رواية غفران هزمه العشق الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم نور زيزو
___ بعنــــوان ” جراءة امرأة” _
فتحت “قُسم” عينيها بتعب فى جميع أنحناء جسدها وتكاسل يحتلها لتشعر بثقل على خصرها ودفء شديد فى جسدها، نظر جوارها لتراه نائمًا مُتلصقٍ بها ويطوقها بأحكام ورأسه مدفون فى جبينها، أحمرت وجنتيها خجلًا وهى تتذكر ما حدث أمس وحاولت أن تتسلل من بين يديه برفق قبل أن يستيقظ حتى نجحت فى ذلك لتسحب روبها من الأرض وتهرع لخارج الغرفة قبل أن يستيقظ “غفران”، تبسم بخفة مع خروجها وفتح عينيه ليكفي عن أصطناع النوم، تنفس بأريحية وشعور بالسعادة يجتاحه بعد ليلة أمس، بعثر شعره بيده وهو يغادر الفراش بصدر عاري، أتجه إلى المرحاض ليأخذ حمام دافئ قبل أن يستعد للخروج إلى العمل، أختار بدلة رمادية وقميص أسود اللون وساعة معصمه السوداء ثم ترجل للأسفل، بحث عن “قُسم” بأنظاره لكنه لم يجدها فسأل عنها خادمته لكنها قالت:-
_ منزلتش لسه، تحب أطلع أصحيها
تبسم “غفران” على خجل محبوبته الذي جعلها تختبي من لقاءه وقال بعفوية:-
_ لا يا همس، روحي أعمليلي قهوة
أومأت إليه بنعم ودلف “غفران” إلى مكتبه……..
______________________
فى شقة “جميل” كان جالسًا على السفرة مع أسرته لتقول “صفية” بقلق على ابنتها:-
_ بصراحة بعد ما شوفته بيضرب مراته وبنته اللى راماها بذراعه من غير ما يفرق معاه ومخافش عليها قلقت أوى على قُسم وخوفت نكون أتسرعنا فى الحكم عليه وجوزنا بنتنا
تحدث “جميل” بنبرة جادة بينما يأكل لقمته:-
_ مش أنتِ اللى قُلتي أنها بتحب وأنه مينفعش أجوزها لواحد غصب عنها
_ انتوا مكبرين الموضوع ليه؟ ما قُسم مبسوطة ومرتاحة، أنا لو مكانكم بصراحة هفكر أعمل الفرح وأخلص وكدة أو كدة هي خلاص بقت مراته
قالها “قاسم” بلا مبالاة وهو لا يهتم كثيرًا بحديث والديه وقد نفد السهم وباتت أختاه زوجة لهذا الرجل، نظر “جميل” إليه فقال “قاسم” بجدية:-
_ أيوة يا بابا، قُسم خلاص بقيت مراته والكلام ولا هيقدم ولا هيأخر حاجة ولا هغير من الواقع
هز “جميل” رأسه بحيرة وحديث زوجته عما حدث أمامها أفزع قلبه على ابنته من القادم ……
______________________
ترجل “عُمر” من سيارته أمام بناية سكنية فى التحرير يحمل فى يده باقة من الورود الحمراء وعلبة من الشيكولاتة، خرجت “ليلي” من شرفة شقتها مُبتسمة بسعادة بسبب قدوم “عُمر” وقد نفذ ما وعد به، تبسم إليها ثم ألتف يأخذ يد والدته معه وصعدوا معًا إلى الأعلى، رآها وهى تقف خلف الستار مُرتبكة وتتنفس بصعوبة وصوت عالى من التوتر بسبب قدوم حبيبها إلى والدها، جاءت والدتها من الداخل وقالت:-
_ هتفضلي واقفة كدة خشي هاتي العصير للناس
أومأت إليها بنعم ودلفت إلى المطبخ مُسرعة وبدأت تحضر الكؤوس وتسكب العصير بتعجل حتى تخرج وتسمع حديثهما، خرجت حاملة صينية العصير وعينيها ترمق “عٌمر” بخطواتها الثابتة، رفع “عُمر” نظره إليها بسعادة ولا يُصدق أنه هنا فى منزلها، كانت جميلة تخطف قلبه من جديد بفستانها الأزرق وحجابها الأبيض مع الكعب العالي الذي يطرق بخطواته على قلبه فكل مرة تخطي نحوه به، أرتبكت جدًا من نظرته حتى تعثرت فى خطوتها من الأرتباك وكادت تسقط بالعصير ليهرع “عُمر” نحوها ويأخذ الصينية من يدها فضحكت “ليلي” بعفوية وقلبها الآن على وشك التوقف من شدة نبضاته السريعة وعلقت عينيها بعينيه فى نظرة مُطولة تتسارع فيها نبضات قلوبهما وحرارة العشق تلتهب بداخلهما، تنحنحت والدته بلطف لتوقف هذه النظرات العاشقة بينهما الآن فعاد إلى مجلسه وهى خلفه ، تبسم والدها بعينيه حين رأى ابنته سعيدة بهذا القدر ثم قال:-
_ ها يا عروسة ؟ قُلتِ أي؟ تحبي تأخدي وقت تفكري كويس
نظرت “ليلي” إلى “عُمر” وأحمرت وجنتيها خجلًا لتطأطأ رأسها الصغير أرضًا فقالت والدتها بحماس لرؤية ابنتها عروسة:-
_ وقت أى يا حج ما أنت شايف وزى ما بيقوله السكوت علامة الرضا
_ ها يا ليلي؟
سألها من جديد لتقول بصوت مبحوح خجلًا:-
_ اللى تشوفه حضرتك يا بابا
تبسم أكثر على خجل طفلته التى باتت عروسة جميلة ووقال بلطف:-
_ ماشي، نحدد ميعاد نقرأ الفاتحة فيه
_ ليه يا عمي ، ما خير البر عاجله
قالها “عُمر” فنظر الجميع إليه بدهشة من تعجله للأمر، خرجت ضحكة خافتة من “ليلي” ليوافق والدها على الخطبة وقراءة الفاتحة، أقترب منها بلطف وأخرج من جيبه علبة صغيرة بداخلها خاتم سوليتير جميل وقدمه إليها لتقول:-
_ عرفت مقاسي منين؟
ضحك “عُمر” بخفة وهو يأخذ يدها فى راحة يده وقال بعفوية هامسٍ إليها:-
_ هو فى أي أنا معرفهوش عنك يا قمري، بحبك
توردت وجنتيها أكثر وعينيها تلمع ببريق العشق وقالت:-
_ وأنا بحبك يا عُمري
________________________
[[ قصــر الحديــدي]]
خرج “غفران” من غرفته بضيق ويشعر بحالة من الملل تُصيبه فترجل من الأعلى وهو ينادي على خادمته :-
_ فاتن… يا فاتن
خرجت “فاتن” إليه مُتعجلة على صوته وقالت:-
_ أيوة
تحدث وهو يبحث حوله بأنظاره قائلًا:-
_ مشوفتيش قُسم
_ كانت طالع الجنينة من شوية
قالتها “فاتن” بنبرة هادئة ليشير لها بان تذهب واتجه نحو الحديقة، فتح الباب الزجاجي وعينيه تحملق بجميلة التى تسير فى الحديقة حافية القدمين وأصابعها الدافئة يتغلغل بينهما العشب الأخضر البارد، مُرتدي فستان أخضر اللون طويل وشعرها الكستنائي يتطاير مع نسمات الهواء الشديدة، تبسم بلطف وهو يسير نحوها بُحب وقلبه العاشق ينبض لأجلها وكأن قلبه من يصبو إليها وليس قدميه، أقترب أكثر لينزع سترته الصوفية الرمادية عن جسده ووضعه على أكتافها من الخلف لترفع “قُسم” رأسها إلى الخلف حيث زوجها فأحمرت وجنتيها خجلًا فقال “غفران” بنبرة خافتة:-
_ هتفضلي تتهربي مني كدة كتير
_ مش بتهرب ولا حاجة يا غفران
قالتها وعينيها تحملق فى العدم فرفع يده إلى ذقنها يُدير رأسها إليه حتى تتقابل عيونهما وقال “غفران”:-
_ أمال عينيك بتهرب مني ليه؟
_ غفران
قالتها بنبرة دافئة، مسك “غفران” ذراعيها يٌقربها إليه وقال:-
_أحلى غفران سمعتها فى حياتي مع أنك عاملة زى القطة الكيوت بتجري مني وأنتِ سارقة قلبي معاكِ
ضحكت “قُسم” بدلال وألتفت إليه أكثر لتكون مقابلة إليه ووضعت يديها على صدره بحنان ثم هتفت بُحب:-
_ طب خلى بالك لأن القطط الكيوت بتعرف تخربش كمان
هز رأسه مُقتنع بحديثها، ويديه تتسلل إلى خصرها يحيطها بحنان وقال:-
_ وقطتي بقي بتخربش أزاى، جربي كدة
قهقهت ضاحكة عليه بلطف، أقترب أكثر منها فأحمرت وجنتيها خجلًا وهربت عينيها من عناق عينيه إليها، رفع يده إلى وجنتها يداعبها بأبهامه بحب ليقاطع لحظتهما رنين الهاتف فتذمر “غفران” قائلًا:-
_ مش وقتك يا عُمر، ألو
بدأ الحديث يدور بينه وبين “عُمر” وهو يقول:-
_ يعنى الموضوع تم على خير…. طب الحمد لله مبروك يا عريس
تابعته “قُسم” فى الحديث قائلة:-
_ مبروك هو أتجوز
ضحك “غفران” على كلمتها وتابع الحديث مع “عُمر” قائلًا:-
_ مش وقته الكلام فى الموضوع دا يا عُمر، خليهم مرميين كدة شوية
أبتعدت “قُسم” عنه بوجه جاد وقد فهمت ما يتحدث عنه وقالت:-
_ دى كندا وبنتها؟!
أبتعد عن “قُسم” بضيق من تتدخلها فى الأمر وقال بجدية:-
_ خلصنا يا عُمر، ما يكش تموت أنا مالى عيانة ولا سليمة خليها تدفع ثمن أعمال أمها …. سلام
أغلق الخط ليرى “قُسم” واقفة عاقدة ذراعيها ووجهها تحول إلى العبوس والضيق فتنحنح بحرج وقال:-
_ مالكِ
_ وبعدين أخرت اللى بتعمله أى؟
قالتها بنبرة صارمة ليتابع “غفران” بحزم شديد:-
_ هقولهالك تاني، متدخليش فى الموضوع دا يا قُسم
كزت على أسنانها بضيق وأستدارت لكي تغادر، مسك “غفران” يدها يمنعها من الرحيل قائلًا:-
_ رايحة فين؟
_ مالكش دعوة بيا، وأوعي تفتكر أنى ممكن أكون زوجة لواحد زيك، اللى بتعمله دا إجرام ومش عمل إنساني مفيش بني أدم بيعمل دا، أنت فاكر الدنيا دى أي ملك أبوك ماشي تدوس فيها على اللى ميعجبكش ويزعلك
قالتها “قُسم” بغضب سافر فى حين أن “غفران” صُدم من طريقة حديثها ومعارضتها الحادة إليه، ظل يحدق بها مُندهشة ومنذ البداية وهو يعرف أنها مختلفة عن الجميع ومميزة بشخصيتها البريئة والحادة فى آنٍ واحدٍ، الحنونة والعنيفة فى آنٍ واحدٍ لكن لدرجة أن تتحداه وتقف فى مواجهته لم يتخيل هذا الأمر ليقول:-
_ ملك أبوك!!
صرخت بأنفعال فى وجهه قائلة:-
_ لا جدى عزبة أبوكِ يات غفران لما تخطف بنت بتموت من المستشفي بس لأنك زعلان من امها وأى أن كانت الجريمة اللى عملتها لكن البنت مالهاش ذنب وتحرمها من العلاج ولا حتى تسيبها لأبوها يعالجها، تبقي عزبة أبوكِ يا غفران
رفع يده إلى الأعلي مُنفعلًا من كلماتها وأسلوبها المُهين إليه لكنه لم يجرأ على صفعها او أذيتها فكز على أسنانه وهو يقول:-
_ سبحان من يصبرني على تحمل طريقتك وطول لسانك يا قُسم، لكن ورب الكون اللى خلقني وخلقك ما هعديها لكِ أبدًا
ذهب من أمامها غاضبًا لتأفف “قُسم” أيضًا بغضب وقررت أن تهجر القصر له بعد أن رفع يده ليصفعها، صعدت لتبدل ملابسها وأرتدت بنطلون جينز وبلوفر أحمر ثم غادرت القصر بسيارتها مع “سليم” دون أن تخبره بمغادرتها، صُدم “غفران” عندما سمع صوت سيارتها تغادر القصر ليترجل من الأعلى مجددًا وقال بنبرة قوية خشنة:-
_ قُسم
أجابته “فاتن” بخوف من غضبه وهى لا تفهم كيف تجرات “قُسم” على فعل ذلك والخروج دون أذن منه:-
_ خرجت
أحتدت عينيه وهو يغلق قبضته بأحكام مُسيطرٍ على نيران غضبه، صعد من جديد للأعلى وبداخله بركان من الغضب ويتمتم قائلًا:-
_ هى فاكرة أنها بتلوي ذراعي
________________________
[ شركة اللؤلؤ ]
وضعت “رزان” التابلت أمام “نورهان” على المكتب بهدوء وبدأت تسرد لها التفاصيل قائلة:-
_ حسب ما حضرتك طلبتي، تحريت عن أهل كندا وباباها لسه مقدم على طلب قرض من البنك لأن محتاج مبلغ يكمل بيه ثمن مشروع العقارات، المشروع دا مهم جدًا ومحتاج سيولة قوية لانه مشروع تابع للحكومة وهو بيحاول جاهدًا أنه يكسب المناقصة دى، أم مامتها بقي طلع السبب فى تضييع الفلوس لأنها بتلعب على فلوس فى الخباثة ومحدش يعرف
هزت “نورهان” رأسها قليلًا مستوعبة هذه المعلومات التى وصلت إليها فسألت “رزان” بثقة:-
_ وكندا
_ لا، دى حكايتها حكاية، الهانم طلعت ساحبة مبلغ محترم من الحساب البنكي لغفران بيه من شهر والغريب فى الموضوع أنها مدفعتهمش فى أى شراء زى كل مرة، ودا اللى خلاني أدور أكثر وأكتشفت بقي شيء كارثي
قالتها “رزان” بنبرة حادة، تركت “نورهان” التابلت من يدها ونظرت إلى “رزان” ثم قالت:-
_ اى
_ أشترت بيهم مخدرات
قالتها “رزان” بهدوء شيء حتى تستوعب “نورهان” الدهشة، أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها ثم قالت :-
_ مخدرات
أومأت إليها بنعم فهزت “نورهان” رأسها بلطف ثم قالت:-
_ حلو أوى، أستني بقي متعمليش أى حاجة لحد ما أقولك تعملي أي
وافقت “رزان” على الأمر ثم تنحنحت قليلًا بهدوء ثم قالت بجدية:-
_ ملك أتوفت
تنفست “نورهان” بأريحية شديد ثم قالت:-
_ ريحت وأستريحت والموضوع كدة رسمي لبس أنس وتقدر تيا ترجع بس الأول تابعي مع المحامي أنا عايزة إعدام لأنس عشان القضية تتقفل نهائي
أومأت “رزان” لها بنعم ثم غادرت المكتب لتحدق “نورهان” بتقرير البحث عن عائلة “كندا” وتفكر فى طريقة أنتقامية مُميتة….
_______________________
[[ شركــتة الحديـــدي ]]
كان “غفران” كالبركان الناري مُنذ الأمس بعد أن غادرت القصر دون أذنه، صرخ فى وجه “ليلي” بضيق قائلًا:-
_ شيلي الورق دا من قدامي
أنتفضت من صرخته وهى تسحب الأوراق بتعجل حتى تتخلص من غضبه، خرجت مُنفعلة لتقابل “عُمر” على باب المكتب، دلف وملامح التعجب على وجهه، مستغربًا جدًا ما يراه وقال بجدية:-
_ الشريك الألماني بعت أيميل غريب شوية
_ بعدين يا عُمر مش وقتك
قالها “غفران” بحدة صارمة ليضع “عُمر” الورقة أمامه وهو يقول:-
_ مينفعش بعدين، دول بعتين يقوله أنهم هيبعوا الـ 30% نصيبهم فى المصنع
أتسعت عيني “غفران” على مصراعيها بصدمة ألجمته واعتدل فى جلسته يسحب الورقة بجدية ثم قال بغضب:-
_ دا أزاى يعنى؟!!
_____________________
ترجلت “قُسم” من منزلها بحزن شديد بعد أن علمت بوفأة صديقتها مُنهارة والدموع تتغلغل فى عينيها، فتح “سليم” باب السيارة الخلفي من أجلها فى صمت وقبل ان تصعد ظهر أمامها “عفيفي” يقول:-
_ قُسم
ألتفت “قُسم” إليه بدهشة من ظهوره وتذكرت أنها رأته فى مكتب “غفران” فجففت دموعها بغرور وقالت بحذر:-
_ مدام قُسم، أفندم
تنهد بهدوء يحترم رغبتها فى حفظ الألقاب وقال بجدية صارمة:-
_ حاضر، مدام قُسم بس ياريت زى ما حضرتك متعرفنيش وأنا كمان معرفكيش وأحترم دا، تقدري وتحترمي اللى أنا جايلك فيه
رفعت حاجبها بغرور شديد وصامتة، تحدثت من جديد وقال:-
_ ممكن نقعد فى أي مكان نتكلم
_مع أن مفيش بينا كلام بس ماشي
قالتها بجدية صارمة وصعدت لسيارتها وقالت بهدوء:-
_ خليك قدامه يا سليم وأختار مكان عام كويس
قالتها وهى تفتح هاتفها وتفكر كيف تتصل بـ “غفران” وتخبره بهذا اللقاء بينما هى غاضبة منه وهجرت منزله، أغلقت نافذة الأتصال وفتحت الرسائل لترسل له الموقع المباشر لها مع رسالة اخر نصية محتواها ( عفيفي جالي وعايز يتكلم معايا، دا مكاننا بما أن جوزى معنديش الأستعداد يتكلم معايا )
وصلوا إلى كافتريا أختارها “سليم” داخل حديقة عامة على النيل، وجلست “قُسم” بهدوء صامتة وعاقدة ذراعيها أمام صدرها فقال بجدية:-
_تشربي أى؟
_ أكيد مش هشرب حاجة مع عدو جوزى، عايز اى؟
قالتها بحزم شديد وغرور نابع من قلبها الغاضب المُشمئز من رؤيته، تحدث “عفيفي” بهدوء:-
_ أنا عايز مراتي وبنتي
قوست “قُسم” شفتيها للأسفل بتعجب وتمتمت بسخرية حادة من قدر الوقاحة التى تسمعها:-
_ مراتك!! على حد علمي أنها على ذمة غفران ولا البجاحة وصلت فى الناس لدرجة دى
رن هاتفها باسم “غفران” الذي جن جنونه عندما رأى الرسالة وكيف تذهب للقاء مع هذا الرجل الذي تسبب فى كسر قلبه وعدوه الذي يسعى لقتله حتى يتخلص من وجعه، قلبت “قُسم” الهاتف على شاشته ؛ ليُفتح الخط بينهما دون أن تُدرك مُتابعة حديثها بحدة أكثر مع “عفيفي”:-
_ لدرجة أن واحد يعترف بخيانته ومعاشرته لواحدة متجوزة بكل جراءة كدة عادي، فى حياتي وتربيتي اللى بغلط بداري نفسه فى الحيط ويقول يا حيط دارني من عيون الناس وأسترها يا رب مش طمعان غير فى سترك، لكن فى دُنيتكم شوفت العجب، شوفت واحدة بتخون جوزها اللى عايشة معاه وفى حضنه عشر سنين ولم تحمل تنسب له البنت وتكمل وتدوس حتى مفكرتش تبعد عنه وترحمه، شوفت واحد بقول عايز مراتي وبدور عليها زى المجنونة وهو مصدق الكذب اللى بيكذبها لأن فى الواقع وفى الشرع اللى تقريبًا أنت متعرفهوش دا أسمه زنة وجريمة مقرفة تليق عليك وعليها
لم تكون تخشاه فى الحديث، بل أرادت أن تقدم له القليل مما فعله بزوجها، كز على أسنانه بغيظ من حدتها وحديثها ثم قالببرود:-
_ تفتكري انا جاي أسمع الكلام دا، أنا جاي أقولك كلمتين، أولهم عقلي جوزك وخليه يرجعلي كندا ونالا ويطلقها لأن مهما يعمل ومهما سقف طموحاته تأخده مش هيمحي حقيقة انها خانته زى ما بتقولى
_ مش بقولك بجاحة
قالتها بأشمئزاز ووقفت من مكانها ليتابع “عفيفي” الحديث بعد أن وقف أمامها:-
_ وتاني حاجة أنى مش عايز أدخل فى صراع مع غفران إحنا الإثنين هنخسر فيه
وقفت أمامه بجراءة وعينيها تحملق به بأشمئزاز دون خوف وقالت بنبرة قوية تعلمتها من “غفران” مؤخر:-
_ خلصت، أنت راجل زبالة وقبلت تعرف واحدة من وراء جوزها فما شاء الله الجواب باين من عنوانه
رفع يده كالمجنون ليصفعها دون أن يعي خطورة ما يفعله، وكيف سيرد زوجها على هذه اللطم لكنه صُدم عندما مسكت “قُسم” يده بحدة وعينيها يتطاير منها الغضب الناري وقالت بانفعال:-
_ دا أنت عبيط كمان وعقلك المريض صورلك أنك تقدر تعملها
نظر “عفيفي” إلى وجه قُسم بذهول تام وقال:-
_ أنتِ…..
دفعت يده بعيدًا بعنف ثم قالت بنبرة دافئة:-
_ أنا قُسم مرات غفران الحديدي واللى زيك ميتجرأش يرفع عينيه فيا، أنت المفروض لما تشوفني تضرب تعظيم سلام أنك شوفتني أصلا
قهقه ضاحكًا على كلماتها بسخرية وقال بينما يضع يديه فى جيوب بنطلونه:-
_هههه تصدقي ضحكتني وأنتِ بتقولى مرات غفران الحديدى وشكلك نسيتي أني مخلف من مرات نفس غفران الحديدي
لم تتحمل “قُسم” الإهانة إلى زوجها وهذا الأحمق يتحدث بفخر من فعلته فلطمت وجهه بقوة مما أذهل “عفيفي” وجعله ينتفض من مكانه وأخرج يديه من جيوبه يحملق بهذه الفتاة وهى تتحدث مُتابعة دون خوف من فعلتها:-
_إياك تجيب سيرة جوزي بطريقة متعجبنيش مرة تانية
أقترب كالمجنون لكي ينتقم لفعلتها المفاجأة لكن أوقفه ظهور “غفران” من العدم يسحب زوجته خلف ظهره يخفيها عن غضب هذا الرجل ويحدق به بغضب ناري بينما يقول:-
_ أنا حذرتك متظهرش قصادها
أقترب “عفيفي” منه بغضب من هذه اللطمة وكاد يكون مُلتصق بـ “غفران” وقال بتهديد واضح دون خوف هذه المرة:-
_ ورب الكعبة لأقهر قلبك عليها
غادر من أمامه دون أن يترك مجال إلى “غفران” بالرد، ألتف إلى زوجته ليراها مُبتسمة بلا خوف وقالت:-
_هو اللى عصبني
جذبها إليه دون رد يضمها إلى صدره فى صمت يحاول تهدأت روعته وإخماد بركانه المُشتعل بداخله، تنهدت بهدوء تحاول كبح شعور الإشتياق إليه وهى من هجرته وقد نشب الخلاف حربه بينهما فتمتمت بصوت هادئة:-
_ هو دا مسمهوش فعل فاضح فى الطريق العام
تبسم بخفة عليها وقال:-
_ انتِ مرات غفران الحديدي
أبتعدت قليلًا عنه مُندهشة من طريقة تقليده لحديثها وقالت:-
_ أنتِ هنا من امتي
أخذ هاتفها من فوق الطاولة وقال ببسمة خافتة:-
_ من ساعة ما أتصلت
كزت على شفتها السفلية بأسنانها بحرج ليقول بجدية:-
_ أنتِ أزاى تيجي تقابليه، خدتي اذن من مين أنك تعملى كدة؟
جلست على الطاولة من جديد بحماس وعفوية ثم قالت:-
_ أنا جعانة، وأنت محتاج تصالحني على اللى حصل قبل ما نفتح خناقة جديدة
رفع حاجبه إلى زوجته المجنونة ثم قال:-
_نعم!! حضرتك اللى سايبة البيت، المفروض أنا اللى اعاقبك
مسكت يده بحب وهى تسحبه ليجلس على المقعد المجاور لها بجانبها ثم قالت بدلال:-
_ ولو برضو أنت اللى تصالحني يا غفران، أي متعرفش فى التعامل مع الستات أنك لازم تصالحها حتى لو غلطت
نظر إلى زوجته بدهشة لتلتصق بكتفه بحُب وقالت بنبرة دافئة وعينيها عالقة بعينيه:-
_ وحشتني
رفع ذراعه ليضعه خلف ظهرها يطوقها بلطف وعينيه تتلألأ ببريق العشق المُشتعل بداخل صدره الآن ولم يقوى على تحمل الشوق أكثر ثم قال بحب:-
_ أنتِ أكتر يا مجنونتي، غلبتني معاكِ يا قُسم
أنحنت برأسها قليلًا على صدره تستنشق عطره الفرنسي وتستمع إلى نبضات قلبه القوية بينما يدها تعانق يده الأخر ساكنة بين ذراعه الأخر التى يحيطها من الخلف وقالت هامسة إليه:-
_ خليك معايا يا غفران
داعب أناملها الصغيرة الموجودة فى راحة يده بحنان ثم قال:-
_ معاكِ يا أميرتي
لم تكن تتخيل أن الشجار والهجر الذي بينهما سينتهي بغداء رومانسي بجوار حبيبها والعشق يضرب قلوبهما معًا…..
______________________
كانت “كندا” تبكي بهلع شديد وتضم طفلتها الصغيرة إلى صدرها وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة حادة، تبكي بذعر وهى تمتمت بالحديث قائلة:-
_ خرجوني من هنا، بنتي هتموت
تركت طفلتها على الأرض تبكي وترتجف وركضت نحو الباب تضربه بقبضتها بقوة دون أن تهتم لألمها وتصرخ بكل قوتها قائلة:-
_ غفران، حرام عليك، أفتحوا الباب … أبوس أيديكم أفتحوا الباب بنتي هتموت منى
سقطت على الأرض تبكي بذعر وقلبها لا يتحمل رؤية طفلتها الصغيرة تصارع المرض بينما هى عاجزة عن فعل أى شيء، ليُفتح الباب فجأة فوقفت “كندا” من مكانها بتعجل لكنها صُدمت مما رأته وظلت تحملق بعيني مُتسعة وقدميها جُمدت فى أرضها وخرجت منها تمتمة مبحوحة غير مستوعبة ما تراه أمامها هاتفة:-
_ قُسم !! ……
•تابع الفصل التالي "رواية غفران هزمه العشق" اضغط على اسم الرواية