رواية قلوب تائهة الفصل الثالث 3 - بقلم سهام صادق
الفـــصـــل الثــالــثـــ
ذكريات وافكار كثيره تراوده ،وحياه لايعرف لها معالم
وانسان لا يري فيه سوا اله تعمل وعقل يفكر، ومشاعر مضطربه وقلبُ تائه ، أسند رأسه برفق علي كرسيه لكي يسترخي قليلاا ويهدء علقه من تلك الأفكار والذكريات، أغمض عينيه للحظات لعله ينشئ عالم جديدا من خياله ويعيش فيه للحظات ولكن كيف فهو لا يحب الخيالات ولا يري الحياه سوا واقع اليم لا بد ان نعيشه، أفاق من غفلته تلك القليله
وبعد ثواني معدوده ، كان يجلس في سيارته امام بينايتهاا
ظل لبضعة دقائق يتطلع لتلك البنايه ، وهو لا يعلم لماذا هو هنا الان
جلست علي الاريكه بأسترخاء شديد بعد ان اخذت حماما منعشا ، واعدت لنفسهاا كوبا من النسكافي وامسكت احد الروايات وبدأت تقرء فيها، الي ان قطع اندماجهاا صوت جرس الباب
تطلعت الي احد الساعات بجانبها ، فكانت الساعه تعلن عن بدء منتصف الليل
تعجبت كثيراا ممن يدق جرس الباب الان ، ارتدت روبهاا واغلقته بأحكام وقبل ان تفتح الباب نظرت من الاعين السحريه لكي تعلم من يقف خلف الباب
نظرت اليه بتعجب شديد ، وهي تفتح له الباب وتسمح له بالدخول
ادهم!
ادهم : اسف اني ازعجتك
صافي بهدوء: لاء ابدا ، مافيش ازعاج اتفضل
اغلقت الباب ، واتجهت اليه لتري رغبته عن اي مشروب يريد ان تقدمه له
ادهم وهو يخلع معطفه ويضع رأسه علي الاريكه: ممكن قهوه ياصافي
هزت له رأسها ببتسامتها الجميله، ثم اتجهت الي مطبخها لكي تعد له فنجان من القهوه
كان لأول مره يتطلع الي شقتها ويتأملها ، كان يبدو عليها الاناقه الشديده والبساطه في نفس الوقت ، نظر الي المنضده التي امامه وجد عليها احد الروايات لاجاثا كرستي ، ثم لفت أنتبهه لتلك الصوره التي تضم طفلاا صغيرا يشبهها كثيرا
ظل ممسك بها يتأمل تلك الصوره بشده
جائت اليه وهي تمسك فنجان القهوه الذي اعدته له ، وعندما رأته يمسك تلك الصوره ، بدءت معالم الحزن والاسي تظهر علي وجهها
أنتبه الي قدومهاا اليه ، وظل يتطلع بها ، الي ان جائت وجلست بجانبه ووضعت فنجان القهوه امامه
صافي بحزن : ديه صوره ابني
ادهم : ابنك!
صافي بأسي : اه مازن ابني
أدهم بتردد من سؤله: طيب هو فين دلوقتي مش عايش معاكي ليه
صافي بحزن وهي تشرد في ذكرياتهاا السابقه
فلاش بــاك!
للأسف يا مدام زوج حضرتك مش موجود في البلد كلها ، وانتي من الافضل تنزلي مصر بدل المشاكل الي هتحصل بسبب هروب زوجك والشيكات الي عليه
صافي ببكاء: امشي أزاي ، وابني
المحامي: هو ده الحل الوحيد يا مدام صافي ، استاذ احمد صفا كل حساباته واخد ابنه وهرب ، وانتي لازم تنزلي مصر حالا
ثم تركهاا وانصرف ، وهي تبكي بحرقه علي ابنهاا الطفل الذي لا يتعدي عمره 6 سنوات ، لم تشعر بنفسها سواا عندما وصلت الي وطنها الذي رحلت منه للتزوج تلك الرجل الذي غصبت عليه من عمهاا بسبب صفقاتهم
نظر لها أدهم بأشفاق، ثم مد لها يدهه بمنديلاا واعطاه لهاا كي تجفف دموعهاا
نظرت له صافي بحزن تتأمله ودموعها تنثاب علي وجنتيهاا
.................................................. ....
كانت تمسك بمصحفهاا وتقرء بعض ايات الله في خشوع الي ان جائت الي تلك الأيه التي دائما تقف لتتأملهاا وتتأمل حال الناس (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ..ظلت تردد تلك الايه ، وتشعر بالحزن علي حال بعض الناس بل واغلبهم ، فكيف نكون خليفه الله في الارض ، ونحن نسرق ونفسد ونقتل ونزني ونظلم وننصر الباطل علي الحق ، ونحب الحرام ونبغض الحلال ، ونحلل الاشياء علي اهوائنا
كان كل هذا يتجاول بخاطرها وهي تشعر بالحزن ، انهت وردهاا ثم اتجهت الي والدتهاا لتطمئن عليهاا وتعطي لهاا الدواء
مريم بحب وهي تقبل يد والدتهاا : الجميل اخبار صحيته ايه النهارده
سعاد بتعب وبأبتسامه باهته: الحمدلله يابنتي علي كل حال
مريم : هروح احضرلك الفطار واجيبلك الدواا ياست الكل
سعاد : ربنا يباركلي فيكي يابنتي ، ويحلي ايامك دنيا واخره
نظرت مريم لأمها بحب ، واتجهت الي مطبخهم المتواضع لتعد لهاا طعام الافطار ، وهي تحمد ربهاا ان اليوم هو يوم الجمعه يوم اجازتها وسوف تقضيه مع والدتها لترعهاا
.................................................. .............
سهرات وحياه يعيشها كما يقولون بطولها وعرضها ، ومال ورفاهيه يتمتع بهاا وكل يخضع لأوامره من اجل تلك المال
وعالم يعيشه يغيبه عن كل شئ وشيطانا يمتعه بدنيا فانيه وعالم مزيف وهو اين من كل ذلك هو فقط قلب تائهه
اشرب اشرب ياعم ، شكل السهره النهارده هتكون جامده
أياد بسكر: طب ما انا بشرب اه ، هو انت فاكرني زيك خرع
رامي : واو شايف المُزه الجامده ديه
أياد وهو ينظر الي الفتاه التي ينظر لها صديقه: لاء جامده بصحيح ، بس ماليش مزاج النهارده
ثم اعاد وجهه مره اخري بعيدا عنها..
رامي بتعجب : بقي أياد ، يشوف مُزه ويقول ماليش مزاج
أياد وهو ينهض من مكانه وبعد ان القي بالنقود علي طربيزته لدفع ثمن تلك السهره : انا ماشي كمل انت سهرتك
.................................................. ......
وبعد يوم شاق ملئ بالمتاعب ، ووقوف طيله النهار لخدمة الزبائن عادت الي منزلهاا وهي تشعر بالوهن في كل اجزاء جسدهاا ، ذهبت الي والدتها لكي تطمئن عليهاا اولاا ، ثم دخلت غرفتها وبدون ان تشعر بدئت دموعهاا تتساقط وهي تتذكر كلمات التجريح التي سمعتها من مديرهاا ، امام تلك المتعجرف ، وكل هذا لما لانها احضرت له طلبا بالخطئ وبالرغم من اعتذارها وجلبهاا له ما اراد ، ولكن ظل يوبخها الي ان جاء مديرهاا الذي لا يفرق عنه ، وظل يوبخها ويسبها ويسب غبائها الي ان طلب منها ان تعتذر له
كان ينظر لها بأبتسامه نصر عندما سمع اسفهاا ، وكأنه حذا علي نصرا عظيم عندما سمع تلك الاعتذار، وكأنه شعر بسطوته وكأن باقي البشر عبيد وخدم فقط له ، هذا ما كانت توحي به نظراته
ظلت تتذكر مريم نظراته البغيضه،وكلام خيري يتردد في اذنها، ظلت تبكي بحرقه الي ان افاقت علي صوت والدتها
ذهبت الي والدتها سريعا بعد ان تأكدت ان دموع عينيها قد جفت ...
سعاد بقلق : مالك يامريم ، انتي كنتي بتعيطي ياحببتي
مريم بحب وهي تجلس بجانب والدتها: مالي ياماما انا كويسه اه ، انتي بس الي بتقلقي عليا ذياده
سعاد : انا امك وبحس بيكي ، متخبيش علياا
مريم بأشفاق علي والدتها المريضه : ابدا ياماما ، بس شوفت حادثه وصعب عليا الناس الي ماته
سعاد بأشفاق وهي تربط علي كتف ابنتها : ربنا يرحمهم ، ويجعل خاتمتهم حسنه ..
طب يلاا روحي غيري هدومك وصلي ، وكلي ياحببتي
مريم : حاضر ياست الكل
.................................................. .........
كانوا يجلسون سوياا ، يتناولون وجبه الافطار، انه يعتبر حدث في قصرهم الفخم ،فهم لا يجتمعوا سوياا الا لمرات قليله
أياد بأبتسامه: صباح الخير يا ادهم
أدهم وهو يضع احد الجرائد جانبا : صباح النور يا أياد
جائت الداده لهم ووجهها يملئه السعاده وهي تراهم مجتمعون سوياا
الداده بحب : ايوه كده اتجمعوا علطول ، ربنا يحفظكم ويخليكم لبعض ياحبيبي
أياد بدعابه: ياسلام علي شويه الدُعي الحلوين دول يابطوط
الداده بطيبه: احلي بطوط بسمعها منك يا بكاش انت
اياد وهو يهم بالوقوف ليقترب منهاا لمداعبتها : اخص عليكي يابطوط ، ده انا لو كنت بكاش مع كل الناس ، الا انتي ده انتي الي في الحته الشمال
نظر لهم ادهم مبتسماا ، وهو يري اخاهه يداعب مربيته ، فهي من كانت تراعيه اخاهه دائماا منذ طفولته ، لذلك يرتبط بها كثيراا
وفي تلك الاثناء جاء احمد اليهم ، وهويبتسم
احمد بضحك: هي بس الي في الحته الشمال ، طيب ناني وبوسي وماهي ولي لي
الداده : مين دول يا احمد
احمد بضحك : دول الي في الحته الشمال كمان
اياد : متصدقهوش يابطوط الواد ده
الداده بضحك : انا شكلي لو فضلت واقفه معاك ، مش هخلص الي ورايا ... ثم ذهبت وتركتهم لينعموا بفطورهم
اياد : هتسافر بكره الساعه كام
ادهم بهدوء وهو يرتشف من فنجان قهوته : علي الضهر ان شاء الله ، يــاريـت الايام ديه تنتبهه لشغلك وتصرفاتك
نظر له اياد ولم يعقب
ثم القي بعض الحديث علي احمد ، وما سيفعلوه في غيابه
.................................................. ......
دخلت وهي ترفع رأسها لأعلي ، ولكن تلك الكلمات مازالت عالقه في أذنيها ولولاا حاجتها للمال والسنه التي مضت عقدها عليها لتركت تلك العمل فوراا ولكن كما يقولون ما باليد حيله
وجدت نظرات مديرها عالقه بهاا ، كان يحملق بها وكأنه يريد ان يري كسرت نفسهاا
ولكنها ابت ان تجعل احد من هؤلاء المتعجرفين ، ان يأثروا عليها ، فمن المفترض ان يشعر بالهوان هم ، هم من يشعورن بمرض الامتلاك وكأن الكون خلق من اجلهم فقط ، ياله من غرور احمق وعقول مريضه
بدأت في عملهاا ، الذي اصبحت تكرهه ، كانت تعمل بحرص شديد فهي لن تتحمل ان تسمع كلمة اخري من احدهما ... انتهي يوم عملها ببطئ شديد ، وكما اعتادت ذهبت الي منزلها سريعاا لتطمئن علي والدتها
.................................................. ........
انهي عمله متأخراا في شركته ، وبعد أن اعطي اوامره لهم بالاهتمام بمصلحه المجموعه ، ومتابعة العمل كما اعتادوا في وجودهه ، واطلاعه بكل امر هام يحدث الي ان يعود من سفره ...
خرج من شركته وهو يشعر بالتعب الشديد ، امر السائق ان يوصله للفيلاا، ولكن تراجع عن قرره وامره ان يذهب ..
.................................................. .............
يااا يا كريم مش مصدق رجعت امتا من باريس
كريم بشوق وهو يحتضن صديقه: وصلت من اسبوع
أياد بعتاب لصديق طفولته : اسبوع ومعرفش ، لغير النهارده لما اتصلت بيا
كريم : غصب عني والله يا أياد ، كنت مشغول
أياد : ماشي ياسيدي هسامحك ، مروان بقي عنده كام سنه دلوقتي
كريم : 4 سنين ، انت اخبارك ايه دلوقتي
أياد : اه ماشي الحال ، مقضيها ما انت عارف
كريم : ده انا قولت هرجع الاقيك عقلت ، امتا بقي هتعقل
وكاد اياد أن يرد عليه ولكن انتبهه لصوت ضحكات احدهما ، نعم فهذا الصوت يعلمه تماما، ألتفا لكي يتأكد من مصدر الصوت
فوجد والدهه ، تتشبث في يدهه احد الفتايات ويجلسون علي احد الطاولات ، اعاد نظرهه ثانيه الي صديقه
الذي وجدهه مشغولا في محادثته الهاتفيه
.................................................. ............
وقفت تحتضنه من الخلف ، وهو يرتدي ساعته ويضع عطرهه الذي تعشق رائحته فكيف لا تعشقه وهي تعشق صاحبه
التف اليهاا ، وحاوطها بذراعيه ، ثم بدء يداعب انفها بأحد انامله
ادهم : ها ، مش عايزه حاجه اجيبهالك من فرنسا
صافي بتفكير: ممممم ، عايزك تجبلي تجبلي
ادهم بهدوء وهو ينتظر ان يسمع طلبها : عايزه ايه بقي
صافي بأبتسامتها المعهوده وهي تقبله علي احد خديهه : عايزك تجبلي ادهم
نظر لها ادهم مبتسما ، وحاوطها بذراعيه ، وهو يقول : يعني عايزه ادهم بس
صافي بصدق : ايوه ادهم بس ، ثم ارتمت في حضنه وكأنها تخشي ان تفقدهه
رفع ادهم وجهها بحنان
ادهم : كده انا هتأخر ياصافي ، عشان لازم اروح الفيلاا الاول وبعدين اروح المطار
صافي وهي تبتعد عنه : هتوحشني اوووي ، ثم لمست يدهه بحنان ، وبصوت حنون
خلي بالك من نفسك ، وابقي طمني عليك
ثم اتجهوا سوياا ناحية الباب وهي تودعه
يتبع بأذن الله
**********
•تابع الفصل التالي "رواية قلوب تائهة" اضغط على اسم الرواية