Ads by Google X

رواية قرط الملكة الفصل الرابع 4 - بقلم ايه حسين

الصفحة الرئيسية

  

رواية قرط الملكة الفصل الرابع 4 - بقلم ايه حسين

 الفصل الرابع
          
                
- هل تستطيع سلسلة "هاجر" الزرقاء نقلنا سويًا؟
كان هذا سؤال "زينة" القلقة، فقد قرروا استعمال سلسلة التنقل الخاصة ب"هاجر" بعد أن يكنّ قد مشين قليلًا حتى يصلن لمكانٍ بعيدٍ نسبيًّا عن المنزل لتتنقلن دون حدوث مشاكل جانبية، فالسلسلة التي يملكنها لم تكن ذات جودة عالية و التنقل بها ليس كالتنقل بقرط الملكة، و قد تؤثر المسافة البعيدة عليهن فيشعرن بالدوار أو يمرضن.
- نعم
أجابت "هاجر" بثقة لا توحي أبدًا بما سيحدث الآن، فقد قالت متفاجئة بعدما فتشت حقيبتها و ملابسها:
- يبدو أنني نسيتها.
سألت "هند" و هي تزفر ببطء و تحاول أن لا تقتل شقيقتها لحظتها:
- نسيتي ماذا؟
قالت "هاجر" بتردد و هي تحتمي خلف ظهر "زينة":
- سلسلتي الزرقاء.
لم تتمالك "هند" أعصابها و صرخت بـ"هاجر":
- ستقتليننا يومًا أيتها الخرقاء! سنضطر الآن لمشي كل تلك المسافة مجددًا.
دفعت "هاجر" "زينة" من أمامها و صرخت في وجه شقيقتها هي الأخرى:
- لولاكِ لكانت لدينا سلسلة أفضل منها تنقلنا من عند منزلنا، ألم تكن مشورتكِ أن نوفر المال لشيءٍ أهم؟
بدأت الشقيقتان بالشجار و كل واحدة تصرخ في وجه الأخرى في حين ضربت "زينة" بكفها على جبهتها بيأس منهما، ثم صرخت في كلتاهما قائلة:
- هل يمكننا المضي كي نحضر السلسلة إذًا؟
انتبهت التوأمتان للموقف الذي هم فيه و قررتا تأجيل الشجار لوقتٍ آخر كي لا يتأخروا على "منتصر" و أخواله. بدأن السير في حين ارتسم شبح إبتسامة على وجه "زينة"، إنها المرة الأولى التي تشعر فيها بأن لها شخصية حين صرخت بـ"هند" و "هاجر" و جعلتهما تتوقفان عن الشجار، قد تبدو تافهة، فهي لم تكن ذات شخصية قوية يومًا، ذلك بسبب أنها كلما تحدثت تتعرض للتجاهل، حتى عندما أتت للمملكة، كانت "هند" و "هاجر" هما من تتوليان زمام الأمور.
كانت "هند" و "هاجر" و "زينة" يسرن حين هجم شاب على "هاجر"، كاد يلمسها لكنها جرت مبتعدة عنه و هو خلفها و خلفه كانتا "هند" و "زينة" تركضان و هما تحملان الكثير من الوجل.
وصلت "هاجر" لطريق مسدود، فقد كان أمامها حائط و يمينها حائط، همّت للهروب من اليسار ففاجأها ذاك الشخص بأن اقترب منها بشكل لا يسمح لها بالركض فعادت بظهرها للوراء إلى أن التصق ظهرها بالحائط و حاوطها الرجل بذراعيه، ودت لو أبرحته ضربًا لكنها كانت مقيدة، فذراعاه يحيطان بها و إن تحركت سيفتك بها، لذا ما استطاعت فعله هو أن حاولت ركله بقدميها. ما لم يتوقعه أحد الموجودين قد حدث، إذ شعر الرجل بجسده يرتفع في الهواء و ألم سحيق يكاد يفتك به، ثم هوى جسده ممدًا على الأرض بلا حراك. كانت "زينة" الفاعلة، وقفت تنظر للرجل بحقد و هي ترتدي القرط الذي يظهر بشكل مميز تحت حجابها. اجتمع أهل المملكة حولهم و جعلوا يتهامسون، صرخت امرأة أربعينية منهم:
- إنها ساحرة!
رد عليها آخر:
- بل إنها من الجن.
علا التهامس و لكن سرعان ما صمت الجميع عندما قالت شابة كانت قوية الملاحظة:
- إنه القرط الأحمر!
تسمرت كل من "زينة" و "هند" و "هاجر"، لقد افتُضح أمرهن! بادرت "هند" حينما أدركت سوء موقفهن و جذبت "زينة" من ذراعها بيد و "هاجر" باليد الأخرى و ركضن بأسرع ما لديهن.
بينما هن يركضن كانت "زينة" تبكي و هي تقول:
- آسفة... أردت فقط مساعدتكِ... لم أكن أعلم أن كل ذلك سيحدث.
هي لا تعلم حقًا كيف فعلت هذا، عندما رأت أن مكروهًا قد يصيب "هاجر"، دافعت عنها بما لديها، لم تحسب حسابًا للعواقب، أن تخلص "هاجر" هو كل ما فكرت به، قد يمر عليك أناس يدخلون قلبك بابتساماتهم، أرواحهم النقية تأتي لتنقيك من الهموم، يصبحون جزءًا أساسيًا من يومك في مدة قصيرة، فلا تتحمل عليهم الأذى و لو كان شوكة.
نظرت "هند" خلفها فوجدت أن الجند- الذين أتوا على أصوات الناس و بدؤوا بمطاردتهن بعد أن علموا بتواجد القرط مع إحداهن- سيمسكون بهم لا محالة، فقالت بخيبة و هي تبطئ من ركضها:
- سيمسكون بنا.
 ثم تمتمت بنبرة موبخة بينما تلتقط أنفاسها:
- لولا إهمالكِ يا "هاجر" لما حدث كل هذا.
ردت "هاجر" مستنكرة:
- و هل هذا وقت لوم؟!
كانت تلك من المرات القليلة التي تتأثر "هاجر" بحديث شخص آخر، هي بالفعل تشعر بالذنب لا تحتاج لشخص يذكرها. يمكن لكلام الآخرين أن يؤثر فيك فقط حين تسمح بهذا، حين تشتغل بإحباط نفسك بعيب فيك بدل محاولة إصلاحه. لن يهزمك أحدهم إلا حين تصدق أنك انهزمت، أما إن كنت تصدق أنك منتصر، فلن يهزمك أحد.
اقترب الجنود كثيرًا بشكل مرعب فحاولن معاودة الركض لكنهن لم يقدرن إذ وجدن صفًا من الجنود يقفون أمامهن، التفتن خلفهن ليجدن صفًا آخرًا منهم. أدركن أن لا مجال للهرب لذا فقد وقفن كالأصنام، قال واحد منهم و الذي قد بدا أنه قائدهم و ابتسامة مرتسمة على شفتيه:
- سنقدم لكن عرضًا
توقف لثانية ثم تابع:
- سنأخذ من معها القرط فقط، و سنترك الباقيتين.
إنه أسعد يوم في حياة الجندي، هكذا ظن، فقد وضع الملك جائزة قيمة لمن يجد القرط و يأتي بصاحبه، هو لا يعرف قيمة القرط، هو يعرف قيمة الجائزة فقط. أدركت "هند" أن الحل المناسب  هو نجاة إحداهن بالقرط، همست بشيءٍ في أذن "زينة" سريعًا ثم سحبت القرط و تقدمت خطوتين قائلة في تسليم:
- القرط معي أنا.
و مدت يدها به ليروه ثم وضعته في جيبها و قالت:
- لدي شرط
غضب أحد الجنود فقال بصوت غليظ و هو يمسك بـ"هند" من حجابها حتى ظهر بعض الشعر:
- و هل لكِ إملاء الشروط أيتها الحشرة؟
لم تحتمل "هاجر" رؤية أحدهم يؤذي شقيقتها فأنزلت يد الرجل و قالت بصوت جامد لم يعهدها أحد به:
- لا تلمس أختي أيها القذر.
دافعت عنها رغم أنها كانت توبخها منذ دقائق، فالأخوات أعداء حتى تحتاج إحداهن للأخرى، إنه قانون الأخوة.
بعدما رأى الجندي ما بدر من "هاجر"  طلب من قائده أخذ الثلاثة فاعترض القائد و قرر أخذ "هند" و "هاجر" فقط ردًا لكرامة الجندي الزائفة. و بالفعل اقتادهما الجنود أمام عيني "زينة" الدامعة التي تقف دون فعل شيء.

 

google-playkhamsatmostaqltradent