رواية جوازة ابريل (2) الفصل التاسع 9 - بقلم نورهان محسن
الفصل التاسع (كبرياء يقدح) ج2
أنه لا يشبه الطمأنينة بعد دهر من الخوف ،
ولا هو شيئًا مألوفًا للقلب ، بالطريقة المذهلة التى ظننته.
يليه..
القلب معنا مظلوم ، يقتله الانتظار وسوء الفهم والصمت واللامبالاة ، فلا تترك شيئا في قلبك لأحد ، كن صادقًا معه بشأن ما تشعر به ، اسأله وألومه هذا حقك ، إذا كان لا يهتم لأمرك ، اتركه بسلام وارحل ، وعندما يستيقظ ولا يجدك بجانبه ، سوف يندم على فراقك ، ولكن المغزى من كل هذا هو علمك أنك تستطيع العيش بدونه ، حين يفهم ذلك ، فأن الأوان قد يكون فات ، وندمه لن يحيي ما مات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند دعاء
التفتت دعاء نحو الباب ، فوجدت أم منى تتوجه نحوها بقسمات يغلب عليها الخوف ، وعيناها مرتكزة على منى التي كانت مستلقية على السرير شاحبة الملامح بعد إجراء العملية لها ، فهتفت بلهفة : دعاء !! بنتي مالها فيها ايه؟
تنفست دعاء الصعداء عندما أدركت أنها لم تنتبه لما كانت تقوله لمنى للتو ، بينما تابعت والدة منى بعتاب : ينفع كدا يا دعاء يرضيكي مني تبقي في المستشفي من الفجر وعز متعرفنيش الا دلوقتي
أنهت كلماتها بأنفاس متسارعة وهى تضغط براحة يدها على صدرها ، لذا سرعان ما اتجهت دعاء إليها وأسندتها من ذراعها ، قائلة بهدوء نسبى : علي مهلك خدي نفسك بس .. وماتخافيش هي كويسة الدكاترة طمنونا .. واهي قدامك بدأ تأثير البنج يروح وهتفوق بس نبهنا الدكتور ان غلط عليها الاجهاد والانفعال يا سوسن امسكي نفسك
نظرت إليها بدموع ، وقالت بصوت منخفض مملوء بالأسى والحزن : قالولي وانا داخلة ان الطفل مات مش كدا .. يا حبيبتي يا بنتي مالحقتش حتي تفرح بالخبر بعد كل الوقت دا يوم مايجي تخسره قلبي حرقني عليها اوي
تقلصت ملامحها بالبكاء ، هامسة بتحشرج يفوح منه الندم : امسكي نفسك يا سوسن انتي ست مؤمنة .. الحمدلله انها بخير وربنا قادر يعوضهم يا سوسن يلا خلينا نكلم برا احسن
هزت سوسن رأسها بالموافقة ، وهي تجر قدميها لخارج الغرفة بخطوات بطيئة بسبب صدمتها.
❈-❈-❈
في نفس الوقت داخل منزل فهمي الهادي
صاحت سلمى مناشدة ، وهي تنزل الدرج الرخامي ، بينما تنظر إلى ساعة معصمها التي تشير إلى العاشرة صباحا : تقي انتي يا بنتي
جاءت تقي مسرعة إليها من المطبخ ، لترد مبتسمة بأنفاس متلاحقة : نعم يا ست سلمي
وبّختها سلمى ، وهي تتجه إلى طاولة الطعام التي أعدتها تقى قبل دقائق : يا ام مخ طخين مية مرة اقولك ماتقوليش ست تقوليلي مدام سلمي
كانت تقى تسير خلفها ، مقلدة إياها بطريقة سيرها بمرح قبل أن تجيبها مشددة على الكلمات محاولة كتم ضحكتها : اوامر حضرتك .. يا .. مدام .. سلمي .. كويس كدا
استدارت إليها فجأة بنظرة رادعة ، مما جعل تقى تجفل ، وتتسمر في مكانها ، لتخفض رأسها باحترام خائف ، بينما تخاطبها سلمى بنبرة آمرة : اسمعي ابريل راجعة من المستشفي انهاردة .. حضريلها اوضة الضيوف اللي تحت وانقلي جهاز فلتر بتاعها هناك لازم تتنفس هوا نضيف دايما ..
_حاضر فوريرة
أشرقت ابتسامة تقى ، وأضاءت وجهها بالمحبة الصادقة والسعادة لسلامتها ، وعلى الفور أومأت برأسها عدة مرات متتالية ، هاتفة بحماس عفوي ، لم تستغربه سلمى التى هزت رأسها بقلة حيلة ، لعلمها بمحبة الإثنان لبعضهما
همت تقي بالتحرك ، لكن استوقفها مواصلة سلمى بالحديث محذرة إياها : بت يا تقي .. ابريل ماتطلعش اوضتها خالص لحد ما تتهوي كويس وتروح منها ريحة الدخان .. والله يسامحها علي اللي عملته
قالت جملتها الأخيرة مع تنهيدة مستسلمة ، فأطرقت تقى رأسها نحو الأسفل ، وتمتمت بهمس مضحك مليء بالاستياء : ماهي معملتش كدا من فراغ يا اهل قريش
تساءلت سلمى التي كانت منشغلة قليلاً بالنظر إلى محتويات الطاولة ، قبل أن تستمع إلى همهمة غير مفهومة من خلفها فتدير وجهها نحوها باستياء : بتبرطمي بتقولي ايه؟!
هندمت تقى حجابها بتوتر ، ورسمت ابتسامة بلهاء على وجهها ، لتجيبها بالكذب ممزوج بالقلق : في قراقيش عملتها بإيدي ولسه سخنة اجيب منها لحضرتك مع لشاي؟!
برقت عيناى سلمى بإشتهاء ، وكادت تجيب بالموافقة ، لكنها تذكرت الحماية الغذائية الخاصة بها فقالت بتبرم : لا مش عايزة .. روحي علي شغلك
تقى بإبتسامة مرحة : تمام يا مدام سلمي .. حلو كدا!!
تأففت سلمى بضجر من تلك المشاكسة الصغيرة ، وأشارت لها بالمغادرة متمتمة بتذمر : والله معرفش مين اللي شغال عند التاني في البيت دا هتجننوني خلاص
غادرت تقي بخطوات مهرولة ، لكن قبل أن تدخل المطبخ ، شعرت بالهاتف يهتز في جيب تنورتها ، وتبادر إلى ذهنها خطيبها حسن ، مما جعلها تلقي نظرة سريعة على والدتها في المطبخ قبل أن تسحبه من جيبها.
نظرت تقى إلى الشاشة ، وعقدت حاجبيها متعجبة من رؤية هذا الرقم الغريب ، فقررت أن تتلقى المكالمة بسرعة قبل أن تلاحظها والدتها : السلام عليكم .. مين معايا؟
أتاها من الطرف الأخر صوت رجولى واثق أجش : وعليكم السلام .. انا احمد ابن خال ابريل
❈-❈-❈
فى مكانا ما داخل مدينة دبى
_داغر باشا
قالها أحد الحراس باحترام ، وهو يسير بخطوات متوازنة في أرض خضراء واسعة.
استدار نحو مصدر الصوت ، رجل بملامح حنطية تتصف بالجاذبية والرجولة الطاغية ، يحمل مضرب الغولف ويرتدي ملابس رياضية بيضاء تبرز جسده العضلي الطويل ، ذو لحية خفيفة تخطف أنفاسه ، ليحدق فى الحارس بعيون عسلية بها لمحة لا بأس بها من الخضار تتميز بنظراتها الحادة التى تبث الخوف فى من يتطلع بهم ، ليقف على بعد خطوتين منه ، وهو يمد يده إلى سيده بالهاتف ، فأشار إليه داغر بطرف عينه ففهم الآخر الإشارة ، فأعطاه سماعة سوداء ليضعها خلف أذنه ، ثم جعل الحارس يغادر على الفور بحركة من يده.
_ها ايه اخر الاخبار ابن الشندويلي زمانه بيلف حوالين نفسه مش كدا؟؟!
قالها مستفسرا ، بصوت ثقيل خطير ، ممزوج بالسخرية والشماتة ، وعلى وجهه ابتسامة جانبية.
أتاه الرد بصوت رجولى شديد الثقة : تعليمات سعادتك اتنفذت بالحرف يا باشا ومحدش في البلد الا وشاف وسمع عن الفضيحة
_اها .. وايه كمان؟
تمتم بها داغر ، مثبتًا عينيه الثاقبتين على الحفرة الضيقة التي على بعد أمتار قليلة منه ، بينما الرجل يستكمل حديثه بجدية : بلغنا الصبح وصول مصطفي التربلسي من السفر واللي منتظره زمانه بيحصل دلوقتي ومحدش هيقدر يعرف مين ورا الشوشرة دي
_كمان شركة الشندويلي والترابلسي كل ساعة بتمر اسهمهم نازلة واحنا متقدمين عنهم كتير
استمع إليه بتركيز شديد ، وكانت الريح تلعب بشعره الأسود ، وهو يضرب الكرة بالعصا بمهارة ، وتدحرجت بسرعة إلى الحفرة ، فاتسعت على فمه ابتسامة منتشية انتصاراً ، تحولت إلى ضحكة رجولية جذابة ترددت صداها فى الملعب قبل أن يهمس بأسف ساخر : العروسة شكلها قدمها نحس علي الاتنين..
تغيرت لهجته إلى نبرة جدية آمرة ، مما يدل على قوة الشخصية المسيطرة والشرسة التي يتميز بها هذا الرجل الخطير : اسمع تفضل متابع كل تحركاتهم .. عايز كل معلومة صغيرة وتفصيلة عن حياة اصغر واحد لأكبر واحد كل حاجة سامعني!!
لم ينتظر رده ، بل تابع محذراً اياه بقسوة : ومش محتاج افكرك مش عايز اي مجال للغلط وترجعلي في كل تصرف .. مفهوم كلامي يا عزام
نطق عزام بطاعة آلية : مفهوم سعادتك
خاطب داغر نفسه بنبرة ماكرة مشحونة بالتوعد ، وهو يضع مضرب الغولف على كتفه : دا مجرد تسخين يا ابن الشندويلي .. لسه مابدأتش معاك الماتش
خفض نظره إلى الهاتف ، وأضاء خلفية الشاشة ليكشف عن صورة ، فأخذ يتمعن النظر إليها عن كثب ، ولمعت عيناه بشوق شديد بزغ في صوته الهامس بثقة : هانت كلها فترة بسيطة وهنبقي مع بعض ومفيش قوة هتبعدني عنك ولا حد هيخرجك من حضني
❈-❈-❈
عند هالة
مد يده إليها بالهاتف الذي أخرجه من جيب بنطاله الخلفي ، قائلا بنبرة بطيئة جامدة : خدي اقرأي وهتفهمي يا دكتورة
قرأت هالة الخبر بعينين متسعتين من الصدمة ، وهي تضع أطراف أصابعها على ثغرها ، وسرعان ما رفعت رأسها من الهاتف لتنظر إلى ياسر بتساؤل واستنكار : ايه العك دا ؟!
رفع ياسر منكبيه في إشارة إلى افتقاره إلى المعرفة ، بينما التقط الهاتف منها بهدوء ، وتحدث ببرود : والله اسألي اخوكي
هزت هالة رأسها بالنفي ، عاقدة ساعديها أمام صدرها ، متكلمة بعدم تصديق : الحكاية مش زي ماهي مكتوبة .. قطعا الكلام دا متفبرك!!
ارتفع جانب فمه بابتسامة تنضح بالإستهزاء من ثقتها فى الحديث بدون دليل ، بينما ضيقت عينيها وهي تفكر في كلامه عن أخيها وأبريل، وتابعت باستفسار مفعم بالريبة : وانت كنت تقصد ايه باستخفاف واستهتار مننا!! ايا كان المكتوب عنهم .. بس اللي حصل ليلة امبارح دا مكنش بإيد حد .. يعني كنا نسيبها تموت مثلا ولا ايه؟
ألقت سؤالها بدهشة شديدة منه ، فأومأ إليها بالسلب ، وابتسم بعصبية ، ثم صاح بسخرية مليئة بالتوبيخ : لا ازاي!! انما ماجاش علي بالك شكلي هيبقي ايه قدام اهلي وحفلة خطوبتنا بتبوظ بالمنظر دا؟
كان السخط واضحا في صوته ، فواصل حديثه مشيراً نحو نفسه ، يليه إلى الهاتف بسبابته : وانا ابررلهم بإيه الكلام المكتوب عن اخوكي دا .. ومش اول مرة تطلع عليه اشاعات وفضايح
رفعت هالة حاجبيها مع تعبير يملأه التعجب من إهانته الصريحة لأخيها ، فزمت شفتيها لتكبح لسانها من الرد القاسي الذي كاد أن يفلت منها على هذا الحشو الفارغ الذى يتفوه به ، مستفسرة بنفاذ صبر : انت عايز توصل بالكلام دا!! وليه متعصب عليا كل العصبية دي
رد ياسر عليها بصوت حاد : لأن بسبب انا اخوكي بقيت محطوط في موقف سخيف قدام اهلي
صمتت لثواني معدودة ، ولم تنكر أنها شعرت بالحزن ، وهناك نغزة آلم إستهدفت قلبها من جملته ، فوجهت له سؤالا بترقب ممتزج بالجمود : واخويا ايه دخلو باللي بيني وبينك؟!
شعرت هالة بغصة مريرة تتشكل فى حلقها وهي تنطق بهذه العبارة ، حيث طرأ في ذهنها سؤال زاد من الألم في قلبها ، فهل أعاد النظر في خطوبتهم ويريد الآن الانفصال عنها بحجة هذه الكلمات المنشورة عن شقيقها؟
الطريقة التي يتحدث بها أوحت لها بأنه يرغب فقط أن يلقى اللوم عليها ، ومن الواضح أنه نسي فعلته الأصلية فى حقها ، لذا يجب عليها تذكيره ، وما الفائدة من تأجيل ما تنوي قوله له ، عليها حسم هذا الأمر حتى يعرف كليهما على أي أرض يرتكزان؟
لم تمنحه فرصة للرد ، إذ رفعت أنفها بكبرياء ، وإلتمعت عيناها الزرقاوان الداكنتان بغضب بارد ، وأخذت نفساً عميقاً ثم تابعت بنبرة جادة : اذا في حد كان عنده استهتار واستخفاف بالتاني فهو انت يا دكتور..
❈-❈-❈
في المستشفي
داخل غرفة ابريل
أفرج سراح جفنيه بتثاقل ، بعد أن كان مغمضاً عينيه للحظات ، يستعيد رباطة جأشه ليواصل الحديث بصبر مع هذه الشخصية العنيدة وصعبة المراس ، ليسخر من الوضع المقلوب تماما ، حيث كان عليها أن تكون مكانه الآن ، وتطلب منه الصفح عما فعلته ، وتوريطه في خدعتها السخيفة ، ولكن كيف سيحتال على ذاته؟ إذا كانت هي التي وضعت حجر الأساس لهذه الكذبة؟ فهو من بنى قصة مزيفة وجعل منهما أبطالها ولهذا السبب يطلقون عليه ملك الأكاذيب ، لكن ترى متى ستسدل ستار النهاية لهذه المسرحية حقا لا يعلم.
تطلع باسم إليها ، وهو يزفر بهدوء قبل أن يسألها بترقب : حاسة انك هديتي شوية وقادرة تكلمي؟
نظرت أبريل إليه بحاجب مرفوع ، لترد على سؤاله بسؤال ، بصوتها الهامس مبحوح : هقول ايه؟ معنديش حاجة أقولها؟
قالت ابريل العبارة الأخيرة بإيجاز مقتضب ، بينما تبعد نظرها الحاد عنه ، فسحب نفسا عميقا ، ثم خاطبها بصوت لين ، مليئا بالحذر : طيب خليني اكلم انا واسمعيني .. بس من غير انفعال
تململت ابريل بتوتر على السرير دون أن تجيب ، وتطلعت أمامها بتعبيرات واجمة فهم منها أنها لا تحبذ فتح أي نقاش معه.
برم باسم فمه ، وهو يفرك ذقنه بإرتباك وحيرة من صمتها ، شارداً بأفكاره في حركاتها الجافة التي تقصد استفزازه بها ، أو بالأحرى أنها كانت تثير ضجره حتى ينصرف ، لكن هذا الأمر مستبعد في الوقت الحاضر ، لذلك فضل التحلى بالصبر عليها ، فإن الشدة لا تنفع في كل حال ، ليسحب نفساً عميقا ، ثم زفره على مهل ، وهو يقول بصوت دافيء : خلاص لو مش قادرة مش هضغط عليكى .. انا مقدر الحالة اللي انتي فيها ومش عايز اتعبك اكتر
قوست ابريل فمها ساخرة : لا انسان بصحيح
تبخر صبره أدراج الريح مع استمرارها المميت لإستفزازه
، إذ اعتدل فى جلسته بانفعال ، وضيق مقلتيه بحدة جذابة ، وهو يهتف بها متذمراً : هو انتي يا تتخانقي وتصرخي في وشي يا تقلبيها تريقة
أدارت ابريل وجهها بعيداً بتوتر حتى لا تأتى حدقتيها المهتزة فى عينيه المثبتة عليها ، متجاهلة عن عمد نبرة الغضب في صوته ، ممَ جعله يقفز من مقعده ، ويتقدم في لمح البصر ، ليجلس قبالتها على السرير.
تراجعت ابريل بجسدها إلى الخلف في انزعاج ، وعدم ارتياح مما فعله ، لكنه لم يبالي ، إذ رفع وجهها إليه رغماً عنها بوضع إصبعه السبابة تحت ذقنها ، ليثبت نظراته على عينيها الواسعتين بريبة من جرأته.
ارتخت ملامحه الحادة قليلاً ، وسرعان ما أنزل يده ووضعها على السرير وأكمل حديثه بصوت حازم وجدي : انتي بإرادتك اللي شركتيني في حياتك وبقيت متورط زي زيك .. لحد امبارح كان ارتباطنا خبر فني ارتباط مخرج معروف بمهندسة .. لكن الحكاية وسعت واخدت اكبر من حجمها .. والاخبار اللي اتسربت دي اكيد من حد قاصد يشوه سمعتنا ويأذينا مش انا بس بالتحديد وكمان اللي كنتي مخطوباله
كشف باسم عن أفكاره بإريحية وصوت عالٍ ، فذهلت أبريل مما يقوله ، ولم تستطع التظاهر بالجمود أمامه ، إذ رفرفت برموشها تباعاً في دهشة ، وأجابت بعدم استيعاب : انت عايز تقول ان ممكن حد عايز يأذي مصطفي في شغله و هو اللي استغل الاخبار دي عشان يدمر سمعته
قوس باسم شفتيه إلى الأسفل ، مغمغماً بتفكير : ممكن كل شئ جايز؟
هزت ابريل رأسها بعدم اقتناع لتحليله اللحظى ، وهي تخبره باعتراضها : بس..!! ازاي!! محدش كان عارف حاجة عن خطوبتي منه غير اهلي واهله وناس تانية قليلة جدا و مرا...ته
تلعثمت ابريل فى نطق الكلمة الأخيرة بصدمة ، وهي في وسط أفكارها المتضاربة مالت بجسدها نحوه أكثر ، كزهرة عباد الشمس ، حينما تميل بعودها نحو ضوء الشمس ، محدقة به بعينيها الفيروزيتين المذهولتين اللتين تشبهان عيون القطط ، ولم تكن منتبهة إلى كف يدها التي وضعتها بعفوية فوق يده على السرير دون سابق إنذار ، مما أدى إلى تصلبه كالتمثال في مكانه جراء إحساسه بملمس بشرتها الناعمة.
❈-❈-❈
فى صالة الإنتظار بالمستشفي
وجهت سوسن حديثها إلى عز ودعاء بصوت منفعل من فرط قلقها علي ابنتها : لا انا مش فاهمة حاجة ولا دا كلام يدخل العقل .. يعني ايه حاولت الانتحار وهي حامل يا عز .. ليه تنتحر ليه ماتفهموني يا جماعة قبل ما اجنن؟
أنهت سوسن كلامها ، وهي تربت على قدميها بجزع ونفاذ صبر ، بينما مرر عز يده في شعره ، وهو يشعر بالاضطراب الشديد من كثرة الأسئلة المتدفقة من لسانها ، والتي كان يعرف إجاباتها جيدًا ، ولهذا السبب أخذ يتهرب من نظرات سوسن المتوجسة من سكوته.
لاحظت دعاء حالته المتوترة ، التي فهمت منها أن هناك شيئا خاطئا لا يريد الكشف عنه ، خاصة أنها أيضا لم تفهم بعد ملابسات الحادثة ، فسألت بشك مترقب حثته على الكلام : انت مخبي ايه علينا يا عز ما تكلم يا بني
أحس عز بأنفاسه محبوسة بقسوة داخل رئتيه ، وهو يجمع الكلمات على شفتيه بصعوبة شديدة ، جعلت المرأتان تنصعقان بقوة : انا طلقت مني
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية جوازة ابريل) اسم الرواية