رواية عتاب الفصل التاسع عشر 19 - بقلم علا السعدني
الفصل التاسع عشر
صمت (ريان) فلم يكن يعلم كيف علم (طلال) بذلك لذا تحدث بهدوء
-لأنها كانت بتتعالج غلط
ضرب (طلال) كف يده بالمكتب بقوة ثم قال
-فى حاجة أسمها ترجع لأدارة المصحة ماهياش وكالة من غير بواب ٠٠ حظك أن البنت دى ملهاش اهل ولا حد سئل عليها وإلا كنت رميتك فى السجن ٠٠ أنا هكتفى بفصلك من المستشفى وبس عشان لا تعمل كده تانى ولا فى واحد حتى يفكر مجرد تفكير أنه يكرر عملتك
ابتلع (ريان) ريقه ثم تحدث بهدوء
-أنا مقدر الحالة اللى أنت فيها كويس ٠٠ بس ياريت تروح تسئل دكتور (مروان) هو عمل كده ليه وايه مصلحته أن يخلى (عتاب) تفقد الذاكرة وتبقى مدمنة كمان شوف مين دافعله عشان يعمل كده وايه السبب
-أنت متقوليش اعمل أيه ومعملش ايه ٠٠ فى ظرف نص ساعة تكون لميت كل حاجتك ومشيت
أخذ (ريان) نفس عميق ونظر له بغضب شديد ثم ترك غرفة مكتبه وقرر أن يأخذ أغراضه ويرحل من تلك المصحة فكر لثوان كيف علم (طلال) بذلك خطرت بباله فكرة لكنه لم يعد يعلم مدى صحتها حتى استمع لصوت هاتفه قد وصله رسالة من رقم غير مسجل فقام بفتح تلك الرسالة
(مبروووووووك الرفد يا دكتور ٠٠ تعيش وتاخد غيرها)
اضيقت عينان (ريان) وهو يقرأ تلك الرسالة حينها ضم قبضة يده بغضب ولملم اغراضه ٠٠
******************
داخل متجر فاخر لبيع الحلوى بحث (أدهم) بعينيه عن افخم أنواع الشوكولا فقد قرر أن يبتاع ل (جميلة) علبة من الشوكولا ويضع معها رسالة أعتذار عما قاله فهو لم يقصد أبداً أن يشكك بأخلاقها كما ظنت هى هو فقط ٠٠ لا يعلم ٠٠ لا يعلم شعوره عندما يعرف أن (جمال) مقرب منهم إلى ذلك الحد فتاة جميلة مثقفة متعلمة ك (جميلة) لا يليق بها ذلك الوغد أبداً لذا اختار نوع فاخر من الشوكولا وطلب من أحدهم أن يوصل تلك العلبة إلى منزل (جميلة) بعد أن اعطاهم العنوان وقام بلصق مظروف أعلى العلبة وفى خلال ساعة كان قد وصل الشاب الذى يعمل بالمتجر أمام منزل (جميلة) وطرق باب الشقة ففتحت له تلك الصغيرة الذى نظرت له بدهشة وهى تقول
-افندم
-مش ده منزل الآنسة (جميلة) !!
-أيوة
قدم الشاب علبة الشوكولا للفتاة وقال
-العلبة دى للآنسة
اطلقت الصغيرة صافرة وهى تأخذ العلبة بعدها أغلقت باب المنزل وعادت بالداخل لغرفة (جميلة) التى قالت
-مين يا (بسنت) ؟!
-واحد جايب ليكى العلبة دى
قالتها وهى تقدم لها العلبة فاندهشت (جميلة) ثم قالت بصوت خافت
-معقول يكون (جمال) !!
لذا قامت بسحب الظرف الذى أعلى العلبة وقامت بفتحه لتقرأ ما به
(أنا آسف
أعلم أننى قد تخطيت قلة الذوق بمراحل ولكنى لم أكن أقصد ما فهمتيه
أنتى فتاة جميلة ومثقفة ومتعلمة وتستحقين ماهو أفضل من ذلك الوغد
أتمنى أن تتفهمى ما أقصده جيداً
لم أرسل لكى ورود حتى لا تظنيه هو
أدهم)
زمت شفتاها بضيق شديد ثم قالت
-الست الوالدة كانت بترضع فيك ايه أنا نفسى أفهم
ابتسمت (بسنت) عندما وجدت (جميلة) تحدث نفسها وسئلتها
-هو منه ؟!
-أه للأسف
-ليه للأسف ده شكله بدء يهتم اهو
-يهتم !! اسكتى يا (بسنت) إنتى عيلة ومش فاهمة حاجة
-طب تقدرى تقوليلى بعت ليكى ليه علبة الشوكولا دى
-ده مجرد إعتذار عن اللى قاله أو بمعنى اصح اللى حدفه ٠٠ تخيلى بيقولى مجبش ليا ورد عشان مفتكرش أنه من (جمال)
-مش يمكن غيران
ابتسمت (جميلة) بسخرية ثم كررت بإستنكار
-غيران !! ٠٠ إنتى بتحلمى ٠٠ عارفة ساعات بحس أنه من كتر ماهو عارف أن محدش هيشتغل زى ما بشتغل وبخلص ليه شغله فهو مش عاوزنى ارتبط ولا اتجوز عاوزنى قعداله فى المكتب ٠٠ هو بيثق فيا وبس قالها ليا مليون مرة ٠٠ ده غير أنه ٠٠
قالتها ثم صمتت لم تستطع أكمال حديثها
-كملى يا ابلة (جميلة)
تذكرت حين حكى عن نفسه كأنه صديقه بعد أن علمت أنه قد فسخ خطبته من (روفيدا) اذا كان يتحدث عن نفسه قد اخبرته حقاً أن صديقه لا يجب خطيبته ولكن بالحقيقة هى لا تعلم ربما كثرة الحب تجعلنا ننتقم من من احبانهم ولم يبادلونا نفس الشعور ربما مازال يحبها ربما اخطئت فى فهمه لذا قالت
-أنا عارفة ٠٠ عارفة يا (بسنت) بيحب خطيبته السابقة وبس ٠٠ ويمكن اللى عنده ده مجرد فراغ عاطفى مش أكتر ٠٠ مش معقول إهتمامه يتعدى أكتر من أنه وحشه أن يبقى فى حياته ست وأنا مش استبن ولا عمرى هكون له أو لغيره استبن
-كبرتى الموضوع يا أبلة (جميلة) كده ليه !!
-لأنى مبقتش عاوزه يشوفنى مبقتش عاوزه يحبنى مش بعد ما كسر قلبى وما كنت قدامه هسمحله يدخل حياتى تانى عشان سببين أولهم خايفة اكون اصلاً مش فى باله وساعتها هتكسر أكتر ولو هو بيفكر فيا تبقى مصيبة لأنى كنت قدامه طول الوقت فكر فيا دلوقتى ليه
ثم نظرت لعلبة الشوكولا وقالت
-وزعيها ع العيال كلهم اللى فى العمارة أنا مبحبش الشوكولا أصلاً
أتسعت عينان (بسنت) بعدم تصديق فتابعت (جميلة)
-وكمان مش عاوزة حاجة منه ٠٠ شيليها من قدامى ٠٠
*******************
فى ظهيرة اليوم خارج منزل (وليد) طرق أحدهم على باب المنزل الخاص بهم ولكنه لم يستمع فتثائبت (شجن) وعلمت أن تلك هى حماتها العزيزة فقد قالت بالأمس أنها ستجلب لهم الفطور لذا ذهبت تجاه باب المنزل وفتحته لتجد بالفعل (چيهان) فقالت مع إبتسامة خفيفة
-صباح الخير يا طنط
-اومال فين (وليد) ؟!
شعرت (شجن) بالضيق وقالت
-نايم
ولكن آتى (وليد) من خلفها وقال
-أنا هنا يا ماما ٠٠ صباح الخير
ثم اغلق باب الشقة على الفور ونظر ل (شجن) بغضب التى كانت تقف أمام باب الشقة بدون حجاب وببيچاما ذو حمالة وبنطال قصير لاحظت (شجن) غضبه وأنه تجاهلها هو الآخر وحمل عن والداته الطعام ليدخلوا بالداخل سوياً فابتسمت بسماجة ثم قالت
-الصراحة كده كملت ع الاخر
ولكنها دلفت خلفهم وبدئت تضع الطعام على المائدة وجلسوا سوياً ليتناولوا الطعام فتحدثت والداته قائلة
-عامل ايه يا حبيبى ؟! شكلك مضايق
ونظرت إلى (شجن) بضيق فهز (وليد) رأسه نافياً
-لا خالص يا ماما ٠٠ هضايق ليه بالعكس أنا مبسوط جدا طول مانا مع شجن
-طب كويس
بعدها نظرت ل (شجن) وقالت
-كلى مابتاكليش ليه ؟
-ب٠٠ باكل يا طنط
عادت (چيهان) بنظرها مرة آخرى إلى (وليد) وقالت
-هتنزل الشغل امتى ٠٠ اصل يعنى مش معقول تسيب شغلك ولا صدقت انكوا عرسان جداد
قالتها وهى تبتسم بسخرية فتابع (وليد)
-عادى يا ماما أنا محتاج اريح كم يوم عموماً ابتداء من الاسبوع الجاى هشوف شغلى متقلقيش
-ماشى يا حبيبى
وجهت نظرها إلى (شجن) ثم قالت
-وإنتى مبتشتغليش مش كده ؟
-اه يا طنط
-بس القعدة فى البيت وحشة وتتخنى وتحسى أنك فى البيت ملكيش لازمة كده
حاولت (شجن) التحكم فى عبوثها
-مش حابة يا طنط
زمت (چيهان) شفتاها بضيق فقال (وليد) بهدوء
-ماما !! سبيها براحتها
نهضت (چيهان) ثم قالت
-طيب أنا هروح شقتى بقى ٠٠ عاوز حاجة يا جبيبى ؟
-لا يا ماما شكراً
-هبقى اكلمك اطمن عليك
ثم قبلت رأسه وخرجت للخارج فنظر (وليد) إلى (شجن) بغضب شديد فابتلعت ريقها وقالت
-كنت عارفة أنها مامتك ٠٠ قالت هتيجى الصبح
-ده مش مبرر تفتحى الباب بالشكل ده
-أنت عاوز تتخانق وخلاص ٠٠ اتخانق بقى
-إنتى مش شايفة أنك غلطانة
-اه غلطت بس هعمل ايه يعنى اللى حصل حصل بعد كده هبقى اخد بالى ٠٠ اتخانق أنت بقى
هز رأسه بآسى ثم قال
-هو النكد ده الراعى ال سمى للجواز ما كنا ماشيين زى الفل
-قول لنفسك
-خلاص يا (شجن) بس إنتى عارفة أنى غيور و ٠٠
ضمت (شجن) قبضة يدها ثم قالت
-هى مامتك تقصد ايه يا (وليد) ٠٠ يعنى ايه ابقى فى البيت مليش لازمة
-متقصدش حاجة طبعاً وبعدين أنا قولتلها تسيبك براحتك
-صح قلت ٠٠ بس الكلمة ضايقتنى
-خلاص هقولها ٠٠ وهقولها متكلمش معاكى تانى و٠٠
-متقولهاش حاجة ٠٠ معلش أنا أعصابى تعبانة من ساعة ما شفتك مكشر فى وشى ع الصبح
ثم اقتربت منه ووقفت على اطراف اصابعه وأعطت له قبلة وقالت
-متزعلش منى
وضع يده على كتفها وحاوطها بيده ثم حملها بين ذراعيه وقال
-بحبك اوووى
ابتسمت له وقالت
-وأنا كمان ٠٠
*******************
فى عصر اليوم وصل (رائد) إلى دار الأيتام لكى يرى كلاً من (حفصة) و (عتاب) استمعت لبعض الفتيات التى يعملن معها وهم يقولوا
-أستاذ (رائد) بقى يجى كتير اووى اليومين دول مش ملاحظين
فتحدث الآخرى قائلة
-فعلاً مش عوايده
شعرت (عتاب) وقتها بالخجل يشوبه سعادة لم تغمرها من قبل هى لا تعلم حقيقة شعورها نحوه ولكنها أحبته فى خيالها وقد ظهر فى حياتها كان فى خيالها نذل حقير ولكن فى الحقيقة هو رجل رائع ولكن هل هو حقاً يأتى من أجلها أم أنها مجرد صدفة ؟! اقتربت منها عاملة الدار وأخبرتها بأن (رائد) يريد رؤيتها شعرت بتوتر كبير ثم أمسكت الهاتف الخاص بها ثم قررت د ب (ريان) الذى أجاب على الفور رغم الغضب الهائل بداخله
-أيوة يا (عتاب)
-أنا متوترة اوووى ٠٠ اوووى
-ليه ؟!
-ا٠٠ اصل ٠٠ ا٠٠ اصل (رائد) هنا وعاوز يشوفنى وبعدين أنا ٠٠ أنا سمعت يعنى أنه بقى يجى كتير اووى اليومين دول من ساعة ما شوفنا بعض و ٠٠
قاطعها (ريان) بغضب شديد ثم قال
-ما عشان كده قلت سيبى الشغل معاه عشان متقعديش تحلمى احلام ملهاش لازمة
-أنت بتكلمنى ليه كده أنا مش فاهمة ؟! وبتزعق كده ليه
-عشان مبتسمعيش الكلام ودماغك ناشفة ومصرة تمشى فى الطريق الغلط
شعرت (عتاب) بالضيق لأول مرة منه ولا تعلم السبب فهو دوماً هادئ معها وحنون كيف تحول لتلك الدرجة لذا قالت
-عن اذنك أنا هروح اشوف شغلى وآسفة ع ازعاجك
لم تنتظر منه رد وأغلقت الهاتف على الفور بينما زفر هو بضيق على الجهة الآخرى وهو يقول
-غبية
أخذت (عتاب) (حفصة) معها وذهبوا إلى مكتب (رائد) طرقوا للباب ثم دلفوا داخل المكتب بهدوء ابتسم (رائد) حينما رائهم واقترب من (حفصة) وانحنى ليقبل وجنتها ثم قال
-أنا آسف حقك عليا
ثم أخرج من جيب بنطاله عبوة كبيرة من الشوكولا واعطها ل (حفصة) وهو يقول
-عشان متزعليش منى خالص
ابتسمت (حفصة) بسعادة ثم قالت
-ميرسى اوووى يا بابا
نظرت لهما (عتاب) وهى مبتسمة فأقترب منها (رائد) وهو يقول
-عاملة ايه ؟!
-الحمد لله
فقالت (حفصة)
-أنا هروح الحمام وجاية
ابتسم (رائد) ثم قال بصوت خافت
-مانا مبحبكيش من شوية
خرجت (حفصة) من المكتب فشعرت (عتاب) بتوتر كبير فأخرج (رائد) عبوة آخرى من الشوكولا واعطاها لها وهو يقول
-دى عشانك
همت (عتاب) لترفض ولكن لمعت عيناها حين رأت أنها شوكولا بنكهة الفروالة المحببة إليها ثم قالت بطريقة رقيقة
-انا كنت هرفض ٠٠ بس بحبها اووى بصراحة
ابتسم (رائد) ابتسامة رائعة ثم قال
-بجد ؟!
- أيوة جداً بصراحة
حاول (رائد) أن يفتح معها أى موضوع ثم قال
-إنتى مبسوطة هنا ؟
-جداً ٠٠ هو اشمعنا حضرتك بتحب (حفصة) ؟
-أنا بحبهم كلهم
-بس الكل ملاحظ اهتمامك ب (حفصة)
ابتسم قليلاً ثم قال
-عشان هى جميلة ورقيقة وكمان شقية وسرقت قلبى
قالها وهو ينظر لها بخبث فابتلعت هى ريقها وشعرت وكأنه يتحدث عنها لا يتحدث عن (حفصة) فضربت مقدمة رأسها على غبائها وهى تحدث نفسها قائلة
(بطلى غباء بقى)
نظر لها (رائد) بإندهاش وهو يراها تضرب رأسها هكذا ثم قال
-هو فى حاجة ؟!
زمت (عتاب) شفتاها وحدثت نفسها مرة آخرى
(هيقول عليكى ايه غير مجنونة)
ثم ابتسمت له ببلاهة وقالت
-اصلى نسيت ميعاد الدوا بتاعى
-دوا !!
-بتاع برد يعنى ٠٠ اصل جيلى دور برد
-اه ٠٠ أزلف سلامة
فى تلك اللحظة دخلت (حفصة) ثم قالت وهى تغلق الباب
-خلصت يا بابا
فنهضت (عتاب) وقالت
-أنا هروح اشوف باقى الأولاد حضرتك ممكن أول ما تخلص مع (حفصة) تبلغنى وأنا هاجى أخدها
شعر (رائد) لأول مرة بأنه لا يريدها ترحل من أمامه بل كان يريد منها المكوث معه فترة أكبر ولكن ماذا عليه أن يفعل ما باليد حيلة شاهدها وهى تخرج من باب من الغرفة ثم ضرب مؤخرة رأس (حفصة) وقال
-خلصتى حمام بسرعة كده ليه ؟!
نظرت له الفتاة بعدم فهم وقالت
-ها !!
فابتسم هو ثم قال
-تعالى نجيب اللعب اللى جبتها بارة ليكوا
-هييييه لعب جديدة!!
ابتسم لشقاوتها تلك التى يعشقها وقرص وجنتها ثم أمسك يدها ليخرجوا ويجلبوا تلك الألعاب لداخل الدار ٠٠
******************
فى صباح اليوم التالى ٠٠
ذهبت (روفيدا) للأمتحان الخاص بها كعادتها ووقفت مع صديقتها يتحدثون ولكنها كانت تتحدث بلا روح كعادتها الأخيرة منذ عودة (أشرف) وجدت أن صديقه المقرب يقترب منهم وعلى ملامح وجهه حزن شديد فقال
-احنا كلنا بعد الأمتحان إن شاء الله هنروح ل (أشرف) هتيجوا معانا ؟!
نظرت (روفيدا) له بعدم فهم وقالت
-ليه ؟! ٠٠ هو مش جاى الأمتحان
-والداته اتوفت الفجر
وضعت (روفيدا) يدها على فمها بعدم تصديق وتلألأت الدموع بداخل عينيها هى لا تتخيل كيف حاله الآن لابد وأنه منهار تحدثت صديقة (روفيدا) قائلة
-أكيد هنروح نعزيه
ثم نظرت إلى (روفيدا) وتابعت
-مش كده يا (روفيدا) ؟
تبادلت (روفيدا) النظر بينهم ولكنها لم تجيب أحدهم ورحلت من أمامهم ركضت صديقتها خلفها وأمسكت ذراعها
-رايحة فين ؟!
-رايحاله أكيييد مش هسيبه فى ظروفه دى ابداً
-والامتحان يا مجنونة
-مش مهم
وتملصت من يدها واسرعت نحو خارج الجامعة تنهدت صديقتها بعدم إرتياح ولكنها ابتسمت قليلاً فهى تعلم كم تحبه صديقتها ٠٠
استقلت (روفيدا) سيارة آجره وعندما سئلها السائق عن العنوان اغمضت عيناها وكأنها لم تفكر حتى أنها لا تعلم سوى أسم المنطقة التى يعيش بها لذا اتصلت بصديقتها وجعلتها تسئل صديق (أشرف) عن العنوان بالتفصيل وأخذته منها وأخبرت السائق كانت تحاول تخيل مظهره الآن لابد وأنه بائس حزين ففقدان الأم ليس بالشئ السهل أبداً هى قد فقدت ابويها معاً وتعلم كم النار التى تحرق قلبه الآن فى خلال نصف ساعة كانت قد وصلت للمنزل الخاص ب (أشرف) أرشدها صوت القرآن للطابق الذى يعيش فيه وما أن وصلت حتى وجدت باب الشقة مفتوح نزلت الدموع من عينيها دون أن تشعر ثم دلفت للداخل وجدت أناس كثر يبدو وأنهم أقارب (أشرف) ووجدته جالس على أريكة وهو منهار تماماً والدموع تنزل من عينيه شعرت بشئ ما قد كسر بداخل قلبها هى لم ترى دموعه أبداً تلك المرة الأولى التى ترى عينيه الخضراء التى تشع بهجة وسعادة وكأنها حقول نضرة قد روت لتوها ولكن الآن هى حقول ذابلة خالية من الروح باهتة اللون جلست بجواره وهى تقول
-البقاء لله
لم ينتبه (أشرف) لمن تحدث فهز رأسه بحزن وقال دون أن ينظر لها
-ونعمة بالله
مسحت الدموع التى لطخت وجهها وحاولت التماسك أمامه حتى تحاول أن تهون عليه ولكنها تعلم أن لا شئ يقال يخفف ذرة واحدة من الدموع فقالت
-أنا مش هقولك أن دى سنة الحياة وأن الحزن فى القلب وأن ٠٠ وأن ٠٠ لأن دى بديهيات وكلنا عارفنها ولأنه مش هيرجع اللى راح لا كلامى ولا دموعك
انتبه لصوتها جيداً الذى ميزه وتلاقت عينهم فى صمت طويل صمت عجز حتى عن أن يوبخها أو يشكرها لأنها جاءت هو بالفعل بحاجة إليها فى تلك اللحظة لذا لم يقل سوى
-امبارح بليل تعبت جالها هبوط مفاجئ فى الدورة الدموية وملحقنهاش
-الله يرحمها
نظر هو فى ساعة يده ثم نظر لها
-إنتى عليكى إمتحان دلوقتى
ابتسمت ابتسامة رقيقة وقالت
-مش مهم
نظر لها بإمتنان شديد ولكنه عاد لصمته فتابعت هى
-اتكلم أنا سامعاك ٠٠ عارفة أنه صعب بس مش بإيدينا حاجة قول كل اللى جواك ٠٠ المهم متخليش فى قلبك حاجة
-مش متخيل أبداً أن كمان ساعتين هى هتبقى تحت الأرض مش معانا ٠٠ عارفة يا (روفيدا) أنا مكنتش بخبى عليها حاجة أبداً كانت عارفة كل حاجة عنى ٠٠ ورغم كده مكنتش دايماً بريحها مكنتش الابن المثالى بما فيه الكفاية ٠٠ مش قادر افتكر غير كل موقف زعلتها فيه وهى خدت ع خاطرها منى ٠٠ لو ٠٠ لو كنت اعرف أن الحياة قصيرة كده مكنتش زعلتها ابداا
-بس أنت ليه بتفكر فى كده ٠٠ أنت عملت ليها حاجات كتير حلوة أيام كتير كنا لما بنروح كنت بتشترى ورد ليها عمرك ما نسيت عيد ميلادها ولو بهدية بسيطة ٠٠ أنت حتى قبل ما كنت بتروح البيت كنت بتتصل تسئلها لو عاوزة منك حاجة ٠٠ أنت كنت احسن ابن فى الدنيا دى يا (أشرف)
تنهد (أشرف) قليلاً واغمض عيناه مما زاد من هبوط الدموع وقال
-مش هشوفها تانى يا (روفيدا) ٠٠ مش هرجع البيت واخدها فى حضنى زى كل يوم ٠٠مش هاجى بليل واحكيلها ع كل اللى كنت بحاول اخبيه منها طول اليوم
بكت (روفيدا) بدون ارادتها ثم امسكت يده لتربت عليها وقالت بحنان
-ادعيلها ٠٠ ادعيلها يا (أشرف) فى كل صلاة ٠٠
***********************
وصل (ريان) لمقر شركة (رائد الشناوى) وهو يشعر بغضب شديد فهو لن يتهاون معه تلك المرة هو يعلم جيداً أن لا أحد سواه فعلها فهو ليس له أى أعداء أبداً صعد إلى مكتبه وطلب من السكرتيرة الخاصة به رؤيته فدلفت السكرتيرة داخل مكتب (رائد) لتخبره بوجود طبيب يريد رؤيته بالخارج وفى خلال دقيقة كان (ريان) يقف أمامه أمام مكتبه ولكنه تقدم نحو بكل الغضب الذى يشعر به وأمسكه من الچاكت الخاص ببذلته وقال بنبرة حادة للغاية
-أنت ايه حكايتك بقى بالظبط وعاوز منى أنا و (عتاب) ايه ؟! ٠٠ ماهو محدش غيرك اللى قال ل (طلال) يطردنى من المستشفى ٠٠
عتاب
•تابع الفصل التالي "رواية عتاب" اضغط على اسم الرواية