رواية عتاب الفصل التاسع 9 - بقلم علا السعدني
الفصل التاسع
فتح (ريان) باب غرفته وتفاجئ بوجود (عتاب) أمامه ويبدو عليها التوتر والإنكسار كمن على قلبه جبل يرجو ازاحته فعيناها تتوسلان له بأن يسمعها لم ينتظر منها أن تتحدث فقد فهم ما تريد قوله دون إخباره لذا افسح لها المجال لكى تدخل إلى غرفته دلفت للداخل ثم جلست على اريكة قريبة من فراشه وأخذت نفس عميق ثم قالت
-أنت لسه قدامك ساعة ع ميعاد شغلك مش كده ؟!
هز رأسه إيجابا فتابعت
-عاوزة اكلمك فيهم ٠٠ هحكيلك كل حاجة بس متقولش عليا أنت كمان مجنونة
-أنتى مش مجنونة أنا واثق من كده ٠٠ وبعدين اى مرض نفسى ماهوش جنان يا (عتاب)
ابتسمت للجزء الأول من حديثه ولكن تجهم وجهها للنصف الآخر من الحديث ثم قالت
-مش مريضة ٠٠ أرجوك صدقنى
شعر بريبة من نبرة صوتها فجلس بجوارها على الأريكة ثم قال
-ممكن تحكى وموضوع مريضة أو مش مريضة أنا اللى احدده
هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت
-الحكاية بدئت ازاى مش عارفة فى يوم وليلة ظهر وفى يوم وليلة اختفى
-(فضل) مش كده ؟!
هزت رأسها بالإيجاب فتابع هو
-دايماً بتخطرفى بأسمه وأنتى نايمة
-حبيته ٠٠ حبيته بكل قلبى يا (ريان) عمرى ما حبيت راجل زيه وعمرى ما كرهت راجل غيره
-احكى اللى حصل بالتفصيل
(وقتها كانت (عتاب) تخرجت من جامعتها منذ سنة تقريباً حيث كانت تدرس فى كلية التجارة وتعمل فى محل للملابس وتعول نفسها بعد وفاة والداتها وهى فى بداية السنة الثانية لها من الجامعة واصبحت هى المسئولة عن نفسها فلا احد من اقارب والدها يهتم بها أو بوجودها ولا تعلم لأمها اقارب سوى خالتها الذى بينهم خلاف فقد كانت والداتها هى حياتها وبعد رحيلها اظلمت الحياة أمامها ٠٠
وقتها كانت تفكر فى العمل وبناء نفسها فقط لا مجال للحب والزواج هى من الأساس مرتبها يكفيها بالكاد حتى إنها قررت البحث عن عمل آخر حتى تكفى احتياجتها وتفيض حتى ذلك اليوم الذى جاء لها رسالة عبر تطبيق (الفيس بوك) من مجهول
(أراكى يومياً تزدادين جمالاً
تزدادين أنوثة
تزدادين معزة فى قلبى
قلبى الذى اصبح أسيراً لكى
وعيناى التى لم تعد ترى أنثى غيرك
وعقلى قد فقدته وأصبحت مجنوناً بكى
وروحى علمت أنكى من تبحث عنها
أحبك أكثر من نفسى)
قرأت (عتاب) الرسالة مراراً وتكراراً وقد مست قلبها ابتسمت قليلاً لكى ترى اسم صاحب تلك الرسالة (فضل عبد القوى) وعلى الرغم أنها قرأت الرسالة ولم تجيبه إلا انها أتاها الفضول لكى تعرف من صاحب ذلك الحساب فبحثت فى الصفحة الخاصة به عن أى صورة تخصه لكنها لم تجد لذا قررت أن تنسى فبالتأكيد لن يراسلها مرة آخرى ولكن صباح كل يوم كان يأتيها رسالة منه أصبحت تدمن رسائله تلك
(أنتى وردة جميلة لا أريد إلا أن أصبح بستان لك
اتمنى أن أكون الربيع الذى يجعلك تزدهرى
فقد ادمنت رائحتك ووجودك فى حياتى
ولكنى لا استطيع أن أقطفك
ستذبلين معى)
على الرغم من رسائله الكثيرة التى كانت تجعلها سعيدة على مدار الشهر إلا أن تلك الرسالة آثارت فضولها لما يقول ذلك ٠٠
حينها وقفت فى الشرفة لكى تأخذ نفس عميق واضائت المصباح الكهربائى ذو اللون الأصفر فى الشرفة الذى انعكس على شعرها البنى المائل للصفرة لتزداد تلك الصفرة مع بشرتها البيضاء مع شفتاها الوردية والبيچاما التى ترتديها التى تظهر نصف ذراعها لتصبح فاتنة وكانت تفكر فى ذلك الغريب الذى لا تعرفه فظهر على شفتايها ابتسامة ساحرة كما حمرة وجنتيها قد ازدادت من الخجل مع بريق عينيها الرمادية لتزيدها فتنة وسحر استمعت إلى صوت الهاتف الخاص فأحداهم قد أرسل لها رسالة عبر تطبيق (الفيس بوك) فرأت أن (فضل) قد أرسل لها رسالة ففتحتها وقرأت
(ادخلى جو ومتوقفيش تانى فى البلكونة بالشكل ده
شكلك ملفت جداً
شعرك لبسك حدودك حتى شفايفك)
رمشت بعينها عدة مرات لتبحث بعينها على أحد فى الشارع ولكن لا أحد ٠٠
لا أحد يقف فى الشارع لا أحد أمامها لا أحد فوقها لا أحد أسفلها شعرت برعب كبير حتى أنها قبل أن تبحث فى الشقة وهى تكاد تموت رعباً أرسلت له خائفة
(أنت مين ؟!)
(يااااه اخيراً كلمتينى !! بس اخرجى من البلكونة)
(أنا ميتة من الرعب ومش قادرة ادخل جو
قولى أنت مين وازاى شايفنى كده)
(بصى قدامك كده يا (عتاب) ومتخافيش أنا جارك ومعجب بيكى من زمان)
نظرت أمامها لتجد ستائر خلفها ظل رجل جالس قطبت حاجبيها ثم قالت
(بس محدش ساكن فى الشقة دى خالص ؟! )
(أنا ساكن فيها بس مش بظهر كتير مش عاوز حد يشوفنى)
(ابقى متطفلة لو سئلت ؟!)
(طب ممكن تخرجى من البكونة بجد مش عاوز حد يشوفك كده )
ابتسمت لا إرادياً ثم خرجت من الشرفة وأرسلت له
(أنا قعدة فى اوضتى وع سريرى ممكن اعرف ليه بقى مش بتظهر كتير )
(قعيد ٠٠ أنا قعيد يا (عتاب) ومش بمشى على رجلى وعشان كده مش عاوز اظلمك فى حبى ليكى )
وضعت يدها على فمها وهى لا تصدق ما قرأته للتو وقد فهمت مغزى تلك الرسالة الآخيرة التى أرسلها ثم أرسلت له
(أنا آسفة)
(إياكى تتأسفى ليا
أنتى وجودك فى حياتى نعمة حتى لو من بعيد لبعيد)
كم هو جميل حديثه العذب لها ذاك ولكنها لم تعرف بماذا يجب عليها أن تجيبه لذا أرسل
(أنا عارفة أنها صدمة ليكى أنى قعيد
بس محبتش اخبى عليكى شئ مهم زى ده
بس عموماً فى عملية هسافر اعملها بس لما الدكتور يحدد
ادعيلى)
(أنا مش زعلانة
ويارب العملية تنجح)
(يعنى تقبلى ترتبطى بواحد زيى قعيد كده ؟! )
(أنا معرفكش يا (فضل) دى بس المشكلة)
(يبقى نعرف بعض أكتر
موافقة ؟! )
ترددت كثيراً قبل أن ترسل له شئ ولكن حدثت نفسها فى النهاية هى لن تخسر أى شئ لذا أرسلت له
(موافقة)
مر شهر كاملاً قد توطدت علاقة (عتاب) و (فضل) كثيراً وأصبحت أسيرة لرسائله تلك تعشقها بل تعشق خوفه وحبه وكل مشاعره الصادقة نحوها قد حركت شئ ما بداخلها فلا غنى عن (فضل) فى حياتها الآن حتى أنها استمعت إلى صوته بعد أن تبادلا أرقام الهواتف ولكنها لم ترى شكله وملامح وجهه قط مما زاد حيرتها لذا فى يوم أرسلت له
(مش من العدل ابداً أنك تبقى عارف شكلى وأنا معرفش :( )
(ولو شوفتينى وغيرتى رأيك ؟! )
(أنا ميهمنيش شكلك ازاى
أنا مقدرش استغنى عن وجودك يا (فضل) )
(بس كنت عاوزك تشوفينى لما اعمل العملية)
( (فضل) حقيقى مش فارق معايا غير وجودك معايا وبس
مش عاوزة حاجة تانية
ممكن تبعتلى صورة)
(بس الصور خداعة ٠٠ أنا عندى اقتراح احسن )
(أيه هو ؟! )
(تجيلى البيت أنتى عارفة أنى عايش لوحدى مع الممرض اللى بيساعدنى مقدرش اتحرك
وأنا عاوزك تشوفينى ع حقيقتى زى مانا يا (عتاب) عشان تقدرى تقررى أنتى عاوزنى ولا لا ؟! )
(بس !!
مينفعش يا (فضل) فى النهاية أنا بنت وأنت راجل و ٠٠ )
(بس أنا مصمم أنا لو اقدر انزل واجيلك كنت عملتها من زمان
عاوز اشوف رد فعلك ع أول نظرة ليا اكييد عينك مش هتخبى عليا)
فكرت (عتاب) قليلاً فمنذ متى وهى تهتم بحديث الناس فى الأساس هم فى الأساس يتحدثون عليها دوماً لأنها تعيش بمفردها كما أنها ستجعل لا أحد يراها وهى ذاهبة له فهى تريد رؤيته بشوق كبير لن تكذب هى تريد أن تراه صورة حية أمامها ولن تستطيع أن تكلفه ما لا طاقة له ولا يستطيع فعله لذا ارسلت
(موافقة
بعد ساعة إن شاء الله هكون عندك)
(تمام)
وبالفعل بدأت فى ارتداء ملابسها وتحضير نفسها كى ترى من سرق قلبها قبل أن يسرق عينيها من دق له قلبها قبل أن يوافق عليه عقلها قامت بإرتداء فستان أزرق يصل لبعد الركبة بقليل والجزء السفلى له واسع قليلاً ووضعت حزام فضى اللون حول خصرها وقامت بإرتداء عقد وحلى واسدلت شعرها على كتفها وشعرت بسعادة لأنها ستراه اخيراً أخذت حقيبتها وذهبت بها إلى العمارة التى يسكن بها (فضل) وظلت تراقب أن لا احد يراها ثم طرقت باب المنزل وقتها فتح (فضل) باب الشقة فدخلت للداخل مسرعة وأغلقت باب الشقة حتى لا يراها أحد وهى تدخل ثم إلتفت ببطئ حتى وجدت شاب جليس على مقعد ترتسم على شفتاه بسمة جعلته يزداد وسامة مع عينيه العسلية تلك وبشرته البيضاء فقد كان شاب وسيم للغاية رمشت بعينيها عدة مرات ثم سئلته
-أنت (فضل) ؟!
-أنتى شايفة ايه ؟
-أنت تجنن بجد ٠٠ امور اوووى احلى مما كنت اتخيل
سار هو بمقعده المتحرك نحو الداخل ثم قال
-ادخلى ٠٠ تحبى تشربى ايه ؟!
-احب امشى قبل ما حد يشوفنى أنا بس كنت عاوزة اشوفك وعملتها
حينها نهض (فضل) عن مقعده المتحرك وقال
-ليه هو دخول الحمام زى خروجه
اتسعت عينان (عتاب) وهى لا تصدق ولا تفهم شئ ايقف حقاً على قدميه ولكنها قالت بابتسامة بلهاء وكأن عقلها يرفض عدم الثقة به
-أنت عملت العملية ومقولتليش يا (فضل) حبيت تعملى مفاجأة مش كده ؟!
توقف (فضل) عن السير وهو لا يصدق غباء تلك البلهاء ولكنه أغمض عيناه وعض شفتاه بغضب شديد ثم اقترب منها وأمسكها من رسغها وقال
-أنا مش قعيد اصلاً يا غبية ٠٠ أنا جايبك هنا عشان اتسلى وأنتى اللى جيتى برجلك وفى شقتى
اتسعت عيناها بعدم تصديق وقالت دون وعى
-ا٠٠ أنت بتختبرنى يا (فضل) مش كده ؟! أنا مش وحشة عمرى ما عملت حاجة وحشة ابداً ومش عشان وافقت اجى هنا ابقى وحشة أنا بس حسيت بالراحة معاك أرجوك بلاش الطريقة دى
قالتها وكأنها ترجو أن يكون يختبرها ليس أكثر من ذلك ثم تلألأت الدموع داخل عينيها فقربها هو نحو شفتاه كى يقبلها ولكنها ظلت تبعده عنها وهى تبكى وتقول
-حرام عليك يا (فضل) ليه كده !! ٠٠ أنا بحبك
لم يهتم بحديثها ذلك وقربها نحوه أكثر ليقبلها فأبعدته هى بكل قوتها فنهض هو وقام بحملها إلى غرفة النوم وهى تبكى دون أن تصدر صوت ولكن لا تستطيع أن تقول سوي
-لا ٠٠ لا يا (فضل) ده مش حقيقى ده مش أنت قولى كده
وضعها بقوة على فراشه وهم ليقترب منها فأبعدته بقوة فأرتطم رأسه بالحائط فبحثت هى عن أى شئ كى تضربه به فوجدت بجوار الفراش أعلى الكوميدين مسدس فأمسكت بيد مرتعشة وقالت
-لو قربت منى هقتلك
ابتسم عليها بسخرية ثم قال وهو يقترب كأنه لا يهتم
-بس يا شاطرة
-إ٠٠ إياك تقرب هموتك ٠٠ ه٠٠ هموتك يا (فضل)
قالتها بنبرة متلعثمة خائفة مما جعله يضحك أكثر وأكثر عليها وانحنى لكى يقبلها وامسك يدها التى بها المسدس لكى يبعد ذلك السلاح عنه كأنه على ثقة تامة أنها لن تستخدمه فشعرت هى ببرودة الخوف تسرى فى جسدها حين لامس جسدها فضغطت على زر المسدس لتنطلق منه طلقة فى صدر (فضل) ووجدت الدماء على ملابسه وهو يسقط على الأرض لا حركة له فأتسعت عيناها بعدم تصديق وظلت تقول بهلوسة
-ا٠٠ أنا قتلته ٠٠ قتلته)
وقتها أنهارت (عتاب) من البكاء ولم تستطع أخذ نفسها من شهاقته المتلاحقة وبكائها فشعر (ريان) بالخوف عليها لذا قال
-اهدى ٠٠ اهدى يا (عتاب) ٠٠ كفاية كده لحد دلوقتى
ثم امسك يدها بحنان وأخذ يربت على يدها ويقول
-عشان خاطرى كفاية
قالت بين بكائها
-اد ايه كنت ساذجة وصدقته وهو كان ندل اوووووى
أخذ يربت على يدها ثم قال بحنان
-أرجوكى اهدى وبليل نبقى نكمل إن شاء الله
-أنا عاوزة انام
-روحى اوضتك دلوقتى يا (عتاب) واهدى وأنا هخلى ماما تقعد معاكى لحد ما تروحى فى النوم
هزت رأسها بالإيجاب وذهبت لكى تخلد للنوم ٠٠
********************
انتهى (أدهم) من تحضير التصاميم التى طلبها منه رجل الأعمال (إيهاب المنوفى) نظر فى الساعة وجدها الثالثة عصراً وبعد ساعة سيكون موعد خروج (روفيدا) من الجامعة وقد طلبت منه أن يتناولوا الغداء معاً لذا طلب من (جميلة) الحضور إلى مكتبه وبعد ثوان قليلة دلفت (جميلة) المكتب وهى تقول
-خير يا فندم ٠٠
شعر (أدهم) بإحراج شديد لأنه يحملها اعباء كثيرة فى العمل لذا قال
-أنا عندى ميعاد مع خطيبتى
تجهم وجه (جميلة) وكأنها تريد أن تخبره وما دخلها هى سيتقابل معها سيتزوجها سيقتلها حتى هى ليست مهتمة ولكنه تابع قائلاً
-والتصاميم دى محتاج جداً اوديها لمستر (إيهاب المنوفى) بس معنديش وقت (روفيدا) هتطلع 4 فيدوب اخدها مبحبش اتأخر عليها
عضت (جميلة) شفتاها بغيظ شديد ثم قالت
-معلش يافندم شوف حد غيرى
ارتفع حاجب (أدهم) بإندهاش شديد احقاً رفضت طلب طلبه منها منذ متى وهى ترفض له أى طلب !! شعر بضيق شديد من تصرفاتها الأخيرة ثم قال
-أنا عاوز اعرف حاجة بقى من كم يوم كنتى عاوزة تستقيلى والنهاردة أول مرة تقوليلى لا ٠٠ أيه اللى حصل يا (جميلة) لده كله !! أنتى عارفة كويس أنى مش بثق غير فيكى والتصاميم دى مستحيل اديها لموظف تانى
ابتلعت ريقها ثم قالت
-صدقنى يا فندم الموضوع ملوش دعوة بالأستقالة خالص بس اعفينى من أنى اروح لمستر (إيهاب)
-أنا عاوز سبب
نظرت (جميلة) لأسفل ثم قالت
-أرجوك يا فندم
-(جميلة) فى ايه ؟!
شعرت وقتها بخجل شديد من أن تخبره السبب واحمرت وجنتها وهى تقول
-أنت عارف ان مستر (إيهاب) بتاع ستات
عقد حاجبيه غير متوقعاً ما سمعه للتو فهو ليس غبياً حتى لا يفهم ما ترمى إليه مع تلك الحمرة التى تزين وجنتها لذا سئلها
-عملك ايه ؟!
ابتلعت ريقها ولم تتحدث فسئلها مرة آخرى
-عملك ايه ؟
-ا٠٠ أخر مرة روحتله فيها سمعنى كلام معجبنيش ومش هقدر اقوله و ح٠٠ حاول يمسك ايدى
قالتها متلعثمة فسئلها هو بنبرة بها بعض الضيق
-ومقولتلش ليه ؟!
-وحضرتك يخصك أيه عشان اقولك ؟!
-أنا مديرك يا (جميلة) .. وأى موظف عندى خلال ساعات العمل أنا مسئول عنه
-بس يافندم أنت مش ولى امرى
-امشى ع مكتبك دلوقتى
-ا٠٠ أنا آسفة يا فندم ٠٠ بس حقيقى مينفعش اروح لو ممكن حضرتك تكلمهأننى اوصل التصاميم لسكرتيره وسكرتيره يوصلها ليه أنا موافقة
لم يعلق (أدهم) على ما قالته وقال بهدوء
-ع مكتبك دلوقتى
وقتها خرجت (جميلة) من المكتب فأخذ (أدهم) الهاتف الخاص به ثم قام بالأتصال ب (روفيدا) واعتذر لها قائلاً
-أنا آسف يا (روفيدا) مش هقدر اجى النهاردة ٠٠ عندى شغل ٠٠ هعوضهالك
ثم أغلق الهاتف وترك التصاميم الخاصة به أعلى مكتبه وقرر الذهاب إلى (إيهاب المنوفى) وحسم أمره بأنه سيلغى العمل مع ذلك الرجل ولن يمرر ما فعله ب (جميلة) على خير ولن يراعى فارق السن بينهم ابداً ٠٠
*****************
بعد أن انتهى المدرس الخاص ب (مايا) من الدرس اقتربت منه (هانيا) وهى تبتسم ثم قالت
-أنا بجد مش عارفة اشكر حضرتك ازاى يا مستر (سامح) ع المجهود اللى بتعمله مع (مايا) البنت بتحب حضرتك جداً وبتحب المادة بتاعتك كمان
بدالها ابتسامة واسعة ثم قال
-البنت متفوقة لوحدها وكمان عشان أنتى بتذاكريلها ومهتمية بيها جداً
ظلت تلك الابتسامة البلهاء تزين وجهها حتى قال المدرس بخبث واضح
-هو أنا ليه كل ما اجى ملاقيش دكتور (طلال) ؟!
-فى المصحة ٠٠ أنت عارف شغله بقى ٠٠ ربنا معاه
فتحدث (سامح) بنفس النبرة الخبيثة
-أنا لو مكانه وعندى بنت زى (مايا) وزوجة زيك مكنتش هخرج ابداً،من البيت واسيبكوا
اتسعت عينان (هانيا) هى صحيح ساذجة لكن ليس لهذا الحد عيناه التى تتفحصان معالم وجهها وجسدها مع نبرة صوته مع كلامه ذاك لا يجمل سوي معنى واحد لا تستطيع الآن أن تحسن النية به ولكن قاطع تفكيرها ذاك حين تحدثت (مايا) قائلة
-يااااريت تقول لبابى يا مستر ده مش مهتم بيا أنا وماما خالص
ابتسم (سامح) وقال
-وأنا روحت فين ؟!
قالها وعيناه تنظران إلى (هانيا) مما جعلها تزداد غضباً وقالت
-(مااااايا) اطلعى اوضتك
شعرت الفتاة بالخوف من والداتها وذهبت مسرعة نحو الدرج لتصعد لغرفتها بينما رمقت (هانيا) المدرس بحدة وقالت
-شرفت ٠٠ اتفضل
ابتسم هو ببرود فصرت هى على شفتاه ثم دعت الخادمة كى تسمح له بالرحيل وشعرت بغضب شديد فهى دوماً لا تعرف كيف تتصرف فى المواقف مثل تلك ولكنها قررت أن تبدل ذلك المدرس بغيره فلن تستطيع رؤية ذلك الوغد مجدداً ٠٠
*******************
جلست (شجن) تشاهد التلفاز وهى تشعر بملل تنتقل من قناة لآخرى ولا يعجبها أى شئ معروض حتى استمعت لصوت هاتفها فأمسكت الهاتف بكسل شديد لتنظر إلى الرقم وترى أنه هاتف منزلى فعقدت حاجبيها ولم تجيب لأول مرة حتى أتصل مرة آخرى نفس الرقم فأجابت
-مين معايا ؟
-مش عارفة رقم العيادة ؟! ينفع كده ؟!
علمت صوت المتحدث جيداً فزمت شفتاه وقالت
-وأنا هعرفه منين يعنى يا (وليد) ؟! ع طول بكلمك من الفون الخاص بيك ٠٠ عموماً متصل ليه ؟!
-عشان تلحقينى
عقدت حاجبيها بعدم فهم وقالت
-افندم !!
-كان معايا مريضة دلوقتى لاقتها بتقولى أنت امور اووى يا دكتور ٠٠ وأنتى عارفانى خجول ومعرفتش اتصرف اتصرفى أنتى بقى الموضوع خرج من ايدى
-أنت مجنون يا (وليد) ؟! وأنا مالى اصلاً تعاكسك ولا تبهدلك
-ازاااى بقى ؟! ليكى ونص هو أنا مش طليقك
-أنت واخد بالك أنت بتقول ايه ولا شارب كالعادة
-بالعكس ده أنا مبطل بقالى يووووه ٠٠ يوم بحاله
كتمت تلك البسمة التى كادت أن تزين ثغرها فتابع
-صدقينى بحاول ابطل عشانك حتى السجاير
شعرت بسعادة كبيرة ولا تعرف سببها فتابع هو
-مش هتيجى تدافعى عنى بقى ده أنا ولد ناس برده
-ايه ؟!
-مش فى بنت ناس أنا ولد ناس
لم تستطع منع نفسها من الضحك فضحكت كثيراً وكانت تلك المرة الأولى التى يسمع فيها ضحكتها دوماً يجدها حزينة وأن ابتسمت تبتسم بعد عذاب لكن تلك الضحكة هى الضحكة الأولى التى يسمعها لها لذا وجد نفسه يتحدث بصدق قائلاً
-تعرفى صوت ضحكتك تجنن ٠٠ ياريت محدش يسمع الضحكة دى غيرى
صمتت وشعرت بخجل كبير فقالت لتنهى المكالمة
-روح شوف شغلك يا (وليد)
-طب والبنت اللى عاكستنى مش هتاخدى موقف
-اكييد واحدة متجوزة اصلاً ومتقصدش أنت اللى دماغك تربلى خالص
ابتسم (وليد) ثم قال بخبث
-ابداً ٠٠ دى مش متجوزة ٠٠ آنسة يعنى
-وهى آنسة تجيلك ليه يعنى ؟!
كتم تلك البسمة التى لاحت على شفتاه ثم إجابها
-عندها شوية مشاكل ٠٠ عقبال ما يبقى عندك مشاكل وتجيلى
شعرت وقتها (شجن) بخجل شديد ثم قالت
-ماهو اصلاً أنت واحد قليل الادب هنتظر منك ايه !! اقفل يا (وليد) بدل ما اقول ل (أدهم)
تنحنح (وليد) قائلاً ثم قال
-لا وع ايه الطيب احسن ٠٠ أنا رايح اكمل شغلى ٠٠ اصل عندى حالات وكل حالة والتانية احلى من بعض
قالها ليشعل غيرتها وأغلق الهاتف مسرعاً وهو يضحك كثيراً بينما نظرت هى للهاتف الخاص بها وهزت رأسها بآسى
-ده جنانه زاد خالص ٠٠ بس بنت مش محترمة ازاى تقوله أنت امور !!
قالتها دون أن تنتبه أنها تخطو أول خطوة فى درج الغيرة يبدو وأن سهم (وليد الرفاعى) بدء يصيب باب غرفة قلبها ٠٠
*******************
وقفت (أسما) أمام المكتب الخاص ب (ريان) بعد أن حسمت قرارها النهائى خلال اليومين الماضيين فهى لابد أن تعلم ما السبب الذى جعله يتركها بعد صراع مع نفسها طويل بين قلبها وكرامتها ويبدو أن القلب قد فاز طرقت باب المكتب الخاص به بعد أن أخذت نفس عميق كى تشجع نفسها ثم سمعت صوته من الداخل
-ادخل
دلفت للداخل وهى تنظر فى عينيه بتحدى وقالت بهدوء شديد عكس البركان الذى يغلى فى قلبها
-افتكر من حقى اعرف سبتنى ليه ؟! ٠٠
عتاب
•تابع الفصل التالي "رواية عتاب" اضغط على اسم الرواية