رواية نصف الجمال الفصل الثاني 2 - بقلم ولاء عمر
– ليه؟ ليه بجد تدبسوها في واحد عاجز مبيمشيش؟ ليه أظلم واحدة معايا ملهاش أي ذنب؟
– مش هتفوق غير لما تحس إنك في حد مسئول منك،لو سيبتك كدا يبقى الله يعوض علينا فيك.
رد قاطع طلع منه:- وأنا عطيت لجوز عمتك قرار، إيه هنرجع فيه؟
حاولت أهدى بكل الطرق؛ فرديت عليه وأنا بنهي الكلام:- منا لوقتها يحلها ربنا يا أبوي.
– أنا طالع أنا,تصبح على خير.
– وأنت من أهل الخير.
طلع وسابني، سابني مع دماغي وأفكاري اللي أنا لسة بخاف منها، مبقتش حِمل إني أرجع ليها تاني، دا أنا كنت ما صدقت دماغي هِديت.
شديت الكرسي بتاعي ناحية المكتب بتاعي ومسكت البرواز اللي فيه صورة بتجمعنا، إتنهدت وأنا جوايا حزن كبير وبدأت أتكلم:
– بس أنا لسة مش مستوعب ولا مصدق إنك سبتني، إزاي بجد؟! لحد دلوقتي أنا مستنيك تطل عليا بهزارك وضحكتك، لسة مستنيك ترجع تقعد معايا ونسهر مع بعض من تاني. دا إحنا توأم، من يوم ما إتولدنا وأنا إيدي في إيدك، مسنود عليك وأنت مسنود عليا، اسيبك واغفل عنك دقايق أرجع الاقيهم بيعزوني فيك؟ طب إزاي ؟! إزاي وأنا لسة سايبك! إزاي وأنت مكنتش تعبان، إزاي سبتني؟! صحتي خانتني من يومها ورجليا مشالتنيش. من يومها وأنا حياتي واقفة، لا أنا بقيت أنا ولا الحياة رجعت بألوانها من تاني. لسة مستنيك ترجع.
نبرة صوتي بقت أضعف وكل الذكريات ملازماني، من وإحنا صغيرين لحد ما فارقني،مازالت كل ذكرى في دماغي بتتعاد وكإنها لسة من دقائق.
سَنِدّت نفسي ومسكت في رافعة فوق السرير بإديا وقعدت على السرير.
– مش عايز أظلم بت عمتي كمان معايا، أنا واحد حياتي واقفة؛ ليه تتدبس فيا؟ ليه أشيل حد همي .
ــــــــــــــــــــــ
– يا أمي أنا مش موافقة.
– في إيه عاد؛ هو إيه يعيبه؟
– قال يعني معرفاش يا أمي؟!
– لو قدرتي تكوني سبب وتأخدي بيده تقدري تكسبيه عمرك كله، نوح دا أنا اللي مربياه هو وأخوه الله يرحمه، جدع وشهم وقلبه مليان حنية تساع الكل، هو بس من ساعة ما فارقه نادر وهو ما اتحملش ومن الصدمة جاله شلل، سمعت مرت خالك قالت إن اسمه شلل هيستيري.
رديت بعدم فهم وغرابة للاسم، أنا مش أول مرة أسمعه، بس أنا فعلاً مش فاهمة يعني إيه:- يعني إيه ؟
– الدكتور ساعتها قالهم إنه جاله من الصدمة، وقال إن في ناس كتير من قوة الصدمة اللي بيتعرضوا لها بيحصلهم كدا وأكتر.
نوح، صديق الطفولة، اللي كان دمه خفيف وميروحش مكان إلا ويسيب آثر طيب في نفوس أهل أي مكان يروحه، اللي من لما خسر نادر وكأنه إنطفأ، قفل على نفسه كل البيبان وإنعزل.
لسة فاكرة يومها لما إنهار بعد ما سمع الخبر وعقله رفض يصدق، ساعتها فقد قدرته على إنه يمشي.
– سرحتي في إيه ؟
فوقت على صوت فرديت عليها:- كنتي بتقولي حاجة يا أمي؟
– كنت بقول إن تبقي تشوفي وتقرري هتلبسي إيه لبكرا؟
– عادي أي حاجة .
– هروح أطلع لك العباية الإستقبال الجديدة.
راحت وطلعتها فعلاً،حطتها على الكرسي وطلعت، وأنا وقفت عند الشباك وبصيت كعاتي على الزرع وشكل السما بالليل.
سراج ابن أخويا هو اللي كنت بقدر أشاركه اللي جوايا، من ساعة ما سافر جيشه وأنا حاسة إني لوحدي ومفيش حد أشاركه يومي، أو أشاركه خوفي ويتقاسمه معايا.
قفلت الشباك بعد وقت كبير وكتير من التفكير اللي سرقني ونمت.
” ممكن تكوني سبب في رجوع نوح؟”
“هو الخير ليكي.”
” إنتوا مكتوبين لبعض”.
“هو الخير ليكي.”
” ساعديه”.
“خدي بيده.”
صحيت من نومي وأنا الذكر مش مفارق لساني، كان آذان الفجر بيأذن، صوت الأذان من ناحية ومن ناحية تاني الجمل اللي كانت بتتردد في دماغي اللي سمعتها في الحلم بصوت بعيد بتتردد.
قومت إتوضيت وكان أبوي إتوضى، سندته وعطيته عكازه وطلع يصلي في الجامع.
دخلت أصلي أنا كمان ودماغي مشوشة.
خلصت صلاة وقرأت الورد بتاعي وعملت فطار وقعدنا نفطر كلنا. بصيت لأبوي اللي كل مادا تعبه بيزيد عليه، وهو يزيد من هنا وأنا قلبي يتقطع من هنا.
وعلى أمي، كنت بوزع نظراتي وساكتة
ــــــــــــــــــــــ
-لساك قاعد في مكانك يا نوح؟
-هروح فين يعني يا وائل؟!
هز كتفي وهو بيقولي:- تعالى نطلع بس نشم شوية هواء ونتكلم مع بعض زي زمان.
– مليش نفس.
– ما أنا مبعزمش عليك تأكل، أنا واخدك نقعد كدا في الخلاء- يعني وسط الزرع بعيد عن الناس _ ونقعد بقى نتكلم كتير قوي.
– عرفت من أبوك إنك معايزش تتعالج، ورافض فكرة جوازك من بت عمتك.
– يا راجل وإيه كمان؟
– نوح ما تستعبطش!
– وائل متزودش.
– يا ابني بقى، عاجبك حالك بالله عليك يا أخي؟
كنت حاسس بنبرته اللي فيها حسرة، بس عمرها ما هتكون قد حسرتي على نفسي، كان بيزقني بالكرسي ومكملين، ماشيين. عمر حسرته ما هتكون قد حسرتي ووجعتي على نفسي، محدش بيتوجع لحد على طول، صاحب الوقعة هو الي بتفضل معلمة فيه ووجعاه.
– وائل عايز أدخل، ممتحملش أقعد برا أكتر من كدا.
– طيب أنا لسة ما اتكلمتش معاك في موضوع العروسة.
– قولت مرايحش حتة.
– هتروح يا نوح ورجلك فوق رقبتك.
– مهروحش.
في آخر النهار.
– يا عم هات الجلابية البيج .
– حاضر.
كان مفكر إنه هيقنعني قال؟! وأقنعني فعلاً يا جماعة.
– بقولك إيه إظبط كد وإثبت، عايز أظبط لك دقنك.
– إلزم حدودك يا وائل، أنا رايح علشان زهقت من زنك، وبعدين يعني هو ده الفرح يعني؟!
في آخر النهار.
– يا عم هات الجلابية البيج .
– حاضر.
كان مفكر إنه هيقنعني قال؟! وأقنعني فعلاً يا جماعة.
المسافة بين البيوت مش بعيدة، عشر دقايق، بس عدوا عليا وكإنها عشر ساعات، ما بين نظرات الناس ليا وسخافاتهم اللي مفكرينها خفة دم، وبين نظرات كتيرة بترسم الشفقة وتانية فيها فرح!
وصلنا ودخلنا المندرة، ساعتها جوز عمتي طلب يتكلم معايا على إنفراد.
حَمِل بعزمه على العكاز بإيديه و ورفع رأسه ليا وقال بصوت هادي:- نوح يا ولد، ملييش غيرك بعد ربنا أعتمد عليه يأخد باله من سارة فس في غيابي غيرك.
رديت عليه بعدم فهم:- أنا؟! إزاي وأنا عاجز؟ وليه تظلم بتك ياعم سعيد أصلاً وتدبسها في واحد عاجز بجد ؟!
– ما أقدرش أطمن عليها غير معاك، حد بالك منها يا ولد عشان خاطري، متردليش طلبي يولدي.
– وليه انا؟! صدقني هي تستاهل حد أحسن مني.
– خبر إيه عاد؟! ما إنت بإذن واحد أحد هترجع تنصب طولك وتقف على رجليك من تاني، وتتعالج.
شايفين إزاي إني هقدر أبدأ وأحارب وأنا كل اللي جوايا مانعني من إني أتحرك سنتي، أو حتى أبطل أخاف، أقلق، أضحك أو حتى احس بطعم الحياة من تاني، بس وكإنها بلا لون أو ريحة
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية نصف الجمال) اسم الرواية