رواية وشم على حواف القلوب الفصل الحادي والثلاثون 31 - بقلم ميمي العوالي
اللهم إن كانت عظمت ذنوبي وآثامي .. وقد حالت بيني وبينك خطاياي بقضاء حوائجي .. فإني أسألك بجلال وجهك وعظيم شأنك ، وأتوسل بك وأتوجه إليك .. أن تغفر لي وترحمني وتقضي حاجتي وتفرج عني كربتي وما أهمني.
31
وشم على حواف القلوب
الفصل الحادى و الثلاثون
لا احلل نشر او نقل الرواية باى مكان اخر دون اذن كتابى منى شخصيا و من يفعل دون ذلك يعرض نفسه للمسائلة القانونية
اسرعت زينب بالانصراف من امام شيخون تاركة خلفها حسنة التى هرب الدم من اوصالها و هى تنظر الى شيخون بضياع و لا تدرى ان كان قد استمع لكل حديثهم ام فقط الصفعة
و ما ان اغلق شيخون الباب حتى التفت و اتجه اليها بهدوء و هو ينظر اليها كالقط الذى يلاعب فأرا قد وضعه تحت قوائمه ، و ما ان وصل امامها حتى رفع يديه عاليا و هبط بكل قوته فوق وجنتها فاصدرت شهقة عالية و هى تضع كف يدها بسرعة على وجنتها لتشعر بدماء دافئة تدفق من بين اسنانها ، لترفع عينيها لشيخون و هى تتقهقر للخلف برهبة و هى تقول بتردد هامس و هى تحاول ثبر اغواره : انت بتضروبنى يا شيخون ، بتمد يدك عليا بعد العمر ده كلاته
لتتفاجئ بشيخون و هو يباغتها و يمد ذراعه اليها ليردها الى موقعها الاول بقسوة و هو يتحدث من بين اسنانه قائلا بفحيح : كلات السنين دى و انى بسال حالى عن سر معاملتك للبت اليتيمة اللى بتعاملك كيف امها و شايلالك جميلة انك رضعتيها كيف بتك ، و اما كنت اسالك تقوليلى بتى و بربيها ، بتى و بعلمها ، بتى و بوعيها ، بتى .. بتى ، و اتاريكى كل ده و انتى بتحاولى تكسريها لجل ما تنقليلها الفزع اللى جواكى لا تكشف المستور كلاته
حسنة بلجلجة و هى ترتعد بين يديه كمن تعانى حشرجة الموت : مستور ايه ده بس اللى بتتكلم عنيه ، انت مافاهمانش حاجة عاد
ليمد يده و يقبض على شعرها بقوة قائلا بفحيح ارعد اوصالها : اكتمى خشمك ده و ما اسمعش حسك واصل ، بقى انى برضيك اللى مافاهمانش حاجة ، و اللا انتى اللى مرة ناقصة رباية و عاوزة حش رقبتك
حسنة و هى تحاول تخليص شعرها من قبضته : انى فى عرضك يا شيخون ، ده انى طول عمرى قايدالك صوابعى العشرة شمع
شيخون و هو يدفعها بعيدا عنه بقوة حتى ارتطمت بالحائط : بالغش يا فاجرة ، بالغش يا قليلة الحيا و الدين ، بقى عايشة معايا عمرك ده كلاته بالغش
حسنة بدفاع : انى عمرى ماغشيتك
شيخون : و لما تبقى عاشقة راجل غير راجلك ده يبقى ايه يا بت الحاج تهامى ، تعملى حسابك ان دى اخر ليلة ليكى فى الدار دى ، اول ما النهار يشقشق تاخدى بعضك و على دار ابوكى و ما اشوفش خلقتك تانى واصل
حسنة و هى تضر.ب على صدرها : هتطردنى من دارى يا شيخون
شيخون بعزم : هطردك من حياتى كلاتها ، انتى طالق يا حسنة .. طالق ، و زى ماقلتلك اول ما النهار يشقشق ما اشوفش خلجتك فى الدار دى نوبة تانية واصل
حسنة بغل : انت بتطردنى من دارى ، انت ناسى ان الدار و الارض كلاتها باسمى ، انت اللى تمشى يا شيخون مش انى ، و ما تنساش كمانى تاخد فى يدك بت اخوك سبب البلاوى دى كلاتها
شيخون بسخرية : لا هو انى ماقلتلكيش يا حسنة انى ماكتبتلكيش واصل و لا سهم واحد حتى
حسنة بذهول : يعنى ايه ، كنت بتغشنى اياك
شيخون باستنكار : بلاش انتى تتحدتى عن الغش ، و يكون فى معلومك انى هديكى حقوقك بشرع الله بس لجل اخلص ذمتى من ربنا رغم انك ماتستاهليش شي و عشان خاطر عيالى ما يتعايروش بيكى طول عمرهم لما يسالونى طلقتك ليه .. مش هقول الحقيقة ، و تعرفى كمانى .. انى هرجعك بيدى دى لحد دار ابوكى زى ما اخدتك منيها ، و من دلوك للصبح تشوفيلك موطرح تنعسى فيه بعيد عن اهنا و على الله اوعى لك رايحة ناحية اوضة زينب
و ما ان صمت ، حتى تدارك مرة اخرى قائلا : و اللا اقوللك .. انى عرفت هبيتك فين الليلة دى .. مشى قدامى
حسنة برهبة : امشى على فين دلوك
شيخون بحزم دافعا اياها ليجبرها على السير : قلتلك مشى قدامى من سكات و ما اسمعش حسك واصل
حسنة بمحايلة : ناوى على ايه يا شيخون ، استهدى بالله اكده و اغزى الشيطان احب على يدك
ليخرج شيخون من الغرفة و هو يدفعها امامه ليهبط بها الى الاسفل و يخرج بها من الباب الخلفى المؤدى الى حظيرة الماشية فتقول حسنة بهلع و هى تحاول الفكاك من بين يديه : انت مودينى على فين ، لاا .. لاا يا شيخون اعمل معروف ، بلاش اكده
شيخون : ده مقامك اهنا ، و احمدى ربك انى مش هدفنك تحت رجلين المواشى زى ما كنتى بتهددى زينب من شوي ، انى بس هبيتك وسطيهم ، و لو طلع عليكى النهار و انتى حية ، هبقى ارجعك لدار ابوكى
ثم اكمل بسخرية و هو يزجها بداخل الحظيرة : حاولى بقى ماتوسخيش خلقاتك لجل ماهترجعى لدار ابوكى بيهم اكده ، و ياريت ما اسمعش حسك و إلا فضيحتك هتبقى على لسنة اهل الكفر كلاتهم قبل حتى النهار مايطلع
ثم يوصد الباب عليها و يتركها خلفه و هى تحاول استجدائه و استعطافه دون جدوى
و ما ان وصل الى بهو الدار حتى وجد زينب امامه بعيون حمراء كالجمر من اثر بكائها و هى تنظر اليه بوجل فقال لها معاتبا : بقى اكده برضك يا زينب ، هونت عليكى انى اعيش مغشوش السنين دى كلاتها
زينب بتردد : ده حديت فات عليه سنين كتير ياما يا ابة ، و ما اتكررش ابدا من وقتيها لحد دلوك ، و اكيد الحال اتغير كتير عن وقتها
شيخون برفض : لااا ، لو كان اتغير كانت نسيت انك سمعتيهم و هم بيتحدتوا ، لكن دى فاكراها و متوعدالك من وقتيها ، تبقى كيف نسيت ، حسنة خلاص مابقالهاش قعاد اهنا من تانى .. انى خلاص طلقتها
زينب ببكاء : و خواتى يا ابة ، هتقول لهم ايه
شيخون : هقول لهم اللى حوصل
زينب باستجداء : لاا .. احب على يدك يا ابة ، خواتى التنين هيكرهونى بعد العمر ده كلاته
شيخون باستنكار : و يكرهوكى انتى ليه عاد
زينب : امى هتفهمهم أن انى السبب فى اللى حوصل ده كلاته
شيخون : هيصدقوها بالكدب اياك
زينب : انى ماخابراش وقتها ممكن يصدقوا ايه و ما يصدقوش ايه
شيخون بفضول : و انتى رايدانى اعمل ايه ، افوتها اكده و اكن ماحصولش شي
زينب بلهفة : اعمل اللى انت عاوزة كلاته ، بس من غير ما حد تانى يعرف شي، خليها بينك و بينها
شيخون باستنكار : كيف يعنى اللى انتى هتقوليه ده
زينب : يا ابة ، انى عارفة انها تقيلة ، بس اعقلها اكده و فكر فيها هبابة ، هتلاقى انك لو طلقتها صوح بعد العمر ده كلاته الف مين هيسال على السبب ، و اللى هيسال من وراك هيبقى اكتر من اللى هيسال من قدامك ، و لو حد عرف السبب الحقيقى خواتى هيتعايروا بيها العمر كلاته ، لكن لو رجعت فى حكاية الطلاق دى ماحدش هيعرف حاجة و انت تقدر تاخد حقك باى طريقة تانية غير اكده
لتشرد عينا شيخون فى الفراغ لتشعر زينب انه قد بدأ فى الاقتناع بحديثها ، فاقتربت منه قائلة بترجى : امى كمانى بعد اللى حوصل النهاردة ده .. اكيد هتاخد درس عمرها ، و هى طول عمرها بتخاف منيك و بتعمل لك حساب فى كل كبيرة و صغيرة و اكيد بعد اكده هتعمل لك بدل الحساب الف حساب ، و انت بشوقك بقى ، بس بلاش الطلاق عشان خاطرى
شيخون و هو يتجه الى غرفته : من اهنا لحد ما النهار يطلع يحلها ربنا يا زينب ، روحى انتى نامى ياللا ، و مش عاوز اسمع السيرة دى نوبة تانية
و ما ان وصل الى غرفة نومه اغلق الباب خلفه و اسند رأسه اليه و هو يحارب شيطانه الذى يزين له قت.لها و دفنها تحت ارجل الماشية ، و لكنه قد بدأ فى مراجعة نفسه مرة اخرى بعد حديث زينب .
اما احمد فبعد ان عاد الى الدوار مرة اخرى ودع رامى و صعد الى غرفته لينام ، و لكنه ما ان دخل غرفته و اخرج هاتفه من جيبه حتى ولج الى الرسائل الواردة اليه ليجد رسالة من بدور ابنة خاله بكر يقول نصها : ماحددتنيش من امبارح و لا حتى سالت فيا ، بقى اكده برضيك .. ده كمان عدى يوم بحاله من الاجازة ، مش كفاية اننا مابنتحددش واصل طول الدراسة ما هى شغالة .. هتوبقى فى الدراسة و الاجازة كمانى
ليبتسم و هو يرد على الرسالة قائلا : اصلك ماخابراش اللى حوصل فى اليوم ده ، انى طول النهار مع عمتى لجل بت عمى حكم جبروا لها دراعها النهاردة و الدنيا كانت مقلوبة ، ده انى حتى لسه طالع الاوضة دلوك
و ما ان ارسل الرسالة حتى وجد بدور قد قرأت الرسالة و بدأت في الرد عليه لتقول : تعرف .. لولاش انى دريت من زين ان بنات قريبكم ده لسه اصغار .. انى كنت جيت جيبتهم من شعورهم
احمد ضاحكا : 😂 انتى هتقوليلى على جنانك عاد
بدور : 🙄 ايه .. ما عاجبكش جنانى عاد و اللا ايه
احمد : الا عاجبنى ، هو انى ايه اللى شقلب حالى غير جنانك ده عاد
بدور : طب ما اتوحشتش جنانى ده ، انى ماشفتكش بقالى ياما ، و لولا النت ماكنتش حدتك واصل كمانى
احمد : هعمل ايه بس ، و اديكى قلتى اها .. عمتى الله يباركلها زودتلى الباقة خصوصى من وقت ماجيت قعدت وياها
بدور : و هو انت يعنى هتفضل معاها طوالى ، مامسيرك ترجع داركم من تانى عاد
احمد : ان جيتى للحق ، انى مبسوط اهنا ، و كمانى وجودى مع عم حكم هيعلمنى حاجات كتير ، و هو كمانى وعدنى انى اول ما اتخرج هشتغل معاه طوالى
بدور : جالك من السما عمك ده
احمد : طب و انتى
بدور : انى ايه .. ماعنديش عم انى يشغلنى حداه لما اتخرج
احمد : و مين اللى قال لك انى هفوتك تشتغلى عاد ، ايه .. مش هعرف اصرف عليكى اياك
بدور بسخرية : لاا و انى هموت و اشتغل قوى ، انى لو بيدى اقعد فى البيت من دلوك
احمد : لاا .. لازما تخلصى الكلية بتاعتك ، ده انتى خلاص كلاتها السنة الجاية و تتخرجى ، خسارة
بدور : ربنا يهون ، لولا امى كنت فعدت من بعد الثانوية العامة ، ماغاوياش علام انى و وجع دماغ على الفاضى
احمد بمكر : اومال مين اللى هيذاكر لعيالنا عاد
بدور بامتعاض : 🙄 ابقى ذاكر لهم انت ، انى بذاكر لحالى بالعافية
احمد باسما : نبقى نشوف الموال ده بعدين
بدور : و لا بعدين و لا قابلين .. الشرط نور يا ولد عمتى .. و انى شارطة عليك من دلوك اهه و هخلى كلامنا ده مستند حدايا لجل ماتقدرش تنكر بعدين
احمد : احنا فينا كمانى من مستندات
بدور بمرح : اومال ايه لازما اخد احتياطاتى كلاتها
احمد : ماشى … و خالى كيفه
بدور : خالك شكله عامل عملة كبيرة قوى و هتطبل على دماغه قريب
احمد : عملة ايه دى يا ترى
بدور : ماخابراشى ، بس حاسة ان خالتى بدر متوعداله ، و ابويا طيب و يستاهل كل خير 😏
احمد ضاحكا : انتى مع مين فيهم ، ابوكى و اللا مراة ابوكى
بدور بمرح : ما انت خابر انى طول عمرى بشجع اللعبة الحلوة 😂 طالما انهم بعيد عن امى
بالملحق الخاص بحكم .. كان حكم ينام الى جوار صغيرته ياسمين التى كانت تقول له : هى ورد هتفضل تنام عند خالتى نجاة على طول يا دادى
حكم : لاا .. هى بس على ما تفك الجبيرة ، لجل بس خالتك نجاة تاخد بالها منيها و تراعيها زين
ياسمين : طب هو انا ينفع انام معاهم
حكم بابتسامة : ايه .. عاوزة تبيتى انتى كمانى مع خالتك نجاة
ياسمين : انا بحبها اوى ، و هى كمان بتحبنا اوى
حكم بحنين : ايوة عارف ، بس ممكن السرير عنديها ماياخدكمش كلاتكم ، و كمانى ممكن هى ماتبقاش فاضية ، فخليها نوبة تانية اما تكون ورد حلت الجبيرة من على دراعها
اما رامى فبعد ان اوى الى فراشه فكان كل مايشغل تفكيره هو زينب و رد فعلها عندما سمعته يحادث مى فى الهاتف
فعندما شعر بغيرتها رقص قلبه طربا ، و تأكد من داخله انها قد تكون هى الاخرى مشغولة البال به ، او انها تبادله عاطفة بعاطفة مماثلة
و قد اجزم بينه و بين نفسه انه قد شغف بها حبا تلك القطة الحادة المخالب ، و التى الهبت قلبه من عدد المرات القلائل التى التقى بها ، و لكن تلك الليلة كان لها مذاقا خاصا ، فعندما كانت بسيارته و تلاقت الاعين بالمرآة كان لهما حديثا خاصا تنطقه الاعين و تسمعه القلوب ، و يال لوعة قلبه عندما تلاقت اهدابها فى نظرة ناعسة خجلى ليشعر ان عينيها قد قبلت قلبه قبلة الحياة و انها وشمت احرف قلبه بخاتمها الخاص فجعلت قلبه انتفض بين جنبات صدره يريد الذهاب مع قلبها عندما كان يشيعها بعينيه و هى تدخل دارهم و تختلس النظرات الخجلى اليه
لينتفض رامى من الفراش و يذهب الى غرفة حكم ليدق الباب و هو يقول متسائلا : حكم .. انت نمت
ليسمع صوت حكم قائلا : لاا لسه .. تعالى يا رامى ادخل .. محتاج شي
ليطل عليه رامى برأسه و هو ينظر الى ياسمين التى قد غلبها سلطان النوم ، فقال بخفوت : انا عاوز اتجوز زينب 😁
ليعتدل شيخون و ينهض من الفراش و يتجه الى الخارج حتى لا يوقظ الصغيرة و يقول باهتمام : انت بتتكلم حق
رامى : ايوة طبعا .. هو الكلام ده فيه هزار
حكم : اسمع يا رامى .. انى خابر زين انك راجل ، و انك هتصون مرتك بعمرك كلاته ، بس كمانى رايد افكرك ان شيخون ده اعز صحابى ، او تقدر تقول انى ماليش صحاب غيره هو و جابر و ماعنديش اى استعداد انى اخسره
رامى بدهشة : و هو جوازى من زينب هيخليك تخسره
حكم باستدراك : لاا .. انى ما اقصدش اكده ، انى اقصد انى عاوزك تبقى متوكد من قرارك ده قبل ما ندخل فى الجد ، و كمانى شيخون لا يمكن يقبل يحط يده فى يدك من غير بوك
رامى وهو يحك رأسه بتذكر و كأنه كان ناسيا : تصدق انا كنت ناسى حكاية ابويا دى خالص
حكم : لازما تفاتح خالى و تاخد موافقته الاول قبل ما نفتح حديت مع شيخون
رامى : طب على الاقل حتى .. جس نبضه و اتاكد ان الطريق خالى و ان ما فيش حد متكلم عليها
حكم : ان كان على دى فسهلة ماتقلقش اول ما اشوفه الصبح هجسلك نبضه
رامى و هو يقبل رأس حكم بسعادة : على اد ما انا دايما فرحان بمى اختى ، على اد ما فرحتى بيك برضة ماتقلش عنها .. انت بجد و نعم الاخ يا حكم ، ربنا مايحرمنيش منك
حكم : و الله انت اللى نعم الاخ يا رامى .. ربنا يسعدك يا خوى
كان شيخون قد جافاه النوم حتى سمع أذان الفجر ، فنهض و توضأ و ذهب الى صلاة الفجر بالمسجد ، ليعود الى الدار مع شقشقة الصباح بعد ان ظل هائما على وجهه فى الطرقات يفكر فيما سمعه من خديث حسنة و زينب
و ما ان دلف الى الدار حتى توجه الى الباب الاخر المؤدى الى الحظيرة ، و ما ان بدأ فى فتح المزلاج حتى سمع صوت اهات متقطعة مخلوطة بنهنهة بكاء خافت ، ليفتح الباب و هو يطل برأسه مترصدا و مستطلعا سبب الصوت .. ليجد حسنة مسجاة على الارض باكية و ملابسها ملطخة ممزقة ، و ما ان وقع بصرها عليه حتى قالت باستجداء باكى : غيتنى يا شيخون اعمل معروف
شيخون بجمود : ايه اللى عمل فيكى اكده
حسنة ببكاء : البقرة .. فضلت تتاخر لحد ما جت قدامى و رفستنى ، و لما وقعت رفستنى من تانى و من وقتيها و انى مش قادرة اتحرك من مكانى 😝
شيخون بشماتة ظاهرة : و الله شوية عليكى
حسنة و قد انهكها البكاء : يعنى هتسيبنى اكده ، اعمل معروف قومنى .. حتى لجل خاطر عيالنا
لينظر اليها شيخون باشمئزاز و هو يطالع هيئتها المذرية و ملابسها المتسخة بروث الماشية قبل ان يستدير منصرفا عنها بعد ان اغلق الباب بينهما مرة اخرى
لتنخرط فى بكاء مرير و هى تظن انه سيتركها على حالتها تلك ، لتسمع صوت المزلاج مرة اخرى و ترى الباب ينفرج امامها لتجده قد عاد و بيده ملاءة فراش نظيفة و القاها فوقها ثم حملها و خرج بها من الحظيرة وسط تأوهاتها الضعيفة حتى وصل بها الى المرحاض و وضعها كما هى بالمغطس ثم اعتدل و هو ينفض يديه و يتأكد من نظافتها ثم قال بجمود : هبعتلك بتك تنضفك و لو سالتك عن اللى حوصل .. قوليلها ان البقرة رفستك و انتى رايحة تحلبى
ليتركها و ينصرف دون ان يسمع منها ردا ، و بعد دقيقتين تجد زينة تهرع اليها و هى فزعة و مشعثة من اثر النوم و تقول : مالك يا امة ايه اللى حوصل
حسنة بوهن شديد : البقرة رفستنى و انى داخلة احلب اللبن
زينة و هى تفتح صنبور المياة الساخنة و تحاول مساعدة امها على الاعتدال : و انتى من ميتى بتحلبى بنفسك يا امة و اللا حتى بتدخلى الزريبة
و عندما لم تتلقى ردا من امها نظرت اليها لتجدها تبكى بحرقة دون اصدار اى صوت لتقول : معلش يا امة حوصل خير .. انتى اول ما هتتسبحى بالماية السخنة هتفوقى و تبقى زى الفل
حسنة باشمئزاز باكى : ريحتى كلاتها جلة ، و رجلى بتوجعنى قوى هى و جنبى
زينة و هى تمزق ملابس امها و تقصها بالمقص من حولها : ان شاء الله خير و مايبقاش فيه حاجة عفشة ….. ، لتصمت فجأة و هى تصدر شهقة مكتومة و هى تنظر الى قدم حسنة ، ثم تقول بتردد : يا حزنى يا امة .. ده انتى رجلك وارمة قوى و زرقا كيف الكوبيا ، انتى لازما حكيم يشوفك ، انى هنده ابويا اقوله
حسنة بلهفة من وسط بكائها : لاا .. ابقى قوليله لكن ماتندهيهوش ، نضفينى بس الاول اهم حاجة احسن مش طايقة حالى
زينة و هى تحاول اسنادها لتغسل لها شعرها : طب ساعدينى يا امة ، و اللا انده زينب تسندك ويايا
حسنة برفض : لاا .. زينب لاا
زينة بامتعاض : مانى مش هقدر اسندك لحالى ، هحتاج حد يسندك ويايا
حسنة بالم و هى تحاول اسناد نفسها : انى هحمل على رجلى السليمة ، و انتى بس سبحينى زين ، و حطى صابون كتير خلى الريحة العفشة دى تروح
زينة : ماشى . انى هملالك البانيو بالماية و الصابون و الشامبو ، و هروح ارمى الخلاجات دى بعيد عشان هى اللى عاملة الريحة العفشة دى و هرجعلك طوالى و بالمرة اجيبلك غيار نضيف البسهولك
حسنة باستسلام : ماشى
لتدعها زينة بالمغطس و تلملم الملابس الممزقة و تتركها و تذهب ، و ما ان وجدت ابيها امامها قالت بلهفة : امى محتاجة حكيم ضرورى يا ابة ، شكل رجليها و جنبها صعب قوى
شيخون بجمود : صعب كيف يعنى
زينة : زرق كيف الكوبيا و رجلها وارمة قوى و مش طايقة يدى تلمسها .. شكلها اكده اتكسرت ربنا يستر
شيخون بتنهيدة : طب اما تخلصى قوليلى و احنا ناخدها المستشفى نعمل لها اشعة
زينة : يعنى البسها العباية و الطرحة
شيخون : ايوة .. همى ياللا
و بعد ان اتمت زينة مهمتها اسندت امها حتى الفراش و بدأت فى وضع غطاء رأسها و هى تقول : ابويا راح يجيب عربية و زماناته جاى ، و انى هروح احط العباية عليا و اجيلك هوا قبل ما ياجى
لتتركها زينة و تسرع الى غرفتها مع زينب لتلج مسرعة و هى تبحث عن ما سترتديه لتنتبه لها زينب من وسط نومها لتقول بنعاس : انتى رايحة فين بدرى اكده
زينة : امك البقرة رفستها و هى رايحة تحلب و شكلها اكده رجليها اتكسرت
لتنتفض زينب من الفراش و هى تقول بقلق : يا حزنى .. و هى فين دلوك
زينة و قد قاربت على الانتهاء : فى اوضتها .. كانت حالتها كرب و هدومها متقطعة و متبهدلة ، سبحتها و غيرتيلها و ابويا راح يجيب عربية عشان نوديها المستشفى نعمل لها اشعة
زينب و هى تسرع الى حافظة الثياب : انى جاية معاكم
زينة و هى تتجه الى الباب : لو لحقتينا بقى ، انى رايحة اشوف ابويا جه و اللا لسه
لتسرع زينب بارتداء ملابسها هى الاخرى و تتجه من فورها الى غرفة شيخون لتنظر بداخلها على حسنة و هى تتأوه بشده و زينة الى جوارها تحاول التخفيف عنها ، لتدخل عليهم و هى تنظر لحسنة ببعض الرهبة و تقول : سلامتك يا امة الف سلامة عليكى
لتشيح حسنة رأسها بعيدا عنها قائلة بصوت خافت : الله يسلمك
و قبل اى حديث اخر سمعوا صوت شيخون من الاسفل و هو ينادى زينة قائلا : ياللا يا زينة .. همو
لتسرع الفتاتين لاسناد حسنة التى حاولت الاستناد على زينة فقط و لكنها لم تستطع فاضطرت فى النهاية ان ترضخ للاستناد على ذراع زينب هى الاخرى
لتساعدها الفتاتان حتى اوصلاها بعد مجهود شاق الى الاسفل ليجدوا احمد يأتى مهرولا هو الاخر و يحمل امه بحذر و يتجه الى السيارة و التى كان يجلس حكم خلف مقودها و قال بصوت مسموع و هو فى مكانه : الف سلامة يا ام احمد خير ان شاء الله
ليقول شيخون : تسلم يا اخوى ، حط امك فى عربية رامى يا احمد ، و اركب معاها انت و خواتك ، و انى وراكم مع عمك حكم
- تابع الفصل التالي "رواية وشم على حواف القلوب" اضغط على اسم الرواية