Ads by Google X

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل الرابع 4 - بقلم اية حسين

الصفحة الرئيسية

   

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل الرابع 4 - بقلم اية حسين

الفصل الرابع: لم يجد مجيب
          
                
                                     ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



استيقظ "عمر" فوجد "إسراء" تستعد للذهاب للجامعة، لمحته "إسراء" فاستوقفته تسأل مندهشة و هي ترفع يدها لتلامس كدمة تمركزت تحت عينه:
- ايه ده مالك في ايه؟!
تأوه "عمر" عاليًا بمجرد أن لمست يد "إسراء" وجهه ثم قال:
- شيلي ايدك.
أنزلت "إسراء" يدها و هي تسأل مذهولة:
- ايه الي عمل فيك كده طيب؟
- مفيش، حادثة امبارح بالليل
بمجرد أن سمعت إجابته المبهمة تلك بدأت تدق فوق رأسه بالأسئلة:
- حادثة ايه؟ وفين؟ و ازاي؟ 
- عادي يعني يا "إسراء" مش قصة، كنت ماشي في الشارع امبارح بالليل فعربية خبطتني.
- طب سلامتك
أنهت جملتها التي قالتها بهدوء، ألح عليها سؤال ما و بشدة فقالت:
- أنت كنت فين امبارح بالليل صحيح؟
لم يرد إخبارها بما يخص والديهما فنطق منزعجًا:
- و أنتِ مالك؟
نظرت له بخبث ثم قالت:
- وأنا مالي؟ هي بقت كده؟
تحولت لهجتها إلى الإصرار أمام إخفائه:
- طب أنا مش هحلّك غير لما أعرف أنت كنت فين
- كنت في مشوار عادي شاغلة بالك ليه؟
دفعها قليلًا ليزيحها من طريقه قائلًا بتأفف:
- واوعي بقى خليني أنزل
تحركت من أمامه بالفعل لكنها سألته:
- أنت رايح فين أصلا؟ أكيد مش هتروح الشغل كده
أحابها بعدم إكتراث و هي يخرج من الشقة:
- لا هروح عادي
غضبت من فعلته تلك فنزلت خلفه لأنها كانت تستعد للخروج من الأساس، اعترضت طريقه قائلة:
- هتروح بمنظرك المتشلفط ده؟! 
انزعج من تطفلها هذا فقال:
- متشلفط متشلفط مش مهم خليكِ في حالك



تركته "إسراء" يرحل والشكوك تملأ كيانها، لقد تغيّر أخوها مؤخرًا، تشعر أن همًا بات يجثم على صدره، وهيئته لا تجعله يبدو ذاهبًا للعمل، وقد يكون ذاهبًا للعمل بالفعل.... لذا قررت السير خلفه و إن وجدته في عمله سترحل دون أن يلحظ، أما إن لم يحدث... فسيُجبر على إخبارها بكلّ شيء.



                                 ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



لم يذهب لعمله بالطبع، ما قد يفعل بذراعه تلك أصلًا؟!  لكن هناك أمرًا يجب عليه قضاؤه. وقف أمام الباب للمرة الثالثة، زالت الرهبة و أصبح يتمنّى وجود مجيب له هذه المرة ليجد الخلاص. هاهو يطرق الباب بلا إيجاد من يفتحه، عكف يطرق الباب فترةً ليست بالقصيرة حتى سئم فقرر كسر الباب، لقد طفح الكيل و يريد الإنتهاء من كل تلك الألغاز، حاول دفع الباب بيده السليمة لكنه بالتأكيد لم يستطع خاصة مع تلك الكدمات التي تؤلمه، حاول قليلًا ثم جلس في زاوية ليستريح بعدما أُتعب ذراعيه المصابَين.



تأمل في حاله قليلًا، إن كان والداه على قيد الحياة، فلماذا تركاه و شقيقته؟ ما الذي جعلهما يتخليان عنهما؟ هو يحاول جاهدًا إيجادهما لكنهما هما من تركاه، أصابه الغضب و اتخذ قراره، لن يبحث عنهما مجددًا قبل أن يهمَّ بالرحيل فيُباغت بـ"إسراء" تندفع نحوه و سيل الأسئلة يتدفق من لسانها:
- بتعمل ايه هنا؟ هو ده الي رايح الشغل؟ أنت متجوز عليّ وديه شقتها صح؟!
أفاق من صدمته على أسئلتها فصرخ بغضب من غباء الأخير:
- متجوز عليكِ ايه يا حمارة احنا اخوات أصلا.
- هي بتبقى كده، لما واحدة بتقفش واحد في شقة يبقى متجوز عليها.
- لما بيتقفش في الشقة مش على بابها.
وضعت يدها على ذقنها و هي ترد:
- يبقى كنت بتحاول تسرق، ماهي دخلة كسر الباب ديه معناها إنك عايز تسرق.
- لا استني متسرحيش بيا... أنتِ ايه الي جابك ورايا مش المفروض عندك محاضرة؟
- ما أنا سبتها وقلت لازم أشوف أنت رايح فين عشان شاكة فيك، شكلك بتعمل حوار.
- حوار ايه يا بنتي اطلعي من جو الأفلام ده، واحد صاحبي كان بقاله فترة مبيجيش ولا بيرد عالتليفون فجيت أتطمن عليه.
رفعت "إسراء" حاجبها وهي تقول مستنكرة:
- فتروح تكسرله باب شقته؟!
- قلت لك مليون مرة خليكِ في حالك.




        
          
                
لم يخبرها لأنه لم يردها أن تتعلق بحبال الشك وتُقيد بالظنون كما يفعل هو، لا يريد لها أن ترتفع بالأمل ثم تهوي بزواله، فعل ما اعتاد عليه كل مرة، هو أنه يلملم جراحها غير مبالٍ بجرحه هو.



أثناء عودتهما نظرت له بتهكم قائلة:
- بقى أنت كنت عايز تكسر الباب بذراعك ده.
ثم صفعت ذراعه صفعة خفيفة تأوه عاليًا إثرها وهو يتمتم:
- حلوفة
فُجعت عليه و هي تقول قلقةً:
- أنا آسفة... أنت كويس؟
بمجرد ما سمعت تألمه ندمت على ما فعلته و ظلت تسب نفسها وغباءها، إنها لا تريد له أن يتألم. رد عليها  لم يستطع منع إبتسامته من الظهور:
- هو أنتِ ضربتيني بالنار يعني ايه الاوفر ده؟
استفزها رده فقالت:
- الحق عليّ إني قلقت عليك
استطردت و هي تهم بالرحيل:
- بما إنك كويس وعمال تستظرف كده أتكل أنا بقى عشان أطلع على الكلية... سلام.



                                  ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



دخلت "إسراء" الكلية فنظرت لساعتها وجدت أن المحاضرة أوشكت على الإنتهاء، لذا لا داعي للدخول و تعريض نفسها للإحراج. انتظرت دقائق حتى وجدت "آية" تخرج لتقابلها سائلة بعدما ألقت السلام:
- ايه ماجيتيش ليه؟
- موضوع كده ماتشغليش بالك.
مشتا أثناء تبادلهما الحديث ثم توقفت "آية" فجأة حين أقبلت عليهما فتاتان لم تعرفهما "إسراء" من قبل، سلّمت الفتاتان على "آية" ثم بدأت "آية" بتعريفهن على بعض قائلة:
- "إسراء" ديه "نهى" بنت خالتي وديه "روان" صاحبتها، هم معانا في الكلية بس سابقينا بدفعتين.
ثم نظرت إلى "نهى" فقالت:
- ديه "إسراء" صاحبتي.
ابتسمت الفتيات الأربعة ابتسامات متكلفة مجاملةً، فلم تكُ إحداهن تطيق الأخرى، "إسراء" التي تمقت التعرف على ناس جدد، "آية" التي لا تطيق ابنة خالتها و تبادلها ابنة خالتها نفس الشعور. جلسن يتحدثن قليلًا فقالت "روان":
- عاملة ايه يا "آية"؟ بقالي كثير مشفتكيش، احلويتي ما شاء الله 
أضافت "نهى" ابنة خالتها ضاحكةً متهكمةً:
- واتدورتي جامد ما شاء الله 



نظرت "روان" لـ"نهى" بلوم بينما فركت "آية" يديها متحرجةً و رفعت "إسراء" حاجبها بتعجب من وقاحة الفتاة و قد تعجبت أكثر من صمت "آية"، لمَ لا ترد و تُريها قدرها؟! لكنها لم تقل شيئًا أيضًا، حاولت الصبر و التحلّي بالحكمة. استمر الحوار بينهن و "نهى" لا تتوقف عن إلقاء التعليقات الساخرة على أي شخص، حتى أنها أحرجت صديقتها حين سخرت من هاتفها القديم. 



قالت "روان" محاولةً التلطف:
- بس أنا لاحظت إنك وسعتي لبسك يا "آية" حاجة جميلة اوي ربنا يثبتك.
قبل أن تفتح "آية" فاها علقت "نهى":
- هو أنتِ فاكرة إنها لابسة واسع عشان ربنا و تقوى بقى و كده، ده بتداري تخنها و منظرها الي بقى عرة.



صمتت "آية" و "روان" تنظر لها نظرات نادمة و كأنها تعتذر بدل صديقتها الوقحة، لم تحتمل "إسراء" الصمت و الإيماء أكثر من ذلك فقالت بصوت عالٍ كعادتها:
- مش أحسن ما تبقى بتداري السم الي جواها باللبس؟ ياريتك حتى فلحتي و عارفة تداريه، ده بسم الله ماشاء الله طافح من لسانك.
اشتعلت "نهى" غضبًا من قولها و شعرت بجسدها تزداد حرارته من الإنفعال فردت:
- لا أنا معنديش سم ديه بس الحقيقة الي هي مش متقبلاها، أنا مقلتش غير الحقيقة، بس أنتم الي بتطبلولها.
- طب حقيقة بحقيقة بقى أنتِ عندك نقص، حتى ده طافح عليكِ لدرجة إني قعدت معاكِ عشر دقائق و عرفت، الله أكبر عليكِ ما بتستريش خالص، الدونيّة بتبظ منك، خليكِ عارفة بقى إنها هتفضل أحسن منك و أنتِ هتموتي بغلّك.



ارتج جسد "نهى" من كلمات "إسراء" التي بدت لها كسكّين حاد طُعنت به فصرخت بها:
- ايه التخاريف الي بتقوليها ديه؟! أنتِ بجد واحدة بيئة و مش محترمة و أهلك ميعرفوش يربوكِ.
غلت عروق "إسراء" فقالت:
- أهلي دول أنظف من إن سيرتهم تيجي على لسانك.



حاولت كلٌّ من "آية" و "روان" تدارك الوقف بجرِّ صديقتها و الرحيل، و ما كان ردّ "إسراء" على "آية" إلا أن قالت و هي تنظر لـ"نهى" بازدراء:
- هم الي جولنا و هم الي بدؤوا بالغلط يبقى هم الي يمشوا
ثم وجهت حديثها لـ"نهى" و صديقتها:
- يلا يا حبيبتي اتكلوا على الله.
فور أن رحلتا التفتت "آية" لـ"إسراء" بغتةً بحنق قائلةً:
- ايه الي أنتِ عملتيه ده؟! ليه كده؟
ردت عليها "إسراء" باستغراب من رد فعلها:
- عملت ايه؟ دافعت عنك
ثم التفتت "إسراء" إلى زميلتها تسألها بلوم:
- ثم أنتِ ازاي سايباها تاخدك غسيل و مكوة كده؟ منطقتيش ليه؟
- ما ده العادي بتاع "نهى"
علقت "إسراء" مستنكرة:
- ده العادي بتاعها توقفيها عند حدها.
- و هستفاد ايه؟
- هتستفادي إنك تردي كرامتك المتبعثرة ديه، هتستفادي إنها اتأذت بالكلام زي ما أذتك.
قالت "آية" تتصدى لعتاب "إسراء" بعتاب:
- و هل ده مبرر للي عملتيه؟!
أجابت "إسراء" حين رأت أن لا فائدة من محاولة إقناعها ببرود استفز "آية":
- اه
اشتعلت "آية" غضبًا و شعرت بأن عروقها ستنفجر و هي تقول:
- لا مش مبرر، في حاجة اسمها نحتفظ بأخلاقنا حتى لو كنا مع مين.



ضحكت "إسراء" من "آية" ضحكةً قصيرة، تبدو رقيقة هشّة حتى أثناء غضبها، تناولت هاتفها تعبث به بلا إكتراث بكلام "آية" و هي تقارن بينها و بين "آية" في ذهنها إذ كانت "إسراء" دومًا تبدو قوية لا تعرف لرقة الفتيات سبيل، و آية اللطيفة الهادئة، و "آية" لم تتوقف عن الحديث و قد تغيرت نبرتها قليلًا حتى صارت كأنها تندب:
- و بعدين ماما لو عرفت باللي حصل هتقعد تتخانق معايا و تقول لي إني على طول فاضحاها، و طبعًا "نهى" ما بتصدق تلاقي الفرصة عشان تبقى أحسن مني قدامهم فهروح تقول لكل البشرية.



تفحصت "آية" وجه "إسراء" فوجدته ضاحك، فتساءلت بحنق:
- "إسراء" أنتِ بتضحكي؟!
أجابتها "إسراء" و هي لا تزال تضحك:
- أصل شكلك و أنتِ متشعننة كده يضحك صراحة يعني بسكوتة حتى و أنتِ متعصبة.
لم ترد "آية" بل نظرت أمامها عابسة.



                             ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



يوم ممل و كئيب بالنسبة لـ"مي" لم تفعل شيئًا سوى الحلوس على الأريكة و العبث بالهاتف حتى وجدته يرسل لها، تلاشت كل ذرة ضجر أو غضب لديها، و فتحت رسالته لتجده يقول:
- وحشتيني على فكرة
اتسعت ابتسامتها فأرسلت تمازحه:
- لو كنت وحشتك بجد كنت سألت عليّ ولا كلمتني، مش أنت الي سايبني كده و مبتردش عليّ؟
و ما كان رده إلا أن أرسل:
- هو أنا الي رحت اتخطبت؟
أصيبت بالضيق مما أرسل فردت:
- يا "كريم" أنا قلت لك مية مرة إن الخطوبة ديه أنا بسكّت بيها بابا لحد ما تعرف تيجي تتقدم، أنت عارف إني لو كنت قعدت أرفض في العرسان كده بابا ماكانش هيسكت و كان هيجوزني أي واحد بالعافية.
- ماشي هعمل نفسي مصدقك
- فكك من الموضوع ده بقى خلينا نتكلم على حاجة ثانية. أنت عملت ايه في يومك النهارده؟



استمر حوارهما و هي تود لة قبلت كل حرف يرسله و لا تفارق البسمة شفتيها و قد طغت عليها حالة من السعادة عجيبة.
ليست خائنة بالتأكيد... أليس كذلك؟

 

 
google-playkhamsatmostaqltradent