رواية عتاب الفصل الحادي عشر 11 - بقلم علا السعدني
الفصل الحادى عشر
سئلها (ريان) بفضول شديد لتشعر هى بخيبة أمل شديدة وهى تقول
-دكتور (مروان نور الدين)
رفع (ريان) حاجبه بدهشة ثم ردد بخفوت
-دكتور (مروان) !! اللى عالجك ؟
هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت
-أيوة اللى شغال فى المصحة اللى دخلت فيها
-طب والرسايل يا (عتاب) ازاى مورتيش الظابط الرسايل اللى بينكوا ؟
-اختفت هى كمان مبقتش موجودة يا (ريان)
نظر لها بذهول
-يعنى أيه ؟!
-أنا لما قتلته سبت كل حاجتى فى شقته الشنطة والفون وكل حاجة ولما روحنا الشقة أنا و الظابط لاقينا أن الشقة الفرش بتاعها كان متغطى وكأن الشقة مهجورة ومفيش حد عايش فيها ولاقيت شنطتى وحاجتى فى البيت عندى لما قعدت افتش عن حاجتى جو شقة (فضل) وملقتهاش عشان اثبت للظابط أن كان فى رسايل بينا أنا متأكدة من اللى حصل لكن شوفت فى عينه نظرة شك ساعتها طلب منى اروح البيت واشوف التليفون وحاجتى وأنا صممت أنها فى شقة (فضل) بس ملقتش حاجة فيها لما روحنا شقتى لاقيت حاجتى فى اوضة النوم اتصدمت بس خدت التليفون عشان اورى الظابط أن (فضل) حقيقى بس الاكونت بتاعه اختفى والرسايل مش موجودة اصلاً ولما اتصلت بالرقم بتاعه رد عليا واحدة وقالت أنها هى صاحبة الخط والظابط اتهمنى بالجنان
-ودخلتى المصحة ازاى ؟!
-لما الظابط طلب (مروان) صاحب الشقة وعرفت أن مفيش حد اسمه (فضل) الدكتور سئلنى أن كان فى حد عايش معايا شاهد أن (فضل) كلمنى قولتله أنى عايشة لوحدى فقال ممكن المرض اللى عندى يكون نفسى وادانى عنوان المصحة اذا حبيت اجى واطمن ع نفسى
-وبعدين ؟!
-ولا حاجة ؟! روحت وقابلت دكتور (مروان) وشخص أن عندى فصام ويوم ورا يوم مبقتش دريانة باللى حواليا
-طب الشقة دى بتاعت دكتور (مروان) فى ايه ؟! اصله يعنى راجل غنى بيعمل بيها ايه ؟!
-كل اللى قاله أنها شقته ولسه شاريها و هيفتح فيها عيادة بس لسه هيبدء يجهزها و هتكون اسعارها رمزية مناسبة لأهل المنطقة
-اه ٠٠ طب إنتى لما دخلتى الشقة حسيتى أنها اتغيرت أو أنك أول مرة تشوفيها ؟!
هزت (عتاب) رأسها نافية ثم قالت
-زى ما كانت و (فضل) فيها بس العفش اللى فيها كان متغطى
أخذ (ريان) نفس عميق ثم قال
-ده مش دليل كفاية ويمكن فعلاً اللى عندك نوع من الفصام إنتى يا (عتاب) لا ليكى صحاب ولا قرايب وحيدة ممكن جايز جداً يجيلك نوع من الفصام
صرخت (عتاب) فيه بحدة
-أنت هتعمل زيهم ؟!
-لا أنا مش زيهم ٠٠ حتى لو عندك فصام دكتور (مروان) كان بيعالجك غلط عموماً ده شغلى سيبى كل حاجة عليا ٠٠ وبعدين أنتى ذات نفسك شكتى أنك مريضة بدليل أنك روحتى المصحة
نظرت لأسفل وهى تزرف مزيد من الدموع
-يئست وتعبت وكنت عاوزة اتأكد من سلامة عقلى بس الدكتور اكد أنى مجنونة
-المرض النفسى مش جنون ٠٠ عموماً ادخلى اوضتك دلوقتى يا (عتاب) وهنتكلم تانى بعدين إن شاء الله
هزت رأسها بالإيجاب ثم دلفت داخل غرفتها وجلس هو على مقعده ينظر أمامه وهو يفكر فيما قالته تلك الفتاة وفى حالتها فى تلك اللحظة دخلت والداته الشرفة ومعها كوب من الشاي فوجدته شارداً غير منتبهاً لوجودها فنظرت له ثم قالت
-ايه هتفضل سرحان كده ؟!
انتبه (ريان) لوجود والداته ثم قال
-معلش يا ماما كنت بفكر فى (عتاب) شوية
زمت والدته شفتاها ثم تحدثت بضيق واضح
-بص بقى يا (ريان) أنا الحال الماشيل ميعجبنيش
نظر لها (ريان) بعدم فهم ثم سئلها
-فى ايه يا ماما ٠٠ حال مايل ايه ؟!
-أنا عاوزة افهم مش أنت خاطب ايه لازمة اهتمامك الزايد ب (عتاب) بقى ؟!
أخذ (ريان) نفس عميق ثم نظر فى أعين والداته وقال
-اولاً يا ماما أنا فسخت خطوبتى من (أسما) من 3 ايام فاتوا
تفاجئت والداته مما قال فقالت بغضب
-من نفسك كده !! حتى متاخدش رأيى ولا تبلغنى
شعر (ريان) وقتها بالأحراج فوالدته معها حق لذا تحدث مبرراً
-ماهو الموضوع جاه فجاءة وكان عندى أمل الاقى منها اهتمام لما اسيبها ٠٠ لكن (أسما) يا ماما مش مهم عندها إلا شغلها ودراستها أنا بالنسبة ليها مجرد وقت فراغ ده لو خصصت لفراغها وقت
-ومتكلمتش معاها ليه يا بنى بدل ما تسيبها فجاءة كده
-حاولت اغيرها كتير يا ماما بس فشلت
-أنا مقلتش تغيرها (أسما) ماهياش إنسان آلى هدوس على ريموتها وتمبرمجها ع اللى أنت عاوزه (أسما) بنى آدمة ومن حقها تتناقش معاها يا تقنعك يا تقنعها
صمت (ريان) لبعض الوقت فوالداته محقة بتلك النقطة ولكنه زفر بضيق قائلا
-تعبت يا ماما ٠٠ تعبت ماهو أنا برده انسان مينفعش اطلب منها الحب والأهتمام يا تهتم هى من نفسها يانا هحس انه أداء واجب لو عملته بعد ما اقول
-نهايته انتوا الاتنين غلطانين ٠٠ بس برده قلبك ماهوش بريموت عشان يحب (عتاب) فجاءة
-وهى (عتاب) يعيبها ايه يا ماما ؟!
-مقولتش أن فى حاجة تعيبها ٠٠ بس عاوزك تعرف أن فى شعرة بسيطة بين الحب والأعجاب وبين أن نفسك تشوف (أسما) زى (عتاب) ٠٠ أنا عارفة (عتاب) بنت جميلة ودلوعة وبتهتم بشكلها وبأنوثتها بس عاوزك تعرف حاجة صغيرة لا يمكن تخلى (أسما) نسخة من (عتاب) ٠٠ ومينفعش تحب (عتاب) عشان كده بس لأن أى طبع ممكن يتغير مفيش حد دايم ع حاله شوف أنت بتحب مين وادى لقلبك فرصة تقرر
قالتها ثم نهضت وتابعت
-تصبح ع خير يا بنى
ثم تركته ودلفت غرفتها لتتركه فى حيرته تلك شعر بأن والداته معها كل الحق ولكنه حقاً الفترة الآخيرة اصبحت (عتاب) هى كل اهتمامته ٠٠
**********************
فى اليوم التالى بعد أن أنتهت (جميلة) من العمل ذهبت إلى الموقف لتستقل منه العربة التى تصلها إلى منزلها ولكن فوجئت بأحدهم خلفها يركب دراجة نارية ويقول لها
-ايه يا جميل ما تيجى أوصلك ؟!
ظنت للوهلة الأولى أن أحدهم يضايقها فإلتفت كى تنال منه لكنها فوجئت بذلك الشخص الذى تعرفه جيداً فزفرت بضيق ثم قالت
-أنت يا (جمال) !! ٠٠ ايه اللى جابك هنا ؟! وعرفت منين طريق شغلى ؟!
-اللى يسئل ميتهوش يا قمر وأنا اصلى مهتم بيكى اوووى ٠٠ اوووى يعنى وبعدين مانتيش مديانى عقاد نافع موافقة بيا ولا ايه ؟! اصلى بصراحة صبرت كتير بس كله فداك يا جميل
ابتلعت (جميلة) ريقها وشعرت بتوتر كبير ونظرت حولها فقد شعرت بأنها محل أنظار الجميع عضت شفتاها بعيظ شديد فبادرها هو بقول
-اموت أنا
-احترم نفسك يا جدع أنت ٠٠ ودى قلة زوق أصلاً أنك تيجى مكان ما بشتعل وتستنانى بالطريقة دى وبعدين يلا اتفضل امشى من هنا بلاش فضايح
فى تلك الأثناء كان (أدهم) يقود سيارته ذاهباً لمنزله لكنه لمح (جميلة) تتشاجر مع أحدهم ويبدو عليها الغضب ونظرات ذلك الشاب تتفرس جسدها من أسفل إلى أعلى فشعر أن عليه مساعدتها فصف سيارته ثم اتجه نحوها وسمع ذلك الشاب يقول لها
-ما بلاش بهدلة المواصلات دى وتعالى اخدك ورايا واروحك
همت لتجيبه معترضة لكنها تفاجئت بتقدم (أدهم) نحوه ووضع يده أعلى كتف (جمال) قائلاً بغضب
-تركب وراك فين بقى ؟!
إلتف (جمال) لمواجهة ذلك الدخيل وتفرسه فابتسم عليه بسخرية فذلك الشخص بالنسبة ل (جمال) فتى مدلل لذلك قال له بسخرية
-وأنت ايه دخلك يا حيلتها انت
وضعت (جميلة) يدها على فمها فقد شعرت بخوف شديد على (أدهم) ف (أدهم) لا يستطيع مواجهة ذلك الفاسد فلكم (أدهم) (جمال) بغضب شديد وهو يقول بنبرة غاضبة للغاية
-أنا هوريك بقى حيلتها هيعمل ايه !!
فأمسك (جمال) فكه بعد تلك اللكمة ونظر بسخرية شديدة وهم ليلكمه فأمسكت (جميلة) على الفور معصم (جمال) خوفاً على (أدهم) وقالت بنبرة ترجى
-ارجوك امشى يا (جمال) بلاش فضايح
وقتها شعر (أدهم) بذهول تام كونها تعلم أسم ذلك الصفيق فسئلها
-إنتى تعرفى الاشكال دى منين يا (جميلة) ؟!
تملك (جميلة) الخجل والإحراج بينما ضرب (جمال) كف يده بالأخر وقال بغضب
-خطيبتى ٠٠ أنت اللى مين يا حضرت ؟!
اسرعت (جميلة) قائلة
-أنت جارى وبس يا (جمال) متديش لنفسك حجم أكبر من كده وده مستر (أدهم) اللى شغالة عنده
وقتها أمسك (أدهم) يد (جميلة) وسحبها وهو يقول
-يلا تعالى اعمليله محضر فى القسم
فسحبت (جميلة) يدها على الفور من يده وقالت
-بلاش شوشرة يا مستر (أدهم) ٠٠ يلا اتفضل يا (جمال) من غير مطرود
فنظر لها هائماً وقال
-خايفة عليا يا جميل ؟!
-يوووووه امشى بقى امشى
-ماشى يا (جميلة) أنا همشى ٠٠ بس مستني ردك ع نار ماهو مادام بتفكرى فى خطوبتنا ع اقله عجبك
قالها وهو ينظر بطرف عينه ل (أدهم) تحسباً أن يكون معجب ب (جميلة) والغريب أن (أدهم) شعر بالضيق ولا يعرف السبب ولكن ربما يرى أن (جميلة) لا تستحق شخص بتلك الدناءة تستحق ماهو أفضل بالتأكيد بينما زفرت (جميلة) بضيق وقالت
-امشى بقى
وقتها انصرف (جمال) ونظر (أدهم) إليها بغضب وقال ليؤنبها
-بتفكرى فى ايه ده يترفض ع طول
شعرت (جميلة) بإحراج شديد ولكنها قالت كى تجعله يصمت
-دى حياتى الشخصية يا مستر (أدهم) ٠٠ وأنا مخدتش رأيك ٠٠ عن أذنك
شعر وقتها (أدهم) بالدماء تغلى فى عروقه فقال بكل غضب
-ايكش تولعى ولا تتحرقى حتى ٠٠ أنا مالى اصلاً
قالها ثم ذهب إلى السيارة الخاصة به عائدا إلى منزله ٠٠
********************
شعرت (هانيا) بأنها بحاجة للتحدث مع أحدهم بشأن ذلك المدرس لذا قررت الذهاب ل (رائد) واخبره بكل شئ فهى لا تثق برد فعل (طلال) ابداً لابد وأنه سيتهمها بأنها فهمت ما قاله خطأ وأنه لن يتعدى إيطار المجاملة نظرت للساعة التى فى يدها وعلمت أن (رائد) سيكون الآن بالمنزل لذا ارتدت ملابسها على الفور وبعدها هبطت للأسفل لتستقل سيارتها وفى خلال نصف ساعة كانت قد وصلت طلبت من الخادمة أخبار (رائد) بأنها تريد رؤيته وبعد دقائق قد وصل (رائد) بابتسامته المعهودة وقال
-ده ايه المفاجاءة الحلوة دى ؟!
ابتسمت (هانيا) لتلك المجاملة ثم قالت
-ممكن اتكلم معاك شوية ؟!
شعر بالجديو فى طريقة حديثها لذا أجابها على الفور
-اه طبعاً يا (هانيا) ٠٠ اقعدى
قالها وهو يشير لها لتجلس على الأريكة فجلست وهو الآخر حينها شعر بتوترها لذا حسها على الحديث
-فى ايه اتكلمى ؟!
حينها قصت له كل شئ عن ذلك المدرس وكيف طلبت من (طلال) أن تبدل ذلك المدرس لكنه رفض وعن خوفها من مصارحته بذلك الشأن فيأتى باللوم عليها حين تغير وجه (رائد) للغضب ولكنه حاول السيطرة على نفسه ثم قال
-(طلال) عملى شوية لو مقولتيش ليه سبب مقنع مش هيوافقك طبعاً ٠٠ عموماً أنا ممكن اتصرف واشيلك المدرس من المدرسة كلها واخليه قاعد فى بيتهم مش لاقى أى شغل ٠٠ بس ٠٠ بس أنا شايف أن دى فرصة تغيرى علاقتك الروتينية ب (طلال) شوية ٠٠ (طلال) يستاهل كل خير بس مشكلته أنه عملى زى ما قولتلك حتى مشاعره عملية ٠٠ وإنتى عارفة كده كويس (طلال) لما شافك واعجب بيكى كلم والداك ع طول حتى مكلمكيش إنتى ولما قعدتوا مع بعض إنتى وافقتى
-ده لانى كنت معحبة بيه من قبل ماهو يتقدم اصلاً وفرحت أنه اتقدم اصلاً
هز (رائد) رأسه بآسى ثم قال
-إزتى مجنونة اصلاً يا (هانيا) مش قادر اعرف واحد عملى زى (طلال) حبك ازاى
زمت (هانيا) شفتاها بضيق شديد ثم قالت
-ماهو لسانك ده مش هتجيبه من بارة كلكوا نفس اللسان
ضحك (رائد) كثيراً فتابعت هى
-المهم اعمل ايه ؟! ٠٠ أنا لو سبت المدرس يجى البيت ييقى أنا قابلة مغازلته ليا وأنا مش عاوزه يفهم كده ؟
-كأنى مسمعتش منك حاجة وخدى رآى (طلال) ٠٠ (طلال) راجل مش بقرون يعنى يا (هانيا) عشان يسمع كده ويقولك إنتى الغلطانة ٠٠ مشكلتك أنك دايماً بتخافى من رد فعل (طلال) ٠٠ جمدى قلبك
شعرت وقتها (هانيا) بتوتر كبير ثم تمتمت قائلة
-ربنا يستر
فى ذلك الوقت دلف (أدهم) للداخل الذى دعاه (رائد) لكى يتناول طعام الغداء معهم فرحب به (رائد) من ثم نهضت (هانيا) قائلة
-طب انا همشى بقى دلوقتى
تحدث (رائد) قائلاً
-طب اتغدى معانا طيب
تحدثت بأسف قائلة
-مش هينفع عشان (مايا) لوحدها ٠٠ وقت تانى إن شاء الله
ثم ودعته هو و (أدهم) وانصرفت نحو الخارج هبطت (روفيدا) فى تلك الاثناء الدرج لكى يتناولوا معاً طعام الغداء ابتسمت ل (أدهم) ثم قالت
-ازيك عامل ايه ؟!
-الحمد لله بخير
فقاطعهم (رائد)
-روحى بقى حضرى الغداء على السفرة ولما تخلصى اندهى لينا
-بتحب الاوامر أنت
-جداً ميجلبش نوم الا لو مأمرتش مرتين تلاتة فى اليوم كده
هزت رأسها بآسى وذهبت نحو الداخل لكى تجهز المائدة بينما كان (أدهم) عقله مشغول بذلك الوغد الذى كان يتحدث مع (جميلة) فقاطع (رائد) افكاره تلك قائلاً
-اللى واخد عقلك
ارتبك (أدهم) قليلاً فتابع (رائد)
-اه اللى واخد عقلك ٠٠ من ساعة ما (وليد) غيرك وبقيت غامض
ابتسم (أدهم) قليلإ ثم قال
-ابداً ٠٠ بس بنت شغالة عندى كان فى واحد عربجى بمعنى الكلمة بيضايقها واتصدمت أنه متقدم ليها وأنها بتفكر والموضوع مش محتاج تفكير ده لازم يترفض ع طول
-هى حرة ٠٠ يمكن بتحب النوع ده
-وهو ده نوع يتحب
هز (رائد) كتفاه بلا مبالاة ثم قال
-هى حرة
شعر وقتها (أدهم) بأن ذلك الأمر قد أخذ اكثر من حجمه لذا قال
-صح صح ٠٠ هى حرة
وقتها جاءت (روفيدا) لتقول
-الاكل جاهز
ذهبوا جميعاز على مائدة الطعام وبدئوا فى تناول الغداء وما أن انتهوا حتى قال (رائد)
-فى شوية ورق هخلصهم واجى اقعد معاك يا (أدهم) ٠٠ اقعد مع (روفيدا) وأنا مش هتأخر أقل من نص ساعة
-اه ٠٠ اه اتفضل طبعاً
تركهم (رائد) وشعرت (روفيدا) بالخجل قليلاً ولا تعلم السبب ربما لأنها لأول مرة معه بمفردها فى منزلها وهى اعتادت أن تقابله فى الجامعة وأن يوصلها ولا يتعدى بوابة المنزل معاً لذا قالت له
-ممكن نقعد بارة شوية
-اه طبعاً
خرجوا سوياً إلى الحديقة معاً وجلسوا على الأريكة وظلا صامتين لبعض الوقت كل منهم ينظر أمامه شاراداً دون أن يتحدث للأخر ولكن انتبهت (روفيدا) إليه وقالت
-هو أظت ممكن تكلمنى عن نفسك شوية ؟!
انتبه لها (أدهم) اخيراً وقال
-عاوزة تعرفى ايه ؟!
-يعنى أنا معرفكش كويس ٠٠ مكنتش قريبة منك ٠٠ كل اللى اعرفه أنك أنت ابن عم (رائد) وصاحبه بس معرفش حاجة تانية ؟!
-مع أنى اعرفك من وأنتى صغيرة ٠٠ واعرف كل حاجة عنك تقريباً
شعرت هى بالخجل بعض الشئ من نفسها ثم قالت
-م٠٠ مانا كنت بشوفك مش هكدب بس مكنتش اعرف عنك حاجة
-ماما الله يرحمها ومامتك اللى يرحمهم كانوا صحاب جداً سمعتهم فى مرة بيتكلموا أنهم عاوزين (رائد) و (شجن) يتجوزوا وأنا وأنتى يتجوزوا ٠٠ كنت ساعتها لسه صغير برده وأنتى طبعاً ٠٠ ومهتمتش بكلامهم ده بس لما كبرتى وبقيتى فى ثانوى وكنت بشوفك دايماً بتيجى تشوفى (رائد) وأنا موجود ابتديت احس أنى منجذب ليكى وكل يوم عن يوم كنت بشوفك مراتى
شعرت وقتها بالخجل ثم ابتلعت ريقها وحاولت تغير مجرى الحديث
-وأنت طيب ؟! بتعمل ايه فى يومك ؟! ٠٠ وايه سر تغير لبسك يعنى لما أنت بتلبس كده مكنتش بتلبس ليه من الاول
-أنا مش بعمل حاجة غير فى الشغل أو فى البيت مع (شجن) ٠٠ بالنسبة للبسى تقدرى تقولى أنى اتعودت زمان ع ستايل لبس معرفتش اغيره أو أن زوقى وحش جداً
رمشت (روفيدا) بعينيها عدة مرات ثم قالت
-الله يحفظك ٠٠ يعنى بجملة زوقك الوحش خطيبتك كمان وحشة
ابتلع (أدهم) ريقه وشعر بخجل شديد للغاية ثم حاول تصحيح الوضع قائلاً
-لا لا مقصدش ٠٠ اقصد أنى معرفش انقى اللى يناسبنى
اتسعت عينان (روفيدا) من وقاحة حديثه رغم أنها تعلم أنه لا يقصد ذلك فقالت بنبرة محذرة
-بص انت متكلمش تانى ٠٠ مفهوم ؟!
هز (أدهم) رأسه بالإيجاب وهو يقول
-مفهوم ٠٠
ضحكت عليه كثيراً ثم قالت
-هدخل اشوف ابيه خلص ولا لا
-اتفضلى
دلفت (روفيدا) للداخل ثم طرقت باب المكتب الخاص ب (رائد) وما أن أذن لها بالدخول حتى فتحت الباب لتدلف للداخل واقتربت من المكتب الخاص ب (رائد) وجلست اعلاه وقالت
-خلصت شغل يا ابيه ؟!
-إنتى ايه اللى خلاكى تسيبى خطيبك وتيجى هنا
زمت شفتاها وعقدت يدها نحو صدرها وقالت بنبرة متذمرة
-ده قفل خالص يا أبيه ٠٠ و مدب كمان
ضحك (رائد) كثيراً ثم قال
-بس قلبه طيب
-تمام قلبه طيب ٠٠ بس لسانه يا أبيه
-وإنتى عاوزة ايه يا قردة ؟!
-أنا عاوزة واحد زيك يا أبيه كده ٠٠ أمور شيك بيعرف يتعامل مع بنات
-مش هتلاقى اطمنى ٠٠ ارضى بنصيبك
-أنت كده بتطمنى يعنى ؟!
-صدقينى قلبه طيب ومش هتلاقى زيه
-ماشى يا أبيه ٠٠ خلينى ماشية وراك
فابتسم لها ونهض عن مقعده وقبل رأسها فنظرت هى إلى عينه التى دائماً تشعرها بالدفئ والحنان وقالت
-يااااه يا ابيه كل ما ابص فى عينك بحس بدفا كده مكنش موجود إلا عند ماما و (عاصم) وأنت
-يمكن مثلاً عشان أنا و (عاصم) وارثين عيون ماما
ابتسمت (روفيدا) قليلاً ثم قالت
-فعلاً
-طب يلا روحى يا بكاشة اعملى لينا عصير وأنا خارج اقعد معاكوا
-من عينيا ٠٠
***********************
منذ البارحة احتبست (أسما) نفسها فى غرفتها حتى أنها لم تذهب اليوم للعمل لاحظ والدايها تبدل حالها وأنها ليست على ما يرام لذا طلب والداها من والداتها أن تسئلها وتطمئن على حالها فأتجهت نحو غرفتها وطرقت باب الغرفة ودلفت للداخل بعد أن سمعت صوت (أسما) يسمح لها بالدخول وجدت (أسما) متكأة غلى الفراش فأقتربت منها وجدت أن عينيها حمروتان يبدو أنها كانت تبكى مما زاد القلق بقلب والداتها فقالت وهى تجلس بجوارها
-مالك يا بنتى ؟! بقالك كم يوم مش عجبانى ٠٠ بالذات النهاردة لا خرجتى من أوضتك ولا حتى روحتى شغلك أنتى عمرك ما غبتى ولا أتأخرتى عن شغلك
-ومن هنا ورايح مش رايحاه
-حصل ايه ؟! أنتى متخانقة مع (ريان) ؟!
ابتسمت (أسما) بسخرية على حالها ثم قالت
-خطوبتنا اتفسخت يا ماما من 4 أيام
وضعت والداتها يدها على فمها بعدم تصديق ثم قالت
-ايه إللى حصل ؟!
ترقرقت الدموع فى أعين (أسما) ثم قالت
-كنت فاكرة فى الأول انه بيتلكك وفسخ الخطوبة من الباب للطق كده ٠٠ بس جيت ع كرامتى وسئلته بيقولى آن كل حياتى ووقتى للشغل والدراسة وأنه ملوش جزء من يومى ٠٠ بس هو ميعرفش يا ماما أنى عاوزة ابقى زيه هو دكتور شاطر اووى رغم أنه صغير فى السن والكل بيشهد ليه بكده كنت حابة ابقى زيه يا ماما كنت حابة أنه يتباهى بيا فى مكان ٠٠ بس ٠٠ بس هو مش عاوز كده عاوز حب واهتمام وأنا معرفتش اديه ده
اكملت جملتها بثبات مصطنع فحضنتها والداته وظلت تهون عليها وانتظرت حتى هدئت قليلاً ثم ابعدتها عنها وحدثتها قائلة
-أنا قولتلك كذا مرة أنك تهتمى بيه ومسمعتيش كلامى دايماً كنت بنبهك تكلميه وتطمنى عليه
مسحت (أسما) دموعها وقالت
-مكنتش فاكرة ان (ريان) زى باقى الرجالة ٠٠ كنت فاكراه مثقف ومتفهم وهيفتخر بيا بعد ما اخلص رسالتى كنت فاكرة أن اللى بعمله ده بيقربنا من بعض وابقى فى مستواه الفكرى مكنتش فاكرة أنى بعمل فجوة بينا
اخذت والداتها نفس عميق ثم قالت
-بصى يا بنتى مش هتقعدى تعيطى ع اللى فات لانك لا هيرجع ولا هتعرفى تغيره بس قدامك حلين يا تنسيه وتبدئى صفحة جديدة وتحطى فى اعتبارك ده لما ترتبطى بحد ياما تحاولى تتغيرى وتبينى ليه أنك اتغيرتى و ٠٠
قاطعتها (أسما) قائلة
-متكمليش يا ماما أنا مش هتذلل ليه عشان يرجع ٠٠ زى مانا غلطت هو غلط ٠٠ ليه متكلمش معايا ليه منبهنيش ليه سابنى بالطريقة المهينة دى !! ٠٠ ليه يا ماما خلانى اروح اسئله سابنى ليه ٠٠ انا كرامتى هتتحفظ قدامه وقدام غيره ولو اتغيرت هتغير عشان اضايقه مش عشان حد ابداً ولا عشان اوريله انى اتغيرت كمان واندمه
ربتت والداتها على كتفاها ثم قالت
-وأنا معاكى فى اى خطوة ٠٠
-يبقى تقطعى علاقتك بمامته
نظرت لها والدتها بعدم تصديق ثم قالت
-ازاى وإنتى عارفة أننا صحاب من زمان
-زى ما هان بنتك اقطعى علاقاتك بمامته
-ربنا يهديكى يا (أسما)
**********************
فى مساء اليوم التالى جلست (شجن) فى غرفتها الخاصة وجدت نفسها تفكر ب (وليد) ولا تعلم السبب فى ذلك فهى لن تنكر على الأقل بينها وبين نفسها أن وجوده فى يومها أصبح يعنى لها الكثير فمنذ أخر مرة التقت به لم تراه شعرت بحاجة ماسة لرؤيته أو حتى سماع صوته أمسكت هاتفها وقررت الأتصال به برقم لا يعرفه قد ابتاعته بعد طلاقهم وفى لحظة جنونية وطائشة منها قد اتصلت به وبعد ثوان سمعت صوته يقول
-الو
عضت شفتاها وشعرت بغبائها لما قامت بذلك الأتصال قاطع افكارها المضطربة تلك وهو يقول
-الو
لكنها وجدت نفسها تبتسم وهى تسمع صوته وبعدها اغلق الخط على الفور عندما لم يجيب الطرف الآخر فزمت شفتاها بضيق أغمضت عيناها بآسى لما تعاند كل هذا العند ولكن ماذا أن عادت له وأصبح يشك بها هى لن تتحمل ذلك أحضرت المذكرات الخاصة بها وبدئت فى كتابة
(لأول مرة قلبى ينبض لك لكن له نبضتين نبضة حب ونبضة خوف ٠٠
خوف منك فلن اتحمل منك الشك ابداً
حينها سيتحطم قلبى للمرة الثانية)
أغلقت المذكرات الخاصة بها وأخذت نفس عميق ثم خرجت لتصنع لنفسها كوب من عصير الليمون وأخذت هاتفها معها فسمعت صوت رسالة ففتحت الهاتف لتجد رسالة منه
(وحشتينى)
ابتسمت وشعرت وقتها بشعور غريب فدوماً كانت تسمع تلك الكلمات منه أو تقرأها ولكن تلك المرة مختلفة لها نكهة آخرى بالتأكيد لأن عينيها وروحها وقلبها اصبحا ينظران له كعاشق ٠٠
استمعت إلى صوت رسالة آخرى ففتحتا
(بقالى يومين مشوفتكيش
بس مش عاوز اضغط عليكى بشئ
ومقدرتش فى نفس الوقت مقولكيش وحشتينى )
ابتسمت قليلاً ثم قامت بأرسال له رسالة
(أنت فى العيادة ولا خلصت ؟ )
(فى العيادة)
(شكلك دكتور فاشل ومفيش عيناين عندك )
(وليه متقوبيش ناجح
ومفيش مريض بيجيلى إلا مرة واحدة وبعدها الحمد لله يخف)
(زى عقلك كده)
شعر (وليد) حينها أن تتحدث معه بإريحية فابتسم بسعادة ثم أرسل لها
(أنا صحيح عقلى خفيف بس كله منك إنتى السبب
طيرتيه مع البرج اللى كان فى دماغى)
(ربنا يهديك
روح كمل شغلك)
(ماشى
بس بما انى بنام ع ع واحدة
وواحدة رياضية زيك بتنام بدرى فاحب اقولك تصبحى ع خير)
(وأزت من اهله)
ابتسمت حين انتهت من الحديث معه وبدئت فى شرب العصير الخاص بها وعلى وجهها نفس الأبتسامة ٠٠
*******************
شعر (ريان) بأنه يريد أن يتحدث ويخبر (عتاب) بتلك المشاعر التى بدئت أن تنمو فى قلبه وحسم ذلك الأمر نهائياً لذا طلب منها أن يتناولا العشاء معاً ووافقت فقد كانت تريد أن تخرج من منزل (ريان) ولو قليلاً فمنذ أن اتت لمنزله لم تخرج بل بالأحرى منذ أن ذهبت إلى المستشفى لم ترى أى شارع إلا تلك المرة الذى ذهبوا فيها لعمل بعض الفحوصات لها وأخذها فى سيارته وعادت بالسيارة لم تستطع رؤية الطريق حتى لذا فتلك بالنسبة لها فرصة رائعة لأستنشاق الهواء النقى فدلفوا سوياً داخل مطعم وجلسوا على طاولة ما وطلب (ريان) الطعام من النادل ثم نظر إلى (عتاب) التى كانت تنظر حولها فى كل مكان كأنها عصفور خرج من قفصه للتو فابتسم عليها ثم قال
-للدرجة دى انام كنت حابسك
هزت رأسها نافية ثم تحدثت برقة
-لا ابداً ٠٠ بس بقالى كتير مشوفتش ناس ٠٠ نفسى اشتغل
-هدورلك شغل ٠٠ أنا اصلاً عايزك تعيشى حياتك عادى ٠٠ حتى نتيجة الفحوصات اللى عملتهالك بتبين أن مفيش عندك أى مرض عضوى ممكن يسببلك هلاوس سمعية أو بصرية
ابتسمت قليلاً ثم قالت
-طب ده كويس
-لا مش كويس لأن كده الحالة بقت فصام ونفسية
زفرت (عتاب) بضيق قائلة
-أنا مش بيتهيئلى يا دكتور ٠٠ أنا واثقة من اللى بقوله
-أى حد عنده فصام بيبقى فاكر كل اللى بيسمعه ويشوفه واقع ملموس
-برده فصام !!
ابتسم على نبرتها الطفولية تلك ثم قال
-عموماً أنا جايبك هنا عشان موضوع تانى
-خير ؟!
ابتلع (ريان) ريقه ثم قال دون أن ينظر لها
-بصراحة أنا ٠٠ أنا حاسس أن فى مشاعر ٠٠ مشاعر بدئت تكبر ناحيتك ٠٠ أنا معجب بشخصيتك جداً وبجمالك وبأدبك وبتمنى أنك تبادلينى الشعور ده
لم يسمع منها أى صوت فرفع بصره لها كى يسئلها أن كانت ترفض ليس عليها أن تحرج منه ولكنه وجدها تنظر لأحد ما خلفهم وعيناها متسعتين بدهشة وخوف فنظر خلفه لم يجد شئ فأمسك يدها وقال
-فى ايه يا (عتاب) ؟!
انتبهت (عتاب) للمسة يده ونظرت ليده ثم عينه وقالت بخوف
-(ف٠٠فضل) هنا ٠٠
عتاب
•تابع الفصل التالي "رواية عتاب" اضغط على اسم الرواية