Ads by Google X

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السابع 7 - بقلم اية حسين

الصفحة الرئيسية

   

رواية هل بعد الفراق يا امي لقاء الفصل السابع 7 - بقلم اية حسين

الفصل السابع: غريب.... لكنه جميل
                                    
                                          
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 



دخل الغرفة التي يحبس بها زوجته و عيناه تتقدان، فور أن دخل وجدها تنزل لتقبّل قدمه و هي تترجاه و تبكي بشكل هيستيري قائلة:
- أبوس رجلك خرجني من هنا... خرجني و صدقني مش هعمل الي عملته ثاني، و الله ما هعمل حاجة... خرجني و هفضل تحت رجليك.
لان "إسماعيل" بعض الشيء لكنه لم يظهر هذا بل قال متعمدًا إظهار البرود:
- ايه الي يضمن لي؟
نظرت له "شيرين" بتساؤل إذ لم تفهم قصده فقال:
- ايه الي يضمن لي إنك ما تعمليش كده ثاني و تفضلي تحت رجلي؟
بدأ بصيص من نور الأمل يتسرب إليها فعادت إلى توسلاتها بقولها:
- خد كل الضمانات الي أنت عايزها، الي تؤمر بيه بس سيبني أخرج.
- يعني ماعندكيش.
قال "إسماعيل" جملته ثم غادر الغرفة مغلقًا الباب خلفه.



عادت "شيرين" تجلس في إحدى زوايا الغرفة بيأس،
من يرى "شيرين" زوجة "اسماعيل" التي تنفق جل مالها في التزين و تشتري كل ما أمامها من مساحيق تجميل و معطرات و أدوات، و قد بدت أصغر بكثير من عمرها، لن يتخيل أنها هي نفسها التي تجلس على الأرض منكمشة و قد أحاطها الشعث، أعرضت عنها كل مظاهر الجمال الذي كانت تتمتع به من قبل، بات شعرها الناعم مشعثًا، و عيناها المكحلتان المرسومتان بدقة متورمتين من كثرة البكاء.



تشعر أن فناءها سيكون بين الأربع جدران، لم تغادر الغرفة منذ مدة طويلة، حتى باتت تُحس بأن الجدران تنغلق و أن الغرفة تضيق عليها، ليست غرفة بل هي زنزانة!



بجانب ضيقها و قهرها في زنزانتها، كانت تشتعل من الداخل غيرةً على "إسماعيل". تعلم أنه يحب "هدى" منذ زمن و أنها هي حبه الأول، لكنها ظنت أنه نسيها بحكم أن شقيقه تزوجها، حاولت كثيرًا تعويضه عن كل ما مرَّ به، لكنه لم يكن كافيًا لينسى، كانت تحاول أن تحدثه برقة كي يرى أنوثتها، تتزين دائمًا من أجل أن يراها في أبهى صورة، لم تكن تكثر من التزين في صغرها قبل أن تعرفه بل كانت بسيطة و لا تهتم بمظهرها، لكن الجميع الآن يعرفها بصورة المرأة التافهة التي لا تتقبل كونها كبرت في السن و هي فقط تحاول إرضاءه علّه يراها جميلة و ينسى "هدى".



لم يرَ كل هذا بل كان متيمًا بـ"هدى" حتى أنه فاتحها في أمر حبه لها قبل مدة قصيرة، و هي زوجة أخيه!



في الخارج كان "إسماعيل" شاردًا في الفراغ، قد يكون قاسيًا مع "شيرين"، "عمر" و "إسراء" لا يستحقان هذا من عمهما، هو يعلم أنه مخطئ في حق هؤلاء الثلاثة، لكنه لم و لن يسمح لأحد أن يخرب عليه انتقامه. ينتقم من أخيه... و من "هدى".... و من كل ما يقف في طريق انتقامه. على الأقل ترك له ابنيه أحياء، إن هذا أقل شيء يمكن فعله أمام من جرحته و اختارت أخاه... و أمام من قتل ابنه!



                                    ∆∆∆∆∆∆∆∆∆



- "عمر" هيبقى ايه رأيك لو أنا اتحجبت؟
كان سؤال "إسراء" مفاجئًا فالتفت لها "عمر" و قد احتلت وجهه علامات الاستغراب. قال:
- ايه السؤال ده؟
- ايه؟ بسألك لو أنا اتحجبت أنت هتكون حابب الموضوع ولا لا؟
- أشجعك على ده طبعًا، بس ايه الي خلاكِ تسألي السؤال ده فجأة؟ أنتِ ناوية تتحجبي؟
- مش عارفة، هو أنا بس جه في بالي الفكرة ديه الصبح قلت أسألك أنت ايه رأيك.
سكنت الحيرة عيني "إسراء"، فهي الآن كمن تكتشف شيئًا جديدًا. ليس الشيء الذي تكتشفه "إسراء" جديد، لكنه يظهر في طريقها هي للمرة الأولى، كانت تعلم بوجوده لكنها لم تلمسه، بل لم تفكر فيه من الأصل.



 
                
شغل سؤال "إسراء" حيزًا من عقل "عمر". لاحظ الآن، لم يعلمها من دينها شيئًا، حتى الصلاة تعلمتْها في المدرسة. هو تائه يحتاج لمن يرشده مثلها! يشعر الآن أنه مخطئ مقصر.
كيف لا و قد ترك شقيقته لا تعلم شيئًا عن أمور دينها؟! أهم شيء في دنياها و آخرتها، ربما لأنه هو أيضًا لا يعلم، لم يكن إلا طفلًا وحيدًا يتألم لفراق أبويه و يقوم بدور الأب و الأم لشقيقته.



تخيل وجه "إسراء" بالحجاب، وجهًا ملائكيًا جميلًا، صغيرته جميلة في كل أحوالها، هكذا قال داخل نفسه. لكنها ستكون أجمل حين تتقرب إلى الله.
                            
                           ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



سكن الوجوم محيَّاه و هو ينتظرها تنزل إليه، رأته بعينيها الدامعتين فوقفت أمامه. لا تقدر على رفع عينها في عينه، كان الشعور بالخزي يحاوطها و يخرسها. قال "علي" بعد صمت استمر طويلًا:
- اتكلمي
ردت "مي" بخفوت:
- أتكلم أقول ايه؟
قال حانقًا:
- قولي أي حاجة، اعتذري برري، قولي لي يا "علي" أنت فاهم غلط استنى أوضح لك... أي حاجة.
- بس أنا ماعنديش حاجة أقولها.



زاد صمتها من قهر "علي"، لو كانت اعتذرت أو بررت أو استبقته لفهم أنه يعني لها أي شيء، لكن صمتها هذا جعله يتوهم أنها تقول له:
- هاتِ ما عندك من عتابٍ وارحل و لا تضيّع وقتي معك.



قالت "مي"  بعين هَتون:
- أنت دلوقتي أكيد شايفني واحدة حقيرة و قذرة و ده حقك، أنا ما أقدرش أقول لك أي حاجة، و أيًا كان الي هتعمله معايا أنا ما أقدرش ألومك عليه، فلو عايز تشتمني أو تفضحني أو تعمل أي حاجة اتفضل.
بدت عيناه لامعة، لكنها زائغة، تدور حوله و لا تثبت، لكنها ثبتت بغتةً و هو يقول:
- أنا أكيد مش عايز أعمل حاجة من دول،
حمل صوته و هو يستطرد انهزامًا... انهزام من أكثر المعارك التي وثق بالنصر فيها:
- أنا بس حبيتك... حبيتك بجد، و الي أنتِ عملتيه ده خلاني أتعلم الدرس، إني ما أحبش حد بجد ثاني.
زاد صوت نحيب "مي" حين قالت:
- صدقني أنا ماكنتش عايزة أجرحك ولا عايزة أؤذي حد، أنا بس حبيته.... حبيته بجد.



كانت آخر كلمتين قالتهما سهمًا اخترق قلبه و توغل فيه.
خلعت دبلتها ثم أعطتها له و همَّت بالانصراف فناداها، التفتت لترى ما يريد وجدته يقول بانكسار:
- هو أنا عندك رخيص اوي كده؟
لم تجبه بل رحلت مهرولة من أمامه فتأكد أن الإجابة 'نعم'



دقائق مرت ثم صعد حيث شقتها لينهي مع والدها كل شيء.




                               ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆



- يا بنتي ما تجربيها مش هتخسري حاجة!
كانت تلك جملة تلفظتها "آية" و هي تمسك بشالٍ تحاول إقناع "إسراء" في دورة المياه بأن تجربه، ظلّت تفكر بكلام "إسراء" الذي قالته منذ فترة فقالت: أحضر معي شالًا علها تتشجع حين تجربه. قالت "إسراء" بسخرية:
- "آية" أنا كنت بتكلم عادي أنتِ زودتيها ليه؟
- عادي عايزة أشوف شكلك بيه بس.
ثم كررت حديثها قائلة:
- البسي الطرحة يا "إسراء" و اقلعيها على طول عادي.



اقتنعت "إسراء" بارتداء الشال لدقيقة بعد كثيرٍ من الأخذ و الرد فزفرت ثم سمحت لـ"آية" بلَفِّهِ لها.



إحساس غريب أحسّت به حين طالعت وجهها في المرآة، لم ترَ أن جمالها ازداد، بل هو شيء أعمق، كانت تستشعر شعورًا جديدًا لم تشعر به من قبل، و لم تجد له كلمةً تصفه به في معجمها. إحساسٌ غريب... لكنه جميل.
لم يكن شكلها أجمل، لكنه ربما أضاف إليها مظهر الرقة و الوقار، و كأن هالةً أحاطت بها تحميها من الأعين و تضيف لها رونقًا خاصًّا، و إحساسٌ غريب... لكنه جميل.



اخترق صوت "آية" أذنها فأيقظها من سرحانها حين قالت "آية":
- الله يا "إسراء" بجد الحجاب محليكِ و مديكِ شكل مختلف اوي. أنتِ لازم تتحجبي.



توترت "إسراء" قليلًا من جملة "آية" الأخيرة. خلعت الشال فأعطته لرفيقتها ثم رحلتا من دورة المياه. لم تكن المرة الأولى التي ترى "إسراء" نفسها فيها بالحجاب، كانت تصلي به لكنها لم تدقق بل لم تنظر لشكلها أثناء ارتدائه، كل ما كانت تفكر فيه حينها- للأسف- كان أن تقضي الصلاة بسرعة كي تفعل ما تود فعله بعدها. التفكير فيه من ناحية أنها سترتديه امام الجميع كان له وقعٌ مختلفٌ كذلك.



خارج أسوار الكلية، حين ودعت الديقتان بعضهما، و مشت كلٌ باتجاه، ظهر أمامها الكائن اللزج المزعج "مروان" مرةً أخرى.
قفز أمامها من العدم فقال:
- ازيك يا "إسراء"؟
أجابت بحنق:
- زفت زي وشك اوعى من قدامي
حاولت تخطيه لكنه اعترض طريقها ثانيةً:
- يا خاطفة القلب و معذباه.



كان يبدو اليوم غير طبيعي، أو به شيء غريب، لذا لم تتحدث "إسراء" كثيرًا بل ابتعدت من أمامه فورًا، فلاحقها حتى أمسك بها و استطاع تثبيت ظهرها على الجدار حيث أحاطها بذراعيه، حاولت التسلل بسرعةٍ من أسفلهما لكن طول قامتها لم يساعدها. قال بحقدٍ قفز من عينيه:
- أنتِ ليه مش عايزة تفهمي؟
لم تجب بل ظلَّت تحاول التملص منه، تابع "مروان":
- ليه مش عايزة تفهمي إني بحبك؟ 
ارتخت نبرته و طلّ الحزن من عينه و هو يقول:
- أنا بحبك و نفسي ترضي، بس أنتِ في كل مرة بترفضيني، و بتجرحيني. هو أنا أستاهل منك كل ده؟



ردت "إسراء" بغضب مشتعل من مشاعره المرهفة في غير وقتها:
- أيوة تستاهل... ابعد عني بقى... و بعدين ما تتجرح ولا تتنيل أنا مالي أنا؟!



جاء رجل فجأةً حين رأى ذاك الفتى يحيط بالفتاة المتضايقة منه ليطوق "مروان" و يسحبه بعيدًا تاركًا الفرصة لـ"إسراء" لتهرب و هو يطلق الكثير من الشتائم على هذا الجيل الفاسد، لكن "مروان" استطاع التملص منه بسرعة إذ كان الرجل مسنًّا و لا تعادل قوته قوة فتىً في بداية شبابه. لحق "مروان" بعدها بـ"إسراء" التي ركضت قليلًا حتى دخلت عمارة سكنية صغيرة فصعدت بعض درجات من السلم، أمسك بها من ثيابها، فحاولت هي إنزال يده صارخة:
- ايدك يا حيوان.
لم يتركها و لكن دفعها بشدة أثناء صراخه:
- بطلي بقى بطلي.



كانت الدفعة قوية فسقطت إثرها  من فوق السلم على الأرض إذ لم يكن للسلم سور أو سياج ليصطدم رأسها بصخرةٍ حادةٍ وُجدت ملقاةً على الأرض.



                                ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆
 

 
google-playkhamsatmostaqltradent