رواية بستان حياتي الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم سلوى عوض
مر أسبوع وأمنية كانت محجوزة في المصحة النفسية، حالتها بتسوء يومًا بعد يوم. حاولت إيذاء نفسها عدة مرات، مما اضطر الطبيب إلى نقلها إلى غرفة مبطنة خالية من أي أدوات قد تستخدمها. ومنعت الزيارات عنها تمامًا، وبدأت حالتها النفسية تؤرق الجميع.
في تلك الأثناء، كان الجد قد تعافى وعاد إلى السرايا. بمجرد وصوله، سأل سليم عن الأوضاع وما حدث أثناء غيابه. وقف الجميع في صمت للحظات، ثم بدأ الجد يتساءل:
الجد: “فينه فؤاد ولدي ؟
سليم: “يا جدي، لازم تهدى وترتاح الاول .”
الجد: “أنا بجيت زين يا ولدي. فاهمني .”
تدخل جمال في الحوار قائلًا:
جمال: “رد على جدك، يا سليم. واحنا كمان لازم نفهم الي حصل .”
أخذ سليم نفسًا عميقًا وبدأ يحكي كل ما حدث خلال الأيام الماضية. شرح كيف أن أمنية تم نقلها إلى المصحة النفسية بسبب تدهور حالتها، وكيف أن عمه فؤاد أصبح منعزلًا تمامًا في غرفته، لا يتحدث مع أحد. أثناء حديثه، لم يتمالك الجد نفسه وبدأ في البكاء.
صافي (بحزن): “كل ده بيحصل وإنتم هنا لوحدكم؟”
جمال (بحدة): “ليه ما بلغتوناش باللي بيحصل؟”
فريد: “كفاية اللي كنتوا فيه ياعمي ؛ ربنا معانا وعمِّي العمدة ما سابناش ووقف جنبنا.”
سليم: “والله يا جدي، ولاد عمي طلعوا رجالة بجد. يا زين ما ربيت.”
الجد: “وفؤاد فينه دلوقت؟”
سليم: “عمي فؤاد من وقت ما خرج من المستشفى وهو حابس نفسه في أوضته. مرات عمي، نجوى، هي اللي بتخدمه. الأول كانت بتروح تزور أمنية وترجع تاخد بالها منه، لكن لما الزيارات اتمنعت بقت قاعدة معاه على طول.”
الجد: “أصيلة يا نجوى وبت أصول.”
جمال: “وسهير دي وأخوها، إيه اللي حصل لهم؟”
فريد: “جوز سهير جه ومعاه مرات وليد والجزار أبوها وقالوا إنهم هيسلموهم للحكومة. وفعلاً، اتقبض عليهم ومستنيين المحاكمة. كده خلصنا من شرهم، الحمد لله.”
بينما الجد يتابع الحديث، لاحظ غياب بستان، فتساءل:
الجد: “فين بستان؟ وحشتني جوي.”
عمر (مازحًا): “يا جدي، في هنا ناس بتغير.”
ليلى ونور : “إحنا عمرنا ما نغير من بستان، دي أختنا.”
عمر: “لا، ما أقصدكوش إنتوا.”
سليم: “قصده عليا أنا.”
الجد (يبتسم): “هي فينها صح؟”
نور (بتردد): “بصراحة، يا جدي…” (تتوقف فجأة عن الكلام).
الجد (يقلق): “في إيه؟ مالها؟”
نور (بسرعة): “مافيش، يا جدي. بستان بخير والله. هي بس من ساعة اللي حصل لأمنية وهي قافلة على نفسها وبتراسل الدكاترة برا عشان يساعدونا في حالتها.”
ليلى (بمزاح): “يعني بستان بس اللي وحشتك، يا جدو؟”
عمر (يضحك): “نهارك مش معدِّي، يا ليلى. إحنا كلنا كوم وبستان كوم تاني لوحدها.”
سليم : “وبعدين معاك يا زفت؟”
عمر: “مش كده، يا جدي؟ مش بستان أغلى واحدة عندك؟ كمان الوحيدة اللي مسموح لها تدلعك وتعملك النسكافيه كل يوم؟ واللي بتسمع معاك الأغاني اللي بتحبها؟”
سليم (يضغط على أعصابه): “صبرني يا رب وما أخنقش الواد ده.”
فريد (يضحك): “حد ياخد على كلام عمر ”
عمر : “والله كل اللي قلته حصل.”
الجد يبتسم ويهز رأسه قائلاً:
الجد: “بجد. بس إنت وهو ليه ما جتش تسلموا عليا؟”
ليلى: “ما قلنا لك، يا جدي…”
الجد: “لا، بجد وحشتني بستان جوي. دي أطيب قلب في الدنيا. يلا يا ليلى، ناديها.”
—————————————-
في غرفة “بستان”، كانت جالسة على سريرها وبجانبها اللاب توب الخاص بها، منشغلة بمراسلة الأطباء خارج مصر على مدار اليوم والليل، في أمل منها لتحسين حالة “أمنية”. انغمست في العمل لدرجة أنها نسيت أن اليوم هو موعد عودة جدها.
فجأة، يُسمع صوت طرقات على الباب، ثم تدخل “ليلى” وهي تقول:
ليلى: “إيه يا بنتي؟ جدك رجع وعايز يشوفك!”
بستان (وهي تغلق اللاب توب بسرعة وتقفز من على السرير): “يا خبر أبيض! ده أنا نسيت إن النهارده رجوع جدي!”
تجري مسرعة إلى السلالم لاستقبال جدها.
عندما رأت جدها في الصالة، انطلقت نحوه وعانقته بشدة.
بستان: “جدو حبيبي! وحشتني قوي! أنا كده روحي رجعت لي تاني. ربنا ما يغيبك عني أبدًا يا حبيبي.”
الجد (باشتياق شديد): “وحشتيني جوي جوي يا جلب جدك. يا أم جلب أبيض كيف الجطنه، يا بسبوسة جدك انتي!”
بستان (وهي تضحك): “وإنت كمان وحشتني أوي، يا سولي!”
سليم (بنبرة غيرة): “إيه يا حج؟ أنا بغير، والله!”
الجد (يضحك): “ما تغيَّر براحتك يا سليم.”
تقترب “صافي” وتعانق “بستان”.
صافي: “بوسي، حبيبتي، وحشتيني.”
جمال: “وحشتِ عمك أوي، يا وردة العمرية!”
سليم : “هو مفيش غير بستان اللي بتحبوها؟ ما تحبوا ليلى ونور شوية كمان!”
الجد (يضحك): “ده أنا أغلى عليها منك، صح يا بسبوسة؟”
بستان: “أكيد صح، يا قلبي!”
سليم (بعصبية): “أنا خارج برا!”
الجد (يبتسم): “اجعد، اجعد! كنا بنهزر معاك، يا ولدي!”
————————————
في السرايا، وصل العمدة والحاجة نادية للترحيب بعودة الحاج سليم، وكان الجو مليئًا بالود والحب.
نادية: “نورت الصعيد يا أخويا.”
الحاج سليم: “منورة بأهلها الطيبين اللي زيكم.”
ثم التفت الحاج سليم إلى “بستان”، قائلاً:
الحاج سليم: “تعالي معايا يا بستان، نطلع نطمن على فؤاد.”
بستان: “حاضر يا جدي.”
جمال: “أخويا فؤاد مسكين. خدني معاك، يا أبويا، أطلع أطمن عليه.”
صافي: “وأنا جايه معاكم.”
جمال: “لا، خليكي دلوقتي عشان ما يبقاش في إحراج.”
صافي: “حاضر يا جمال.”
صعد الحاج سليم مع “بستان” و”جمال” للاطمئنان على فؤاد. كان المشهد مؤلمًا للغاية؛ فؤاد جالس على كرسي متحرك، جسمه مغطى ببطانية، عينه مغلقة، وفمه معوج، لا حول له ولا قوة. زوجته “نجوى” كانت بجواره، تمسح وجهه وتقرأ له القرآن.
اقترب الأب من فؤاد وحاول احتضانه، لكن فؤاد بدأ يبكي بشدة. من داخله، كان يتمنى أن يسامحه والده، ولكنه لم يستطع التعبير عما بداخله بالكلام.
جمال (بعينين غارقتين في الدموع): “يا حبيبي يا أخويا… الله يشفيك ويقومك لينا بالسلامة.”
بستان (بحنان): “عمي فؤاد، بلاش بكى ربنا كبير، وإن شاء الله هتخف وتبقى زين. قول يا رب من قلبك.”
نجوى (بابتسامة مليئة بالأمل): “يا عمي، فؤاد بجى يصلي وأنا بقرأله قرآن عشان ربنا يشفيه ويحرصه.”
الحاج سليم: “أصيلة يا نجوى. ما هملتيش فؤاد بعد اللي عمله معاكي.”
نجوى: “أهمله إزاي يا عمي؟ فؤاد جوزي وأبو عيالي وعشرة عمري. الشيطان كان مسيطر عليه وراح لحاله، ومين فينا مش عُرضة للشيطان؟”
جمال: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إن شاء الله هتخف يا أخويا وتقف على رجلك. أنا مليش غيرك، إنت وأبويا. هتخف عشانا كلنا.”
نجوى: “يا رب يا أبو سليم، يا رب.”
الحاج سليم: “داعيلك من قلبي، يا ولدي. وقلبي وربي راضين عليك. ربنا يثبتك على إيمانك. يلا يا ولدي، خف وقوم، أومال مين اللي هيقف معايا في فرح العيال؟ ومين اللي هيطلع معايا الحج السنة دي؟”
نجوى: “ربنا يشفيه ويعافيه ويديله الصحة والعمر ويخليك لينا يا عمي يا رب.”
بستان: “جدو، أنا وأنا بقلب في المواقع الطبية عرفت إن كل ما الحالة النفسية تتحسن، الشفاء إن شاء الله بيكون أسرع.”
الجد: “من بُوجك لباب السما يا بتي.”
جمال: “أنا بقول يا حج إن فؤاد ينزل تحت في الأوضة اللي تحت عشان نبقى كلنا حواليه.”
الجد: “حديتك صح، يا جمال. نادي على الشباب عشان ينزلوا عمهم.”
بينما كان الجميع منشغلين بنقل فؤاد، شعرت “نجوى” بأن فؤاد سعيد، رغم ضعفه، وشكرت الله على تحسن حالته النفسية.
—————————————–
ذهب بستان لغرفتها، عادت “بستان” إلى بحثها عن علاج لـ”أمنية”. أثناء تصفحها لأحد المواقع الطبية، وجدت دكتورة متخصصة ومشهورة عالجت حالات مشابهة. تواصلت معها فورًا، وبعد محادثة قصيرة، أكدت الدكتورة أنها تستطيع علاج “أمنية”.
فرحت “بستان” جدًا وذهبت على الفور إلى جدها لتخبره بالأمر.
بستان: “جدو، ممكن أزور أمنية وأشوفها؟”
الجد: “وماله، روحي يا بتي.”
سليم: “لا، أنا جاي معاكي.”
فريد: “وأنا كمان جاي معاكم.”
—————————————
وصلوا المستشفى، وكان الجميع في حالة ترقب لما سيحدث. توجهت “بستان” إلى الدكتور المسؤول للحديث عن حالة “أمنية”، وبينما هي منشغلة بالمناقشة، اقترب شخص وسلم على “فريد” بحماس ثم احتضنه.
فريد: “إزيك يا دكتور مازن؟ هو انت اشتغلت هنا؟”
مازن: “أيوة يا فريد. الحمد لله على كل حال.”
فريد: “طب بقولك إيه، أمنية بنت عمي فؤاد محجوزة هنا، وأنا عايزك إنت اللي تباشر حالتها.”
ارتسمت علامات الحزن على وجه “مازن”، إذ كان يعرف “أمنية” من قبل، وكانت تحمل مكانة خاصة في قلبه. هو كان يحبها، لكنه لم يجرؤ على الاعتراف بذلك بسبب ظروفه العائلية البسيطة وخوفه من الرفض.
مازن (بحزن): “إيه اللي حصلها يا فريد؟ إزاي وصلت للحالة دي؟”
فريد: “اللي حصل لها حاجة صعبة جدًا، لكنها قوية، وأنا معتمد على الله وعليك. وبصراحة… أنا عارف إنها غالية عندك.”
خفض “مازن” عينيه للحظة، ثم رفع رأسه بعزيمة.
مازن: “هي محجوزة في عنبر كام؟”
فريد: “لا، هي معزولة في أوضة لوحدها لأنها حاولت تأذي نفسها أكتر من مرة.”
مازن (بصدمة): “للدرجادي؟ طب أنا هطلع على ملفها، لكن مبدئيًا لازم أخرجها من الأوضة دي وأمشيها في الجنينة. لازم تتعرض للناس والطبيعة، ده جزء مهم من العلاج.”
فريد: “وده مش خطر عليها؟”
مازن: “لا متقلقش أنا هتابع حالتها بنفسي خطوة بخطوة.”
في هذه اللحظة، اقترب “سليم” بعدما لاحظ انشغال “فريد”.
سليم: “إيه يا فريد؟ سايبنا ليه؟”
فريد: “ده الدكتور مازن، وهو اللي هيتابع حالة أمنية. إنسان محترم جدًا وعنده خبرة كبيرة.”
بدأ “فريد” يشرح للجميع ما ينوي “مازن” فعله لعلاج “أمنية”.
بستان: “ده نفس الكلام اللي قالتلي عليه الدكتورة “هيلين” لما كنت براسلها! أكدتلي إن تحسين النفسية ودمجها مع الطبيعة والناس له تأثير كبير، بس خلي بالكوا معاها.”
مازن (بابتسامة خفيفة): “الدكتورة هيلين؟ دي أستاذتي، كانت بتدعمني وأنا بدرس. طريقتها في العلاج فعّالة جدًا ونتايجها رائعة.”
سليم: “أنا تحت أمرك في أي حاجة يا دكتور. أهم حاجة أمنية تخف.”
غادر الجميع المستشفى بعدما شعروا بالاطمئنان لوجود “مازن”، الذي ذهب مباشرة لقراءة ملف “أمنية”. بعد اطلاعه على التفاصيل، قرر البدء في خطة العلاج فورًا. وبالفعل، بدأ العمل على تحسين حالتها، واضعًا في ذهنه هدفًا واحدًا: أن تعود “أمنية” أقوى مما كانت.
—————————————-
( بعد مرور سنة )
في قصر العمري، اجتمعت العائلة في حديقة القصر للاحتفال بانتهاء “بستان” من الجامعة واستقرار حالة “أمنية” بعد علاجها مع الدكتور “مازن”، الذي تطورت العلاقة بينهما. كما تحسنت حالة “فؤاد” بشكل كبير، حيث بدأ يمشي باستخدام عكاز وأصبح قادرًا على التحدث قليلًا.
جلس الجميع يتبادلون الحديث والضحكات، حتى دخل “سليم” حاملًا أوراقًا بين يديه واتجه نحو الجد.
سليم: “جدي، الورق ده فيه تنازل مني ليك عن كل أملاكك اللي كنت مأمنني عليها. آن الأوان تعرف يا بابا إن والد صاحبي اللي ساعدني بفلوسه يبقى جدي.”
نظر “صافي” و”جمال” بدهشة، بينما اقترب “جمال” ليقبل يد والده وقال بتأثر:
جمال: “ربنا يديمك فوج راسنا يا بوي.”
سليم: “والمبلغ اللي كنت رافض تاخده، أنا شغلتهولك يا جدي وزودته. ده حقك
الجد (بحب): “ما أنا قولتلك يا ولدي ده جزء من حق أبوك، وربنا يبارك فيك.”
جمال: “احنا كلنا ملكك يا بوي، ربنا يحفظك لينا.”
قطع “عمر” الحديث بابتسامة مرحة وقال:
عمر: “بصراحة كده يا جماعة، كل الأمور بقت تمام. أعتقد دلوقتي وقت الجواز ولا إيه؟”
ضحك الجد وقال:
الجد: “موافق، بس بشرط… كلكم تعيشوا هنا في بيت العُمرية.”
سليم: “بالنسبة لي يا جدي مش هيبقى سهل أسيب شغلي في مصر.”
عمر (مازحًا): “بس جدك مش هيقدر يعيش من غير بسبوسته.”
الجد (بتأثر): “ربنا يجدرني على فراجها.”
بستان (بابتسامة): “وأنا مش هسيب هنا. ما أقدرش أعيش بعيد عنك يا جدو.”
سليم: “حاضر يا ستي. هنعيش بين هنا وهناك.”
الجد (بابتسامة رضا): “معقول كده؟ ربنا يبارك فيكم.”
في هذه اللحظة، قال “فريد” بنبرة جدية:
فريد: “بما إننا متجمعين، في حاجة مهمة عايز أقولها.”
الجد: “قول يا ولدي.”
فريد: “فاكر يا جدي الحج عبد الجواد؟”
الجد: “عبد الجواد مين؟”
فريد: “اللي كان فاتح دكان بقالة عند الجسر.”
الجد: “آه، ده راجل محترم جدًا. وعنده ولد الله أكبر كان دايمًا يصلي معانا في الجامع.”
فريد: “ولده ده يبقى الدكتور “مازن” اللي عالج “أمنية”، وهو دلوقتي طالب إيدها. وإحنا الحمد لله طلقناها من الكل ** ب اللي اسمه “وليد”.”
الجد (بتروي): “بس مش لما تخرج من المستشفى الأول؟”
سليم: “مهي دي المفاجأة يا جدي! “أمنية” هتخرج بُكرة، وهنروح نجيبها إن شاء الله.”
الجد (بفرح): “ربنا يفرح قلوبكم يا ولادي، ويكمل بخير. يا رب أيامكم كلها سعادة.”
——————————————-
في صباح اليوم التالي
ذهب الشباب إلى المستشفى لكي يأخذوا أمنيّة، التي كانت ترفض الذهاب معهم.
فريد: ليه مش عايزة تروحي معانا؟
أمنيّة بخجل: أنا أذيتكم كتير، وأنتم عمركم ما أذيتوني. وأنا كده مليش مكان بينكم، وأنا الحمد لله خفيت، وهشتغل وأشوف مكان أعيش فيه لحالي، ده أدبًا ليا.
عمر: شكلك كده لسه مجنونة.
فريد: عمر، حاسب على كلامك.
عمر: لا، مش هحاسب. هي فعلاً لسه مجنونة! يعني تسيب بيت جدها وأبوها وأمها وأخواتها، وتسيب أطيب واحد فيهم، أبوها عمر، اللي كان بيجيب لها شوكولاتة وهي صغيرة؟
أمنيّة: هو أنا عمري قولتلك “أبي”؟
عمر: بصراحة، لا. خلصيني… أقولك على حاجة؟ الواد الدكتور مازن بيحبك واتقدملك! ها؟ ده انتي جبارّة يا أمنيّة، ويضحك. حتى وانتِ مجنونة، وقعتي الدكتور في حبك.
فريد: أوعي تزعلي يا أمنيّة، انتي عارفة عمر وعقله.
أمنيّة: لا، أنا عارفة. مبزعلش منه. عقله على قدّه، ياعيني.
عمر: على أساس جايين ياخدوني أنا من المستشفى! خلصي ياستي، ويلا، كمان وافقي على العريس! عشان جدك قال لو وافقت هنتجوز كلنا في نفس اليوم، أصل جدك بيوفر وعايز يعمل فرح عائلي.
سليم: اخرس بقى يا أخي، إنت إيه بغبان؟
أمنيّة: هو مازن، قصدي الدكتور مازن، اتقدملّي؟
عمر: آه، اتقدملّك. وخلصي بقى! البت ليلى هتحمض.
أمنيّة بدموع: خايفة أجي معاكم، محدش هيرحب بوجودي.
عمر: إنتي هبلة يا بتّ! ده إنتي اختنا.
أمنيّة: يعني هما سامحوني؟
فريد: كل العيلة مستنيّينك، وكانك كنتي مسافرة ورجعتِ، وانسي كل اللي حصل.
أمنيّة: يعني بجد سامحتوني؟
عمر: دي البت دي هبلة، خلاص خليكي هنا أحسن.
أمنيّة: بالعند فيك هروح معاكم، كلهم وحشوني قوي.
عمر: طب ومازن اللي مستني كلمة منك؟
أمنيّة: اللي إنتو تشوفوه، وتنظر لفريد وسليم.
عمر: ومبصتليش ليه؟ وتقولي “اللي تشوفوه”! ياعمر، هو أنا ضيف في العيلة دي ولا إيه؟
فريد: أنا لقيت حل للواد ده… إحنا ناخد أمنيّة ونسيبه هنا، على الأقل نخلص منه.
عمر: هو أنا مش أخوك؟ كل شوية عايز تسبني في مكان.
فريد: يبقى تخرس خالص.
عمر: خلاص، خرسنا اهو.
—————————————–
بعد ما وصلوا إلى السرايا
ذهبت أمنيّة لتقبّل يد جدها.
أمنيّة: سامحني يا جدي، سامحوني كلكم.
الجد: صفحة جديدة يا بتّي، وانسي اللي حصل كله. فريد، ها عملت إيه في موضوع الدكتور مازن؟
فريد: أمنيّة موافقة يا جدي.
الجد: على خير الله. اتصل بيه وحدد معاد، وإنتو يا ولاد فرحكم كلكم الأسبوع الجاي.
الشباب بفرحة: يعيش جده.
الجد: وبعد الفرح الكبير بتاعكم إن شاء الله، هنطلع عمرة أنا وجمال وفؤاد وأم سليم وصباح ونجوى والعمدة ونادية.
عمر: إنتو طالعين حج عائلي بقى؟
الجد (يضحك) : الله يهديك يا ولدي.
صباح: ده عمره ما هيعجل أبداً.
فريد: ممكن أطلب منك طلب يا جدي؟
الجد: خير.
فريد: بدل ما تبقى خطوبة لمازن وأمنيّة، نكتب كتابهم، لأن مازن حابب كده، وأهو يتجوز معانا.
الجد: أمنيّة، رأيك إيه؟
أمنيّة: اللي تشوفه يا جدي.
يدخل فؤاد متكئاً على عكازه ونجوى تسنده، ويبدأ الكلام بصعوبة.
فؤاد: حمد لله على سلامتك يا بتّي. أنا اللي عملت فيكي كده.
الجد: خلاص يا فؤاد، الحديت ده مفيش منه فايده .
فؤاد: ربنا ما يحرمني منكم أبدًا يا رب… صح، أهم حاجة تلاقي ناس يحبوك وتحبهم. الحمد لله على نعمة العيلة.
———————————————–
بعد أسبوع، وفي يوم الفرح، كان الجو مليئًا بالحماس والفرح في جميع أنحاء المنزل. أمر الحج سليم بذبح الدبائح استعدادًا للاحتفال الكبير، وكان الفرح سيستمر لمدة ثلاثة أيام. نعم فهم احفاد العمري
في غرفة البنات، كان الجو مليئًا بالتحضيرات. كان معهن الميك أب آرتيست ومصففة الشعر.
الميك أب آرتيست: ما شاء الله، قمرات مش محتاجين أي مكياج.
البنات: ميرسي، ربنا يخليكي.
نور بتوتر: أنا متوترة أوي.
بستان: ومين سمعك؟
ليلى: ربنا يهدي عمر ويفضل عاقل لحد آخر الفرح.
بستان بضحك: انتي بتحلمي.
——————————————-
في غرفة الشباب، كان سليم مصرًا على ارتداء الزي الصعيدي، وكان يبدو مميزًا في اللبس.
عمر: إيه ده، خط الصعيد يا بني والله!
سليم: مش هرد عليك، أنا تعبت منك أصلاً. أنا بقولكم قبل ما ننزل، عاوزكم في كلمتين: “أخواتي دول أغلى حاجة عندي، حافظوا عليهم.”
فريد: نور في عنيا والله يا سليم.
سليم: عارف والله يا فريد، الخوف من اللي جنبك ده.
عمر: ليه يعني؟ أنا هشغلها في الفاعل! ويضحك. ده حتى البت ليلى عسل.
سليم: أنا هقول لجدي يأجل، جوازتك أنت وليلى، ونتجوز إحنا.
عمر: نعم؟ يا حبيبي والله! أخدها وامشي من غير فرح!
سليم: خلاص، متعيطش. هنجوزكم و خلاص.
——————————————-
بدأ الجميع ينزل على السلالم. كان سليم نازل بالزي الصعيدي وكان يلفت الأنظار بشدة.
أحمد ينده على عمر: أَبِيه، عمر، أَبِيه، عمر!
عمر: بيروح له. تصدق، أنت الوحيد اللي بتحترمني في العيلة دي! عايز إيه يا أحمد؟ أنت مش شايف أني عريس؟
أحمد: أنا عاوز أخطب سلمى، بنت عمتي. نجوى هي خلاص دخلت طب وبقت في أولى جامعة وأنا خلصت جامعة.
عمر: بس يلا مش لما أتجوز أنا الأول. يلا امشي بقى، الزفة هتبدأ.
ثم جاء الجد وهو يمسك بيد بستان متجهًا إلى سليم.
الجد وهو يعطي له بستان: خلي بالك منها.
عمر: استنى يا جدي، لما يسلمنا أخواته الأول يبقى ياخدها.
سليم يضحك: أسلمك إيه يا بني، هما مجرمين!
ثم جاء جمال وهو يمسك بيد بناته، ليلى ونور.
جمال وهو يعطي نور لفريد: خلي بالك منها يا فريد.
فريد بفرحة: في عنيا يا عمي.
ثم ذهب جمال ليعطي ليلى لـ عمر.
جمال: عروستك اهيه يا عمر، أتمنى تخلي بالك منها.
عمر: يا عمي، وصيها هي عليا. ثم يقول لجده: خلاص يا جدي، سلم بستان وقول من الأول اللي كنت هتقوله.
الجد يضحك: خلي بالك من بستان يا سليم.
سليم وهو ينظر إلى بستان بحب ويقبل رأسها: في عنيا يا جدي، دي بستان حياتي.
تمت بحمد الله
•تابع الفصل التالي "رواية بستان حياتي" اضغط على اسم الرواية