Ads by Google X

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السادس عشر 16 - بقلم اية حسين

الصفحة الرئيسية

    

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السادس عشر 16 - بقلم اية حسين

الفصل السادس عشر: اللقاء الأول
          
                
و مواضع أخرى كثيرة، حين سكبت عليها ماءً باردًا في الشتاء أمام الجميع، و حين جعلتها ترتدي لباسًا باليًا لأنها لم ترَه، و حين جعلت رفيقاتها في المدرسة تتنمرن عليها.



أدرك الأبوان أنه يجب تفريقهما عن بعض فنُقِلت "أروى" لغرفة "إيناس" التي عطفت عليها و توّطدت علاقتهما رغم فارق السنِّ على غير المتوقع.



لم يدرك أيٌّ منهم أن ما تحتاجه "جنة" حقًا هو بعض الاحتواء، أن يُشعرها شخصٌ أنه يحبها كما هي، و يضرّها النظر لها على أنها مجرمة، و جلسات التوبيخ من أبيها و أمّها و أختها حين تضايق "أروى" فيتأكد لها أكثر أنهم يفضّلون "أروى" عليها.



                                    ∆∆∆∆∆∆∆∆∆



ارتدت "إيناس" ملابسها ثم وقفت أمام المرآة، لقد تعبت حقًّا من ذلك، تقف أمام المرآة و لا تستطيع الثقة بشكلها، حاولت كثيرًا تنسيق لباسها بشكلٍ أنيق و تفشل كل مرة.



دخلت عليها "جنة" فقالت:
- واقفة بقالك ساعة قدام المراية كالعادة، يابنتي شكلك حلو و الله.
ثم جلست على كرسيٍ وُجِد قريبًا منها في حين قالت "إيناس":
- ماتحلفيش كدب بس.
ثم جلست بجانبها.



سألت "جنة":
- هي "أروى" نازلة معاكِ صح؟
أجابتها "إيناس" مؤكدة، فقالت "جنة" و هي تفرك يديها مرتبكةً و راجية:
- ما تاخدوني معاكم.
ابتسمت "إيناس" ابتسامةً حاولت جعلها دافئة بنبرةٍ معتذرة:
- أنتِ عارفة إنه مش هينفع.
كانت "جنة" تعلم أن رجاءها مقطوع، "أروى" أهمّ بالطبع، و "أروى" لا تتحمل المكوث معها في مكانٍ واحد لأكثر من ثلاث دقائق. قالت و قد رسمت ابتسامةً مريرةً على محيّاها:
- طبعًا، ما هي الست "أروى" هانم أهمّ، و هي مش عايزاني، فمش مهم بقى أولع أنا.
ردّت "إيناس" بنبرة صوتٍ شابها اللوم و هي تثني يدها اليُمنى لتضعها في يدها اليُسرى المفرودة:
- اهو المشوار ده بالذات تبع "أروى" أصلًا، و احنا مانعرفش الناس، و هتبقى قلة ذوق لو جبنا حد زيادة، يعني الموضوع مش عشان "أروى" هتتضايق بس.



تنهدت "إيناس" بعدما قامت من جانب شقيقتها، أحيانًا تشعر أنها في دوّامة بين شقيقتها وابنة عمّتها، عليها فصلهما كي لا تحزن "أروى" ثم تذهب لإرضاء "جنة".



                                 ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



- هو أنت جايبنا هنا ليه؟
قالتها "إسراء" بانزعاج لأخيها حيث كانا يجلسان في مطعم أنيق، كانت الإضاءة هادئة و ألوان الكراسي الجلديّة المريحة بين الأصفر و الأسود، رائحة الطعام نفّاذة يسيل لها اللعاب. أجاب "عمر" بذات الانزعاج:
- بخرجك يا بت في ايه؟ ايه التكشيرة ديه؟!
- بتعمل حاجات غريبة والله.
قال في استنكار:
- بعمل حاجات غريبة عشان مخرجك في مطعم نظيف.
قالت باستهزاء و هي تلوّح بيدها:
- يا عم.
زفر "عمر" حانقًا، لا يعجبها شيءٌ مهما حاول!




        
          
                
قالت بعد دقائق بعدما زفرت:
- مش هتأكّلني حاجة طيب؟ ولا أنت جايبني تجوّعني ولا ايه؟
قال باشمئزازٍ من أسلوبها الفجّ:
- هو أنتِ يا بنتي ماينفعش تتكلمي بذوق خالص؟! لسانك ده ماينظفش أبدًا؟!
ثم قال بعدما تنهد:
- عمومًا هأكّلك يا ستي، 
ثم بدأ يقرأ لها قائمة الطعام أمامه.



قطع حديثهما دخول "إيناس" و "أروى"، فجلستا - بعد السلام- بجانب "إسراء"، "أروى" على يمينها و "إيناس" على يسارها بينما جلس "عمر" على المقعد المقابل لهنّ.
استنكرت "إسراء" وجود الفتاتين كثيرًا، ماذا تفعلان و ما علاقتهما بـ"عمر" الذي قام فور أن رآهما؟! ثوانٍ ثم قام "عمر" متعذرًا برغبته في دخول دورة المياه كي لا يسبب إحراجًا لهما.



كانت"أروى" تحاول بدء الحديث بأسئلةٍ عامّة لكن إجابات "إسراء" المقتضبة لم تساعدها، قالت "أروى":
- طب بقولك هاتي ايدك كده خلينا نتعرّف على بعض.
استغربت "إسراء" من جملتها قبل أن تأخذ "أروى" يدها و تتحسّها، لتجد "إسراء" نفسها تفعل المثل.
استطاعت "إسراء"- من لمس يد "أروى"- تحديد أن يدها صغيرة قليلًا، و ممتلئة بحدٍ متوسط، كما استطاعت "أروى" معرفة أن يد "إسراء" جافّة قليلًا كبيرة و نحيفة بدرجةٍ كبيرة، كانت يد "أروى" دافئة بينما كانت يد "إسراء" باردة جدًا بالنسبة لـ"أروى". قالت "أروى" بعد ذلك:
- حطي ايدك على وشي بقى.
ميّزت "إسراء" وجه "أروى" الدائري الممتلئ كما ميّزت "أروى" وجه "إسراء" النّحيف الطويل. ثم كرّرت "إسراء" فعلتها مع "إيناس" و هي تتخيل شكل كلٍّ منهما في حين قالت "أروى" مترفقة:
- لو عايزة تتعرفي على أي بنت اعملي معاها كده، عشان تتخيلي ملامحها و ماتحسيش إنك بتكلمي مجرد صوت بس.



 بعد فترة كان "عمر" قد عاد للجلوس أمامها بعدما قامت "أروى" و "إيناس" لدقائق. سألت "إسراء" في بعض العدائيّة:
- مين دول يا "عمر"؟
- ناس أعرفهم.
قالت بخبث:
- و الناس الي تعرفهم دول كلهم بنات ما شاء الله.
- ياريت تلمي نفسك بقى يا "إسراء" عشان هم داخلين علينا.



- هو ايه بقى؟
قالتها "إسراء" متذمرةً لـ"أروى" و "إيناس" اللتَين اقتحمتا الجلسة فجأة بشكلٍ غريبٍ بالنسبة لها، قالت "إيناس" مستفسرة:
- ايه؟
- ايه بقى؟ أنتم مين؟ و اقتحمتوا حياتنا فجأة كده ليه؟ قاعدين بتعملوا ايه أصلًا؟
قالت "أروى" ساخرة:
- أنتِ ماسمعتيش عن الذوق قبل كده؟ 
قالت "إسراء" و هي ترسم ابتسامةً مشمئزةً على وجهها:
- لا ماسمعتش، ياريت تقوموا بقى.
استنكرت "إيناس" بشدة في حين قالت "أروى":
- و ايه الي يخلينا نقوم؟
أجابت "إسراء" على سؤالها الذي بدا غبيًّا في عدائيّة:
- عشان أنا معرفكوش.
- طب ما تعرفينا، مش يمكن نطلع كويسين.
تنهدت "إسراء" ثم قالت:
- أنا مش عايزاكم تطلعوا كويسين ولا وحشين، أنا مش عايزة حد أصلًا.
- ليه مش عايزة حد؟
استشاطت "إسراء" غضبًا من برود الأخرى و أسئلتها، فصرخت قائلة:
- كده، أنا مش عايزة حد، أنا حرة! ده ايه البرود الي أنتِ فيه فيه ده؟!
أطلقت "إيناس" ضحكةً مكتومة، كيف لا و هي تعرف "أروى"؟ لديها برودٌ يجعل من أمامها يشتعل سخطًا دون أن يتحرّك داخلها شيء.



قالت "أروى":
- مش عايزة حد عشان خايفة تباني ضعيفة؟
سكتت "إسرء" و كأنّما صُمّت بينما لم ترِد "إيناس" التدخل فتابعت الحوار في صمت. استطردت "أروى":
- بتبني حصونك و أسوار قلعتك عشان ما تنهاريش في لحظة قدام أي حد، ولا عشان ماتبقيش عالة على حد؟
كانت "أروى" تعرّي "إسراء" أمام نفسها، و كان ذلك قاسيًا عليها، "أروى" محقة في كل كلمةٍ قالتها، لقد اعتادت على ذاتها الصراحة و لم تعتدها كاذبة متخفيّة فقالت و قد نزلت دمعةٌ من عينهيا اللتين لا تفعلان شيئًا سوى ذرف الدموع:
- الاثنين.
- طب ما تقعي و تقومي ايه المشكلة؟ و ليه هتبقي عالة؟ طبيعي تبقي محتاجة الي يساعدك زي ما إن شاء الله هيكون عندك الي تقدميه.



قالت "إيناس" لتغيّر موضوع الحوار الشائك:
- هو أنتِ بتدرسي ايه؟ أو اتخرجتي من كلية ايه يا "إسراء"؟
وجدتها "إسراء" فرصةً لتغيير الموضوع فأجابت:
- كنت في سنة أولى في كلية إعلام.
قالت "إيناس" مستفسرة:
- كنتي؟!
قالت "إسراء" في مرارة:
- أكيد مش هعرف أكمل بعد الي حصل لي.
- ليه؟ طب ما "أروى" اتخرجت من إعلام السنة الي فاتت برضو عادي، بس للأسف مفيش جريدة رضيت تشغل واحدة لسة متخرجة و كفيفة.
صدمتها جملة "إيناس"، "أروى" كفيفة؟! لم تكن تعلم. ربما تعرف الآن لمَ جمعها "عمر" بهاتين.
 

 
google-playkhamsatmostaqltradent