Ads by Google X

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السابع عشر 17 - بقلم اية حسين

الصفحة الرئيسية

    

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السابع عشر 17 - بقلم اية حسين

الفصل السابع عشر: سلسلةٌ من الخيبات
          
                
مرّت قرابة الساعتين و "أروى" لا تتوقف عن الاتصال بـ"إسراء" التي تتجاهلها، قبل أن يرنّ جرس الباب. قامت "إسراء" لتفتح ظانّةً أنه "عمر"، سألت و هي تفتح:
- ايه الي جابك بدري كده يا "عمر"؟ مش قلت هتخلص على المغرب؟
وجدت نفس الصوت الذي بدا مزعجًا في تلك اللحظة يقول:
- لا أنا مش "عمر".
كان صوت "أروى". 



قالت "إسراء" حانقة:
- هو أنتِ يا بنتي مش وراكِ حاجة غيري؟ ما تروحي تشوفي حياتك بقى و تسيبيني في حالي! ثم أنتِ عرفتي عنواني منين أصلا؟
جاء صوتٌ أنثوي مختلف بقول:
- حاولت أقنعها إن مينفعش الي بتعمله ده ماسمعتش كلامي.
ثم حمحمت قبل أن تقول:
- ازيك يا "إسراء" أنا "إيناس".
- لا بصوا التعارف ده نشيله لبعد ما القمورة تلبس عشان تنزل معانا.
قالتها "أروى" لتقول "إسراء" باستشاطة:
- أنا أكيد مش هنزل مع ناس غريبة ماعرفهاش جابوا عنواني بطريقة أغرب.
تجاهلت "أروى" جملتها و قالت:
- المهم هتنزلي باللي عليكِ ولا هتغيري؟



كنّ يجلسن في أحد المطاعم داخل مبنىً تجاريّ حين قالت "إسراء":
- مش قادرة أصدق إني نزلت معاكم.
تجاهلت "أروى" ما قالته كالعادة و هي تسأل:
- هتاكلي ايه؟
- مش عايزة آكل.
كذبت "إسراء" فيما قالته إذ بلغ الجوع منها مبلغًا عظيمًا. قالت "أروى" لـ"إيناس":
- اطلبي لها من البتاع الي جربناه قبل كده و عجبني هتحبه.
علّقت "إسراء" و قد يئست منها:
- نفسي أعرف أنتِ جايبة العشم ده كله منين.



                                   ∆∆∆∆∆∆∆∆∆



- احكي لي بقى، أنتِ مين؟
- أحكي لك ايه؟ 
كان هذا سؤالًا من "أروى" لـ"إسراء" التي أجابت سؤال بسؤالٍ ثانٍ مستغربةً مستفسرة. قالت "أروى":
- أنا عايزة أعرف مين "إسراء" الي قاعدة قدامي، بتعمل ايه و عملت ايه و حياتها ماشية ازاي؟



لم تبدِ "إسراء" أي تجاوب فقالت "أروى":
- طيب هبدأ أنا، أنا "أروى" عندي ٢٣ سنة، اتخرجت من كلية إعلام زي ماقلت لك قبل كده، بحب البيتزا و المكرونة البشاميل، و بحب أتكلم كثير اوي، بجس إن ربنا خد من عيني و حطه في لساني، بس حتى لما أتكلم، بحب يكون كلامي له لازمة مش مجرد رغي. أكثر حدث مؤثر في حياتي كان يوم الحادثة، الي راح فيها أبويا و أمي و أخويا، و فقدت نظري، حياتي اتغيرت بسببها، مش عايزة أقول إنه حدث محوري في حياتي عشان بحاول ما أخليهوش كده و يبقى عندي ذكريات ثانية حلوة أفتكرها و أحكي عنها غير الحادثة. المهم إنه خالي و مراته و بنته ماسابونيش و أقدر أقول إنهم نوروا لي حياتي.



ضغطت "أروى" على كفّ "إيناس" كي تفعل مثلها فحمحمت "إيناس" قبل أن تقول:
- و أنا "إيناس"، عندي ٢٧ سنة، اتخرجت من طب و خلصت الامتياز و بعد كده اشتغلت في «مستشفى النور» الي أخوكِ بيشتغل فيها زي ما أنتِ عارفة برضو، عندي أخت أصغر و بقى ليّ أخت ثالثة بسبب حادثة، و بحب الطبخ و بحس إني شاطرة فيه، ماعنديش طموح غير إني أكمل في شغلي الي بحبه و أتقدم فيه.
سكتت "إيناس" لبرهة قبل أن تستكمل:
- ساعات كده لما كنت بتعب من المذاكرة أو أزهق من طول فترة دراستي بشك إني اخترت المجال عشان أنا عايزاه، بقول لنفسي كده إن المكان مش مكاني و إني قررت أدخل الكلية بس عشان تعظيم المجتمع للدكتور عن باقي الشغلانات، لكني بتأكد إن كل ده وهم و أنا بشوف فرحتي لو عالجت حد مريض أو خففت ألمه.



كان دور "إسراء"، لم تدرِ ماذا تقول، لو وصفت حياتها لقالت إنها سلسلةٌ من الخيبات بعد أملٍ كبير، باستثناء الخيبة الأولى التي لم تعرف قبلها الأمل أو التوقعات، لكنها بالتأكيد أرادت حياةً أفضل بين أبوين محبَّين، و الخيبة الثانية حين توّهمت كما توّهم أخوها أنه بمجرد خروجهما من بيت عمّهما ستبتسم لهم الدنيا قبل أن يرتطما بقسوة الواقع و صعوبة تدبر العيش، أمّا الخيبة الثالثة و الأعظم في نظرها تلك اللحظة، و هو عندما تحسّنت الأوضاع المادّية فأقبلت على الحياة ظانَّةً أنه لا خيبات بعد، لتُفجع بفقدانها بصرها.



 قالت أخيرًا بعدما تنهدت:
- مش عارفة أقول ايه بصراحة، لو عايزين تعرفوا أنا فقدت نظري ازاي، فالموضوع إن واحد زقني بالغلط فوقعت من فوق السلم على مركز الإبصار في مخي.
لم يعجب "أروى" ما قالته فقالت لها منزعجة:
- لا هو أنتِ حياتك ماانحسرتش على عماكِ، أكيد كان عندك ذكريات قبل الحادثة و إن شاء الله هيبقى عندك بعدها.
 
قالت "إيناس" استكمالًا لما قالته قريبتها:
- احنا عايزين نعرف أنتِ بتحبي ايه و بتكرهي ايه؟ عشتي حياتك فين و مع مين و ازاي؟ و ايه طموحك للي جاي؟ أنا ساعدتك و قسمتها لك اهوه جاوبي بقى.



قالت "إسراء" مغتصبةً الضحكة:
- أصلي خايفة أعيط و أقلبها نكد.
ردّت "أروى" ضاحكة:
- ياستي ماتقلبيها نكد براحتك و احنا هنتنكد معاكِ، احنا بنقدّر النكد.



قالت "إسراء" بعد هنيهة:
- واحد قضى سنين طويلة اوي في السجن، و أول ما خرج و يادوب بيشم الهوا عربية داسته. ساعات بحس إني كده، قضيت وقت كثير اوي من عمري في «كان نفسي» و «كنت فاكرة»، كان نفسي أعيش وسط أهلي الي بيحبوني و بيهتموا بيا، مش في بيت عمي الي ماشفتش فيه يوم عدل، كنت فاكرة إن لما نهرب منه كل حاجة هتبقى تمام، و اتصدمت بأرض الواقع، كنت فاكرة إن الأوضاع خلاص اتحسنت و إني هعيش حياة حلوة و اتصدمت ثاني بالحادثة.



أمسكت "إيناس" بيد "إسراء" تربت عليها بعدما استشعرت حزنها من تعابير وجهها. تابعت "إسراء":
- بحب ايه و بكره ايه، كنت بحب القراءة جدًا، بكره أي حد فاكر نفسه معلم و هو ولا حاجة، و بكره أقعد مع ناس كثير، زمان كنت بحس إني قلقانة لو في مجموعة، دلوقتي مش قلقانة لكن مخنوقة.



                                   

 
google-playkhamsatmostaqltradent