رواية عشق اسر الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سيليا البحيري
عشق_آسر
فصل 21
**بعد شهر... الأمور لم تتغير كثيرا...ما عدا أيهم...فمعاملته قد تغيرت بشكل ملحوظ مع علا**
**في أوضة النوم الهادية، كانت علا قاعدة على السرير، حاسة بثقل الصمت اللي بيكبر بينهم كل يوم. الجو كان مليان برودة وجفاء، مش بس عشان الهوا اللي داخل من الشباك المفتوح، لكن كمان عشان الحاجز العاطفي اللي بقى بينهم. رفعت عينها عليه وهو واقف عند الشباك، باصص لبعيد، مش قادر يبص لها**
علا بصوت مليان بالحيرة والحزن: "يا أيهم... إيه اللي حصل؟ ليه فجأة اتغيرت كده؟ بقت تعاملني ببرود كأني حد غريب في البيت ده."
فضل أيهم ساكت لحظة، محركش غير عينه بسرعة ناحية علا وبعدين رجع يبص تاني برة. مردش على طول.
علا بإصرار ودموع بدأت تلمع في عينيها: "يا أيهم، بالله عليك، اتكلم معايا. إحنا كنا مبسوطين... أنت عارف كده. إيه اللي حصل؟"
أخد أيهم نفس طويل، وقال بصوت بارد: "مفيش، يا علا. الدنيا زي ما هي."
علا بحسرة: "زي ما هي؟ لا، مش زي ما كانت. أنت مابقتش زي الأول. كنت بتعاملني بحب واهتمام، ودلوقتي... مفيش غير الجفاء والبرود."
لف أيهم ضهره وكأن الكلام بقى عبء عليه، وقال بحدة: "مش كل حاجة لازم تفضل زي ما هي، يا علا. الدنيا بتتغير، وده طبيعي."
حاولت علا تقرب منه، حطت إيدها على دراعه، لكنه بسرعة شال إيدها ببرود. "يا أيهم، ده مش طبيعي! أنت عارف إنه مش طبيعي. إحنا بالكاد بنتكلم... بالكاد بتبص لي."
فضل أيهم ساكت لحظة، وبعدين قال بصوت واطي وجاف: "متفتحوش الموضوع ده دلوقتي. مفيش طاقة للكلام."
الدموع بدأت تنزل من عيني علا، وهي بتحاول تمسك نفسها: "يا أيهم، أنا بس عايزة أفهم. كنت بتحبني، كنا بنخطط لحياتنا سوا، وكنا بنتكلم عن إننا نخلف عيال. ودلوقتي... كل حاجة اتغيرت."
أيهم ببرود جامد: "حاجات كتير اتغيرت، يا علا. سيبي الدنيا تمشي زي ما هي."
قامت علا فجأة، محبطة من محاولاتها الفاشلة إنها توصل له، وقالت بصوت مخنوق: "هل هافضل أعيش معاك في البرود والجفاء ده من غير ما أفهم؟ ليه اتغيرت كده فجأة؟"
بص لها ببرود وقال بهدوء: "يا علا، مفيش عندي إجابات دلوقتي. سيبي الأمور تمشي زي ما هي."
**كلام أيهم كان زي سكينة باردة غرزت في قلب علا. حست بالعجز، إن الراجل اللي حبته بقى شخص غريب، حد ما تعرفوش، ولا عارفة إزاي تسترجعه**
*******************
**في غرفة مريحة يغمرها الضوء الخافت، كانت ماسة تجلس على حافة السرير، تتأمل بطنها الصغير بابتسامة خفيفة. شعرت بمزيج من السعادة والدهشة يغمرها وهي تستوعب فكرة أنها تحمل بداخلها حياة جديدة. دخل آسر إلى الغرفة بخطوات هادئة، ابتسامته المعتادة تزين وجهه وهو يراها تجلس بتلك الرقة**
اقترب منها ببطء وجلس بجانبها على السرير، ثم مد يده بهدوء ووضعها على بطنها برفق. نظر في عينيها بشوق ومحبة وقال بنبرة مليئة بالدفء: "مصدقة يا ماسة؟ إحنا هنكون أب وأم."
ابتسمت ماسة وهي تشعر بأنفاسه قربها، ثم همست بحب: "لسه مش مصدقة... بس حاسة إن العالم كله بقى أجمل من اللحظة اللي عرفت فيها."
ضمها آسر بلطف إليه، ومرر يده برفق على ظهرها، وهو يهمس في أذنها: "إنتِ مش بس مراتي، إنتِ أم أغلى حاجة هتكون في حياتنا. أنا مش قادر أوصفلك فرحتي."
رفعت ماسة عينيها إليه، والدموع تلمع فيهما من السعادة، ثم قالت: "أنا محظوظة إني معاك، ومش قادرة أتصور حياتي من غيرك."
ابتسم آسر وهو يمسح دموعها بإبهامه برفق: "وأنا كمان، يا ماسة، عمري ما هقدر أشوف حياتي إلا وإنتِ فيها. كل لحظة جنبك بتزيدني حب ليكي."
مد آسر يده واحتضن وجهها بحنان، وقبل جبينها قبلة طويلة، ثم همس لها: "هخليكِ أسعد واحدة في الدنيا... إنتِ وكل اللي في قلبك."
ضحكت ماسة بخفة وقالت: "أنا مش عايزة غيرك إنت، وإحنا التلاتة مع بعض."
نظر إليها آسر نظرة مليئة بالشغف والحب، ثم قال بصوت هادئ: "أنا هفضل جنبك دايمًا... نعيش كل لحظة سوا، ونتشارك كل حاجة جميلة."
ضمت ماسة يده بقوة وهي تشعر بالدفء يغمرها، ثم مالت برأسها على كتفه، وقالت بهمس: "وأنا واثقة إننا هنكون أسعد عيلة في الدنيا."
**كانت تلك اللحظة بمثابة وعد بينهما، حب متجدد وشعور بالأمان، وكأن العالم كله يتقلص ليصبح فقط المكان الذي يجمعهما معًا، في انتظار المستقبل المشرق**
***********************
** في اليوم التالي...في السجن، جلس طارق خلف القضبان، ينظر من خلال الزجاج الفاصل بعينين مشحونتين بالغضب والكراهية. كان الهواء في غرفة الزيارة باردًا وثقيلًا، وكأن الغضب والحقد يملآن المكان. ليلى دخلت الغرفة بخطوات مترددة، تملكتها مشاعر مختلطة بين الحب الذي لم تستطع أن تتخلص منه تجاه طارق، وبين الشفقة عليه**
جلست أمامه ونظرت في عينيه، محاولة أن تسترجع ذاك الرجل الذي عرفته في البداية، قبل أن يفسده الحقد.
ليلى بصوت هادئ، لكن مليء بالحيرة: "إزايك يا طارق؟"
رفع طارق رأسه ببطء، عينيه متجمدة ببرود وهو يرد باقتضاب: "كويس. إنتِ عاملة إيه؟"
ليلى بعينين مليئتين بالتردد: "أنا... أنا كنت بفكر أجيلك بقالى فترة. مش عارفة إيه اللي جابني النهاردة."
نظر إليها طارق بحقد دفين، وكأنه لم يعد يهتم بمشاعرها كما كان من قبل: "جاية تسألي عني ولا جاية تشوفي اللي اتسببوا في اللي أنا فيه؟"
ليلى بحزن: "أنا عارفة إنك متضايق، بس... ما ينفعش تفضل عايش بالحقد ده يا طارق. الحاجات دي مش هتفيدك في حاجة."
ابتسم طارق بسخرية، ثم اقترب نحو الزجاج وكأنه يهمس لها بسر: "عارفة يا ليلى؟ الحقد هو الحاجة الوحيدة اللي مخلية قلبي ينبض دلوقتي. أنا مش ناسي اللي عمله سليم. هو السبب في اللي أنا فيه، وصدقيني... هاجيله. هاطلع من هنا، وهاخليه يندم على كل لحظة قرر يدخلني فيها السجن."
ليلى بعينين مملوءتين بالخوف والتردد: "يا طارق، خلاص... سيب الماضي. العيلة دي مش سبب كل حاجة غلط حصلتلك. انت اللي اخترت طريقك."
ضحك طارق بمرارة: "اختياري؟! لا يا ليلى، سليم هو اللي اختار لي الطريق ده. عشان كده هو اللي هيدفع الثمن. وقته جاي... وأنا هافكر في كل ثانية قضاها وهو فاكر إن الدنيا مش هترجعله."
بدأت ليلى تشعر بالخوف الحقيقي مما أصبح عليه طارق، تحاول بكل طاقتها أن تحثه على التغيير: "وأنا؟ أنا كنت معاك، وكنت شريكتك... بس اتغيرت. ليه مش عايز تتغير؟ ليه مش عايز تسيب الحقد ده وتبدأ من جديد؟"
طارق بنبرة متحجرة: "إنتِ اتغيرتي عشان ضعيفة. لكن أنا... أنا مش هضعف. هخلص حسابي مع سليم ومع عيلته كلها. خصوصًا ماسة، هي جزء من العيلة اللي دمرتني."
رفعت ليلى يدها بقلق، محاولة أن توقفه: "لا يا طارق، ماسة بريئة. مفيش حاجة بينهم وبين اللي حصل. هي طيبة، مش زي ما إنت فاكر."
نظر إليها طارق ببرود قاتل: "كلهم زي بعض. وهتشوفي بعينك. لما أطلع من هنا، الدنيا هتتغير. سليم هيدفع التمن، وماسة هتكون جزء من الانتقام اللي أنا هعمله."
**كان قلب ليلى مليئًا بالخوف والخيبة. أدركت أن طارق لم يتغير، وأن الحقد ما زال يسيطر عليه، ولا شيء يمكن أن يثنيه عن طريقه المدمر**
**********************
**في فيلا العائلة الفخمة، جلس الجد حسن وشقيقه عبد الله في غرفة الجلوس الواسعة، حيث تسلل ضوء الشمس من النوافذ الكبيرة، بينما كان الصمت يحيط بهما لحظات قبل بدء الحديث. كان كلاهما يحمل نفس الهمّ، أيهم، الذي تغير بشكل مفاجئ، وصار يعامل زوجته علا ببرود لم يكن مفهومًا**
عبد الله وهو يجلس على كرسيه الثقيل بوجه متجهم: "إيه اللي حصل لِـ أيهم يا حسن؟ الولد اتغير، والمعاملة اللي بيعملها مع علا مش مقبولة أبداً. بنتي مش هتستحمل البرود والجفاء ده."
حسن جلس بجانبه، يمسح على جبهته بحركة بطيئة وكأن الأفكار تثقل عليه: "أنا عارف يا عبد الله، ومش راضي عن اللي بيحصل. أيهم بيغلط، وده مش طبع العيلة. الولد كان بيحب علا من كل قلبه، مش عارف إيه اللي قلب حاله كده."
عبد الله بنبرة ثابتة وجادة: "أنا مش هقبل اللي بيحصل ده، يا حسن. بنتي حفيدتي، وأنا مش هسمح لحد إنه يجرحها كده، حتى لو كان حفيدك. لو حصل حاجة لـ علا بسبب تصرفات أيهم، هتصرف، ومش هتساهل معاه."
رفع حسن عينيه نحو عبد الله، وأومأ برأسه بتفهم. لم يكن يريد الجدال، فهو نفسه غير راضٍ عن تصرفات حفيده: "وأنا متفق معاك، عبد الله. أيهم بيغلط كتير، وأنا لازم أتكلم معاه بشكل مباشر. ما فيش سبب يبرر اللي بيعمله مع علا. إحنا راضينا عن جوازهم عشان كنا شايفين إنه بيحبها، لكن اللي بيعمله دلوقتي... لا يمكن السكوت عليه."
عبد الله بنبرة حازمة: "بنتي مش لعبة في إيده، يا حسن. لازم أيهم يرجع لعقله، أو هيخسرها للأبد."
حسن وهو يهز رأسه ببطء، بتعبير مليء بالقلق: "هنتكلم معاه. لازم يعرف إنه لو فضل على الحال ده، مش بس هيخسر علا، هيخسر احترامنا وثقتنا فيه. وأنا مش هسامحه لو أذى علا بأي شكل."
عبد الله بصلابة: "وأنا كمان، مش هسكت لو حصل شيء لِـ علا. بس يا حسن، لازم الكلام ده يتقال لـ أيهم من غير لف ولا دوران. الولد محتاج يعرف حدود تصرفاته، وإلا العواقب هتبقى وخيمة."
**نظر حسن إلى أخيه الأصغر، وكانت عيونهم تحمل نفس القلق والموقف الجاد. اتفقوا بصمت أن هذه القضية تحتاج إلى حزم، وأن أيهم لن يُترك ليتصرف بلا مسؤولية تجاه زوجته علا، حفيدتهم العزيزة**
**********************
**في الجامعة، اجتمعت الفتيات في الحديقة الهادئة التي تزينها الزهور والأشجار، حيث يجلسن على الطاولات الخشبية ويتبادلن الأحاديث. الجو كان مريحًا، لكن الحزن كان يخيم على وجه علا التي كانت تجلس بصمت، عيناها محملتان بالحيرة والألم**
ماسة، وهي تضع يدها على بطنها بلطف، تنظر إلى علا بحزن: "إيه يا علا؟ إنتِ بقالك فترة مش على بعضك. مالك؟"
علا بعيون ممتلئة بالدموع، بصوت مكسور: "مش عارفة أقول إيه... أيهم بقى زي الغريب عني. معاملته بقت باردة وجافة، زي ما إنتوا شايفين."
حور وهي تجلس بجانب علا وتمسك بيدها بحنان: "إحنا ملاحظين إنك مش مرتاحة. إنتِ مش لوحدك يا علا، إحنا معاكِ."
ليان، وهي تضع يدها على بطنها المنتفخ قليلاً بسبب حملها في الشهر الرابع، تقول بلطف: "يا علا، أيهم كان بيحبك من كل قلبه. أكيد في حاجة مضايقاه أو حاجة مأثرة عليه. بس لازم تصبري، وإن شاء الله الأمور تتحسن."
تالا، تنظر إلى علا بتعاطف: "بلاش تسيبي نفسك للحزن يا علا. لو فيه حاجة لازم تتكلموا مع بعض بصراحة."
علا وهي تمسح دموعها: "أنا حاولت، بس هو مش راضي يتكلم. كل ما أسأله، بيردني ببرود. حاسة إني بغرق ومش لاقية إيده تمسكني."
رانيا، وهي تشعر بالغضب المكتوم: "النوعية دي من الرجالة زي أيهم وإياد ما فيهمش أمل. إياد، ، نفس الشيء، كل واحد فيهم نسونجي*****
عند ذكر إياد، تنزعج ماسة وتحدق في رانيا بنظرة استياء: "بلاش يا رانيا تعممي، مش كل الرجالة زي بعض. اللي بينك وبين إياد حاجة تانية، ومش من حقك تحطيه في نفس الخانة مع أيهم."
رانيا، بنبرة غاضبة: "أنا ما بعممش، لكن الواقع واضح. إياد وأيهم، الاتنين بيلعبوا بمشاعر الستات. أنا شفت ده بعيني مع إياد."
ماسة، بعيون غاضبة: "كفاية يا رانيا! إحنا جايين هنا نواسي علا، مش نفتح مواضيع تانية. وأخوية مش من النوع اللي إنتِ بتحكي عنه."
حور تحاول تهدئة الوضع: "يا جماعة، بلاش نزود الحزن. علا محتاجة دعمنا، مش جدال."
تالا وهي تضع يدها على كتف علا: "إحنا هنا عشانك، يا علا. إنتِ أقوى من كده، وإن شاء الله أيهم هيرجع زي الأول."
علا بصوت منخفض: "أتمنى... أنا بس خايفة إن اللي بينا يكون انتهى."
ماسة بلطف وحنان: "مفيش حاجة بتنتهي طالما فيه حب. بس لازم تصبري وتحاولي تتكلمي معاه تاني. أنا واثقة إن الأمور هتتحسن."
**الفتيات تبادلن النظرات فيما بينهن، كلهن يشعرن بحزن علا العميق، لكنهن حاولن أن يمنحوها القوة والدعم، على أمل أن تتحسن الأمور قريبًا**
*****************
**في المساء في غرفة حور و زياد، كانت حور جالسة على السرير، تلف نفسها ببطانية خفيفة وهي تنظر إلى السماء من النافذة المفتوحة. كانت الأنوار الخافتة في الغرفة تمنح الجو شعورًا دافئًا ومريحًا. فجأة، سمعت خطوات هادئة تقترب من الباب. دخل زياد، بابتسامة هادئة على وجهه، وعيناه تلمعان بشوق نحوها**
اقترب منها ببطء وجلس بجانبها على السرير، ثم سحبها بلطف نحوه لتستند على صدره.
زياد، وهو يلف ذراعيه حولها: "إيه، سرحانة في إيه؟"
حور وهي تبتسم برقة، تضع رأسها على صدره: "بفكر فينا، في كل اللي عدينا بيه. مش مصدقة إننا أخيرًا مع بعض."
زياد بضحكة هادئة: "ولا أنا. بس عارف، كل لحظة كنت بعيد عنك كانت بتقربني منك أكتر. أنتِ أحلى حاجة حصلتلي."
نظرت حور إليه بعينين مليئتين بالحب، ثم قالت بصوت هادئ: "أنا كنت دايمًا حاسة إنك هتفضل جنبي، مهما حصل."
زياد وهو يرفع يدها ويقبلها بلطف: "وهفضل دايمًا جنبك، مش هسيبك لحظة واحدة."
شعرت حور بالدفء يغمرها، وابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيها. وضعت يدها على خده بحنان: "أنا بحبك يا زياد... من أول يوم عرفتك فيه وأنا عارفة إنك نصفي التاني."
ابتسم زياد بشوق، ثم انحنى ليقبل جبينها بلطف: "وأنا كمان، يا حور. إنتِ كل حاجة بحلم بيها. مش بس نصفي التاني، إنتِ حياتي كلها."
أغمضت حور عينيها وهي تشعر بالطمأنينة بين ذراعيه، وقالت بصوت خافت: "أنا حاسة بالأمان معاك... وبحبك بكل قلبي."
زياد ضمها إليه أكثر، وكأنما يحاول أن يطمئنها بأنهما سيظلان معًا دائمًا: "هفضل دايمًا هنا، أمانك وحبك وحياتك كلها. إحنا مع بعض، ولا حاجة هتفرقنا."
**في تلك اللحظة، شعر كلاهما بأنهما يتشاركان حبًا حقيقيًا وعميقًا، حبًا لا يمكن لأي شيء أن يهزه**
**بعد لحظات من الصمت والدفء بينهما، شعرت حور بأنها بحاجة للبوح بما يثقل قلبها. رفعت رأسها ببطء لتنظر إلى زياد، وكان هناك شيء من التردد في عينيها**
حور بهدوء ولكن بقلق ظاهر: "زياد، في حاجة لازم أقولك عليها... حاجة بخصوص علا."
شعر زياد بالانتباه فجأة، ثم جلس أكثر استقامة: "علا؟ في إيه يا حور؟ مالها أختي؟"
أخذت حور نفسًا عميقًا، وهي تحاول تجميع شجاعتها للكلام:
أيهم... معاملته ليها مش زي الأول. بقى يعاملها ببرود وقسوة... أنا مش حاسة إنها مبسوطة معاه، وهي مش بتقول حاجة عشان ما تزعلناش، لكن أنا شايفة ده في عينيها."
ضاق وجه زياد، وشعرت حور بالغضب الذي بدأ يتصاعد داخله. وقف فجأة، وكأنه لم يستطع الجلوس بعد تلك الكلمات.
زياد بغضب مكبوت: "إيه؟ أيهم يعامل علا بالشكل ده؟ إزاي أنا مش عارف حاجة؟"
حور وضعت يدها على ذراعه في محاولة لتهدئته: "زياد، أنا مش بقولك ده عشان تتصرف بسرعة... بس مفيش غيرك يقدر يحاسبه. علا بتتألم وبتعاني بصمت، ومش هتقدر تستمر كده."
شد زياد قبضته، وعيناه تلتمعان بالغضب: "لا، مش هسكت على اللي بيحصل. علا دي مش مجرد أختي، دي كل حاجة عندي. لو كان أيهم فاكر إنه هيفلت من اللي بيعمله، يبقى غلطان."
نظرت حور إلى زياد بقلق: "زياد، أنا بس عايزة الموضوع يتحل من غير مشاكل كبيرة..."
زياد بحدة: "مش هعمل مشاكل، لكن لازم أفهمه إن علا مش لوحدها. أنا هروحله دلوقتي."
لم يعطها فرصة لتكمل، ترك الغرفة بسرعة وغضبه يسيطر عليه. اتجه إلى غرفة أيهم، خطواته كانت ثقيلة، وكأنه يحمل جبلًا من الغضب على كتفيه. فتح الباب بقوة ليرى أيهم يجلس وحده في الغرفة.
زياد بغضب واضح: "إيه يا أيهم، إيه اللي بتعمله مع علا؟"
نظر أيهم إليه ببرود، ولم يتحرك من مكانه: "إيه اللي جابك هنا، زياد؟ الموضوع مش ليك."
زياد وهو يقترب بغضب: "لا، الموضوع ليّ وبزيادة. علا أختي، وأنا مش هسكت على معاملتك ليها بالشكل ده. لو كنت فاكر إنك هتعاملها بقسوة وتفتكر إن مفيش حد هيتدخل، تبقى فاهم غلط."
نظر أيهم إليه بنظرة متحدية، لكنه لم يرد. أما زياد فقد تابع بغضب: "دي أختي، وأي ضرر يحصلها هيكون ليّ حساب معاك. افهم ده كويس."
**نظر أيهم إلى زياد بابتسامة صغيرة مليئة بالاستفزاز، وتحدث بلهجة هادئة، لكنه كان يعلم أن كلماته ستشعل الغضب: "ما أنت مش فاهم حاجة، زياد. يمكن علا مش اللي كنت متخيلها. اللي بيني وبينها مش لازم يخصك**
ازدادت نيران الغضب في عيني زياد، ولم يستطع كبح نفسه. تقدم بخطوات سريعة نحو أيهم، الذي لا يزال جالسًا بهدوء: "مش لازم يخصني؟! دي أختي، إزاي ما يخصنيش! علا اتجوزتك وانت كنت بتحبها، إيه اللي اتغير؟ ليه بقى في فجأة جفاء؟ مش عيب إنك تسيبها تعاني كده من غير ما تفهمها السبب."
رفع أيهم حاجبيه بسخرية: "وإنت إيه اللي يزعجك كده؟ عشان أنا كنت زير نساء زمان؟ يعني فاكر إن ده له علاقة؟ مش كل حاجة ليها تفسير، زياد."
زياد انفجر غضبه أخيرًا، وصوته بدأ يرتفع: "زمان؟ بتتكلم كأنه ماضي وأنت لسه مش بتعاملها زي ما تستحق. أنت فاكر إنها لعبة؟ علا مش زي البنات اللي كنت بتلهو بيهم!"
نهض أيهم من مكانه ببطء، عيناه تلتقيان بعيني زياد في تحدٍ: "أيوه كنت زير نساء، وزمان كنت بشوف الحياة بطريقة تانية، بس دلوقتي الموضوع غير. أنا اللي أقرر إيه اللي يحصل بيني وبين علا. مش أنت."
اقترب زياد منه بخطوة إضافية، والغضب يتصاعد: "إيه اللي غيرك، أيهم؟ كنت بتحبها، دلوقتي بتعاملها كأنها غريبة. فاهمني إيه اللي حصل عشان تفهم علا؟!"
ضحك أيهم ببرود، وألقى نظرة سريعة على زياد: "يمكن ببساطة مليتش اللي كنت مستنيه."
زياد لم يعد يستطيع التحمل، قبض على ياقة أيهم بغضب عارم، وصرخ في وجهه: "إزاي تقول كده عن علا؟! أنت هتندم على كل كلمة بتقولها!"
أيهم ظل ثابتًا ولم يتراجع أمام زياد، وابتسامته الاستفزازية لم تختفِ: "هي كمان لو كانت فاهمة إن كل حاجة هتفضل زي ما هي، تبقى مش مدركة. علا محتاجة تفهم إن الحب مش كفاية."
زياد شد قبضته أكثر على ياقة أيهم: "لو حصل لها أي حاجة بسبّبك، مش هسيبك، فاهم؟ أنت اللي غلطان في حقها، وأنا مش هقف ساكت!"
أيهم رفع يده ببطء ليبعد يد زياد عن ياقته وقال ببرود: "ما تهددش كتير، زياد. مش هتغير حاجة بالكلام ده."
**زياد تركه بغضب، لكنه كان يلهث من شدة التوتر والغضب الذي اجتاحه. نظر إليه لآخر مرة قبل أن يخرج من الغرفة وهو يتمتم: "أنت هتشوف مني الويل لو فضلت على الحالة دي.**
*******************
**في مكان آخر.....ماريا كانت ماشية في الشارع المهجور، والأنوار بتتلمع مع كل خطوة بتاخدها. كانت مشغولة بفكرها في يومها الحلو كمدربة رياضية، وفجأة، طلعوا مجموعة من الشباب السكارى من آخر الشارع، بيتكلموا بصوت عالي وضحكاتهم عاملة دوشة**
واحد منهم، كان لابس لبس قديم وعينيه شوية مائلين، قرب من ماريا وهو بيهز راسه: "إيه يا آنسة، ما تفضليش تعملي كده لوحدك في الشارع؟"
ماريا تراجعت بخوف، وحست بقلبها ينبض بسرعة. "أرجوكم، اتركوني في حالي."
لكن الشاب التاني، اللي كان شكله أكثر جرأة، قرب منها أكتر: "لا، احنا عاوزين نتعرف عليك، يا عسل."
قبل ما تلاقي فرصة تعترض، جمال طلع من العدم، ماشي بخطوات واثقة، وناظر لهم بعينيه اللي مليانة تصميم: "يبدو إنكم نسيتوا إزاي تتصرفوا مع البنات. ابتعدوا عنها."
ضحكات الشباب كانت عالية في الأول، لكنهم اتراجعوا لما شافوا ثقة جمال: "وأنت مين؟ خليك بعيد."
جمال: "أنا اللي هخليكم تبتعدوا عنها، فكروا في العواقب. مش من حقكم تهينوا حد هنا."
نظرات الشباب اتجهت لـ جمال، والضحكات اختفت. واحد منهم قرب منه: "إيه يعني؟ عايز تضربنا؟"
جمال: "لو اضطريت، مش هتردد. لكن مش عايز أتحرك لحد ما تفهموا إن دي بنت محترمة، ووجودكم هنا مش مقبول."
ماريا كانت بتراقب المشهد، وحست بالامتنان وهي بتناظر جمال، وبعدين همست: "شكرًا لك، أنت مش لازم تتدخل."
جمال، وهو لسه ماشي نظره على الشباب: "أنتي أهم، لازم تعرفي إن في ناس حتدافع عنك."
واحد من الشباب اتراجع شوية، ورغم سكره، حس بالخوف: "يلا بينا، مش تستاهل." وبعدين بدأوا يبتعدوا ببطء.
جمال أرخى قبضته شوية، ونظر لـ ماريا بابتسامة مطمئنة: "أنتي كويسة"؟
ماريا، وهي بتاخد نفس عميق: "أعتقد إنني بخير دلوقتي. شكرًا لك، أنت أنقذتني."
جمال: "في أي وقت، ماريا. أتمنى إنك ترفضي ترجعين هنا لوحدك مرة تانية. والآن، ممكن أساعدك توصلين لبيتك؟"
ابتسمت ماريا بلطف، حست بشيء جديد بيكبر بينهم: "أيوة، هيبقى حلو."
**بدأوا يمشوا مع بعض، ومع الوقت، زادت المسافة بينهم وهدأت التوترات، وحست ماريا بالأمان مع جمال، وبدأت بينهما حاجة جميلة**
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية عشق اسر) اسم الرواية