Ads by Google X

رواية عقاب ابن الباديه الفصل التاسع والعشرون 29 - بقلم ريناد يوسف

الصفحة الرئيسية

 رواية عقاب ابن الباديه الفصل التاسع والعشرون 29 - بقلم ريناد يوسف

٢٩&٣٠
رواية عقاب ابن البادية  الفصل التاسع والعشرون

أنهى آدم محادثته مع المندوب وأغلق اللابتوب ونظر للجميع وتبسم إبتسامة جانبية وهو يرى نظراتهم المفهومة، أما أمه وأبيه فكانت نظراتهم مختلفة كلياً، فخر وتفاخر وسعادة بثمار ماغرزه به الشيخ منصور، إقترب آدم من أمه ومال على رأسها وقبلها ثم قبل راس أبيه وقال له:
- بوي انا معدي  الشركة من غدوة، انريدك  تيجي معي وتفهمني كيف  كان يمشى الشغل.
تبسم ياسين وهو ينظر لأبيه وهم يتخيلان منظر آدم وأبيه حين يذهبون لمقر شركتهم ولا يجدوا منها شيئ، مجرد حوائط وسقف وارضية، لا شركة ولا عمال وموظفين، فقط الرياح تدور بداخلها وتخرج.
وكذلك المصنع الذى أضحى مهجوراً ولا يستحق ان يُطلق عليه لقب مصنع، وحتى المخازن مرهونة عرفياً.
أما فريال فكانت تنظر لآدم بغل وهو يقف خلف أمه وأبيه، رجل يحمل من   صفات الرجولة مايجعله محط الانظار، بل يحمل كل صفات الرجولة إن ذُكر الصدق، فعلى الرغم من أن اولادها لا ينقصهم شيئ، ولكنهم رقيقون كالفتيات بجانبه، من حيث بنية الجسم وخشونة الصوت وحتى في نظرة العين والثقة بالنفس التي تقطر منه. 
فهمت عايده نظراتها وإخذت تُعيذ آدم في سرها من عينيها، بل ومن عيون الجميع، وطلبت منه المغادرة للحديقة وستتبعه هى وأبيه، 
ومايزه اخبرتهم بأنها سوف ترفع الطعام وتلحقهم على الحديقة بالشاي، وبدأت فى إدخال الطعام لحجرتها التى تحمل مفاتيحها فى قلادتها دوماً وتجلس أمامها ليل نهار، فقد أدخلت المجمدة والموقد وكل مواد الطعام داخلها، وأصبحت غرفة ومطبخ في آن واحد.

جلس آدم بجوار أمه واخذها تحت جناحه، وهي أسندت رأسها على صدره العريض الذي يشبه حائط يشعر من يحتمي به بالأمان، ونظر آدم لأبيه الذي لاحظ نظراته القلقة له واردف:
- ماتخاف علي يابوي، وليدك مو هاداك الصغير صاحب الخمس سنوات اللي تركته بالقبيلة، وليدك صار عقاب كبير  ماينقدر عليه، ومايغلبونه كومة فيران كل سلاحهم حفنة سم،كون هاني وطمن قلبك
- دول تعابين يابني مش فيران.
-إي وانا اكبر قانص للثعابين،ومايحوق في سمهم،قلتلك سابق ماتخاف علي.

عايده:
- هتروح الشركة بكره فعلاً ياآدم؟
- اي ياأمي انا مانمزح بأمور الشغل بالذات.
- طيب ممكن اقول حاجه بس من غير زعل
-اوووف تستأذنين لتحكي ياامي، والله انت تحكي ايش ماتريدي وقت ماتريدي ومانزعل منك لو اللي نطقتيه حكم بموتي.
عايدة بفزع:
- بعد الشر عنك ياحبيبي الشر بره وبعيد، اوعا تجيب سيرة الموت ياآدم تاني على لسانك، السيرة دي بتخوفني وتقبض قلبي.
- سلامة قلبك يالغاليه.. هااا هيا احكي ويش كان بدك تحكي؟
- كنت حابه اقولك انك هتروح شركة، والشركة فيها عمال وموظفين، ومينفعش ياحبيبي تروح وسطهم وإنت لابس الزي البدوي والعقال كده.. هو انت قمر فى كل حالاتك وبأي لبس، بس ياقلب أمك لكل مكان اللبس اللي ينفع فيه، خلينى اخدك وننزل اشتريك شوية هدوم على ذوقي وشوف ذوق أمك، من زمان وانا نفسى ألبسك على ذوقي.
- شوفي ياغلا قلبي، تو انا معك انه مايصير انروح الشركة بهالملابس وأنا عارف زين ايش اللي بينلبس بكل مكان، بس معذرة منك انا معي وااجد ملابس تنفع للحضر، ماتنسي أني بجامعة والجامعة مايتعدالها بالزي البدوي، أما مسألة أنك تلبسيني ع ذوقك فهادي بسيطة.، خدي مايزه وانزلوا للسوق واختاريلي ملابس بيتي كيف ماتريدي وأنا ايش ماتختاري هنلبس..
 بس ماتختاريلي منامات عليها حيوانات وبدلة حمار وحشي وقرد بذيل قطعة وحدة كيف  زمان، انا كبرت الحين هااا.
ضحكت أمه وضحك ابيه أيضاً، واخذا يمليان عيونهم وقلوبهم منه، وقطعت تأملهم مايزه التى اتت بالشاي ووزعته على الجميع، فشرب منه محمود اولهم وإمتعضت ملامحه ونظر لمايزه وسألها:
- الشاي دا عامل كده ليه يامايزه، طعمه غريب أوي؟!
- إشرب ياأبو عقاب هادا شاي وعليه عشب من عشبنا ينضف الجسم ويحميه من السموم وينضف البطن ومايخلي بجوفك وصخ.
إرتشفت عايده من كوبها وكانت ردة فعلها شبيهة لردة فعل محمود، وأعادت الكوب لمكانه وهي تقول:
- لأ انا مقدرش أشرب الشيئ ده، دا طعمه مر أوي!
-مافي مجادله والله لتشربيه ورغم انفك تشربين، انا تعبت وسويتا وعمايل يدي ماتنكب.هادي وصفه نادرة وغاليه 
نظرت عايده لآدم فرد عليها وهو يرفع كوبه ويشرب منه:
-أنا مادخلني ولا نقدر انسوي شي، واللي مايزه تقوله الكل ينفذه من فم ساكت، لهيك اشربي شايك واتقي شرها.. انهى كلماته وقام بشرب كوبه على ثلاث مرات متتالية وكأنه يشرب ماء، لا أعشاب مذاقها يشبه مذاق العلقم!

أما ياسين فبمجرد أن رأي الحزب المعادي كله غادر الحديقة، ذهب لحاسوب آدم المحمول وفتحه، وحاول أن يكتب كلمة السر عشوائياً كي يفتحه، ولكن كانت محاولاته عبثاً، فأغلقه كما كان، وذهب لإرتداء ملابسه، وفور إنتهائه غادر القصر متجهاً لقسم الشرطة كى يعجل بالتخلص من ذلك الآدم.

فى الباديه..
رجوه:
- مسك.. يامسك تعالي  هانا، تعالي جدليلي جدايلي
- اي شوي  ونجيك بس انخلص اللي بيدي.
- لا اتركي اللي بيدك وتعالى انا أبدا وأهم.
سدينه:
- خدي عنبر تسويلك جدايلك واتركي مسك وراها شغل، عنبر فانص متلك ماتسويلنا شي ولا منها عازه.
- لا انا قلت مسك يعني مسك، اعملي انتي وبتك شغلكم ولا نحلف اجي اخرب كل شي اتعمل.
-اتركي اللي بيدك يامسك وروحي مع المكلوبه انا ماناقصة وجيج راس، جدليلها راس الجحشه وردي سريع.
- والله انك لو مازوجة ابي كنت حاسبتك وصلبتك على نخله، بس راح نسامحك كرمال القرابه.
سدينه:
- لا وعلى ايش  مشكوره.يابنت مكاسب
- اي بس لا تعيديها.
ذهبت مسك مع رجوه لخيمة مكاسب وبدأت تمشط لها شعرها وتجدله، وأثناء ذلك سألتها رجوه بفضول:
- مسك ودي نسألك عن شي وتجاوبيني وتعدمي سدينه أمك إذا ماحكيتي الصدق..
- راح  نحكي الصدق اكيد وليش لاكذب يعني؟
- انتِ ماتحبين، يعني قلبك مازاره العشق، عينك ماتشوف من شباب القبيلة شب وتتمنى يكون زوجك وتدعى ربك بسرك انه يكون نصيبك؟
تبسمت مسك بخجل وصمتت لبرهة، فإستدارت عليها رجوة وهي تتبسم ايضاً وضيقت عيناها بخبث وأردفت متسائلة:
- ياااا مبين عليكي عشقانه والعشق مالي القلب، هيا قولي من هو واني ماراح انخبر حد وعد.
ترددت مسك لثوانِ ولكنها نطقت أخيراً:
-ماراح اندس عنك يارجوه انتي اختي حبيبتي وراح انفضفض معاك، انا اي عشقانه وكتير كمان، وعلى قولتك كل ماتنضره عيني انتمناه وندعي ربي يكون من نصيبي وحقي، هو احسن واحد بكل القبيلة ومو بس أنا اللى انشوفا هكي وانتمناه زوجي، كل صبايا القبيلة متمنياته، هو مافي متله اتنين،  بطل مغوار مايهاب شي والكل يعمله حساب وصاير وسط مجالس الرجال القُمر والباقي كلا نجوم.

رجوه كانت تسمع بإنصات ومع كل جملة من أختها تظلم ملامحها وتحاول ان تفترض أن اختها لا تعني مافهمته ولكن جملة مسك الاخيرة قضت على كل الإفتراضات..
- هو عقاب القلوب يارجوه، حبيب القلب هو عقاب.
أنهت جملتها وألقت المشط من يدها وبدأت بالتراجع زحفاً للخلف بخوف من رجوه التي تحولت عيناها للون الأحمر وبرزت عروقهم، و إحتقن وجهها وبدأت تزوم وتزمجر وكأنها أسد غاضب، وسألتها بخوف:
- ويش فيك يارجوه ليش صرتي هيك خوفتيني؟
إنقضت عليها رجوة بحركة سريعة وأمسكتها من تلابيبها وبدأت تحدثها وهى تصك على أسنانها وتهز فيها بعنف:
-حيييه عليكي وعلى امك ياعشاقة ياقليلة الحيا ياكلبة البوادي، والله إنك طالعه على امك سدينه خطافة رجال، والله اليوم قتلك على يدي والله..
انهت جملتها وإقتربت من مسك لتغرز أسنانها فى كتفها لتصرخ الأخرى بأعلى طبقة صوت وهى تقول:
- بعدي عني يارجوه ايش انا ايش سووويت، يايمه تعي انجديني ياعنبر ياخاله مكاسب ياإهل القبيلة وااااك عليا انجدوني رجوه انكلبت يانااااس.
وعلى صراخها أتى الجميع، وصرخت أمها سدينه وهي تراها بين يدي رجوة كالدجاجة المذبوحة تتخبط والأخرى تضرب فيها بلا رحمة وتدخلت سدينه تخلصها من بين أيدي رجوه وهي تتسائل ماذا حدث؟
رجوه:
- اسألي بتك الفانص.. والله يامسك اذا سمعتك تتفوهي باللي حكيتيه قبل شوي ولا حتى تفكري فيه لأذبحك ونحطك بمي مغلي وانتفك وأشويكي عالسيخ متل الدجاجه.. مابقى إلا بت سدينه كمان والله هاد الناقص!
انهت جملتها ونفضت ثوبها بغضب وغادرت الخيمة تاركة الجميع يسألن مسك ماذا حدث، ومسك تبكي ولا تقوى على الإجابه، ولا تفهم السبب الذي فعلت لأجله رجوه فيها هكذا، فبرغم كل شيئ إلا أن رجوه كانت دائماً حنونة معها تسمعها وتنصحها!

أما رجوه فوقفت عند البير وأخذت تحاول تهدئة نفسها، فهي لم تعد تحتمل فكرة أن تذكر أخرى إسم عقابها، هو لها وستأخذه مهما كلفها الأمر، ومالها لايحق لأحد غيرها مجرد التفكير به،
وفي هذه الأثناء إقتربت منها معزوزه وقالت لها دون مقدمات:
- مسك قالتلي ليش سويتي فيها هيك، يوصل بيكي لهبال يارجوه انك تضربي أختك لجل شي ماراح تحصليه بعمرك لا انت ولا هي، تضربيها لجل حلم مستحيل، تنتفى اختك هي النتفه لجل شاركاتك بحلم؟
- لا مو حلم وراح يصير حقيقة، وعقاب ماراح انخليه يعبر لخيال فانص من فوانص القبيله من تو.
- يارجوه تتكلمين وكأنك جاهله بقوانين القبيله وقوانين كل القبايل، بناتنا مايزوجها غريب ولا يوطاها لو على قص الرقاب، ماتحمل بناتنا دم غريب فحشاها ولا تختلط الأنساب.

- لكن ليش الرجال تتزوج غريبه وتخلط الانساب؟
- لا الانساب ماتتخلط اذا الراجل دارها، لأن وليده ليه ولأسمه وللقبيلة، أما البنت ابنها يصير لأسم ابوه وقبيلة ابوه ونسب أبوه.. ماصارت قبل يارجوه وماراح تصير، وفوانص القبيله اللي تتكلمين عنهم عارفين زين إن عقابهم بالنسبه الهن حلم وبس، والوحده اذا جاها عريس بتوافق وتتزوج.. لانها تعرف قوانين القبيلة زين. 
-شوفي يامعزوزه انا مالي دخل بكل اللي قلتيه، عقاب لرجوه ورجوه لعقاب، ورجوه من يوم يومها ماتخضع لقوانين والكل يعرفني..انتي تعرفي انا فانص كيف ماتقولون والفانص مايوقفها شي، وراح افرجيكم الفوانص ايش تسوي.
- تلعبين بالنار وماراح يتحرق بيها غيرك.
- ولللك مرحب بالحرايق اذا لاجل عقابي.
- وسالم؟ مافكرتي فيه؟ ماسألتي حالك ايش راح يسوي بعد الكسره اللي ناويه تكسريهاله، مافكرتي ايش بيسوي بعد ماأبوكي يموتك ويقبرك وتبلعك رمال الصحرا.. ماقلتي لحالك كيف بيعيش وهو يحبني ومافيه بلاي؟
- سالم مالي دخل فيه، كلمنه يشقهو بروحا، انا ماقلتلا يرهني ولا قلتلا يحبني، ومو لأنه اهتم بيا شوي ياخذني، مو كل من اهتم بحد يتزوجه.
- صايره مكاره ونكاره وقليلة أصل.
- اي مو فانص.. هيك الفوانص تكون.

صمتت معزوزه فالصمت فى حرم العند والغباء راحة.. وتحركت رجوه مبتعدة ماإن رأت سالم آت من بعيد، أما هو فتوقف مكانه حين رآها تفر منه، وعاد ادراجه إلى مجلس الشباب كى يشاركهم الحديث عله يلتهى قليلاً عن التفكير فيها.
وعادت معزوزه إلى خيمتهم وهي لا تعرف ماذا تفعل مع اختها التي نوت على خلق حرب ضارية لن يُحمد عُقباها.

أما فى القاهرة..
بينما آدم جالس في غرفة مكتبه في القصر، والتى كانت لأبيه وأستولى عليها عمه، ولكنه أعادها وتخلص من جميع متعلقات عمه، سمع ضوضاء فى الخارج وصافرة سيارات شرطة، وقبل أن يفتح باب المكتب ويخرج فوجئ بالباب يُفتح بعنف وإثنان بالزي العسكري أمامه وأسلحتهم مصوبة عليه، وصوت أمه يتسائل ماذا هناك، فنظر للضابط من خلف رجال الشرطة وسأله بهدوء وثبات:
- ويش فيه ياحضرة الظابط، ليش مقتحمين القصر هكي، وليش أفواه أسلحتكم موجهه نحوي شو فيه؟
الضابط:
- إنت آدم محمود؟ 
- إي اني خير ياباشا؟ 
وبدون أن يجيبه أعطى اوامره للعسكر:
- أقبضوا عليه. 
آدم:
- بأي تهمة؟ 
-هتعرف كل حاجه في القسم..وهاتولي اللاب توب دا كمان. 

خرج معهم آدم بكل إستسلام ولم ينسى طمأنة أمه التي تكاد تموت رعباً، وأبيه الذي شحب لونه في التو، ومن نظرة واحدة لياسين ورؤية السعادة التي على وجهه، والشماتة التي تشع من عينيه فهم أنه فعل ماكان يتوقعه، أو مادفعه هو ليفعله ، فتبسم له وهو يطالعه بنظرة أربكت ياسين ولم يفهم معناها، فقد كانت نظرة قوة وثقة فى الوقت الذي يفترض به الموت رعباً! 

وغادر آدم مع الشرطة في سيارتهم وتبعه أبوه وامه، ويحيي وياسين أيضاً لم يريدا تفويت هذه اللحظة الفريدة، لحظة القبض على تاجر الأسلحة الصغير، أما مايزه فكانت تصرخ في جميع انحاء القصر فور رؤيتها لعقاب قبيلتهم تكبله أيدي رجال الشرطة ويسوقونه للقسم وأخذت تهرول خلف فريال وفاطمة اختها تريد الإمساك بهم، ولأنهم يعملون ماسيحدث إن وقعت إحداهن في يديها كانوا يهربون منها بكل قوتهم، أما كارمن وحياة فكل واحدة منهم إحتمت بغرفتها واغلقت بابها عليها، 

وكان لفريال الحظ الأتعس، فقد تمكنت مايزه من الإمساك بها وأعطتها من الضرب ماجعل نيران قلبها تهدأ قليلاً، أما فاطمه فأستغلت إنشغال مايزه بضرب أختها وهربت لغرفتها وأغلقت بابها عليها وهي تشعر بالرعب من تلك المتوحشة التى أعدمت أختها العافية للمرة الثانية.

في القسم..
دلف عقاب إلى غرفة الضابط، وظل واقفاً، وأمره الضابط بفتح قفل حاسوبه السري، ونفذ آدم وفتح الحاسوب، وبدأ الضابط في تفتيشه ولم يجد به شيئ!
لا رسالة ولا حساب تم التواصل من عليه من الأساس.. فنظر لآدم وسأله:
- فين يابني المراسلات اللي بينك وبين العميل الروسي؟
نظر له آدم واردف بدون ذرة خوف:
- حزفتهن.
رفع الضابط حاجباه بإستنكار، فكيف له ان يعترف أمامه بهذه البساطة! وقال له بنبرة تهديد:
-إنت يابني عارف نفسك بتقول إيه، طيب انت واعي للي بتقوله؟ أنت بتعترف أنك بتستورد أسلحة من روسيا فعلاً زي مالبلاغ بيقول!
-اي بعترف اني بستورد أسلحة من روسيا، وإذا بدك تعرف الراس الجبيره اللي عم تاخد مني الأسلحة اعطيني نقالي وانا اهاتفه امامك الحين.
نظر له الضابط ولازالت الحيرة تأكل عقله، فمن أين كل هذه الجراءة آتية، على من يستند هذا الشاب في الدولة ليتحدث هكذا؟
وأتاه الجواب سريعاً حين أنهى آدم مكالمته مع المدعوا الشيخ منصور، وبعدها بدقيقة واحدة أعلن هاتف الضابط عن إتصال جعله ينتفض واقفاً ويضرب التحية العسكرية وهو يجيب عليه:
- اهلاً وسهلاً معاليك التليفون نور، ياخبر ياباشا بس كده إنت تؤمر، إعتبره تم في الحال، حاضر سعادتك تؤمر، سلام يافندم، أمر جنابك، حاضر، حاضر، سلام، سلام، في رعاية الله وحفظه،، سلام.
اغلق هاتفه ونظر لآدم وهو يزدرد لعابه وسأله هامساً:
-إنت مين؟
فأجابه آدم:
-حيالله شخص.
- طيب اقعد اتفضل واقف ليه اقعد.
- قبل لا اجلس ولا شي ودي اطمن بال اهلي اللي نشف قلوبهم القلق.. اذا بتسمحلي يعني هم بالخارج.
- طبعاً طبعاً، إتفضل أقعد وهجيبهملك هنا، وأهو بالمره نتعرف على العيله الكريمة ويحصلنا الشرف.
انهى كلماته ونادى على الشرطي الواقف خلف الباب، ولما أتاه أمره الضابط:
-إطلع يابنى قول مين تبع آدم بيه ودخلهم هنا.
نفذ الشرطي الأمر وذهب وعاد بعد دقائق بمحمود وعايده ويحيي وياسين أيضاً، فالموقف لا يُفوت من وجهة نظرهم، والشماتة لا تقدر بثمن، ولكن كل هذه الأماني تبخرت وهم يدلفون خلف محمود وعايده ويرون أستقبال الضابط لهم، ولهم هم أيضاً، ولاثيما حينما أمر الضابط الشرطي بإحضار القهوة للجميع، وأجلسهم بعد ترحيب حار!
الضابط:
-أهلاً وسهلاً يابهوات، إهلاً ياهانم شرفتونا ونورتونا، إحنا آسفين على سوء التفاهم اللي حصل ده، وآسفين على إزعاجكم وإزعاج آدم بيه.
الظاهر إن البلاغ كان كيدي، وطبعاً زي ماحضراتكم عارفين اننا لازم نتحرى عن كل حاجه دا أمن بلدنا ومينفعش التهاون فيه. 
محمود:
- اه طبعاً طبعاً ياحضرة الظابط فاهمين. 
عايده:
-يعني ابني هيخرج من هنا؟ 
الظابط:
-إبن حضرتك ضيف عندنا لحد ماتشربوا قهوتكم وهيروح معاكم يافندم. 
تبسمت عايده وتنهدت براحة وهي تنظر لقرة عينها، وآدم نظر بطرف عينه على عمه وإبنه ويكاد يقسم أنه يشم رائحة الحريق الذي بداخلهم من مكانه، مد يده للضابط وأشار له على حاسوبه، فأغلقه الضابط وأعطاه له، فاخذه آدم ونظر للضابط واردف بتعالى مقصود:
- ياسيادة الضابط أرجوا بالمرة القادمة تتحرون زين قبل لا تتهجمون على بيوت الناس وتاخذوهم هكي. 
- وعد مش هتتكرر تاني ياآدم بيه. 
أحضر الشرطي القهوة وتناولها الجميع، ونهض آدم وأمه وابيه، وغادروا القسم، ومن بعدهم يحيي وإبنه الذان كانا يمشيان وهم يشعرون بأنهم في حلم غريب، فمن أين لآدم كل هذا.. من أين حصل على كل هذه السلطة في قلب الصحراء الجرداء..وهذا الدرس الثانى لهم من عقاب، بأن سلطة الحكومة ليس لها اي سطوة عليه، وسلاحها ذو نصل بارد. 
عادوا جميعاً إلى البيت، وقص يحيي على فريال ماحدث، ومازاد كلامه إلا البغض داخلها لآدم، وأخذت تفكر ماذا ستفعل من أجل أن تنتهي هذه المهزلة، وتتخلص من محمود وزوجته وتلقي بهم خارج قصرها، ويعود ذلك الهمجي من حيث أتى ويعيش وسط الجمال في الصحراء. 

فى اليوم التالي.. 
وعد مش هتتكرر تاني ياآدم بيه. 
أحضر الشرطي القهوة وتناولها الجميع، ونهض آدم وأمه وابيه، وغادروا القسم، ومن بعدهم يحيي وإبنه اللذان كانا يمشيان وهم يشعرون بأنهم في حلم غريب، فمن أين لآدم كل هذا.. من أين حصل على كل هذه السلطة في قلب الصحراء الجرداء. 
عادوا جميعاً إلى البيت، وقص يحيي على فريال ماحدث، ومازاد كلامه إلا البغض داخلها لآدم، وأخذت تفكر ماذا ستفعل من أجل أن تنتهي هذه المهزلة، وتتخلص من محمود وزوجته وتلقي بهم خارج قصرها، ويعود ذلك الهمجي من حيث أتى ويعيش وسط الجمال في الصحراء. 

فى اليوم التالي في القصر..

كان الجميع جالسون حول مائدة الطعام لتناول الإفطار، وفجأة نظر الجميع لباب غرفة آدم الذى فُتح وفاحت رائحة عطر جعلت حواس الجميع تنتبه، وشهقات كُتمت حين وقعت العيون على آدم وهو واقف ببدلته السوداء ورابطة عنقه وساعته التي يرتديها، وشعره الطويل المصفف بطريقة ساحرة، وهمست حياة:
- مين ده؟
أما كارمن فهمست هى الأخرى:
-What The Hell? 

والشباب الأربعة إكتفوا بالتصنم، أما عايده فكانت تسمى وتصلي عليه فى نفسها وتعيذه بكلمات الله التامة، ومايزه كانت تصدح بالصلوات، وفريال شعرت وهي تنظر إليه بأن مثله خُلق للموت لا للحياة وسط البشر. 

يتتبع

  •تابع الفصل التالي "رواية عقاب ابن الباديه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent