Ads by Google X

رواية الوشم السائر الفصل الثامن عشر 18 - بقلم اسماعيل موسى

الصفحة الرئيسية

 رواية الوشم السائر الفصل الثامن عشر 18 - بقلم اسماعيل موسى

الوشم_السائر

                 ١٨

صمتُ قليلًا وأنا أراقب المشهد؛ نيرة منشغلة بما تفعله، وشروق تقلب بين القنوات بلا اكتراث، وكل شيء يبدو طبيعيًا بشكل مرعب .
 الجو المشحون في الغرفة كان ينبض تحت السطح، كتيار كهربائي ينتظر شرارة ليشتعل.
احب تلك الاجواء التى تسبق العاصفة عندما تكون كل الاحتمالات صفريه. 

كنت أضع قدميّ على الطاولة وأراقب نيرة بعين نصف مغلقة شعرت أن شيئًا ليس على ما يرام، لكني لم أستطع تحديده، كأن هناك قطعة ناقصة في هذا اللغز، وبدا ان نيرة مستمتعه بما تفعله وانا ايضآ
فليس كل يوم يجد الإنسان امرأه تلائم رغباته الاعقلانية ورغبت فى سماع بشيء يشعل حماستى، ان ما ينقصنى الأن صوت الموسيقى قبل أن انطلق
فجأة، ارتفعت نظراتي والتقت بعيني شروق التي كانت تحدق بي بصمت وتحدى تلك النظرة لم تكن بريئة على الأطلاق  كانت مليئة بشيء لا أستطيع وصفه... شيء يشبه التحدي، أو ربما الأنتقام او شيء اخر شعرت به انا وحدى، رغبه ملحه فى الاحتضان المؤذى العصر المؤلم، امساك حبة كاكا وعصرها على الطاوله حتى آخر قطرة 

"بتفكر في إيه يا عوني؟" سألت شروق وهي تبتسم ابتسامة زائفة.

"بفكر إني عشت حياتي كلها أدور على الحقيقة، لكن الحقيقة دايمًا بتستخبى في أوسخ الأماكن."

ابتسمت نيرة وهي تنظر نحوي، وقالت: "إيه التشاؤم ده يا عوني؟ دايما شايف الدنيا سودا؟ 

قلت وانا ابتسم، عندك موسيقى فى تليفونك يا شروق؟
موسيقى؟
اه عندى، بتدور على حاجه محدده؟
جيوسيب تارتينى
ابتسمت شروق ابتسامه ساحره، انت تعجب يا عونى
لكن خطير
ثم سمحت للموسيقى ان تنطلق 

فجأه نظرت نيرة إليّ بنظرة قلق، ثم قالت: "انت شاكك في مين يا عوني؟"

"شاكك في الكل، حتى في نفسي."

نهضت شروق من مكانها واتجهت نحو المطبخ، صوت خطواتها كان هادئًا، لكنه بدا على الأرضية كأنه يحفر في رأسي.

"عايز أطلب منك طلب يا عوني،" قالت نيرة وهي تقترب مني مرة أخرى، "مهما حصل، متسبنيش لوحدي."

نظرت إليها، عينها كانت مليئة بالخوف، لكن خوفها كان يبدو غير طبيعي، كأنها تخشى شيئًا لا أستطيع رؤيته، 
 لو عندك سر، الأفضل إنك تقولي دلوقتى يانيرة 

ترددت نيرة  قليلًا، ثم قالت بصوت خافت: "في حاجات عن شروق إنت ما تعرفهاش."

"زي إيه؟" سألت وأنا أشعل لفافة تبغ أخرى.

"زي إنها مش بريئة زي ما بتظهر."

صوت غليان الماء في المطبخ كان يطغى على الصمت المتوتر في الغرفة، لكن كلمات نيرة اخترقت أذني كأنها رصاصة صامتة.
أشعلت سيجارتي وأخذت نفسًا عميقًا، ثم نظرت إليها بحدة
ودفعت قدمى فى حضنها 

"مش بريئة؟ وضحي يا نيرة، ما عنديش وقت للغموض."

ترددت للحظة وهي تعبث بأطراف قميصها، حيث تقبع حبة الكرز ثم قالت بصوت خافت: "هي كانت تعرف حمدي أكتر من اللي بتقول... وأنا شفتها مرة بتتكلم مع واحد غريب في الشارع قبل ما جوزها يتقتل."

حاولت أن أحلل كلامها، لكن عقلها المضطرب زاد الطين بلة "وإيه اللي خلاكي ما تحكيش ده قبل كده؟"

"خفت يا عوني! شروق مش سهلة، وعلاقتها بكل اللي حصل... أنا متأكدة إنها مش صدفة."

قبل أن أرد، عادت شروق من المطبخ وهي تحمل صينية عليها كوب شاي وفنجان قهوة، ابتسامتها الهادئة كانت تبدو طبيعية، لكنها كانت تخفي شيئًا مظلمًا خلفها،وضعت الشاي
بطريقه محببه أمامي وجلست على الأريكة المقابلة، تطوي ساقيها بطريقة مريحة وكأنها في عرض مسرحي.

"إيه يا جماعة؟ صوتكم واطي ليه؟ كأنكم بتحكوا سر؟" قالت شروق وهي ترتشف قهوتها.
انتو مخبين حاجه عنى؟ 

"إحنا كنا بنتكلم عن اللي حصل لحمدي." تعمدت أن أراقب رد فعلها.

شروق رفعت حاجبها وكأنها تفكر في إجابة، ثم قالت: "الله يرحمه... بس أنا مليش دعوة بيه، ده كان مجرد حد عابر في حياتي، شخص التقيته صدفه وربما اعجبنى شيء فيه 

"عابر؟" قلت وأنا أضع كوب الشاي على الطاولة ببطء. "عابر لدرجة إنه مات بنفس طريقة جوزك وجوز أختك؟"

تجمدت شروق للحظة، لكن سرعان ما استعادت رباطة جأشها. "ما عرفش يا عوني، يمكن يكون قاتل مجنون بيتسلى بينا، يمكن الدور عليك او على، او عليها واشارة إلى نيرة
أنا مالي؟"

صمتت الغرفة مرة أخرى، لكن التوتر كان يزداد كثافة كأنه يمكن قطعه بسكين، نيرة نظرت نحوي بخوف واضح، بينما شروق استمرت في شرب قهوتها وكأن الأمر لا يعنيها
ثم نهضت فجأه، كم قطعة سكر يا عونى؟
اربعه من فضلك يا شروق
وضعت شروق قطع السكر داخل الكوب وقلبته ببطيء حذر

"على فكرة يا شروق، الباب كان مفتوح لما دخلتي." قلت وأنا أحاول استدراجها.

"مفتوح؟" ردت ببراءة مصطنعة. "يمكن انتي يا نيرة اللي نسيتي تقفليه."

"أنا؟ مستحيل!" قالت نيرة بسرعة، ثم نظرت نحوي وكأنها تبحث عن دعم.

"شروق، أنتي اللي قتلتِ حمدي؟" سألتها بصراحة فجائية.

ضحكت بصوت عالٍ. "إيه ده؟ بجد؟ إنت بتتهمني؟"
انت دايما بتبهرنى يا عونى وهزت رأسها مع الموسيقى 
"أنا ما باتهمش... أنا بسأل."

شروق وضعت فنجان القهوة على الطاولة، ثم انحنت للأمام لتحدق في وجهي مباشرة
ومعا انحنائها بأن شيء محبب لى، شيء اراتدتنى ان أراهثم همست ولو أنا قتلته فعلاً، هتعمل إيه؟"

سكتُ للحظة، أراقب التحدي في عينيها، ثم قلت بهدوء: "هتصرف."

أطلقت شروق ضحكه ضخمه، لكنها كانت ضحكة قصيرة، أشبه بالهمس. "حلو... أنا بحب الرجال اللي يعرفوا يتصرفوا
وانا بعرف اتصرف مدام شروق وجدا 

وقفت شروق فجأة، تمسح يديها ببعضهما وكأنها تخلصت من قلق لم يعد يهمها. "أنا هروح أنام، لو محتاج حاجة، خلي نيرة تساعدك.، انا متأكده ان نيره هتعرف تساعدك اووى باي باي، عوني."

راقبتها وهي تختفي داخل الغرفة، ثم التفت إلى نيرة التي كانت على وشك الانهيار.

"انتِ قلتي إنها مش بريئة، بس ما كملتيش."

نيرة ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت: "شروق مش بس تعرف حمدي... هي كمان..." توقفت فجأة، كأن الكلمات علقت في حلقها.

"هي كمان إيه، يا نيرة؟"

"هي كمان عندها نفس الوشم...الورده و الثعبان المجنح."

يتبع اترك تعليقك
google-playkhamsatmostaqltradent