رواية مهرة النعمان الفصل الثاني والثلاثون 32 - بقلم فريده الحلواني
مهره النعمان فريدة الحلواني
الفصل 32
سافر بدر بعد عده ساعات من اخباره لمهرته فهو قد جهز كل الترتيبات منذ يومان ولكنه لم يشأ ان يخبرها الا قبيل سفره بساعات حتي لا يحزنها
وقد قضي الساعات المتبقيه له وهو ياخذها بين احضانه يبثها عشقه و يحاول الارتواء منها ولكنه حقا لم يستطع فلو عاش الباقي من عمره بين احضانها لم ولن يكتفي
كان رجال النعمان يعلمون بامر سفره و لكنهم تكتمو ايضا بناء علي طلبه وتفاجأت النساء بخبر سفره حين نزل لهم بدر صباحا يحمل مهرته كالمعتاد و يوصيهم عليها و قد امرها بالبقاء مع الجده لحين رجوعه حتي لا تبيت وحدها ولكي يكون مطمأن عليها
ودعه الجميع وذهب معه مصطفي و سليم لايصاله للمطار
وصاهم كثيرا علي مهرته و اطفاله واكد علي مصطفي وهو يقول : مصطفي معاد متابعه مهره كمان عشر ايام لو ملحقتش ارجع وديها انت و خد بالك منها انا سايبها هي و اولادي امانه في رقبتكم
انقبض قلب مصطفي من حديث اخيه فاحتضنه بقوه وهو يقول : بتوجع قلبي ليه ربنا يرجعك بالسلامه لينا كلنا وانت الي توديها بنفسك
احتضنه سليم ايضا ثم تركهم وغادر و في قلبه ابتهال لله ان يرجعه سالما ليس لاجله ولكن لمهرته التي لن تتحمل بعده عنها قال بصوت هامس : يااااااا الله
ها قد جاء المساء والكل مجتمع في شقه الجد يحاولون تهدأت مهره التي تبكي وقلبها منقبض و ما زاد الامر عليها انه من المفترض ان يكون بدر قد وصل الي وجهته منذ اكثر من ساعتان و قد وعدها بمجرد نزوله من الطاءره سيعيد تشغيل هاتفه و يحادثها
ولكنه الي الان لم يفعل وهاتفه مغلق
نوال : يابنتي استهدي بالله حتي عشان الي في بطنك تلاقي الطياره اتاخرت ولا حاجه
لم ترد مهره و لسانها لم يكف عن قول يااااارب
رن هاتف الجد بصوت رساله وهو متجهه الي المرحاض ليتوضأ وقف في مكانه ليخرج هاتفه من جيبه ليراها
وما هي الا لحظات و كان يقع علي الارض دون حراك
انتفض الجميع و اسرعو اليه وكان الاقرب وليد
اخذو من حوله يصرخون باسم الجد فصرخ بهم وليد بعد ان أتي بحقيبته : باااااااس اخرسو مش عايز اسمع نفس لحد ماكشف عليه
و بمجرد ما انتهي من كشفه انتفض سريعا يامرهم بحمله وقال : لازم يروح المستشفي حالا جدي جتله جلطه عالقلب صرخ النساء ولكن كان الاكثر صراخا كان مصطفي وهو يصرخ ويقفز من عالارض وهو يقول : اخوووووويا لاااااا بددددددر لااااا يارب
نهره ابوه ليصمت فما الذي جاء بسيره بدر و جده هو المريض فقال : بس يااااااض انت اتجنيت جدك الي تعبان
مصطفي بصراخ : بدددددر ماااااات يابا سندنا مات
صفعه قويه نزلت علي وحه مصطفي من ابيه تزامنت مع سقوط مهره مغشيا عليها
ساد الهرج والمرج والعويل و الاثنان ممددان امامهم علي الارض و قد شعرو بالجنون مما يحدث اول من تمالك نفسه حتي لا تنفلت الامور اكثر هو عادل صرخ بهم وهو يلتقط كرسي خشبي يرفعه و يلقيه نحو حاءط بعيد و يقول : بااااااااس بس يا خول منك ليه هتولولو زي النسوان و جدكو و مرات اخوكو مرميين كده
صمت مطبق حل عالمكان
ثم اكمل : ايه الي انت قولته يا مصطفي
اعطي مصطفي لعمه هاتف جده ليري ما سبب كل ما حدث دون التفوه بحرف ولكن دموعه ابت التوقف
امسك عادل هاتف ابيه و نظر فيه ونزلت دموعه دون صوت
متابعة القصة على مدونة كوكب السكر في جوجل
فكانت الرساله مرسله من عابد كتب فيها : ( انا كده اخدت حقي منك يا نعمان اقتلت اغلي احفادك و هرمي جسته في البحر ياكولها السمك عشان ازود حسرتك لما يموت وكمان ملوش قبر تزوره فيه )
واعقب رسالته بفيديو مصور يظهر فيه بدر فور خروجه من المطار اطلقت عليه رصاصه اصابت قلبه مباشرا وقع علي اثرها غارقا في دماءه و بعد لحظه اتي ثلاث ملثمين حملو جسته باهمال والقوها في سياره معتمه و رحلو سريعا
رفع عادل عينه من الهاتف و مسح دموعه وقال : وليد اتصل بسليم يجيلك حالا بالعربيه ودي جدك المستشفي بسرعه وانت يا مصطفي شيل مرات اخوك دخلها قوضته وروح هتلها دكتور بسرعه
وانت يياسر خد احمد واطلع علي مديريه الامن قابل اللواء رشدي يشوفلنا الكلام ده صح ولا لعبه من عابد يلااااا
نفذ الجميع اوامره وقد اجتمع اهل الحي علي صوت الصراخ و حزنو جميعا حينما شاهدو النعمان ذاك الرجل القوي برغم سنه وهو محمولا علي ايادي احفاده
قدم الجميع المساعده فمنهم من ذهب مع الجد ومنهم من انتظر ليكون مع النساء اذا ما احتاجو شيء في غياب رجالهم
احضر مصطفي طبيبه تعمل في عياده بالقرب منهم وحينما كشفت عليها قالت : هي في حاجه زعلتها
اجابتها مها : اه سمعت خبر وحش و كمان جدو تعب شويه قالتها وهي تبكي
الطبيبه : هي واضح انها اتعرضت لصدمه عصبيه عملتلها انهيار عصبي حاد و للاسف دخلت في غيبوبه مؤقته تقريبا هي بتهرب بيها من واقع رفضاه هي الحاله دي جتلها قبل كده
مها : ايوه هي لما بتزعل جامد بيغمي عليها و حرارتها بترتفع وممكن تفضل نايمه او مغمي عليها يومين كاملين لحد ما هي تصحي لوحدها
الطبيبه : كده انا فهمت انا هعلقلها محلول فيه نسبه مهدء بسيطه مش هقدر اعمل معاها حاجه اكتر من كده عشان الحمل و يفضل ان الدكتور الي متابع حملها هو الي يكشف عليها عشان يكتبلها العلاج المناسب و كمان يطمن عالحمل لان واضح انه اتخبطت جامد لما اغمي عليها
اعقبت قولها بالانصراف
ريهام وهي تبكي : روح يا مصطفي هات الدكتور بتاعها يشوفها روح يا مصطفي عشان نطمن علي امانه اخوك و انخرطت في البكاء
نظر مصطفي للوجي وقال : البسي بسرعه وتعالي معايه عشان توريني مكان العياده
جرت في الحال ارتدت ما طالته يداها ولفت حجابها باهمال و ذهبت معه
في المشفي تم الكشف علي الجد الذي اصابته جلطه في القلب كما شخصها وليد ولكن ما منع ضررها عليه تلك الحقنه الذي اعطاها وليد للجد فور تشخيصه فحقنه بماده تساعد علي اذابه الجلطه سريعا وهي داءما ما يحملها معه هي و ادويه اخري في حقيبته الطبيه
ولكن الاطباء فضلو بقاءه في العنايه المركزه لحين استقرار حالته
داخل مكتب اللواء رشدي في مديريه امن الاسكندريه كان قد استدعي محمود وحازم فور وصول احمد وياسر و عبدالرحمن اليه و قصهم لما حدث مع اعطاءه الهاتف ليري ما عليه
محمود : احنا حاولنا نتتبع الرقم الي اتبعت منه الرساله لكن اخر اشاره ليه كانت قدام المطار واضح ان الي عملها كسر الخط بعد ما بعتها
احمد بعصبيه : يعني ااااااايه اخويا مات بجدددددد
حازم : اهدي يا احمد انا تواصلت مع رجالتنا في ايطاليا وهما اتحركو فورا و هبلغونا بالي حصل اول ما يوصلو لاي معلومه
ياسر بدهشه : ايطاليه ليه يابني بدر مسافر بلجيكا
حازم : مكان اشاره التليفون الي اتبعت منه الرساله في ايطاليا يا حج ممكن يكون قالكم كده بس هو كان في دماغه حاجه تانيه
انتظرو اكثر من اربع ساعات علي امل وصول اي معلومه تكدب الخبر ولكن لا جديد
اضطرو للذهاب حينما اتصل بهم مصطفي ليبلغهم انه سيتم نقل مهره الي المشفي بناء علي تعليمات الطبيب
ياسر : هي حالتها خطر يابني طب كلم الدكتور الي هي متابعه معاه
مصطفي : يابا انا روحت جبته مالعياده بتاعته وكشف عليها قال الوقعه كانت جامده مع تقل جسمها بسبب الحمل و كمان خايف من السخونيه الي جتلها و الغيبوبه الي هي فيها دي فقال لازم تتنقل المستشفي عشان يعملو اشاعات يطمنو عالحمل و كمان هيحجزها في العنايه لحد ماتفوق مالغيبوبه عشان يحاولو يسيطرو عالسخونيه و كمان يتابعه حاله حملها
ياسر : لله الامر من قبل ومن بعد طب انت هتوديها
مصطفي بحزن : لا الدكتور طلب الاسعاف عشان محدش يحركها حركه غلط تاثر عليها
ثم سمعو صوت صافره الاسعاف فقال : الاسعاف جت هقفل معاك و هكلمك وانا في الطرق
اغلق معه الخط واستقبل رجال الاسعاف الذين دلفو حاملين سريرا نقال ليحملو عليه مهره بعد ان البسها الفتيات عباءه و حجابا طويل ولكن الطبيب امرهم بعدم ارتداء النقاب لصعوبه تنفسها
انطلقت سياره الاسعاف حامله مهره و معها نوال وخلفهم سياره الطبيب و يليهم سياره مصطفي مصاحبا معه ريهام مها لوجي
و بقيت لميس و زينه وفاطمه لمراعاه الجده التي تكاد تفقد عقلها مما حدث
مر يومان علي تلك الاحداث العصيبه مع بقاء الجد في العنايه ولكن تحسنت حالته قليلا
اما مهره فقد دخلت في غيبوبه تامه لا يعلم احد متي تفيق منها ولكن كان كل الخوف علي اطفالها الذين يحتاجون الي التغذيه
وقد سافر حازم بنفسه الي ايطاليا للتاكد من خبر وفاه بدر بعد ان اكده له احد رجاله هناك ولكنه رفض التصديق و راح يتاكد بنفسه حتي اذا كان الخبر صحيح علي الاقل يحاول الوصول لجسمانه ليرجع به و يدفن في وطنه اكراما له وقد رفض ان يبلغ عاءله النعمان بهذا الخبر المشأوم حتي يتاكد من صحته
خرج الجد بعد اربع ايام من المشفي بعد ان تحسنت حالته الصحيه كثيرا و لكن الاطباء كانو يفضلون بقاءه يومان اضافيان لتستقر حالته اكثر
ولكنه رفض رفضا قاطعا فليس هذا بوقت المرض او الراحه
يجب ان يقف علي رجليه حتي لا تقع العاءله من وراءه فلا ينبغي غيابه و غياب خليفته في وقت واحد فليصلب طوله ويبحث عن حفيده الغالي و يهنم بمهرته واولاده حتي يعود وحينها سياتي وقت الراحه يا نعمان
هكذا قال الجد لنفسه وهو متجه في سياره وليد الي المشفي التي ترقد بها فرسه حفيده
وصل الي مكان مرقدها و وجد نوال ..ريهام..لميس ..زينه يجلسون علي المقاعد المتراصه امام غرفه العنايه
الجد : ها يا ولاد طمنوني البت عامله ايه
هرولو عليه وهن يقبلوه ويحمدو الله ان رأوه واقفا مره اخري
نوال وهي تبكي : الف حمدالله عالسلامه يابا شوفت الي جرالنا يابا هموت من قهرتي عالعيال
نهرها الجد وقال : بكفياكي عويل يام وليد والي هسمعها بتبكي و بتفول عالعيال مش هرحمها اقسم بالله
امال فين مصطفي وعادل
لميس : مصطفي راح يجيب قهوه و عمو عادل عند الدكتور
الجد : تعالي يا وليد وديني عنده عشان اطمن علي اختك يابني
وصل الجد عند الطبيب ووجد ولده يستفسر عن حاله مهره
عرفه بنفسه وجلس يستمع لما سيقوله الطبيب
دكتور يحي : الحقيقه انا حزين جدا عالي جرالهم هما الاتنين ليهم معزه خاصه عندي من اول يوم زاروني فيه وانا بعمل كل الي اقدر عليه عشان احافظ علي الحمل الي بدأ يسوء حالته بسبب قله التغذيه لان طبعا المحاليل الطبيه عمرها ما هتبقي بديل للاكل
بس الي مطمني ان الحراره الحمد لله رجعت لمعدلها الطبيعي
الجد : طب ممكن اشوفها يا دكتور بالله عليك ومش هطول عندها خمس دقايق بس
الطبيب : مفيش مشكله يا حج اتفضل معايه
بعد ان تجهز الجد بزي معقم خاص بالعنايه دلف اليها وجلس بجانبها علي طرف الفراش الممدده فوقه بغير حولا لها ولا قوه هاربه بارادتها من عالم اختفي منه البدر فما حاجتها بدنيا اصبحت مظلمه بدون بدرها
امسك الجد كف يدها و رفعه لفمه وقبله وقد نزلت دموعه فوقه وقال : قومي فوقي يا مهره النعمان قومي يا فرسه عشان خيالك يرجع انتي الي هطمنيني انه لسه عايش لانك دايما بتحسي بيه اصحي يا مهره طمني قلب جدك علي قمرك وانا هصدقك والله هصدقك بس اصحي وقولي انه عايش
قومي يا قلب جدك عشان عيالك الي في بطنك دول ولاد بدر حبيبك يرضيكي يرجع ويلاءيكم تعبانين انتي وهما لازم تقومي عشان تحافظي علي ولادكم انتي قويه يا مهره يلا قومي اقفي علي رجليكي و اهتمي بولادك لحد ما الغالي يرجع
وصل الجد مكتب اللواء رشدي بعد انتهاء زيارته لمهره و قد رفض رفضا قاطعا ان يصغي لوليد الذي توسل اليه ان يرجع الي المنزل ليرتاح قليلا ويؤجل هذه الزياره الي الغد
رحب به اللواء رشدي ولكنه قابل ترحيبه بوجه متجهم وقال : حفيدي فين يا رشدي طبعا متعرفش و ميهمكش انك تعرف هلاص اخدت الي انت عايزه انت والظباط بتوعك و اخدتو مكافأت و طلعته في الجرانين ( الصحف الورقيه ) و اتكرمتم مالوزير كمان يبقي هتفتكرو الي رمي نفسه في النار عشانكم ليه بس الغلط عندي انا لما وثقت فيك انك هتأمن ولادي انما انت لقيت انه فات شهر فالتاني و محصلش خاجه قولت خلاص كفايه عليهم كده ورفعت عنه الحمايه صح اااااانطق
كان اللواء رشدي يستمع الي النعمان وهو منكس الرأس من الخزي و كلمات النعمان تخترق صدره كأنها طلقات ناريه
ولكنه يعلم الله لم يكن ابدا في نيته التقصير و رفعه الحمايه عن بدر كانت بطلب من الاخير
وبرغم رفضه الا حينما الح عليه انه لا داعي لها فالامور اصبحت مستقره اضطر ان يرضخ لطلبه
رشدي : اقسملك بالله يا احمد انا عمري ما قصرت معاكو وانت عارف ان احفادك ذي اولادي بالظبط بس بدر جالي من شهر وطلب من ارفع الحمايه وانا رفضت بس هو الي اصر وقالي ان الامور استقرت ولو كانو في نيتهم حاجه كانو عملوها من زمان
الجد : عالعموم مش وقت حساب دلوقت انا عايز اعرف حفيدي فين
تونر رشدي كثيرا ولكنه فضل مصارحته : رجالتنا الي في ايطاليا أتأكدو من الخبر بس معرفوش فين الجسه بس حازم رفض يصدق و سافر من يومين عشان يتاكد بنفسه ولو صح ....صمت و نكس راسه لا يستطيع قولها
بكي وليد بصمت اما الجد وقف وقال بصلابه لا يعلم من اين اتي بها : يبقي اقل حاجه تعملوها معانا انكم تلاقو...صمت ليحاول التحكم في دموعه واكمل : انكم تلاقو جوسته وتكرموه بدفنه علي ارضه واحنا كمان نبقي عارفنله مكان نزوره فيه ونترحم عليه
ثم التف وخرج دون النطق بحرف اخر واعقبه وليد
سرادق كبير مليء بالرجال الذين حضرو لتأديه واجب العذاء في اغلي الشباب واحسنهم
اصدقاء منهارون بعض منهم يجلس علي الرصيف يبكي والبعض الاخر ينهرهم غير مصدقين رحيل رفيق دربهم
رجالا اشداء يقفون في اول السرادق يستقبلون العذاء في اغلي ابناءهم و يتظاهرون بالتماسك امام الناس
نساء متشحات بالسواد واصوات عويلهم تصم الأذان قهرا علي من فقدوه
واخيرا مهره حزينه مازالت غاءبه عن دنيا اختفا منها قمرها
ليل مظلم غطت الغيوم علي بدره فاصبح شديد الظلام
كل تلك الاحداث التي تمت بعد رجوع حازم من ايطاليا وعدم عثوره عليه
كانت تأكيدا علي شىء واحد الا وهو .........قد مات البدر
بقلمي / فريده الحلواني
•تابع الفصل التالي "رواية مهرة النعمان" اضغط على اسم الرواية