا ..
نظرت نحوها “مى” بدهشه دون فهم مقصدها …
مى : يلا بينا فين …؟؟؟
أم مصطفى : بيت “أم مصطفى” مفتوح دايما للحبايب …ما أنا قلتلك متخافيش منى …
نظرت نحوها “مى” بتردد ..
مى : بس …!!!
أم مصطفى : مفيش بس .. !!! ده حتى مفيش غير أنا وعمك “أبو مصطفى” فى البيت أهو تونسينا لحد ما “إحسان” و”خيرى” يرجعوا من السفر ….
مى : بس إنتى متعرفينيش كويس … إزاى حتقبلينى كده فى بيتك …؟؟؟
ام مصطفى : يمكن معرفكيش ..بس ده إنتى من طرف الحبايب .. ينفع يعنى أسيبك تباتى فى الشارع كده ..؟؟؟ وبعدين مفيش حاجه حتضايقك خالص ده حتى إبنى “مصطفى” سافر النهارده ومش راجع إلا بعد شهر أهو تنوسينا اليومين دول …
مى : بس أخاف أضايقكم ..
أم مصطفى: تضايقينا إيه بس …؟؟ ده إنتى حتنورينا … ومتقلقيش “أبو مصطفى” زيى بالضبط وبيحب الخير لكل الناس .. وحينبسط اوى لما تيجى معايا ..
إندهشت “مى” كيف يمكن أن يكون هناك بالدنيا أناس بمثل هذه الطيبه والخير … وهناك أناس مثل “عادل” و”بدوى” بكل هذا الحقد والشر …
لم تجد “مى” بُد من الذهاب برفقه “أم مصطفى” لحين عوده “إحسان” و”خيرى” من السفر …
 
 

google-playkhamsatmostaqltradent