رواية الماسة المكسورة الفصل السابع و الثلاثون 37 - بقلم ليلة عادل
[بعنوان: من أجل عينيها فعلت]
أثناء انشغاله بمراقبتها، انحنت سلوى لتعيد ترتيب أكياس الطعام التي كادت تسقط من يدها، لكنها لم تنتبه من السيارة المسرعة التي تقترب منها.في لحظة خاطفة، أطلق مكي ساقيه للركض نحوها، وصرخ بصوت عالٍي: سلوى! حاسبي.
التفتت سلوى بسرعة، لكن السيارة كانت على وشك أن تصدمها. في آخر ثانية، اندفع مكي بقوة وجذبها بعيدًا عن الطريق، ليسقطا معًا على الرصيف
فـ تطايرت أكياس الطعام من يدها، بينما بقيت هي مذهولة من سرعة الموقف.
رفعت رأسها لتنظر إليه باتساع عينيها، وقالت وهي تلهث بهزل: مكي!
نظر إليها مكي بقلق، وسألها بصوت مرتعش وهو يمسك بكتفيها: إنتي كويسة؟ حصلك حاجة؟
هزت رأسها ببطء، فمازالت تحت تأثير الصدمة
وهي تأخذ أنفاسها بصعوبه ..ساد الصمت بينهما للحظات، تبادلا خلالها نظرات مليئة بالمشاعر المختلطة، تجمع بعض المارة حولهما، ما أجبرهما على الوقوف سريعًا.
مكي بهدوءوهو ينظر للماره: حصل خير، إحنا كويسين اتفضلوا.
بداء الجميع أن ينسحب من المكان بينما هبط السائق مسرعاً وعلامات القلق تغطي وجهه،قال بصوت متوتر: أنتي كويسة يا انسة؟ والله هي إللي وقفت فجأة.
أشار له مكي بحزم: خلاص، روح انت.
السائق أصر بحسن نية: ممكن أوديها المستشفى؟
سلوى وهي تحاول كتم ارتباكها وتهدئة صوتها المرتعش: أنا كويسة.
ابتسم السائق بخجل وقال: الحمد لله على السلامة، وآسف مرة ثانية
ثم استدار ببطء وعاد إلى سيارته.
التفت مكي إلى سلوى ونظر إليها نظرة مليئة بالقلق: انتي كويسة بجد؟
تنهدت سلوى ببطء، محاولة السيطرة على نفسها: الحمد لله.
نظر مكي حوله باحثاً عن مكان هادئ، فتوقف بصره عند مقهى بلدي قريب: إيه رأيك نروح نقعد هناك شوية لحد ما تهدي؟
وافقت سلوى بعد لحظة صمت، وكأنها تستجمع طاقتها: فعلاً، أنا مش قادرة أتلم على نفسي.
ثم لمحت الطعام المبعثر على الأرض بنظرة يملؤها الأسى: طب والأكل ده؟
مكي مطمئناً إياها: هنلمه، نحطه على جنب ونجيب غيره.
هزت سلوى رأسها بخفوت وقالت: ماشي.
بدأ بجمع الطعام المبعثر على الأرض بحرص، ووضعاه في سلة المهملات. أما الطعام النظيف، فقد احتفظا به. بعدها تحركا معاً نحو المقهى، متجاوزين الحادثة بخطوات بطيئة.
داخل المقهى
اختارا طاولة بعيدة عن الضجيج، وجلسا. كان مكي يراقب ملامح سلوى، التي ما زالت تغلب عليها التوتر والخوف، وكأنها لم تخرج تماماً من صدمة الحادثة.
ساعدها مكي على الجلوس، ثم طلب لها كوباً من الماء جاء الجرسون بيه.
مد مكي الكوب إليها بلطف قائلاً: اشربي.
ثم التفت نحو الجرسون قائلاً: ياريت اتنين ليمون.
احتست سلوى الماء ببطء وكأنها تبتلع شيئاً من توترها، ثم قالت وهي تنظر إليه: الحمد لله. أنا كنت هموت، لولاك. هو انت هنا ازاي؟
توتر مكي قليلاً وأخذ رشفة من الماء قبل أن يرد: كنت في مشوار وشفتك فجأة. ولسه كنت يا دوب هعدي أسلم عليكي، لقيت العربية، في حد يقفت في نص الطريق كدة.
سلوى بنبرة مرتبكة: كانت حاجة تقيلة، مش عارفة أشيلها.
مكي مستغرباً: ما تاخديش حد من الحراس يساعدك ليه؟
سلوى بابتسامة خفيفة تخفي وراءها إرهاقها: بحب أعيش على حريتي كده. وأصلاً كنت داخلة أجيب شوية خضرة، لقيتني جبت كمية كبيرة. الخضار كان صابح فقلت أجيب.
ابتسم مكي وقال بهدوء: الحمد لله إنك بخير.
مر الوقت ببطء، وجاء الجرسون يحمل أكواب الليمون، وضعها برفق على الطاولة قبل أن ينسحب بهدوء.
أمسكت سلوى بالكوب، لكنها لم ترتشف منه على الفور. بدلاً من ذلك، نظرت إلى مكي نظرة ممتلئة بالعتاب وقالت: على فكرة، أنا كنت زعلانة منك اوي. اختفيت كدة، ولا بترد على رسايلي ولا على تليفوناتي.
تنهد مكي بعمق قبل أن يجيبها بنبرة تمزج بين المزاح والجد: مفروض تخافي عليا، مش تزعلي.
سلوى بحدة مخففة: لا، أنا عرفت إنك كويس وبخير وزي القرد.
ابتسم مكي وقال بنبرة مرحة: زي القرد مين قالك؟
قطعت حديثه بجدية قائلة:. سألت ماسة وقالت لي إنك بتعدي عادي.
هز مكي رأسه قليلاً وقال: آه، كنت بعدي أحياناً، لكن مش بشكل مستمر.. أضاف بخجل بعين زائغه:
أصل الصراحة كنت خجلان منك ومن سليم، مش عارف أوريكم وشي بعد اللي حصل. ما طلعتش قد المسؤولية والثقة، ما عرفتش أحافظ عليكي وعليها.
سلوى: ده كان غصب عنك طب مكنتش بترد ليه؟
حك مكي بخده بعين ذئعه توضح مدا كذبه لكن برئة سلوى جعلتها لا تفهم: أمي كانت شبه واخد التليفون مني، خايفة عليا جداً. عارفة إن أي مكالمة فيها شغل، هجري. حتى كانت منعاني من خروج، حقيقي
أنا آسف.
سلوى وهي تنظر إلى كوبها بتأمل: المهم إنك بخير…
نظرت له تتساءل باهتمام: إيه أخبار الرصاصة؟
تحسس مكي مكان الجرح على كتفه بيده، وقال بابتسامة خافتة: الحمد لله، تمام.
سلوى بقلق: الجرح لسه بيألمك؟
هز مكي رأسه وهو يحاول تهوين الأمر: لا خالص، دي مش أول مرة. يمكن تكون المرة الرابعة أو الخامسة.
فتحت سلوى عينيها على اتساعهما، وكأنها لا تصدق ما تسمعه: خامس مرة؟
أومأ مكي برأسه وهو يبتسم بهدوء: أيوه، واخدت قبل كده واحدة في رجلي، والباقي شظايا.
سلوى بنبرة تحمل دهشة ممزوجة بالخوف: شظايا؟ يعني إيه؟
أجابها مكي وهو يشير بيده وكأنه يشرح شيئاً بسيطاً: يعني رصاصة تعدي قريبة منك من غير ما تدخل في جسمك. تجرح الجلد وتسيب أثر بس.
هزت سلوى رأسها بعدم تصديق وقالت: ده شغلك طلع فعلاً صعب اوي وخطر، إيه الحلو في إنك تشتغل في حاجة زي دي بجد اقنعني؟
ابتسم مكي إبتسامة تحمل شيئاً من الفخر والحزن معاً: سبحان الله، في ناس كده بتحب الشغل اللي فيه خطر.
صمتت سلوى قليلاً، ثم سألت بنبرة أكثر جدية: طب، إيه اللي يخلي شغلك خطر بالشكل ده؟ يعني أنت حارس شخصي لرجل أعمال، المفروض ما يكونش فيه حاجة تهدد حياته بالشكل ده.
نظر إليها مكي قليلاً قبل أن يجيب: هو مش دايماً خطر، اللي حصل مع ماسة كان استثناء اول مرة تحصل في تاريخ عائلة الراوي، انتي أكيد عارفه انهم شغالين في الذهب والالماظ، فطبعا لازم يكون في حراميه، وده معناه إنه ممكن تحصل هجمات على الشحنات، وده اللي بيخلي الحراس دايماً في المواجهة.
سلوى وهي تحاول أن تستوعب كلامه: يعني ممكن يحصل هجوم فجأة؟
مكي بهدوء: أيوه، سليم كتير بيحضر التسليمات، وطبعاً لازم اكون معاه فأوقات بيحصل هجوم بس ده كان زمان دلوقت موضوع اختلف سليم دلوقت بيتعمل له حساب…
صمت قليلاً، ثم أضاف: وسليم كمان اتصاب مرة، خد رصاصة في كتفه.
اتسعت عيناها بالصدمة: إنت بتتكلم بجد؟
هز مكي برأسه ببطء وقال: آه. إحنا اتعودنا على كده، بس ده مش معناه إنه سهل.
صمتت للحظات وهي تحدق فيه وكأنها تحاول أن تستوعب حجم المخاطر التي يمر بها، ثم قالت بنبرة جادة: طيب، إنت فكرت لو حصل لك حاجة؟ فكرت في أمك؟ فكرت حتى في نفسك؟
( اضافت متعجبه) ما أعرفش الصراحة… مامتك بعد ضربك بالرصاص. سيبك، تكمل ازاي…
اضافت وهي تهز رأسها بحزم وملامحها ممتلئة بالغضب والقلق:
يا نهار أبيض! انت لو أبني أقسم بالله ما أخليك تنزل من باب البيت الا و انت تايب ومبطل اللي انت بتشتغل فيه ده! هو العمر بعزقة؟ حرام عليك! طب حتى بعد ما تتجوز وتخلف، هتكمل؟
نظر إليها بصمت للحظة وكأنه يجمع أفكاره، ثم قال بهدوء: مش عارف، أنا بحب سليم جداً، سليم أخويا… مش هقدر أتخلى عنه. بس ممكن أخد بالي أكتر من كده، أكون حذر.
صمت قليلاً قبل أن يكمل بصوت خافت وحزين: أصل الموضوع ده ليه أثر كبير عندي… مش أنا قلت لك؟ بابايا متوفي وأنا لسه صغير.
هزت رأسها بالإيجاب بحزن وقالت بصوت مرتعش: آه، فاكرة…
مكي بحزن بنبرة مكتومه وهو يحاول يخرج الكلمات بصعوبة: بابا اتقتل.
نظرت سلوى إليه بعينين متسعتين وقالت بذهول: أبوك؟ اتقتل؟
هز مكي رأسه وملامحه يكسوها الحزن: أيوه، كان في مهمة مع الباشا، واتضرب عليهم نار. بابا فدا الباشا بجسمه، الطلقة كانت جاية على قلب الباشا، لكن بابا وقف مكانه وأخدها
وضعت سلوى يدها على فمها، محاولة كتم صدمتها: يا نهار أسود…
توقف مكي للحظة، ثم أضاف بنبرة ممزوجة بالحنين والحزن: عشان كده الباشا بيحبني ويعاملني كويس، وصرف عليا طول حياتي. يعني ده نوع من أنواع التقدير… أو رد الجميل.
تنهّد بعمق وهو يكمل: بس عارف أنا مش عايز أعيش ابني ومراتي نفس الماساه ونفس الوجع…
نظر بعيداً للحظة، وكأنه يرى ذكريات بعيدة، وقال بصوت مختنق: لسه شايف أمي وهي بتعيط، بتصرخ وتقول له: “أنا قلت لك ابعد… ابعد يا محمد!” سامع كلامها كأنه لسه حالاً… ولسه شايف بابا وهو بيوصيني، بيقول لي: “خد بالك من نفسك ومن أمك. أنا سايبك راجل، خلي بالك من أمك ومن أخوك. يامكي حضني ومشي، متوقعتش اني مش هشوفه تاني لو كنت عارف مكنتش نزلته
صمت قليلاً، ثم أكمل بحزن أعمق: وزاد الوجع ان أخويا مات بعد بابا بسنة ونص.
قالت سلوى وهي تنظر إليه بعينين دامعتين: ولسه بتفكر تكمل بعد كل ده؟
مكي بنبرة مثقلة بالحزن: عايز أقول لك… إمي دايماً بتسيب البيت وقاعده عند خالتي، عشان أنا وهي بنتخانق كتير. بتقولي لي: “إنت عايز توجع قلبي عليك ليه؟ كفاية، قلبي اتوجع مرتين. إنت اللي فاضل لي. حرام عليك
تنهد، ثم أضاف بنبرة صارمة: بس أنا ما ينفعش أعمل كده. الرصاصة اللي سليم خدها… دي كانت جاية عليا.
أخذ نفساً عميقاً وأكمل: كان في حد هيضرب عليا نار، وهو زقني وأخدها مكاني. ومن ساعتها، قررت إني مش هسيبه لوحده مهما حصل.
ابتسم ابتسامة صغيرة، وكأنه يحاول تهوين الأمور: سليم عمل معايا حركات جدعنة كتير جداً. لو فضلت أحكيها لك، مش هتخلص
سلوى بحيرة وهي تمسح دموعها: مش عارفة أقولك إيه.
مكي تبسم بلطف محاولاً التخفيف عنها: ما تقوليش… ادعي لي وبس.
سلوى بنبرة مليئة بالدعاء: حاضر، ربنا يسترها عليك يا رب العالمين.
ثم حاولت إقناعه بلطف وهي تنظر إليه بعينين يملؤهما الرجاء: بس أمانة، فكر تاني. حتى لو سليم فداك بحياته، ممكن ترد له ده بأي شكل تاني.
مكي بنبرة حاسمة: مش هقدر أوعدك، لأنه صعب. صدقيني، الموضوع بالنسبة لي منتهي.
سلوى تنهدت باستسلام: ماشي، ممكن توعدني تاخد بالك من نفسك؟
مكي بابتسامة مطمئنة: دي أقدر أوعدك بيها.
توقفت سلوى لوهلة، ثم قالت بنبرة عملية: طب يلا عشان ما أتأخرش على ماما… لسه هجيب حاجات.
توقف مكي قال بتهذب: ماشي، ممكن أكون معاكي؟
سلوى تبسمت بخجل: ممكن.
دفع مكي الحساب، ثم بدأ بالتحرك بجانبها.
سلوى بنبرة مليئة بالقلق: ها هتختفي تاني؟
مكي صمت لوهلة، ثم أمعن النظر في ملامحها وكأنه يحاول قول شيء يصعب عليه البوح به: مش عارف.
سلوى باندهاش: يعني إيه؟
مكي بهدوء ونبرة خافتة: بعدين هفهمك. بس كل اللي عايزك تعرفيه… إنه لمصلحتك.
سلوى بتعجب: أنا مش فاهمة حاجة.
مد يده لها وكأنه يحاول إنهاء الحديث بلطف فهو يحاول الهروب باى شكل من التحدث في ذلك الموضوع: يلا عشان ما تتأخريش.
هزت راسها بإيجاب وبالفعل، تحركا معاً وذهبا للسوق لشراء بعض الطعام. كان بين الحين والآخر يتبادلا الحديث، لكن دون التطرق لموضوعه اختفاء او عدم إتصاله او الرد عليها، انتهى اليوم بذهاب كل واحد منهما إلى بيته.
فقد أصبح مكي ضعيفاً يوماً بعد يوم، وكأنه لا يستطيع مقاومة مشاعره تجاهها. أصبح قلبه هو المتحكم فيه، لكنه ظل يتساءل في صمت: هل سيظل على هذا الحال حتى نهاية الشهر؟ أم سيُقدم على خطوة التي طالما رفضها؟
______♥️بقلمي_ليلة عادل♥️_______
فرنسا وتحديداً باريس، الساعة الثانية عشرة ظهراً.
مظهر عام لمدينة باريس الساحرة في الشتاء، حيث تغطي الثلوج المكان، مما يضفي جمالاً استثنائياً على المدينة. يظهر عزت ونانا والثلج يحيط بهما أثناء استمتاعهما بركوب التلفريك والتزحلق على الجليد، مرتديين ملابس شتوية مناسبة…
فنشاهد عزت وهو يعيش ما يشبه مراهقة متأخرة، أو ربما يحاول استعادة سنوات عمره التي مرت دون أن يستمتع بها أو يعيش حياة سعيدة. فقد أضاع الكثير من وقته في العمل ومشاكل العائلة، والآن، يبدو أنه يحاول تعويض ما فاته، ولو قليلاً، مستمتعاً بوقته مع نانا، التي لا تزال في شبابها، جميلة، وقادرة بجاذبيتها على تحريك الحجر. بعد الانتهاء، يجلسان في أحد المقاهي الدافئة، يحتسيان القهوة وسط أجواء باريسية مميزة.
نانا بابتسامة وهي تنظر حولها: أنا مبسوطة أوي، بقانا كتير مقضيناش وقت مع بعض كده من وقت جواز سليم خلينا كل كام شهر نسافر انت بتتعب اوي لازم بقى تعوض يا حبيبي.
عزت بتعب: عندك حق، عارفه، أنا نفسي أعمل زي سليم وأسافر لي سنة. والف العالم ابعد عن الشغل ومشاكله، ومشاكل العائلة وفايزة، عمري وشبابي ضاعوا في شغل وصراعات. الوقت الوحيد اللي بحس فيه براحة هو وأنا معاكِي.
نانا بدلال: انسى بقى شغل والقرف ده، وخلّيك معايا وانا هنسيك تعبك.
عزت:أنا معاكي.
نانا وهي تبدو كأنها تريد قول شيء، أمسكت يده بإغواء: بقولك إيه يا وزتي، هو إحنا مش هناخد أي خطوة في علاقتنا دي؟ إحنا بقانا أربع سنين كده!
نظر لها عزت باستغراب وهو يعقد حاجبيه: خطوة زي إيه بالضبط؟ فهميني أكتر.
نانا: يعني أي خطوة… نتجوز؟
ضحك عزت بسخرية بصوت مرتفع: نتجوز؟! أنتِي عايزة تتجوزيني يا نانا؟ تتجوزي عزت الراوي؟
نانا باستغراب: أيوه، إيه المشكلة يعني؟
على شفتي عزت ابتسامة لم تصل الى عينه قالا بتوضيح: المشكلة إن ده مستحيل يحصل، وإنتِي عارفة إنه مستحيل.
نانا: ليه يعني يا عزت! مستحيل ليه؟ أنت مش بتحبني؟
عزت: أكيد بحبك، بس علاقتنا واضحة يا نانا، مستحيل تاخد شكل غير الشكل اللي إحنا فيه.
نانا في محاول استعطاف: أمي كل شوية تعمل معايا مشكلة عشان برفض عرسان كتير بيجولي. وأنا مش فاهمة هنفضل لحد إمتى علاقتنا كدة؟ طب نتجوز عرفي؟
عزت بحزم: نانا، من لما بقينا مع بعض كنت مفهمك حدود العلاقة اولها ايه واخر إيه! . إحنا عارفين كل واحد عايز إيه من التاني. إنتِي محتاج فلوس، وحصل بقى معاكي رصيد في البنك، مرتب مابيخدوش وزير، عندك عربيتين، وشقة لأهلك، غير شقة اللي بنتقابل فيها، شاليه في الساحل، بيت هنا في باريس، والالماظات، اللي مش عند أكبر سيدات المجتمع. ومستعد أديكي زيهم. وفي المقابل… أني انبسط. ولو عايزة تنهي اللي بينّا، ما عنديش مشكلة بس تفكيرك ياخدك للجواز اعقلي.
حاولت نانا التحدث، لكن عزت قاطعها بجدية: أكيد مش هقف في طريقك. لو عايزة تتجوزي، ممكن أساعدك، هجوزي حد من رجّالتي كام شهر عشان ترتّبي أمورك، أو تعملي عمليه، أي حل يناسبك. القرار عندك، وأنا هنفذه.
نانا بإصرار: ليه مش مصدق إني بحبك؟
عزت: نانا، أنا قلت اللي عندي ( توقف) أنا هروح الأوتيل، وهرجع مصر.
نانا رفع عينه نحوه: مش كنت قلت هنقعد أسبوعين؟
عزت: غيرت رأيي، هسافر لوحدي. وإنتِي كمان بعدي بيومين هتنزلي على لبنان. لو عايزة حد من أصحابك يجي يقضي معاكي باقي الاسبوعوهناك معنديش مانع سلام.
قال كلماته الأخيرة وهو يضع نقودًا على الطاولة، ثم غادر.
نظرت إليه نانا بضيق وهي تعصر أسنانها بغضب.
مصر / مدينة أسوان.
جزيرة الفنتين
مظهر عام لتلك الجزيرة الفرعونية القديمة التي يتميز موقعها داخل نهر النيل، بالإضافة إلى التراث النوبي الذي تمتاز به.
الفندق الذي يمكث فيه سليم وماسة السادسة مساءً
غرفة سليم وماسة التي تتميز بإطلالتها على ضفاف نهر النيل.
المرحاض.
نشاهد سليم وهو أسفل الدش ويقوم بالاستحمام.
وعلى اتجاه آخر، نرى ماسة وهي ترتدي بيجاما ساتان باللون الأبيض وترتفع بشعرها الحريري لأعلى، بينما تترك بعض الخصلات تتساقط على وجنتيها. لا تضع أي مستحضرات تجميل، ورغم بساطة إطلالتها، إلا أنها كانت جميلة وجذابة للغاية.
توقفت بنعومة وهي تشعل بعض الشموع الموضوعة بشكل لطيف، كان هناك أيضًا بعض البالونات الملقاة على الأرض، بينما بعضها معلقًا. كما كان هناك بعض الورود التي بدأت ترتبها بشكل جميل، تحاول أن تخلق جوًا شاعريًا إلى حد ما بتلك الأشياء البسيطة التي معها، حتى جعلت الغرفة مميزة وجذابة رغم بساطتها.
بعد الانتهاء، توجهت إلى المرحاض. وعندما شعرت أن سليم أغلق الماء، قالت…
ماسة: سليم، إنت خلصت؟
سليم: أمم، ثواني، بالبس.
ماسة: طيب.
ركضت إلى الكومودينه، وفتحت الدرفة السفلية، وأخرجت كعكة صغيرة، وضعت عليها شمعة وأشعلتها. ارتدت طاقية عيد الميلاد، وتوجهت مرة أخرى إلى أمام المرحاض، ثم توقفت أمام الباب من الخارج.
فور أن فتح سليم الباب، بدأت تغني بمرح.
ماسة بمرح: هابي بيرث داي تو يو… هابي بيرث داي تو يو… هابي بيرث داي تو يو سليم… هابي بيرث داي تو يو… يلا حالا بالا حيوا أبو الفصاد.
هيكون عيد ميلاده الليلة أسعد الأعياد! هنوا أبو الفصاااااااد! هااا.
كان ينظر سليم باتساع عينيه، مبتسمًا ابتسامة عريضة. فاليوم هو عيد ميلاد سليم السابع والعشرون. وضع يده على فمه في دهشة، غير مصدق، بفرحة شديدة وهو يضحك.
ماسة بحماس وسعادة: يلا، طفي الشمعة وتمنى أمنية.
هز سليم رأسه بنعم، وضحك ضحكة جميلة، ثم أغلق عينيه لثوانٍ وطفي الشمعة.
ماسة: اتمنيت إيه؟
سليم بحب: إننا نفضل مع بعض لآخر العمر ونحقق كل أحلامنا.
ماسة وهي تنظر لأعلى: يا رب.
تحرك سليم بعض الخطوات وهو ينظر حوله باستغراب ممزوج بالدهشة والسعادة: عملتي كل ده إمتى؟ فهميني.
ماسة بتفسير: كنت عارفة إن النهاردة عيد ميلادك، واتفقت مع عشري إنه يجيب البالونات والورد والشمع والكيك، وخليته يجهزهم. أول ما دخلت الحمام، كلمته، جه أدهملي، وعملهم بسرعة. كان نفسي أعملك حاجة أحسن من كده وأفخم، بس معرفتش. يا رب تكون عجبتك.
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة جذابة جميلة. مد يده ووضع كفه على خدها، ركز النظر في عينيها بعشق.
سليم بنبرة تتلألأ على أوتار العشق: عارفة، أنا عملوا لي حفلات أعياد ميلاد كتير، وبيكون مصروف عليها فلوس كتير، لكن ده هيفضل من أحلى وأجمل أعياد الميلاد اللي اتعملت لي. أولًا لأنك معايا، وثانيًا لأنك إنتي اللي عملتها بإيدك، وبذوقك. فطبعًا لازم يعجبني ويهوسني…
ضيق عينيه باستغراب وهو يتساءل: بس اشمعنا المرة دي احتفلتي بعيد ميلادي؟ ده مش أول واحد يمر علينا وإحنا سوا.
ماسة بنظرات عاشقة: أنا أصلاً معرفش عيد ميلادك إمتى! أنا سألت فريدة وقالتلي، وفضلت حافظه الميعاد. وكنت ناوية أعملك حفلة كبيرة، بس إنت فاجأتني بالسفر. وقولت أعملها هنا. مش مهم تكون كبيرة أو بسيطة، المهم نكون سوا، ولا إيه؟
سليم وهو يلامس شعرها بنعومة: دي أحلى من مليون حفلة كبيرة. طبعًا عجبتني. كفاية إنك افتكرتيني… قبلها من يدها… ربنا يخليكي ليّا يا ماستي الحلوة.
ماسة بحماس: لحظة، وجيالك.
توجهت إلى خزانة الملابس، فتحتها وأخذت منها شنطة. عادت وقدمتها له بحماس.
ماسة: أتمنى هديتي تعجبك.
رفع سليم حاجبيه بدهشة، بابتسامة رائعة: كمان هدية؟ ميرسي يا روح قلبي.
أخذ الشنطة منها وهو يبتسم، وفتحها بحماس، وأخرج منها بلوفر تريكو شيك جدًا. مرر عينه عليه بإعجاب، وصفر قائلًا:
سليم بإنبهار: واو! ده جامد جدًا! جبتيه إمتى؟
ضيق عينه بمزاح: بتخرجي من ورايا يا ماسة؟
ماسة بمزاح: آه، خرجت من وراك يا سليم، غفلتك إنت والحراس وخرجت. (أخرجت لسانها وضحكت) أنا إللي عملته.
رفع سليم عينيه لها بدهشة: إنتي!!
ماسة وهي تهز رأسها بنعم: أممم، أنا…
تبسمت وقالت بدلال لا يليق إلا بها بطريقتها القديمة:
“أنا إللي عملته بإيدي. قولتلك قبل كده، ماتستصغرنيش يا سليم بيه (عمزت له)
تبسم سليم وأكمل متعجبًا: بتعرفي تشتغلي تريكو؟!
ماسة بتوضيح: آه، من صغري. كنت باستغل عدم وجودك في البيت وأشتغل فيه، أو وأنا عند ماما. أصلي قعدت أفكر، وأفكر أجيب له إيه؟ برفان؟ عنده محل؟ ساعة؟ عنده درج ساعات؟ هدوم؟ القميص اللي بيلبسه ما بشوفهوش بيه تاني! حاجة آخر بذخ الصراحة. (تبسمت) فقلت أعملك حاجة بإيدي تكون مختلفة وتلبسها كتير، مش مرة وتركنها، وتفتكرني كل ما تلبسها. ها، عجبتك بجد؟
سليم وهو يركز النظر في ملامحها: طبعًا عجبتني بجد، وحالا هلبسها…
خلع التيشرت الذي يرتديه، وارتدى البلوفر… ثم قبلها من خدها وقال: تسلم إيدك يا قطعة السكر.
ماسة بسعادة وهي تمرر عينيها على البلوفر: الله يا سليم، حلو أوي، ومظبوط عليك… بس تعال هنا، إنت إزاي تعدي اليوم عادي كده وماتقوليش!!! أفرض إني مش عارفة؟ أو مسألتش فريدة! اليوم يعدي عادي ينفع؟
سليم وهو يمرر ظهر أصابع يده على وجنتيها بعشق، ويدقق النظر في عينيها: لأني حسبت عمري من وقت ما بقينا سوا. وهنحتفل بعيد ميلادك وميلادي وجوازنا سوا في نفس اليوم.
ماسة بحماس: موافقة هو اصلا فاضل عليه شهر ونص بس احنا المره دي مش هنعرف نحتفل.
نظر لها سليم متعجباً: ليه
ماسة: عشان هيكون في رمضان.
نظر سليم للأعلى للحظة كأنه انتبه وقال: “خلاص، احنا نسافر ونعمل عمرة اللي وعدتك بيها، ونقضي رمضان هناك. بتهيأ لي دي أحسن احتفالية.
سفقت ماسة بحماس: بموقفه جدًا.
نظر سليم من حوله ثم نظر لها بتركيز: بس قوليلي الحفلة كده انتهت؟
ماسة بنظرات غزل: توء دي بدأت! (غمزت له).
وضعت الكيك على الطاولة، وخلعت الطاقية، وشغلت أحد الأغاني على كاسيت لأغاني لعمرو دياب، أغنية “وماله”.
اقتربت من سليم أثناء الاستماع لموسيقى الأغنية.
ماسة بنظرات غزل: تسمح لي بالرقصة دي؟
سليم تبسم وهو يتلاعب بخصلات شعرها المتطايرة على وجنتيها: أكيد.
أحاط بذراعيه حول خصرها، وأحاطت هي بذراعيها حول رقبته.
سليم: عمرو دياب؟
ماسة بنظرات عاشقة قالت بنبرة ناعمة: الليلة ليلتك، كل حاجة زي ما بتحب وبتفضل.
تبسمت له بنعومة، وابتسم لها بعشق، ووضع قبلة رقيقة على جبينها كمحاولة منه لشكرها على ما فعلته.
سندا جبينهما على بعضهما مع اختلاط أنفاسهما العاشقة، وبدأا بالتمايل بنعومة وحب على أنغام الأغنية.
(كلمات الأغنية)
“وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني ده الإحساس، وأنا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي أحلى الناس
حبيبي ليلة، تعالى ننسى فيها اللي راح
تعالى جوا حضني وإرتاح، دي ليلة تسوى كل الحياة
وما لي غيرك ولولا حبك هعيش لمين؟
حبيبي جاية أجمل سنين وكل ما تدوم تحلى الحياة
حبيبي ألمس إيديا عشان أصدق اللي أنا فيه
ياما كان نفسي أقابلك بقالي زمان، خلاص وهحلم ليه؟
ما أنا هنا جنبي أغلى الناس، ده أنا جنبي أحلى الناس
وقضوا أمسية شاعرية جميلة على أوتار العشق والهوي.
♥️_______🌹بقلمي_ليلةعادل🌹________♥️
_قصر الراوي السابعة مساءً
_نشاهد جميع العائلة يجلسون على طاولة السفرة وهما يتناولون الطعام معهم عزت بعد عودته من باريس.
عزت وهو يتناول الطعام نظر محل مقاعد سليم وماسة الفارغة قال مستغرباً: أمال فين سليم وماسة؟
فايزة: سليم سافر.
عزت بتعجب وهو يضيق عينه: سافر إزاى وساب المجموعة وأنا مش موجود؟
فريدة: هو مظبط كل حاجة وكل يوم بيكلمني.
صافيناز بسخرية: بس ماكنش وقته خالص فيلم أحمد ومنى إللى عملوا ده، الباشا سافر لإنه معتمد عليه.
ياسين بحدة وهو ينظر لصافيناز : كان لازم ياخدها ويسافر طبيعي البنت اتعرضت للخطف.
تحدث رشدي وهو يحرك الشوكة بإستخفاف: هو سافر عشان يثبت للكل إنه مش خايف، مش لإنه ينسيها إللي حصل.
ياسين بدفاع وحدة: لية إنت فاكره زيك؟
رشدى بقوه وبحة رجولية: يعنى إيه زى؟
ياسين بشدة: إنت عارف أنا أقصد إيه كويس؟
رشدى بسوقية: ياسين ماتعيش.
عزت بشدة وهو يمرر عينه عليهم: فيه إيه هتتخانقوا سوا قصادى!!
ياسين: مش شايف.
عزت: ياسين إنتهى مش عايز كلام كتير، …نظر لفريدة .. فريدة سليم لازم يرجع عشان المهندس جمال كلمنى خلصوا التصاميم المبدئية بعد العشا هكلمه يجي بكره لازم يكون هنا.
فريدة: تمام يا باشا إللى تشوفه.
لمحت فايزة صافيناز التي يبدو عليها التعب قالت: بطنك لسه وجعاكي؟
صافيناز: اها.
فايزة: لازم تروحي للدكتور انتي بقالك يومين تعبانه.
صافيناز: عندي ميعاد مع الدكتور الساعه 8:00 هاخد سارة معايا.
عزت وهو يمضغ الطعام: جوزك مش ناوي يرجع؟
عادت صافيناز خصلات شعرها خلف اذنها قالت بتوتر: كمان يومين.
_ غرفة عزت وفايزة
_نشاهد فايزة وهى تجلس أمام التسريحة تزيل مستحضرات التجميل وهى ترتدي قميص نوم حريري عليه روب طويل خرج عزت من المرحاض بعد دقائق وهو يرتدى بيجامة.
فايزة بإستغراب ألتفتت برأسها له: عايز سليم فى إيه؟ ماتسيبه يا عزت.
عزت: سليم هو إللى دخل المشروع ده المجموعة وعارف كل تفاصيله أنا عايز أركز فى شغلنا.
فايزة ألتفتت له بجسدها: بس متأخرتش فى جنيف؟
عزت: اممم خلصت الشغل ورجعت علي طول؟
فايزة: تمام، أنا بفكر أعزم هبة على العشا بعد بُكرة، يعني محتاجة أعرف البنت دي كويس عشان أقدر أحدد قراري.
نظر لها عزت وهو يتنهد بتعب من طريقتها: “مالها هبة هي كمان؟ مش عاجباكي؟”
فايزة: يعني جَت هنا مخصوص عشان تسلِّم على ماسة وتطمن عليها.
عزت: إيه المشكلة في كده؟
فايزة: بالنسبة لي مشكلة، عزت، متحشرش!
عزت: ربنا يهديكي يا فايزة.
في أحد عيادات النساء التاسعة مساءً.
“نرى صافيناز مستلقية على الفراش، بينما كانت الطبيبة تقوم بعمل السونار لها، بينما تجلس سارة على المقعد مبتسمة ابتسامة تحمل مشاعر الغيرة والغبطة. في الوقت ذاته، ترتسم ابتسامة واسعة على وجه صافيناز.
بدأ وجه الطبيبة يتقلب بعبث وهي تحرك يد السونار على بطن صافيناز.
انتبهت صافيناز لها وقالت متسائلة: فيه إيه يا دكتورة؟ مالك
الطبيبة، وهي تحافظ على هدوئها: ما فيش حاجة… ثانية واحدة نتأكد.
أكملت الطبيبة فحصها، لكن وجهها ازداد عبوسًا، مما زاد من ارتباك صافيناز وتوترها.
صافيناز، بتوتر شديد: دكتورة، لو سمحتي، ردي عليا… فيه إيه؟ مال البيبي؟ حصل له حاجة؟”
سارة، بتصنع الحزن والقلق: دكتورة، لو سمحتي، قولي لنا فيه إيه؟
نظرت الطبيبة إليهما بأسف، ثم قالت بصوت منخفض وحزين: أنا آسفة جدًا، بس الطفل مات. لازم نعمل عملية إجهاض حالاً.
عند سماع سارة تلك الكلمات، ارتسمت على وجه ابتسامة خفية من السعادة، فكانت لا تريد أن تنجب صافيناز طفلاً من زوجها. لكنها أخفت شعورها ببراعة، وسرعان ما اغرورقت عيناها بدموع التماسيح، ووضعت يديها على فمها كأنها مذهولة.
صافيناز، بصدمة شديدة: إنتي بتقولي إيه؟ لا… مستحيل! أكيد كشفتي غلط، أكشفي عليا تاني!”
ثم وضعت يدها على بطن
ثم وضعت صافيناز يدها على بطنها وبدأت تبكي بحرقة: مستحيل يكون مات… مستحيل!
الطبيبة، محاولة تهدئتها: صافيناز هانم، أهدي، حضرتك لسة صغيرة وإن شاء الله ربنا يعوضك. لكن لازم ننزل الجنين بسرعة، وننقلك المستشفى لأن كل ما الوقت بيعدي، كل ما بيكون فيه خطر على حياتك. ممكن يحصل تسمم. أنا هاتصل بالمستشفى حالاً يحضروا عربية إسعاف.
غادرت الطبيبة إلى مكتبها لإجراء الاتصال، بينما وضعت سارة يدها على كتف صافيناز وجذبتها نحو صدرها محاولة إظهار التعاطف.
سارة، بلهجة مشفقة: حبيبتي، ما تزعليش. إن شاء الله أهم حاجة إنك بخير. معلش.
لكن صافيناز استمرت في البكاء بشدة. وبعد قليل، نُقلت صافيناز على ترولي الإسعاف إلى سيارة الطوارئ، وسارة ترافقها، متوجهين بها إلى المستشفى. عند وصولهم، كان في انتظارهم فايزة وعزت التى قامت سارة بلاتصال بهم.
اقتربوا منها وهي تُدفع إلى غرفة العمليات على ملامح وجههم القلق.
صافيناز، التي كانت لا تزال واعية، صرخت بحرقة: مامي! مامي! ألحقيني! متخلوهمش ينزلوه!”
عزت، محاولاً تهدئتها: حبيبتي، ما تقلقيش، هتبقي كويسة إن شاء الله.”
دخلت صافيناز غرفة العمليات، بينما توقف عزت وفايزة بالخارج في حالة انتظار وقلق.
فايزة نظرت لسارة بقلق: فهميني، إيه اللي حصل؟
سارة: كنا في متابعة عادية، والدكتورة شافت بالسونار إن نبض الجنين واقف، وقالت إنه مات في بطنها من حاولى ٣٠ساعة، ولازم ينزل. بس صافي يا روحي، ما تحملتش.
عزت، بلهجة قلق: طب إيه السبب؟
سارة، متلعثمة: للأسف، بسبب انهيار صافيناز نسيت أسأل الدكتورة هو فين عماد لازم يكون معها
عزت: عماد مسافر، والدته تعبانة وبتعمل فحوصات في إنجلترا.
سارة، بابتسامة مصطنعة: سلامتها يا رب. طيب، أجيب لكم حاجة تشربوها؟”
عزت، بجفاف: لا، شكراً.
تحركت سارة مبتعدة بخطوات هادئة، لكنها لم تستطع إخفاء ابتسامتها الفرحة وهي تبتعد.
في هذه الأثناء، اقترب عزت من فايزة ووقف أمامها مباشرة، ينظر إليها بحدة: ده ذنب ماسة.”
فايزة، بغضب: إنت شمتان في بنتك يا عزت؟”
عزت: لا، مش شمتان. لكن أتمنى إن اللي حصل ده يوقفكم عن المؤامرات الرخيصة اللي بتفكروا تعملوها. مش هحذرك تاني يا فايزة… أي حاجة هتحصل لماسة، هاعرف إنكم السبب وقتها حسابي هيكون عسير.
نظرت له فايزة بضيق واضح وقالت بنبرة متذمرة:
ما خلاص بقى يا عزت! بنتك جوه العمليات، أدعي لها تقوم بالسلامة.
نظر لها عزت بصمت، ثم جلس على مقعد الاستراحة ينتظر بقلق.
بعد وقت قصير، خرجت الممرضة وأعلنت أن العملية انتهت وأن صافيناز بحالة مستقرة. تم نقلها إلى غرفة العناية.
((بعد وقت))
في الغرفة، جلست فريدة بجانب صافيناز، ومعها فايزة وعزت وسارة.
سارة، بلهجة مواسية وهي تجلس بجانب صافيناز:
حبيبتي، ما تزعليش. كل حاجة قسمة ونصيب. ربنا أكيد هيعوضك بأحسن من كده.
فريدة، مطمئنة: الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي. المهم صحتك دلوقتي.
صافيناز، بصوت مجهد ودموع تنهمر: أنا مش فاهمة اللي حصل ده حصل ليه؟!
سارة وضعت يدها على كتف صافيناز بحنان مصطنع وقالت: يا روحي، أنا معاكِي. ما تزعليش، المهم صحتك. وعد، كل حاجة هتتصلح قريب.”
لكن، بينما كانت سارة تتحدث، كان بداخلها شعور بالانتصار، خاصة أنها نجحت في إخفاء فرحتها عن الجميع.
فريدة بتوضيح: أنا سألت الدكتور، وقال لي إن أحيانًا الأمور دي بتحصل من غير أسباب واضحة. وبعدين، صافي، أنا أكتر من مرة قلت لك إن الشرب أثناء الحمل غلط!
صافيناز، وهي تمسح دموعها: أنا كنت حاسة إني بخير… أكيد المرة الجاية هاخد بالي. هو قال لي إن بعد ست شهور ممكن أحمل تاني. كنت مرعوبة يقول لي زي ما قال لماسة إنها تستنى سنين.
نظر عزت إليها بحدة وقال بتهكم: بالظبط. الحمد لله إنك مش زي ماسة
نظرت إليه صافيناز بصدمة، وفهمت مغزى كلماته، لكنها التزمت الصمت وأشاحت بوجهها عنه.
عزت، بنبرة هادئة: الدكتور قال إنك تقدري تخرجي النهارده. الحمد لله على سلامتك.
صافيناز لم ترد، وظلت صامتة، بينما تبادل الجميع نظرات متباينة، وكل منهم يحمل مشاعر متضاربة بين الشفقة والشماتة والتخطيط لما سيأتي.
فريدة: لازم نبلغ عماد لازم يرجع.
صافيناز: لا ما حدش يبلغه لاحسن يزعل هو كده كده قال لي يومين وراجع.
ـ منزل سارة التانية عشر صباحاً
ـ نرى سارة تفتح باب منزلها فور دخولها نشاهد عماد يجلس مع ابنهما مازن على الأريكة يلعب معه وهو مازال يربط أكففه بشاش لكن يبدو انه اصبح افضل.
سارة بحب: مساء الخير يا حبيبى.
اقتربت منه وجلست على الأريكة: عامل إيه مازن جننك
عماد وهو يضمه ويقبله: ده روح قلبي يعمل إللى هو عايزه صافيناز عاملة إيه؟
سارة بغيرة: ويهمك أوي تعرف!؟ خلاص روح أطمن عليها.
عدل عماد من جلسته و نظر لها بتوضيح: ده إنسانيا، برده مراتي.
سارة وهي تعوج وجهها: زي القردة ما فيهاش حاجة.
عماد: طبعا إنتي مبسوطة إنها سقطت.
سارة: طبعا مبسوطة أنا ماعرفش إنت ليه عايز تجيب منها طفل.
عماد: لازم يكون ليا منها طفل عشان كل ده يبقى ملكي أنا وإنتي ومازن.
سارة: أصلا ده ذنب ماسة، أنا مش عارفة إزاي اشتركت في القذارة دي.
عماد: أنا ما اشتركتش صافيناز وفايزة هما إللي دبروا كل حاجة وأنا بس كنت عبد المأمور.
نظرت له سارة وهى تضحك مستخفة: متضحكش على نفسك يا عماد إنت الموضوع على هواك وما دام مشيت فيه تبقى زيهم ومادام ملهوف على طفل اجبهولك أنا
عماد زفر بإختناق: طب قفلي على الموضوع ده.
سارة: أحسن بردو هقوم أغير لبسي( توقف) صحيح انت هترجع القصر خلاص.
عماد: صافي لسه مكلماني قالت لي ان هي خلاص وصلت القصر وعرفت اني هفك الشاش بكره فبعد بكره هرجع.
سارة بضيق: وهنرجع بقى زي زمان تنفخت انا زهقت.
عماد: روحي غيري هدومك يا سارة.
نظرت له بصمت توجهت الى الغرفه
🌹_______♥️بقلمي_ليلة عادل♥️______🌹
_ أسوان الواحدة صباحاً.
_ الفندق الذى يمكث بيه سليم وماسة
_الغرفة
-نشاهد سليم وهو مستلقٍ على الفراش، عاري الصدر، بينما كانت ماسة تضع رأسها على صدره، مغطية نصف ظهرها بالغطاء. كان يلف ذراعيه حولها بحنان، ويمسح على ظهرها بنعومة بينما يتحدث بهدوء في هاتفه.
سليم، بضيق وهو يتحدث في الهاتف: طيب يا باشا، بكرة هاكون موجود في الاجتماع… سلام.”
مد ذراعيه ووضع الهاتف على الكومودينو، بضيق ظاهر على وجهه.
ماسة، وهي تداعب لحيته بلطف وبأسف: هنرجع بكرة؟
هبط سليم بعينيه نحوها وضم شفتيه بضيق، ثم هز رأسه بالإيجاب، قال بتفسر: الباشا نزل من السفر، وفي اجتماع مهم بكرة. المهندسين خلصوا التصاميم المبدئية، وأنا اللي مدخل المجموعة المشروع ده، فلازم أحضره…
ثم مسح على شعرها من الخلف باعتذار، وقال: أنا آسف يا حبيبتي، بس هعوضك.
ماسة، وهي تحرك رأسها بلطف وتمسح على خده بنعومة، بعشق: ولا يهمك يا حبيبي، عادي أنا مش زعلانة. أنا قضيت معاك أسبوع في منتهى الجمال، ومش طمعانة في أكتر من كده. روح شغلك، وربنا يوفقك.
اقتربت منه وقبلته قبلة صغيرة على شفتيه.
سليم، بنظرة مليئة بالحب وهو يبتسم: ربنا يخليكي ليا.
ماسة، بابتسامة دافئة: ويخليك ليا يا أحلى حاجة في دنيتي.
تبادلا الابتسامات الرقيقة بحب وشوق. اقتربت وجهيهما من بعض ببطء، وبدآ يتبادلان قبلة حارة عاشقة. ضمها سليم بشدة إلى حضنه، وكأنه يريد أن يجعلها جزءًا من روحه، وهمس لها:
“بحبك. ولا عمري حبيت، ولا هحب قدك، ولا بعدك. قلبي ما عرفش طعم السعادة غير وإنتِي جنبي. أنا ممتن للصدفة اللي جمعتنا.
ابتعدت ماسة قليلًا، وهي تلامس خده وعينيه بأصابع يدها بنبرة جميلة: لو ما كنتش شوفتني في الحفلة وأنا مستحمية ولابسة فستان، وشوفتني على طول وأنا خدامة… كنت برضو هتعجب بيا؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامة جذابة جميلة، وقال بنبرة عاشقة وهو يلامس خصلات شعرها التي تتلامس مع صدره: إنتِي فاكراني أعجبت بيكي عشان الفستان؟
هزت رأسها بالإيجاب، فأكمل وهو يهز رأسه بالنفي:
خالص! مش هنكر إنك خطفتيني من أول لحظة قابلتك فيها، بس أنا متأكد أي أن كان الوضع اللي كنت هشوفك فيه، كنت هتخطف نفس الخطفة، حتى لو كنتِي في زريبة!
ضحكا معًا بلطف، ثم أكمل وهو ينظر في عينيها بحب صادق: أنا ما حبيتش البنت اللي شفتها في عيد الميلاد بفستان جميل وشعر مظبوط. أنا حبيت البنت اللي كانت بتلبس جلابية وطرحة على شعرها، وتقولي: سليم بيه، ما تستصغرنيش!
صمت للحظة ثم أكمل بابتسامة عريضة: حبيتها وهي بتتكلم بتلقائية، وطيبة وبراءة، وهي بتصدق كل كلمة بقولها، وهي خايفة عليا أتوه، وهي بتتكسف مني، وهي بتتكلم كتير وبتسال اكتر من سؤال، فأكيد كنت أيًا كان المكان والزمان وأيًا كان اللي لابساه.
ماسة، وهي تنظر إليه بحب ودموع تلمع في عينيها:
“أنا يا بختي بيك، أكيد ربنا بيحبني عشان هداني ليك. بس والله مش عشان إنت غني وابن بشاوات وعيلتك كبيرة، لا… عشان إنت قلبك طيب أوي وحنين. ما شفتش في حنيتك حد، إنت حتى أحن عليا من أبويا وأمي. يوم ما أنقذتني من لورين وزعقتلها، حبيتك أوي أوي، وفضلت أدعي يومها ماتمشيش أبدا أو تعجبك وتاخدنا نشتغل عندك.
سليم، بابتسامة خفيفة: لسة فاكرة؟
ماسة، وهي تنظر إليه بعشق وامتنان: عمري ما نسيت ولا هنسى اللي عملته معايا يا سليم. ربنا يديمك في حياتي ويخليك ليا يا أحلى سليم في الكوكب.
سليم، بضحكة خفيفة وتعجب لطيف: في الكوكب؟!
ماسة، بتأكيد لطيف: أممم… وكل الكواكب كمان!
سليم، وهو يمازحها بحب: هتغر كده.
ماسة، وهي تقرص خده برفق وتداعبه: حقك.
ثم قبلته على عينه وخده بحب. ابتعدت قليلا وقالت وهي تلتفت نحو الهاتف: ممكن تديني تليفوني؟ رن كتير، هاشوف مين.
هز رأسه بالموافقة، مد يده نحو الكومودينو وأعطاه لها. أخذت الهاتف ونظرت إليه باستغراب.
ماسة، بتعجب: دي سوسكا اتصلت 8 مرات! هاكلمها.
لكن قبل أن تضغط على الزر، وضع سليم كفه فوق كفها وسحب الهاتف برفق وقال بلهجة حازمة.
وهو يرفع حاجبيه باتساع عينيه: مافيش تليفونات.”
ماسة، وهي تحاول استعادة الهاتف: كلمتني 8 مرات.
سليم، وهو يرفع الهاتف بعيدًا بذراعيه: حتى لو 80 مرة، مافيش غير سليم دلوقتي! إنتي ملكي، ده آخر يوم لينا هنا، خلينا نودع المكان.
ماسة، بابتسامة خفيفة: يا سليم، بس…
سليم بتزمر لطيف: بس إيه! بس إيه! ها؟!
ماسة، برجاء خافت: وحياتي دقيقة بس.
سليم، وهو يركز نظراته عليها بحزم وبريق في عينيه:لا… لا… لا.
اقترب منها أكثر بنظرات حارة راغبة وضع شفتيه على شفتيها ووو…..
“في اليوم التالي، نزل ماسة وسليم إلى القاهرة، توجه سليم إلى المجموعة، بينما توجهت ماسة إلى والدتها.
بقلمي_ليلة عادل (. ❛ ᴗ ❛.)♥️
-مجموعة الراوي الواحده ظهراً
-مكتب سليم
-نشاهد سليم يجلس على المقعد الأمامي للمكتب بمفرده. كان يمسك بأحد الأقلام وهو يضربه على المكتب بتفكير. بعد قليل، فتح الباب ودخل عزت. رمقه من أعلى إلى أسفل قائلاً.
عزت: حمد لله على السلامة.
رفع سليم عينه له تبسم قال بمكر: الله يسلمك إنت كمان حمد لله على السلامة يا رب تكون اتوفقت في المشروع، كان فى جنيف مظبوط؟!
جلس عزت أمامه مبتسماً فهو يعلم جيداً إن سليم يتلاعب عليه في الحديث … أكمل سليم وهو يبتسم نصف نظر داخل عين عزت، كان على يقين إنه مع نانا.
سليم بمكر: هي نانا لسة مارجعتش من السفر.
عاد عزت بظهره على ظهر المقعد وقال بثبات: إنت أخر واحد تتخابس إنت عارف أنا كنت فين ومع مين.
سليم تبسم بكبرياء: وأنا بحبك أوى وإنت بتجيب من الأخر معايا .. عموما أنا اجتعمت مع المهندسين وشفت التصاميم وعجبتني شهرين وكل حاجة هتبقى جاهزة وهنبتدي في البنا ٦ شهور وهنستلم أول وحدة.
عزت: تمام،( بشدة) إنت إللي هتتحاسب لو خسرت جنيه !!
نظر له سليم وهو يحك فى رقبته بلا مبالاة كأنه لم يستمع لشيء أكمل عزت بتساؤل ..إنت اشتريت فيلا جديدة فى الرحاب؟
سليم: إنت لحقت عرفت!
عزت بثقة: أنا عارف كل حاجة أوعى تنسى إني الباشا.
سليم تبسم: عارف إنك الباشا آه اشتريت وهنتنقل فيها يعني بالكتير شهر تكون جهزت.
عزت: إنت شايف إن ده وقت مناسب تاخد خطوة زي دي.
سليم بغرور: آه ده أنسب وقت.
عزت: اقنعني.
سليم بغرور لا يليق إلا به: المهم إن أنا مقتنع أناعارف أنا بعمل إيه.
عزت تنهد بتعب منه وغروره الذي لا ينتهى: المهم أمنها كويس.
سليم: ما تقلقش …. نهض وهو ينظر له .. عايز حاجة تاني.
عزت رفع عينه بتعجب: هتمشي.
سليم وهو يهز رأسه بإيجاب : امم مشوار و راجع على طول.
هز عزت رأسه بإيجاب:صافيناز اجهضت امبارح.
نظر له سليم باتساع عينه بحزن: بجد هي كويسة.
عزت: اممم كويسه.
سليم: هحاول متاخرش سلام.
أثناء خروج سليم من المكتب و تحركه في الممر تقابل مع السكرتيرة.
سليم: نور رايح مشوار ومش هتأخر.
نور: طب والإجتماع!
سليم: قولت مش هتأخر.
هزت راسها بإيجاب تحرك سليم وصعد المصعد حتى الطابق الأول ثم تحرك حتى سيارته كان يتوقف مكى أمام باب السيارة ومعه حراس.
نظر سليم إليه وتساءل وهو يعقد حاجبيه باستغراب: إنت جِيت ليه؟
مكي: لو قعدت أكتر من كده هتعب.
هز سليم رأسه بعدم رضى وصعد السيارة وخلفه مكي وجلس في المقعد بجاور السائق.
أثناء تحرك السيارة ألتفت مكي برأسه قليلاً في زاوية سليم.
مكي بعملية: أنا عاينت الفيلا، عرفان عامل شغل حلو، حولك الفيلا لسجن.
سليم: وأنا مش عايز غير كدة، أنا هروح النهاردة شقتي إللي بالزمالك، ظبط الدنيا هناك هقعد فيها لحد ما الفيلا تجهز.
مكى:طب متروح الشاليه بتاع المزرعة الفيوم عشان التأمين أسهل فيه.
لو سليم شفتيه بإستغراب:إيه مش هتعرف تأمنها ؟
مكى: لا هعرف بس إنت عارف الشقق السكنية بتكون أصعب، وأنا محتاج أعمل خطة تأمين عشان السكان .. روح أقعد فى الشاليه بتاع مزرعة الفيوم افضل، شقه الزمالك دي، انت فاهم كان لايه!! بلاش ماسة تدخل مكان زي ده، او ممكن تقعد في فندق.
سليم هز راسه بإيجاب: عندك حق، طب كلمهم ينضفو الشالية.
مكي: حالا، بس إنت ليه مش عايز تقعد في القصر؟
سليم: عايز أعيش حياتي بشكل طبيعي شوية في القصر شوية في بيتي زى ماكنت.
مكي: تمام حتى يبقى إعلان منك إنك مش خايف.
سليم: بالظبط كمان عشان ماسة متحسش إن في حاجة أو تغيير فى حياتنا بعد حادثه خطفها عموماً النهارده هكون في القصر عشان صافي نزلت البيبى وبكره نروح المزرعه.
مكي: تمام.
فيلا عائلة ماسة الوحدة ظهراً.
في الهول
نشاهد ماسة تجلس مع عائلتها وسط أجواء دافئة، مع تبادل الأحاديث بينهم.
سعدية بتسأل: مش كنتوا ناويين تقعدوا شهر؟
ماسة وهي تمسك بفنجان القهوة: سليم عنده شغل.
مجاهد يهز رأسه متفهماً: ربنا يعينه.
يوسف يقترب من ماسة بحماس: ماسة، متكلمي سليم يخلينا نروح رحلة حلوة كده!
مجاهد: بس يا واد يا يوسف.
ماسة: سيبوه يا بابا. حاضر، هاقوله نروح سوا تاني.
امال فين عمار
سعدية: خرج اتعرف على ابن الجيران بقى داير يتسرمح معاه.
هزت ماسة راسها بإيجاب، وجهة نظراتها إلى سلوى بابتسامة مرحة: سوسكا، تعالي وريني الجلابية اللي جبتهالك، عايزة أشوفها عليكي.
مدت ماسة يدها لسلوى بحماس: قومي يلا!
سلوى تبتسم وتنهض معها. تتحركان معاً باتجاه غرفة سلوى، يعلو صوت ضحكاتهما الخافتة في الممر.
غرفة سلوى
تجلس سلوى وماسة على الأريكة بجانب بعضهما. سلوى تتحدث بسعادة، ملامح وجهها مشرقة وكلماتها تفيض حماساً، بينما ماسة تنصت إليها بابتسامة لطيفة واهتمام بالغ.
ماسة تهز رأسها بدهشة: ده مكي فتح قلبه على الآخر! تعرفي إن دي أول مرة أعرف المعلومات دي كلها؟ إزاي سليم ما يقوليش؟
سلوى تقطع كلامها بتحذير وهي تنظر إليها بتوتر: أوعي تقولي له بقى، أحسن يفهم غلط.
ماسة تبتسم بثقة: متخافيش. بس أنا عارفة أخلّيه هو اللي يقول بنفسه( تسأل متعجبه) طب إحنا هنفضل كده كتير؟ تلميحات واهتمامات من غير ما نعرف عايز إيه؟
سلوى: يعني تفتكري كل ده مش معناه حاجة؟ مش سليم كان بيعمل معاكي كده، وفي الآخر طلع بيحبك؟
نظرت ماسة لها بتركيز فهي قلقه عليها قالت: بس أنا خايفة يا سلوى عليكي، أنا تعلمت إن مش كل كلمة حلوة معناها حب، ولا كل اهتمام يعني ارتباط. ممكن تكون أي حاجة تانية،و أتعلمت كمان إن الراجل ما يتاخدش عليه الكلام الا لو قالوا بوضوح.
سلوى تبتسم بثقة، وملامحها تتوهج بالأمل: ما تخافيش، صدقيني بيحبني. أنتِي ما شفتيش بيكلمني إزاي ولا بيبص لي إزاي؟ ولا إنتي مش عايزاني أعيش قصة حب حلوة زيك، وأتجوز عن حب؟
ماسة تنظر إليها بحزن، تتنهد وتقول بصوت حنون: مش كده يا سلوى. أنا بس خايفة عليكي ربنا يعلم أنا بدعيلك كل صلاه ربنل يرزقك واحد يحبك زي ما سليم بيحبني.
سلوى تضع يدها على كتف ماسة وترد بثقة أكبر: متخافيش. مستحيل يعمل حاجة غلط، ده أكيد هيخاف من سليم.
ماسة: طب عايزاكي ما تتعلقيش بيه أوي، ممكن؟
سلوى تضحك بخفة وترد بحماس: ما تخافيش. المهم دلوقتي تنبسطي في أسوان!
ماسة تضحك معها، وترد بسعادة: جداً جداً
-مدينة الرحاب الثانية مساءً
-مظهر عام للمدينة، ثم نقترب من إحدى الفيلات ذات السور العالي الذي يعلوه حديد، وتوجد بها أبراج مراقبة، والرجال الذين يتحركون مع الكلاب البوليسية وآخرون يحملون الأسلحة. فهي محصنة كالسجون. دخلت سيارة سليم، وخلفها الحراس.
هبط سليم من السيارة بعد أن فتح له مكي، وكان في انتظاره عرفان ورجاله.
عرفان بترحيب: سليم باشا، حمد الله على السلامة.
سليم: الله يسلمك.
مرر عينه من حوله هو يتطلع على التأمين.
عرفان: ها عجبك المكان يا ملك.
سليم نظر له بكبرياء: الأهم التأمين يكون مظبوط ومايتخرقش.
عرفان بثقة: عملتلك تأمين أقوى من تأمين السجون. السور كان ٢وتص متر، خليتهولك ٥ متر، وحطيت حديد موصل بالكهرباء عشان لو حد نجح وعرف يطلع السور، يتكهرب. وزي ما سعاتك شايف…
وهو يشير بيده إلى السور:
السور من تحت فيه أسلاك، يعني لو فصلوا الكهرباء، بمجرد ما ينزل رجله هتوحشه. بنيت برجين مراقبة، ولسه فيه اتنين تانيين بيتنفذوا. هنحط فيهم قناصة. البوابة متكهربة. أما الكاميرات هتكون متقسمة لـ ٣ أجزاء: الأول ظاهرين قدام أي حد، التاني متوسطين يعني الخبير بس اللي هيوصلها، التالت مخفين في أماكن الجن نفسه مش هيوصلها، ومحدش هيعرف مكانهم غيري أنا وإنت ومكي. والرجالة هتتوزع داخل وخارج الفيلا، نظام ورديات على مسؤوليتي.
سليم بحسم: محدش هيدخل جوة.
مكي: هيكونوا في البالكونات مدينك ظهرهم.
سليم بقوة وحسم: محدش هيدخل جوة.
عرفان: بس اا
قاطعه سليم بحزم: قولت مافيش، فكر في حاجة تانية
عرفان:أمرك.
سليم: وصلتوا لحاجة؟
مكي:إسماعيل لسه بيدور. أنا كمان ماشي ورا خيط، بس لما أوصل لحاجة هقولك.
“سليم: تمام، أنا راجع المجموعة…” مرر سليم عينه عليهم وقال بحدة وهو يركز في ملامحهم: “أخرَكُم الأسبوع ده وتوصلوا للخاين عشان ما أبدأش أدور بنفسي. ولو دورت بنفسي، هتزعلوا.”
هزَّ الاثنان رأسيهما بنعم.
مجموعة الراوي
مكتب سليم الخامسة مساءً.
نرى سليم يجلس على مقعد مكتبه، ساند ظهره ورأسه على ظهر المقعد، ينظر لأعلى بشرود، يفكر في كل ما حدث منذ عودته من السفر، في تلك المشاكل والصراعات التي أوقع نفسه فيها مع أعداء المجموعة، والتي لم ينجي منها شيئًا سوى دخوله في العديد من المشاكل مع أقذر العصابات الوحشية في العالم، وتعرض ماستة للخطر بسببها، حتى وصلت إلى خطفها! وربما يحدث لها شيء مشابه مرة أخرى إذا ظل يسير في تلك الأعمال، وهذا ما لم يرضَ به أبدًا.
غير تلك المؤامرات التي عرف بها مؤخرًا، نعم فهو ما زال لا يعرف كل المؤامرات التي تُدبّر له من عائلته، سواء من عماد الذي يحاول تفريقه عن زوجته، لكنه علم ببعضها، فشعر أنه أصبح على حافة الهاوية. وإذا استمر في السير في تلك الطرقات، سينتهي. فهو لم يُرد تلك الحياة، بل كان يتمنى أن يعيش حياة أخرى بريئة نقية، كما تخيّل مع قطعة سكرته. أن يعمل عملاً نظيفًا بعيدًا عن أعمال عائلته غير القانونية، ويعيش في منزل خشبي بسيط مع زوجته وأبنائه. أن يصبح شخصًا آخر يستحقها كما تعاهد لها ولنفسه.
وبسبب ولاءه لعائلته بعد طلب العون منه، ضلَّ طريقه مرة أخرى، وتخلى عن جميع أحلامه، وأيقظ فيه شخصًا كان يتمنى التخلص منه.
أخذ يفكر ويشعر بالاختناق، فيوجد حرب تدور داخله. ماذا يفعل؟ هل يأخذها ويغادر مرة أخرى ويترك عائلته في أمس الحاجة له؟ أم يستمر في تلك الطرقات التي بالتأكيد لم يجني من ثمارها سوى الخراب والدم؟ هل عائلته تستحق تخليه عن أحلامه والعيش بسلام مع زوجته حتى لو لفترة مؤقتة؟ فهو لم يتخيل أو لم ينوي ما حدث من بناء عدوات بهذا الشكل…
تنهد بضجر ومسح على وجهه بتعب مضطرب. نظر بعينيه إلى لعبة كرات توازن نيوتن المتأرجحة، سحب أحدهم، فضربت الكرات بعضها أمام عينيه وهو مسلطهما لدقائق. طرق الباب، دخل مكي وجلس أمامه، وما زال سليم على نفس الوضع.
مكي: سليم
لكن سليم مازال شارد يفكر في حل..
نادى مكي مرة أخرى: سليم.
سليم وعينه مسلطة على تلك الكرات قال بنبرة بها نوع من الاضطراب: أنا قررت أبعد.
نظر مكى له متعجباً بعدم فهم: تبعد عن إيه؟
سليم وعينيه ما زالتا على تلك الكرات وهي تضرب بعضها، قال: مستحيل أسمح إنها تتعرض للأذى تاني. وطول ما أنا بشتغل في الشغل ده، هتحصل تاني وثالث وألف. عرفوا إنها الأيد اللي هيتجاب منها، إنها نقطة ضعفي. أنا لسه مرعوب يا مكي عليها، بسبب اللي عملته مع أعدائنا، حاسس بذنب حاسس بالخوف.
مكي بعقلانية: أنت شبه خلصت عليهم أخرهم محمود، ولو هتتكلم عن إريك وتيمو ما اعتقدش إن هما هيعملوا حاجة يعني أعتقد هيخاف بعد إللي حصل في الإجتماع.
سليم: بس ماينفعش أثق مينفعش أأمن وإلا هتكون نهايتي.
رفع عينه له موضحاً بضيق ممزوج بأسى خنق نبرة صوته:
ماكنتش عايز كل ده يحصل، كنت ناوي أنقذ العيلة وبس وارجع تاني، لقتنى دخلت في قصص كتير ورا بعض، جنوني وكبريائي عماني بس والله مكانتش هتتحل إلا كدة، بس ياريتها ماتحلت ولا حصل كل ده، بس خلاص كفاية لحد كدة،
أنا كل مدا بغرز في الوحل أكتر وأكتر، وماسة إللي هتكون الضحية،(بحيره) بس الباشا محتاجني مستحيل أتخلى عنه، مافيش غير حل واحد، وهو إني أبعد عن الشغل التاني، وأى شغل غير قانوني ماليش دعوة بيه.
مكي: قولتلك ماسمعتش الكلام.
سليم بندم: عارف إني غلطت، وكبريائي عماني ومنعني من رؤية الحقيقة، والثقة الزايدة وقعتني في الغلط. بس مش مهم، غلطة وتعلمت منها، ومستحيل أستمر فيها.
أكمل وهو يبتسم بشغف بعينين تلمعان:
ـأنا محتاج أحقق وأعيش الحلم اللي تمنيته مع ماسة، أكون سليم اللي تستحقه، وأكون أب محترم لأولادي. في المستقبل هما ما يستاهلوش يكون ليهم أب زيي، عنده كل المشاكل وأعداء دي، ممكن في أي لحظة هما يدفعوا ثمن أخطائي، عايزهم يتشرفوا بيا، يكونوا فخورين بيا. أديهم من الأمان الحقيقي، ما أبقاش خايف في أي لحظة ممكن يدفعوا ثمن أخطائي. مش عايز الحياة دي، إللي طلعت مني شخص أنا ما بحبهوش وبخاف منه. أنا حياتي كلها حرام في حرام. أكيد ده إنذار من ربنا عشان أبعد عن الحياة الزبالة دي، ماسة ما تستحقش تعيش مع واحد زيي. هي بتثق فيا، مستحيل أخذلها في ثقتها. لازم أكون سليم اللي هي متخيلاه يا مكي.
مكي بتأييد: وأنا معاك كفاية كدة، فعلاً وسعت أوي موضوع التابيللو لوحده مصيبة.
زم سليم شفتيه بضيق، هز رأسه بإيجاب وقال: عارف. وبعد خطفها…
ضرب كفًا بكفه بمعنى خلاص. ثم قال: “خلاص كده، اللعبة انتهت. أنا هابلغ الباشا، وهعمل عمرة وأتوب عن كل حاجة. إنت كمان هتبطل الشغل ده، وتستغل معايا بشركة، هفتح شركة السياحة اللي وعدت ماسة بيها. وكفاية عليا شغل الفنادق، نشتغل عليهم، وممكن كمان شغل العقارات. أنا أصلاً مش ناوي أكمل مع الباشا غير كام سنة بس. اتأكد إن ياسين عضمه قوي وهيعرف يسد، وأخد مراتي وأبعد وأحقق الحلم
تبسم ابتسامه واسعه شغوفه وهو ينظر بعيداً بتأمل:
ببيت صغير على نهر.
مكي بتفهم: يا سليم، أنا معاك، وقايلك أنا معاك من زمان لما خدت القرار ده.
أكمل بضيق وتوتر: “وصدقني، أنا كمان بعد إللي حصل مع ماسة وسلوى اتضايقت أوي، حطيت نفسي مكانك، إنهم ممكن يجيبوني بمراتي، يعني ملهاش ذنب غير إنها حبتني ودخلت حياتي. حياتي اللي أصلاً خطر. أنا كده هبقى أناني، ومهما حاولت أدافع عنها وأحافظ عليها، برده هيعرفوا يوصلوا لها، للأسف الشديد. اتوجدنا في حياة غلط، بس إحنا لازم نبعد عنها عشان نحافظ على حياة الناس اللي في حياتنا وبنحبهم.
توقف سليم: انا هروح ابلغ الباشا بقراري.
مكي: بسرعه دي.
سليم هز راسه بإيجاب: امم بسرعه دي.
تحرك سليم خارج المكتب متوجهه الى مكتب عزت.
مكتب عزت
عزت يجلس على مكتبه يقوم بلملمت متعلقاته طرق باب دخل سليم، رفع عزت عينه نحوه بإبتسامة.
عزت: سليم تعال رجعت تاني.
سليم وهو يتحرك: قولتك هرجع تاني.
جلس على الاريكة وهو ينظر لعزت قال: كنت عايز أتكلم مع حضرتك شوية.
نظره له عزت وقال بتفهم: مادام قعدت هناك يبقى أكيد عايز تتكلم معايا في موضوع مهم.
نهض عزت وتقدم نحو سليم وجلس على المقعد بجواره وهو يفتح ظهر بدلته ليجلس بارتياح.
عزت بتساؤل: خير، قول، أنا سامعك، يا مغلبني.
سليم متبسمًا: أنا مغلبك!! ده أنا أكتر واحد من ولادك ما بعملش أي حاجة تغلبك ولا تحط راسك في الأرض.
عزت بتفسير: مظبوط، بس أنت مش مغلبني بمشاكلك، مغلبني بدماغك الناشفة اللي ما بتسمعش غير كلامها وبس.
سليم بثقة: أعتقد ده أفضل من تصرفات طايشة تهز سمعة العيلة. كفاية رشدي عليك.
تبسم عزت: عندك حق، طول عمري مش حاسس إني مخلف، كلكم هاديين، إلا رشدي، والله ما عارف طالع لمين؟! ما عنديش حد كده ولا حتى في عائلة والدتك، كلنا بنخاف على اسم العيلة، وبناخد بالنا جدًا وبنحذر في تصرفاتنا، إلا رشدي مش قادر يفهم مكانته ولا مكنتنا.
سليم بعقلانية: والله يا باشا أنت اللي مش عايزني أشد عليه، كل ما أحاول أعمل حاجة توقفني وتقول لي عشان خاطري بلاش. مش عارف هتفضل كده لحد إمتى؟ يا بابا لازم توقفه، صدقني، رشدي طول ما هو شايف إن إحنا كلام وبس، وما فيش أفعال، هيتمادى في تصرفاته. يمكن الفترة دي هو لامم نفسه لإننا لسه مرجعين المجموعة قريب زي ما كانت، وبنحاول نحافظ على اللي وصلنا ليه عشان ما نخسرش تاني، لكن صدقني بعد كده، مجرد ما يحس إن إحنا رجعنا زي زمان، هيسوق فيها بزيادة.
عزت تنهد بتعب: والله يا سليم، أنا عارف. زي ما قلت، هو لامم نفسه الفترة دي، فمش هينفع أعمل أي حاجة، لكن لو عمل حاجة، صدقني ساعتها هتتدخل.
سليم بعقلانية: تمام، بس الحشيش اللي بيشربه ورجوعه الأغلب الليالي سكران، ومش داري، حاجة برده مقلقة ومش لطيفة.
عزت بتأييد: إنت عندك حق. سيبك من رشدي عشان لو فتحنا الكلام فيه مش هنخلص. قول لي مراتك عاملة إيه؟ تخطت الموضوع بجد؟ ولا أنت قايلها تمثل قدامنا إنها متخافش؟ أصل أنا عارفك.”
سليم تبسم بلطف: أكيد يعني يا بابا، مش هقول لها تمثل، دي مشاعر طبيعية. أنا بس حاولت أتكلم معاها وأخرجها من اللي هي فيه. بصراحة دي أكتر حاجة مضايقاني إني عرضتها لحاجة زي كده. عشان كده فكرت في حاجة وقررت وجاي أبلغك القرار.
نظر له عزت باستغراب وهو يعقد بين حاجبيه: قررت يعني، حتى مافيش مجال للمناقشة فيه؟
سليم متبسمًا: لا يا بابا، أكيد هتكلم معاك.
عزت: ما بلاش باشا دي بقى، قول لي يا بابا. إحنا قاعدين هنا مش قاعدين على المكتب.
سليم: ماشي يا بابا…
أكمل بجدية ممزوجة بعقلانية، بعينين تلمعان بشغف وصوت مليء بالإصرار: أنا عايز أبعد عن الشغل التاني، أو أي شغل في مشاكل، أو ممكن يعرضني أو يعرض أي حد يخصني للخطر. فأنا منسحب من أي شغل غير شرعي، أي شغل غير سليمو غير قانوني، يعني مش هقدر أسافر تاني ولا هقدر أتواصل مع حد وأتمم صفقات عشان نجيب الماظ أو ذهب مهرب بطرق غير شرعية، زي تعاملاتي مع مستر ريمون مثلًا وغيره. لكن طبعًا الذهب والألماظ اللي بيجوا بطرق شرعية من المناجم اللي تخصنا أو المناجم المعروفة أصلها وقانونية، عادي طبعًا أشتغل فيها. وتجاره الآثار كمان وما شابه من المقتنيات الثمينة، والملكية، واللوحات، أنا كمان منسحب منها. أي حاجة تخص التهريب أنا برها. لكن غير كده يا بابا، أنا آسف. أنا أصلاً بفكر، بلاش نكمل في الموضوع ده، والسكة دي. يعني إحنا مش محتاجين لها. شغل البترول والماس، وشركة الشحن، غير إن إحنا محتكرين القمح وفول الصويا اللي بيدخل مصر وبعض البلاد المجاورة، كفاية. دي ثورة قومية، وإحنا خلاص بقينا شبه محتكرين السوق المصري والعربي في بعض المنتجات الغذائية. أنا عارف إن إحنا الفترة اللي فاتت خسرنا ملايين، وكنا على وشك بيع ممتلكاتنا، وإننا برضه لسه مرجعناش زي الأول بنفس الهيبة والقوة. وإن حضرتك محتاج كام صفقة عشان نرجع نفس القوة الأولانية. بس أنا ممكن أعمل كده بطرق ما لهاش علاقة خالص بتجارة الآثار أو الألماظ ولؤلؤ، والذهب المهربين. عمومًا القرار قرارك في الآخر، لكن أنا بره. بس الأكيد وقت ما تحتاجني هتلاقيني. يعني لو حصل أي مشكلة أكيد هكون موجود، غير كده آسف.
عزت بعقلانية: سليم، أنا محتاجلك. قرارك، أنا متفهم جدًا، خصوصًا لأنه طال مراتك. ودي أول مرة تحصل لنا، وأول مرة يحصل تهديد من نوع ده لأحد أفراد عائلة الراوي. بس لو سمحت، فكر تاني، على الأقل الفترة دي.
نظر له سليم وتحدث من قلبه: مش بس عشان اللي حصل لماسة! كده عشاني أنا كمان يا بابا. أنا كمان لو فضلت مستمر هكون مهدد في أي لحظة بالقتل. رصاصة بملاليم، قادرة تنهي كل حاجة، حياة كاملة، سعادة ودافئ، وأرمل مراتي، ويتم ابني في المستقبل.
قاطعه عزت متعجبًا متسائلًا: “هي ماسة؟
قاطعه سليم وهو يهز رأسه نافيًا: “لا طبعًا، حضرتك عارف الدكتور قال مش قبل سنتين أو ثلاثة. بتكلم في المستقبل. أنا عايز أبعد. بصراحة، عايز أكون جدير بماسة. حابب أكون الإنسان اللي يستحقها، إنسان سوي، حياته مافيهاش مشاكل، ولا أي مؤامرات أو عصابات أو مخاوف أو خطر.
أكمل بعينين تلمعان بشغف، وتحدث من أعماق قلبه بوجه لا يعتاد عزت على رؤيته: أنا نويت أتوب عن سكة الحرام عشان أعيش أنا ومراتي وأولادي في المستقبل حياة ما فيهاش أي مخاطر، عايز حياة هادئة، ورايقة، بيت صغير على البحر بعيد عن الهمّ والمشاكل، شركة أبتديها أنا باسمي من غير عائلة الراوي، همشي فيها خطوة خطوة من غير أي مشاكل، وأخلف ولدين وبنتين. حياة زي اللي كنت بتمناها وبحلم بيها وأنا مسافر. كنت راسم خطط وشكل معين لحياتي معاها، غير ده خالص. لكن اللي حصل خلاني أاجل خطتي دي كام سنة، لحد ما نوقف المجموعة دي زي ما كانت زمان وأقوى من الأول كمان، وجاهز ياسين كمان عشان هو اللي هيقعدني مكانك، حضرتك.
كان عزت يستمع له بابتسامة جميلة ممزوجة بتعجب، فلأول مرة يتحدث سليم بهذا الشكل معه كأب وابنه عن أحلامه وطموحاته، والطريقة التي يتمناها أن يعيش بها، ذلك الوجه الذي يبدو أن عزت يراه لأول مرة.
نظر عزت له بابتسامة تحمل سعادة وتأثرًا وقال: أنا سعيد جدًا إنك لأول مرة تتكلم معايا بالشكل.
مد يده وهو يضعها على مكان قلب سليم وقال: من هنا…
ثم ثم وضع يده على جبينه وقال:
ـ مش من هنا…
ابتعد وأكمل وهو يتحدث بتأثر:
يعني كأب وابنه، بقالنا سنين ما قعدناش القعدة دي. أنا فاكرهم واحدة واحدة. قعدناها مرة لما طلبت منك بلاش تخلي لورجينا تنزل الطفل، وتتجوزها، وانت رفضت، لأنك طبعًا كنت شايف نفسك غير مؤهل في الوقت ده إنك تبني عيلة ويبقى عندك أولاد. وكان عندك طموحات، وشايف الحياة بشكل تاني. ومره كمان لما عفت داتك ماتت، وكنت زعلان أوي. ويوم لما ماسة سقطت البيبي، شفت دموعك لأول مرة من سنين طويلة. وساعتها حطيت راسك على كتفي وبكيت. صدقني دموعك وراسك اللي مالت على كتفي هزوني جدًا ووجعوا قلبي عليك. وقتها حسيت إنك لسه بتعتبرني أبوك. ودي رابع مرة، أول مرة تتكلم بصراحة وتبوح عن أحلامك، قد إيه بسيطة.
تبسم سليم وقال معلقًا بمزاح: في أمل، أهو نعيش مع بعض كعيلة حقيقية.
عزت بلطف وحنان الأب: إنت طول عمرك بعيد عن نفسك يا سليم. أنا مش هتكلم عن فايزة، أنا فاهم أسبابك، بس أنا عمري ما كنت معك أب سيئ أو مش حنون، بعيدًا طبعًا عن مشكلة ماسة، واللي حصل، واللي أنا قلتلك في الفندق. صدقني أنا ندمان، أنا طول عمري بحبك جدًا، وبفضلك عنهم، حتى عن ياسين وفريدة، لأني بحسك شبهي. ما عندكش طمع ولا ضغائن لأخواتك، ولو حاربت على الكرسي، عمرك ما هتحارب بخسة وندالة ودم. هتحط في اعتبارك إنهم مهما كان أخواتك، وعارف كمان إنك ما عندكش أي اعتراض إنك تقسّم الكرسي، وكلكم تبقوا إيد واحدة، كلكم تبقوا ملوك، الحاجة اللي كان نفسي أعملها مع أخواتي وفشلت فيها، لأن للأسف أنا كمان أخواتي كانوا زي أخواتك كده. أنا حقيقي حزين إني بتكلم عن ولادي بالشكل ده، بس هي دي الحقيقة. أنا شايف إن أنا ما خلفتش غيرك أنت وفريدة وياسين، أما رشدي وصافيناز ربنا يهديهم، قبل ما اسمهم يقتلهم.
سليم تساءل متعجبًا: وطه فين يا باشا؟”
عزت بحذر: غلبان، بس الطيبة الزيادة بتجيب مشاكل، وبترها أفضل. إحذر من الطيب، لأن طيبته وسكوته على الغلط بيجيب كوارث يا سليم. رشدي وصافيناز طريقة تفكيرهم معروفة، عاملين إزاي! معروف حدودهم إيه، وآخرهم إيه، لكن الطيب الساكت ده!! يخوف أكتر لأنه ما يبقاش مكشوف، دايمًا ورق مخبيه. عشان كده أنا عايزك دايمًا تحذر من طه، وبما إنه معاه واحدة زي منى، لازم حذرك يبقى أكبر.
سليم بطيبة: إنت عندك حق، بس ما أعتقدش إن هتوصل معاه للدرجة دي. يعني أعتقد وقت ما يحصل خطر هيتكلم. طه مش ساذج ولا غدار، وواثق إن وقت ما يكون في خطر مش هيسكت
عزت بحسم: عموماً لازم تفهم حاجة واحدة، انسى إني وافقتك إنك تحط ياسين مكانك. أنت اللي هتقعد ياسين لو قعد هينهو. أنت عارف قصدي كويس.
سليم بعقلانية: بالعكس، هم بيحبوا ياسين جداً، حتى رشدي بيحب ياسين. يمكن لو قعدت وقتها يحصل اللي حضرتك بتفكر فيه وخايف منه، ويتلوث الكرسي بالدم. عشان كده أنا مش عايز يوصل بينا إحنا وأخواتي، وإيدنا تتلوث بدم بعض. لكن ياسين الكل بيحبه، وصدقني، ياسين لو أخد الثقة والقوة هيبقى زي، بل بالعكس هيكون أحسن مني. عشان أنت عارف، أنا لما بتجنن ما بشوفش قدامي. هو بقى ما بيتجننش، بيفضل عاقل وهادئ وبيتصرف بعقل وحكمة. هو الأنسب مني، صدقني.”
عزت بحكمة: الكرسي ده مش دايماً محتاج حكمة وحسن تصرف. أحياناً بيحتاج الجنون والمخاطرة. عشان خاطر المجانين والخاينين زي صافيناز وعماد ومنى ورشدي، دول مينفعش معهم عقل. دول يحتاجوا حد مجنون، عنده سوء نية، وقلبه أحياناً بيعرف يخليه أسود عشان يقدر يبعد عن أذاهم. عموماً، إحنا لسه بدري على الموضوع ده. أنا لسه عايش يا ولد، وقاعد على الكرسي. مش هقوم من عليه إلا لما أموت. أنا بس بحذرك وبقول مين اللي هياخد مكاني.
سليم باحترام وتقدير: بعد الشر عنك يا بابا، ربنا يديك طول العمر ويخليك لينا، ودي حاجة أكيدة، أنت الملك، مش محتاج نقاش. المهم… ها، تمام على اللي أنا قلته. أنا بنسحب من اللعبة.
عزت تبسم معلقًا: هو سليم ينفع حد يتناقش في قراره؟!! حتى لو سليم وافق إنه يتناقش! هو بيبقى حاسم أمره، وبيتناقش بس عشان يبين قد إيه هو ديمقراطي مش ديكتاتوري، عارف، انت بقى وارثه من فايزة الموضوع ده، العند والدكتاتورية. لكن، يعني، اهو اتناقشنا وأنا فهمتك قد إيه أنا محتاجك، بس برضو هتنفذ اللي في دماغك. مستحيل ترجع. عموماً يا سليم، قرارك أنا هحترمه جداً، بس أوعدني وقت ما تحتاجني هتكون موجود.”
سليم: ده أكيد طبعًا يا بابا.
عزت: وما تبلغش حد بقرارك ده لحد. سيبني أنا أبلغ فايزة، عشان انت عارف فايزة لو ما قلنا لهاش هتعمل مشاكل كبيرة، وأحنا مش عايزين ذعابيها الأيام دي. إنما أخواتك؟ لا، مش هيعرفوا حاجة لغاية ما أنا أقولهم. مفهوم؟
سليم: اعمل اللي انت شايفه صح.
عزت تسأل باهتمام: ها، وصلت لحاجة؟ عرفت مين ساعد محمود؟
هز سليم رأسه بنفي: لا لسه، بس إحنا شاكين إن حد من الحراس عندي ساعده واداله معلومات عن أماكن الجاردات.
عزت بتعجب: بس رجالتك بيحبوك مستحيل حد فيهم يخونك؟!
سليم بعقلانية وأعراض: مافيش حاجة اسمها مستحيل، الفلوس بتعمل أي حاجة. أنا مش باثق في حد غير مكي وعشري، وهما ماخدوش الثقة دي غير بعد سنين واختبارات كثيرة. الباقي لا. حتى إسماعيل مش باثق فيه. اللي يخون بلده! يخون أي حاجة تانية. ممكن يعمل أي حاجة تانية عشان الفلوس. ده عباد قرش، مع اللي يدفع أكتر. ومش عشان إسماعيل لحد اللحظة دي له ولاء لينا. معنى كده إن إحنا نديه الثقة بشكل مطلق؟ ده غلط. حضرتك اللي علَّمتني الكلام ده، لا أحد يستحق الثقة، لان بمجرد ما تثق فيه. دي أول درجات الفشل وإهلاكك.
عزت بستفسار: انت عندك حق. طب هتعمل لهم اختبار ولا هتعمل إيه؟”
سليم: يعني حاجة زي كده، لسه هشوف ماحددتش. بس حتى لو منهم فعلاً وطلع من رجالتي، أنا متأكد إنهم قتلوا عشان يقتلوا السر معاه.
عزت: تمام. لو وصلت لشيء برضه عرفني.
نهض سليم وتوقف وهو ينظر إلى عزت: طيب، أنا همشي. محتاج حاجة تاني مني؟
عزت باهتمام: خد بالك من نفسك بس هترجع القصر
سليم: أه، هاجي عشان أطمن على صافيناز.
ثم أكمل بكبرياء وثقة: بس هقضي الأيام دي في مزرعة الفيوم، لازم أثبت للكل إن سليم ما بيتهزش ولا بيخاف.
وضع قبلة على رأس عزت باحترام وقال:
عن إذنك.
تبسم سليم له وخرج. نظر عزت إلى أثره بتفكير، فكان سليم قد وضعه في مأزق بسبب انسحابه من الأعمال المخالفة للقانون.
ــ قصر الراوي الثامنة مساء.
-الهول
نرى كل من عزت وفايزة وصافيناز وماسة وسليم يجلسون ويتبادلون الأحاديث وكان يبدو على ملامح ماسة الحزن.
سليم بحنان: سلامتك يا حبيبتي.
صافيناز: الله يسلمك.
ماسة بحزن وطيبة: انا زعلت خالص لما عرفت إللي حصلك إن شاء الله تجيبى غيره أنا حاسة بشعورك جدآ والله وبألمك ألف سلامة عليكي.
صافيناز: ميرسي لإحساسك يا ماسة.
ماسة: الدكتور قالك ممكن تجربي تاني إمتى؟
صافيناز: ٦شهور ويستحسن سنة.
ماسة بطيبة: طب كويس إن شاء الله المرة الجاية تجيبى توأم متزعليش بقى.
وضعت قبله على خدها وتربت على كتفها
صافيناز بحزن بعين ترقرق بدموع: كان نفسي فيه أوي يعنى كان كبر جوايا وبدأت أحس بيه.
ماسة بحزن ربتت على كتفها: قولي الحمدلله المهم إنك بخير الطفل يتعوض.
سليم: مظبوط اهم حاجة صحتك يا صافي.
عزت: إنتي الدكتور قالك ٣سنين مظبوط.
ماسة: آه للأسف.
عزت بعقلانية: مش للأسف ولا حاجة إنتي صغيرة خالص استمتعي بحياتك مع جوزك سافرى وتعلمي واكتسبي مهارات ومفاهيم جديدة، عشان لما تجيبى طفل تكوني كبرتى وفهمتي وبقيتى قد المسؤولية دي وتعرفي إزاي تربيهم بوعي ونضج.
ماسة؛ حضرتك عندك حق بس أنا بحب الأطفال أوي ونفسي أوي أجيب من سليم طفل.
عزت: إن شاء الله تجيبى بس خديها مني نصيحة لما بتجيبى طفل بعد نضج وفهم للمسؤولية الكبيرة إللي بقت عليكي هتقدري تربي وتبنى فى أطفالك كويس.
ماسة بتأييد: حضرتك عندك حق.
سليم وهو ينظر من حوله: امال فين عماد وياسين والباقي.
صافيناز: عماد هيرجع بكره.
فايزة بالنسبه للباقي خرجوا..
************************
مكتب عزت
نشاهد عزت يجلس على المقعد الأمامي للمكتب
وامامه فايزة التي تجلس وهي تنظر له متعجبه.
تسألت فايزة باستغراب،وهي تضع قدمًا فوق الأخرى وقالت: خير؟
عزت بهدوء: سليم جالي النهارده وطلب إنه يبعد عن أي حاجة تخص الشغل التاني.
ضيقت فايزة عينيها ونظرت إليه بريبة وهي تهبط قدميها: أوعى تكون وافقته؟
عزت بحسم: ماقداميش حاجة تانية غير إن أنا أوافق. تفتكري سليم أصلاً ممكن حد يجبره يعمل حاجة هو مش عايزها؟
فايزة بإصرار: لا، بس اتناقش معاه. قُله إنك محتاجه.
عزت وهو يحاول تهدئتها: هو هيبعد بس عن الشغل التاني. عايز يعيش في أمان، مش عايز يشتغل في حاجة فيها خطورة. خايف على مراته وعلى نفسه، وهو عنده حق. المرة دي الموضوع وصل للبيت، في واحدة مننا اتخطفت. هو نفسه كان ممكن يحصل له حاجة. بعدين قال لي لو احتجت حاجة هيكون معايا. سيبيه براحة.
سألت فايزة بنبرة فاحصة: إنت رأيك كده؟
عزت بحزم: مفيش حل غير كده النهارده. خليه يعمل اللي يريحه، لأن غير كده إحنا اللي هنخسر. وأنا بعرف أمشي الشغل ده من غيره.
هزت فايزة رأسها موافقة: تمام. هتبلغ الولاد؟
عزت بحسم: مش دلوقتي خالص.
فايزة: تمام.
على اتجاه اخر جناح سليم وماسة.
الشرفة
كان سليم وماسة يجلسان جنبًا إلى جنب على الأرجوحة، يحتسيان العصير بهدوء. أحاط سليم ظهرها بذراعه، وملامحهما تنبض بالسعادة. كان سليم يبدو وكأنه أخيرًا قد وجد راحته، كأن عبئًا ثقيلًا انزاح عن قلبه بعد قراره الأخير بالابتعاد عن طريق الشر.
سليم يقبّل خدها بابتسامة:أنا مبسوط أوي.
ماسة تؤيده بحماس:حاسة كده إنك مبسوط ومنشكح.
سليم يرفع حاجبه بدهشة: إيه ‘منشكح’ دي؟
ماسة تضحك: منشكح يعني جاي من الانشكاح، يعني مبسوط جدًا… بس قول لي، مبسوط ليه؟
سليم بنبرة مطمئنة وكأنه وجد سلامه النفسي: خدت قرار مريحني جدًا. عمري ما كنت متوقع إني هرتاح كده لما آخده.
ماسة بفضول: قرار إيه؟
سليم بتنهيدة: كنت شغال شغل معين… بس الصراحة كان بيعمل مشاكل كتير.
ماسة بنظرة حادة وذكاء: مشاكل زي اللي تسببت في خطفي؟ واللي ممكن تخلي حد يضرب عليك نار؟
سليم بتأكيد: بالظبط.
ماسة بعقلانية: بصراحه كدة أحسن يا كراميل، ط ياريتك اخدته من زمان بس مش معلش المهم انك أخدته وبعدت بس والدك وافق؟
سليم: اها طبعاً.
ماسة: طب كويس أنا زعلت على صافي خالص خصوصاً ان عماد مكنش معاها.
سليم: وأنا كمان الحمد لله انها بخير بكره عندى ليكي مفاجاه.
ماسة بحماس: إيه؟
سليم: بكره هتعرفي يا قطعة سكر.
وضع قبله على انفها بدلع ضمها اكثر له؟
❤️_____________بقلمي_ليلة عادل
في اليوم التالي عاده عماد الى القصر بعد فك الرابط الشاش
بعد غياب دام اكثر من اسبوعين
قصر الراوي.
غرفة صافيناز الواحده ظهراً
دخل عماد الغرفة بعد فكه الشاش كان القلق المصتنع يغطي وجهه عندما رأى صافيناز جالسة بمفردها على الأريكة، وجهها شاحب وعيونها متورمة من البكاء.
عماد، بلهفة: صافي… سمعت اللي حصل. إنتِي كويسة؟
صافيناز، بصوت مبحوح: عماد… البيبي مات.
اقترب عماد منها بسرعة وجلس بجانبها، ممسكًا بيدها: حبيبتي، أنا آسف جدًا. كنت أتمنى أكون معاكِي كان لازم أكون جنبك. بس انتي فهمه غصب عني.
صافيناز، وهي ترفع نظرها إليه بعينين دامعتين:
ليه يا عماد؟ ليه دايمًا كل حاجة حلوة بتضيع مني؟
عماد: ربنا كبير، صافي. إن شاء الله يعوضنا. أهم حاجة صحتك.
صافيناز: كان نفسي تكون جنبي… كنت محتاجالك.
عماد: أنتِي عارفة إنه غصب عني، أعمل إيه طيب؟
صافيناز تنهدت بتعب، ومسحت دموعها: طيب… تعال نسافر، نغير الجو شوية.
عماد اقترب منها وربت على كتفها بحنان: حاضر، المهم إنك تهدّي يا روحي… مش عايزك تزعلي. إن شاء الله ربنا يعوضنا ونجيب غيره. قوليلي مافيش جديد؟
صافيناز: تو مافيش، قولي ايدك عاملة ايه دلوقت.
عماد: كويسه هبداء علاج الطبيعي من اول الاسبوع.
مجموعة الراوي
مكتب سليم – الرابعة مساءً
نشاهد سليم يجلس خلف مكتبه، يكتب على اللاب توب بتركيز تام، وكأن أفكاره تتناغم مع الكلمات التي يكتبها. بعد دقائق، يُطرق الباب ويدخل ياسين مبتسمًا بإشراقة واضحة على وجهه.
سليم، حمد الله على السلامة.
رفع سليم عينيه بابتسامة دافئة واهتمام صادق، قائلاً: ياسين، تعالَ.
أغلق سليم اللاب توب ونهض ليصافح ياسين بحرارة، وكأن اللقاء بينهما كان مفقودًا لفترة طويلة.
أقعد، عامل إيه؟ وحشتيني
جلس ياسين على المقعد الأمامي للمكتب وتساءل بفضول: تمام الحمد لله، مسافرتش كتير يعني! أسبوع بس.
عاد سليم إلى الوراء وقال باستهجان، كأن عبئًا ثقيلًا على قلبه: أعمل إيه! هو شغل يبقى ورايا وأنا أرتاح؟ الباشا رامي الحمل كله عليّ. كنت وعدتها بالسفر بعد ما أخلص امتحاناتي، لكن ضغط الشغل وسفري المتكرر ما خلانيش أنفذ وعدي. لما لقيت التوقيت المناسب، قررت أسافر عشان أفي بوعدي وأخليها تنسى اللي حصل. لكن الباشا كلمني وطلب مني أرجع عشان اجتماع مجلس الإدارة، المهندسين خلصوا التصاميم الأولية للكمباوند.
طب كويس، ارتحت يومين. إنت برضو لازم كل فترة تاخدها وتسافر، حرام البنت محبوسة في أوضتها أو عند والدتها من وقت ما رجعت.
سليم، بتعب واضح على وجهه : والله أنا محتاج أسافر وأفضي دماغي، من وقت ما رجعت من أكتر من 7شهور مارتحتش. أحداث كثيرة وتحديات متتالية، حمل ماسة اللي ما كنتش عامل حسابه، واجهاضها، وخطفها، وظهور لورجينا، والأعداء اللي صفيناهم. ده كله كوم، ومشاكل المجموعة كوم تاني.
ياسين، يربت على يده بحنان: معلش، الباشا والعيلة واثقين فيك. إنت الملك الجديد، واللقب ده ثمنه غالي. بس أنا هقولك على حاجة، إنت غلطت لما دخلتنا في موضوع المقاولات. هو أصلاً مش شغلنا. كان لازم تستنى نخلص مشاكل المجموعة الأول، وبعدين ندخل في مشروع جديد.
سليم، بثقة: بالعكس، ده أفضل وقت. ده إعلان منا إننا راجعين أقوياء. ده مش رجوع عادي! إحنا هندخل في شغل المقاولات، والسوق كله عارف إنه مش شغلنا. فلما نرجع بحاجة مش في تخصصنا ونثبت نفسنا فيها، هيتخافوا منا. بعدين، إنت اللي هتمسك الشغل ده، إنت مش مهندس!
ياسين ضحك: مهندس؟ بص، أنا في ظهرك، المهم انبسطوا.
سليم بابتسامة خفيفة: ماسة بتقدر تخليني سعيد من أعماق قلبي وتنسيني هموم الدنيا. ده أحلى تحدي وقرار أخدته في حياتي. ربنا يخليها لي ويقدرني أسعدها زي ما بتسعدني.
ياسين بإعجاب شديد: أنا عجبني جدًا علاقتكم ببعض، بتفكرني بحب الروايات. هي كمان شخصية جميلة وهادية، وده شيء نادر في الزمن ده.
سليم، بنظرة مليئة بالحب: أتمنى تعيش مع هبة قصة حب وحياه ودافئة زي أنا وماسة. لأن الحب ده أجمل حاجة في الدنيا. صدقني، شعور الحب نفسه والسعادة اللي بتحس بيها وإنت مع شريكة حياتك، صعب أوصفهولك. مش هتفهمني غير لما تعيشه وتتذوقه بالتفاصيل.
ياسين بابتسامة: أنا بدأت أحس بيه مع هبة.
سليم قال:طب إيه! هتاخد خطوة معاها جدية؟
ياسين متحيرًا قليلًا : لسه ما قررتش.
سليم بصوت هادئ وعقلانية:تاخد رأيي؟
هز ياسين رأسه بإيجاب، اكمل سليم بحكمة:
لو فعلاً حاسس إنك بتحبها بجد والمشاعر اللي جواك حقيقية، متتأخرش في الخطوة دي. مش هتستفيد حاجة غير إنك هتندم على إنك ما خدتش الخطوة دي من زمان.
ياسين بتوضيح: أنا فتحتها بس هي قالتلي، هفكر وطبعًا قرار زي ده مينفعش أضغط عليها فيه.
سليم بعقلانية وصدق: مظبوط، لكن البنت لما تحس إن شريكها وحبيبها جاد، وعايز ياخد معاها خطوات جدية، وإنه مش بيلعب ولا لسه بيتأكد من مشاعره، بتشعر بالأمان والسعادة. ووقتها بتشوف العلاقة من منظور تاني. حتى لو كانت ردودها “اصبر شوية”، بس لو هي من الشخصيات الجادة مش بتلعب زي البنات اللي كنت تعرفهم، هتحس بفرق كبير بعد كده في التعامل. كل ما العلاقة تتطور وتاخد خطوات جدية، كلما أصبحت أقوى وأعمق.
ياسين بتأييد: عندك حق، هكلمها تاني عشان تتأكد إني مش كلام وخلاص، وإني بجد عايزها.
سليم بثقة وحزم قال: هتدعي لي.
ياسين تبسم بيقين: متأكد. بقولك إيه، هبة عاملة حفلة صغيرة بمناسبة عيد ميلادها. إيه رأيك تحضرها وتتعرف عليها، وهات ماسة معاك. يبقوا أصحاب.
سليم: هتكون إمتى الحفلة دي؟
ياسين: الإثنين الساعة 8 في كافيه في أكتوبر. هبعتلك العنوان في رسالة.
هز سليم رأسه بابتسامة واثقة وقال:خلاص، هحضر. مبروك يا حبيبي.
💕___________بقلمي_ليلة عادل
قصر الراوي
حديقة الفيلا – السادسة مساءً
نرى ماسة تجلس على الأرجوحة في الحديقة، تغمرها الأجواء الهادئة وهي تقرأ كتابًا، بينما يقف عزت في شرفته، عينيه مثبتتين على مكانها، يراقبها في صمت. كانت مشاعره مليئة بالحزن والندم، خاصة عندما تذكر ما تعرضت له ماسة من خطف ومؤامرات، وأن ما حدث لها كان جزءًا من خطة دنيئة كانت على علم بها، وبعد حادثة إجهاض صافيناز، بدأ يشعر أن ما حدث معها، كان بمثابة انتقام من الله، لفعلتهم. كانت هذه الأفكار تضغط على صدره، تعذبه، وتجعله يتأمل فيما آلت إليه الأمور.تنهد في حزن عميق، وأحس بضغطٍ في قلبه. قرر أن يهبط لأسفل ليقترب منها، ربما ليتحدث أو ليعبر عن ندمه.
عزت وهو يقترب بخطوات هادئة: ماسة.
رفعت ماسة عينيها نحوه بابتسامة رقيقة، وأجابته بلهجة دافئة: عزت باشا!
أشار عزت لها بيده قائلاً، بصوت هادئ: خليكي زي ما إنتِي.
أحضر مقعدًا خشبيًا وجلس أمامها، ثم قال بنبرة عاطفية: قوليلي، بابا عزت يا ماسة، أنا مش زي مجاهد ولا إيه؟
ابتسمت ماسة بابتسامة طفولية وأغلقت الكتاب: طبعًا.
عزت بلطف وهو يبتسم: خلاص، بابا عزت، لو سمعتك تاني بتقولي عزت باشا هزعل منك…
ثم نظر إلى الكتاب وقال بتساؤل فضولي: بتذاكري إيه؟ مش نجحتي؟
ماسة: آها، بس ده كتاب الميس قالتلي أقرأه عشان أحسن القراءة بتاعتي، ويبقى عندي معلومات.
عزت بتركيز: ممتاز، ربنا يوفقك. إنتي عاملة إيه دلوقتي؟
ماسة: الحمد لله، كل شيء تمام.
عزت بلطف وهو ينظر إليها بعينين مليئتين بالاهتمام: أنا عارف إني مقصر معاكي جدًا، بس الشغل واخد كل وقتي، لكن ده ميمنعش إن وقت ما تحتاجي تتكلمي معايا، تيجي في أي وقت، إنتي زي بنتي وبابي مفتوح ليكِ في أي وقت.
ابتسمت ماسة بخجل، وحسّت بصدق مشاعره: كان الله في عونك.
عزت بحنان وهو يضع يده على قلبه: أنا عارف إن اللي حصل ليكي شيء صعب جدًا، إن بنت في سنك تتعرض لده. وماكنتش أتمنى إنك تتعرضي له، لكني متأكد إنك قوية وهتقدري تتجاوزي اللي حصل بسرعة. إحنا معاكي، سليم جنبك، وأنا في ظهرك، ومستحيل نسمح إن أي حاجة تضر بيكِي. حاولي تنسي، خليكي دايمًا قوية.
هزت ماسة رأسها بإيجاب، مبتسمة ابتسامة مليئة بالأمل: إن شاء الله، أنا واثقة في سليم.
عزت: أنا عايز أطلب منك طلب.
ماسة: طبعًا، اتفضل.
عزت بلطف وحنان: عايزك طول ما إنتِي معانا في القصر تحسي إنك واحدة مننا، ماتحسيش أبدًا إنك غريبة. ولو أي حد اتعرض ليكِي، تيجي تقولي لي. إنتي زي فريدة وصافيناز. يمكن في البداية كنت رافض جواز سليم منك، وإنتي أكيد متفهمة أسبابي، لكن لما جيتي هنا وشفت شطارتك وذكائك وقد إيه إنتِ إنسانة جميلة، نسيت أي حاجة تانية.
ماسة: أكيد طبعًا، أنا نسيت كل حاجة.
عزت بحنان: إنتي مرات ابني الغالي، وريثة العرش. لازم تحسي بالانتماء للقصر. إنتي من العيلة، وزي ما قلت لكِ، اعتبريني زي والدك. لو أي حد يزعجك أو يضايقك، تعالي كلميني، حتى لو سليم اتفقنا.
ماسة ابتسمت بلطف وامتنان: اتفقنا.
عزت توقف ثم أكمل وهو يمد ذراعيه:
عزت وهو يمد ذراعيه ويربت على كتف ماسة برفق وندم،: سامحيني يا بنتي على كل اللي حصل.
ماسة: والله أنا نسيت كل حاجة ومبسوطة إن حضرتك فاتحتلي بابك. عقبال الهانم.
ابتسم عزت بصمت وهو يهز رأسه قائلاً: أسيبك تكملي اللي بتعمليه.
تحرك نحو الخارج، بينما نظرت ماسة لأثاره بسعادة، لأنها كانت تشعر أنها قد حصلت على فرصة جديدة في حياتها.
بينما كانت فايزة تتوقف خلف أحد الاعمده تستمع لما حدث بينهما بإنزعاج شديد، وهي تجز على أسنانها. فور خروج عزت من الحديقة، خرجت فايزة وأطلعت نفسها عليه دون خوف، عيونها تلتهب بالغضب. نظرت له بنظرة مليئة بالكراهية، فبادلها عزت نظرة حادة مليئة بالتحدي.
فايزة بلهجة حادة: تعالي على المكتب.
عزت وهو يزداد انزعاجًا: بعدين.
فايزة بتصميم وقوة: قولتلك تعالي على المكتب يا عزت.
تحركت فايزة نحو الداخل، وعزت تبعها، والغضب يملأ وجهه من تصرفاتها التي لا تنتهي.
مكتب عزت:
دخلت فايزة أولاً، تلتها خطوات عزت الثقيلة. توقفت في المنتصف، تنظر له بنظرة ثابتة. أغلق عزت الباب خلفه، ثم اقترب منها، وجهه مشحون بالغضب.
عزت بحدة وغضب مكبوت: بتتجسسي عليا؟ بتقفِي زي الحرامية؟ إيه يا هانم دي عمايل ولاد ناس؟
فايزة ببرود وتبرير قاسي لما تفعله: أعمل إيه؟ إنت وإبنك جننتوني بعمايلكم! إيه، عملالك سحر ولا إيه؟
عزت بغضب شديد، صوته يرتفع وهو يصرخ في وجهها: فوقي يا فايزة! بنتك نزلت اللي في بطنها ولسه ماتعظتيش من اللي حصل لبنتك؟
فايزة ببرود وتفكير بعيد: عايز تفهمني إن صافيناز أجهضت عشان ماسة؟ بطل الكلام المتخلف ده. دي حاجة متوقعة، خصوصًا إنها كانت بتشرب وأنا نبهتها، وهي ما فيش فايدة.
عزت بنبرة حادة، يحاول أن يضبط أعصابه: حتى إذا كان إللي بتقولي هو السبب، لكن مش هيغير من الحقيقة شئ، اللي حصل مع ماسة كان غلط، ولا يمكن أسمح إنه يتكرر مرة تانية.
فايزة بضجر واستهجان: فتروح تتكلم مع الخادمة. وتقولها قوليلي، بابا وأي حد يقرب لكِ تعالي قولي لي.
عزت بحدة، وهو يقترب منها بتهديد واضح في نبرته: أنا حر أعمل اللي عايزاه! أنا عزت الراوي سامعة! (بنبرة حازمة، وتحذير) بقولها تاني، أوعي تقربي من ماسة.
تحرك عزت نحو الخارج بخطوات حاسمة، بينما بقيت فايزة خلفه، عيونها تشتعل بالغضب، وكأنها على وشك أن تنفجر. ثم قالت بتهديد شديد، وهي تشد على أسنانها: والله حسابك كبر يا بنت مجاهد وسعدية!
بقلمي_ليلة عادل(. ❛ ᴗ ❛.)🌹
الفيوم
مزرعة الراوي العاشرة مساءً
مظهر عام للمزرعة كان رائعًا، حيث تزينت الأشجار الخضراء في كل مكان، وأسطبل الخيل العربي الأصيل كان يقف شامخًا في ركن بعيد. وذلك البيت الخشبي ذو الطابقين يظهر بمظهره المميز، بواجهته الكلاسيكية التي تضفي على المكان طابعًا من الدفء والهدوء.
بعد دقائق، وصلت سيارة سليم، تلتها سيارات الحراس التي توقفت بالقرب من المدخل. هبط مكي من السيارة، ليقوم بفتح الباب باحترام،
خرج سليم وماسة من السيارة، وكانت ماسة تنظر حولها بدهشة واستغراب، متأملة جمال المكان وتفاصيله.
مكي بتوضيح: كله متأمّن زي ما أمرت، وجبنا الشنط هنا.
ماسة وهي تنظر حولها: هو إحنا فين؟
سليم بابتسامة: في مكاني المفضل.
ماسة بدهشة: عندك مكان مفضل وأنا ما أعرفش؟!
هز سليم رأسه بالإيجاب.
ماسة: طب أفهم.
ابتسم سليم لها، ثم نظر إلى مكي وقال: مكي، روح إنت، أنا مش هخرج تاني.
ثم تساءل باهتمام: الدكتور قالك هتفك دراعك إمتى؟
مكي: يومين.
سليم: تمام، على خير.
ثم وضع يده على ظهر ماسة وقال بلطف: يلا يا حبيبتي.
مكي: أنا هظبط مع عشري كل حاجة وأمشي.
هز سليم رأسه موافقًا بينما يتحرك.
داخل الشاليه
بدأوا بالتجول داخله فور دخولهما. توقفت ماسة في المنتصف وهي تنظر حولها بانبهار. كان الأثاث مصممًا على الطراز التركي، وميزته المدفأة الخشبية الفريدة.
تحركت ماسة بضع خطوات وهي تنظر حولها بابتسامة واسعة، ثم استدارت ونظرت إلى سليم.
ماسة بدلال لا يليق إلا بها: ما إنت عندك مكان حلو أهو، زي بتاع سويسرا، بس مافيش شلال، ههه. وكمان على الشكل التركي.
اقترب منها سليم ومرر يده على شعرها بنعومة قائلاً بتوضيح: دي مزرعة العيلة، مش مزرعتي. ماما هي اللي اختارت كل حاجة عشان تحس إنها لسه في تركيا. أنا بقالي أكتر من ٣سنين ماجتش هنا، بس بحب المكان ده أوي لأنه هادئ، بحسه شبهي.
ماسة: هو فعلاً المكان جميل وهادي ومريح للأعصاب. بس إحنا كده مش هنرجع القصر تاني ولا إيه؟
سليم بتوضيح: مش بالظبط. إنتي عارفة إني حابب يكون لينا حياتنا الخاصة. هنقعد هنا لحد ما فيلتنا الجديدة تجهز.
نظرت له ماسة باستغراب: فيلتنا الجديدة؟! إنت جبت فيلا جديدة؟
هز سليم رأسه بالإيجاب: آه، في مدينة الرحاب. هتعجبك أوي، وإنتي اللي هتختاري ديكور الفيلا بنفسك.
ماسة بحماس: أنا موافقة، بس إنت هتساعدني.
سليم وهو يمسح على خدها بأطراف أصابعه: أكيد يا حبيبتي.
أحاطت ماسة بذراعيها حول رقبته وتحدثت بدلال:
إيه رأيك يكون الشاليه ده سرنا اللي نهرب له كل ما نحس نفسنا مضغوطين، أو لما نحب نقضي وقت حلو مع بعض؟
رد سليم وهو يداعب أنفه بأنفها: موافق.
هبطت يد ماسة وقالت بحماس: تعال بقى، فرجني على المكان الجامد ده.
سليم: يلا.
((خلال كام يوم ))
نشاهد ماسة وهى تختار مع سليم أثاث فيلتهما الجديدة من الكتالوج ومعهما المهندسين لكنها كانت تترك النصيب الأكبر لذوق سليم …. كما بداء سليم بتعليم ماسة بعض الفنون القتاليه كاضرب النار والدافع عن نفس والقيادة
في الحديقة
نرى سليم وماسة يرتديان ملابس سوداء مكونة من بنطال وتيشرت وكاب، ملائمة للتمارين القتالية. وقفت ماسة متحمسة، بينما وقف سليم أمامها ليعلمها كيفية استخدام المسدس. بدأ بشرح كيفية حمل المسدس، وفتحه، ووضع الرصاص فيه، بالإضافة إلى طريقة تنظيفه وإخراجه باحترافية.
بعد أن أنهى الشرح، طلب منها أن تحاول تنفيذ ما تعلمته. بالطبع لم تنجح في المحاولة الأولى، لكنها تمكنت من ذلك في المحاولة التالية. ثم انتقل إلى تعليمها التصويب وإطلاق النار، حيث كانت أمامهما مجموعة من الزجاجات كأهداف.
أمسكت ماسة المسدس بثبات، بينما وقف سليم خلفها لتوجيهها. كانت ملامح وجهه تعكس جدية واضحة.
سليم بنبرة جادة: بصي على وضعية قدمك، وحددي الهدف، واضربي. أوعي تخافي. أهم حاجة، زي ما قلتلك، قلبك يكون شجاع. ما تخافيش وركزي على هدفك.
رفعت ماسة عينيها نحوه للحظة، ثم نظرت إلى الأمام بعين حادة كالصقر. أخذت نفسًا عميقًا، ثم أطلقت النار، لكنها لم تصب الهدف بشكل صحيح.
قلبت وجهها وجزت على اسنانها بضيق.
سليم بدعم: عادي، اضربي تاني.
هزت رأسها بالإيجاب، وحاولت مرة أخرى، لكن دون جدوى. استمرت المحاولات، ومع تكرارها، بدأت تتحسن تدريجيًا حتى تمكنت من إصابة الأهداف بنجاح. فقد وقعت جميع الزوجاجات.
شعرت بسعادة غامرة، وبدأت تصفق لنفسها بحماس، قبل أن تضرب كفها في كف سليم بمرح.
ماسة بحماس: أيوه بقى! يا ماسة يا جامدة!
ثم أضافت بابتسامة ماكرة: إنت لازم تجيبلي هدية انا في ٣ أيام أتعلمت.
سليم بإبتسامة: حاضر. يلا نبدأ.
انتقلا بعدها إلى تمارين القتال اليدوي، حيث بدأَا بضرب بعضهما بشكل تدريبي، لتتعلم ماسة كيفية الدفاع عن نفسها بمهارة، لكن يبدو أنه أكثر صعوبة.
سليم: شكلُك هتتعبيني.
ماسة وهى تلهث بمزاح: متقولش ليه. عايزة مدرب شاطر.
سليم: قلتلك ما بسخنش،
بحرك بسرعة لفها، فوقعَت على الأرض على ظهرها وهى تضحك.
ماسة بتحدى: هتعلم وهكسبك.
مد يده لها ونهضت، أكملَت في إداء التدريبات، بعد وقت اقترب مكي منها بعد أن أشار له سليم وأمسك بها من خلف دون ملامسة.
سليم: تخيلي إنه مسكك جامد، هتفكي نفسك إزاي؟
زي ما علمتك.
مكي، مازحًا: متفتريش بس، وإنتِي دوسي على رجلي، إحنا بندرب.
ضحكت ماسة: متخرجنيش من المود.
عادت وجهها إلى الجدية، حاولت تمثيل أنه ممسك بها، فجأة داسّت على قدمه بقوه، وركضت نحو سليم أثناء إطلاقه طلقات على مكي.
سليم: برافو، بتتحسني، بس لازم حركتك تبقى أسرع.
ماسة: طب كفاية بقى، النهاردة تعبت وجعت.
سليم: طيب، بس بعد ما نخلص أكل هنكمل دروس السواقة.
ماسة: اتفقنا نظرت لمكي وانت تعال كل معانا حرام بقالى ٣ ايام بدوس على رجلك.
مكي: فداكي انتى جوزك، (نظر سليم) اعمل حسابك هنلعب بكره سوا عشان اخد حقي
سليم ضحك بمزاح: بس يا ابو أيد ونص.
في أحد الكافيهات، الساعة الثامنة مساءً
يجلس ياسين وهبة على إحدى الطاولات، يتبادلان الحديث في أجواء هادئة.
ياسين وهو يزم شفتيه بعدم اقتناع: الصراحة، مش مقتنع بوجهة نظرك.
هبة نظرت إليه بدهشة: ليه يعني؟ قلت لك إني لسه بفكر. الجواز مسؤولية كبيرة، وبعدين أنا وعدتك أرد عليك بعد عيد ميلادي، يعني كلها يومين، مش أكتر العيد ميلاد بكرة.
ياسين مال بجسده قليلاً إلى الأمام وقال بتوضيح: أنا ما قصدتش أضغط عليكي، قلت لك براحتك، لكن ليه رفضتي عزومة ماما؟
هبة تنفست بعمق وحاولت أن تتحدث بعقلانية: لأنّي مش شايفة إنه طبيعي أجي أتعزّم عندكم وإحنا لسه ما فيش بينّا حاجة رسمية، كفاية مرة، واللي جاي كتير، ما تقلقش.
ياسين رفع حاجبيه وقال بإصرار: هم كانوا عايزينك تيجي عشان آخد خطوة رسمية. إنتِ هتجنِّنيني، يا هبة. آخر ميعاد بعد عيد ميلادك تردّي عليّا يعني بعد بكره.
هبة وضعت كأس العصير بهدوء على الطاولة وقالت بصوت ثابت: ياسين، أنا هرد لما أكون جاهزة وأحس إني خدت القرار الصح. ما بحبش اخد أقرر وأندم بعدين.
ياسين نظر إليها مباشرة وقال بنبرة حاسمة: يعني بتحبيني ولا لا؟
هبة ابتسمت برفق وقالت: قلت لك إني بحبك، بس الحب حاجة والجواز حاجة تانية خالص.
رفعت كأس العصير ارتشفت: وبعدين، أنا عارفة إننا مش هنتجوز على طول، لكن ليه نحسبها خطوبة من دلوقتي؟ أصبر شوية، وأشارت إليه قائلة: وبلاش صيغة الأمر دي، لأني ما بحبهاش.
ياسين تنهد وقال وهو يحاول أن يخفف من حدة الموقف قال بمزاح لطيف موضحاً: ماشي يا ستي. بعدين، دي مش صيغة أمر، دي صيغة اللي هيحصل واللي هيتم. ما بينّا مش هتيجي السنة الجديدة غير ودبلة في إيدك اليمين.
هبة ابتسمت بخفة وقالت وهي تحتسي العصير: طب كويس والله إنك ما قلتش الشمال.
ياسين رد بثقة وهو يبتسم: ممكن ما تستبعديش. سبع شهور حاجات كتير ممكن تحصل فيها.
هبة نظرت إليه وضحكت قائلة: أقسم بالله، إنت مجنون.
ياسين مال إلى الخلف مبتسمًا وقال بمكر: بس عاجبك كده، صح؟
هبة اكتفت بابتسامة خفيفة وغمزة مليئة بالمعاني، معلنة انتهاء النقاش بتفاهم ضمني بينهما.
_ الفيوم
مزرعة الراوي الساعة الخامسة مساءً.
الحديقة
نشاهد ماسة تجلس في الحديقة على الأرض وتقوم بعمل تمرين يوجا، وهي ترتدي ملابس مناسبة. دخل سليم من الباب الزجاجي وتوجه نحوها. شاهدها وهي تجلس هكذا، اقترب منها بابتسامة، وانحنى قبل رأسها.
سليم: عشقي، وحشتيني.
ماسة، مستديرة رأسها نحوه بابتسامة حب: كراميل، وحشتني.
نهضت وتوقفت أمامه مباشرة، وقبلته على خده.
سليم، وهو يقرص خدها بمداعبة: أهو، جيت بدري وما تأخرتش عليكي.
ماسة: إنت أحلى كراميل في الدنيا.
سليم: عملتِ لنا غدا إيه؟ أنا جعان بدل ما أكلك.
ماسة: عملتلك ورق عنب، وفراخ محشية، وشربة.
سليم قبل يدها: تسلم إيدك.
أحاط بذراعيه حول خصرها وتحركا معًا.
سليم: أها، قولي لي، بعد ساعتين اللي رغيتهم مع هبة، استقريتِ على اللي هتلبسيه؟
ماسة، بسعادة: “طبعًا، إنت نسيت؟ بفينا أصحاب، حتى كنا متفقين نخرج سوا.
سليم: مش ناسي، إنتِي اللي بتكسلي.
ماسة: اصل الدروس بتاعتك بدنهيني كمان، وإنت مش موجود، بخلي مكي يضربني.
سليم: طيب يا ستي اخرجي اى وقت معاها قولتك هبه حد محترم.
( بعد وقت )
غرفة النوم – الثامنة مساءً
نشاهد ماسة تتوقف أمام التسريحة، وهي ترتدي فستانًا طويلًا في منتهى الجمال عليها باللون الأخضر. كان الفستان يبرز مفاتن جسدها ومنحنياته بسخاء، على الرغم من أنه كان محتشمًا، إلا أنه كان في غاية الجاذبية والنعومة. مع تلك التسريحة البسيطة التي برزت جمالها أكثر وأكثر، وارتدائها إكسسوارات خفيفة ومستحضرات تجميل هادئة جدًا، جعلتها آية من الجمال وناعمة كأنها حورية بحر.
كان سليم يتوقف بالقرب منها، وهو يرتدي بدلة أنيقة، وكان في منتهى الجمال والجاذبية. كان يتطلع إليها بابتسامة جذابة، يشاهدها بعشق وعينين لا ترمشان. كانت تضع ذلك الروج الأحمر على شفتيها التي يعشقها ويذوب بها، وذلك الكحل الذي يبرز جمال عينيها اللتين تشبهان أعماق المحيط، تلك العيون التي جعلته عاشقًا غارقًا فيهما.
أخذ سليم يدقق النظر في تلك الحورية التي خرجت من أعماق البحار والمحيطات، ألقت عليه تعويذة العشق وجعلته ذلك الفارس الشجاع مسلوب الإرادة أمامها. أخرج أنفاسًا ساخنة من عشقها وهواها الذي يحرق قلبه.
اقترب سليم بخطوات بطيئة، أحاط بذراعه حول خصرها والذراع الأخرى أسفل عنقها، وأسند رأسه بين حنايا رقبتها. وهو ينظر في المرايا، قال بإعجاب وغزل.
سليم بغزل: أنا مش قد الجمال ده كله.
وضع قبلة على خديها بحب.
ماسة، وهي تنظر له في المرايا: يعني شكلي حلو؟
سليم: تجنني. أبتعد قليلاً وسألها باهتمام: خلصتي ولا لسه؟ إحنا اتأخرنا.
التفتت له ماسة، وهي ترفع حاجبيها باعتراض: على أساس إن أنا السبب؟ ما أنا كنت لابسة وجاهزة من شوية، فجأة أحلويت في عينيك، وانت عارف عملت إيه! مادتنيش حتى فرصة أقولك ‘اصبر’. (ضحكت) “فجأة لقيت نفسي جوة حضنك على السرير في غمضة عين.
سليم، وهو يقرصها من خدها: إنتي عايزاني أشوف الجمال ده كله وأبقى عاقل!؟ ويلا بقى، خلينا نمشي، بدل ما شكلنا كده هنقضي اليوم كله على السرير.
تبسمت ماسة بخجل ورقة، ونظرت للأسفل، ثم نظرت له: هدخل بس التواليت وهخرج على طول.”
سليم: طيب بسرعة… قبّلها من خدها.
تحركت ماسة نحو المرحاض، وأخذ سليم جاكيت البدلة من على الفوتيه، وارتداه. أخذ يهندم مظهره، وضع عطره المخصص، ثم نظر في ساعته بملل وقال بصوت:
سليم بضجر: ماسة، تأخرتي.
توجه نحو المرحاض وفتح الباب دون أن يطرقه. كانت ماسة تقف أمام الحوض تغسل يدها.
سليم بسرعه: إحنا متأخرين، خلصي.
ماسة بدلال: “ثانية واحدة بس، هحط روج.”
بتسرع، أمسك سليم قلم الروج وقام بوضعه في شفتيها، وهو يقول: خلاص، يلا بقى.
سحبها من يدها، وأخذ حقيبتها من الفراش. هبطا للأسفل، لكن ننتبه أن خاتم زواج ماسة قد نسيته على الحوض!
في أحد الكافيهات في أكتوبر – الساعة 9 مساءً
أجواء احتفالية هادئة مع حركة المارة للداخل والخارج، مع الاستماع إلى موسيقى لطيفة.
دخل سليم، وكانت ماسة معلقة على ذراعيه، حتى وصلا إلى المنتصف، انتبه لهم ياسين، فتقدم نحوهم مسرعاً باهتمام.
ياسين بتساؤل:إيه يا سليم، كل التأخير ده؟
سليم بكبرياء: المهم إني جيت.
اقتربت هبة منهم.
ياسين، وهو يشير بيده: طبعًا سليم الراوي غني عن التعريف، وماسة صحبتك، ههههه.
هبة بتودد، وهي تصافح ماسة وتضمها: “أزيك يا حبي، عاملة؟
ابتعدت قليلاً وهي تمرر عينيها عليها: إيه الجمال ده؟ قلتلك الفستان ده أحلى.
ماسة بخجل ورقة: فعلاً، إنتي كمان زي القمر يا بيبو.
هبة، وهي تمد يدها: أزيك يا سليم، كنت مشتاقة إني أتعرف عليك.
صافحها سليم بوقار، ثم قبل يدها برقي: أهلا بيكِي، أنا كمان كنت مشتاق أتعرف على البنت إللي خطفت قلب ياسين.
هبة باعتراض لطيف: أنا إللي خطفته بردو! ده هو إللي خطفني.
سليم بابتسامة: “لا، احكيلي ونحدد مين خطف قلب مين؟
هبة: هقولك، ههههه.
ثم أخذوا يتبادلون الأحاديث بتودد ولطف، وبعد وقت توقفوا على الطاولة ليدفئوا الشمع، وأكملوا احتفالهم وسط أجواء لطيفة.
كانت ماسة دائمًا تتوقف مع سليم، فهي لا تعرف أحدًا. وهو أيضًا كان لا يتركها، بالرغم من وجود الكثير من الأصدقاء المشتركين الذين يعرفهم سليم جيدًا، لكنه فضل أن لا يتركها بمفردها، خاصة أن هبة كانت مشغولة مع أصدقائها ولا تستطيع التوقف معها بشكل مستمر.
وبعد وقت
اقتربت هبة بتودد من ماسة: ميسو، تيجي أعرفك على أصحابي؟
سليم: خليها واقفة، هي متعرفش حد هنا.
هبة: ما أنا هعرفها على أصحابي، هي قالتلي إنها لوحدها، مالهاش أصحاب، فأهعرفها على شلة عشان نبقى نخرج سوا.
ماسة بتأكيد وأسف: ياريت بجد.
هبة: خلاص تعالي بقى.
نظرت ماسة بعينيها لـ سليم لتطلب الإذن للذهاب، فأجابها بنظرة تعني القبول.
ذهبت ماسة مع هبة وتوقفت مع مجموعة من الفتيات، وأخذتا يتحدثان، مع سماع ضحكاتهما.
كانت عين سليم ترتكز على ماسة وهو يشعر بالسعادة لأنها أخيرًا تقف مع أصدقاء جديدة وتتعرف عليهم، كما كانت تتمنى، كان سعيدًا لرؤيتها تضحك وتستمتع مع الآخرين، ويشعر بالفخر لأنها بدأت تندمج أكثر في محيطها الجديد. رغم أنه كان يفضل أن يبقى بجانبها، إلا أنه كان مرتاحًا لأنها بدأت تجد مكانًا لها بين الناس.
اقترب منه ياسين، وضع يده على ظهر سليم: ”
واقف لوحدك ليه؟
سليم بابتسامة: عادي… على فكرة هبة عسولة، وشكلها بنت ناس، يعني تستاهل إنها تكون حبيبة ياسين.
ياسين: طب كويس إن هي عجبتك، عقبال بقى ما تعجب الملكة.
سليم بكبرياء: المهم إن هي عجبتك، غير كده ماتركزش وميهمكش حد.
هز ياسين رأسه بإيجاب، واقترب منهم أحدهم وهو يضع يده على كتف سليم من الخلف، وكان روبرتو، أحد أصدقاء سليم.
روبرتو بالإيطالية: كيف حالك سليم؟ كيف حالك ياسين؟
ياسين: “بخير، (نظر لـ سليم) “أنا هروح أقف مع أصحابي شوية.
هز سليم رأسه، وهو يتحدث بالإيطالية مع روبرتو: “بخير، وإنت كيف حالك؟
روبرتو: “بخير، أنا سعدت برؤيتك كثيرًا، وسعدت أيضًا عندما علمت إنك بالحفل، لم أكن أعلم أنك على معرفة بـ هبة.
هز سليم رأسه بنصف ابتسامة: كيف أمور العمل؟ ومن متى وأنت بمصر؟
روبرتو: “منذ فترة، كنت أريد أن أراك، لكن رشدي أخبرني أنك مشغول بالمجموعة، حتى شاهندة أيضًا أخبرتني بأنها لا تراك. لهذة الدرجة مشغول؟
سليم بعملية: نعم، هذا صحيح. أنت تعلم ما حل بالمجموعة.
روبرتو بأسف: نعم، حزنت كثيرًا عندما سمعت عن هذه الأخبار، لكني متأكد أنك سترجع للمجموعة هيبتها قريبًا.
هز سليم رأسه بنعم، وواصل روبرتو حديثه قائلاً بتساؤل: كنت أريد أن أسالك شيئًا
سليم باحترام: تفضل.
روبرتو: عن هذه الفتاة الجميلة التي كنت تتوقف معها طوال الحفل، هل تعرفها جيدًا؟
سليم وهو يعقد حاجبيه بتساؤل: من؟”
روبرتو، وهو ينظر باتجاه مجموعة الفتيات بعينيه: “هذه الفتاة الحسناء التي ترتدي فستانًا باللون الأخضر.
ابتلع سليم ريقه، وهو ينظر في اتجاه نظرات روبرتو، ويتمنى أن تكون فتاة غيرها، فقط يشتركان في لون الفستان. فور أن وقعت عيناه على محل نظراته، تأكد أنها أميرته الصغيرة.
روبرتو بحماس: تحدث يا رجل مسرعًا! ما هو اسمها؟ ومن هي؟ فأنا معجب بها وأريد التعرف عليها. من وقت أن رأيتها وأنا مهووس بها، وعندما شاهدتها تتوقف معك، قلت لنفسى: ‘سليم مش هيبخل أن يعرفني عليها’.
كان سليم يستمع لكلماته، وهو يستشيط غضبًا، جز على أسنانه التي كاد أن يفتك بها، وأعصار على وشك الانفجار.
أكمل روبرتو: سليم، تحدث يا رجل وعرفني عليها، وعلى زوجتك أيضًا.
نظر له سليم، وهو يحاول لجم جماح غضبه، وأخذ ينظر إليه بنظرة شديدة وحادة، تلك النظرة التي تكتسي بالسواد، والتى بعد قليل ستنفجر كالإعصار. تحدث بين أسنانه، وهو يسحبه من يده.
سليم بنبرة باردة، لكن تحمل في طياتها الشدة: تعال معي، سأعرفك عليها الآن.
تحركا، واقترب سليم إلى مجموعة الفتيات ووو
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الماسة المكسورة) اسم الرواية