رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اية حسين
الفصل الخامس عشر: لص
تمرُّ علينا بعض اللحظات يسيطر علينا الغباء، كان "علي" في تلك اللحظات، لقد نوى أن يخبر "عمر" أولًا، لكنه أراد الذهاب إليهما الآن و بشدة، لم يقرر أن يخبرهما بشيء، لكنه أراد لقاءهما.
رغبةً ملحةً غريبةً كانت، كان جانبٌ من نفسه يخبره أنه أراد أن يتعرف على أهل "عمر"، اللذَين سمع عنهما الكثير، أراد التعرف على أصحاب الأثر المميز على صديقه، و جانبٌ آخر يكذِّب هذا الكلام و يقول أنه ذهب فقط ليتثبّت من مكانهما كي لا يبيع الوهم لـ"عمر" دون معرفة عن موقعهما.
سأل حارس العمارة عن "إبراهيم"، فقال الرجل بحنق:
- هو كل شوية حد يسأل عليه، هي بقت شغلانة ولا ايه؟ ما قلنا في الدور الخامس ده ايه الهم ده.
استغرب "علي" لكنه تجاهل حديثه إلا ثلاث كلمات: «في الدور الخامس»، فصعد و هو يرتب الحديث داخل عقله. تبين الشقة التي كان بابها مفتوحًا، طرق الباب برفق فلم يجب أحد، طرق مجددًا فلم يجب أحد. انتابه القلق، يمكن أن يوجد أحدٌ يعاني بالداخل أزاح الباب بهدوءٍ فدخل بتؤدة موِّجهًا عينيه للأرض.
شقةٌ بسيطة، أجمل ما فيها هو عدم ازدحامها بالأثاث، إذ وُجدت بها مساحات فارغة جعلتها تبدو أكبر من مثيلاتها. حدّق بالسجادة على الأرض و تاه بين زخرفاتها، خطوطٌ رفيعة و متداخلة حاول أن يجد لها بدايةً و نهاية، لكنه فشل.
تنهد لكن الهواء حُبِس داخله من الفزع حين سمع:
- أنت دخلت هنا ازاي؟! و بتعمل ايه هنا؟! برة بسرعة يا حرامي.
ردّ "علي" مذعورًا:
- لا حرامي ايه بس، أنا مش حرامي و الله.
- اومال داخل هنا تتشمس؟!
- لا أنا قعدت أخبط على الباب كثير جدًا ماحدش فتح، لقيت الباب مفتوح قلت أدخل ليكون في مشكلة ولا حاجة.
- هبلة أنا عشان أصدق المسرحية الخايبة بتاعتك ديه.
ثم تناولت هاتفها في حين قالت متوعدة:
- أنا هتصل لك بجوزي دلوقتي يعرفك تمامك.
لحظة، ألم يرَه يدخل البيت منذ دقائق؟ كيف هو ليس هنا؟ سأل مستغربًا بعفوية:
- هو مش المفروض هنا أصلًا؟ أنا شفته داخل.
قالت السيدة "هدى" غاضبة:
- أنت بتراقبنا بقى! عمومًا هو نسي حاجة و رجع ياخدها و مشي ثاني،
ثم استطردت بسخرية:
- ابقى راقب بضمير بعد كده.
اتصلت بزوجها، و قد جاء بعد قليل إذ لم يكن ابتعد كثيرًا عن البيت، قال "علي" مكررًا:
- و الله أنا مش حرامي يا طنط، أنا كنت بخبط محدش فتح.
شهقت "هدى" و هي تستنكر قائلة:
- طنط مين؟! بقى أنا عيل في طولك يقول لي يا طنط!
قال مستنكرًا:
- هو أنتِ مش لسة قايلة امبارح ابني لو كان عاش كان بقى شبهك؟!
قالت "هدى" مظهرةً الاشمئزاز:
- ابني أنا يبقى شبهك أنت يا حرامي يا لص.
خرج "علي" من البيت بعد الكثير من التوبيخ و الاستجواب من "إبراهيم" و "هدى"، و هو يلوم نفسه على ذهابه، لم يخبرهما كذلك لكنه ألقى حجةً للقائهما فتُرك يذهب بعدما تذكر "إبراهيم" أنه نسي الباب مفتوحًا. قال لنفسه متذمرًا:
- قال عيل في طولك قال، ده أنتِ ابنك فاضل له اثنين سنتي و يكسر السقف.
∆∆∆∆∆∆∆∆∆
كانت "أروى" تدندن كلمات أغنية تحبها و هي جالسة على الأريكة تشرب الشاي قبل أن تجلس "مديحة" زوجة خالها بجانبها و هي تقول باسمة:
- رايقة أنتِ عالصبح يا "أروى".
قالت "أروى" بصدقٍ و قد شقّت وجهها الابتسامة:
- وحشتيني يا "مديحة" بقالنا كثير ما قعدناش مع بعض.
قالت "مديحة" مستنكرة:
- وحشتك ده ايه بقى، مش أنتِ رايحة جاية مع "إيناس" و نسيتني خلاص.
- و هو حد يقدر ينساكِ ده أنتِ سكرة العيلة.
أطلقت "مديحة" ضحكةً ثم قالت:
- اضحكي عليّ بكلمتين.
أكملت "مديحة" الأغنية التي كانت تدندنها "أروى" فغنّتا سويًا مع الابتسامات المحبة. كانت "أروى" تحب زوجة خالها بشدة، التي عطفت عليها مثل أبنائها.
دخلت عليهما "جنة" فجلست بجانب "أروى" و قالت على استحياء و هي تمسك بيد "أروى":
- صوتك حلو اوي يا أروى اللهم بارك.
قالت "أروى" بنبرةٍ جافّة خلت تمامًا من أي عاطفة:
- ماشي.
قبل أن تقوم داخلةً غرفتها.
نزبت عبرةٌ من عين "جنة" ثم ارتمت في حضن والدتها "مديحة" قبل أن تجهش ببكاءٍ خفيف.
قالت "مديحة" متحسرة و هي تحتضت ابنتها:
- سامحيني يا حبيبتي أنا آسفة، أنا الي عملت فيكم كده، أنا الي ظلمتك و ظلمتها
ربتت "جنة" على كتف أمّها التي قالت بندمٍ عظُم قدره:
- أنا الي عملت كده من الأول أنا الي غلطانة.
∆∆∆∆∆∆∆∆∆
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( هل بعد الفراق يا امي لقاء) اسم الرواية