Ads by Google X

رواية جوازة ابريل (3) الفصل الثاني 2 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

        

رواية جوازة ابريل (3) الفصل الثاني 2 - بقلم نورهان محسن

 الفصل الثاني (فراشة حول اللهب) ج3
                                    
                                            


يا سيدة الأنفاس المختبئة بين ضلوعي،
هل تعلمين أنكِ تفتحين أبواب قلبي، زرًا زرًا، بنبضٍ يرتعش تحت أطراف أصابعكِ مثل السحرٌ يجذبني إليكِ؟
كل خفقة من عروقكِ تنفجر في داخلي كالنار،
وكل نَفَسٍ يخرج من شفتيكِ يستهويني بقوة،
يجبرني على الاقتراب أكثر، لأتذوق ذلك الرهف المتمرد من بين عنادكِ الصخرى.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



في منزل باسم الشندويلي



دخلت إبريل بخطوات مرتعشة ، وجودها معه بمفردها سيثير مشاعرها المتناقضة ، لكنها تخفي ذلك تحت قناع من اللامبالاة ، وتجنب النظر إليه وإبداء التذمر لعلّه ينفر منها ويتركها وشأنها ، حيث أن قلبها الخائن كان يكشفها بنبضاته المتسارعة ، وهي لا تثق في قدرتها على التحكم بمشاعرها أمامه.



أما باسم فكان يتبع خطواتها بنظرة واثقة ، يتعمد تأملها من بعيد ، ملاحظاً كيف تمشي متعبة حتى استقرت على أحد الأرائك ، لتنحني بجسدها المتعب وتفك حذاء الكعب العالي الذي أرهقها طيلة اليوم.



تنفست ابريل بعمق وقالت بلهجة ممزوجة بالراحة والتذمر : اخيرا اليوم الطويل دا عدي علي خير و خلصنا!



أطلق باسم ضحكة ماكرة متعمّداً ان يثير أعصابها ، وصوته يحمل سخرية مفعمة بالحب : لا يا حلوة مخلصناش .. احنا لسه بنقول يا هادي



لم تبالِ للرد ، فالتعب كان يغلبها على أن تدخل معه في جدال لا نهاية له ، وقامت من مكانها ، رافعة الفستان عن الأرض قليلاً ، لتخطو حافية القدمين بخطوات مترددة نحوه ، كعادته لم يفوّت الفرصة ليتلذذ بشذاها الخلاب الذي تغلغل في كيانه ، فأغمض عينيه بلحظة خفيّة من الانتشاء المغرم ، متمنيًا لو يبقى هذا العطر مسكونًا في أنفاسه ، بينما حاولت أن تبدو غير مبالية ، وتوجهت نحو حقيبتها القريبة من الباب ، ثم حملتها لتسأله ببرود مصطنع : فين أوضتي؟



أشار برأسه نحو باب على يمينها دون أن ينبس بكلمة ، ثم حك أنفه بسرعة ليخفي ابتسامته ، فخرج صوتها مهتزاً بإستنكار : دي أوضتك انت .. فين أوضتي أنا؟



صحح لها باسم بحزم ، مع تقطيب حاجبيه بانزعاج مصطنع : مفيش حاجة اسمها أوضتي وأوضتك .. اسمها أوضتنا!



وضعت ابريل الحقيبة على الأرض ، وتحدثت بنبرة متمردة : احنا متفقناش على كدا



رفع باسم كتفيه بتحدٍ ، وتلاعبت ملامحه بتعبير مفعم بالثقة ، مردداً العبارة بنبرة خشنة : وهو إحنا كنا اتفقنا على حاجة؟ ماتلومش حد غير دماغك الناشفة! مش أنا طلبت منك تيجي زي اي عروسة .. وتغيري العفش وتعملي الديكورات على ذوقك وانتي رفضتي


 
                
أثناء حديثه ، أخذ يدور حولها ببطء ، محاطًا بجاذبيته المهيبة كغيمة داكنة تكتنف الأفق ، مما جعلها تشعر بالقلق والانزعاج ، فهتفت بحدّة مضطربة : انت بتحوم حواليا كدا ليه؟ وايوه رفضت عشان ذوق الشقة كان عجبني زي ماهو .. بس ماجبناش سيرة اوض النوم في كلامنا..!!!



التفتت ابريل إليه نظرة مليئة بالسخرية والتذمر ، ثم أضافت مستاءة : وبعدين عايز تقنعني ان شقة طويلة عريضة زي دي .. مافيهاش غير اوضة نوم واحدة .. انت بتكلم بياعة قوطة علي فرشة خضار!!!



رفع باسم حاجبيه بتحدٍ مستفز ، بينما كانت رماديتيه تتأمل ملامحها الجميلة بإفتتان ، متسائلاً بصوت منخفض : تفتكري اتنين عرسان هيحتاجوا اكتر من اوضة نوم ليه؟ ها يا روحي!!!



همس باسم بها بنبرة آثرة ، محتويًا ذقنها بين أصابعه ، فانعكست على وجه إبريل ملامح الشك الممزوج بالخجل ، وعبرت بسخرية لاذعة ، وهي تدفع يده بعيدًا بتوتر : يعني مفيش اوضة للطوارئ .. للضيوف .. ولا بتسيبهم يناموا علي الكنبة كدا؟!!!



خطا باسم خطوة إضافية نحوها ، مبتسمًا بابتسامة غامضة احتبست انفاسها منها ، بينما عيناه تتلألأان بمكر عابث ، قائلاً بنبرة خافتة جريئة : ضيوفي ما بيلاقوش الراحة غير في حضني يا حبيبتي...



شهقت ابريل بخفة وارتبكت لوهلة ، تمالكت نفسها بنبرة تجمع بين الخجل والغيظ : احترم نفسك .. واكلم جد شوية بقا



_واحد عازب هيحتاج أكتر من سرير في البيت ليه يا ابريل؟



توسعت ابتسامته مستمتعاً بمشاهدتها تهرب من نظراته ، مثل فرسة جامحة تحاول الإفلات من خيالٍ يعرف نقاط ضعفها ، وفي صمتها العاجز ، أضاف بخبث : ناوية تقضي الليلة وقفة مكانك كده .. ولا تحبي أشيلك زي ما شيلتك يوم الموقع على كتفي .. بس برومانسية المرة دي؟



تراجعت ابريل خطوتين بتوتر ، وهي تلعق شفتيها ، واتجهت لتجلس على كرسي السفرة ، متظاهرة باللامبالاة رغم اضطراب نبضاتها المتزايدة بعنف من جراءته اللامحدودة : ممكن تبطل البواخة دي 



اقترب باسم منها ، ليجلس على حافة الطاولة بتمهل واضعًا مرفقيه على فخذيه ، وبنبرة تكاد تمزق أسوارها الدفاعية همس : فيها إيه لما أشيلك؟ مش العريس بيشيل عروسته الليلة دي؟ ولا لسه بتتوتر مني؟



ابتلعت إبريل ريقها ، مستشعرة اهتزازات توتر تعصف بمعدتها ، وسألت بثبات نسبي : وانا هتوتر ليه؟



انحنى باسم أكثر نحوها حتى أصبح فمه على بُعد أنفاس بسيطة من أذنها : معرفش واحنا لوحدنا... بحسك متوترة بزيادة



التفتت ابريل إليه فجأة ، لتجد وجهه قريبًا من وجهها بشكل يكاد يعطل عقلها ، وعيناها تعلقتا بعينيه للحظات ، قبل أن تفر بنظراتها إلى الأمام ، متلعثمة بصوت منخفض : لا .. أصلاً مفيش حاجة فيك بتحرك أي إحساس جوايا بالتوتر يعني




        
          
                
تململ باسم بابتسامة جانبية : بجد؟



_ايوه!



أجابت ابريل بإصرار ، لكن اضطراب حركتها يمينًا ويسارًا بعشوائية فضحها فأطلق ضحكة جذابة ، وقال بهدوء : خلاص .. مصدقك



أراح باسم يده برفق على كتفها ، مقترحًا بنبرة هادئة تعكس الاطمئنان : بالمناسبة .. لو حابة تاخدي شاور؟



انتفضت ابريب بسرعة فارتطمت ركبتها بالطاولة ، وأمسكتها بتألم ، ولا شعوريًا استندت علي فخده ، في حين هو بقي متسمرًا ، يراقبها بعينين تعكسان حرارة غلفت جسده ، وعندما التفتت مجددًا ، ووجدت وجهه قريبًا ، تراجعت قليلًا مترددة ، فخفضت كفها عن فخذه ، لتجد نفسها تجلس على قدمه ، نظرت له مذهولة ، ليتمتم بصوت يشتعل بشغفه الجارف لها : زي ما قولتلك .. انتي متوترة .. وبتوتريني معاكي كمان



نهضت ابريل عنه وتراجعت خطوتين إلى الوراء ، تتملكها مشاعر الحرج ، بينما ابتسم لها بدعابة وحنان مردفاً : وبعدين ماكنتش اقصد حاجة من اللي دماغك .. يعني بقول ان كل واحد فينا بعد اليوم الطويل دا محتاج دوش يريحه ولا ايه؟



أغمضت ابريل عينيها متنهدة بقوة دون أن ترد ، محاولة تفريغ شحنة التوتر المتراكمة داخلها ، وبعد لحظة من الصراع الداخلي ، تحركت بإستسلام نحو غرفة النوم ، تسحب حقيبتها الضخمة على المزلاج خلفها ، وهي تهمس في سرها بكلمات لاذعة بسبب تلاعبه الذي أثار حنقها.



توجهت إبريل إلى الحجرة الصغيرة المخصصة للملابس ، ذات التصميم الزجاجي الذي كان يعكس نور الغرفة الخافت ، لكن شيئًا ما عاق حركتها ، استدارت برأسها لتجد فستان زفافها قد تشبث بطرف الباب الجرار ، فحاولت جذبه بحذر ، لكنها لم تنجح.



في تلك الأثناء ، دخل باسم ، وهو يفك ربطة عنقه ، وألقى بها على الأرض بإهمال ، محدقاً فى مشهد الفستان العالق ، ثم أكمل سيره موجهًا حديثه إليها بنبرة ملؤها الشماتة لا تخلو من العجرفة : خدي بالك لا يتقطع .. أنا دافع فيه دم قلبي



نفخت ابريل بغضب ، ثم ردت عليه بعناد متمرد : خليه يتقطع مايهمنيش .. انا اصلا مش طايقة الفستان دا عليا وكارهه افضل بيه اكتر من كدا .. وماهصدق اقلعو وارميه بعدها في الزبالة!!



زم باسم فمه وهو ينزع سترة البدلة ، عازمًا على التعامل معها بنفس أسلوبها ، ثم صاح بنبرة مشوبة بالسخرية : وأنا كمان كاره البدلة دي .. والليلة كلها كانت حجر على قلبي .. يلا خلينا نرميهم في زبالة واحدة



أنهى جملته ليرمى السترة عليها بقوة ، شهقت إبريل بتفاجئ مكتوم من حركته السخيفة ، لتبعد السترة عن وجهها وشعرها الذي تبعثر ، ثم ألقتها بقهر مغتاظ على الأرض ، وعادت تحاول جذب الفستان مرة أخرى.




        
          
                
من خلفها هتف بحنق لاذع ، وهو يرفع مرفقه على الرف بجانبه : طلعت روحي طول اليوم معاكي .. وانتي التماثيل اللي في المتحف فيهم روح عنك



توقفت يديها عن الحركة ، وعينيها اتسعتا بنظرة مستنكرة نحوه ، ولاحت ابتسامة مبهمة على شفتيها ، ثم حدقت نحو الفستان ، وسحبته بقوة لتخرجه من أسره ، قائلة بنبرة ناعمة خبيثة : تصدق .. شفقت عليك يا مسكين .. ويا ترى ناوي تطلقني إمتى عشان ترتاح من المجهود الجبار دا؟



قال باسم بلامبالاة مزيفة : ما قدمناش غير الصبر يا مراتي الحلوة .. مش يمكن انتي اللي ماتقدريش تستغني عني ثانية واحدة؟



أعترضت بإصرار مغتاظة من عجرفته وثقته : مظنش إن دا هيحصل



_هعمل نفسي مصدقك مؤقتًا.. لحد ما الأيام تثبت العكس



_طب ممكن تتفضل عشان أغير الفستان؟



_لو تحبي أساعدك .. معنديش مانع



_باسم!! اخرج برا عشان أنا بدأت اتوتر بجد



تهربت ابريل بإنزعاج خجول من براثن جراءته ، وهي تعقد ذراعيها تحت صدرها ، بينما اتسعت ابتسامته المهلكة لتفصح عن استمتاعه الشديد بالموقف : ماشي .. هسيبك تاخدي راحتك



هكذا تحدث باسم بضحكة ، وهو يسير نحو باب الغرفة ، ثم أخرج المفتاح من القفل ، وتابع بابتسامة لاذعة : بس عشان دماغك الحلوة ما توزكيش .. هخلي المفتاح معايا



دبت إبريل بقدميها في الأرض غيظًا بعد خروجه ، قبل أن يقع بصرها على ثوب نوم فيروزي على علاقة خشبية مغرٍ جداً و ذو ذوق فريد ، مفرود بعناية على السرير ، فشعرت بحرارة تصعد إلى وجنتيها ، متذكرة جرأة باسم في اختياره. 



استحضرت في ذهنها ذلك اليوم حينما اشتراه لها ، وكيف اندلعت بينهما مشاجرة لطيفة عندما أبدت اعتراضها على جرأة الثوب.



flash back 



في سيارة باسم قبل الفرح بعدة ايام



لم تكد إبريل تستعد للنزول حين أوقفها صوته الهادئ : قبل ما أنسى .. استني



استدارت إليه بحيرة ، وعلامات الاستفهام تتلألأ في عينيها : في إيه؟



مدّ باسم يده نحوها بكيس مصنوعًا من ورق مقوى ذو لون بيج دافئ ، متمتماً بنبرة هادئة : اتفضلي



اخذته ابريل بتردد ، وتساءلت بفضول متوجس : إيه دا .. في إيه جواها؟!



_هدية بسيطة .. افتحي وشوفيها بنفسك




        
          
                
لم تشعر بالارتياح تجاه تلك الابتسامة الجانبية التي ارتسمت على فمه ، إذ أثارت في أعماقها أمواجًا من الشكوك والتوتر ، سرعان ما استسلمت لفضولها ، وبأطراف أصابعها أخرجت قميص نوم مثيرًا ، مصنوعًا من قماش الدانتيل الشبكي ، بلون أزرق مخضر يتمايل بتدرجاته مع لون عينيها التي ازدادت اتساعًا من الصدمة. 



اشتعلت في قلبها نار من الحياء ، وتسللت حرارة قوية إلى وجهها المحتقن ، لكن ببراعة رسمت ابتسامة خجولة على شفتيها ، قائلةً بإعجاب : واو .. إيه اللون الحلو دا؟!



زوى باسم حاجبيه بتعجب مشوب بالشك ، فقد كان يتوقع ردة فعل معاكسة تمامًا ، لكنه سألها بخبث مثير : عجبك ذوقي؟ تخيلته عليكي لما شوفته .. ومتأكد هيبقى يخبل علي جسمك الحلو



استمعت ابريل إلى مغازلته الجريئة ، ووجنتاها تتقدان بخجل عارم ، ولم تستطع أن تبعد نظرها عن القميص الذي بين يديها بذهولٍ يغمرها ، ثم ، خفضت رأسها وابتسامة غامضة تتسع على شفتيها الرقيقة ، مما جعله يتابع : وعلى فكرة جبت الطقم كامل



_وانت اشتريته إمتى دا؟



ضغطت ابريل على شفتها السفلى ، ثم سألت بنبرة تحمل غموضًا ، فأجاب بإبتسامة كسولة : وانتي بتقيسي بروفا الفستان يا حبيبتي...



_عجبني لونه ... حلو قوي يا باسم .. ميرسي ذوقك حلو



_يشبه عيونك الحلوة



قال باسم بصوت مبحوح مفعم بلهيب الهيام ، بينما أخذت تحدق في القميص لفترة ، ثم وضعته داخل الكيس مرة أخرى لتناولته إياه برقة أسرت لبه : ممكن تمسك كدا .. هاخد شنطة من الكرسي اللي ورا عشان أحطه فيه



ضغطت ابريل على حقيبة يدها بقبضة متوترة ، ثم انقضت عليه فجأة كالعاصفة ، تضربه بها بقوة ، وهي تهتف بصوت يختلط فيه الغضب بعدم التصديق : بقى جبتلي بيبي دول يا سافل يا متحرش!



صاح باسم بإنشداه ، وهو يرفع ذراعه أمام وجهه ، محاولًا صدّ ضرباتها الثائرة : اتحولتي كدا ليه؟ ماكنتي حلوة!!



تكلمت بإزدراء من بين أنفاسها المتقطعة : والله انت مشوفتش تربية في عمرك ثانيتين على بعض



أحاط باسم جسدها بذراعه ، بينما جذب حقيبتها من يدها بقوة ورماها بعيدًا بلا مبالاة ، فدفعت صدره بقبضتيها محاولة الابتعاد عنه ، لكن ذراعيه كانت كالسلاسل ، محاولاً الحد من حركاتها الخرقاء ، بينما انفجر في ضحكة خفيفة تعكس مرحه واستمتاعه باللحظة التى إستغلها لصالحه : أخيرًا جيتي في حضني بكيفك! ومتحرش إيه يا ملسوعة؟ أنا جوزك!!



ازداد غيظها من وقاحته ، فرفعت يدها لتجذب شعره بغل ، فصاح بألم : لا لا، كدا هتعوريني يا مجنونة




        
          
                
هدرت ابريل بسخط : أنت لسه شوفت جنان؟ تتجرأ تعمل كدا إزاي؟



باسم بصرامة طفيفة : عملت إيه يعني؟ هي جريمة انتي مراتي .. واعقلي بقى إحنا في العربية



ابريل بنبرة خفيضة لا تخلو من الحدة : المسخرة دي تروح تديها لواحدة من اللمامة اللي بتعرفهم



ربت باسم على ظهرها برفق ، متمتماً بهدوء نسبى : خلاص اهدي وخدي نفسك .. انت مش عارفة تجمعي كلمتين على بعض



_خلاص ابعد عني .. انت ماسكني كدا ليه؟ أوعي كدا!!



نطقت ابريل بها بنبرة مرتجفة ، بينما قلبها يقرع بسرعة كأنما يحاول النجاة من أسر احتضانه الدافئ ، لكنه همس لها بنبرة غارقة في الإغواء : خلينا شوية .. أنا كدا مرتاح أوي



_اوعي .. سيبني بقولك!



_مستحيل



همس باسم بكلمة واحدة تهاوت لها روحها كسيول عارمة ، غمرت مقاومتها الضعيفة ، وانسابت في عروقها كعطر مثير ، تنسج خيوط السحر حول قلبها ، اقترب منها تدريجيًا ، حتى اختلطت أنفاسهما في أنشودة من الهيام ، وبنعومة حارة لامس شفتيها ، ملتهمًا إياها بشوقٍ وعشقٍ يعصف بكيانها ، حيث نيرانه الملتهبة تصهر كل ما تبقى من تمردها الهش ، فتجعلها كفراشة تحوم حول لهب ، مأسورة بوهج شغفه.



back



تسرّبت ابتسامة خجولة إلى شفتيها رغماً عنها ، متمنيةً لو أن قلبها لا يخفق بهذه السرعة كلما تذكرت حنان ودفء مواقف هذا العابث معها.



☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼



في منزل فهمي الهادي



_مش قادر أصدق!! إزاي!! ازاي بنتي تطلع بالقذارة دي؟ ازاي عرفتي تقرطسينا كلنا واولهم جوزك النطع السنين دي كلها!! ويطلع عمر ابن راجل تاني غير جوزك؟ إزاي كنتي قادرة ترفعي عينك في وشنا وتكدبي علينا بالبجاحة دي .. انطقي؟!



صرخ والدها بصوت عالٍ اهتز له جدران المنزل، وكلمات غضبه تحولت إلى شظايا تنفجر حول ريهام، التي وقفت أمامه خائفة ومرتبكة، بينما دموعها تتساقط على وجنتيها في محاولة يائسة للدفاع عن نفسها بنبرة مبحوحة : يا بابا .. كان في ظروف .. أنا كنت لوحدي اسعد عمره ما فهمني ولا كان بيعاملني علي اني مراته وليا حقوق عليه .. للي حصل دا كان غصب عني!



تدخل يوسف الذي لم يكن ليبقى ساكنًا أمام ما يحدث ، اقترب منها ، ووجهه يحمل مزيجًا من الصدمة والاحتقار ، ورفع يده وهوى بها علي وجهها بقسوة : لسه ليكي عين تتكلمي



تجمدت ريهام في مكانها بمزيج من الألم والفزع ، ويدها تلمس خدها ، ليقوم بإمساك ذراعها بقوة ، فاهتزت من قوة قبضته العنيفة ، أضاف بنبرة حادة كخنجراً ، وعينيه تشتعلان بنيران الغضب : هي الخيانة ليها عندك تبرير كمان يا***



حديثه جرح كرامتها ، نظرت إلى والدتها لعلها تنجدها ، لكن الأخيرة كانت مشغولة بمواجهة ثوران زوجها الذي جلس علي المقعد هادراً بإنفعال : طول عمرك طايشة ومش شايفة غير نفسك .. وامك بوظتك بتربيتها ليكي!



_ايه يا هانم مش سامعلك حس؟



قالها فهمي ساخراً ، وعيناه تغليان بالإستهجان ، وهو يحدق في زوجته ، فتفوهت بإضطراب : جرا ايه يا فهمي انت هتجيب اللوم عليا دلوقتي!! انا مربية بنتي احسن تربية و..



قاطعها فهمي بصرامة متهماً اياها : اسكتي مش عاوز اسمعك لا انتي ولا بنتك .. انتي اللي فسدتِها بدلع فيها!



_أرجوك يا بابا أنا محتاجة ابنِي! أنا مقدرش أعيش من غيره!



توسلت إليه بنبرة مليئة بالمرارة ، ودموعها تسيل على وجنتيها الملطختين بالكحل الأسود ، بينما هو فقد أعصابه تمامًا ، وهدر بها بقسوة لاذعة مرة أخرى : بأنهي عين هقف اقوله عاوزين الولد بعد ما انقذنا من افلاسنا وبقي شريكنا في كل حاجة .. هرفع عيني في عينه ازاي بعد انهاردة وهو كاسرنا وكله بسببك



اجتاحت قسمات وجه يوسف غضب جامح من هذا الحديث ، بينما قبضته يعتصرها بعنف لا إرادي ، وهدر بحدة ، بينما خطواته تقترب منها كإعصارٍ لا يعرف الرحمة ، مشعلاً داخلها فتيل الخوف : انا هقتله واقتلك يا ريهام



اوقفه صوت أبيه الذي انفجر كصاعقة عنيفة : اخرس يا يوسف .. مش عاوزين جنان وفضايح .. كفاية المصيبة اللي وقعت فوق دماغنا يا بني



وجه حديثه إلى ريهام بحسم قاسي : اسمعي مفيش من انهاردة خروج ولا شغل ليكي .. ومن اللحظة دي هتتحبسي في اوضتك ومش هتخرجي إلا بإذني



يوسف تنبه علي كل اللي في البيت .. ماتعتبش برا باب اوضتها لما نشوف هنعمل ايه في الوحلة اللي غرقتنا فيها ؟!



قالها بنبرة قاسية ، نُزعت عنها تلك الألوان المشرقة ، وأصبح وجهها شاحبًا مع شعور بالندم.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
google-playkhamsatmostaqltradent