Ads by Google X

رواية جوازة ابريل (2) الفصل الثامن عشر 18 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

       

رواية جوازة ابريل (2) الفصل الثامن عشر 18 - بقلم نورهان محسن

     الفصل الثامن عشر (الوجه الآخر للحب) ج2
                                    
  

و إن خيروكِ فاِختاري من يُحسن إليكِ 
من يتشبثُ بكِ مهما كلفهُ الأمر 
من يراكِ الأجمل دوما
من لا يرى غيرك وكأن الأرض خَلت إلاَّ منك
من لا يستطيع الاِستغناء عنكِ لأنك أثمنُ ما لديهِ 
من يُقدر كل تفاصيلك الصغيرة التي تجعلُكِ سعيدةً للحدِ الذي لا حد لهُ 
من لا يجعلُكِ تتسائلين كل يومٍ بعديدٍ من الأسئلة التي تُنهي على ما بينكُما
من يُحيي تلك المشاعر الدفينة بداخلكِ الخائفة من زيف المشاعر 
من يعرجُ بكِ من أراضي الخيبة إلى سماوات الطمأنينة 
إن خيروكِ فأحسني الإختيار



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عند احمد



_حقك عليا يا حبيبي .. عارفه ان ما كانش المفروض اروح لماما من غير ما اقولك .. بس انا ما كنتش اقصد .. انا انا بصراحة اتضايقت قوي لما سبتني و رحت لها..



تغضنت معالم وجهه فور نطقها بأخر عبارة قبل أن يقاطعها ، قائلا بنبرة ثقيلة : غيرتي عليا؟



_غصب عني .. انت مش جوزي وحبيبي ده حقي مش كده



_عارف انك اخدتي علي خاطرك عشان سافرت.. 



صمت احمد لبضع ثوان وهو يقرأ بتأنً تعابير وجهها المنذهل من اعترافه ، ليستكمل جملته بما جعل قلبها ينبض بجنون عاشقة متلفهة لذلك الحنان الذي نادراً ما يمنحها إياه.



_انتي خاطرك عندي كبير و غالية عليا اكتر ما انتي متخيلة يا حبيبتي .. ومش عايز دا يتكرر تاني مهما يحصل تمام!!



تدفقت الدموع من عينيها فرحاً ، وتأثرت بكلماته بعد أن أثلج روحها المشتعلة بنيران الغيرة بصوته الرجولي الهامس الذي كان كالبلسم الذي نزل على قلبها ليهدئ جراحه ، لتحتضن خصره وتضع رأسها على صدره وهي تهمهم برقة مبحوحة : حاضر .. حاضر يا حبيبي



طبع قبلة هادئة فوق وجنتها ذات الملمس المخملي ، وهو يقترح عليها : طيب ايه ماجوعتيش .. عجبك السمك بتاع الصبح .. تيجي نتغدي سمك!!



استغربت نادية لتقول بغنج مغري ، وهي تحرك أناملها الرقيقة بنعومة فوق شعر صدره : حمودي!! انت ايه حكايتك مع السمك .. وهو حد في الدنيا يفطر سمك .. و دلوقتي عايز تغدينا سمك برده؟!



ضحك أحمد بخفة قبل أن يضغط علي أصابعها وهو ينحني نحوها ، ويهمس في أذنها بتثاقل مغر بعد أن استثارت غرائزه من دلالها الفطري : بعد حمودي بتاعتك دي العشا هيبقي سمك كمان.. 


                 
قاطعت نادية بقية جملته بشهقة خفيفة ، إذ شعرت بأصابعه تستكشف منحنيات خصرها وظهرها الفاتنين بلمسات جريئة من فوق فستانها ، لتسرى كهرباء الشوق في جسدها : كمان عشا لا كدا كتير اوي!!



مرر طرف لسانه على شفتيه بشهوة ، وتمتم بوقاحة صارخة : اومال اعملك ايه!! مش لازم اشحن بور عشان اعرف امعننك يا كوكتيل حلويات عايز اعصرك جوا حضني .. ما تجيبي اطه سريعة



غمغم احمد بالعبارة الأخيرة بإغواء مثير ، وهو يقرص خصرها علي حين غفلة ، فخرجت من بين شفتيها شهقة خافتة تذمرت بإنتفاضة : يا قليل الادب الناس رايحة وجاية قدامنا!!



إرتفعت ضحكته الرجولية التي اهلكت قلبها هياماً ، فيما يقضم شحمة أذنها برفق ، هامساً لها بأنفاس ساخنة : خلاص تعالي نكمل قلة ادبنا .. قصدي كلامنا جوا عشان ناخد راحتنا وافهمك علي السرير ليه مابشبعش من السمك لا ليل ولا نهار...



ضحكت نادية بتعجب منه ، فإلتمعت الرغبة في نظراته المفتتنة بها أكثر ، ثم قام فجأة ليحملها بين ذراعيه ، فتشبثت برقبته مستمرة بالضحك في سعادة غامرة ، وهي تراه يتجه نحو الشاليه ، ليطفئ نيران جسده المحترق في نعيم أحضانها المثيرة ، وبدون مقاومة منها إنصهرت ، مثل شمعة رقيقة تذوب ببطء شديد فى نيران أشواقه.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



عند لميس



أنهت مكالمتها الهاتفية مع والدها الذي أبلغها بقدومه إليها برفقة باسم ، ثم دخلت الغرفة فرأت أختها الصغيرة متعمقة في سبات عميق على الأريكة الصغيرة ، وعلى السرير ينام خالد بسكون يحتل ملامحه التى تنضح بالرجولة الممزوجة بعنفوان يأسر القلب.



تابعت لميس سيرها نحوه بخطوات حثيثة ، ثم جلست على الكرسي بجانب السرير وظهره للحائط ، ضاقت عيناها ، تتفحص الكدمات على وجهه الوسيم والجرح في جبهته الذي كان مخفياً برقعة لاصقة. 



انتبهت لميس علي حالها عندما وجدته يفتح عينيه ببطء مما أربك نبضات قلبها ، أما هو فكان نائماً من تأثير الدواء ، حتى تنبأت خلاياه الحسية بوجودها بمجرد دخول عطرها الآسر داخل أنفه.



نمت على شفتي خالد ابتسامة منتشية سعيدا برؤيتها ، وبدأ يمرر عشبيته اللامعتين بانجذاب لا إرادي على وجهها المتورد خجلا من تحديقه بها الذي زاد من دقات قلبها الخجول ، قبل أن تقرر بشجاعة كسر هذا الصمت المربك بصوت رقيق يحمل في طياته لمحة من الاهتمام أسعدت قلبه المتيم بها عشقًا : علي فكرة الدكتور قال تقدر تخرج انهاردة .. بس تاخد بالك من مواعيد الادوية و ماتحملش علي رجلك كتير علشان تشفي بسرعة بإذن الله




        
          
                
_لو وجودي هنا هيخليكي تفضلي جنبي كدا مستعد افضل في الرقدة دي ان شاء الله سنة



تمتمت لميس بذهول ، وهي تهرب بنظراتها بعيدا عنه : بعد الشر .. ايه اللي انت بتقوله دا!!



إبتسامة خفية إرتسمت فى قلبه ملاحظاً أن خدودها تحولت إلى اللون الأحمر بسبب كلامه الغزلي ، فتظاهر بالانشغال بالجلوس على السرير ، وهو يعدل وضع الوسادة خلف ظهره قبل أن يصدر تأوهًا خفيفًا جعلها تنهض سريعًا ، وتتحرك نحوه لتقوم بعدل وضعيتها له غير منتبهة ، لتشنج جسده من اقترابها منه ، وأنفاسها التى تضرب جانب وجهه بحرارة ألهبت عواطفه. 



ابتعدت لميس قليلاً مستقيمة بوقفتها قبل ان تستفسر : مستريح كدا؟



_علي الاخر



همس احمد لها بنغمة رجولية أثارت بداخلها أحاسيس غريبة زلزلتها ، والتقت أعينهما طويلا في حديث عجزت الألسنة عن نطقه ، بينما ظلت هي متيبسة في مكانها ، تفرك كفيها بتوتر ملحوظ ، قبل أن يأتي إنقاذها من نظراته الساحرة بطرقات متتالية على الباب ، فأذنت للطارق بالدخول ، ثم ظهرت ممرضة تحمل صندوقًا صغيرًا ، تحتوي على مستلزمات طبية ، قالت بابتسامة ناعمة للغاية : ازيك دلوقتي .. طالما صحيت خلينا نغير الشاش علي جرح ايدك



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



في تلك الأثناء



داخل غرفة ابريل



جلست إبريل بإرتياح في حوض الاستحمام ، وجسدها مغطى برغوة الصابون ، التي انتشرت روائحه في أنحاء الحمام ، فشعرت بمزيج من الاسترخاء والهدوء داخل نفسها.



أغمضت عينيها ، تتنقل ببلورة ذاكرتها إلى ما حدث بينها وبين ذلك الرجل الغامض اليوم.



flash back



_ايه ردك؟!!



تطلعت ابريل نحوه مرة أخرى بإبتسامة متكلفة على ثغرها قبل أن تنطق ، بما جعل أسهم توقعاته يهبط بقوة : للاسف انا معنديش نية اسيب مصر .. ف معلش اعذرني عرض حضرتك مرفوض



إستعجب مراد كلياً من رفضها السريع ، دون أن تكلف نفسها عناء التفاوض معه ليقول بهدوء : علي حسب مصادري انتي محتاجة للفرصة دي وفي التوقيت دا بالذات .. اذا محتاجة وقت للتفكير مفيش مشكلة .. بس ياريت الرد يكون في اسرع وقت الفرصة مش بتستني حد



أومأت ابريل برأسها بالنفي ، وهي تشعر بعدم الارتياح تجاه هذا الشخص ، قبل أن ترد عليه بحزن مصطنع : مالوش داعي ردي النهائي انت خلاص اخدته .. عن اذنك




        
          
                
أنهت ابريل جملتها بسرعة ، ثم همت بالنهوض من مقعدها ، لكن استوقفها صوته الحائر في أمرها : لحظه من فضلك ما كملناش كلامنا .. اقدر اعرف طيب ايه سبب رفضك؟



ضاقت عيناها الفيروزية بنظرات جامدة ، وبقيت صامتة لعدة ثوان قبل أن تخبره : مبدئيا حضرتك مش واضح معايا .. ولا مش عايز تقول لي مين اللي وراك ف على اي اساس هثق فيك



أومأ لها مراد ليقول بفهم ، محتفظاً بملامحه الجادة : حقك اذا ماوثقتيش فيا بسرعة و تحت امرك مستعد اقدم لك كل الضمانات اللي انت عايزاها الوظيفة والمبلغ اللي تطلبيه هيكونو تحت امرك



زادت مخاوفها بمجرد وصوله إلى هذه النقطة ، لقد شعرت بالغموض تجاهه في البداية ، لكن جملته الأخيرة أثارت المزيد من الشك بداخلها ، فزمت شفتيها بالتفكير متابعة توجس : ياه !! انتو باين هتستفيدوا بحاجات كتير من ورا اللي انتم بتعملوه ده؟!



تشابكت اصابعه مع بعضهما فوق الطاولة ، وأجابها بصوت متزن : كل ده مش مهم خالص ولا هتفيدك معرفته قدام اللي احنا هنقدمه لك



أخذت ابريل نفسا عميقا ولفظته ببطء لتسيطر على الحالة الغريبة التي بدأت تصيبها ، وهي تفكر في كل إغراءات هذا العرض. 



_هو فعلا العرض بتاعك ما يترفضش .. لكن انت بتعرضه على الشخص الغلط يا استاذ .. انا ماتربطنيش بمصطفي بيني غير صلة قرابة من بعدين .. وحتى الاشاعات اللي انتم طلعتوها ما بقاش ليها اي اساس صحه لان انا دلوقتي مخطوبه



هكذا تشجعت ابريل مستجمعة كل أفكارها في هذه العبارة الحاسمة وهي تنكر الأمر برمته ، فتنحنح في حرج ، ثم أخرج شيئا من جيبه ومد يده إليها : عموما اذا غيرت وقتك في اي وقت ده الكارت بتاعي اتصلي بيا



صمت مراد للحظة ، ثم استكمل حديثه بنبرة شبه مهددة : بس اذا مش هتوافقي على عرض تعتبري ان المقابله دي ما كانتش و ماتحكيش فيها مع اي حد ده لمصلحتك



ضحكت ابريل بفتور ظاهري ، ثم أخبرته بعدم اكتراث : مفيش حاجة تتحكي يا فندم زي مافهمتك انا وخطيبي مش طرف في الموضوع اللي حضرتك بتكلم فيه



قام مراد من مقعده ، ليتمتم بصوت هادئ ، قبل أن ينصرف أمامها : تمام فرصة سعيدة وشكرا لوقتك



back



شعرت بأن ثقلاً كبيراً قد انزاح عن صدرها بعد أن تمكنت تجاوز هذا الفخ الذي نصبه لها مصطفى ، وهذا ما توصلت إليه من ترابط الأحداث ببعضها. 



مصطفى كان على علم بعرض العمل الذي جاءها من دبي ، مما جعل الشك يساورها حياله ، ليطرأ لها حينها بفطنة أن المقصود ليس سوى باسم ، لأن أول من سيتضرر من سفرها هو من أعلنت خطوبته الرسمية عليها في الصحف والأنباء ، فإذا هجرته فإن ذلك سيسبب له فضيحة كبري ، مما يعني أن الضرر سيلحقه بالذات ، وهذه الإحتمالية هي الأقرب لتفكيرها الآن ، ربما أراد مصطفي أن يخدعها بهذه الفرصة التي كانت تتمنى أن تتاح لها ، لذلك لا تستبعد أن يتبين في النهاية أنه وراء هذه الحيلة المدبرة من أجل إبعادها عن باسم ، وبذلك يكون حقق هدفه بمنتهى السهولة كما تواعد لها قبل يومين.




        
          
                
أغمضت ابريل عينيها بابتسامة صغيرة تنمو على شفتيها في استرخاء ، وشعرت بالحيوية تسري في خلاياها ، مؤكدة لنفسها أنها اتخذت القرار الصائب هذه المرة ، لكنها الآن في حاجة ماسة إلى عمل حتى يستقر وضعها المالي ، خاصة أن الأموال التي تدخرها لن تكفي بعد أن تعيد ثمن الفستان المحروق بالإضافة إلى خاتم مصطفى له.



_كان لازم يعني تاخدني الجلالة واولعله في الفستان والدبلة .. اهو مفيش جواز و كمان بقيت مفلسة!!



حركت قدميها بتململ في الماء بمجرد أن بدأ عقلها يتزاحم بالعديد من الأفكار المغرية ، فأراد جزء منها اغتنام هذه الفرصة التي افلتتها بإرادتها الحرة ، وهي لا تنكر أنها أحياناً متناقضة في تفكيرها ، يمكنها أن تفعل الشيء والعكس ، والدليل أنها على الرغم من أنها لا تزال لا تطيق باسم ، إلا أنها لن تنسى أيضاً أنه دعمها بالأمس عدة مرات متتالية.



زمت فمها بعبوسة خفيفة ممزوجة بالعزم على حجب وساوس الشيطان عن أفكارها ، فإذا كان مصطفى يعتقد أنه ذكي لأنه تمكن من خداعها مرة ، فلن تسمح له باللعب معها مرة أخرى.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



عند خالد



تجلس لميس على السرير مقابل خالد الذي يرمقها بنظرات بحب ، مستمتعًا بلمساتها الناعمة ، وهي تلف الشاش الأبيض حول يده ببطء مرتجف.



تذكرت نظرات الإعجاب الواضحة في عيني تلك الممرضة الوقحة ، وهي تعرض تغيير الشاش عليه بنعومة فائقة عندئذ شعرت كأن بركان يغلي في قلبها حمماً ببوادر الغيرة ، وجدت نفسها تدفع تلك الممرضة لا شعورياً إلى الخارج ، بينما تخبرها أنها طبيبة وستعتني بتغيير جرحه بنفسها ، تحت نظرات خالد الذي كان شعر بنبضات قلبه تتراقص فرحا بغيرتها كما ظن ، أما هي فكانت غاضبة من حالها ، كيف تغار على شخص وهي تحب شخصا أخر غافلة عن حقيقة أن الغيرة هي الوجه الآخر للحب؟



تنهدت لميس بعمق ، وهي تربط له أخيرًا هذا الشاش بقوة لا شعورياً جعلته يتأوه من الألم بصوت خافت ، فسارعت تقول بأسف : معلش انا اسفة



_باين عليكي متصعبة .. في حاجة مضايقاكي؟!!



قال خالد ذلك مدعيا التعجب من حالها ، وبالرغم محاولاتها إخفاء ما يدور في ذهنها ، فارتعاشة يديها وحركاتها التي تعبر عن انزعاجها وغضبها ، كانت تفضحها أمام عاشق يراقب أدنى إيماءة منها 



همهمت لميس بلامبالاة ظاهرية : لا ابدا مفيش حاجة



استفهم بخبث : طيب ماسيبتيش ليه الممرضة تغير علي الجرح!!؟




        
          
                
رفعت لميس وجهها إليه بسرعة ، وعيناها تلمعان بحدة ، لتقول باقتضاب : لو عايزاها ممكن اروح اناديهالك



اختتمت لميس جملتها ، وهي تنهض من مكانها ، لكن منعتها أصابعه التي إلتفت حول رسغها ، تسحبها نحوه بخفة ، هامساً بنبرة ذات مغزى لا تخلو من الاستمتاع بارتباكها : غيرانة عليا؟!



غمغمت لميس باستنكار متوترة من قربه ولمسة يده : وانا بصفتي ايه اغير عليك؟!



تأملها خالد بحاجب مرفوع ، وسألها بنبرة احتجاجية وهو سعيد بهذه المناغاة بينهما : هنقضيها في الاستعباط دا كتير .. كنتي قلقانة عليا لما عملت الحادثة؟



هكذا سألها بلهجة جادة ، فحمحمت تجلى حلقها ، وهي تحاول إزاحة هذا الارتباك الذي يصيبها أمامه : طبيعي اي انسان هيتحط موقف زي اللي كنا فيه يحس .. يحس بقلق وخوف



جعد خالد حاجبيه ولم يعجبه ردها ، فسألها مرة أخرى بصوت عميق : يعني كنتي هتزعلي عليا لو كان جرالي حاجة



ظهر الترقب الشغوف جليًا في عشبيته الساحرتين ، آملا منها إجابة واضحة ، فارتجفت شفتاها رغما عنها من هذه الفكرة ، لكنها لم تمنحه ما يريد ، إنحدرت بنظرها إلى يده التي قبضت على أطراف أصابعها وهي تجيبه : شكل تأثير الدواء مش مخليك مركز في اللي بتقوله .. ممكن تسيبني!!؟



لم يزيح عشبيته الداكنين من بنيتها ، بينما يرد مبتسماً : عمري ما هعمل كدا لو فيها موتي



قطبت حاجبيها متأثرة بشكل واضح بكلماته ، فهو هنا الآن بسببها ، إذ لم يغب عنها حقيقة أنه عرض نفسه لهذا الخطر الكبير من أجلها ، لتسأل بصوت أبح : ليه بتجيب سيرة الموت كتير؟!



_لانها الحاجة الوحيدة اللي ممكن تفرقني عنك بعد مالقيتك يا لميس .. انتي ماتعرفش انا قد ايه بحبك وقد ايه بتمني تكوني مراتي



أنهى خالد حديثه ، وهو يتأملها بنظرته العاشقة المتوازية مع نبرته الصادقة التي أجبرت قلبها العذرى على الوقوع بين أحراش هذا الليث العاشق الذي بدأ عشقه يزحف بين نياط قلبها ، فخفضت عينيها وهي تهمس بخجل : بس احنا مانعرفش عن بعض اي حاجه .. معرفش عنك اي معلومات خالص!!



مد خالد أنامله يقبض على ذقنها ، يرفع وجهها إليه ، وقال بإبتسامة هادئة : هيكون عندنا كل الوقت اللي تعرفي فيه كل حاجه عني و انا كفايه عليا اني عارف اني بحبك وعايز اكمل عمري معاكي



تعاقبت فصول العواطف على وجهها المحمر خجلا ، وهي تتمتم بنعومة أذابته : خالد



استطاعت أن تهتز كيانه بقوة مشاعر عميقة ، حالما نطقت حروف اسمه بصوتها الناعم ، وبدون إرادته ضغط على أصابعها المتشابكة مع بأصابعه ، وألح عليها بحب بالغ : ليه حرب الاعصاب دا ارحمي قلبي المسكين .. ردي عليا قولتي ايه!!!




        
          
                
_قالت انك تعبان ومحتاج راحة...



جاء إليهم صوت باسم المتلاعب من خلفهم ، فبادرت لميس على الفور بالنهوض من السرير ، وأزاحت شعرها خلف أذنها ، وتساءلت في حرج : اومال بابا فين؟!



باسم بتخابث : سبقته علي هنا قلبي كان حاسس .. حمدلله علي سلامتك يا بطل



رمقه خالد بإزدراء وحاحب مرفوع قبل أن يرمقها بضيق ، منزعجا منها لأنها انتزعت أصابعها عنه بغتة.



_انا طالعة اشوفه عن اذنكم...



قالت ذلك قبل أن تهرب خارج الغرفة وهي تشعر بالخجل الشديد من هذا الموقف المحرج ، فيما جلس باسم على الكرسي بجوار خالد قائلا بطرافة ماكرة : حراره الاوضه بتقول ان الحب كان مولع في الدرة علي الاخر .. طب استني لما تقوم علي حيلك الاول يا فان ديزل الشرق



أعقبت كلماته غمزة شقية من رماديتيه المتلألأة بتسلية



عض خالد شفته من الداخل بقهر مكبوت ، ثم هسهس بغيظ : في حد يدخل دخلة المباحث اللي دخلتها علينا دي حرام علي اهلك يا اخي كانت خلاص هتنطق



اردف باسم مازحاً بتسلية : بذمتك ما قلتلهاش انا مش محتاج لادويه انتي علاجي الوحيد .. تبقي كارثة لو قلتلها كده بجد!!



حدجه خالد بنظرات نارية ، وانفجر الآخر بالضحك عليه بمرح بعد أن إطمئن عليه.



في الخارج



لميس تمشي في الردهة ذاهبة إلى الكافيتريا لتحضر لوالدها فنجان قهوة ، منبسطة الأسارير ، ونبضات قلبها تتلاحق بزهو ، بينما لا تزال تشعر بلمسة يده التي أخضعت جوارحها له. 



اتسعت الابتسامة على شفتيها الرقيقتين ، وتخللت أصابعها في خصلات شعرها بسعادة وأمل جديد.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



بعد مرور بعض الوقت



خرجت أبريل من الحمام مرتدية بيجامة صيفية وردية شاحبة نصف كم ، وسارت بخطوات هادئة ، وهي تمشط شعرها ذو الخصلات الذهبية. 



وقعت نظرتها بغرابة على شيء ما ، وهي تتحرك نحو السرير ، ضيقت نظرتها على هاتفها ، ورفعته من أعلى الطاولة ، ارتفعت زاوية فمها بابتسامة ساخرة عندما أدركت أن زوجة أبيها دخلت ، ووضعته ثم غادرت ، لكن ما جعلها تقطب حاجبيها بدهشة هو هذا الكتاب الموجود بجانب الهاتف ، فالتقطته تقرأ العنوان بعينان جاحظة ، قبل أن تتهلل أسايرها بفرح ، وهي تتفحص أوراقه بعدم تصديق.




        
          
                
_كل سنة وانتي طيبة يا ابريل



اختفت الابتسامة من شفتيها تدريجياً فور سماعها صوت أخيها يقول بهدوء ، فالتفتت إليه بتعبير غامض علي وجهها بعد أن إزدردت رمقها ، إذ لم تلتق به منذ الأمس ، وبصوت حاولت أن تجعله منخفض سألت باستنكار : بمناسبة ايه .. عيد ميلادي لسه باقي كتير عليه



أشارت ابريل إلى الكتاب الذي تحمله بين يديها ، ليخبرها بنبرته الرجولية المرحة : انا قولت لازم نحتفل بعد ما عرفت اعطرلك فيه اخيرا .. عشان كدا هنقدم عيد ميلادك .. ما انا بصراحة مش حمل اجيب هديتين في سنة واحدة



تركت الكتاب على السرير بإهمال مرئي ، قبل أن تحتضن إحدى الوسائد ضاغطة عليها بأظافرها بقوة ، وكأنها بذلك تقمع بركاناً على وشك أن يعلن عن ثورانه ، قالت بصوت خافت : تعبت نفسك علي الفاضي .. تقدر ترجعو من مطرح ماجبته



تساءل يوسف بحيرة : ازاي دا !! انتي كنتي نفسك تقرأي الرواية دي جدا .. وبعدين هتكسفيني..



قاطعت ابريل جملته بهدوء ما قبل العاصفة : ممكن تبطل تمثيل!!!



انفصلت شفتاه عن بعضهما البعض ، وابتلعته وحوش الصدمة نتيجة اتهامها ، مشيراً إلى نفسه وهو يجمجم مشدوهاً : انتي شايفة اني بمثل يا ابريل؟



هبت ابريل على قدميها بعد أن ارتفعت عواصف الغضب في فيروزيتها الغائمة بالدموع ، وهي تردد بسخرية مريرة : ايوه بتمثل .. بطل تعمل نفسك مهتم بيا بالكدب



أنعقد لسانه عن الرد ، وهو يتطلع إليها بنظرة حزينة ،
ساد الصمت لثواني معدودة حتى استطاع أن يجد صوته قائلاً في حرج : انا عارف انك مضايقة وزعلانة مني وحقك .. بس انتي مش فاهمة ا...



قاطعته ابريل مجددا بإنفعال ، وهي تلكزه صدره : لو مش فاهمة .. فهمني .. اشرحلي .. بس هتشرح تقول ايه!! انا اتخدعت فيك انت بالذات .. ازاي قدرت تغشني وتنافقني كدا!! ازاي قدرت تضحك في وشي وتطبطب عليا وتفرحلي وانت عارف اني مضحوك عليا ها ازاي!!!



هدرت ابريل بالكلمة الأخيرة بغضب ، وهي تنظر إلى عيون يوسف النادمتين فيما ينبس بصوت يملأه الألم : والله العظيم يا ابريل انا ماكنت موافق واعترضت كتير علي اللي كان بيحصل .. وكنت عايز افهمك علي كل حاجة والله .. بس لو تفتكري انا كنت في سفرية تبع الشغل .. لما رجعت وعرفت ان فتحتك هتتقري علي مصطفي وشوفتك مبسوطة وبتتكلمي عنه بفرحة وانبهار .. معرفتش انطق .. دا غير ضغطهم عليا يا ابريل افهميني عشان خطري انا ماكنتش..



أكملت ابريل بدلا عنه : انا اللي معنديش ليك غير رد واحد دلوقتي علي كل اللي حصل دا...




        
          
                
علقت ابريل كلماتها في الفضاء ، لأنها رفعت يدها لتهوى بها على جانب فكه.



لم تكن صفعة قوية ، بقدر ما كانت قاسية ، لن يترك أي علامة علي وجهه ، لكنها شممت روحه بنيران الخزى من نفسه.



أغروقت عيناه بالدموع ، وهو يحتوي جسدها بسرعة ، ويضم رأسها إلى صدره بيد ، ويربت على شعرها بحنو باليد الأخرى ، أما هي فقد طوقت خصره ، وإستطردت بنحيب مكتوم : بتكدبو عليا ليه .. عملتلكو ايه بس!!



انهمرت العبرات من عينيه متأثراً ببكائها المرير ، وهيئتها الضعيفة ، وأحس بإنقباض يشتد حول قلبه حزناً وندماً وأخذ يردد باعتذار : انا اسف والله العظيم .. اسف اوي يا ابريل اسف والله اسف سامحيني



تركها لبضع دقائق تبكي بحرية ، حتى بدأت شهقاتها تهدأ شيئا فشيئا ، وساعدها على ذلك ضمه إليها بقوة وحنان.



كم كانت في حاجة إلى ذلك الحديث ، لتضمد بعض جراحها العميقة من طعنات الخذلان ، ظلت متشبثة به ، تستمد منه قوتها وصمودها من جديد.



_اسهل كلمة اسف دي سهلة ممكن وانت بتنطقها يا يوسف .. بس للي عملته معناه انك جبان .. خونت ثقتي فيك



رفعت فيروزيتها الدامعة لتثبتها في عينيه البنيتين ، ثم تركت العنان للغضب وخيبة الأمل التي استقرت في أغوار قلبها أن تخرج من صدرها المنقبض ، وتصعد إلى لسانها ، وهي تلفظ كلمات مليئة السخط والضيق الكامن في ذهنها بصوت مختنق بالعبرات : انا كنت خايفة اوي من وجودي وسطو .. كنت خايفة من حياتي معاكو .. وكنت خايفة مالاقيش من نحيتكو قبول ليا .. فرحت اوي من جوايا لما طنط سلمي حضنتني اول مرة شافتني فيها .. ولما انت قربت مني وعاملتني كأنك تعرفني من سنين اتعلقت بيك ودخلت قلبي .. عارف ان ماما ماسمحتليش اقرب من ولادها .. كانت دايما بتخليني اتعامل معاهم من بعيد .. وبطريقة سطحية اوي .. وانا كل اللي كان نفسي فيه احس ان ليا اخوات بجد افرح واضحك وابكي معاهم واشاركهم حياتهم واروح معاهم المدرسة و ننزل نلعب مع بعض في العيد .. كان نفسي يبقي ليا اخ عايش معايا احس انه سندي وضهري وامان ليا في وقت ازماتي ويخاف عليا



استوحشت برودة غريبة علي صوتها ، بعدما أفرغت ما بجعبتها : بس اكتشفت في الاخر ان اخواتي دول عمرهم ماحبوني ولا كان يهمهم مصلحتي .. اخواتي اللي اعتبرتهم حياتي كلها وانا فضلت بالنسبالهم ضيفة وغريبة .. انت بسكوتك دا كنت هتتسبب في ظلم كبير اوي كان هيحصلي و دا انا مش هسامحك عليه



_مهما قولتي وعملتي فيا انا راضي عشان الحق عندك .. بس انتي اختي يا ابريل انا مش بمثل .. ربنا وحده اللي عالم قد ايه معزتك كبيرة عندي .. و انتي هتسامحيني ومش هتقدري تكرهيني .. اعتبريها غلطة ومش هتتكرر .. هتشوفي هقف معاكي من هنا ورايح في اي حاجة هتشوفي بعينك




        
          
                
حافظت على ادعاء التماسك أمام توسلاته ودموعه ، لكنها لا تستطيع أن تتجاهل ألم قلبها الضعيف تجاهه ، فهو الأخ الذي تمنت أن تحظى به ، لا يمكنها أن تقسو عليه ، لكن قلبها مجروح بشدة ، ولا تشعر بالأمان ، ويصعب عليها أن تسامحه على ما اقترفه بحقها ، ستدع الأيام ترمم ما حطمه سلبيته.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



في وقت متأخر من الليل



_ اه معلش التليفون كان فاصل مني طول اليوم يا مراد .. انا لسه راجع البيت .. ها طمني ايه الاخبار؟!



صمت باسم للحظات يستمع الرد من الطرف الآخر ، ثم سأله باستغرابٍ : بسرعة كدا؟



تعالت ضحكاته المرحه في ارجاء غرفته ، نافياً بهدوء : لا ماتعملش حاجة وانا هكلمك بعدين



شكره باسم بإمتنان : تمام يا حبيبي متشكر جدا علي الخدمة دي .. اكيد في اقرب فرصة هشوفك .. مع السلامة



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



في صباح اليوم التالي



داخل منزل فهمي الشندويلي



في غرفة ريهام



_ الحقيني يا ريهام اللي كنت خايفة منه حصل!!



هكذا صرخت سلمى بتوتر ، وهي تقتحم غرفة ابنتها. 



لوت ريهام شفتيها بحيرة ، وهي ترتدي حذاءها باهظ الثمن ذو الكعب العالي : خير علي الصبح في ايه؟!



جاورتها سلمي علي الفراش مغمغمة بصوت لاهث : مافاتش يومين .. ومصطفي باعت بيطالبنا بالمتأخرات اللي علينا لشركته .. 



عقدت ريهام حاجبيها باندهاش ، وقالت بعدم تصديق متوجس : مش معقول مصطفي يعمل كدا .. اكيد من عصبيته واكيد هيهدا ومش هيضرنا احنا قرايبو برده



التمعت عيناها بحسرة لاذعة صدحت في قولها : مش هيضرنا .. دا لغي الدفعة اللي كنا هناخدها نسد بيها بوق المهندسين المسؤولين عن تنفيد التجديدات في الاوتيل بيهم .. وتقوليلي مش هيضرنا دا هيدور انتقامه فينا كلنا



اهتزت نبرتها بخوف من مصداقية هذة الاحتمالية ، لتربت ريهام علي كتفها مهدئة إياها : هدي اعصابك انتي بس كدا



استقامت ريهام تهندم كنزتها البيضاء قليلًا ، لتتابع بثقة استنكرتها والدتها : اكيد هنلاقي حل ماتقلقيش



مسحت سلمى علي وجهها القرمزي من شدة غضبها ، ويكاد الألم يفتك برأسها قبل أن تهتف بنفاذ صبر لا يخلو من الخوف : حل منين بس بقولك بيتنا هيتخرب هيطردونا منه لو مسددناش الاقساط .. حاسة الضغط والسكر عليو عليا .. هلاقيها من ابوكي ولا من بنته مابقتش عارفة افكر .. لو عرفنا ندبر كام قسط هنعمل ايه مع البنك كل ما بنتأخر في دفع القرض بتزيد الفوايد علينا .. نتصرف ازاي دلوقتي يا ريهام خلاص هنتفضح قدام الناس هنعلن افلاسنا يا دي المصيبة 



أجابتها ريهام باختصار خبيث : مش هتحصل مصيبة يا ماما .. ابريل هترجع لمصطفي وقريب اوي...



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 
  
google-playkhamsatmostaqltradent