رواية اسمنجون الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مريم محمد
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بقلم/ مريم محمد عبد القادر
(حقيقة)
عادت زمرد الى الحانوت وهي تفكر في خطة ما لتبدأ في مهمتها المطلوبة منها لكنها قررت أولا أن تذهب الى التمثال المجنح مرة آخرى لتعرف حقيقة الباب الحجري فقد يساعدها في وضع خطة ما
وبالفعل ذهبت زمرد الى التمثال ثانية عندما سمحت لها الفرصة .. ظلت تجول وتحوم حول التمثال تتفقد كل شبر فيه حتى عادت الي الباب بين يديه وظلت تتفقده هو الآخر تطرق عليه تارة وتدفعه تارة آخرى حتى وجدت فتحة صغيرة مستطيلة أسفل الباب فقامت برفع الباب لأعلى من خلالها ولكن المفاجأة كانت أنها وجدت خلف الباب الحجري سد .. حائط حجري لهيكل التمثال وكأنه باب الى اللاشئ
زمرد: ما هذ ا ؟ لا يوجد شئ هنا إذا ما فائدة هذا الباب
.. ولماذا أخبرني عنه برسين ؟.. هل يعقل أن هذا التمثال ليس هو المقصود أيضا ؟
وبينما كانت زمرد تحاول البحث عن أي شئ داخل هذا الباب الغريب أمامها ... قام أحد الحرس الداخلي للمدنية بإمساك يديها وضمهما خلف ظهرها معا بإحدى يديه .. ووضع سيفه الذي أمسكه بيده الآخرى على عنقها .. وقال بنبرة مهددة: ما الذي تفعلينه بآثار مدينتنا أيتها المختلة ؟
جذب الحارس زمرد وهو مايزال يقيد ذراعيها التي آلمتها بشدة حتى أنها ظنت أنه سيقوم بخلع ذراعيها بين يديه ولم يعطها الفرصة لتدافع عن نفسها فقد كان شخصا جَلدا للغاية
كان الحارس الشاب يصحب زمرد الى مكان ما ولكنه كان يتحرك بسرعة كما أنه كان قاسيا للغاية عليها وأثناء سيرهما سقطت ملائة زمرد التي تحجبت بها من فوق رأسها وواصلا السير حتى وصلا الى معسكر الجند عند أطراف المدينة وهناك كان يوجد سجن قام الحارس بحبس زمرد في أحد زنزاناته ولم تتمكن من الفرار هذه المرة
قال الجندي بصوته المميز: ستبقين هنا حتى يتم إخبار القائد ليڤون لينظر في أمرك
كانت زمرد غاضبة للغاية ليس لأنها أصبحت أسيرة بل لأن حجابها قد سقط منها كما أنها كانت تشعر بخيبة أمل بعد عدم عثورها على أي شئ عند التمثال الحجري
مر الكثير من الوقت كانت فيه زمرد وحيدة حزينة حتى وصل ليڤون أخيرا .. والذي بدى على وجهه علامات الغضب التي لم يفلح في إخفائها.. وكان يقف معه الجندي الذي ألقى القبض على زمرد .. ولكن فور أن رأت زمرد ليڤون أشاحت بنظرها عنه فقد كان يعتمل قلبها من الإحراج والتوتر ما يكفيها
وفور أن رأى ليڤون الحالة التي كانت عليها زمرد طلب من الجندي - الذي كان يدعوه كينا - أن يذهب ويتركهما وحدهما .. ثم قام ليڤون بفتح زنزانة زمرد ودلفها .. وخلع ملائته الأسمنجونية ولفها حول رأس زمرد فغطى شعرها مرة آخرى .. لم يكن ليڤون يعرف لماذا تفعل زمرد هذا..
ولكنه كان يدرك تماما أنها لم تكن تريد أن يظهر شعرها أمام أحد
نظر ليڤون الى زمرد الساكنة أمامه بنظرات عتاب أوجعت قلبها ثم خرج من الزنزانة وأعاد إغلاقها
كان يوجد أمام الزنازين طاولة وكرسي والذي جلس عليه ليڤون ومازالت نظراته موجهة الي زمرد وصورة وجهها الباكي وجسدها المرتجف من آخر مرة لا تفارق مخيلته .. وظل يسأل نفسه لماذا فتاة ضعيفة مثلها لا تقوى علي حماية نفسها تفعل هذا ؟ لماذا توقع نفسها دائما في المشاكل والمشاحنات مع الجنود ؟
ظل صامتا لوقت طويل حتى قال أخيرا: ألم أخبرك ألا تعبثي بممتلكات أسمنجون مرة آخرى ؟... هذا ما كنت أحذرك منه .. لحسن حظك أن كينا هو من رآك فهو لا يفعل شيئا بدون الرجوع إليّ أولا وإلا لكنتِ ميتة الآن
ثم بدأ ليڤون يسأل زمرد عن ما كانت تفعله عند التمثال وما الذي دفعها لهذا ؟ والكثير من الأسئلة الآخرى ولكن زمرد لم تنطق بحرف واحد بل لم تكن تنظر إليه
ومرت الساعات والأيام والحال كما هو ليڤون يسأل وزمرد لا تجيب عليه .. إلا أنها كانت تزداد ضعفا وهوانا كل يوم حتى جاء ليڤون في أحد الأيام وعلى وجهه علامات الحزن والقلق وقال: لقد حان وقت تدخل رئيس الوزراء في قضيتك والنظر في أمرك فالتمثال الذي عبثت به يعد من التراث القديم العزيز على أهل المدينة .. لقد تسببت لنفسك بالمشاكل ووقعتي في مأزق هذه المرة
صمت هنيهة ثم أمسك بالقضبان الحديدية ونظر الي زمرد وقال بعد أن زفر ببطء: على الأقل أخبريني بأي شئ حتى أتمكن من الدفاع عنك أو تبرير موقفك أمام الوزير
ولكن لم تجب زمرد على السؤال كباقي الأسئلة الآخرى المعلقة .. كاد ليڤون يجن من صمت زمرد .. قام بوضع كفيه على رأسه ودار بالمكان قليلا ثم طرق على القضبان وقال بانفعال: أرجوك قولي أي شئ
لم تكن زمرد تعرف ما الذي عليها قوله أو كيف تشرح موقفها وما تمر به فقد كانت لا تصدق قصتها وهي التي تعيش أحداثها بنفسها
رغم أن ليڤون لم يبح بهذا أو يخبر به أحد إلا أنه كان معجب بزمرد منذ مدة طويلة وقد زاد إعجابه وحبه لها مؤخرا وكان شعوره بأنه قد يفقدها أو أنها قد تصاب بأذى وهو غير قادر على فعل شئ كفيلا بأن يجعله يفقد صوابه
وفي تلك الأثناء دخلت الى حجرة الزنازين أحد خادمات أفراد الجند والتي كانت خادمة خاصة بالقائد وقالت وهي تمد يدها بكتاب ما: سيدي القائد .. أثناء تنظيفي لثكنات الجيش .. عثرت على كتابك المفقود منذ مدة طويلة
ليڤون : وهل ترين أن هذا هو الوقت المناسب لهذا ؟
الخادمة : اعتذر إليك يا سيدي
أخذ ليڤون الكتاب من يد الخادمة وأشار إليها بالمغادرة ففعلت .بقلم/مريم_عبدالقادر. جعل فعل الخادمة هذا ليڤون أكثر غضبا ولكن ما جعله مندهشا حقا ان زمرد فور رؤيتها للكتاب نهضت من مكانها وصاحت بصوتها المتعبَ : الكتاب
توجهت زمرد الى باب الزنزانة والذي استندت عليه لعدم قدرتها على الوقوف وحدها من شدة التعب وقالت: كيف أتى هذا الكتاب الى هنا ؟
ثم مدت يدها خارج القضبان وطلبت من ليڤون أن يعطيها الكتاب ولكنه لم يفعل وقال: أسألك منذ أيام ولا تجيبي .. والآن أنت من يقوم بسؤالي
زمرد : أعتقد أني رأيت هذا الكتاب من قبل
ليڤون : وأنا لا اعتقد هذا
رفع ليڤون الكتاب أمام زمرد ثم أردف قائلا: كتابي لم أعطيه لأحد من قبل .. فكيف يمكن أن تكوني قد رأيته ؟
لم تجب زمرد على السؤال ثانيةً ولكنها قالت له محتوى الكتاب بالتفصيل مما جعله يرتبك .. فسألها: وكيف تعرفين ذلك ؟
زمرد : أخبرتك أنني رأيت الكتاب من قبل
تمتمت بصوت خافت : برسين المجنون لم أتوقع شيئا كهذا .. لقد فهمت الآن سبب رائحة الكتاب تلك لأنه كان ملكا لك من البداية
لم يكن ليڤون يفهم أي شئ مما تتحدث عنه زمرد التي أردفت قائلة: إذا ربما تكون أنت الفارس الشهم الذي تحدث عنه برسين
ليڤون : ما الذي تتحدثين عنه ؟ هل لك أن تشرحي لي ما يحدث ؟
زمرد : وهل ستصدقني إذا فعلت ؟
ليڤون : هذا يعتمد على ما ستقولينه
بدأت زمرد تقص عليه كل شئ منذ ذهابها الى مكتبة العجوز بهاء الى هذه اللحظة واخبرته عن أعمال الوزير الفاسد وواجبها للتخلص منه
ليڤون : هل تمزحين معي الآن ؟
زمرد : أخبرتك .. تمنيت لو كان الأمر أسطورة حقا .. قصة خيالية كتبت على سطور ورقة في كتاب .. لكن ما يحدث الآن هو درب من الجنون
ليڤون : المجنون الحقيقي هو أنا .. لأني تركتك تقومين بخداعي بسهولة هكذا .. يبدوا أنني لم أكن بكامل قواي العقلية مؤخرا
غادر ليڤون المكان تاركا خلفه زمرد المريضة وقد زادت كلماته القاسية ألما لقلبها فوق ألم جسدها
_____يتبع
•تابع الفصل التالي "رواية اسمنجون" اضغط على اسم الرواية