Ads by Google X

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الرابع عشر 14 - بقلم فاطمه طه

الصفحة الرئيسية

    

 رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الرابع عشر 14 - بقلم فاطمه طه

– اختصرها أدهم شرقاوي حين قال:
تعلَّم أنْ تُفارِق! العَلاقاتُ الّتي انتَهَتْ كأنَّها قُبورٌ، والقُبورُ لا تُنبَشُ ومَن صارَ وراءَ ظَهرِكَ فدَعْهُ وراءَ ظَهرِكَ
لا تَكُنْ أَسيرَ ماضِيكَ…
ولا تَترُكِ البَابَ مُوارَبًا حتّى لا يُغرِيكَ بالرُّجوعِ، المعارِكُ الّتي لا طائِلَ مِنها تَستنزِفُكَ، فأَدِرْ ظَهرَكَ، الصَّداقاتُ الّتي تَنقُصُ مِن قَدْرِكَ لا تَلزَمُكَ، فتعلَّم أنْ تُفارِقَ!
والأَماكِنُ الّتي تَقتُلُ فيكَ شَغَفَكَ تُطفِئُكَ، فتعلَّم أنْ تُغادِرَ
#مقتبسة
‏يُؤجر المرء على سعيه، لحظاته الصعبة، صمته الطويل، يُؤجر على يقينه بالله، رغم استحالة الاسباب لكنه متيقن بأن كل شيء سيكون على ما يرام..
#مقتبسة
______________
رحل مدحت تاركًا أياهم بعدما أخبر زهران بأنه سوف يُحدد موعد ويخبره بأن يأتي فيه من أجل قراءة الفاتحة وتحديد موعد عقد القرآن الخاص بـ جهاد وسلامة..
كانت سلمى واقفة في مكانها بعد رحيله لا تعلم ما الشعور الذي يسيطر عليها، هل يجب عليها أن تشعر بالألم النفسي بسبب الصفعة التي تلقتها منه؟!


أم يجب عليها أن تشعر بالسعادة لأنها أفسدت صورته عند أقاربه؟!…..

لا تعلم حتى…
هل يجب عليها أن تنزعج بسبب دخولها في أمر نضال مرة أخرى؟!..
كان سؤال واحد يأتي على عقلها وقالته بصوتٍ مرتفع أمام والدتها وشقيقتها:


-ليه عم زهران اتصل دلوقتي تحديدًا وبابا هنا، اشمعنا؟!!!…
رفعت يسرا رأسها التي تجلس على الأريكة بجوار جهاد وكلاهما يتملكهما الصمت….
لكن كالعادة لم يدوم صمت جهاد طويلًا وهي تعترف على ذاتها متحدثة بنبرة خافتة لكنها مسموعة نوعًا ما:
-أنا اللي كنت بكلم سلامة وقولتله في وسط ما بكلمه أن كان جايلك عريس يعني وأنك قولتي كده..
سمعت سلمى كلماتها ولكنها هتفت بعدم تصديق وهي تنظر لها:
-أنتِ بتقولي إيه؟!.
نهضت جهاد مغمغمة بتردد وهي تنظر لها بحرج شديد:
-والله مكنش قصدي ومكنتش أعرف يعني أنه هيقول لعم زهران في ساعتها وأنهم هيتصلوا وبابا هنا؛ أنا كنت بتكلم بعفوية…
صرخت سلمى بغضب كبير:
-ليه عملتي كده ليه؟! يعني مكنش باين إني بقول الكلام ده وخلاص في لحظتها، روحتي جريتي تعرفيه ليه؟!..

قالت جهاد بجدية وهي تناظرها بارتباك:
-لا أنا افتكرتك بتتكلمي بجد والله..
رددت سلمى كلماتها بغضب واستهزاء حتى أن صوتها كان مرتفع بـشكلٍ كبير:
-افتكرتني بتكلم بجد أه…
صاحت هنا يسرا وهي مازالت جالسة مكانها:
-متزعقيش ووطي صوتك ولا أنتِ عايزة تفرجي الناس علينا وخلاص؟!.
غمغمت سلمى بانفعال كبير وهي تحاول جاهدة خفض صوتها:
-يعني أنتِ مش شايفة اللي بنتك عملته؟! راحت علطول فتنت للبية بتاعها، اللي في ساعتها قال لأبوه وراح أبوه اتصل هو كمان….
قالت يسرا بنبرة جادة وهي تنظر إلى الاثنان:
-أنتم الاتنين غلطانين مش جهاد بس اللي غلطت يا سلمى.
تمتمت سلمى بنبرة هسيترية:
-يعني اضربت بالقلم قدامكم وكمان فوقها طلعت غلطانة.
تحدثت يسرا بنبرة واضحة وعقلانية:

-حضرتك السبب في أنك تضربي والسبب في كل اللي حصل من البداية، مكنش لازم توافقي أنه يجيب ابن عمه ومراته وابنه وتعملي نفسك البنت اللي بتسمع كلام أبوها.
ابتلعت يسرا ريقها ثم أسترسلت حديثها بنبرة واضحة:
-مكنش لازم تعملي النمرة دي قدامهم، ومكنش لازم تدخلي نضال في الموضوع، لو مكنتيش عملتي كل ده مكنتش الأستاذة التانية لقت حاجة تقولها للباشا بتاعها.
نظرت سلمى لها بـخذلان رهيب لم تكن تتوقع أن والدتها سوف تهاجمها بتلك الطريقة فحاولت الدفاع عن نفسها:


-أنا كنت برد اعتبارنا برد ولو واحد في المئة من اللي عمله فينا.
ردت عليها يسرا بقوة:
-محدش طلب منك تعملي حاجة، واديها جت على دماغك وورطي نفسك في جوازة وفي موضوع نضال اللي هو اخو خطيب اختك زي ما قولتي بالبونت العريض قدامهم، يعني مينفعش تطلعينا صغيرين قدامهم دي الناس اللي هناسبهم، هتروحي تقولي قدامهم معلش اصل انا وابويا ملناش كلمة؟! أي مشكلة هضر أختك.
ابتلعت ريقها ثم تحدثت بانفعال:
-كل واحدة فيكم تخفى من قدامي علشان أنا ولا طايقة نفسي ولا طايقاكم بعمايلكم دي، لأول مرة أحس أن دي مش تربيتي ولا دي التصرفات اللي المفروض تطلع منكم.

تحدثت سلمى بنبرة مغتاظة:
-على فكرة كده كده كانت الناس هتيجي..
ردت عليها يسرا بحكمة لكن نبرتها لم تخلو من الغضب الواصح وكذلك نظراتها:
-كنا هنشوف حل ساعتها لو رفضتي، بدل اللي عملتيه ادخلوا أنتم الاتنين ومش عايزة أسمع صوت واحدة فيكم خلوني أفكر هعمل إيه مع مدحت علشان أنا مش هستني لما خالكم ينزل وبعدين نبقى نشوف الحوار اللي دخلتينا فيه، حسابكم معايا أنتم الاتنين بعدين.
___________
“ألف مبروك يا نضال يابني”
“ألف مبروك أخيرا هنفرح بيك”
“ألف مبروك يا معلم نضال”
اختلفت عبارات التهنئة وتعددت بشكل ملحوظ من الشباب والعاملين في جزارة والده وهو يرد عليهم بوجوم وعدم فهم وينظر إلى والده في الشرفة نظرات توعد واضحة قرأها سلامة في عيناه فجذب والده ثم تركا الاثنان الشرفة تحت أنظاره.
بعدما انتهت عبارات التهنئة وأدى الجميع واجبهم، ترك نضال المكان وتوجه صوب المنزل بوجه غاضب إلى حدٍ كبير بعدما صرح أحد الرجال الذي يعمل معهم بأنه ذاهب لشراء المشروبات الغازية على شرف الخبر الذي انتشر سريعًا.


دخل من بوابة المنزل ثم صعد على الدرج متخطيًا الطابق الأول وتوقف بين الطابق الأول والثاني ليجد سامية واقفة التي عندما شعرت بحركة على الدرج تصنعت بأنها كانت تهبط وتوقفت فقط عند رؤيته…..
بعد سماعها إلى حديث زهران وسلامة، وبعدها استمعت إلى مكالمة زهران ووالد سلمى، بعدها سمعت صوت زهران يرن في أرجاء الشارع لذلك ظلت في الإنتظار…
تحدث نضال بنبرة مقتضبة حاول جعلها عادية لكنه فشل:
-أنتِ كنتي بتعملي إيه فوق؟!.
ردت سامية عليه بنبرة ساخرة:
-هو ممنوع؟! وبعدين هكون بعمل إيه يعني؟! كنت طالعة أتكلم مع عمي في موضوع كده…
ثم صمتت لعدة ثواني وهنا أردفت بانتصار:
-لا مش هخبي لازم أقولك، أنتَ مش غريب أكيد لما تطلع عمو هيقولك، أنا جاي ليا عريس وطلعت أقول لعمي وعرفته إني اديته رقمه.
لو كانت تلك المعلومة سمعها نضال قبل عدة أشهر، لكانت تملكته ثورة عجيبة وغضب واضح وصرح بأنه ليس هناك رجلًا أخر سوف يتزوجها غيره، لكن العجيب أنه استقبل الخبر بفتور رهيب وغريب عليه هو شخصيًا…
لا يدري نضال لما توقع الشخص؟!!

على ما يبدو أنه هو هذا الشاب الوحيد الذي كان يقوم بالتعليق والإعجاب على منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي وكان ملفه الشخصي مغلق ولم يستطع معرفة أي شيء عنه.
-طيب كويس مبروك..
لم تلمح غيرة نضال التي تعرفها حق المعرفة في جملته، لم تجد منه أي شيء، انزعجت…
نعم انزعجت كونها كانت تتلقى اهتمام من شخص معين وفجأة انقطع…
هذا شيء يجعلك رغمًا عن أنفك تشعر بالدهشة والضيق حتى لو كنت تستنكر هذا الاهتمام في الماضي.
هتفت سامية محاولة استكمال الحديث:
-العريس كان زميلي في الجامعة وبيحبني بجد مش أي كلام.
ابتسم نضال بهدوء رغم أنه انزعج كثيرًا وهناك قسم منه قد اشتعل لكنه يتحكم في نفسه وأعصابه أكثر مما يعتقد الناس إلا عند تصرفات أبية وشقيقه فقط.
أعجبه هذا الاستعراض نوعًا ما…
-الله أعلم..
ضيقت سامية عيناها وسألته بنبرة ظهرت فيها عصبية حاولت أن تخفيها قدر المستطاع ولكنها على ما يبدو لم تنجح:
-يعني قصدك إيه؟!.

هز نضال كتفه بلا مبالاة هاتفًا بجدية:
-قصدي أن محدش عارف؛ يعني متتكلميش بثقة عن حد لسه معشرتهوش ولا شوفتي منه حاجة، وعلى العموم ربنا يوفقك في حياتك يا بنت عمي.
كلماته كانت غريبة وازعجتها بشكل غريب لكنها حاولت الحديث بنبرة قوية:
-نبقى نعمل بقى خطوبتنا في يوم واحد ان شاء الله، أصلي سمعت أن عروستك وافقت هي كمان؛ سمعت لما كنت فوق..
رد عليها نضال بهدوء مميت:
-لا مبحبش الافراح المشتركة، وخصوصًا فرحي أنا لأن فرحتي تخصني محدش يشاركني فيها، يلا عن اذنك.
أنهى حديثه وصعد على الدرج متوجهًا صوب الشقة، وكانت هي في حالة هياج غريبة فـ بدلًا من أن تزعجه؛ ازعجها هو ببساطة شديدة…
هبطت سامية وتوجهت صوب الشقة وأخرجت المفتاح من جيب سترتها ثم فتحت الباب وولجت وكانت والدتها ترتدي العباءة السوداء تتجهز للذهاب؛ فتحدثت باستغراب شديد عند رؤيتها:
-أنتِ كنتي فين؟! أنا صحيت من النوم بعد ما ريحت شوية واخدت دش وصليت ودخلت اوضتك أقولك تجهزي لقيتك مش موجودة.
هتفت سامية بغيظٍ وهي تغلق الباب:
-كنت عند عمو بقوله على موضوع حمزة.
صاحت انتصار مستنكرة وهي تنظر لها بغضب واضح:

-هو مفيش فايدة فيكي يا بنتي؟! لازم تعملي اللي في
دماغك، امبارح قولت ليكي اسكتي واستني لما الواد يتصل بيه الأول برضو روحتي عملتي اللي في دماغك.
قالت سامية بانزعاج شديد وحنق:
-اهو ده اللي حصل أنا كنت عايزة اعرفه واقوله الأول، وكده أنا مرتاحة أن لما يتصل بيه هيكون عنده فكرة عن الموضوع.
غمغمت انتصار ساخرة:
-باين على وشك أنك مرتاحة، وبعدين يعني ما المحروس وأخد الرقم من امبارح متصلش ليه؟!!.
أردفت سامية باختناق وشكٍ بدأ يراودها:
-أكيد يعني بيعرف أهله وهيتكلم يعني بلاش الاستعجال؛ متقعديش تعصبيني علشان أنا مخنوقة لوحدي واستني اريح حبة وبعدين نمشي…
صاحت والدتها باستهجان:
-لا مش هستني أنا رايحة لخالك أبقى حصليني أنتِ.
_______________
في ذات الوقت…
بالأعلى…

يجلس سلامة على الكرسي المتواجد خلف باب حجرة سلامة، التي أصبحت مخبأ لهم الآن، كان والده أمامه هاتفًا:
-مش كنا خدنا كريمة بدل ما هي في البلكونة لوحدها كده في البرد مهوا اتأخر اهو شكله مش طالع أو رجع تاني.
هتف سلامة ساخرًا وهو يصفق بيده:
-يعني ده وقت كريمة؟! ده وقت كريمة؟!!!!!
ثم أسترسل حديثه باستغراب:
-والله أنا خايف معرفش اتأخر كده ليه؟!، هو بيدور على سلاح طيب؟! مهوا التأخير ده مش طبيعي، وبعدين يعني كان لازم يا بابا تذيع الخبر في الشارع مفيش تليفون، مفيش نستناه لما يجي.
“أنتم فين”…
صوت نضال الجهوري والعالي بشكل مخيف وصل لهم، لكنه كان بعيدًا نوعًا ما عن الغرفة.
هتف سلامة بقلق:
-شكله بيدور علينا استر يارب، استر يارب، اعمل إيه اقوم أصلي ركعتين طيب؟! أنا حاسس أنه هيخلع الباب وهيطيرني بالكرسي…
قاطعه زهران ساخرًا ومتهكمًا وهو يتناول الموزة الذي أتى بها من الخارج:
-ليه أندر تيكر بروح خالتك؟! متقعدش تهري كتير.

رد سلامة عليه بنبرة ذات معنى:
-ومدام هو مش أندر تيكر إيه اللي جابك تجري ورايا ودخلت معايا الأوضة لما لقيناه ساب الناس وداخل العمارة.
ضيق زهران ملامحه قائلا بحرج:
-إيه؟؟!
-إيه؟!!!
حاول زهران الدفاع عن نفسه بقوة:
-أنا بس مبحبش وجع الدماغ لا أكثر ولا أقل، راجل بشتري دماغي وصاحب مزاج.
بمجرد أن شعر سلامة بأن مقبض الباب يتحرك، يحاول نضال فتحه ويصرخ من الخارج..
“افتحوا”.
انتفض سلامة كـ من لدغته عقربة ووجد نفسه يجلس فوق قدم أبيه هاتفًا:
-بسم الله الرحمن الرحيم.
دفعه زهران عنه مغمغمًا:
-يا شيخ انشف كده في إيه يعني؟! يعني هو هيكسر الباب مش للدرجاتي.

سمع صوت نضال من الخارج هاتفًا:
-افتحوا الباب هو أحنا مش هنبطل حركات العيال دي، انتم بتستخبوا مني؟!.
نهض زهران ووقف خلف الباب وسلامة يتبعه:
-في إيه يا نضال يا حبيبي؟! إيه بس اللي معصبك كده أنا بس بتكلم مع اخوك على انفراد في موضوع يخصه ويخص خطيبته، وبعدين هنستخبى منك ليه يا ابني؟!!.
-إيه اللي عملته ده؟! ومين قالك أنها وافقت أصلا؟! وبعدين ازاي تنادي في البلكونة وتجرسني كده.
عقب زهران على حديثه بجدية شديدة:
-نجرسك ليه يا حبيبي بس؟! وبعدين يعني دارو على حوائجكم بالكتمان.
وضع سلامة يده على وجهه هاتفًا بصوتٍ منخفض:
-داروا على حوائجكم بالكتمان إيه؟! ده أنتَ صوتك رن في الشارع ولا الميكروفون بتاع تكبيرات العيد.
سأله زهران باهتمام:
-اومال بيتقال إيه في المواقف اللي زي دي بعد اللي عملته؟!
تمتم سلامة بذكاء خارق كما يظن:

-الجواز إشهار…
-الجواز إشهار..
ردد زهران الجملة بثقة وصوتٍ مرتفع لتصل إلى نضال الذي صاح:
-هو أنا متجوزها عرفي وأنتَ بتعملي إشهار؟! ما تقولوا كلام عدل وافتحوا الباب بدل ما أكسره…
رد زهران عليه متشنجًا:
-تكسر الباب ليه ان شاء الله؟! هو أنتَ فاكرني خايف منك ولو راجل اكسر الباب هو أنا فلوسي فلوس حرام ولا إيه؟!!.
لم يجد رد من نضال لمدة دقيقتين مما جعل زهران يعقب:
-هو سكت ليه؟!..
تمتم سلامة بعدما عقد ساعديه يحاول التفكير:
-يمكن حس أن موقفه ضعيف وفقد الأمل فينا ومشي.
-يمكن كل شيء جائز…
جاءهم صوت نضال هاتفًا:
-مش هكسر الباب بس هكسر الشيشة ولا اسمها إيه دي…

تحدث سلامة من الداخل:
-اسمها كريمة…
أزاح زهران المقعد تحت محاولات سلامة المميتة بأن يثنيه عما يفعله لكنه في النهاية فتح الباب بالمفتاح هاتفًا:
-عندك سلامة أعمل فيه اللي أنتَ عايزة بس كريمة لا يا ابني، دي حبيبتي اللي بتسمعني وبتشيل همي، لو مخنوق تسمعني، لو فرحان بتسمعني.
لم تكن الأرجيلة مع نضال من الأساس لكنه يعرف ما الذي يزعج أبيه وسيجعله يخرج له.
هتف سلامة بعدم استيعاب:
-والله سلامة مبقاش له لازمة دلوقتي؟!، بقولك إيه يا نضال من الآخر أبوك هو اللي عمل كل ده أنا ولا ندهت عليك ولا نيلة وخد عندك هو اللي كلم ابوها بنفسه..
دافع زهران عن نفسه بعدما لم يجد الأرجيلة وفهم خدعة ابنه:
-ومين اللي عرفني أصلا أن سلمى موافقة غيرك أنتَ يا فتان أنتَ والبت بتاعتك..
غمغم سلامة محتجًا:
-إيه البت بتاعتي دي كمان هو أنا ماشي معاها؟!.
تجاهل زهران هذا كله ووجه حديثه صوب نضال:

-إيه اللي أنتَ بتعمله ده وطالع وعمال تزعق وتعلي صوتك ولا زعابيب أمشير، البت وافقت عليك فين المشكلة؟! ده جواز هو احنا بنضربك بالنار..
هتف نضال برفض قاطع:
-استحالة سلمى توافق ابنك كان موجود وأنتَ كنت موجود وكلنا شوفنا إزاي هي رافضة الجواز.
ابتسم زهران ثم أردف وهو يضع يده على كتف نضال:
-أنتَ مستهون بنفسك ولا إيه؟! وبعدين أنا ورثت لكل واحد فيكم الشخصية اللي مفيش ست تقاومها وأكيد أنتَ كان ليك نصيب علشان كده البت مقدرتش تقاوم بتقولوا عليها ايه يا واد يا سلامة؟!..
عقب سلامة على حديث والده مؤكدًا:
– كاريزما، وفعلا نضال كده مشيته، بصته، صوته كل حاجة فيه كاريزما….
تركهم نضال وذهب إلى غرفته هو فهم بأنه يعيش مع شخصيتين يصعب عليه النقاش معهم وإلا سوف تصيبه عدة جلطات سيحتار الأطبة في كيفية علاجها.
تمتم زهران بعد رحيل نضال:
-هو تليفوني فين صحيح عايز أكلم الواد رفعت..
غمغم سلامة بعدم فهم:
-ليه أنتَ عايز حاجة من السوبر ماركت ولا إيه؟!..

-لا أنا كنت عايزه يوزع حاجة سقعة على الناس للمناسبة الحلوة دي…
رد سلامة عليه بسخرية:
-والله يا بابا ما هترتاح إلا لما نضال يوأدنا هيكون وأد الرجال على أيد نضال لأول مرة في التاريخ..
__________
-خلاص يا دياب سيبها على الله وبعدين يمكن مرات اخوك واخوك يتعلموا من الدرس أو السنين تكون غيرتهم يعني في النهاية محدش بيفضل على حاله.
كان هذا تعقيب دياب الذي يدخن سيجارته في الشرفة وهو يستند على سور الشرفة بجسده والهاتف في جيبه ويضع في أذنيه السماعة، يحاول التهويين على صديقه طارق منذ ما فعلته أحلام وهو ليس بخير أبدًا.
تنهد طارق وجاء صوته متوجعًا ومتألمًا إلى حد كبير، فما الوضع لو كان بالفعل أمامه؟!..
يبدو أن حالته لا ترثى…..
-عارف إيه أكتر حاجة متعبة يا دياب؟!.
سأله دياب باهتمام كبير:
-إيه يا طارق؟!..
أخذ طارق يتحدث موضحًا العجز والحيرة التي يشعر بها:

-إني عارف أنهم ولا اتعدلوا ولا نيلة، وعارف أن هدير مش هتكون مرتاحة معاهم، لكن معنديش حل تاني ولا هعرف أنزل..
صمت لعدة ثواني ثم هتف طارق بقلة حيلة:
-كان عندك حق يا دياب..
عقب دياب بعدم فهم:
-كان عندي حق في إيه مش فاهم؟!…
حاول طارق تذكيره بتعقيبه قبل سفره الذي في كل مرة يتضح صحته:
-كان عندك حق لما قولت زمان إني مسافرش، وأنا قاوحت كنت فاكر أن المشكلة مشكلة فلوس وبس، وجبت الفلوس ومعملتش حاجة ليا، لا عرفت أحضر عزاء امي وانزل ولا عرفت أكون موجود جنب أختى دلوقتي.
السفر بالطريقة الغير شرعية غير أمن تمامًا تحديدًا إذا كنت هارب قبل قضائك الخدمة العسكرية، لذلك الأمر يختلف عن شخص طبيعي وجد عمل وسافر بطريقة رسمية.
أغلق دياب عينه ثم قال له ببساطة:
– يا طارق كان ممكن تكون قاعد ومش عارف تعمل حاجة وساعتها هتحس بالعجز برضو والخنقة، كل واحد بيعيش حسب نصيبه وقدره، ملهوش لازمة تقعد تضايق في نفسك، أنتَ عملت اللي عليك وزيادة أوي.

تمتم طارق بنبرة يائسة وبائسة:
-والله محدش بقا عارف مين اللي عمل ومين اللي معملش، أنا مش فارق معايا حاجة قد هدير دلوقتي وخايف أنها متقوليش الحقيقة لما أسالها عاملين معاها إيه وكده أصل أنا عارف أنهم مش هيجيبوها البر.
رد دياب عليه على غير العادة برد متفائل يشبه ردود نضال التي يسخر منها في مشاكله ولكنه على الأغلب الإنسان ليس لديه سوى مواساة من أمامه حتى ولو يعلم بأن الأمل مفقود في الأمر لا يكون عنده حلول أخرى.
-يا عم تفائل وبلاش تفكر كده، ان شاء الله هيخلفوا ظنك والأمور هتكون تمام.
رد طارق عليه بتمني حقيقي:
-يارب يا دياب؛ يارب..
ثم أسترسل حديثه بجدية:
-يلا بقا روح نام ربنا يعينك، أنا كمان هنام علشان هصحى بدري، تصبح على خير.
-وأنتَ من أهله يا طارق..
انتهت المكالمة بينهما وظل دياب يدخن سيجارته ويقلب في هاتفه، كان مازال يجلس في الشرفة رغم الجو البارد جدًا لكن تلك عادته….
هو لا يحب التدخين أمام والدته أو شقيقته وتضاعف الأمر بوجود أطفال صغيرة.

في وسط ما ينتقل بين المقاطع بلا هدف وجد اسمها يزين الشاشة..
” لــيلــى ”
كان يرغب في تجاهل الاتصال لكن كيف يتجاهل اتصال أمرأة كانت في حياته لمدة ست سنوات تقريبًا؟! لا يستطيع فعلها…
أجاب دياب عليها بنبرة مكتومة:
-الو..
جاءه صوتها الدافئ وهي تغمغم:
-ازيك يا دياب عامل إيه؟!..
رد عليها دياب بتلقائية:
-بخير الحمدلله، أنتِ عاملة إيه؟!.
كيف يتجرأ ويسألها عن حالها، ألا يعلم بأنها لم يعد لها حياة بعد غيابه عنها وتركه لها…
هل أصبح قاسيًا؟!…
أم يظن بأنها سوف تكون بخير في غيابه؟!!!
أجابت عليه ليلى بنبرة غير حقيقية أبدًا:

-الحمدلله بخير..
ثم عاتبه وهي تقول بنبرة منزعجة:
-أنا بعتلك أكثر من مرة على الواتس والفيس ومردتش عليا وبلاش تكدب وتقول مشوفتش.
كيف يخبرها بأنه كان يتتوق للحديث معها تحديدًا في تلك الفترة الصعبة التي يمر بها، كان يحتاج للحديث باستفاضة عما يشعر به، لكنه لم يرغب في أن يعطيها أمل كاذب أو حتى أن يستغلها تحديدًا لأنها لم تعد له.
لم تجد منه رد فـوصلت أجابته التي لم يخبرها بها لذلك قالت:
-طنط عاملة إيه؟!..
رد عليها دياب بهدوء:
-الحمدلله كويسة بدأت الجلسات وماشيين على كورس العلاج..
غمغمت ليلى بنبرة هادئة:
-ربنا يشفيها يارب، وبإذن الله هتقوم بالسلامة، محنة وهتعدي.
-يارب.
ثم سألها رغمًا عنه:

-أنتِ متصلة ليه يا ليلى؟!..
قالت ليلى بتردد وحرج:
-متصلة أطمن عليك وبعدين يعني إيه الطريقة دي؟!.
-ليه غاوية تتعبينا ومش عايزة ترضي باللي حصل؟!
كان سؤاله في الصميم هي بالفعل تؤلمه أكثر كونها لا تعطيه فرصة لنسيانها أو التخطي، نعم هو يتجاهل رسائلها ولا يرسل لها رد لكنه يقرأها باهتمام بالغ.
ردت عليه ليلى رد غريبًا كونها تجيب به أو تخبره هذا الخبر بعد سؤاله:
-ماما جابت ليا عريس وعايزاني أقعد معاه.
رغم الألم الحارق الذي شب في صدره إلا أنه غمغم بعقلانية:
-طب كويس، اديه فرصة محدش عارف الخير فين.
غمغمت ليلى بعدم استيعاب:
-أنتَ بتتكلم بجد؟! أنتَ ليه بتعمل كده معايا يا دياب؟! ليه بتعمل معايا كده؟! للدرجة دي أنا مش فارقة معاك؟! كأني مكنتش خطيبتك والبنت اللي بتحبها.
تحدث دياب بعيدًا عن عواطفه:
-انا مش بعمل حاجة يا ليلى دي ظروفي وحياتي وأنا مش هقدر أعلقك معايا بكلمتين مفيش اسهل منهم، أنا مكنتش وحش معاكي علشان اعمل كده، ولو علقتك هكون بخرب الدنيا اكتر، أنا عندي اخوات بنات ومتمناش أن حد يضحك عليهم، شوفي حياتك ودنيتك يا ليلى واختاري الاصلح ليكي.

قالت ليلى بصوتٍ باكي قبل أن تغلق المكالمة:
-سلام يا دياب.
أغلقت المكالمة تاركة أياه يشعر بمشاعر غريبة هو راضي من جهة بأن هذا هو النصيب ولا يستطيع قول كلمات أخرى…..
هو لا يستطيع الوفاء بها، هو لا يعلم ما الذي تحمله الأيام القادمة لذلك ليس من الممكن أن يعلق فتاة به……..
فتاة كان بينهما قصة حب وهذا ما يجعله غاضبًا ومغتاظًا يدعو الله أن يهون عليه ما يحدث…
_____________
بعد مرور يومان..
في الثامنة ونصف صباحًا..
“نــضـال”
“نــضـال قوم”
“قوم”
أخذ سلامة ينادي عليه أكثر من مرة وهو يقف بجوار فراشه ويضع يده على كتف شقيقه…
تقلب نضال في نومته وتحدث بصوتٍ ناعس ولم يفتح عينه بعد:

-في إيه؟!.
تحدث سلامة بنبرة متوترة:
-قوم بسرعة بس.
فتح نضال عينه هاتفًا بقلق وهو يعتدل في نومته:
-في إيه أنتَ كويس؟! أبوك كويس؟!!!.
رد سلامة عليه بنبرة هادئة:
-لا مفيش حاجة متتخضش أحنا زي الفل…
غمغم هنا نضال بنبرة غاضبة وهو يدفعه بعيدًا عن الفراش ويعود يستلقي مرة أخرى ويجذب الغطاء فوقه:
-ومدام أنتم زي الفل بتصحيني ليه؟! وإيه اللي قوم بسرعة دي؟!!!…
تمتم سلامة بجدية لا تناسب تمامًا ما يقوله:
-بصحيك علشان تقوم وتنزلني وتخرجني من البيت.
تحدث نضال بعدم فهم وهو يضيق عينه وينظر له:
-أنزلك فين؟! إيه اللي بتقوله ده على الصبح وبعدين هي الساعة كام؟!.

رد عليه سلامة ببساطة بعدما نظر على ساعة يده:
-الساعة دلوقتي ثمانية ونص.
صاح نضال مستنكرًا وهو يفتح عينه على أخرها:
-ومدام الساعة لسه ثمانية ونص بتتنيل على عينك تصحيني ليه؟!.
تحدث سلامة باستنكار واضح وهو يخبره بما يريده:
-علشان تقوم و تعديني من عند دور مرات عمك، ووصلني لغايت البوابة، يلا يا نضال أبوس إيدك أنا متأخر على الشغل بقا.
تمتم نضال وهو يعتدل في الفراش لم يفهم ما يحدث:
-هو أنتَ نُغة يعني علشان أقوم انزلك؟! هو أنتَ في الحضانة هنزل أركبك الباص يعني ولا إيه؟!.
عقب سلامة بتوضيح وهو ينظر له بغيظٍ:
-مرات عمك عاملة عزومة للقطط تحت ومش عارف اعدي والبجحين مش بيتحركوا ولا يجروا وأنا نازل وفيهم القطة السوداء اللي هتقطع ليا الخلف في يوم دي، مرات عمك حاطة ليهم أصناف سمك، ودراي فود، وحاطة لبن، أكتر من ست قطط وأنا مش عارف أنزل وتأخرت على الشغل.
يخاف سلامة من القطط بشكل هستيري ومخيف، تحديدًا لأن هناك قطة قامت بعضه في طفولته وأخذ الكثير من الحقن الطبية بسببها ومن وقتها وهو يخاف منهم بشكل واضح، وحتى جهاد تشاركه هذا الخوف.

تحدث نضال بنبرة غاضبة:
-يعني مش مكسوف من نفسك أنك رايح الشغل ومش عارف تهش القطط أو تعدي من جنبهم ما تكبر بقا.
قاطعه سلامة ساخرًا:
-مش وقت علاج بالصدمة بقا، خلص قوم…
نهض نضال وأرتدى سترته الثقيلة المعلقة بعدما فرك عينه وتحدث بصوتٍ في بقية نوم:
-أعمل فيك إيه يارب ارحمني؟!.
خرج نضال من الحجرة وخلفه سلامة يمسك في طرف سترة شقيقه بشكل عجيب حتى أن زهران خرج من الحمام ورأى هذا المشهد ليعقب بصوتٍ فيه بقية نوم:
-أنتم رايحين على فين كده؟!.
رد نضال على أبيه بنبرة متهكمة:
-رايح أهش القطط لأبنك وأوصله لغايت العربية وممكن اجيبله سندوتشات بالمرة ما أنا خلفته ونسيته.
ثم وجه حديثه إلى سلامة مستنكرًا:
-صحي أبوك بعد كده هو أولى بيك.

تحدث زهران بنبرة ساخرة:
-ملكش دعوة بأبوه.
التقطت أنف نضال رائحة يعرفها جيدًا فأردف:
-في إيه يا بابا هو أنتَ مولع فحم على الصبح كده؟!.
أستدرك زهران الأمر وهو يسير نحو المطبخ:
-أيوة صح، أصلي صحيت من النوم نفسي هفتني على حجر كده قولت أولع الفحم واشربلي حجر وبعدين أنام تاني، كويس أنك فكرتني ده أنا نسيت كنت رايح أنام تاني أصيل يا نضال…
تحدث نضال بنبرة منفعلة:
-قابل يا عم هيولع لينا في البيت علشان يشرب حجر الساعة ثمانية الصبح.
صاح زهران ساخرًا وهو يقف في المطبخ:
-يلا خد أخوك ووصله وهشتكه وهاتله السندوتشات وبلاش نكد وتنظير على الصبح، هتقلوا مزاج الواحد.
-لا كله إلا مزاجك يلا احنا…
كان هذا تعقيب سلامة….

_________
في العاشرة صباحًا…
كان جواد يرتدي ملابسه ويتجهز للذهاب لمقابلة أحد أصدقائه قبل الذهاب إلى المستشفي….
مر وقتٍ طويل ولم يراه بسبب مواعيد العمل المختلفة وظروف الحياة المتغيرة لدى الجميع…
هبط من غرفته وكانت نسمة لم تستيقظ بعد، فـهي لا تستيقظ إلا بعد الظهيرة..
أغلق باب المنزل خلفه وسار بضعة خطوات ليذهب إلى سيارته وجد سيارة أخرى تصطف بجوار موضع وقوفه….
لم يكن صعبًا عليه تحديد هويتها تحديدًا بما أنها ولجت إلى الداخل..
هبطت فتاة من السيارة…
ترتدي بنطال جينز وسترة جلدية، رافعة خصلاتها لأعلى وترتدي نظراتها الشمسية، لم تكن تلك الفتاة، سوى هايدي التي تقطن في المنطقة ذاتها، وتكن صديقة نسمة، هي في منتصف العشرينات من عمرها.
ابتسمت هايدي ورفعت نظارتها الشمسية:
-صباح الخير يا دكتور..
رد عليها جواد مبادلًا أياها الابتسامة:

-صباح النور يا هايدي، عاملة إيه؟!.
غمغمت هايدي بهدوء:
-الحمدلله كويسة، أنتَ إيه اخبارك؟! بقالي كتير مشوفتكش، لما باجي اقعد مع نسمة بتكون في الشغل.
هتف جواد بنبرة عادية وهو يجيبها:
-يعني في ضغط شوية في الشغل، الغريبة أنك أنتِ جاية بدري كده، اللي اعرفه أنك بتيجي متأخر عن كده.
قاطعته هايدي بخفة تحاول تبرير موقفها غير أنها أتت من أجل رؤيته لذلك أتت مبكرًا كونها لا تراه، فهي تأتي في غيابه وترحل قبل أن يأتي:
-يعني النهاردة إجازة من الشغل قولت اقضى اليوم من أوله مع نسمة، وأنا اللي هصحيها بنفسي.
هايدي تشعر بالاعجاب الشديد بشخصية جواد منذ الصغر ليس حبًا، لكنها معجبة به إلى حدٍ كبير، وذلك شعور داخلي لها لم تشاركه مع أحد أبدًا، ولم يكن هذا السبب هو الذي يجعل صديقتها مع نسمة تستمر، هي بالفعل تحبها وتقدرها ولها مكانة خاصة في قلبها، لكن رُبما فعلتها اليوم كانت نابعة من كونها علمت بطلاقه وهذا الشيء الذي أسعدها بشكل أكبر مما تتخيل.
هتف جواد بهدوء:
-ان شاء الله تقضوا مع بعض يوم حلو.
شعرت بأنه على وشك الرحيل فحاولت تذكر أي شيء يمكن أن تجعله يتحدث معها لمدة أطول:

-طب قولت إيه على الـ Day use بتاع السخنة؛ أنا عايزاها تيجي معايا أوي وبعدين يعني متخافش هنكون مع أهلي وأنتَ عارف هما بيحبوها ازاي؛ وممكن طنط منيرة تيجي معاها.
كان جواد يجد في بعض الأحيان في الماضي والده يبالغ في رفضه بعض الأمور بخصوص نسمة، وحتى أنه كان أوقات يرفض خروجها مع جواد نفسه لو كان المكان لا يعجبه….
لكن الآن بدأ يفهم أن هذا الخوف يكون طبيعيًا نوعًا ما، شعور غريزي واضح، كونه يرغب في أن تكون نسمة مرتاحة وفي مكان لا ينظر لها شخص نظرة قد تزعجها، الأمر له أبعاد كثيرة لم يكن يفهمها إلا بعد أن أصبح هو الذي يهتم بشئونها ويتخذ القرارات التي تخصها.
رد عليها جواد بحيرة واضحة من إلحاحها وهو يعقد ساعديه:
-مش عارف والله يا هايدي يعني.
قاطعته هايدي بصدقٍ:
– أكيد أنتَ عارف نسمة بالنسبالي وأنا هاخد بالي منها وهنسافر بعربيتي أنا وهي وطنط منيرة بس وهما هيكونوا راكبين عربياتهم.
تنهد جواد ثم غمغم باختصار:
-مش لسه اسبوعين؟! سبيني افكر وان شاء الله خير، أنتِ من أكتر. الناس اللي بابا كان بيطمن أن نسمة تكون معاهم وأنا كمان بس خوفي عليها طبيعي ملهوش علاقة بيكي.

تفهمت هايدي الامر وقالت بنبرة ذات معنى:
-أنا كنت عايزاها معايا وعلشان تغير جو، كمان هي من بعد طلاقك من رانيا وهي نفسيتها تعبانة شوية وأكيد أنتَ لاحظت ده، وقبلها مكنش في عمار بينهم وهي كانت بتضايق.
تمتم جواد بنبرة جادة:
-ربنا يسهل وقتها، عن اذنك علشان عندي ميعاد مع السلامة.
-اتفضل مع السلامة.
_____________
في أحدى المطاعم بالقُرب من الجامعة، كانت تجلس ريناد مع صديقتها وخطيبها الذي يكن صديق إلى ريناد أيضًا.
استطاعت صديقتها الوصول لها عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي…
بعد أيام طويلة تحاول ريناد الوصول معهم إلى موعد محدد كان الموعد هو اليوم.
عقب الشاب بنبرة هادئة بعدما أخذ رشفة من مشروبه:
-المكان هنا مش أحسن حاجة وزحمة أوي ما كنا روحنا أي حتة تانية أحسن.
تحدثت ريناد باختناق واضح وهي تخبره:

-ياريت كان ينفع أنا زهقت من كل حاجة وأصلا مينفعش أروح اي حتة بعيدة، بابا بيعرف كل حاجة ومتحدد وقتي أنا علشان أقعد معاكم القعدة دي قولتله أني قاعدة مع واحدة اتصاحبت عليها في الجامعة.
غمغمت صديقتها وهي تنظر لها بأسى وهي تعدل من وضع نظراتها الشمسية فوق رأسها:
-أنتِ اللي غلطانة يا ريناد من الأول قولتلك الشلة دي مش عجباني اهو أخرتها روحتي معاهم وحصل اللي حصل.
تحدثت ريناد بسخرية:
-بقولك إيه او جاية تقعدي تضايقيني بالكلام خدي خطيبك وامشي أحسن.
نظر الشاب إلى خطيبته نظرة ذات معنى فحاولت الحديث بنبرة لينة إلى حدٍ ما، فـغضبها كان نابع من انزعاجها من حال صديقتها:
-خلاص مش قصدي؛ أنا بس مضايقة علشانك، ومضايقة بسبب عقاب أونكل ليكي، أنا مش عارفة اعمل إيه طيب اروح اتكلم معاه؟!
قاطعتها ريناد بنبرة سريعة وواضحة:
-لا إياكي تروحي تتكلمي معاه هتخربي الدنيا لو عرف إني بقابلكم وبكدب عليه.
تحدث الشاب هنا وهو يستند على الطاولة بذراعيه:
-أعتقد لو كنتي قولتليه أنك معانا مكنش هيعمل مشكلة أنتِ اللي كدبتي عليه وده غلط.
يبدو لها أنه محقًا وهذا ما جعل ريناد تهتف بنبرة تائهة:

-أنتم بس متعرفوش حاجة، متعرفوش يعني إيه امشي من بيتي واروح اعيش في منطقة زي دي، لا وكمان الفون بتاعي مش معايا وكل حاجة مش معايا حتى عربيتي، أنا وقفت طابور طويل علشان اعمل اشتراك مترو عمري ما اتخيلت إني ممكن اعمل كده.
أسترسلت حديثها وهي تخبرهم معاناتها:
-بعد ما كتت بشغل music هادئة انام عليها بقيت بنام على صوت التكاتك والمهرجان وصوت الدومنة بتاعت القهوة، غير إني بمشي الشهر كله بأقل من أربع ألاف جنية..
كان الاثنان ينظران لها بضيقٍ لا يعرفون كيف يقدمون لها العون والمساعدة؛ ولم تنتظر ريناد أي تعقيب منهم ووجهت الحديث إلى صديقتها متمتمة:
-فاكرة الولد اللي رمى العصير في وشي.
قالت صديقتها بجدية:
-ايوة فاكراه، أنتِ ساعتها كنتي rude أوي معاه و كان عنده حق يعمل أكتر من كده فيكي.
ثم صمتت وتحدثت بعدم فهم:
-وهو إيه اللي فكرك بيه؟!.
خرجت ضحكة ساخرة من ريناد على حديث صديقتها التي لم تفهم لما تضحك؟!..وكذلك الشاب إلى أن تطوعت ريناد وأخبرتهما بالمفاجاة:
-الولد ده طلع جار نينا بهية اللي أنا قاعدة معاها وساكن في نفس العمارة.

شهقت صديقتها متحدثة بعدم تصديق بعد لفظة إنجليزية معترضة خرجت منها:
-ازاي ده؟!.
هتفت ريناد وهي تهز أكتافها:
-اهو ده اللي حصل بقا، والولد صعبان عليا جدا ظروفه وحشة أوي أوى، وأنا كنت السبب أنه يطرد من الشغل وعنده مصايب قد كده، حقيقي مش قادرة أسامح نفسي أبدًا.
سألها الشاب بفضول:
-وعلى كده شافك وحصل ما بينكم كلام؟!.
هزت ريناد رأسها في إيجاب وهنا أردف الشاب بسخرية:
-أنا بحاول اتوقع عمل فيكي إيه، أنا عرفت اللي حصل في يومها وغلطتك ولو أنا مكانه مش هرحمك خصوصًا أنك بقيتي ساكنة معاه.
أنهي حديثه وضحك فعقبت ريناد بغضب:
-سكتي خطيبتك.
حاولت صديقتها كتم ضحكتها بصعوبة ثم أردفت:
-خلاص سيبك منه، قوليلي عمل معاكي إيه؟!..

ردت ريناد عليهما وهي تسترجع في عقلها كل المواقف التي جمعتهما رغم قلتها لكنها لا تنساها:
-أبدًا معملش حاجة وأنا بعد تفكير طويل اتنازلت واعتذرت ليه وهو قالي أنه قبل اعتذاري وأنه نصيب بس يعني كان أكيد كلام وخلاص منه.
تحدث الشاب مؤيدًا:
-ده أكيد كلام وخلاص فعلا..
حاولت صديقتها تغيير الموضوع هاتفة بحماس:
-حفلة **** ***** يوم عشرين الشهر الجاي حجزنا، بقولك إيه ما تيجي معانا.
قاطعتها ريناد بوضوح:
-مش هينفع…
تحدثت الفتاة بحماس واضح فهي اشتاقت لها وترغب في أن ترافقهما من جديد:
– الـ ticket مش غالية ندفعهالك عادي وتيجي معانا، بجد وحشتيني أوي وعايزاكي معايا.
ابتلعت ريناد ريقها بحرج رغم أنها تعلم بأن صديقتها تمتلك نية حسنة:
-الموضوع مش موضوع فلوس وبس الامتحانات فاضل عليها أيام وبابا مش هيوافق عموما إني اخرج أو اتاخر….
زفرت صديقتها بضيق وعقدت ساعديها وهنا تحدث الشاب:

-ريناد احنا اخوات لو محتاجة حاجة قوليلنا عمومًا سيبك من موضوع الحفلة.
قالت ريناد بحرج كبير:
-لا شكرا مش محتاجة حاجة….
بعد تلك الكلمات تحدثت الفتاة بنبرة مرهقة قليلا وجائعة:
-ما يلا نطلب الأكل ونأكل مع بعض أنا جعانة أوي.
______________
من أجل تلك الزيارة قطعت يسرا طريقًا طويلًا حتى تذهب إلى المنزل الذي يعيش فيه أشقاء مدحت والتي كانت تقطن فيه معه لمدة عام وبعدها باع شقته إلى شقيقه الأكبر وذهب بها إلى شارع خطاب واستأجر شقة فيه، بسبب المشروع الذي فتحه ولم ينجح، هو دومًا كان صاحب المشاريع الفاشلة غير مهتمًا بأطفاله وقوت يومهم…
صبرت كثيرًا ولم تكن صاحبة شكوى أو شجار طوال الوقت وتقدر حالته النفسية بعد كل خسارة وخسارة لكنه لم يقدر هذا بل طلقها ورحل دون أسباب واضحة فعل ما كان يجب أن تفعله هب وتطلبه هي لكنها أستمرت من أجل بناتها، لكن في النهاية هو من تركها…
صعدت وقرعت الجرس رغم اندهاش الجميع من إتيانها إلا أنهم استقبلوها في شقة شقيق مدحت الكبير وطلبت منه أن يأتي بشقيقه الآخر الذي بالمناسبة يقطن معه في البناية ذاتها..

بالفعل جلس الرجلان معها وكانت زوجة الشقيق الأكبر لمدحت موجودة..
تمتمت يسرا بنبرة هادئة ولبقة:
-أولا أنا آسفة إني جيت كده من غير ميعاد بس أرقامكم ممسوحة من عندي ولولا أن الموضوع مهم أنا مكنتش جيت، حتى أن الزيارة أتأخرت كمان…
تحدث شقيق مدحت الأكبر معلقًا على حديثها:
-خير يا أم سلمى؟!.
هتفت يسرا بوضوح وهي تنظر لهم:
-طبعا أكيد عرفتم أن مدحت رجع من السفر..
رد عليها شقيق مدحت الأصغر بانزعاج واضح ليس منها لكن من شقيقه فهو أكثر من أعطى مدحت في الماضي نقودًا في كل مرة لمساعدته ولكنه لم يكن يستقيم أبدًا:
-أيوة عرفنا أنه رجع، وجه هنا مرتين وعرفنا أنه بيحاول يرجعك.
تمتمت يسرا بنبرة هادئة رغم اندهاشها الكلي مما سمعته:
-تمام ممكن تتصلوا بيه من فضلكم يجي علشان محتاجة اتكلم معاه كلمتين قدامكم ومش هينفع اتكلم غير في وجوده.
بعد مرور ساعة تقريبًا…

بعد اتصال شقيق مدحت الأكبر به أتى على الفور وجلس على المقعد متمتمًا:
-إيه جاية تشتكيني عند اخواتي فكراني عيل صغير ولا إيه؟!.
هتفت يسرا بنبرة جادة:
-أنا عمري ما اشتكيتك من حد زمان في عز ما كان المفروض اعمل كده، أنا جيت بس أشهد أخواتك الاتنين ومرات أخوك عليك…
نظرت يسرا للجميع مغمغمة باعتذار لطيف:
-معلش اسمعوني شوية ومحدش يمل مني لأني هتكلم في مواضيع فات عليها كتير أوي بس للأسف ضروري تتفتح من تاني وهي مش غريبة عنكم كلكم عارفينها…
هتفت المرأة بنبرة هادئة وهي تعقد ساعديها:
-سامعينك يا يسرا.
تنهدت يسرا تنهيدة طويلة ثم أردفت بعدها:
-الراجل ده اتجوزني فوق الستة عشر سنة، كنت صاينة فيهم بيته رغم كل الظروف الوحشة اللي كان هو السبب فيها مكنتش بشتكي لحد ولا لأهلي ولا ليكم، رغم أن كل شيء كان واضح وضوح الشمس قدامكم إلا إني متكلمتش في يوم من الأيام ولا أحرجته قدام حد.
كز مدحت على أسنانه مقاطعًا أياها:

-يسرا حافظي على كلامك مهوا أنا مش هستغرب بجاحة بنتك مهي تربيتك..
قاطعه شقيقه الأكبر بضيقٍ:
-سيبها تقول اللي هي عايزاه…
أسترسلت يسرا حديثها السابق بنبرة جادة:
-جه في يوم وليلة اختفى وبعت ليا ورقة طلاقي برضو مجتش اشتكي ولا جيت عند باب حد فيكم ولا فتحت بوقي، اشتغلت وربيت بناتي وكملت حياتي على كده ولا في يوم طلبت حاجة من حد رغم كل حاجة وحشة مريت بيها لوحدي.
نظرت إلى مدحت هاتفة تلك المرة بجدية:
-محبتش أجي اشتكي او أمد أيدي او أشيل حد شيلة مش شيلته؛ وأشيله نتائج عمايلك يا مدحت.
نهض مدحت من مكانه هاتفًا:
-امشي اطلعي برا واضح أن…
قاطعه شقيقه الآخر منزعجًا مما يحدث:
-ده مش بيتك علشان تقول مين يطلع ومين ميطلعش واقعد وسيبها تتكلم.
ظل مدحت واقفًا بعد شعوره بالحرج بسبب كلمات شقيقه الأصغر وهنا أخرجت يسرا مصحف من حقيبتها ووضعته على الطاولة ثم قالت:

-اخوكم بعد ما غاب اكتر من عشر سنين معرفش عنه حاجة راجع يقول أنه ردني وعايز يعيش معانا في البيت وأنا مش مصدقاه، لو كان ردني يحلف على المصحف ده قدامكم كلكم.
ازدَردَ مدحت ريقه بصعوبة تحت نظرات الجميع وهنا تحدث شقيقه الأكبر سائلا أياه بطريقة مباشرة:
-أنتَ رديت مراتك من غير ما تعرف يا مدحت؟!.
لم يجب مدحت عليهم وهنا قالت يسرا بنبرة جادة:
-لو مرضتش تحلف هتكون دي الإجابة اللي أنا متوقعاها منك أنك معملتش كده.
قال مدحت بصوتٍ خافت لم يجد الجراءة أن يمسك المصحف بين يديه ويحلف كذبًا:
-مردتكيش بس كنت حابب أننا نرجع وكنت هقولك الحقيقة لو وافقتي…..
قاطعته يسرا وهي تنهض وتقف في مكانها:
-كنت عارفة أنك كداب ومرضتش أقولها قدام عيالك بصراحة، مرضتش أقولهم أن أبوهم كداب، طب أفرض يا أخي كنت صدقتك، كنت هتدخل البيت وهتعيش معايا في الحرام وكأني مراتك؟!!!!…
ختمت حديثها بنبرة شبة صارخة:
-رد عليا؟!!…

حاول مدحت أن يستمر على نفس الوتيرة:
-كنت هقولك أكيد..
أردفت يسرا بنبرة جادة وهي تحاول أن تكبح دموعها قدر المُستطاع:
-كنت هتقولي امته؟! كل حاجة في حياتك عملتها حرام دي الحقيقة اللي مقولتهاش زمان بس اديني بقولها ليك دلوقتي، القروض اللي كنت بتعملها حرام، السلف اللي اخدته من اخواتك ومن غيرهم وغيرهم ومسددتهمش في رقبتك حرام، غير الستات اللي كنت بتمشي معاهم في الحرام، كل عيشتك كانت حرام في حرام يا مدحت.
ذهبت نحو الطاولة وأخذت المصحف ثم وضعته في حقيبتها الجلدية متمتمة:
-أسفة إني ازعجتكم أنا بطلب منكم تعقلوا اخوكم، لأن ما بينا بنات، لو حابب يصلح علاقته بيهم بجد أهلا وسهلا مش حابب بلاش ينكد عليهم عيشتهم اللي حاولوا يتأقلموا عليها.
تحدث شقيق مدحت الاصغر بعدما نهض الجميع:
-أنا مش عارف أقولك إيه…
تمتمت يسرا بجدية:
-مش محتاجة حد فيكم يقول حاجة أنتم بس كنت مجرد شهود على اللي بيتقال لأنه لو جه واتعرض ليا او لبناتي بأي شكل من الأشكال يضايق أنا هعمله محضر.

هتف مدحت بنبرة متوترة من أن يذهب كل شيء:
-يسرا سبينا نحاول نصلح….
غمغمت يسرا بجدية:
-اللي بيصلح ده بيكون عنده حاجة يصلحها احنا مفيش بينا حاجة علشان تتصلح من أساسه كل حاجة ما بينا ماتت من سنين طويلة ومينفعش ننبش في القبور اللي فيها الميتين.
ثم ختمت حديثها موجهه حديثها للجميع:
-مع السلامة…
رد الثلاثة عليها
“مع السلامة”.
أما رابعهم مدحت الذي يقف مذهولًا وقبل أن تصلها زوجة شقيقه الأكبر إلى باب الشقة هتف بتردد:
-زهران وابنه هيجوا يوم الجمعة علشان قراءة الفاتحة هو كلمني النهاردة.
كان تعقيب يسرا بسيطًا قبل أن ترحل:
-هتيجي وتكون أب لبنتك يتفق لجوازتها ويتفق اتفاقات يقدر عليها ويكون راجل تعالى أنا مش همنعك، لكن هتيجي تعمل حركات وكلام ملهوش لازمة أو تمد ايدك على بنتي تاني ده اللي مش هسمح بيه..

____________
يوم الخميس.
ما قبل قراءة فاتحة نضال وسلمى…
كانت سلمى في منزل بهية كعادتها من أجل “الحقنة”…
توطدت علاقة سلمى بريناد قليلًا وتعاطفت معها حتى أن ريناد أخبرتها بأنها من الممكن أن تشترك في صالة الألعاب الرياضية حينما تعود إلى العمل مرة أخرى؛ أحبت الفكرة ولم تجد أشتراكها مبلغًا ضخمًا بالنسبة لها، بل أن بهية شجعتها بأنها سوف تقنع أبيها بأن يدفع اشتراكها…
نما إلى سمع سلمى وبهية صوت الجرس فنهضت الأولة، لتفتح الباب بسبب وجود ريناد في المرحاض…
فتحت سلمى الباب ووجدت أمامها نضال مرة أخرى، ودياب كان يهبط على الدرج بسرعة لكنها استطاعت رؤيته وهنا عقبت سلمى بعدم فهم من وجوده هنا :
-هو المنظر ده كل شوية بيتعاد ولا إيه؟!!.
 

   •تابع الفصل التالي "رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent