Ads by Google X

رواية قلوب تائهة الفصل السابع والعشرون 27 - بقلم سهام صادق

الصفحة الرئيسية

 رواية قلوب تائهة الفصل السابع والعشرون 27 - بقلم سهام صادق 

الــــفـــصــل الــســابــع والـــعــشــرون

لحظه قد تجمع فيهاا الخوف ، ليعلن عن أنتهاء حياة في عالم قد نسي المرء تماما انه فاني ، حياة تمر سريعاا أمام أعينا في شريط واحد وكانهاا تقول بصوت عالي : انظر أيها الانسان ، هل حصدت ما جنيته ، هل رأيت لحظة ضعفك وانت ترجو من الله أن يقف هذا الشريط للحظات ، لتبدء صفحه جديده بشريط جديد ، هل نفعك غرورك ، هل حصد كرهك شئ ، لتنظر النفس بحسره وهي لا تري شئ غير الخوف ... لتقول برهبه : لقد أصبحت خائفه من حياه تنتظرني! ...
لتضحك الحياه بصوت عالي : الان قد خفت ، بعد أن انتهي كل شئ .. فيالك من أحمق .. تذكرت خوفك في لحظه ضعفك ............ ليقف كل هذا علي صوت واحد
النبض ضعيف اووي يادكتور
لينظر الطبيب بخوف وهو يقول : أعملوا صدمات الكهربه بسرعه !....
كان لا يري شئ أمامه ، ولا يفكر في شئ سواا بمن أنجبه وليس من رباه ، فمهم حدث سيظل هو اباهه وسيظل هو الابن ... لم يكن يتوقع انه عندما عزم علي المواجهه ، سبقه القدر وانهي كل شئ ، كل شئ اصبح الان في عداد النهايه المنتظره ...
وقف أدهم أمام أحمد بغضب وهو يقول : محدش خرج لحد دلوقتي يطمنا ، انا هنقوله من المستشفي ديه ... 
لينظر له احمد بألم وهو يقول : اهدي شويه يا أدهم ، ادعيله هو مش محتاج دلوقتي غير دعائنا 
ليجلس أدهم علي احد المقاعد بدموع مثل الاطفال وهو يقول : اهدي ازاي ، قولي يا أحمد ... انا مش عايز حاجه غيرهه ، قوله يجي يتخانق معايا ، يضربني يعمل أي حاجه بس يفضل وسطنا .. ليبكي بحرقه ليقول : انا ليه بعدت عنه سنين عمري ونسيته ، مع أنه هو ليه حق علياا ... ليتنهد بضيق : بقاله قد أيه جوهه 
لينظر أحمد في ساعته ليقول بأسف : 5 ساعات ، وقبل أن يتحدث أدهم بشئ .. كان الطبيب يخرج وهو ينظر أمامه بتعب ليقول : احنا عمالنا الي علينا والباقي علي ربنا 
ليقف أمامه أدهم بغضب وهو يقول : اتصرفوا ، فاهم أتصرف يا أمجد اعمل اي حاجه
أمجد بتفهم : صدقني يا ادهم ، كل حاجه بين أيد ربنا ، ومش بأدينا غير أننا ندعيله .. أدعيله يا أدهم 
ويرحل الطبيب وعلي وجهه علامات الأسي ، وهو يري صديق عمرهه أمامه بهذا الانهيار 
.................................................. .............
لحظات من الصمت بدأت تدوم ، لتترك سماعة الهاتف من يديهاا ، وهي لا تتذكر له سوا الاشياء الجميله التي أسعدها بها حتي لو كانت قليله ، لتهبط دموعهاا هاربه عليه ، حتي لو كانوا تفرقوا منذ زمن ، فمهما حصل فهو كان زوجهاا في يوم من الايام ، لتنهض بألم من علي الاريكه وهي تأمر خادمتهاا أن تبلغ السائق بالأستعداد للذهاب الي المشفي 
اما هي أين من كل ذلك ، وكيف ستكون فالحال يسأل علي من لديه أدميته ، اما هي فمجرد أله فقط أله تخزن وتصرف منهاا الاموال ... لتنتبه علي صوت صديقتهاا في ذلك المكان الصخب وهي تقول : أنتي ولا علي بالك يا نانسي ، وجوزك بين الحياه والموت
لتقف نانسي بصدمه : عزت مات!
سمرصديقتها : ههههه ، لسا ياحببتي ، بس بيودع أه 
لتجلس نانسي علي اقرب مقعد وهي تتمتم ببعض الكلامات وتقول : مكنتش فاكره خططتي هتتنفذ ومن غير ما يكون ليا يد في حاجه ، والقدر لعب لعبته وريحني من الخوف الي أنا فيه قبل ما يرميني .... ياااا ياعزت أخيرا هتمتع في خيرك ، واقف قدام أبنك زي الشوكه في ضهرهه 
لتهتف سمر بصوت عالي علي صديقتها : انتي هتفضلي هنا ، أحنا لازم نرجع القاهره حالاا .. انتي عايزاهم يقولوا أيه مراته بتتفسح في عين السخنه ولا علي بالهااا 
لتتطلع اليهاا نانسي بشرود .. وهي غائبه بين أفكارها الطامعه ..بدون أن تفكر للحظه في زوجهاا وكأن الامر لا يفرق معاهاا ، فمماته سيحقق لها كل ماتريد 
.................................................. ...........
لحظات كان الصمت هو سيدهاا ، ولكن العين كانت تتحدث بكل شئ ولكن بأعين المخاطب وليس من تخاطبه ، لتنفر الأعين هاربه ، من أمل بدأت تفقدهه ، من أمل باتت تحلم به ولكن كيف الامل يحدث وهي مازالت تعشقه ، ولن تحب أحد غيرهه 
ليأتي بجانبهاا جلال بأبتسامه عذبه ليقول : انا مش عارف أشكرك أزاي يامريم انك جيتي الحفله ، شايفه مروان بقي مبسوط ازاي اول ما شافك
لتبتسم مريم بأعين متسلطه علي مروان : ربنا يخليهولك وميحرمكاش منه .. لتتذكر ماكان في رحمهاا .. ليتأمل هو معالم وجهها ليقول : متعرفيش الخير فين يامريم
لتنظر له مريم بتسأل: مش فاهمه حضرتك ، يعني ايه
ليبتسم لها جلال ليقول : ايه حضرتك ديه ، علي فكره احنا مش في الشركه ، وانا عمال أقولك يا مريم عادي .. وانتي برضوه عادي لما تقولي ياجلال
لتنظر له مريم بشرود من تصرفاته التي اصبحت غريبه : يبقي هقول يا استاذ جلال
جلال بتنهد : ايه استاذ جلال ديه علي فكره انا مش كبير اوي .. ليضحك وهو يقول : يعني اكبر منك بيجي 15 سنه وبس
لتبتسم مريم أبتسامه بسيطه ، وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه ، لتتأمل في أعين الأطفال ... وتستأذن منه كي تعطي هديتهاا لمروان وترحل 
ليتطلع هو اليهاا وهو يراهاا تحضن أبنه ليتنهد بأسي ، وهو ينهر نفسه ، لما لم يخبرهاا اليوم بطلبه .. فهو كان قد اوشك علي مصارحتهاا ولكن ... لم يري في أعينهاا التشجيع لكي يعرض طلبه ، وكيف ستشجعه وفي قلبهاا رجلا أخر قد أمتلكه من أول يوم قد رئته فيه 
.................................................. ...........
دموعاً قد تحجرت في أعينه ، وضعفاً قد عصف بقوته ، وصرخه قويه اراد أن يصرخ بها لكي يخرج كل ما يشعر به لعله يستريح لو قليلاا ، ودعائا قد اطلق به لسانه ، وسجدة خاشعه بدموعا قد ارتوت بهاا الارض، ليرفع يدهه الي السماء وهو يقول بصوت باكي : يـــــــــــــــاربــــــــــــــ 
أقتربت منه ألهام بألم وهي تقول : صليت ودعتله ياحبيبي ، ايوه كده خليك قوي ، ومافيش أقوي من المؤمن مهما ربنا بيبتليه بيفضل ، يحمدهه وصابر وهو عارف رحمة ربناا به ، وانه عمرهه ماهيديله حاجه ازيد من طاقته عشان يتحملهاا 
لينظر الي ألهام بتعب وهو يقول : هو أحمد فين
ألهام وهي تتطلع الي من أمامهاا ، ليلتف هو بوجهه ليري من تتطلع عليه، ليشيح بوجهه سريعاا وهويشعر بالاختناق عند رؤيتهاا ...
لتأتي هي اليهم بأعين باكيه مخادعه ، لتمثل دور الزوجه الحزينه التي سيقتلها الحزن اذا فارق زوجهاا الحياه .. لتقترب من ادهم بأعين باكيه : عزت ماله يا أدهم ، قولي .. اوعي تقولي انه حصله حاجه 
لتجلس علي الارض بدموعهااا الكاذبه ، وهي تتنهد بألم
لتقترب منها ألهام بأشفاق ، وقد ظنت حقاا انهاا حزينه بالفعل لتربط علي كتفيها وتنهضها لتقول : ادعيله ياحببتي 
ليظل يتطلع اليهاا ادهم بأعين كالصقر وكأنه يتهمها بكل شئ ، فمنذ أن دخلت حياتهم وتعقد كل شئ بينهم بالاكثر ... 
لتخرج الممرضه سريعا من أمام اعينهم ، وبعد ثواني معدوده كان خلفهاا الطبيب الذي خرج بعد دقائق ليربط علي أحد كتفيه ليقول : عزت باشا عايزك يا أدهم ...
لحظه قد توقف فيهاا الزمن لثواني ، ليسمع ضحكت والدهه ويشعر بأنفاس حضنه عندما كان يلاعبه أحيانا وهو طفلا صغير ، لتسير كل اللحظات الجميله أمام أعينه ... ليتمني أمنيه واحده فقط لو أن تلك اللحظات قد ظلت هكذا وظل والدهم أبا يعيشوا في كنفه طيلة شبابهم ...
ليدخل علي والدهه وهو يراهه بوجه متألم ليقول عزت : الحمدلله ان ربنا زود في عمري دقايق عشان أقدر اقولك سامحني يا ابني ، انا عارف اني مكنتش أب كويس ليك لا انت ولا اخوك ، ولا حتي زوج واخ ، ولا ابن بار بأبوه ، أبويا كان عندهه حق لما حب عبدالله أكتر مني ، حتي امك ، لان انا كنت مجرد شيطان ماشي علي الارض ، اهم حاجه نفسي وبس ، حتي الخير القليل الي كان جوايا ضاع مع شري وبقيت مجرد انسان من غير قلب ولا روح .. 
ليتطلع عليه ادهم بتعب ليقول : أوعي تزعل أنت مني ، والله انا بحبك زي ما بحبهاا ، انتوا الاتنين اغلي من روحي اوعي تسبني كمان ، انا محتاجك جنبي انا واياد اوعي تتخلي عني ، طب مش عايز تشوف أدهم الصغير ده أياد بيقول انه شبهك
ليتطلع اليه عزت بتعب : ياا يا أدهم مكنتش اعرف انك بتحبني لدرجادي ، كنت فاكر انك بتحبهاا هي وبس .. ليبتسم بحزن وهو يقول : أمك فعلا أنسانه كانت تستاهل الحب ، كانت أنسانه طيبه وبريئه .. ليتطلع الي ملامح وجهه بألم ليقول : عشان كده انتوا مطلعتوش زي ، نبتت الخير برضوه بتفضل ، وليلي كانت البذره الوحيده الي صح زرعتهاا عشان تجيبكم للدنيا ياولادي .... ليتطلع الي كل شئ حوله وهو يقول : ابقي سلملي علي اخوك ، واقوله يسامحني هو كمان انا مكنتش ليه فعلا الاب الي اي ابن بيتمناه ، ليبتسم بألم : ومريم خليهاا تسامحني .. كان نفسي عبدالله هو كان يسامحني بس خلاص انا ريحله ، والسماح الي في دنيا خلاص انتهي .. اقول لمريم يا أدهم : ان عبدالله عرف يربي كويس ، واوعي تفرط في مريم .. اوعي يا ادهم تخسرهاا واول ابن ليكم سموهه عبدالله عشان عايز عبدالله يشاركني بأسمي .. زي ماكان مشاركني في دمي بس للاسف عمري ما حسيت ولا حسيسته انه اخوياا .. كنت طفل اناني لما كنت اشوف امي ماسكه صورهه وبتعيط ، اكرهه اكتر عشان مشاركني في حبهاا مع ان انا الي كنت متمتع بحنانها واهتمامهاا وهو بس مجرد حنين ولحظات قليله بتجمعهم لما بتزورهه ، ولما كانت بتفارق الحياه فضلت تطلب من جدك انه يخلي باله منه ، بس للاسف كرهته برضوه اكتر بأنانيتي وانا شايف امي حتي في لحظة موتها بتفكر فيه ..ومفكرتش لحظه انها بتطلب كده عشان عارفه ان انا معايا اب هياخد باله مني وعايش حياه محدش عايشها اما هو كان فين في كل ده ، وحتي لما جدك حبه وفضله عليا مع انه قالهالي قبل مايموت .. الكرهه الي جواك ياعزت من اخوك هو الي مخليك غبي ، حد يكرهه ابنه الي من صلبه يابني ، انا كنت بس بحاول اقربكم من بعض عشان تفضلوا اخوات طول العمر في ايد بعض ..... لينظر عزت لابنه بتعب : كان عندهه حق جدك ، الكرهه الي سيطر علياا من الغيره والانانيه خلوني انسان غبي معندهوش قلب ولا رحمه ..
ادهم بدموع : كفايه يابابا !
عزت بفرحه : يااا اخيرا نطقتهااا ، ليقول بصوت مُجهد : كل حاجه املكها مكتوبه بأسمك انت ، عارف انك مش هتظلم اخوك للحظه ولا مريم بنت عمك يا ادهم بنت اخويا عبدالله .. وقبل ان يلطقت انفاسه الاخيره : نانسي لاء لاء ياأدهم.. ليتنهد لحظات بأقتضاب وهو يقول : يارب ارحمني !
ليتوقف كل شئ ، ولا يبقي سواا هذا الصوت الذي يعلن عن رحيله ، ودموع تتساقط بغزاره علي فراق قد كسر بظهرهه ، ليتأمل معالم وجه اباهه بألم وهو يقول : والله كنت بحبك اووي يابابا ، بسبب حبي ليك كنت بعاقبك وبأسي قلبي عليك قدامك .. بس كنت بحبك صدقني ولو كنت طلبت عمري مكنتش هتأخر لحظه وهدهولك .....
.................................................. ...........
لحظات من الهدوء بدأت تسري ، وكأن العاصفه تأتي اولاا وبعدهاا يعم هدوئهاا ولكن بعدماا أدت مهمتهاا ، جلست بجانبه وهي تحمل طفلهاا لتقول بصوت مضطرب : أياد في ايه طمني ، في حاجه حصلت
ليتأملهاا طويلاا ،وهو لايري شيئا أمامه وكأنه يبحث عن احد ، ليضع وجهه بين كفيه ليقول : بابا مات ياشاهي ، عزت باشا مات 
لترتفع صوت شهقات شاهي وهي تقول : ان لله وان اليه راجعون 
أياد: جهزي نفسك بسرعه عشان مسافرين في اول طياره دلوقتي وحالاا 
لتنظر له شاهي بصمت ، وهي تري دموعه التي تحجرت امامهاا لتقول بصوت هادئ : حاضر
لترحل هي ، وتبدء دموعه بالتساقط وكأنها تحجرت قليلاا قبل ان تنفجر الاعين باكيه 
.................................................. ............
لحظات من الصدمه قد تجمعت أمام أعينهاا وهي تري ذلك الخبر في أحد الجرائد وكأنهاا أصبحت غريبه عنهم ، ولكن لماذا لا تشعر بالألم ، هل لأنهاا كانت أخر من تعلم بكل شئ حتي تري هذا الخبر الماثل أمامهاا وتصبح علي علم بكل ماحدث معه، ولماذا تحزن وهو قد أخبرهاا بأنه قد طلقهاا وأن قليلاا من الوقت وستري ورقة طلاقهاا أمام أعينها كما قال أخر مره قد أتي اليهاا فيهاا ، لتنهض من علي كرسي مكتبهااا وتأخذ حقيبتهاا ، وتغادر الشركه بدون أن تفكر أين سيكون مقر العزاء ، وما من لحظات قليله كانت تقف أمام القصر الذي أتت اليه باكيه ، ورحلت منه بقلب لا يُقال عنه سوا بالجبل الذي مازال صامدا ... علمت من الحارس بعد أن رحب بهاا بأن العزاء سيكون في قصرهم الاخر ، لتذهب الي هناك وهي لا تفكر في شئ سوا ان تراهه ، سوا أن تمسح بيديهاا دموعه ، سوا ان تقول له أصمد ياحبيبي 
لتدخل القصر بخوف شديد ، فهي قد أصبحت تخشي من تلك الحياه ، من حياة القصور التي لا تكون سوا سجنا يدخله المرء ليفني في حياة لا يبصر فيهاا بسوا الألم .. كما أصبحت تظن 
لتقترب منها ألهام بدموع وهي تحتضنهاا : ياحببتي يامريم ، وحشتيني معلش معرفتش اتصل بيكي وأقولك ، غصب عني لتحتضنهاا مريم بحب وهي تقول : ربنا يصبركم ويصبر أدهم 
ألهام بألم : أدهم لحد دلوقتي منهار،ربنا معاه ويصبرهه 
مريم بأسي : احساس الفقد صعب اووي ، وبالذات الاهل ، ربنا يصبرهه 
ألهام : يارب يامريم 
مريم بتسأل : هو فين دلوقتي 
ألهام : بيشوف الحادثه كانت من فعل فاعل ولا لاء ، لان البوليس شاكك في الموضوع ، ومستنين أياد عشان طلب أن محدش يدفن أبوهه غير لما يكون موجود 
لتتطلع مريم بألم اليهاا ، وهي تتنهد بحزن ، لتمسك الهام يدها وتجلسهاا علي أحد الارائك وهي تقول : تعالي اقعدي يابنتي ، أنتي شكلك تعبانه 
.................................................. ..............
وتري القبور أمام عينيك ، لتتأملهاا وانت تري أين نهايتك ، نهايتك التي تصبح غافل عنهاا ، حتي يأتي الدور ، لتفيق علي أصواتهم وهم يودعوك ، ويتركوك بمفردك ، ولا يبقي لك شئ لا مال ولا بنون ولا قصور ولا أي شئ غير عملك الذي قضيت طيله حياتك تجنيه .. ليأتي يوم الحصاد لتفارق الروح الجسد ولا يبقي شئ حولك غير التراب والظلام
لحظات من الحزن قد أعتلت قلوبهم ، وهم يودعوهه بألم ، وهم لا يظنون للحظه أنه قد فارقهم 
ليقترب أياد بدموع من أخيه الاكبر ليحتضنه وهو يقول : خلاص يا أدهم ، راح ابوك راح وسبنا ، أنا حاسس أنكم بتضحكوا علياا ...
ليحتضنه اخاهه بشده وبصوت ضعيف : أياد خليك قوي ، أدعيله يا أياد
أياد بألم : كنا ديما بُعاد عنه ، بس هو الي أختار كده .. وقرر أنه يسيبناا نعيش حياتنا بالفلوس ، الفلوس الي مكنتش غير نقمه ومش نعمه علي حياتنا ، الفلوس الي مش بتعمل الحنان ولا بتعمل الاسره ، طول عمرنا كنا اسره مشتته كل واحد في حياته ، مبنجمعش لغير في الحفلات والمناسبات او في المشاكل وبس ... 
ليتمالك أدهم دموعه التي قد أوشكت علي أن تخونه ليصرخ ويقول : خلاص ياأياد ، ارجوك ...
ليقترب أحمد منهم بألم : أياد يلاا ، وسيب ادهم شويه لوحدهه
لينظر لهم أياد بألم ، ويغادر احمد واياد المدفن ليبقي أدهم فقط ، ليظل يتأمل ذلك المكان بدموع قد خانته الان وبدأت تسقط ليقول بصوت باكي : مبقتش قوي خلاص ، فاكر لما كنت بتقولي اني بفكرك بشبابك وقوتك ، وان محدش كان يقدر يقف قدامك مهما كان... خلاص القوه اتهدمت الي كنت بأخدهاا منك ، ليبكي بحرقه ليقول : عزت باشا ، قصدي يا بابا ، كنت ببقي كارهه نفسي وانا مش بنطقهاا ، مهما كبرت وبقيت حاجه كنت بشتاق اوي لنطقهاا ، فاكر وانا صغير لما قولتلي ان اول كلمه نطقتهاا هي ديه ، بقيت تقولي مكنتش فاكر ان اول كلمه هتنطقهاا هتبقي اول كلمه هتكرهه انك تقولهاا .. سامحني 
ليذهب ويتركه ، وهو يجفف دموعه، ليرتدي نظارته وهو يخفي عيناهه ، ليصبح القلب وحدهه من يشعر بضعف صاحبه
.................................................. ..............
يوما طويلاا قد قضوه من الألم ، ألم سوف يطيب مع الوقت ، وينسي مع الزمن ... ليرحل اخر ونودعه بنفس الطريقه ليعود ألينا النسيان محملا لنا حتي تستمر الحياه ، ولو نظرناا سنجد ان كل مناا يرحل بعمله فقط وطيبته التي يزرعها في دنياهه ، ليبقي أثر خيرهه هو فقط الموجود 
بدء الناس بالأنصراف ، وبدأت لحظات الصمت تعُم المكان لتبدء دموع نانسي المزيفه بالهبوط بأحترافيه لتقول : محدش حاسس بيا ،ولا حد حاسس بالوجع الي جواياا ، لتتطلع الي أعين شاهي ومريم وهي تقول : كل واحده فيكم مع جوزهاا الا انا ، اترملت في عز شبابي .. لتظل تبكي بألم مخادع
لتظل نظرات مريم وشاهي لبعض ، لتنهض شاهي لكي تطمئن علي طفلها النائم ، وتنهض مريم لتقترب منها وهي تقول : ربنا يصبرك يامدام نانسي ... وتلتلف بوجهها بعيدا كي ترحل 
لتقترب منهاا ألهام : رايحه فين يامريم 
مريم : هروح ، وهبقي أجي بكره ان شاء الله عشان أعزي أدهم وأطمن عليه 
لتقترب منها الهام بأشفاق : علي فكره هو في مكتبه تعالي أدخليله 
لتتابعهاا مريم ، وأعين نانسي مسلطه عليهم لتنهض من مكانهاا وهي تنفث دخان غضبهاا لتغادر المكان بأكمله فهي لن تتحمل أكثر من ذلك في تمثيل دور الزوجه المخلصه
وما من دقائق كانت تخرج فيهاا صوتهاا بصعوبه وهي تقف خلفه وهو يدخن سيجاره تلو الاخري ، لتقترب منه بخطوات بطيئه وبصوت هادئ : البقاء لله يا ادهم 
ليلتف اليهاا بهدوء وهو يتطلع الي معالم وجهها : ونعم بالله
مريم بحب : انا حبيت اطمن عليك قبل ما امشي واعزيك 
أدهم بجمود : تمشي تروحي فين !
مريم : هروح بيتي ! 
أدهم بصرامه : وعلي أساس أن ده بيت مين، مش عايز أسمع موضوع بيتي وبيتك ده تاني فاهمه ، انا مش هسيبك عايشه لوحدك أكتر من كده ، قولتي تبعدي شويه قولت مش مهم ، قولتي اعيش لوحدي قولت هنفذلك رغبتك ، منعتيني أن اكون جنبك أستحملت وقولت مادام هي حابه كده انا هنفذلهاا رغبتهاا ... بس بعد كده هتسمعي الكلام سامعه 
مريم بألم : أنت ناسي اننا خلاص اطلقنا
أدهم : ومين قالك أني طلقتك ، انا قولتلك كده عشان أريحك من وجودي الي بقيتي خلاص رفضاهه في حياتك 
مريم : يعني أيه احنا مطلقناش ! 
أدهم بشرود : لاء ، وانتي لسا مراتي يا مريم 
ليظل يتأملهاا قليلا وكأنه يخاطب كل جزء فيهاا بأنه قد أشتاق اليهاا كثيراا ، ليشيح بوجهه سريعاا وهو يندهه علي أحد الخدم بعد أن غادر مكتبه ليقول : طلعي الهانم أوضتي ، عشان ترتاح ... ويتركهاا ويغادر القصر بأكمله وأعين ألهام ومريم عليه ، ليصطدم به أحمد ويخرج خلفه مُنادياً
لتقف الكلمات عاجزه، وتتوالي نظرات الاعين باحثه عما تفقدهه ، ويبقي صوت واحد يأن بين الدموع وهو صوت القلب .... ليخبرنا بضعفه وأنينه... 

يتبع بأذن الله
********

  •تابع الفصل التالي "رواية قلوب تائهة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent