Ads by Google X

رواية الحصان و البيدق الفصل الثامن عشر 18 - بقلم ناهد خالد

الصفحة الرئيسية

    

  رواية الحصان و البيدق الفصل الثامن عشر 18 - بقلم ناهد خالد

 

دلف بكل وقاحة  وكأنها ليست واقفة، بل والأدهى اصطدامه بكتفها أثناء عبوره! تركت الباب مفتوح وسألته بانزعاج وهي تدلف خلفه:




_ مين حضرتك وازاي تدخل كده؟




التف لها ساخطًا وهو يقول:




_ مش قولتلك روحي نادي سيدك!




كادت تتحدث ليهتف بها بقوة غاضبًا:




_ أنتِ لسة واقفة! اما انك بهيمة مبتفهميش صحيح.. المفروض اعيد كلامي كام مرة عشان تفهمي وتتحركي؟




ادمعت عيناها من صراخه بها وسبه لها، وانعقد لسانها من الإجابة، وشعرت بقليل من الخوف من هيئته التي ظهر بها شرًا غير مبرر تجاهها!




_ اهلاً يا حسن بيه، خير؟




التفتا كلايهما على صوت "مراد" الذي صدح فجأة وهو ينزل الدرج، لتشعر بالراحة ويتبخر خوفها في الحال، فقد كانت تستنجيه بداخلها، تناديه بصمت ولبى النداء..




قال "حسن" بضيق:




_ كويس انك نزلت، الناس اللي مشغلهم عندك دول مبيفهموش باين، بقالي ساعة بقولها تناديك وواقفة متنحة.




نقل "مراد" بصره لها ليرى بعض الدموع تلمع في عينيها، تقف تفرك في اصابعها بتوتر وقلق، كالتلميذه المذنبة! رأى في نظرتها اطمئنان لوجوده، وسمع صوتها الصامت يخبره أن يعرف ذاك الغريب هويتها، او ربما هي متأكده اساسًا من أنه سيفعل، عاد ببصره ل "حسن" ليرى في نظرته انه يدرك هويتها جيدًا، هو فقط أراد إهانتها....




_خير؟ في حاجة مهمة خلتك تيجي لبيتي؟




اتسعت عيناها ذهولاً وهي تراه لم يأخذ رد فعل على حديث الشخص المسئ لها، وتخطى الأمر!




_ جاي اشوف مراتي وابني.




ابتعلت شهقتها بداخلها وهي تنظر ل "حسن " بعدم تصديق، هل هذا والده!!؟ هل هو حسن وهدان نفسه؟ وتلقائيًا رجعت خطوة للوراء.. تخشاه، تخشى هذا الرجل من مجرد ذِكر اسمه، وجملته التي قالها لها ذات مرة قديمًا تتردد في أذنها الآن

" بكره مراد يقتلك زي ما قتل أختك، واللي يقتل مرة.. يقتل ألف"

كان يحادثها كأنها شخص كبير وليست طفلة يرعبها بحديثه، لذا لازالت ذكرياتها تجاه سيئة، وتخشاه، نسيت شكله لكنها لم تنسى حديثه السام لها.




_ ابنك بتشوفه في الشركة، قول إنك جاي لمراتك.




رد ببرود:




_ اه جاي لمراتي يا مراد، حد له عندي حاجة! أنا شايف إنك كفاية اوي قعادها هنا، غير إني مش مأمن عليها في وجود البت اللي روحت اتجوزتها دي، مين عارف ممكن تعمل فيها ايه ولا تعاملها ازاي. 




اتسعت عيناها ذاهلةً وهي تستمع لحديث "حسن" والذي أدركت الآن كنيته، انه هو والده، ووحش طفولتها، الذي لطالما أظهر عداءًا واضحًا تجاهها، طالما حدقها بنظرات لمعت بها شرارات التحذير والغضب، دومًا أظهر رفضه لوجودها وقربها من ولده، كل مشاكل مراد معه كانت بسببها، واخيرًا تهديده لها بترك المنزل والهرب، كل هذا كان كافيًا لها لتظهر خوفها وبغضها له في آنٍ واحد الآن حين علمت هويته، نقلت نظرها ل "مراد" موقنة بأنه سيدافع عنها الآن، لكنها صُدمت حين تجاهل الحديث عنها لثاني مرة وقال موجهًا الحديث للجزء الأهم:


 

                

_ مش أنا ولا أنت اللي نقول كفاية قعدتها.. هي الوحيدة اللي لها حق تقول كفاية او لأ هي ماما. 




_ وانا بقول لأ. 




أتى صوت "ليلى" من خلفهم بعد أن خرجت بكرسيها من المصعد الكهربائي، لتمتعض معالم "حسن" يسألها بضيق واضح:




_ يعني ايه؟ 




وبثبات اجابته:




_ يعني امشي يا حسن، انا مش هسيب بيت ابني ، ولا هرجع بيتك تاني. 




ابتسم ابتسامة ساخرة، ونقل انظاره بينهم جميعًا، ثم قال وهو ينظر ل "ليلى" أخيرًا:




- براحتك.. براحتك يا ليلى وأنا كده عملت اللي عليا معاكي. 




شدت ظهرها بقوة، ونظراتها الشامخة اوشت له بعدم اهتمامها للأمر.. فهو حقًا لم يعد يشكل فارق لها. 




لم يتوقف هنا بل اكمل بجملة مُبهمة:




_ عشان محدش يلومني على اللي هعمله بعد كده. 




وانسحب من بين الجميع بعدما رمى نظرة نارية للواقفة بعيدًا شاخصة ببصرها وقد ظهر خوفها جليًا على وجهها، خرج وساد الصمت لدقيقة قبل أن تقطعه "ليلى" بابتسامة مصطنعة وهي تنظر ل "خديجة" :




_ مالك يا خديجة خايفة كده ليه؟ 




نظرت لها وهي على نفس حالتها لكنها هزت رأسها بانكار واهي، فخوفها طاغي عليها، لتكمل "ليلى" :




_ متخافيش حسن ميقدرش يعمل حاجه، وإن كان على دخلته دي مجرد فرشة عشان يخوفنا، أنا فهماه كويس، لكن انا واثقة إن مراد هيقدر يوقفله لو فكر يعمل حاجه. 




حولت نظرها في هذه اللحظة ل "مراد" لتجد نظراته مريبة، مُفزعة! لِمَ ينظر لها هكذا؟ توترت وتراجعت خطوة تلقائيًا وكأنها تحاول تفادي تلك السِهام التي تنطلق من عينيهِ ولكنها مُسلطة عليها! أشاحت ببصرها بعيدًا، وابتلعت ريقها الجاف تقول:




_ أنا.. أنا مش خايفة.. هطلع اصحي مصطفى. 




وانسحبت سريعًا من بينهما تصعد درجات السلم ركضًا، تابعها بنظراته الداكنة، واسنانه المطبق عليهم بقوة كادت تهشمهم، وملامحه المتصلبة، حتى انتبه لصوت "ليلى" يقول:




_  مالك يا مراد؟ وشك قلب ليه؟ اوعى تكون اهتميت لكلامه. 




نظر لها وقد هدأ من حدة ملامحه باحترافية وقال:




_ لا ابدًا، انا متوقع انه يحاول يعمل اي حاجة، لأن عمره ما هيحب يفضل الوضع بالشكل ده، خصوصًا إنك جيتي هنا برغبتك وضد رغبته.. حتى انا مستغرب ان زيارته اتأخرت. 




هزت رأسها بتأكيد ثم قالت:




_ معاك حق، هو مستحيل يسكت، واكيد في حاجه ناوي عليها، المهم حاول تهدي مراتك لأن خوفها منه باين، ولو حس انها بتخاف منه ممكن جدًا يستغلها في اي حاجه ضدنا. 





        

          

                

ارتفع صدره بنفس قوي وانخفض فجأة قبل أن يقول:




_ متقلقيش، انا هتصرف معاها. 




_________________




في سوهاج.... 




تقدمه يدلف لداخل البيت بعد أن أبلغ الموجودين بحضور المحامي لفتح وصية والده، والتي تفاجئ بوجودها حين أتى له المحامي صباح اليوم في عمله يخبره بأن الوالد قد ترك وصية لديهِ قبل وفاته بشهر واحد فقط، وشرطًا لفتح الوصية حضور كلاً من "باهر" و "خديجة" و "فريال" و "رباح".. والجميع حضر عدا "خديجة" والتي تحدثت مع "باهر" سلفًا وأخبرته بصعوبة حضورها وانها لا تهتم للأمر من الأساس فبالكاد تغاضى المحامي عن حضورها، جلس الجميع وعنوة جلست من بينهم "سُرية"، وفتح المحامي الوصية وبدأ بقرائتها... 




" بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله، أما بعد، فأوصي أنا المدعو" منصور.......... الدالي" بالآتي:




أن يكون لولدي" باهر منصور...... الدالي" نصف منزل العائلة الكبير، و نصف المزرعة الموجودة في الناحية القبلية، ونصف مصنع العلف الموجود بالقرب من الطريق الزراعي.




ولولدي " ابراهيم منصور..... الدالي" النصف الاخر من المزرعة القبلية، و ثلاثة أرباع المزرعة الموجودة في الناحية البحرية، ونصف المنزل الخاص بي. 




ولزوجتي "رباح........" نصف المنزل المُقيمة بهِ، وربع المزرعة البحرية.. 




ول إبنة أختي " فريال....." ربع منزل العائلة الكبير، ونصف مصنع العلف مشاركًة مع باهر..... 




ول "خديجة محمود.... الدالي" مصنع العلف الموجود بأخر البلد بأكمله، وربع منزل العائلة الكبير... ليصبح مشاركة بين باهر وفريال وخديجة. 




وأقر أن هذه الوصية دون أي ضغط، وكتبتها وأنا بكامل قوايا العقلية، على أن تُنفذ فور فتحها. 




لقد نشب الحريق في المنزل بأكمله.... 




_______________




في مطار القاهرة الدولي..




دلفت ترتدي "نقاب" اسود وعبائة من نفس اللون، تجر خلفها حقيبة سفر متوسطة الحجم، واتجهت فوراً لمكان ختم الجوازات، وقفت تحاول تهدئة تنفسها وهي تراقب الضابط يختم لها الجواز بعد أن طلب منها رفع الوشاح عن وجهها، وتأكد من أنها  الفتاة صاحبة للجواز، وارتاح قلبها أخيرًا وختم التصريح يُطبع على اوراق سفرها، واتجهت للمر المؤدي للطائرة والمتبقي فقط خمسة عشر دقيقة لإقلاعها...




صعدت للطائرة وبحث عن رقم مقعدها بلهفة حتى أتت المضيفة ووجهتها لمقعدها، لتبتسم من أسفل الوشاح وهي تراه أخذ مكانه بالمقعد المجاور لها، جلست وتصنعت انها لا تعرفه، ولكن في الخفاء شعرت بكفه يمتد ليمسك كفها، فقربته منه ليلتحم كفيهما ويهدأ قلبيهما وقد انقطع نصف الطريق..




كان يرتدي قبعة كبيرة وقد اصبغ شعره وذقنه بلون أحمر ناري وكذلك بشرته فقد لونها بمساحيق التجميل ليعطيها بياض غير طبيعي، غير ثيابه التي اتخذت تصميم غربي عجيب، فبدى وكأنه عارض أزياء أو أحد أصحاب الطبقة المخملية...




واقلعت الطائرة بعد قليل... وأصبحا يحلقا في الفضاء الآن..




ساعات قليلة وهبطت الطائرة مرة أخرى، ليبدأوا في النزول تباعًا، خرجا من المطار كما كانا، لا يعرفان بعضهما، حتى استقل كلاً منهما سيارة أجرة، واتجهت بهما لميناء تلك البلدة، وبعدها كانا يتجهان لمركب ضخم  ينقل لضفة أخرى أو بالأحرى لبلد أخرى، وقفا على حافة الميناء وأمامها ضابط يسألهما بلكنته الغربية.. 




_ هل أنتِ شيماء محمد علي؟ 




اومأت برأسها مدعية عدم فهم اللغة وعدم قدرتها على التحدث بها، اعطاها تأشيرة سفرها وجعلها تمر، وأتى بعدها ل "طارق"  ليسأله:




_ هل أنتَ انطوان جاك كروس! 




اردف بلكنة اجنبية:




_ نعم أنه أنا. 




ومرَ... ليستغرق المركب حوالي ساعة ونصف قبل أن يستقر على ميناء بلدة أخرى.... 




ترجلا منها وسارا في شوارع متعدده، خلف بعضهما، حتى دلفا لمول كبير، ومنه استطاع كلاً منهما أن يدلف لحمام ليغير ثيابه ومظهره بأكمله... 




____________




نزلت بعد قليل، وتلفتت حولها وهي تجد سكونًا غريبًا يحتل المكان، لكنها انتفضت فجأة على صوته يقول من خلفها تمامًا:




_ بتتلفتي زي الحرامية ليه؟ 




نظرت له تلتقط أنفاسها الذاهبة، ومن ثم أجابته:




_ مبتلفتش، وايه حرامية دي! انا بشوفكوا روحتوا فين عادي. 




نظرة عميقة، شعرت وكأنها تخترقها، وصمت دام لثواني، ولكن مع نظرته وصمته توترت، وارتبكت، فكادت تنسحب، لولا انه جذبها بغتًة من رسغها، لتجد نفسها ترتطم غصبًا بصدره الصلب، فتأوهت بوجع وهي ترتد برأسها لتنظر له، وليتها لم تفعل، فوجدت نظراته تخترقها قبل أن يسألها وهو يشرف عليها من فوق:




_ كنتِ خايفة من حسن؟ 


  " لحظة"

          

                

_ يمكن عشان كان عارف انك ملكش امان، كان بيأمنها. 




التف له يطالعه شذرًا:




_ متتدخلش أنتَ. 




نهض "باهر" كرسيه ووقف مواجهًا له يهتف باستعداد تام للشِجار:




_ ولو اتدخلت هتعمل ايه؟ بعدين مش انت اللي تقولي ادخل ولا لأ. 




رفع شفته العليا يحدثه بسخرية:




_ بجيت مصراوي وتتحدت زييهم، اهنه مبجاش مكانك يا حضرت الدكتور، ولا بجى يليج بيك، فمتتدخلش في اي حاچه تحصل اهنه. 




وقف ندًا له وقد اشتعلت روح التحدي بداخله ليقول بغيظ تملك منه:




- برضو مش انت اللي تقول اتدخل ولا لأ، وفريال وخديجة اخواتي، واللي هيفكر يجور على حقهم انا اللي هقفله. 




الآن وبعد اقتراب "ابراهيم" من أخيه لم يتبقى سوى أنشًا واحدًا بينهما، وعينا "ابرهيم" تنير بالشرار، وعينا "باهر" جامدة ومتحدية، ليقول الأول من بين أسنانه:




_ أنت خابر إن مفيش صفا بينا، متغفلجهاش

اكتر من اكده، وإلا الله في سماه هنسى إنك اخويا من أصله. 




صدمه "باهر" بكفه في صدره ليرتد الواقف أمامه خطوة واحدة فقط وتمالك نفسه، ليقول "باهر" بغضب:




_ وأنت فاكر اني اخوك ياله! أنت اصلاً لا معتبرني اخوك الكبير ولا متعبرني اخوك من أساسه، وبعدين مش أنا اللي تقف تهددني، اظبط نفسك عشان ماندمكش. 




_بس.... 




صرخت بها "رباح" وهي تنهض مقتربة منهما:




_ ايه هتتضربوا بعض! بكفياك يا ابراهيم عاد، الوصية هتتنفذ يعني هتتنفذ وابوك هيكون مرتاح في تربته، وكل اللي انت عامله ده مهيغيرش حاچه. 




ابتعد يهدأ نفسه ويرتب افكاره، حتى أتى على عقله الحل، فهدأ وعاد يقف بينهم يقول للمحامي:




_ شوف اللازم يا متر، وخلي كل واحد ياخد حجه ونخلص. 




والجميع لم يطمئن له عداها، جميعهم شعروا بأنه يدبر لأمر آخر، فهو لا يتهاون ولا يتنازل عن رغبته في الوصول لأمر ما، لذا فهو حتمًا يخطط لشيء في الخفاء. 




أما هي فصدقته، وارتاح قلبها لتقبله للأمر دون اللجوء للنزاع والمناطحة، ودون أن تضطر للإعلان عن نفسها والثورة لكرامتها والتي كانت حملاً على عاتقها من الأساس. 




________________




نظرة عميقة، شعرت وكأنها تخترقها، وصمت دام لثواني، ولكن مع نظرته وصمته توترت، وارتبكت، فكادت تنسحب، لولا انه جذبها بغتًة من رسغها، لتجد نفسها ترتطم غصبًا بصدره الصلب، فتأوهت بوجع وهي ترتد برأسها لتنظر له، وليتها لم تفعل، فوجدت نظراته تخترقها قبل أن يسألها وهو يشرف عليها من فوق:





        

          

                

_ كنتِ خايفة من حسن؟ 




فكرت أن تنكر خوفها منه بعد ان رأت نظرته التي توشي برغبته في الحصول على إجابة نافية, ولكن في الوقت ذاته هناك شيء يكمن خلف نظراته ونظرة اخرى اندمجت بالنظره الاولى وهي تحذرها تمامًا من الكذب أو محاولة خداعه, لذا وجدت نفسها تبوح بالحقيقه وهي تقول:




_ اه خوفت طبيعي اخاف, واحد داخل البيت من غير استئذان وبيكلمني بقله ذوق غير نظرته اللي كانت مليانه شر فطبيعي خاف.

هزه بسيطه من رأسه تبعها يقول بصوت عميق:




- لا مش طبيعي الطبيعي انك ما تخافيش من اى حد ولا من اي حاجه طول ما انا معاكي, الطبيعي إن حتى وانا مش موجود الخوف ما يعرفش طريقك ما بالك بقى وانا معاكي وفي نفس البيت وخوفتي...




ابتسامه ساخره ونقِمة زينت ثغره وهو يكمل:




- نفس البيت ايه ده انا كنت واقف قدامك وانتِ كنت واقفه تترعشي من الخوف كل ما يبص لك!!




حاولت امتصاص غضبه والذي استشفته بوضوح فقالت بهدوء صادق:




- يعني حتى لو انتَ عاوزني ما اخافش وانت موجود اكيد ده مش هيحصل على طول كده! احنا يا دوب لسه عايشين مع بعض قريب مش طبيعي إن انا ابقى مطمنه دايمًا بوجودك, وعمومًا الشخص ما بيطمنش غير بالمواقف, المواقف هي اللي بتخلي الشخص يطمن بوجود حد معين جنبه , يعني اعتقد مش من حقك تبقى غضبان كده عشان خوفت وانتَ موجود!




ونجحت, استطاعت امتصاص غضبه واقناعه بوجهة نظرها, فترك كفها لتبتعد خطوة واحدة وتسمعه يقول بهدوء مخالف لغضبه:




-ماشي يا خديجة وإن كان على كونك تطمني وانا معاكي فده انا هعرف اعمله كويس , بس الموضوع مش كده وبس, انا مش عاوزك بس تطمني وانا موجود او بوجودي انا عايزك انتِ نفسك ما تخافيش, مش عشان حد موجود او لا انا عاوز أعلمك ان مافيش اي حد في الدنيا يستاهل انه يثير خوفك.




انكمشت المسافه ما بين حاجبيها وظهر الضيق على ملامحها وهي تسأله:




_ هو فعلاً والدك ما يعرفنيش؟ هو انا متأكده انه ما شافنيش قبل كده بس يعني على الاقل كان طبيعي يشك إن أنا خديجه! لكن هو من اول ما فتحتله بيعاملني على اني الخدامه ده حتى ما حاولش يسألني أنا مين! 




ظهرت السخريه جليه على وجهه وارتفع جانب شفته العليا مستهزأً وهو يقول:




_ ما يعرفكيش! حسن بيه عارف دبت النمله اللي بتحصل في حياتي يعني عارف كويس إن أنا ما جبتش خدم وإن ما كنتيش انتِ خدامه زي ما هو قال هتكوني مين! 




اتسعت عيناها بعدم تصديق وهي تردد:




_ ولما هو عارفني ليه ادعى انه فاكرني الخدامه؟ 




رفع منكبيهِ تزامنًا مع تحريك رأسه لليمين وهو يردف:




_ شوفي انتِ. 





        

          

                

استغرق الامر ثواني قليله معها تفكر في سبب ادعائه الكاذب حتى اتى الجواب لعقلها لتقول فوراً بصدمه:




_ يعني هو كان عارف وقصد يقول عليا اني خدامه عشان يهني ويقلل مني! حب يوضحلي بطريقه غير مباشره ان حتى مظهري مايلقش إني اكون مرات ابنه.. 




وصمته كان خير تأكيد على ما توصل إليهِ عقلها, قطبت ما بين حاجبيها بضيق وعدم فهم في الوقت ذاته وهي تسأله:




_ ولما انتَ فهمت كده من الاول ليه ما تدخلتش؟ يعني انتَ كنت سامع اهانتي ووقفت تتفرج! فهمني ما تدخلتش ليه؟؟! 




نظرته الغامضة، وهدوءه اثار استغربها، تحرك الخطوتين الفاصلتين بينهما فاصبح قريبًا منها، تمامًا مرة اخرى، واكتفى بجمله اكثر غموضًا:




_ شكلك نسيتِ اللي علمتهولك زمان، بس ما فيش مشكله نعيد من الأول. 




وهل عاد مراد القديم لعهده؟ هل عاد يعاملها كطفله صغيره يشكلها على يده؟ يزرع فيها قيم يراها صحيحة، وربما هو فقط من يراها هكذا، وقيم اخرى ينتزعها منها رغم صوابها؟ 




لم تفهم جملته التي زينها الغموض فسألته:




_ يعني ايه مش فاهمه؟ ايه اللي انتَ علمتهولي زمان ونسيته؟ 




اجابها وكأنه يأخذها لسنوات مضت يعيد تذكيرها بما كان يعلمها اياه قديمًا:




_ علمتك انك ما تستنيش حد ياخد حقك، علمتك ان مهما كان اللي يغلط فيكِ او يجي عليكِ حتى لو ابوكِ نفسه تاخدي حقك منه، فازاي كنتِ عوزاني ارد وادافع عنك؟ 




تنفس بصوت مسموع ثم اكمل:




_ مش هرد يا خديجة، ومش هدافع، ومش هاخدلك حقك، عشان تتعلمي انتِ تاخديه.. يمكن بقولك اطمني لوجودي وطول ما انا موجود ما ينفعش تخافي، بس ده مش معناه انك تلغي شخصيتك! وبعدين لو اتعودتِ إن أنا اللي ارد وادافع واخد حقك في اي وقت مش هكون موجود فيه مهما اتقال لك ومهما اتداس على كرامتك مش هتعرفي لا تردي ولا تاخدي حقك، وده انا مش عاوزه... 

رغم إني بعد كده مليون في الميه هاخدلك حقك بس انا مش عاوز كده، مش عاوزك تعتمدي عليا ولا على اي حد، مش عاوز خديجه تكون شخصيه ضعيفه اللي رايح واللي جاي بيلطش فيها... عاوز الكل يعمل لها الف حساب عشانها هي شخصيًا قبل ما يكون عشان كونها مراتي. 




كيف لكلماته رغم حدتها أن تسعدها هكذا؟ كيف تغللت لداخل اعماقها بهذا الشكل لتلمع عيناها ويرفرف قلبها وهي تستمتع بكلماته، وأول ما خطر على عقلها هو المقارنه بينه وبين معظم الازواج، والذي من بينهم "ابراهيم" ابن عمها كيف ان الاخر يفعل كل ما يفعل ليهدم شخصيه زوجته، وهو هنا يفعل كل ما يفعل ليحاول بنائها بالشكل الصحيح... الاخر يسعى جاهداً لمحو شخصيه زوجته، بينما الواقف امامها على النقيض تمامًا فهو يحاول خلق افضل شخصيه منها, وهذا ما جعلها ممتنه له، ممتنه بالشكل الذي دفعها للوقوف امامه لا تنطق بحرف واحد تعقيبًا على حديثه، وانما فقط تنظر له وكأنه... آخر الرجال المحترمين!!!! 





        

          

                

-روحتِ فين؟




سؤال افاقت عليه يخرج منه بعد ان اطالت الصمت والنظر, فابتسمت بصفاء وهي تجيبه:




_ معاك ماروحتش في مكان، هعملك فنجان القهوه اللي طلبته على ما تغير هدومك ما لحقتش تغيرها. 




ابتسم لها والتقط كفها رفعه لفمه وطبع قبله عميقه فوقه جعلتها تنتفض داخليًا من شعورها بملمس شفتيهِ فوق كفها ورفع رأسه لها ثانيةً يقول بنبره حنونة مُحبة:




ماشي يا حبيبي و تسلم ايدك مقدمًا. 




وانسحبت من امامه متجهه للمطبخ، ووقف هو ناظراً امامه متنهداً بعمق كأنه يفكر في شيء ما، انهى وقفته وهو يقول بتوعد:




_ اما نشوف هتعمل ايه يا حسن بيه، ده انا حتى متشوق قوي انك تعمل حاجه.. 




وكانت جملته تخبرنا بمدى استعداده وترحيبه ببدء المعركه.




----------------------------




سارا في شوارع متعدده، خلف بعضهما، حتى دلفا لمول كبير، ومنه استطاع كلاً منهما أن يدلف لحمام ليغير ثيابه ومظهره بأكمله... 




خرجا من المول هي غيرت ثيابها ومظهرها لتصبح مرتديه بنطال من الجينز الازرق وفوقه كنزه بدون اكمام من اللون الاسود وتركت لشعرها المصبوغ بلون احمر يشبه دم الغزال العنان لينسدل حراً على كتفيها، ولم تنسى مستحضرات التجميل التي تفننت في وضعها لتغير ملامحها قليلاً، وذلك القرط الصغير الذي ثبتته في فتحة انفها، تمشي بثقه مجاوره للذي اصبح مجاوراً لها الان بعد ان غير مظهره هو الآخر... ليرتدي ثياب أقل غرابه من تلك التي ارتداها أولاً فارتدى الآن بنطال من الجينز الاسود وقميص بني اللون ووضع قرط صغير للغايه في اذنيهِ وغير طريقه تصفيف شعره ليصبح للخلف، ويضع سيجار فخم بين شفتيه يمتص دخانه من وقت لآخر. 




_ اعتقد كده اقدر اقول اننا نجينا. 




قالتها "هاجر" وهي تتنفس براحه ليجيبها "طارق" بابتسامه سعيده:




_ بما اننا وصلنا للنقطه دي وماحدش ورانا يبقى اه فلتنا. 




اغمضت عيناها لوهله وتمتمت بصوت مسموع:




_ الحمد لله، الحمد لله، ما كنتش متخيله ان الكابوس هيخلص وهنقدر نهرب منهم. 




وصلا لبيت صغير مكون من طابق واحد معظمه نوافذ وابواب زجاجيهؤ وسقفه على شكل مخروطي منحدر الجانبين، اخرج طارق مفتاحًا من جيبه وفتح به باب المنزل ودلفا فاغلقه خلفه وهو يقول:




_ انا كنت واثق في مراد، وعارف انه هيقدر يخرجنا منها من غير ما ياخدوا خبر، بس ما انكرش من وقت للتاني كنت بقلق وبحس ان الموضوع مش هيتم. 




مشطت المكان بعينيها وهي تقول:




_ بس هو كان قايلك اننا هنسافر بعد يومين، ليه فجأه اتصل عليك بعد ما دخل بيته وقالك ان ميعاد الطياره بعد نص ساعه!؟ 





        

          

                

جلس على كرسي موجود بردهة المنزل الصغيره واجابها:




_ عشان دايمًا الحاجه اللي بتيجي فجأه هي اللي بتنجح، ومبحبش يقولي الميعاد امتى بالظبط عشان ما يبقاش في اي احتماليه ان الموضوع يفشل، ده غير ان اصلاً مراد بطبعه ما بيحبش حد يعرف حاجه قبل ميعادها، زي ما قلتِ بيعرفني ميعاد الطياره قبلها بنص ساعه... بس يلا المهم ان احنا نجحنا والكابوس ده انتهى. 




اقتربت منه حتى جلست على يد كرسيه واحتضنت عنقه تسند رأسها على رأسه وتنفست بعمق وهي تقول :




_مش مصدقه ان من النهارده ما فيش حاجه هتفرقنا عن بعض تاني، واننا هنكون سوا طول الوقت حاسه اني بحلم يا طارق. 




احتضن خصرها بذراعيهِ مقربًا اياها له وهمس لها يطمئنها:




- لا يا قلب طارق ما بتحلميش، دي حقيقه يا هاجر حقيقه بعد كل المرمطه اللي اتمرمطناها وعلاقتنا اللي كانت في الضلمه ومش عارفين نخرجها للنور، نكون دلوقتي مع بعض وقدام كل الناس اللي حوالينا وابننا قريب هيكون معانا وهنعيش الحياه اللي اتمنناها. 




سألته بقلق ظهر في صوتها واضحًا:




_ بس تفتكر ربنا هيبارك لنا في حياتنا الجايه بعد كل اللي عملناه.. احنا غلطنا كتير قوي يا طارق، مشينا في طريق غلط وساعدنا ناس كتير فاسده على فسادهم، وكنا وسيلة في يوم من الايام ان الفساد ده يستمر. 




ارتعش بدنه على ذِكر الله، واحتمالية عدم مسامحته لهما، والا تسير حياتهما على النحو المرجو منهما كعقاب على افعالهما السابقة، قطب ما بين حاجبيهِ قلقًا وجاهلاً:




_ مش عارف، مش عارف اذا كان ربنا هيسامحنا ولا لأ، ومش عارف إن كان هيبارك لنا في حياتنا ولا لأ، بس كل اللي عارفه اننا عمرنا ما حبينا اللي كنا فيه، يمكن في الاول اه حبينا الفلوس، حبينا المكانة اللي خدناها، حبينا حياتنا اللي اتغيرت، لكن بعد كده احنا ما كناش عاوزين نستمر.. ولو كان بايدينا كنا من زمان قوي وقفنا الشغل معاهم وبعدنا عنهم، ربنا عارف اننا كنا مجبورين حتى لو في الاول كان ده اختيارنا، مش عارف يا هاجر لإن للأسف ما اعرفش كتير عن ربنا فما اقدرش اقولك إذا كان كل اللي عملناه هيسامحنا عليه ولا لأ..... 




تنهدت واغمضت عيناها سانده رأسها على رأسه من جديد وقررت الصمت، فلا اسئلتها يمتلك هو جوابا لها، ولا اسئلته تمتلك لها جواب، ولعل الايام تكون هي خير جواب... 




----------------------------




انتهت مهمة المحامي وأخبرهم بأنه سيبدأ في إجراءات الوصية ليصبح لكل شخص حقه باوراق مسجلة حسب وصية المتوفي, وبعد ان انتهى ذهب المحامي و خرجت "سرية" من البيت بعد أن رمت "ابراهيم" بنظرات غاضبة وحانقة و جمله وحيده قالتها دون ان تنتظر رد عليها:




" كبرت يا ابراهيم وبجيت تجف جدامي وتعلي صوتك عليا وتناطح من غير ما تعمل حساب لشكلي جدام الغريب, لا بجيت راجل يا ابن اخوي.





        

          

                

 وهو لم يهتم بالتعقيب على حديثها وتركها تخرج دون ان يحاول حتى ايقافها, وبالمثل فعل "باهر" حين نهض عن كرسيه متجهًا لرباح وتحدث معها لدقيقتين تقريبًا قبل أن تحتضنه مودعه إياه , ويتجه ل "فريال" يقف امامها وهو يقول لها بصوت حرص على ألا يسمعه غيرها




" لو عملك اي حاجه او حسيتِ بأي خطر منه تتصلي عليا فوراً وهتلاقيني عندك, وما تخافيش وما تسمحيش له انه ييجي عليكِ وما تفرطيش في حقك يا فريال ,مهما عمل ومهما قال انا معاكي عمري ما هسيبك, وزي ما قلت قدامه انتِ وخديجة اخواتي الصغيرين وفي اي وقت هتحتاجوني هكون جنبكم في لحظه حتى لو كان ضد اخويا"




 نظره ممتنة وابتسامة هادئة هدته اياهم وهي تؤكد له 




"ما تقلقش لو حصل اي حاجه انتَ اول حد هجري عليه واحكيله سافر وانت مطمن وخلي بالك من نفسك"




 وبعد انسحاب الجميع ومن بينهم رباح التي اتجهت لغرفتها لتصلي فرضها, أشار لها إبراهيم بأن تتبعه لأعلى , وفعلت كما أراد واتبعته لغرفتهما الخاصة فدلفت خلفه مغلقة الباب نازعه عنها حجابها وشرعت في أن تتجه لخزانتها لتأخذ ثيابا منزليه مريحه, لتتوقف على صوته يقول:




تعالى يا فريال رايد اتحدث معاكِ في حاجة اكده.




 اتجهت ناحيته حتى وقفت خلفه وهو ينظر من نافذة الغرفة وسألته باستغراب:




خير يا ابراهيم حاجة ايه  اللي  رايدني فيها؟




 التف لها يقول بهدوء تام:




بكره المحامي هيروح يسجل لكل واحد حجه كيف ماجال جدامنا تحت, يعني بكره هيكون ربع البيت الجديم ونص مصنع العلف هيكونوا باسمك ,هنستنى اسبوع اكده وهنروح الشهر العقاري تنجليهم باسمي.




 وكأن أحدهم ضربها بمطرقه على رأسها,  شعرت وكأن رأسها تطوف بلا هوادة, لم تفسر حديثه في بداية الأمر ومع مرور الوقت بدأت تستوعب ما يخبرها او أدق ما يجبرها على فعله, وهل هدأ وقبل بالأمر منذ قليل لانه نوى ما اخبرها بهِ الان؟!  وكأن اليوم أبى أن يمر دون أن يترك لها حرية الاختيار إما أن تكن عروسًا معلقه بخيط يتلاعب به الجميع للابد, إما أن تعلن عن كونها انسانة لها حق وقرار, وما ظنته قد هربت منه في الأسفل اتى الآن ليكن واقعًا مريرًا لا هرب منه!!




 هو ينتظر أن تخبره بالموافقة على حديثه لا ينتظر رداً لا بالاجابه  او القبول,  وهي تستعد لاخذ قراراً بالتقدم او البقاء في نفس النقطة .




  والأدهى أن عقلها الآن يفكر لِمَ ظهرت الوصية اليوم تحديداً؟ فهي فقط بالامس كانت قد قررت أن تترك كل هذا وتهرب، والهروب كان بالمعنى الحرفي.. كانت قد قررت ان تسافر لابنة خالها وهي لديها شعور قوي بأن زوج ابنة خالها سيستطيع حمايتها حتى من ابراهيم نفسه، واتاها هذا الشعور من تلك المواجهه التي حدثت بينهما في عزاء خالها حينها شعرت بانه له سطوه وطغيان على ابراهيم الذي تقهقر حينها وكأنه علم ان هذا الشخص ليس بهين، لياتي اليوم وتجد نفسها امام أمراً واقعاً بأن الهرب بات صعبا فكيف ستهرب وتترك الأمانه التي تركها لها خالها وكأنها رساله منه!؟ رسالة بأنها عليها المواجهه، ولأنه لم يعد معها ولن يستطيع ان يقف بجانبها، اكتفى بأن يؤمنها بمنزل تستطيع العيش فيه ان ضاق بها الحال،  ومصنع ستدبر بهِ قوت يومها.. ليس عليها اللجوء لاحد. 




وهي:




 بقيت عمراً، صامتة، متنازلة، و راضيه، وراضخة، خاضعة، اقبل واقبل، متنازله وبكل استسلام حتى عن أبسط حقوقي ك إنسانه حرة، مكرمة، وحين قررت الانتفاضه حدث ما قيدني وجعل انتفاضتي تخمد وعزيمتي تتذبذب، وبدلاً من المضي قدمًا رجعت خطوه للوراء.... 




 وهذا تحديداً ما أتى بعقلها الآن، هل ما حدث ارجعها خطوه للوراء وذبذب عزيمتها عن اخذ موقفا؟ أم أنه دافعًا بحد ذاته للقدوم للامام... 




 _ سمعاني انتِ ولا روحتِ فين؟ 




 وانتفضت على صوته وقد نفذ صبره من صمتها لتنظر له وهي تقول:




 _ سمعاك بس مش هعمل اللي هتجول عليه.. 




 فردت ظهرها وشمخت برأسها ورغم كل الخوف والذعر الذي يحتلها من الداخل لكنها أبت ظهوره عليها، وهي تكمل بشموخ انثى يعرف الطريق اليها لأول مره:




_  البيت الكبير ونص المصنع خالي أمر انهم يكونوا باسمي، حجي، وابجى عبيطه لو اتنازلت عن حاجه حتى لو كان ليك... او بالأخص لو كان ليك..!!! 




 ونظرته في تلك اللحظه وتحول ملامح وجهه كان اختباراً لها إما أن تمضي قدمًا، وتكمل إما أن ينتصر خوفها وتتراجع.....!!! 




........ انتهى الفصل...... 


 


......  


google-playkhamsatmostaqltradent