رواية معدن فضة الفصل التاسع 9 - بقلم لولي سامي
رُفضت بحُجة حمايتك .
وامتثلت لحكمهم خوفا عليكي .
لارى اليوم بعيني نتيجة امتثالي وخوفي عليكي وقد أصبح هباءا منثورا.
التهم چواد الدرج صاعدا منزله وطرق بابه بسرعة ففتحت له والدته لتراه مكفهر الوجه عابس الملامح.
دلف سريعا الي داخل المنزل دون التفوه بكلمة واحدة متوجها مباشرة الي شرفته المطلة على شرفة منزل والد ميار .
يعلم أن هذا خطأ فادح بالنسبة لقوانين الجيرة وبالنسبة لادابه ومبادئه، ولكنه أراد أن يطمئن قلبه عليها ،هل ما رأه صحيح ؟ هل شكوكه حقيقة؟
هرولت خلفه والدته وهي تسأله متحيره من امره/ في ايه يا چواد؟ مالك يا ابني؟ في حاجة في الشارع بعد الشر؟
وقفت بجواره في الشرفة تري الي اين ينظر لتجده يسلط أنظاره على شرفة منزل والد ميار تعجبت من ابنها فذلك ليس من أخلاقه فوبخته قائله/ عيب كدة يا جواد من امتي بنبص على الجيران !؟
وامسكت بذراعه ساحبه إياه الي الداخل .
وكأن والدته ايقظته من غفلته فاغمض عينيه مطلقا زفيرا عاليا ودخل معها وهو يشعر أنه سيجن، كيف يحدث ذلك مع عصفورته ،كيف تحملت كل هذا ، ايعقل أن يحدث كل هذا لهذا الملاك ،كان يتوقع أن زوجها سيحبها مثله أو أكثر فهي تسبب القلوب والعقول ولكن هل لهذا قلب أو عقل حتى يفعل ما فعله بهذه العصفورة؟
اخذ يجوب الصالة ذهابا وإيابا ،يتمني لو يذهب لها ويحتضنها ويداوي كدماتها وندبات روحها بنفسه، كما تمني لو رأي هذا الزوج عديم المروءة أمامه الان لفتك به وأراه كيف له أن يستقوي على امرأة ضعيفة وليست أي امرأة.
ظل على حاله يزرع الصالة بخطواته أمام والدته التي ترجوه أن يهدأ قليلا ويقص لها ما حدث حتي صرخت به / چواد بس بقي دوختني ،تعالي هنا اقعد وقولي في ايه لكل ده؟
ربنا بيدها علي الأريكة جوارها فجلس چواد بجوارها واضعا رأسه الذي يشعر أن الأفكار تعصف بها بين راحتيه .
ربتت الام على ظهره وسألته بحنان/ حصل ايه يا حبيبي لكل ده طمني متسبنيش قلقانة كدة؟
رفع چواد رأسه ونظر لها وعيونه يكسوها الاحمرار من كثرة الضغط الذي يشعر به برأسه وقال لها بنبرة تجسد حاله ويغلفها الانكسار قائلا/ وانا طالع من الصيدلية شوفت ميار ماشية مع اخوها ،كان باين علي اخوها أنه مضايق جدا بس مردتش اساله علشان أخته معاه ولما شوفتها لاقيت ميار معيطة ووشها كله كدمات حمرا وزرقاء حوالين بوقها وعنيها، تخيلي يا ماما ميار ده ممكن يكون الحيوان عمل فيها كدة ؟ تخيلي ممكن يكون اذاها بالشكل ده؟
طب لما وشها كدة يا تري جسمها ازاي؟
نكست اخلاص رأسها للاسفل بحزن وتمتمت قائلة/ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
ثم رفعت راسها محاولة التخفيف عنه فقالت/ ما يمكن يا ابني نرفزته ولا ردت عليه رد كدة ولا كدة ؟
انتفض چواد من جوارها يصرخ قائلا/ هي ده بتنطق اصلا مانتي عارفاها يا ماما!؟
هرولت اخلاص الي الشرفة تغلق بابها حتي لا يصل صوت ابنها للجيران وخاصة شقة والد ميار ثم التفتت له قائلة/ طب اهدي يا چواد متعملش في نفسك كدة، مفيش في أيدينا حاجه نعملهالها يا ابني اكيد أهلها مش هيسكتوا .
ثم ربتت علي كتفه تحاول تهداة حاله قائلة/ هدي اعصابك انت .
نظر لها چواد محاولا التحكم في انفعاله قائلا/ ها الزلمة ماهو رچال يا امي ،ما هو رچال حتى يستقوى على أضعف خلق الله، بالله أضعف خلق الله.
وارتمي باحضانها يبكي بكاء قد أجله طويلا منذ يوم علمه بأنها لم تكن نصيبه وهو يحاول الا يبكي ويتحمل ولكن رؤيتها اليوم بهذا المنظر فاق كل قدرات تحمله .
لم تتحمل اخلاص رؤية ولدها هكذا حتى انسابت دموعها قهرا على ولدها داعية له ومرددة/ ربنا يريح قلبك يا ابني ،ربنا يريح قلبك ويجازي اللي كان السبب.
أجهش چواد بالبكاء في احضان والدته وهي تحاول هدهدته كالطفل الصغير حتى هدا قليلا ومسح دموعه وأخرج هاتفه يعتذر لاصدقائه على عدم مجيئه مرة أخري ثم استقام ذاهبا الشرفة ينظر منها بين الحين والآخر لعله يري ما يطمئن قلبه ويهدأ روحه حتي رأى........
......................................
بعد أن جلس محمد علي مقعده انصياعا لطلب أبيه أخذ والده نفسا عميقا قبل أن يبدأ بالكلام محاولا تهدأة حاله وإقناع ذاته قبل ابنه ثم قال/ اختك متجوزة من ٣شهور تقريبا وطبيعي تقابل في حياتها مشاكل مع جوزها وأهل جوزها علشان اختلاف الطباع بينهم شئ طبيعي، وواجبنا احنا بقي كأهلها نوجهها أنها لازم تصبر وتفهم طباع جوزها وتشوف ايه اللي بيضايقه ومتعملوش .
انتفض محمد مرة أخري واقفا قائلا بغضب/ بس هي مغلطتش اساسا ده اتمشت طريقها مع صاحبتها وقابلتني ،قابلت اخوها.
اخرتها عشر دقائق او ربع ساعة تقريبا عن ميعاد رجوعها، يعني الدنيا مقامتش .
ثم اتخذ نفسا عميقا واستطرد قائلا/ ده حتى لو غلطت ملوش حق يضربها بالشكل الهمجي ده، وكمان مش اول مرة، افرض كان حصلها حاجه في أيده ،افرض كانت حامل وسقطت تموت علشان تفهم طباع جوزها ما يكلمها بلسانه .
اخذ يجول ذهابا وإيابا أمامهم جميعا وكأنه يحدث نفسه بصوت عال قائلا/ ثم يه يعني اتاخرت عن الأكل نص ساعة الدنيا طارت ،وكمان بعد ما تخلص عمايل الاكل يطلعها من غير ما تاكل ويزلها بالشكل ده ؟
التفت سريعا لوالده مواجها له سائلا اياه بلهجة استنكاري/ هو ده الطباع اللي عايز بنتك تفهمها وتمشي عليها؟
ظل صدره يعلو ويهبط من أثر ثورته في الحوار وينظر لوالده الذى طأطا رأسه واغمض عيونه يعلم أن حديث ابنه صائب ولكن هدفه الأول والوحيد هو الحفاظ علي بيت ابنته من الخراب فسحب نفسا عميقا ناظرا لابنه وقال/ علشان اللي قولته انا مش هخليك ترجعها لبيته لوحدها وبسهولة لا انا هخليه يجي ونتكلم معاه أن المعاملة ده متنفعش بس برضو لازم ننصح بنتنا أنها متنرفزش جوزها وتوصله لقمة غضبه ونرجع نقول عمل كدة ليه.
محمد بعصبية مفرطة/ يا بابا انت عارف ميار مبتنطقش اصلا.
ثم سأل والده سؤالا يكاد يدمر عقله من كثرة التفكير الا وهو/ معلش يا بابا عايز افهم حاجه انت رفضت چواد علشان......
هدر به توفيق صائحا/ محمد..... حاسب على كلامك علشان اللي هتقوله ده ميصحش واختك خلاص متجوزة ،
ولو عايز تسال هعمل ايه علشان اختك هقولك اللي كنت مقدرش اعمله لو جوزها غريب ملوش أهل.
ظل محمد صامتا ناظرا لوالده ولسان حاله يقول / اتفضل قول هتعمل ايه مكنش ينفع مع چواد؟
فهم توفيق نظرات ولده فاستطرد قائلا/ هبعت اجيب أبوه واعرفهم ازاي يتعاملوا مع بنات الناس واخد تعهد عليه قدام أبوه ميعملش فيها كدة، علشان كده قولتلك مش هروحها كدة، لكن برضو مش هخرب بيتها.
في هذا الوقت وصلت ماجدة اختها وسمعت صوتهم العالي لتدخل منزعجة سائلة عن سبب هذه العصبية فرات اختها ميار تجلس منحنية الرأس منهارة من البكاء ووالدتها مطأطأة الرأس تفرك بيدها ودموعها تنساب على وجنتيها فنظرت لهم واندهشت من هول المنظر ودخلت متسائلة / السلام عليكم ،هو في ايه يا جماعه؟
سمعتها ميار فرفعت نظرها لأختها فور استماعها لصوتها ورأتها ماجدة لتشهق وتضرب على صدرها وانطلقت ميار التي ارتمت في احضان اختها باكية بهستيريه مطلقة.
اخذت ماجدة اختها باحضانها تحاول هدهدتها وهي واقفة ولكنها لم تستجب ظلت ميار دافنة وجهها بأحضان اختها وحين أخرجت رأسها لتنظر لأختها إذا بها تري چواد بالشرفة أمامها فنظرت له بعيونها نظرة واحدة لخصت بها كل ما تريد قولة من اعتذار وخزلان وشكوى
نظرة واحدة اشتكت له فيها الكثير ولكنها لم تستطع الصمود حتي سقطت مخشي عليها .
وهنا جن چواد وود لو يقفز من شرفته الي شرفتها ظل يضرب سور الشرفة بقبضته حتي جرحت يده فهرولت له والدته تحاول الامساك بيده وسحبته للداخل لعله يهدأ قليلا وأخذت تعقم يده ووضعت مرهم بها ولفتها برباط حتي لا يتلوث الجرح.
ولكنه لم يقف صامتا فكر سريعا وتوصل أن من المؤكد سيذهبون بها للطبيب فالتقط مفاتيحه وسجائره وهرول مسرعا للخارج لم يعبأ بمناداة والدته له.
............................................
بمنزل حسن عاد من العمل مطرودا ودلف الي شقة والدته مقتضب الوجه فسألته والدته/ مالك يا ابني بعد الشر مكشر كدة ليه.
هوى علي المقعد بجوارها واضعا رأسه بين يديه قائلا/ اترفدت يا ماما.
شهقت والدته معلقة بكلمة واحدة/ تااااااني.
اومأ برأسه وظلوا صامتين فترة قصيرة حتي ربتت والدته على كتفه كمحاولة تخفيف همه قائلة/ ولا يهمك هنحاول نشوفلك شغل تاني بس اترفدت ليه المرة دي ؟
لماذا ؟؟
ظل عقله يدور ويبحث عن سبب لرفدة ليعلق عليه فشله فلطالما وجد لنفسه كثير من الأسباب فتذكر وصوله للعمل متأخرا بسبب استيقاظه متأخرا واضعا كل نقمه على ميار فرفع رأسه ناظرا لوالدته ليخبرها عن السبب الذي توصل له عقله وكأنه وجد ضالته فقال بصوت عالي وبلهجة عصبية/ علشان الهانم راحت عليها نومه قال ايه تعبانة من ضربي فيها امبارح فصحيت متأخر وطبعا وصلت الشغل متأخر ،وديني لاطلع روحها في أيدي .
واستقام واقفا لتزيد والدته من غضبه فتسكب بنزين على النار لتشتعل أكثر واكثر فقالت/ ده الهانم بتدلع بقي وقاصدة تاخرك على الشغل علشان متضربهاش تاني، اطلعلها عرفها نتيجة عملها علشان متدلعش تاني .
وبالفعل انطلق مهرولا على الدرج وطرق باب الشقة بطريقة عصبية ولكن دون اجابه فعقد جبينه وأخرج مفتاحه ودلف وهو ينادي باسمها باعلي صوته وخاصة عندما رأي منضدة الطعام كما هي فقال/ يا ميار هاااااانم ، انتي يا هب..ابة البرك، وكمان سايبة الاكل زي ما هو دانتي يومك مش فايت وهك..سر عضمك في أيدي النهاردة.
نطق باخر جملته وهو يفتح باب غرفتهم فلم يجدها عقد حاجبيه وأخذ يبحث عنها بأنحاء المنزل ولم يجدها فهبط ثانيه الدرج وذهب لوالدته يسألها لعلها خرجت لشراء شئ ما ولكن والدته قالت/ ولا شوفتها يا ابني ولا قالت حاجه انا قاعدة لوحدي مستنية اختك تصحي من النوم ،الا حتى ما افتكرت تطل عليا وتجبلي فطار .
استشاط محمد أكثر وأخرج هاتفه من جزلانه وأخذ يجري اتصالا بها ولكن دون استجابة، فوضع الهاتف على المنضدة المقابلة له وأخذ يفكر الي اين ذهبت فقال لوالدته/ تفتكري راحت لأهلها ،ده تبقي مصيبة ده وشها متبهدل خالص.
قالت والدته بعد أن لوحت بيدها غير مبالية/ ولا مصيبة ولا حاجه لو راحت لأهلها هنقولهم يعلموا بنتهم الادب ولا عايزين جوزها ميعرفش راحت فين وجت منين وتمشي على حل شعرها ،وكمان ابقي قولهم انك راضتها كدة وكدة يعني بالليل وكنتم زي السمنة على العسل يبقي مش من حقها تروح لأهلها بعد ما رضتها اه.
اقتنع حسن بحديث والدته فقال معلقا وكالذى كذب الكذبة وصدقها / صح كلامك يا اما، ايه عايزني خرونج ولا ايه؟ معرفش مراتي اتاخرت فين ولا مشيت فين ،
وكمان لو على المراضية فأنا فعلا مهانتش عليا وراضتها وبوست رأسها كمان وكانت بين ايديا امبارح زي السكينة في الحلاوة وفرحانه وزي الفل يبقي كدة عداني العيب وازح.
لترد عليه والدته قائلة/ خلاص سيبك منها انت اللي فيك مكفيك قوم غير هدومك واتشطف عقبال ما اعملك لقمه، تلاقيك يا حبة عيني ماكلتش من ساعة ما المخفية ده مشتك متأخر علي لحم بطنك ،قوم قوم متحطش في بالك.
وبالفعل لم يهتم حسن وهم يستبدل ثيابه وبعدها تناول طعامه ليدخل غرفته القديمة بمنزل والدته ونام وكان شيئا لم يكن ولم يعطي لشئ اهتمام.
..........................................
بمنزل والد ميار انتفض الجميع من مجلسهم حين سقطت ميار مغشي عليها وتجمعوا حولها محاولين افاقتها فجلبت ماجده عطرها وأخذت الام تدلك كفيها وأبيها أخذ يربت على وجهها بينما اخيها محمد صرخ بهم قائلا/ وسعوا كدة هنسيبها على الأرض.
وهم بحملها وهبط بها الدرج سريعا ليجد چواد بسيارته منتظره عند باب المنزل .
لم يعطيه چواد فرصة التفكير فقال له مسرعا / تعالي بسرعة يا محمد مفيش وقت.
وقف محمد لحظة متعجبا من وجود چواد وبسيارته وكأنه كان يعلم ما سيحدث ولكن هذا ليس بوقته ففتحت ماجدة باب السيارة الخلفي ووضع محمد أخته بالخلف وجلست ماجدة بجوارها تسندها وهرول محمد ليستقل بجوار چواد الذي فور دخول محمد السيارة انطلق مسرعا لأقرب مشفي ووالدها ووالدتها استقلوا سيارة أجرة أخري خلفهم ولكن سيارة چواد كانت اسرع فكاد يشعر أنه بسباق مع دقات قلبه.
ظل چواد يقود مسرعا وهو يختلس النظرات بين الحين والآخر عليها من المرأة الأمامية فيتمزق قلبه من رؤيتها بهذا المنظر المحزن وقد بهتت ملامحها واصفر وجهها بجانب الكدمات الحمراء والزرقاء.
وصلوا لأقرب مشفي فخرج محمد مسرعا حاملا إياها وظل چواد ضاغطا على إطار القيادة محاولا التحكم بذاته فكان يود لو خرج هو وحملها ووضعها باحضانه يطمئنها أنه بجوارها ويطمئن قلبه بقربها ولكن ما باليد حيلة .
انتظر حتي اخذها محمد اخيها وهرولت خلفهم ماجدة اختها ليصف چواد سيارته ويهرول خلفهم .
وقف چواد وهو يتاكله القلق على باب غرفة الكشف الذي بداخلها محمد وماجدة مع اختهم ميار لم يعلم ماذا يجري بالداخل.
ولكنه وجد الممرضه تخرج مهرولة فسألها/ المريضة فاقت لو سمحت ؟
نفت الممرضه برأسها قائلة/ لا لسه الدكتور بيحاول معاها بس طلب مني اجبلها كلجوز علشان شكلها ضعيف واعملها تحليل دم علشان نعرف سبب الاغماء، عن اذنك.
هرولت الممرضة لوجهتها بينما بالداخل حاول الطبيب افاقتها بعد أن عنفهم على آثار الضرب التي هي واضحه على ملامحها وفور مجئ الممرضة علق لها المحلول وأخذ منها عينة الدم واعطاها للممرضة ثم أخذت عينة الدم لتذهب متجهه الي معمل المشفي.
وقف محمد وماجدة كالتلاميذ المخطأة أمام الطبيب الذي صرخ بهم قائلا/ ايه اللي فيها ده ؟ معقول يوصل بيكوا الاستهتار والهمجية انكوا تعملوا كدة فيها، انا لازم بعد ما تفوق اعمل محضر لاني مش لازم اسكت على كدة.
ظل محمد يضغط على اسنانه ويقبض كفيه يود لو رأي حسن الان أمامه ولكنه لم يستطع التفوه بكلمه واحدة بينما ماجدة تبكي منهارة على اختها وما حل بها .
بدأ الطبيب يقوم بإجراءات افاقتها منتظر نتيجة عينة الدم ليتعرف على سبب الاغماء بخلاف ما يظهر على شكلها.
وصل كلا من والدها ووالدتها بعد أن أخبرتهم ماجدة عبر الهاتف باسم المشفي التي وصلوا إليها ليجدا چواد يقف على باب غرفة الكشف دلفت والدتها للداخل مسرعة لتطمئن على ابنتها بينما والدها سأل چواد / كتر خيرك يا ابني ،ربنا ما يرميك في ضيقه، متعرفش فاقت ولا لسه؟
حرك چواد رأسه نافيا لعدم معرفته لشئ وظل ينظر تجاه والدها بنظرات اتهام وحسرة ،فهم والدها مقصد نظراته فادار وجهه بعيدا عنه لم يستطع النظر لعيونه.
بالداخل فاقت ميار مع دخول والدتها التي هرولت تجاهها فبدأت في وصلة بكاء أخري لتسأل والدتها الطبيب قائلة/ خير يا دكتور مالها بعد الشر؟
نظر لها الطبيب شزرا قائلا/ بتسأليني انا مالها وبعد الشر !؟
امال اللي في وشها وجسمها ده كله يبقي ايه مش شر!؟
انا اللي عايز أسألك مالها علشان تعملوا فيها ده كله؟
ثم نظر لثلاثتهم واستطرد قائلا/ ولو هي غلطت مسبتوهاش ليه تموت وتخلصوا منها بدل ما انتوا عاملين فيها بتخافوا عليها وبتجروا بيها كدة؟
هنا وقد طفح الكيل بمحمد الا سمعة أخته فقد شعر من الطبيب أنه يشير بحديثه الي خطب ما فنطق قائلا/ اولا اختي مغلطتش ومش احنا اللي عملنا فيها كدة ده ......
قطعت حديثه والدته مسرعة لتكمل هي الحوار قائلة/ ده داخت ووقعت يا ابني امبارح من على السلم والنهاردة داخت تاني فجبناها على طول علي هنا علشان نعرف السبب.
ظل الطبيب ينظر لهم بشك فكلامهم منطقي لأن الكدمات واضحة أنها منذ أمس وليست اليوم وخاصة بعد اغمائها اليوم ولكن لا يتماشى مع مظهرها ومكان الكدمات.
بعد مرور قليل من الوقت دخلت الممرضة حاملة تقرير نتيجة عينة الدم وقدمته للطبيب الذي امسك به وقراه ثم نظر لهم واحدا تلو الاخر بنظرات تعجب محاولا استشعار نتيجة وقع كلماته عليهم.
شعر محمد ووالدته أن النتيجة بها شئ ما فسأله محمد بقلق قائلا/ خير يا دكتور هو التحليل فيه ايه؟
كانت ميار محتضنة اختها تبكي في صمت وماجدة تربت على ظهرها وهي حتى الآن لم تعلم لما كل هذا؟
حتي نطق الطبيب بنتيجة التحليل التي جعلتهم جميعا تتسع نظراتهم وتهوى قلوبهم غير مصدقين لما قاله.
...............................
بالمطعم ليلا حضر نضال وأخذ يتحدث ثلاثتهم حول حال صديقهم چواد ولكن يزن كان صامت على غير عادته فنكزه نضال قائلا له / لا اسكت الله لك صوتا مش بتتحفنا يعني بأفكارك وساكت !؟
لوح يزيد بيده قائلا بسخرية/ اسكت سيبه ساكت احسن ،بدل ما يدبس صاحبك في ضحى .
نطق يزن وهو متجهم الوجه قائلا / بتتريق انت وهو ماشي ،انا بس مش فايقلكوا ،نفسي في حاجة مش عارف هى ايه !؟
والمطعم النهارده ناشف اوى مفيش حاجه طرية تهل علينا تفتح نفس الواحد على التفكير وتعمل لعقلي ريفريش كدة.
نضال باستهزاء/احنا في ايه ولا في ايه يا يزن؟ انت يا ابني متعرفش تدخل في مود الجد شوية.
اقترب يزن برأسه من نضال ونظر بداخل عينيه سائلا بتلاعب/ يعني انت عايز تفهمني أن نضال باشا بجلالة قدره لو حتة طرية دخلت دلوقتي مش هيقوم يقلب رزقه؟
نظر يزيد تجاه نضال منتظر إجابته
فاعتدل نضال بجلسته راسماً الجدية التامة قائلا بصوت يخلو من الهزل/ بص يا يزن انا وقت الجد متعرفنيش وبالنسبالي قاعدة الرجالة متتعوضتش بمية ست .
ثم ابتسم نصف ابتسامة ومال بجزعة للامام يقترب من يزين واردف قائلا / بس لو حضرت الست يغور المية راجل.
أيوة بقي هو ده نضال اللي اعرفه.
نطق بها يزن وهو يطرق على المكتب أمامه وكأنه كان يعلم الإجابة وينتظرها بينما يزيد أخذ يضرب كف على الاخر ساخرا منهم قائلا/ والله انا قولت هتقول حاجه عدلة لاقيتك ضايع اكتر منه.
مال نضال من يزيد بجزعه قائلا/ كفاية علينا انت يا حكيم زمانك.
اعتدل يزن واقفا مستأذنا وقال/ طب بما أن القاعدة ناشفة انا دماغي مبتشتغلش في الجو ده، هتمشى شوية كدة واجيب كشرى نفسي فيه وابقى اجبلكوا معايا ،ويمكن الاقي حاجه عدلة بدل قعدتكم اللي ملهاش لازمة .
وانطلق متوجها في الشارع المجاور لهم حيث محل الكشري وقبل أن يصل إليه وجد فتاة مقدمة عليه ويا لها من فتاة أخذ يتمعن النظر بها فهي متوسطة الطول مشرقة الوجه كل ملامحها صغيرة وذات شعر بني طويل رافعه إياه على شكل ذيلان حصان فبدت بمنظر طفلة جميلة الملامح على هيئة فتاة جذابة المنظر .
ظل ينظر لها غير مصدق حاله أنها تقدم عليه مبتسمة ابتسامة طفيفة وكأنها تقصده هو أخذ يتلفت يمينا ويسارا ربما يوجد احد خلفه مباشرة ولكن لا يوجد احد حتى استوقفته بالفعل قائلة بصوت خافت / لو سمحت! في هنا محل حلويات قريب اسمه لولي بوب؟
ظل ينظر يزن لها بعيون متسعة حتى شعرت بالخجل ولكنه أنقذ الموقف قائلا/ بعتذر منك ،كنت بحاول افتكر المحل فين ،اه في اخر الشارع اول يمين هتلاقي المحل .
اومأت برأسها وشكرت إياه وانطلقت في نفس الطريق الذى وصفه يزن التفت يزن ناظرا عليها من الخلف ثم اغمض عينيه وهز رأسه حتى يفيق حاله قائلا/ يخرب بيت جمالك والنبي انا مرزق، بس اهبل معرفتش اعلقها ،ازاي عدت مني ده؟
ثم التفت مرة أخرى متجها إلى وجهته بكل نشاط وطاقة وحيوية وكأنه كان ينقصه شحن وقد تم امتلاءه واشترى الكشري وعاد لمحله وعند اقترابه وجده مزدحم فقال ساخرا من ذاته/ شكلي انا اللي فقر ولا ايه؟
ثم أقبل من نضال الذى اتخذ مكانه على الكاشير فعند رؤية نضال له فقال له/ كنت فين كل ده يالا تعالي اقعد علشان الدنيا اتزحمت .
فابتسم يزن ابتسامة هائمة وقال بصوت مسموع/ اسكت يا نضال انا خرجت من هنا ورزقي كان في رجلي والاقيلك حته طرية طرية اوي بتسألني على محل لولي بوب فدلتها على محلنا .
يعني ده مش محل لولي بوب؟؟؟
•تابع الفصل التالي "رواية معدن فضة" اضغط على اسم الرواية