رواية عتاب الفصل الخامس 5 - بقلم علا السعدني
الفصل الخامس
نظرت (روفيدا) إلى شقيقها فهل حقاً سيجبرها على تلك الزيجة قرأ (رائد) ما فى عينيها فهى ليست مجرد شقيقة بل أنها فتاة تربت على يده يوم بعد يوم فعندما توفى والد (رائد) ظلت سنة والداتهم دون رجل كان (رائد) وقتها لديه من العمر عامان وشقيقه (طلال) اثنى عشر عاماً مما جعل عمه فكر بأن يتقدم لخطبة والداته طمعاً فى المال على الرغم من أنه متزوج من قبل وزوجته مازالت معه وابنائها وعندما لم تستطع والداته حماية نفسها من عمهم وافقت على أول عرض زواج وأول رجل يتقدم لها وقد كان يعامله هو و شقيقه معاملة حسنة وانجبت والداته من زوجها ولد اسمته (عاصم) وبعدها بست سنوات انجبت (روفيدا) حينها قد بلغ (رائد) من العمر سبع سنوات وهو يتذكر فرحته بشقيقتها وأول فتاة فى عائلته صحيح أنه ظل يعيش مع والد (عاصم) لمدة طويلة ولكن حين بلغ (طلال) سن العشرين قرر (طلال) أن يعيش هو وشقيقه بعيداً عن زوج والداتهم فلم يكن يطيق أن يصرف عليه رجل دون أباه حتى وأن كانت معاملته له جيدة فهذا شئ لم يستطع تقبله كلما شعر بأنه اصبح رجل مسئول يستطيع ادارة الأملاك التى تركها والداهم لها لذا انفصل هو و (روفيدا) و (عاصم) لعدة سنوات ولكن عندما ماتت والداته ٠٠
وجها وبعدها بعام توفى شقيقه (عاصم) احضرها لكى تعيش معه مرة آخرى ٠٠
لذا ليس صعباً عليه أن يكتشف متى تكذب عليه وأى اسئلة تسئلها له بعينيها دون أن تفتح فمها بحرف لذا أجابها كى يريحها
-أنا عمرى ما هجبرك ع شئ يا (روفيدا) ٠٠ أنتى أختى اللى مليش غيرها ودلوعتنا كمان ٠٠ بس اتمنى أنك تثقى فى رأيى ٠٠ (أدهم) إنسان شهم وجميل وبيحبك بصدق وأنا شفت حبه ليكى فى عينيه اتمنى أنك توافقى عليه
تحشرجت الكلمات فى فم (ورفيدا) لتقول
-بس ٠٠ بس يا أبيه أنا مبحبوش و ٠٠
لم تستطع أن تكمل حديثها لذا ابتسم لها فى هدوء ثم قال
-العشرة كفيلة بأنك تعرفيه كويس ٠٠ أنا شايف تديله فرصة وتدى نفسك فرصة وتتخطبوا سوا وساعتها هتعرفوا بعضأاكتر وأكتر ٠٠
لم تستطع (روفيدا) أن ترفض سريعاً هكذا فهى تعلم أن (رائد) ليس شخص غبى وأنه يفهمها من نظرة عينيها لذا قالت كاذبة
-طيب سبنى أفكر يا أبيه
نهض (رائد) من جوارها ثم حنى جسده العلوى ليقبل رأسها بحنان ثم قال
-تصبحى ع خير يا حبيبتى
-وأنت من أهله يا أبيه ٠٠
تركها مضطربة خائفة تفكر فى آمر (أدهم) ولكن أى تفكير هذا هى تعلم أن قلبها معلق ب (أشرف) وأن كذبت على الجميع لن تستطيع الكذب على نفسها لذا نظرت لأعلى وهى تقول
-يااااارب
******************
جلست (هانيا) على فراشها تتصفح الصفحة الخاصة بها على موقع (الفيس بوك) ولكنها حين استمعت لصوت خطوات (طلال) من الخارج وأنها تقترب منها وسيفتح باب الغرفة تركت الهاتف مسرعة على (الكوميدين) الذى بجوار الفراش وإلقت بالغطاء مسرعة على وجهها لتتصنع النوم حين دخل (طلال) لاحظ حركة غطاء الفراش وأنها وضعته فقط بمجرد أن سمعت صوته لذا ابتسم وهز رأسه بآسى على جنونها ذاك الذى لن يتغير ابداً ثم اقترب منها وجلس بجوارها على الفراش وجدها لم تتحرك ومازالت تتصنع النوم كما هى عادتها فهى تتهرب منه منذ آخر موقف حدث بينهم لذا ازال الغطاء من على وجهها فجاءة لتتلاقى أعينهم فرمشت (هانيا) عدة مرات بعينيها فظهر على ثغره ابتسامة هى تعشقها وتكرهها فى نفس الوقت تعشقها لأنها تزيد من وسامته وتكرهها لأنها تعلم أنه قد كشف أمرها فأشاحت وجهها بعيداً عنه فى الأتجاه الأخر لذا اقترب هو وقبل رأسها دون أن يتحدث ثم نهض مرة آخرى عن الفراش ليبدل ملابسه كانت تعلم أنه لن يقول شئ لن يعتذر هو يقدم أسفه بطريقته تلك صحيح يعجبها ذلك ولكنها ملت فهى تريد أن تسمع منه أعتذاره تريده أن يبرر أن يقول أنه لم يقصد ولكن منذ أن تزوجت (طلال) وهو هكذا لا يتحدث لا يعتذر إلا بقبلة أو هدية لو يعلم أنها تريد سماع اعتذاره وحسب زفرت بكل الضيق الذى بداخلها ثم تمتمت بنبرة خافتة
-بارد ومش هيتغير ٠٠
*******************
مر أسبوع كاملاً كانت (روفيدا) تبحث يومياً عن (أشرف) لكى تبلغه بتقدم (أدهم) لخطبتها ولكنه لم يكن يأتى لم تراه شعرت بغضب شديد منه وظنت أنه يتهرب منها بعد أن امتنعت عن محادثته حيث أنها ظنت أن ذلك سيجعله يتقدم لخطبتها ولكنه قد اختفى تماماً من حياتها حتى لا يحدثها شعرت بغضب شديد ٠٠
كانت واقفة أمام المرآة تهندم من حجابها وملابسها حتى استمعت لصوت أحدهم يطرق باب الغرفة علمت أنه بالتأكيد (رائد) فقالت
-ادخل
فتح (رائد) الباب ودلف للداخل ونظر لها ثم قال
-جهزتى عشان اوصلك جامعتك
-اه اه
قالتها وهى تأخذ حقيبة يدها من أعلى المقعد الذى أمام طاولة الزينة الخاصة بها ثم سارت خلف (رائد) حتى وصلوا للسيارة واستقلوها سوياً قبل أن يبدء (رائد) بقيادة السيارة نظر لشقيقته نظرة جانبية ثم قال
-مر أسبوع كامل ومقولتيش رأيك ٠٠ الصراحة استنيت كتير أنك تبدئى تتكلمى معايا بس ٠٠ أنتى متكلمتيش
ابتلعت ريقها وشعرت بجفاف حلقها ولكن ماذا عليها أن تفعل أو تقول كيف تخبره أنها لا ترى (أدهم) من الأساس كفارس أحلامها صمتها ذاك اثار فضول (رائد) كثيراً لذا قال
-أنا مش فاهم كل التفكير ده ليه عمرك ما هتلاقى راجل يعتمد عليه زى (أدهم) وفوق ده كله بيحبك
شعرت هى بغضب شقيقها منها وبلكنته التى تحمل أنه قد تحمل الكثير منها لذا قالت غير شاعرة
-م٠٠ موافقة
ابتسم (رائد) وأمسك كف يدها ليربت عليه بحنان ثم قال
-تمام ٠٠ هكلمه إن شاء الله والخطوبة هتبقى فى أقرب وقت ممكن
جف حلقها تماماً وشعرت بأن قدامها تسمرت فى أرضية السيارة هل حقاً ستتم خطبتها على رجل آخر دون (أشرف) ٠٠
********************
بعد أن مر (ريان) على المرضى الخاصة به شعر بإرهاق شديد وقرر العودة لمكتبه فرك عينيه من كثرة الأرهاق وهو يفتح مقبض باب المكتب الخاص به ولكنه تفاجئ برؤية (أسما) بالداخل ابتسم لا شعورياً ثم قال وهو يغلق باب المكتب
-ده المفاجاءة الحلوة دى ٠٠ الآنسة (أسما) بحالها عندى وفى مكتبى
أحمرت وجنتى (أسما) خجلاً وأعادت عوينتها للخلف وهى تتعمد عدم النظر إليه فلاحظ هو ذلك فقال كأنه متفاجئ
-اوعى اكون كفى الله الشر وحشتك ولا حاجة
هزت رأسها بخجل ثم قالت
-يعنى ٠٠ شوية اد كده
قالتها وهى تطبق أصابعها السبابة فوق الأبهام فأقترب هو منها ثم قال
-أنتى بتوحشينى طول الوقت بقى
آشارت بسبابتها تجاهه ثم قالت
-وبعدين وياك
-برده بنفس الصوباع
قالها مقلداً (كريم عبد العزيز) فضحكت هى عليه كثيراً ثم قالت
-أنا عاوزة منك طلب
-اؤمرى
-كان فى كتاب بدور عليه مش لاقياه هيفدنى اوى فى الرسالة بتاعتى ٠٠ بعتلك اسمه فى رسالة من شوية بس شكلك مكنتش ماسك التليفون فقلت اجى باقولك بنفسى أنا لسه بدور عليه بس لو لاقيته فى أى مكان ابقى قولى بلييييز
عض (ريان) شفتاه بغيظ شديد ثم قال
-اه هو ده بقى اللى جابك تشوفينى مش كده !
اعادت نظرتها للخلف مرة آخرى ثم قالت
-بطل رخامة وهزار بقى
لو تعلم فقط أنه لا يمزح لذا رمقها بنظرة شديدة لم تستطع فهمها هى لذا حاولت فتح موضوع جديد لتتناقش معه فيه
-أنت أخبارك أيه ؟! وأخبار (عتاب) أيه بتتحسن ؟!
اجاب بإقتضاب وهو يذهب للجلوس على مكتبه
-الحمد لله
-صحيح أنت ليه مفكرتش تكلم دكتور (طلال) عشان تنبهه من دكتور (مروان) و ٠٠
قاطعها ببرود
-مش هتكلم مع حد إلا لما حالتها تتحسن تماماً عشان يبقى ليا وجه حق اتكلم بيه لكن اروح اقوله دكتور (مروان) بيعذب مريضة هنا وهو دكتور أحسن وأكبر منى وعنده خبرة تكفى بلد أكيد وقتها دكتور (مروان) هيلاقى ألف طريقة يقنع بيها دكتور (طلال) عشان كده أحسن شئ أنى استنى حالتها تتحسن تماماً وتفتكر اللى ناسياه وبعدين اقول بكل ثقة عشان مديش فرصة لحد يتهمنى تهمة سخيفة
هزت (أسما) رأسها بإقتناع ثم قالت وهى تنظر لساعة يدها
-ماشى عندى حالة لازم امر عليها دلوقتى مع دكتور (مازن)
-اه ٠٠ اتفضلى
قالها وهو يبتسم بسخرية ولكنها لم تلحظ حتى بسبب أنها تفكر فى تلك الحالة فقط خرجت من مكتبه بينما هو زفر بضيق وتمتم قائلاً
-أنا اتخنقت ٠٠
*******************
كانت تمارس هوايتها كالعادة فى لعب التنس مع مدربها فى النادى حتى شعرت بالتعب قليلاً فقررت الجلوس فأستأذنت مدربها كى ترتاح قليلاً فأمأ لها بالموافقة ولكنه ظل يطالعها بفضول شديد فهو معجب بهدوئها ورزانتها كثيراً يجذبانه لها بشدة لاحظ أنها كانت ستقع فلم يكن سيرها معتدل تمسك رأسها لذا اسرع نحوها وأمسكها قبل أن تسقط ارضاً فنظرت له بأعين مرهقة
-ميرسى اووى
ود أن يقول لها أنه من يجب عليه شكرها لأنها تقف بين يديه الآن لذا قال
-أنتى تعبانة ولا أيه ؟!
لاحظت (شجن) أنه مازال يمسك خصرها لذا ازاحت يده عنها وقالت
-صداع شوية اصلى نزلت من غير ما افطر
وفى الحقيقة هى لم تتناول حتى عشائها بالأمس لكنه أجابها
-لا مينفعش كده ٠٠ تعالى نفطر سوا صحيح أنى فطرت بس ممكن افطر تانى معاكى
ابتسمت (شجن) بسماجة
-لا شكراً ٠٠ أنا هروح افطر عن أذنك
لم تنتظر أجابته وذهبت مسرعة من أمامه بينما تنهد هو وهو يراها تبتعد عنه ويقول
-زى القمر بنت الأيه
فى الجهة المقابلة لهم من على بعد لا بأس به كان يراقب (وليد) ذلك المشهد منذ أن أمسكها ليمنعها من السقوط فأسقط السجارة التى فى يده وقام بدهسها بغضب شديد ثم ارجع خصلات شعره للخلف بكف يده وهو يتوعد لذلك الوغد من الذى يجرؤ أن يمس شئ أمتلكه (وليد الرفاعى) من قبل لقد حفرت قبرك بيدك أيها الوغد ٠٠
ولكن رواده تلك الفكرة الذى اقتراحها عليه (سيف) لما لا يحاول أن يجعلها تقع فى غرامه ما الذى ينقصه عن (رائد) بالأساس !! ف (وليد) شاب فى الثلاثون من عمره مثل (رائد) فهو كان زميل دراسة له والصديق المقرب ل (أدهم) من خلال ذلك النادى حتى الصف الثانوى وبعدها سافر ليكمل دراسته بالخارج وبعدها عاد وعندما رأى (أدهم) و (رائد) تذكرا معاً أيام الدراسة حتى رأى (شجن) مصادفة وعلم أنها شقيقة (أدهم) فقرر التوبة والأستقرار على يدها ٠٠
هو وسيم بشهادة جميع النساء الذى عرفهم فعينيه زرقاء بلون السماء الصافية أنفه مناسب جيداً لحجم وجهه بشرته خمرية كيف لا تعجب به (شجن) ربما هو تصرف بحماقة كبيرة عندما اكتشف حبها ل (رائد) وخسرها ولكن أى رجل كان سيفعل ذلك فما عذب قلبه ليس فقط اكتشافه وحبها ل (رائد) بل ما عذبه حقا أنها مازالت تحتفظ بخواطرها وحديثها عنه حتى بعد زواجهم حتى بعد أن عاشا سوياً لمدة سنة كاملة أى أنه فشل خلال تلك السنة فى أن يجعلها تتعلق به رغم كل ما فعله من أجلها ٠٠
جلس على طاولة يراقب منها (شجن) عن بعد وجدها مازالت حزينة هو لا يتذكر أنه سمع ضحكتها فى يوم يبدو أن أسمها له نصيب كبير من سماتها ولكنه كان يفكر فى ذلك الوغد أيضاً لن يستطيع التقدم فى جذبها إليه إلا لو أعلم الجميع أنها صك ملكيته الخاص قام بتدخين علبة سجائر كاملة وهو يراقبها عن بعد هكذا حتى لاحظ ذلك المدرب ينظر لها من بعيد ووجده يقترب منها ويبدو أنه عرض عليها شئ ما ولكن ما أسعده أن من حركة يدها ورأسها يبدو أنها رفضت صحيح أنه ود لو يعلم ما عرضه ذاك الوغد ولكن يكفيه سعادة أنها رفضت ٠٠
ولم يكن المدرب يعرض عليها سوا أن كانت ستلعب مرة آخرى اليوم أو ماذا ولكنها رفضت وأجابته بأنها تشعر ببعض الإجهاد ٠٠
انتظر (وليد) طوال اليوم حتى موعد أنصرف ذلك الوغد كم يسميه وبالفعل راقبه وهو يأتى بسيارته من الجراچ حتى راقب (وليد) المكان جيداً ووجد أنه خالى لذا اقترب منه قبل أن يستقل سيارته وأمسكه من تلابيب قميصه ليقول
-بص بقى أنا لو شفت عينك جت ع (شجن) صدقنى هموتك
رفع المدرب حاجبيه استنكاراً ثم قال
-وأنت مين اصلاً وبأى حق تدخل ؟
عض (وليد) شفتاه بعيظ شديد ثم قال
-أنا جوزها يا حيلتها ٠٠ ولو شفت عينك جت عليها هدفنك مكانك ويستحسن أنك متدربهاش تانى ٠٠ واقولك ع حاجة كمان يستحسن المدرب اللى يجى بعدك يبقى ست عشان لو شوفت عينك عليها يبقى أنت الجانى ع نفسك
كانت نبرة صوته وعينيه كفيلة بذرع الرعب فى قلب ذلك الوغد ابتسم (وليد) بسخرية بعد أن استشعر خوفه لذا قام بتخفيف قبضة يده من أعلى ملابس ذلك الوغد قال وهو يهندم ملابس ذلك الوغد التى أنكمشت من قبضة يده
-بحب الناس المطيعة جداً
ولكن لكمه فجاءة فى عينيه وتابع
-وده عشان عينك اللى كانت هتاكلها ٠٠ ولو حصل تانى صدقنى هخزق الاتنين ليك
وضع المدرب يده على عينه فأبتسم (وليد) بسخرية عليه ثم تركه وذهب نحو سيارته ليستقلها ٠٠
********************
علم (أدهم) من (رائد) أن (روفيدا) قد وافقت به فشعر بسعادة كبيرة تغمر قلبه فها هى المرآة التى أحبها وافقت على الزواج منه لذا أعاد نظارته للخلف وهو ينظر فى عيناى (رائد) يسئله بسعادة شديدة
-بجد يا (رائد) ؟! وافقت بجد ؟!
هز (رائد) رأسه بآسى ثم قال
-جرى أيه يا واد انشف كده ٠٠ أو أعمل اعتبار أنى ا
أخوها حتى
شعر (أدهم) بخجل شديد ثم قال
-طب ينفع اروح اخدها من الجامعة ؟
هز (رائد) مقعد مكتبه المتحرك يمينا تارة ويساراً تارة آخرى مصطنعاً التفكير ثم قال
-تقدر
ابتسم له (أدهم) ثم سار مسرعاً قبل أن يغير (رائد) رأيه بينما ابتسم (رائد) على جنونه ذاك وتمنى من كل قلبه أن تبادله (روفيدا) مشاعره الصادقة تلك ولكنه أخذ نفس عميق بعدها أمسك علبة سجائره الموضوعة على مكتبه وأشعل واحدة وهو ينظر بعيداً شارداً ٠٠
ولكنه وقف ليخرج خارج المكتب حينها صدم عندما رأى فتاة ترتدى فستان أزرق قصير وعارى من الجزء العلوى اقتربت منه بدلال وحاوطت عنقه بيدها الأثنتين لتقول
-وحشتنى اوووووى يا (رائد)
ابعد (رائد) يدها بإشمئزاز ثم قال بنبرة غاضبة
-أنتى ايه اللى جابك هنا ؟!
-فى أيه يا (رائد) وحشتنى ٠٠ واستنيتك تكلمنى لما رجعت من السفر عشان اجيلك بس محصلش
تحدث وعلى ثغره ابتسامة ساخرة
-يبقى مش عاوزك ٠٠ بسيطة وسهلة
نظرت له الفتاة بغضب شديد فتحدث هو ببرود تام
-اطلعى بارة يا (سوزى) ومش عاوز اشوف وشك تانى إلا لما اقولك
عضت الفتاة شفتاها بغضب شديد فهز رأسه بآسى عليها ثم قال
-بصى يا (سوزى) احنا اللى كان بينا ولا حاجة اصلاً ٠٠ فياريت متنسيش ده دى علاقة طيارى وكنتى بتاخدى فى المقابل اللى يكفيكى وزيادة فمتديش نفس حجم أكبر من حجمك
عضت (سوزان) شفتاها كاتمة تلك الأهانة فهى من فعلت بنفسها ذلك بل على العكس هى من عرضت عليها نفسها من كثرة حبها له ظنت أنه سيبادلها شعورها ولكنها كانت خاطئة فهى مجرد لعبة كان يلعب بها وقتما يشاء خرجت نحو خارج المكتب وهى غاضبة بشدة فزفر (رائد) بضيق ثم قال
-أنا تعبت ٠٠ حقيقى تعبت ٠٠
*******************
وصل (أدهم) للجامعة وانتظر (روفيدا) أمام باب القاعة التى كانت تحضر فيها حينما رأها تخرج مع صديقتها شعر بسعادة كبيرة تقابلت عيناهم فشعرت هى بالضيق فماذا ستقول له أنها وافقت خوفاً فقط من شقيقها ودعت صديقتها ثم اقتربت منه لتقول
-ازيك يا (أدهم) ؟!
-الحمد لله ٠٠ أناى بجد موافقة بيا ؟!
لمحت هى اللمعة التى فى عينيه الزرقاء خلف نظارته تلك فخافت آن تجرح شعوره لذا هزت رأسها بالإيجاب حين رأى إيمائتها تلك شعر بأنه سعيد للغاية سعيد بطريقة لا يستطيع وصفها لذا قال
-تحبى نتغدا بارة ؟!
هزت رأسها نافية ثم قالت
-معلش تعبانة شوية محتاجة اروح انام
شعر حينها بخيبة أمل كبيرة ولكن بالنهاية قرر أن يلبى لها رغبتها فسارا سوياً نحو السيارة كى يوصلها إلى المنزل ٠٠
*******************
وقفت أمام المرآة الخاصة بغرفتها وهى تتأمل ملامح وجهها فهى لا تعلم شئ عن نفسها أو ماضيها شعرت بغضب شديد من كل شئ حولها صحيح أنها لا تتذكر أى شئ حدث لها فى المشفى ولكن ٠٠ ولكنها الآن بصحة جيدة بفضل الله وذلك الطبيب الذى تقيم معه تلألأت الدموع داخل مقلتيها فهى تريد فقط أن تتذكر شئ ولو شئ بسيط ولكن دون جدوى قررت أن تساعد والدة الطبيب فى أعداد طعام الغداء فذهبت للمطبخ وجلبت الخضار لكى تقوم بتقطيع السلطة نظرت له والدة (ريان) ثم قالت
-خليكى مرتاحة يا بنتى ٠٠ أتتى لسه تعبانة
شعرت (عتاب) بحزن شديد وقالت بنبرة آسفة
-أنا اللى مكسوفة منكوا يا طنط ٠٠ أنا متقلة عليكوا اوووى ٠٠ وطلبت من دكتور (ريان) كذا مرة انى اروح البيت بتاعى لكنه رفض خايف دكتور (مروان) يعرف مكانى
اقتربت منها والدة (ريان) ووضعت يدها ع كتفاها بحنان ثم قالت
-اخص عليكى يا بنتى ٠٠ ربنا يعلم أنى بعتبرك بنتى اللى مخلفتهاش
شعرت (عتاب) بحنانها فدوماً تلك السيدة تغمرها بحنان لذا القت نفسها فى احضانها فبادلتها الحضن هى الأخرى لتقول (عتاب)
-أنتى جميلة اوووى يا ماما (نادية)
ابتعدت عنها قليلاً وقالت بحنوها
-عاوزة اسمع منك يا ماما بس
هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت
-حاضر يا ماما
فى تلك اللحظة دلف (ريان) لداخل المطبخ ووجدهم كذلك
-الله الله ٠٠ أمى بتخونى مع (عتاب)
ضحكت (نادية) كثيراً على تصرف أبنها ذاك ثم قالت
-مش هتبطل جنان يا واد
-لا مليش دعوة أنا عاوز حضن دلوقتى لاصور ليكوا قتيل
فتحت (نادية) زراعيها لأبنها المجنون ذاك فحضنها لتقول (عتاب)
-بس أنت جاى بدرى النهاردة عن ميعادك شوية ؟
رفع حاجبيه بخبث وقال
-الله ده أنتى حافظة مواعيدى بقى
احمرت وجنتى (عتاب) فنغزت (نادية) (ريان) فى بطنه وقالت
-عيب كده يا ولد
-فى ايه أنا بهزر ! وبعدين يلا أنا واقع من الجوع أنا اصلا مقدرتش اكمل اليوم مرهق شوية
فتحدثت (نادية) بحنان
-روح غير هدومك عقبال ما احضر الاكل ع السفرة
-ماشى
وقفت (عتاب) لتكمل تقطيع الخضروات لعمل السلطة ولكن لمع فى رأسها شئ ما وكأنها ترى رقم هاتف أمام عينيها لذا تركت تقطيع الخضروات وركضت نحو غرفة (ريان) وطرقت باب الغرفة مرة واحدة ولم تنتظر رده لتفتح الباب مسرعة لتجد نصف جسده العلوى عارى فأغمضت عيناها وقالت
-ا٠٠ أنا آسفة اصل ٠٠ اصل
ارتدى هو القميص العلوى مسرعاً ثم قال
-تقدرى تفتحتى دلوقتى
فتحت عينيها ثم اقتربت منه وقالت
-ا٠٠ أنا افتكرت رقم تليفون ٠٠ ممكن يخص حد اعرفه
-رقم !!
--اه الرقم هو (01٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠)
أمسك (ريان) الهاتف الخاص به الذى جلبه من اعلى فراشه ليقول
-قولى الرقم كده تانى
أملته (عتاب) الرقم مرة آخرى فنظر لها بثقة وقال
-هتصل
هزت رأسها بالإيجاب وشجعته على ذلك فأتصل بالرقم ليأتيه صوت تلك السيدة التى تقول أن هذا الرقم ليس موجود بالخدمة رمشت (عتاب) عينيها بقلق لتسئله
-ايه مقفول ؟!
هز رأسه نافياً ثم قال
-مش موجود بالخدمة اصلاً
صدمت (عتاب) مما سمعته فقد كانت غريقة تريد التعلق بقشة ولكنها اغرقتها بالنهاية تحدث (ريان) بصوت حانى
-متقلقيش ٠٠ هتفتكرى كل حاجة إن شاء الله فى الوقت المناسب ويمكن ذاكرتك خدعتك فى رقم ولا اتنين
نظرت له (عتاب) فهى تريد أن تصدقه لكنها تعلم جيداً أنها كما رأت الرقم فى مخيلتها قالته له لذا تابع (ريان)
-يلا نقوم نتغدا
نهضت معه وخرجوا للخارج وهى تشعر بخيبة أمل كبير ٠٠
*******************
مر ثلاثة أيام اتفق (أدهم) مع (رائد) خلالها أن تكون الخطبة فى نهاية الأسبوع القادم ٠٠
قام (أدهم) بأختيار دعوات الخطوبة وقام بتوزيعها على كل موظفين الشركة بالأمس ولكن لحسن حظ (جميلة) أنها لم تأتى بالأمس فقد كانت مريضة بالأنفلونزا لذا خرج (أدهم) من مكتبه ليعطيعها دعوة الخطوبة بنفسه فوجدها تعطس فابتسم وقال
-الف سلامة عليكى يا (جميلة)
شعرت بالفرح لظنها أنه مهتم بها وقالت
-الله يسلمك يا فندم
اقترب منها ثم قال
-أنتى مكنتيش موجودة امبارح عشان اعزمك بنفسى
نظرت له بتساؤل وهى تشرب كوب من الينسون فتابع هو
-خطوبتى الخميس الجاى إن شاء الله
اتسعت حدقتى (جميلة) ليسقط كوب الينسون من يدها ٠٠
عتاب
•تابع الفصل التالي "رواية عتاب" اضغط على اسم الرواية