رواية الحصان و البيدق الفصل العشرون 20 - بقلم ناهد خالد
"لمن الغلبة؟"
" ندًا لند، كلاً منهما لديهِ سرًا يدين بهِ الآخر، فيا ترى لِمن الغلبة!؟ من سينفش ريشه كالطاووس ومن سيدفن رأسه كالنعامة!؟"
فاقت من شروها على يد "باهر" يحركها وهو يقول:
_ روحتي فين؟
نظرت له مبتسمة بحزن جم، وقالت بنبرة ألم:
_ روحت لاخوك.
تنهيدة حارة صدرت منه، ونظر لها بيأس مستنكرًا:
_ بردو؟ لسه مُصرة تشغلي بالك بيه؟
حركت رأسها باستسلام وخزي وهي تجيبه:
_ لو كان بيدي كنت نزعته من جلبي وعجلي نزع، بس أنت خابر زين، الموضوع خارج ارادتي.
صمت، وشعر بها، فكيف يلومها وهو الآخر على نفس حالها، رغم انه من أراد وقرر البعد، لكنه لم يستطع أن يجبر عقله على الترك...
ومن منا يتحكم في عقله؟ فيما يفكر وفيما لا يفكر بهِ؟ وياليتنا نستطيع، لرحمنا أنفسنا من افكار سامة، وذكريات مُرهقة، وأشخاص لا يستحقون أن يمروا بعقلنا حتى، وإناس أُغلقت حكايتهم ووُضعت نقطة النهاية فلا فائدة من تذكرهم سوى جلب الوجع والحزن..
_ ربنا يهون يا فريال، بس صدقيني إبراهيم أقل من أنه يشغل تفكيرك.
ابتسمت بألم وتجمعت الدموع في عينيها وهي تخبره بمكنونات صدرها:
_ هو اللي طلجني يا باهر... بعد كل اللي سواه فيا، هو اللي يجولها وبكيفه، كان المفروض انا اللي اطلبها، والمفروض بردك اني ارتاح بعد ماجالها، بس انا مش مرتاحه واصل، جلبي ممرتاحش وجايد نار، ومخبراش السبب، عشان هو اللي رماني!؟ ولا عشان جلبي ماريدش البعد من أصله؟
_ مش هتفرق.
قالها بهدوء تام، وأكمل بنفس الهدوء والاقتناع:
_ لو عشان هو اللي طلق فده هتعملي فيه ايه، هترجعي بالزمن عشان تطلبي أنتِ الطلاق؟
ابتسمت ساخرة وهي تقول:
_ لا هرجع بالزمن عشان اعدل حاجة تانية...
ورجعت بذاكرتها لذاك اليوم مجددًا...
حين هدرت "رباح" بدون قصد ولم تكن تعرف أن الأمر سينقلب عليهما:
_ تطلجها! عشان ربع بيت ونص مصنع يا نتن! طب ماهياش متنزلالك عن حاجة، واعلى ما في خيلك اركبه.
أدركت هي ما سيؤول إليه الأمر، فهو لن يتمسك بها، بل سيلقيها على مصرع ذرعيهِ دون أن يهتم أو يتردد حتى! فهمست بصوت مسموع.. همست برعب وذعر حتى أن صوتها يخرج بالكاد:
_ لاه.. بلاش يا ابراهيم.. دي لحظة شيطان بلاش تخرب بيتنا..
وهذه الجملة تحديدًا ما تندم عليها، ليتها لم تتحدث في تلك اللحظة، ليتها خرست واطبقت شفتيها عنوة كي لا تبوح بما يهين كرامتها أكثر.. لو رجعت بالزمن إما ستصمت، إما ستثور هي الأخرى وتخبره أن يفعل، يطلقها وينتهي الأمر السخيف هذا برمته....
نظر لها بملامح قاسية، كما كان دومًا، وبنبرة جافة:
_ أنتِ طالج..
وذهب فورًا من أمامهما تحت صراخ والدته التي لم تتوقع أن يفعلها وهي تلحق بهِ لترده عما فعله، وانخرطها هي في بكاء عنيف، قاسٍ، كقسوة نظراته منذ قليل....
~عودة~
تنهدت بقوة وهي تقنع ذاتها قبل أن يكون حديثها موجه للجالس جوارها:
_ هنسى.. كل حاجة بتتنسي يا باهر، خصوصًا الشين "الوحش".. بس شوية وجت "وقت"...
_ بس الحلو عمره ما يتنسي يا فريال، مينساش الحلو إلا قليل الأصل..
نظرت له تساله بحزن عليهِ:
_ ليه طلجت مرتك؟ أنتَ كان باين عليك إنك بتحبها جوي..!!
ضحك باصطناع أدركته:
_ أصل الحلو مبيكملش.. يعني لا حلو نافع، ولا وحش نافع.
دعت له بصدق:
_ ربنا يهدي سركوا يا باهر، وكل حاجة ترجع أحسن من الأول..
وعلى ذِكر سرهما! رآها... جميلة كالعادة، تأتي من بعيد متألقة في ثوب نهاري يناسب اجواء الحفل، بلونه الزهري الفاتح، ليتلائم مع مياة البحر تمامًا، وشعرها يتراقص بفعل الهواء، تمسك في ذراع والدها المجاور لها، وهي تنظر هنا وهناك حتى وقعت عيناها عليهِ حين أصبحت على مقربة أكثر منه...
ضُرب قلبها بعنف دقاته حين ابصرته، كانت متأكده انها ستراه هنا ولكن للفعل وقع آخر، سمعت والدها يخبرها:
_ باهر اهو يا ستي.. تعالي يلا نروحله.
وللأسف والدها لا يعرف بشأن طلاقهما بعد..
نهض حين اقبلا عليهِ واستغرب ابتسامة والدها وترحيبه بهِ، ثم أردف يقول:
_ استلم يا سيدي مراتك، أنا عاوز افهم يعني مجبتهاش معاك من امبارح ليه، لازم تبهدلوني وراكوا؟
نظر لها على الفور باستغراب وقد شعر بحيرة واضطراب، انقذته وهي تقول لوالدها:
_ يا دادي قولتلك، هو امبارح كان مستعجل وأنا في ترتيبات بحب اعملها قبل أي مناسبة ما بالك بقى أنها في بلد تانية، هو بالنسباله يلا على الغردقة يبقى اخد فستاني اللي هلبسه على كتفي ونجري، لكن انا مش كده عندي ترتيبات... بعدين سبني اسلم على القمر دي بقى..
قالتها وهي تقبل على "فريال" بابتسامة مرحبة، فقابلتها الأخرى بمثلها، وتعانقا مرحبان ببعضهما، ثم اتجهت تصافح وتعانق "رباح" بحب مماثل، فهي تعلم أن باهر يحب هذه السيدة، ثم التفت على صوت والدها بعدما حياهما بهدوء يقول:
_ طيب، هروح انا بقى يمكن الاقي حد من رجال الأعمال اللي اعرفهم هنا، اسلي وقتي...
_ متقلقش يا عمي هتلاقيهم كلهم، ده مراد باشا فرحه ولا فرح سفير تانزانيا..
_ اشمعنا تانزانيا؟
ضحك بخفه يجيبه:
_ اهي اللي جت على لساني..
بادله "نبيل" الضحك وهو يقول:
_ ماشي، يلا استأذنكوا أنا..
_ اتفضل..
قالها الجميع لينصرف هو بعيدًا عنهم، ويلتف "باهر" ل "جاسمين" بتوتر بالغ، وقلب يدق كطبول الحرب، لم يتحدث فقط نظر لها بصمت، لتقول هي بسخرية:
_ محبتش اعرفهم دلوقتي... كده كده هقولهم مش باقية عليك اوي يعني.. بس مش دلوقتي ..
استمعت لصوت "رباح" تقول:
_ جاسمين يا حبيبتي، ما تستهدوا بالله يا بتي وتجعدوا تسووا اموركوا مع بعض، يمكن ربنا يهدي الأحوال.
التفت لها بأعين تلمع في مقلتيها:
_ انا مش محتاجه اهدى، مش انا اللي المفروض اقعد واتكلم يا طنط، مش أنا اللي نهيت عشان أنا اللي أصلح.
نظرت "رباح" لباهر وكادت أن تحدثه، لكنه هز رأسه نافيًا من خلف "جاسمين" لتصمت "رباح" فجأة مدركة عدم رغبته في فتح الحديث في الموضوع..
ابتسمت ساخرة ومتوجعة وهي تدرك أن رباح حصلت على إشارة منه للصمت، فاتجهت لمقعد مجاور ل "فريال" تجلس فوقه وهي تقول بضجر وكبرياء:
_ لولا معزة خديجة عمري ما كنت جيت أصلاً، مش ناقصة سدة نفس.
لكزتها "فريال" برفق من أسفل الطاولة لتصمت، لكنها تحدثت باصرار:
_ ايه بتنغزيني ليه؟ بلاش اقول اللي في نفسي كمان؟!
أتاها الرد منه وهو يقول بهدوء:
_ سبيها يا فريال تقول اللي عوزاه.
اغتاظت واشتعلت من بروده كما تراه، فنظرت له بشرار نظراتها:
_ تصدق بالله أنتَ ما عندك دم..
وجملتها كانت صادمة للجميع، بما فيهِ هو لكنه اكتف بامتصاص غضبها يقول:
_ اللي تشوفيه.
وهل امتصه؟ بل اشعله أكثر لكنها كتمته بداخلها و هي تشيح بوجهها بعيدًا كي لا تفتعل شِجار في وسط الحفل المكتظ بوسائل التواصل سواء كان صحافة أو إعلام أو حتى ما يهتمون بمواقع التواصل الاجتماعي....
ابتسم بخفه وهو يراها تكتم غيظها وغضبها بصعوبه حتى أن وجهها قد اكتسب لون احمر جراء هذا.
______________
في غرفة العروس.....
رن هاتفها برقم غريب، لتتجه له تلتقطه تطالع الرقم باستغراب.. فتحت الخط بهدوء لتسمع صوته يقول:
_ نصيحة مني تسيبي الفرح وتخفي.. عشان اللي هيحصل بعد كده مش هيعجبك...
قطبت ما بين حاجبيها بخوف وقلق وهي تسأل:
_ مين معايا!؟
_ حسن وهدان.
بكل عنجهيه ولامبالاة عرف نفسه، ليرتجف جسدها وتجلس فوق الفراش بصعوبة وهي تسمع لحديثه المهدد لها:
_ الجوازه مش هتتم.. بس قولت اديكي فرصة أخيرة تهربي فيها بنفسك عشان لو اتدخلت هتتأذي..
أيهددها؟ هذا أول ما جاء بخاطرها، وثانيًا لا يجب لها أن تسمح لأحد أيًا كان أن يضع إصبعها تحت ضرسه، أو أن يشعرها بأنه لديهِ ما يدينها، هذا ما أخبرها بهِ مراد منذُ أيام... وهي لن تفعل كما في الماضي، لن تهرب، ولن تعطي له الفرصة بأن يتحكم في حياتها مره ثانية، لذا هَدأت من نفسها وجلست فوق الكرسي ثانيًة بارتخاء، وهي تسأله بنبرة حاولت جعلها ماكره، قدر المستطاع كي تُظهر أنها لا يُستهان بها..
_لو فكرت تهددني تاني هقول اللي عندي ووقتها أنتَ اللي هتنضر مش أنا.
استمعت لنبرته الساخرة وهو يقول:
_ بقى أنتِ هتضريني أنا، مبقاش غير حتة بت زيك اللي تهددني، ده أنا امحيكي من على وش الدنيا يا بت أنتِ.
جلست على كرسيها ترجع بظهرها للوراء تجيب بدورها بهدوء تام:
_ قولي يا حسن بيه، لو مراد عرف إنك السبب في هروبي زمان تفتكر ممكن يعمل ايه؟
وعلى عكس ما توقعت تمامًا، فقد توقعت انه سيبدأ بالتراجع في حديثه، ستشعر بالتوتر في نبرته، كما اخبرها مراد!!! ولكن اتسعت عيناها ذهولاً حين صدحت ضحكاته عاليه عبر الهاتف، وبعد ثواني كان يقول بهدوء وبال رائق:
_بتهدديني! وانتِ فاكره إن ده تهديد! لو أنتِ عندك حاجه فاكره إنك تقدري تهدديني بيها، فأنا عندي الأجمد.. تحبي تسمعي؟..
صمتت وتعالى تنفسها بتوتر، سرعان ما تحولت ملامحها، شحب وجهها، وضاق تنفسها، وبعد ثواني كانت تقول بهمس خرج بالكاد:
_أن... أنتَ.. أنتَ عرفت ازاي؟؟
وهي من خرج صوتها مهزوزًا وبان التوتر في نبرتها وبدأت تتراجع في حديثها... كما أخبرها "مراد"..!!
ليجيبها الآخر بغرور وانتصار:
_ أنا ما فيش حاجه في الدنيا بتخفى عني، يعني اعتقد أنتِ بقيتِ متأكده من ده لما عرفت سر ما حدش يعرفه غير أنتِ والباقيين الله يرحمهم..
لقد انهالت صخرة الواقع فوق رأسها، وما عليها الآن سوى المسايسة ومحاولة الوصول لنتيجة ترضيها، فقالت بلجلجة واضحة:
_ على فكرة أنا.. أنا لو سبت الفرح ومشيت، هـ.. هتحصل مشكلة والناس هتتكلم والصحافة اللي بره دي.. بعدين.. كله فاكر إني بنت خاله، فليه اهرب واسيب الفرح.. إلا لو عرفت حاجه عن العريس أو ميت مبرر تاني الصحافة هتكتب عنه.
_________________
وصلا لمكان حفل الزفاف...
ليترجل من سيارته معدلاً من سترة بدلته بحنق واضح، ونظر للباب الآخر الذي ترجلت هي منه، ومعها صغيرهما تعدل ثيابه وتحثه على السير..
تجاورا بعد أن تجاوزا السيارة ليزفر باختناق، فغمغمت وهي تسير بأناقة تليق بها كسيدة أعمال الآن:
_ بطل تنفخ، وترتني طول الطريق واتخنقت انا كمان.
عقب ساخرًا:
_ وتتخنقي ليه؟ ده حتى أنتِ عامله اللي في مزاجك وجاية فرح صاحبتك.
_ عشان لما حد جنبك يكون مضايق عدوى الضيقة هتتنقلك تلقائي، مسمعتش عن الموضوع ده قبل كده؟!
_ مش عاوز اسمع.
رددها بعصبية لتقف وتوقف صغيرها الممسكة بيده والذي ارتدى بدله أنيقة كوالده، وقالت بينما تنظر له بحده:
_ طب أنتَ عندك معلومه إن أنا ما غصبتكش تيجي معايا، قلتلك كفايه تبعت معايا عربيه بالسواق، أنتَ اللي أصريت تيجي، وطول الطريق عمال تقولي أنا جاي فرح واحد ما بحبوش وما فيش بينا ود وجاي غصب عنك طب ليه كل ده؟!
اجابها ببساطة:
_ اكيد مش هسيبك تيجي فرح في بلد تانيه وطريق سفر، وفرح كبير زي ده هيبقى ناس كتير لوحدك.
عادت تكمل سيرها وهي تقول بهدوء:
_ خلاص يبقى ما تنكدش عليا اليوم، مش كل شويه لازم تفكرني انك جاي غصب عنك.
سارت لبعض مسافه ثم احست بشعور بالضيق فتوقفت فجأه وهي تخبره:
_ أنا عاوزه... عاوزه الحمام ضروري.
سألها قاطبًا ما بين حاجبيه:
- أنتِ تعبانه يعني ولا عادي؟
هزت راسها بهدوء:
_ عايزه بس اظبط الميكاب..
_ تمام...
_________________
سارَ بين رواد الحفل وعيناه تطوف على هنا وهناك منبهراً بتصاميم الحفل الخاصه جداً، لتليق بحفل كبير كهذا والجميع على قدم وساق كي لا ينقص الحفل شيئًا، وكاميرات المصورين اتخذت اماكنها لتصبح جاهزه لاستقبال العروسين لحظة ظهورهما، ظل يتجول لبعض الوقت حتى وقعت عيناه على ما جعله يتوقف لثانيه قبل أن يقترب من نقطة ما بعينيها، وخاصًة تجاه شخص ما، وفجأه كان يقول وقد وقف خلف الشخص تمامًا:
_ حسن..!
التف المذكور خلفه ليرى "نبيل" يقف امامه فقال بهدوء تام وملامح عاديه، باردة، لم يظهر عليها اي اندهاش:
_ أهلاً يا نبيل...
نظر له نبيل معاتبًا وهو يقول:
_ توقعت انك على الأقل هتبعتلي دعوة فرح ابنك، ولا احنا بقينا غرب للدرجادي..
قلب عينيهِ بملل ويبدو أن الحديث لا يروقه، ثم قال:
_ انشغلت في ترتيبات الحفله ونسيت.. بعدين انا شايفك جاي من غير عزومه! يعني ما كنتش مستني الدعوه...
حرك رأسه غير راضيًا عن إجابه شقيقه ثم قال:
_ الحقيقه انا مش جاي عشان احضر الحفله، أنا جاي لسببين، أولاً عشان بنتي جايه تحضر الحفله لأن العروسة صاحبتها، غير إن جوزها قريب العروسة، والسبب الثاني عشان عاوزك في موضوع كلمتك فيه 100 مره بس النهارده مختلف....
رفع حاجبيهِ بضيق وهو يهمهم:
_ يبقى موضوع أمك..
_ أمنا...
قالها "نبيل" بحده وقد طفح بهِ الكيل، وأكمل بنفس حدته:
_ أمنا اللي خلاص في أواخر أيامها، واللي بقالي اكتر من سنتين بقولك تعالى زورها، لا عاوز تيجي تزورها ولا عاوزني اعرفها إني عارف مكانك، للدرجادي قلبك قاسي عليها!! أنتَ بتعمل فيها كده ليه؟؟
نظر له بضيق واردف:
_ أنتَ شايف أن ده وقته؟ في فرح ابني جاي تكلمني في موضوع زي ده؟
_ويا ترى امتى وقته يا حسن بيه، انا كل وقت بكلمك فيه في الموضوع ده بيكون مش وقته، بتتهرب وبتقفله معايا وبتقولي مش هزور حد، فقلي امتى وقته؟
_حل عن دماغي يا نبيل.
قالها بحدة وضيق وهو يذهب من أمامه، لينظر "نبيل" لاثره بقلة حيلة فلا فائدة معه في الحديث.
_______________
تركا "فريال" و"رباح" الفرصة لهما للانفراد سويًا متعللتان بذهابهما للحمام، الصمت كان سيد الموقف لا هو تحدث ولا هي بادرت، حتى أتى والدها وهو يقول:
_ طبعًا أنتِ هتروحي مع جوزك..
شعرت بأن هناك ما يضايقه فسالته بقلق:
_ في ايه يا دادي شكلك متضايق؟
اجابها بهدوء محاولاً الظهور طبيعيًا:
_ ما فيش انا تمام.. بس كنت عاوز ارجع عشان كده بسألك، هترجعي معاه؟
سألته باستغراب:
_ وجيت ليه؟ انا قلتلك مدام هترجع بسرعه كده انا ممكن اجي لوحدي عادي، أنتَ اللي قلتلي والد مراد يبقى صديق ليك وداعيك.
_ انا جيت عملت الواجب وقعدتي مالهاش لازمه، عندي شغل لازم ارجع القاهره.
_تمام انا هرجع مع باهر.
قالتها وهي تنظر له بينما يطلعها بذهول، لينسحب والدها في هدوء، فنظرت له تقول بكبرياء لا يلائم الموقف:
- عملت بنصيحة تيتة، قالتلي مادام بيحبك وعمل كده عشان مصلحتك مش رغبة منه في البعد، ومادام أنتِ مش عاوزه تبعدي يبقى متسبيهوش لشيطانه اللي راكبه، ولو فكر يبعد عنك تاني طلعي عين أمه.
_ أمه؟!!!
قالها معقبًا بدهشة رغم سعادته الجمة بحديثها وقرارها الذي فهمه، لتنظر له ببرائه تقول:
_ أصل انا حكيالها إنك مبتحبش أمك.. مبترتحش معاها يعني، فمحبتش تقول عين ابوه، عشان متزعلش لأنك بتحب باباك الله يرحمه.
رفع حاجبه الأيسر باستنكار، مقنعة هي في مبررها!!!
_________
ها هي العروس قد انتهت من كل تحضيراتها والآن يقوم المصور المحترف بالتقاط عدة صور تذكاريه لهما في اماكن جماليه مختلفه....
يسند جبهته على جبهتها كما طلب منه المصور ينظر في عيناها وهي تفعل المثل.. تنظر له ولكن عقلها شرد في مكان مختلف تمامًا، لا يكاد ينصرف عن تذكر حديث معين بنبرة صوت "حسن" وهو يقول باستمتاع كأنه كان موقنً من أن ما سيقوله سيثير الرعب في نفسها
" تخيلي أنتِ مراد ممكن يعمل ايه لو عرف إنك مش خديجة.... ولا بنت محمود ولا مصطفى اخوكي.... وإن خديجة دي ماتت من وهي صغيرة"
- تابع الفصل التالي "رواية بك احيا" اضغط على اسم الرواية