Ads by Google X

رواية صراع تحت القمر الفصل الاول 1 - بقلم اسماعيل موسى

الصفحة الرئيسية

  رواية صراع تحت القمر كاملة بقلم اسماعيل موسى عبر مدونة دليل الروايات 

رواية صراع تحت القمر الفصل الاول 1


في أعماق غابة مظلمة، حيث تتشابك الأشجار كأذرع عملاقة، كان “أركان”، المستذئب ذو العينين الذهبيتين والبنية القوية، يسير بخطوات هادئة وسط الصمت الثقيل. كان قائدًا بالفطرة، ألفا لا يقبل الهزيمة ولا يعرف الخوف. منذ سنوات، حارب لحماية قطيعه من كل خطر، ولكن هذه الليلة كانت مختلفة.
وقف أركان على حافة وادٍ صغير، يراقب ضوء القمر وهو يتسلل بين الأشجار. كان القمر مكتملًا، يغمر الغابة بنور فضي باهت.
لكن الجو كان مشحونًا بشيء غير مرئي، بشيء أكبر من مجرد ضوء القمر.
“لوسيان…” همس أركان بصوت غاضب، بينما شد قبضتيه.

لوسيان، زعيم مصاصي الدماء، كان أكثر من مجرد عدو. كان شخصًا يعرف أركان ماضيه جيدًا، ويعرف نقاط قوته وضعفه. رغم العداء الطويل بين المستذئبين ومصاصي الدماء، لم تكن هناك معركة حاسمة بين أركان ولوسيان. حتى الآن.
بينما كان أركان يخطط خطواته القادمة، ظهر فجأة صوت خطوات ناعمة قادمة من خلفه. استدار بسرعة، عينيه تلمعان في الظلام، ليجد “كيرا”، مستذئبة شابة من قطيعه.كانت كيرا تجسد قوة المستذئبين ورشاقتهم، كانت تحمل جمالًا نادرًا، جمالًا يشبه الغابة نفسها
بريًا، غير مُروض، لكنه آسر، شعرها الطويل كان أشبه بالشلال الفضي، ينساب بخفة على كتفيها ويعكس ضوء القمر كأنما يحمل بريق النجوم.
عينيها، بلون العنبر العميق، بدتا كنافذتين إلى عالم آخر، فيه مزيج من الغموض والحزم. كان فيهما شيء يجعل من ينظر إليهما ينسى للحظة كل شيء، وكأنهما تحملان حكمة الأجيال التي سبقتها.
وجهها كان منحوتًا بدقة، بأنف مستقيم ووجنتين عاليتين تضفيان عليها مظهرًا ملكيًا، بينما كانت شفتيها ممتلئتين بلون وردي طبيعي، دائمًا ما تحملان نظرة جادة، لكنها تخفي خلفها حنانًا لم يظهر إلا نادرًا.
بشرتها، بلون القمر الباهت، كانت ناعمة كأنها صُنعت من الحرير، لكن بها ندبة صغيرة تعبر على طول جانب عنقها، علامة على معركة ماضية، تضيف إلى جمالها بُعدًا من القوة والقدرة على الصمود.
كان جسدها قويًا ومرنًا، يتحرك بخفة ورشاقة كأنها جزء من الطبيعة نفسها. كل خطوة تخطوها كانت تحمل هيبة المستذئبين ونعومة الأنثى، تترك وراءها أثرًا لا يمكن نسيانه.
أما صوتها، فقد كان مزيجًا بين نعومة نسيم الفجر وقوة هدير العاصفة، يحمل في طياته نبرات ثقة وكبرياء، لكنه يكشف عن جانب حساس لمن يعرفها جيدًا.
همست كيرا
“أركان، هناك رسالة من لوسيان.” قالتها بصوت مرتجف.
“ماذا يريد الآن؟” رد أركان بحدة.
“إنه يدعوك إلى لقاء عند الحافة الجنوبية للغابة……. يريد الحديث.”
ضحك أركان ضحكة قصيرة، لكنها لم تكن مليئة بالفرح. “لوسيان لا يتحدث.

إنه يخطط’لكنني سأذهب.”
عند الحافة الجنوبية للغابة، وقف لوسيان تحت ضوء القمر، مظهره الهادئ يناقض شروره التي يعرفها الجميع،عينيه الحمراوان كانتا تتوهجان وكأنهما تريان ما وراء الظلام.
“أركان”، قال لوسيان بابتسامة هادئة، “حان الوقت لوضع حد لهذا الصراع.”
“بالتأكيد. لكن بأي ثمن؟” رد أركان، عينيه تتوهجان بالتصميم.
وقف أركان أمام لوسيان، تفصل بينهما مسافة قصيرة، لكن التوتر بينهما كان يكفي لإشعال الغابة بأكملها، كان القمر الفضي يلقي بضيائه على الحافة الجنوبية للغابة، حيث تجمعت الأشجار وكأنها تراقب بصمت.
“لوسيان، ما هذه اللعبة الجديدة؟” سأل أركان بحدة، ملامحه مشدودة والغضب يتطاير من عينيه.
ابتسم لوسيان تلك الابتسامة الباردة التي لم تفارق وجهه، “ليست لعبة، أركان، بل تحذير… وتحالف إن كنت تملك الحكمة.”
“تحالف؟” رد أركان بسخرية، “ما الذي يجعلني أتحالف معك؟”
تغيرت ملامح لوسيان فجأة، وبدأت نبرته تخلو من التهكم، “لأن شيئًا أكبر منا جميعًا قادم،كائنات الظل، اللعنة التي تُبيد كل شيء تمر به، لقد رأيتهم بأم عيني، وقريبًا ستراهم أنت أيضًا.”
“كائنات الظل؟” تساءل أركان، مترددًا لأول مرة.
أشار لوسيان إلى أطراف الغابة، حيث بدأ الظلام يتحرك بطريقة غير طبيعية،قال بصوت منخفض، لكنه مليء بالثقل: “إنهم ليسوا أحياء… وليسوا أمواتًا، مزيج من الظلام والنار، تتشكل أجسادهم من الفراغ، وأعينهم تلمع باللون الأخضر السام، يلتهمون كل شيء: الأرض، الأشجار، وحتى الأرواح.”
توقف لوسيان لحظة، ثم أكمل: “هذه اللعنة لم تأتِ من فراغ، إنها نتاج تعويذة قديمة، وُضعت لحماية هذه الغابة من أن يُسيطر عليها أي كائن حي،لكن شيئًا ما حررها، والآن أصبحت الغابة نفسها عدواً لنا.”
لم يكن لدى أركان وقت ليستوعب الكلمات. فجأة، ارتفع صراخ غريب من أطراف الغابة. التفت الجميع، ورأوا الظلال تتكثف وتتحرك، تتشكل منها مخلوقات غريبة. أجسادها سوداء كالفحم، لكن عيونها تضيء باللون الأخضر كالجمر المتوهج. كانت أنيابها بارزة، ومخالبها طويلة، وكل خطوة تخطوها على الأرض كانت تترك أثرًا محترقًا.

صرخ أحد الذئاب: “إنهم قادمون!”
اندفع أركان للأمام، وقد اشتعلت عيناه بالغضب. “استعدوا!” صاح بصوت هادر.
وقبل أن يتمكن أحد من التحرك، هاجمت كائنات الظل بسرعة مرعبة. انقضت على الذئاب ومصاصي الدماء على حد سواء، بلا تفريق. أصوات الصرخات والزئير اختلطت مع صوت تمزق الأشجار وانفجار الأرض تحت أقدام الوحوش.
وقف أركان ولوسيان جنبًا إلى جنب، دون أن ينطق أحدهما بكلمة. أدرك كلاهما في تلك اللحظة أن عدوهما المشترك أقوى بكثير مما توقعا، وأن بقاءهما يعتمد على تحالفهما.
“هذه البداية فقط…” قال لوسيان بصوت غامض، قبل أن ينقض على إحدى الكائنات بقوة مصاص الدماء.
أما أركان، فزأر بأعلى صوته، مشعلًا روح قطيعه للقتال، واندفع نحو الوحوش كالإعصار
كان صراع المستذئبين ومصاصي الدماء ضد كائنات الظل أشبه بمعركة يائسة،كانت المخلوقات تتجدد بسرعة، كلما قطعت مخلبًا لها أو شطرت جسدها إلى نصفين، كانت تتشكل من جديد كأنها تستمد قوتها من الظلام نفسه.
مع مرور الوقت، بدأت أعداد الذئاب ومصاصي الدماء تتضاءل، تناثرت الجثث، وأصوات الألم طغت على أصوات القتال،حتى الألفا أركان، المعروف بشجاعته التي لا تقهر، بدأ يشعر بثقل المعركة.
“انسحبوا!” صاح أركان بصوت غاضب، وهو يحاول حماية أحد أفراد قطيعه.
رد لوسيان: “ليس لدينا خيار آخر،يجب أن نعيد تنظيم أنفسنا.”
تراجع الجميع بصعوبة، محاولين الهرب من قبضة كائنات الظل. قفز المستذئبون بين الأشجار، بينما استخدم مصاصو الدماء سرعتهم المذهلة للابتعاد عن ساحة القتال.
بعد ساعات من الهرب، وجدوا أنفسهم في جزء مظلم ومهجور من الغابة، حيث الأشجار كانت ميتة والجذوع سوداء كأنها محترقة. بدا المكان كأنه قديم، مليء بالرهبة.
“نحن بحاجة إلى إجابة… أو ستمحى كل حياتنا قريبًا.” قال أركان وهو يلهث.
حينها، تحدث أحد كبار الذئاب، وكان عجوزًا يعرف خبايا الغابة: “همس العجوز ربما هناك من قد يعرف الإجابة، ذئب ضرير يعيش في كهف
قادهم العجوز إلى مدخل الكهف، الذي كان مخفيًا بين جذور شجرة عملاقة ميتة. كان المدخل ضيقًا ومظلمًا، وكأنما يقود إلى جوف الأرض نفسه. تقدم أركان بخطوات حذرة، يتبعه لوسيان وباقي المجموعة.

داخل الكهف، كان الظلام كثيفًا، والهواء باردًا ورطبًا، امتدت الجدران الصخرية بشكل غير منتظم، وكانت محفورة عليها رموز غريبة تشبه الكتابات القديمة. صوت قطرات الماء المتساقطة كان يتردد في المكان، يزيد من رهبة الكهف.
في نهاية الممر الطويل، وصلوا إلى قاعة واسعة مضاءة بضوء أزرق خافت، مصدره بلورات غامضة متوهجة على الجدران، في وسط القاعة، كان يجلس ذئب ضخم، فروه رمادي ووجهه يحمل آثار الزمن. كانت عيناه بيضاء تمامًا، علامة على أنه ضرير، لكنه بدا وكأنه يرى ما حوله بطريقة ما.
“لقد كنتم أغبياء بما يكفي لإيقاظ لعنة الظلال.” قال الذئب بصوت عميق ومتعب، دون أن يرفع رأسه.
تقدم أركان بخطوة: “نحتاج إلى مساعدتك. كيف نقضي عليهم؟”
تنهد الذئب الضرير، وكأنه يتذكر ذكريات مؤلمة. “منذ قرون، كنت شابًا عندما ظهرت هذه المخلوقات لأول مرة. إنها ليست من عالمنا. الظلام الذي يحركها أقدم من أي شيء في هذه الغابة.”
“وكيف توقفت؟” سأل لوسيان ببرود، وعينيه الحمراوان تلمعان في الظلام
 

google-playkhamsatmostaqltradent