Ads by Google X

رواية عقاب ابن الباديه الفصل الاربعون 40 - بقلم ريناد يوسف

الصفحة الرئيسية

 رواية عقاب ابن الباديه الفصل الاربعون 40 - بقلم ريناد يوسف

تقدمت الشيخة عوالي منهم وجلست بجانب رجوه وسألت سالم:
- هاه من نقلك خبرها بهالسرعة، ولا تشم ظهر يدك وتعرف الغيب؟ 
-- همليني واشقي برجوه ياعمتي، شوفيلها شي يطيبها، رجوه مريضه وااجد. 
-اطمن مارح يجرى عليها شي، غدوه تقوم وترد ترمح بالصحاري مثل النيقان..الفوانص مايموتون. 

فحصتها جيداً وقامت بفرك بعض الأعشاب في فمها وسقتها بعض الماء، وأعطت أعشاب أخرى لمعزوزه تغليهم لها، وغادرت بعد أن حاولت تأخذ معها سالم وهو رفض التزحزح من جوارها ابداً. 

وصلت عوالي لخيمتها، وبعد قليل سمعت صوت يستأذن فى الدخول. كانت مزيونه.. 

عوالي:
- عرفتك جايه وانتظرت قدومك يامزيونه. 
- لكن انتي دزيتي على سالم بس، من وين عرفتيني جايه؟ 
- لا تنسي انا شيختك وشيخة قبيلتك واعرف العقول بيش تفكر من قبل مايبوح اللسان، وماجابك لي الحين غير غيرتك يامزيونه. 

تبسمت مزيونه وهي ترد على عوالي:
- لا ياشيختي، ماغيرتي اللي جابتني، انا جابتني محبتي،واذا مفكره اني جايه اشكيلك الوجع من سالم وفوته على خيمة رجوه فراح اخيب ظنك. 

-لكن ليش جايه؟ 
- جايه آخد من حذاكي اعشاب تساعدني احبل سريع وبطني يشيل من سويلم ولد، اريد اعطيه كل شي، اريده يشوف الفرح بس مني. 

مايزه:
- شالك ثور فوق قرونه ورماكي من فوق التله، انتي من اليوم ضار اسمك مجنونه بدال مزيونه..حبل ايش اللي تدوريه من اول يوم زواج ياقليلة العقل يافانص؟ 

- مايزه انا ماجيتك، انا جايه لعمتي وهي اللي راح تفهم علي.. انتي فاهمه علي ياعمتي ما هيك؟ 

اومأت لها عوالي ، وقامت للحقيبة واحضرت منها بعض الأعشاب وأعطتهم لمزيونه وشرحت لها طريقة إستخدامهم. 

غادرت مزيونه دون التحدث في أي أمر آخر، ولا حتي ذكرت شيء عن ذهاب سالم لرجوه الذى بالتأكيد لم يخفى عليها. 

مايزه:
- والله أمرك غريب عجيب يامزيونه! 
- يجوز غريب عندك، بس عين العقل اللي تسويه مزيونه، هي عارفه زين ايش تريد، هي البنيه اذكى منك ومن  نص نساء القبيلة، هي تريد تعمل رصيد لها عند سويلم وبعدها تفرد قلوعها وقت تحس السفينه اصبحت ملكها وان الريح والربان صاروا رهن إشارتها. 
- اي فهمت، يعني هي تتمسكن لحين تتمكن؟ 
- لا.. هي تتودد وتبني جسور محبة، مزيونه تدور محبة سويلم وبس تحسها راح يتغير كل شي. 

- ماأظن سالم بهالسهولة، وما أظنه يحب بعد رجوه.. بت مكاسب خدت كل المحبة اللي بقلب سالم. 

-لااا مااظن،، انتظري وراقبي والأيام جايه والخصم ذكي وعاشق وباله طويل. 

أما هو فلم يبارح مكانه، عرفت كل القبيلة بأمر مرض رجوة ومكوثه بجوارها، ذهب إليه رابح وآدم، وحتى هلال.. الجميع حاولوا أن يخرجوه من الخيمة ويرسلوه لخيمته، هو عريس وعروسه إن غضبت وثارت وحرقت القبيلة لن يلوم عليها أحد..وكان الرفض هو لسان حاله. 

ولكن مزيونه خلفت كل التوقعات، وصدمت الجميع حين رأوها تدلف لداخل الخيمة، مبتسمة وهادئة الملامح وكأن الذي يحدث لا يحرك لها ساكناً! 
إقتربت من سالم ورجوه وجلست بجانبهم وقالت لسالم:
- سلامتها انشالله مابيها الا العافيه. 

- صمت سالم وقد ظنها تستهزء به وبتركه لها وبجلوسه بجوار رجوه، ولكنه وجدها تهتم برجوة إهتمام حقيقي، تدثرها وتدلك يديها وتحاول خفض حرارتها بالكمادات، وتبحث مع معزوزه علي حل لخفض حرارتها! 

، فشعر بأنها لم تأتي ناقمة او ساخطة، بل أتت مواسية ومشفقة! فتسائل في نفسه وهو ينظر لها ويراقب تصرفاتها:
-اي قلب اللي تملكينه هاد يامزيونه.. كبير ومحب لهادرجة ولا ميت مابي إحساس ولا شعور؟ 

إنقضى بعض الوقت وكافة العقول ترفض تصديق مايحدث أمامهم وما تفعله زوجة سالم، والسلام النفسي الذي ينعكس على كلامها وملامحها وتصرفاتها، وكأنها لم تعرف شيئ يسمى غيرة، ولم تسمع عنها من قبل!

مرت ساعات وإنتصف الليل، حال رجوه يسوء.. المداواة بالأعشاب لا تجدي نفعاً.. تهذي وتتحدث عن مواقف حدثت بالماضي، تبتسم تارة وتارة أخرى ملامحها تأخذ وضع البكاء.. 
بدت وكأنها تستعيد الذكريات بالترتيب، بدأت بذكريات الطفولة، كانت تقول جملة واحدة فيتذكر سالم والجميع بقية الموقف، حتى وصلت لوقتها الحالي، همست بملامح باكية:
- سويلم سامحني انا نحب عقاب، اعرفك تحبني واجد بس سامحني مو بيدي. انا نحبك ياآدم ليش انت ماتحبني لييش. 

كلاماتها خرجت كقنبلة ألقتها عليهم، نعم الكل يعلم ماقالته، ولكن أن يقال بوجود جميع الأطراف إنه لأمر مخجل وموجع أيضاً. 

غادر هلال الخيمة على الفور وهو يشعر بالخذي ويتمتم بصوت منخفض ويسبها بأبشع الالفاظ.. 
وآدم أخفض عيناه خيفة أن يلتقيا بأعين سالم فيرى فيهم مايؤلم قلبه. 

 أما سالم  فشعر بطعنة أخرى وكاد يتألم، ولكنه نظر لمزيونه ورأها كيف تتحامل على نفسها، تتجاهل غيرتها وتحاول أن تتحلى بالقوة والتقبل،  وأنه رجل، 
وماتتحمله إمرأة من قهر يجب ان يتحمل الرجل أضعافه. 
فظل صامتاً واستمر يراقبها، ولما لم يرى اي تحسن في حالتها لم يتحمل اكثر.. 
نهض، وبحركة سريعة شد الغطاء من فوقها وإلتقطها كما يلتقط الأب طفلته المريضة وغادر بها الخيمة مسرعاً ، لم يسأل أحد ولم يستأذن، فلطالما أمر رجوه كان يخصه وحده. 

تبعه رابح وآدم ومعزوزه وحتى مزيونه.. سار بها حتى وصل سيارته، كان يحتضنها بحب وخوف جعل قلب مزيونه يصرخ طالباً منه الرحمة، ولكن صرخاته لم تتعدى أضلعها. 
فتح له رابح الباب وهو يسأله:
- على وين ياسالم؟ 
- ما يلزملها ذكاء يارابح، على طبيب يشوف حالها ويداويها،ولا تريدني اتركها حتى تموت؟ 
صعد بجانبها وصعد آدم في كرسي السائق وبجواره رابح، أما مزيونه فركبت دون سؤال، وقامت بإحتضان رجوه وأخذها عنه، 
أما معزوزه فأبى رابح إن تذهب معهم خيفة من أن يحدث للطفل الذي بداخلها مكروه.. وانطلق آدم بالسيارة حتى وصل المدينة. 
وهناك توجه لأكبر مشفى إستثماري وقاموا بإدخالها، وبدأ الأطباء رحلة إكتشاف علتها والعمل على مداواتها. 

ومضى الوقت في الانتظار، 
القلق يأكل في قلب سالم. أما مزيونه فكانت تشعر بالخوف من ان تنهار في أية لحظة وتفقد تحكمها في نفسها وإنفعالاتها، وكان هذا أكبر إختبار واجهته لقوة تحملها علي مدى سنوات عمرها. 

أما هو فبقدر خوفه على رجوة كانت شفقته على مزيونه، يعلم أنها تجاهد لتبدوا بهذا الهدوء، يعلم بأنها تتجرع الخيبات الآن في صمت، ولكنه لا يستطيع ان يفعل لها شيئ،
 نعم سيحاول إصلاح كل هذا، ولكن لاحقاً، والآن لا شيئ سيشغله عن رجوته

خرج الطبيب مع الممرضة وأخبرهم بانها تحسنت وعادت لوعيها، ففرك سالم وجهه وهو يزفر بإرتياح،
 وسأل الطبيب اذا بإمكانهم الدخول لها، فسمح لهم الطبيب بذلك فلا ضرر عليها. 
دخلوا جميعاً ماعدا آدم الذي بقي بالخارج  ينتظرهم. 

نظرت نحوا الباب ورأت سالم أول من دخل عليها، تبسمت وانفجرت من عينيها الدموع، ودخل من بعده رابح ومزيونه، 
تعلقت عيناها بالباب وهي تتأمل أن  يدخل هو الآخر،، فربما يرأف بحالها إن رأها.. فقد هُيئ لها انها سمعت صوته وهم في طريقهم إلى هنا، ولكن يبدوا أنها كانت تهزي. 

إقترب منها سالم وعلى وجهه خوفه المعتاد عليها وسألها:
-طمنيني كيف صرتي الحين يارجوه، ريت المرض مايعرفلك سبيل بعد اليوم يالغاليه. 

لم ترد عليه واغمضت عينيها خجلاً من مزيونه وخوفاً ايضاً، نظرت لرابح وسألته عن معزوزه فأخبرها بأنها تنتظرها في القبيلة، وانه هو من منعها خوفاً عليها وعلى الطفل، ورجوه تفهمت ذلك. 

ظلوا حولها لبعض الوقت وهموا بالخروج وتركها تستريح قليلاً، ولكنها طلبت من سالم البقاء قليلاً لانها تريده في أمر ما. 
خرجت مزيونه سريعاً وخرج رابح بعدها، وبقي سالم.. 
إقترب منها ماإن أشارت له بالإقتراب، ولما فعل ذلك أمسكت بطرف كمه، وهمست له :
- قديش تحب رجوه ياسالم؟ 
-ليش هالسؤال يارجوه؟ 
-اريد احلفك بمحبتك لي واطلب منك شي، انت بعمرك مارديتلي طلب ولا كسرتلي خاطر ولا بيوم اشتهيت شي إلا وجبته لي، وانا اليوم اريد منك شي ياسالم، اخر شي بطلبه منك واتمنى ماتردني. 

- اطلبي والروح تهون لجلك يابت عمي. 
- اريد عقاب ياسالم، اريد اتزوج عقاب، اريده وماحد يقدر يجيبه لي غيرك انت.. انت الوحيد بهالدنيا اللي ماتخلي بنفس رجوه شي إلا وتعمله. 

صمت وإبتلع ريقه ومعه غصته، وأردف وهو يشعر بأن الكلمات تخرج كحد السيف منه:
- صعبه يارجوه، اطلبي اي شي غير هالطلب وشوفي اذا سالم توانى.
- لا مااريد شي تاني، اريد عقاب وبس، واذا ماكان لي ولا كنت له بموت حالي.. واللللله اموت حالي وانهي عمري بجرة خنجر على هالرقبه. 
تنهد سالم وهو لا يدري ماذا يفعل، هذا أصعب واغرب طلب يُطلب، كيف لها أن تفعل به هذا، متى أصبحت قاسية هكذا؟
وكيف له أن يطلب من صديقه هذا الطلب وبأي صفة وعلى أي اساس؟ 

وفي نفس الوقت يعرف أن التي أمامه الآن مجنونة ولا جدال في ذلك، وإن هددت.. نفذت. 

يتتتبع.
الفصل الاربعين

خرج سالم من غرفة رجوه وهو مطأطأ الراس، نظر حوله وقال لرابح:
- أسأل الطبيب متي نقدروا نردوا للقبيلة يارابح.
تحرك رابح وسأل الطبيب وأخبرهم بأنهم يستطيعون المغادرة في أي وقت، شرط أن يتم الإعتناء بالمريضة وتتناول أدويتها في مواعيدها، وقد زال الخطر.

أخذوها وعادوا للقبيلة، وطوال الطريق لم ينطق سالم بحرف، ورجوة أيضاً، والجميع متعجب، فالصمت السائد كان غريباً!

أما رجوه فكانت تنظر لآدم وكأنه حلم بعيد، وتهمس لنفسها:
-ياهل ترى هتكون لي وانعيش معاك اللي تمناه قلبي ولا تكون سبب شقاي وعذابي ياعقاب؟ 

وصلوا القبيلة، تلقتهم معزوزة على مشارفها وقد قتلها القلق والإنتظار، حتي بعد أن طمأنها رابح بالهاتف. 
ادخلوا رجوه خيمتها وتفرق الجميع إلي خيامهم، فقد كانت ليلة طويلة متعبه، لم يبقى معها سوى معزوزه، وبعدها أتوا شقيقاتها، الكل كان يشعر نحوها بالشفقة ورق قلبه لحالها، حتي سدينه أتت وأطمئنت عليها وتمنت لها الشفاء.. ولكنها كانت تنتظر شخص بعينه، شخص لو أتاها لكان مجيئه بمثابة مجيئ الدنيا، مكاسب أمها، ارادت أن ترى فى عينيها الرأفة ولو لمرة على حالها وتتذوق دفئ حضنها، ولكن كعادتها لم تأتي ولم تهتم، وأثبتت لها مجدداً انها أقسى أم على وجه الأرض. 

اخيراً مزيونه في خيمتها مع سالم، خيمة العروس التي هُجرت من اليوم الثاني في سابقة من نوعها! 
إرتمى سالم على الفراش ووضع يده على كلتا عينيه بتعب، أما مزيونه فبدات في تبديل ملابسها، لاحظ سالم أن صمتها طال ولا حركة لها او صوت، رفع يده يبحث عنها فى الخيمة ظناً منه بانها غادرتها، ولكنه فوجئ بها نائمة بجواره! مغمضة العينين وهادئة جداَ فهمس لها:
- مزيونه نعستي؟ 
ردت عليه بعينين مغمضة:
- اي.. تريد شي مني انقوم انجيبه لك؟ 
- لا مانريد شي، بس كنت اظنك  راح تبقي فايقه ماترقدي طوالي. 
- لا ريد نرقد، انحس روحي تعبانه شوي، سامحني بس كتير صعب وجيج الراس. 
صمت وهو ينظر إليها، ولاحظ انها نزعت أساورها وخلخال رجلها ايضاً، وهذا السبب وراء عدم شعوره بحركتها، فسألها محاولاً ملاطفتها:
-ماسمعتلك حركه وانتي ترقدي جواري بالفراش، كيف قدرتي  تسويها. تمشين كيفة الحيه انتي ولا ايش؟ 
اجابت بنفس العيون المغلقة:
- لا ياسالم مانمشي متل الحية ولا أشبه الحيه بأي شي، كل الأمر اني عرفتك تتضايق من الصوت ماحبيت نزعجك، حبيت نكون خفيفة على الارض وخفيفة علي قلبك. 
- ايش فيه يامزيونه أنحس عباراتك مغلفها الزعل.. اظن مامر وقت كثير على وصاياي وانا انقولك اريدك راحتي مو تعبي ومايجيني من يمك وجيج راس. ديري بالك كلامك لازع.

فتحت مزيونه عينيها وأدارت رقبتها نحوه وردت عليه بهدوء قاتل:
- وأنا ايش عملت حتى يجيك مني وجيج الراس ياسالم؟ 
أنا مافتحت فمي بشي ولا غلطت بشي ولا اعترضت على أى شي، سألتك تريد مني شي قولتلي لا، بيش انا قصرت ياسالم؟ 
- شوفي كلامك يامزيونه وطريقتك بالرد، ولا انتي ماتشوفين الغلط منك؟ اقول اذا راح نبتديها هيك نهايتها ماراح تعجبك صدقيني. 

صمتت لبرهة وهي تحاول مجدداً السيطرة على انفعالاتها، ثم رسمت إبتسامة هادئة على شفتيها وردت عليه:
- اي صح انا غلطانه واعتذر ومنك السماح.. وماراح تنعاد.. حقك على راسي ياتاج راسي..أنهت كلماتها واقتربت منه ودفنت وجهها فى صدره كقطة صغيرة، فصمت وهو ينطر إليها ويراجع نفسه.. أي ذنب إقترفت ليحدثها هكذا ويُسمعها هذا الكلام؟ 
أم انه سينكث بما عاهد به نفسه ويخلط الأمور ويجعلها تدفع ثمن أخطاء غيرها؟ 
 زفر وهو يطوقها بكلتا يديه، فهي عروس ويحق لها الدلال، وهو لن يظلمها اكثر، يكفي ماتحملته اليوم. 

بعد دقائق إنتظمت فيها انفاسها فظن بأنها نامت، همس لها:
- رجوه لا تزعلي مني، انا طبعي حامي، واحسن شي سويتيه انك ماجادلتي ولا اعترضتي، هيك انريدك  تكوني، هاديه ومطيعه وعاقلة. 
- أبشر ياسالم، بس كمان انت راعي كلامك شوي واعمل حساب لقلبي ووجعه، وحاول تتذكر اسمي وانت معاي لاني مو رجوه.. انا مزيونه. 
 
صمت ولا يعرف بما يرد عليها، فقد زاد الأمر عن حده كثيراً وهو معترف، فنهض سريعاً وارتدى نعليه وغادر الخيمة، فإن ظل معها سيقضي عليها بغباءه ولسانه. 
ذهب عند شجرة النخيل التي إعتادت رجوه مؤخرا الجلوس تحتها وجلس يفكر فيما طلبته منه، هو أمر مستحيل ولن يوافق عليه أحد، ولكنها ترجته وحلفته بمحبتها وغلاوتها، تعلم أن الأمر فيه إهانة له ولكنها بأنانيتها لم تفكر فيه ولو للحظة، كل تفكيرها لنفسها وفي نفسها..نعم هذه هي رجوه وهكذا عهدها. 
وبينما يحاول اتخاذ قرار، رآه يجلس بجواره، وكأنه سمع أفكاره وقرأ حيرته وقال له:
- ايش مطلعك من خيمتك ياعريس، ايش يقولون أهل القبيله عليك ياسالم، تارك عروسته وطالع الخلا هارب منها؟ 
-ماحد له دعوه بي كل واحد يشقي بروحه.. المهم انقول ياعقاب، انريد نطلب منك شي وانتمنى ماتردني. 
- قول ياخوي وبروحي البي. 
- رجوه
-ايش فيها  شجرة الحنظل؟ 
- اريدك تتزوجها. 
هب آدم واقفاً غير مصدق لما سمع:
- ايش تقول ياسالم، جنيت انت ولا ايش.؟افطن زين لكلامك .
- اجلس ياآدم، أجلس انا ما نهيت كلامي، اجلس واسمعني. 
- انا من صوبي الكلام انتهى ياسالم، انا بالأساس مامصدق انك طلبت مني هالطلب، وربي عقلي مامستوعب. 
- ياعقاب اسمعني، رجوه بتموت حالها اذا أنت ماتزوجتها. 
- لستين جهنم الحمره تاخدها، الله يقبض روحها اليوم قبل بكره الفانص، ادري هي ورا طلبك هاد واتوقع أنها طلبته بالمشفى وكان سبب سكوتك وصدمتك.. طول عمري ياسالم نكره ضعفك قبال رجوه، نتعجب وانا انشوفك معاها مسلوب الإرادة وكأنك لعبه بيدها توديك وتجيبك، ظنيت ان بزواجك من غيرها راح تتغير الاطباع، لكن الطبع للموت مايتغير، وانت رجوه طبعاتك علي طاعتها وخوفك منها، أو عليها الأمر مايفرق. 

- اسكت شوي واسمعني ياآدم. 
- لا ياسالم اسمعني انت،، تروح تقول لرجوه عقاب ابعدلك من نجوم السما، ومو من ضمن أمنياتك المجابه، قولها آدم يكرهك وهو اللي بحياته ماكره حد، قولها مو كل الاحلام تتحقق ياحسناء القبيلة، وان الدنيا مو رهن إشارتك تعطيكي كل اللي تتمنينه. 

- آدم اذا تحب سالم وافق على طلبي. 
- سالم انتهى الحكي، وهاد مو طلبك، هاد أمرها هي وأنت العبد المأمور.. وياتنقلها كلامي وكرهي ياانا بقوله ليها بطريقتي الخاصه. 
- كلامك صعيب ياعقاب ويوجع. 

- اتمنى الوجع يصحيك ويوعيك ياسالم وكافي إهانه لروحك، والله ماني مصدق إنت اللي جاي تتوسل لاجل تزوج حبيبتك للي كبتك من اجله، ولا حتي عيني مامصدقه أن سالم بذاته اللي قبالي! 
قوم، قوم رد لخيمتك واجلس مع عروستك، عروستك اللي شافت منك اليوم شي ماينحكى.. كل أفعالك باتت غريبه وعقلك طفر منك وماعاد رجع ولا بقينا نعرفوله طريق. 

ايش فيها لو كنت قلت لرابح يروح هو ببلوه عالمشفى ويعرضها عالطبيب، أو هلال اخوها أو اي حد من القبيلة وماكان حد تأخر، بس لأ، لزوم أنت تحملها وتجري بيها متل الثور وتاخدها بنفسك. صغرت بروحك حتى قدام عروسك اللي ما خافي عليها عشقك لهالبلوة
روح روح، انت مابقيت تصلح لشي، خربتك بت مكاسب ومشي الحال. 

غادر آدم، وعاد سالم لخيمته وتفقد مزيونه وجدها نائمة،
 ولا يعلم كيف لها ان تنام بعد يوم كهذا؟! فإستلقى بجوارها واغمض عينيه وهرب هو الآخر من الواقع لعالم اللاوعي.

أما آدم  فعاد لغرفته وهو متجهم الوجه، فسألته أمه:
- مالك ياآدم يابني ايه اللي دايقك كده، دانت كنت خارج مبسوط؟
- لا ولا شي لا تشغلي بالك ياأمي، انا بس تهاوشت مع سالم وحكيو ماعجبني.
- انت وسالم اتخانقتوا؟ مستحيل دانتوا الاتنين واحد ومش بتزعلوا من بعض خالص، وبعدين دا عريس هو فاضي للخناق؟! 
- اي ماكنا نزعل، بس بهالفتره سالم انهبل وصار بلا عقل وانا مااتحمل المهابيل.
- طيب احكيلي يابني إيه اللي حصل لدا كله بس؟
تنهد وجلس على الاريكة وتلفت حوله وسأل:
- وين ابوي راح؟
- ابوك مع الشيخ قصير وطلع معاه للصيد.
- طيب اجلسي انقولك اللي سواه سالم، يمكن لو حكيت ارتاح.
- اتكلم ياآدم انا سامعاك.

قص عليها آدم ماحدث بينه وبين سالم، وقص عليها القصة من البدايه، من طفولتهم المشتركة.. كانت تستمع وهي متأثرة، وبعد أن إنتهى آدم نظرت إليه وقالت:
- طيب وليه لأ ياآدم، دا المثل بيقول خد اللي يحبك يابني، ودي وحده ضحت بحب سالم كله عشان خاطرك انت، عشان بتحبك، اللي زي دي هتعيش تحت رجليك العمر كله، وانت بتحب العيشه هنا وأكيد هتحب تتجوز من هنا.
- لا والله، رجوه اخر وحده بالكون أفكر اتزوجها، هي وحده انانيه ماتحب إلا روحها، رجوه ماتعرف الحب وماتفكري انها تحبني، رجوه تحب الشي الصعب، تحب تاخد اللي ماغيرها يعرف ياخده، خدت محبة سالم وضلت سنين تتباهى بيه وسط بنيات القبيلة وتقول سالم حقي وسالم ملكي وسالم وسالم، وبس شبعت من سالم ومحبة سالم دورت على غيره، هي وحده خاينه وماليها أمان، وانا ماأمنها على إسمي لو أخر وحده بهالدنيا ومافي غيرها. 

- ايه دا كله يابني، دي رجوه مجرد طفله لسه متعرفش تفكر كده، هي عمرها كله على بعضه أد إيه يعني؟ 

- هين العمر مو بالسنين، ومافي شي أسمه فلان صغير وكبير، بالقبيلة كل اللي يعرف شي يعلمه لغيره، والطفل ياخد خبرات الجدود ويطلع للصحاري تعلمه مالا يعلم.. والعقل من عقول أهل القبايل يوزن عشره من عقول أهل الحضر. 

- طيب يابني أنا كنت بقول مجرد إقتراح بس. 
- هو كل الموضوع مجرد إقتراح ومرفوض رفض تام. 

غادر آدم الغرفة وهو يشعر برغبة عارمة فى الذهاب لخيمة رجوه وضربها، لم يفكر مجرد التفكير في ضرب فتاه من قبل، ولكن رجوه يريد أن يفتك بها ويأخذ بثار سالم منها ويحاسبها على كل مافعلته به. 

أخذ حصانه وخرج به يجوب الصحراء، يفكر فى حياة ولو أنها متاحة وغير محاطة بالعقبات لكان أسعد من على وجه الأرض الآن. 
إبتعد كثيراً ولم ينتبه على نفسه، فتوقف وعاد أدراجه للقبيلة، فالصحراء لا تؤمن وخاصة أنه أعزل .
إنقضت عدة ساعات وأوشكت الشمس على المغيب، تحسنت رجوه وأصبحت قادرة علي الحركة بفضل الدواء، كانت تراقب باب الخيمة بتلهف وهي تنتظره، 
على يقين بأنه سيأتي لها بالفرحة كما يفعل دائماً، تعرف أن إبتزازها له دوماً يأتي بنتائجه.. ولكنه غاب هذه المرة وتأخر كثيراً! 
 سألت عليه عشرات المرات.. إلى ان نفذ صبر معزوزه فنهرتها قائلة:

- ايش فيك يارجوه وايش تريدي من سالم، خلاص ماتجيبي سيرته.. سالم ماعاد تحت امرك متل قبل، 
سالم الحين معاه مره وأصبحت له حياه بعيد عنك، ماتنزعيها وتخربيها عليه، هو قالك مااريد اشوفك ولا عيني تقع عليكي، غيبي عن عيونه وعن فكره وساعديه ينساكي. 

- هو بس ينفذلي آخر طلب طلبته منه وراح اغيب عن عيونه وعيونكم كلكم وعن كل القبيلة وناسها.. بس هاد الطلب.
سألتها معزوزه بإستغراب:
- وايش هاد الطلب؟ 
- مو الحين، اذا تم بتعرفي والكل يعرف. 
صمتت معزوزه وهي تراقب اختها والقلق بدأ يراودها، فماذا قد يكون الطلب الذي سيجعلها تبتعد عن الجميع إذا تم؟ 

اما في خيمة سالم.. 
استيقظ فوجدها جالسة ترتب نفسها، شكلها مع كل شيئ جديد ترتديه يختلف، وكأنها تتبدل مع الملابس، شعرها وتناسق جسدها، ورائحة عطرها الفواح الذي إستقر في قلب سالم وليس في رئتيه، كلها أشياء تجعلها كقطعة الحلوى في عينيه.. شهية.. وهو جائع.. نهض وذهب إليها فأنزلت  المرآة التي كانت بيدها وتبسمت له، جذبها من يدها وذهب بها للفراش واجلسها وجلس بجوارها، تاملها قليلاً ثم اقترب من وجهها فإبتعدت، ضم حاجبيه وسألها بإستغراب:
- ايش فيك؟ 
ردت عليه وهي تقف وتبتعد عنه:
- مابي شي، بس اقول تتحمم وناكلوا لقمه وبعدها يصير اللي تريده، انا كتير جوعانه. 

أومأ لها سالم بالموافقة، فتحركت هي نحوا باب الخيمة، أعطت أمراً لمن رأته أمامها بأن يخبرهم بأنها تريد الماء والطعام في خيمة سالم. 

وعادت للخيمة وأخبرته ان الماء والطعام في الطريق، فقد جرت العادة أن العروس لا تقوم بأي عمل من الاعمال لمدة أسبوع كامل، تأمر وأي شخص يؤمر ينفذ، هذا واجب أفراد القبيلة تجاه اي عروس. 

فى هذه الاثناء أخذت ترتب الخيمة وعيون سالم تراقبها، تتحرك هنا وهناك، تتمايل عمداً وشعرها يتراقص معها، فلم يتحمل سالم وهب واقفاً وبخطوتين أصبح أمامها،  طوقها بذراعه وألقى مابيدها بعيداً، وإقترب منها فإذ بصوت ينادي:
- الطعام والمي يامعرسين. 
فرد سالم دون أن يترك مزيونه وهو على نفس الوضع:
- اتركيه عندك وروحي. 
ثوانى أخبر فيهم مزيونه بقبلاته المتلاحقة بأن لا وقت لطعام الآن، ثم خرج مسرعاً ادخل الماء والطعام وأغلق باب الخيمة وربط أطرافه وعاد لمزيونه وطوقها بذراعيه مجدداً وهمس لها:
- اقول يامزيونه، حد قال لك انك حلوه واااجد من قبل؟ 
- كتير سمعتها، بس منك انت غير ياسالم.. قولي ياسالم تشوفني حلوه؟ 
- اشوفك مثل وجبة (لصيمه) حلوه وحاره وساخنه وماتتقاوم. 
- إنت تحب اللصيمه؟ 
- انا نموووت عاللصيمه.. والحين فيني ادوق اللصيمه حقي؟ 
ضحكت مزيونه بخفة وتعلقت برقبته وهو يحملها ويذهب بها لعالم آخر لطالما حلمت زيارته، والآن هي فيه، وملكة على كل ممالكه. 

إبتعد عنها واغمض عينيه وهمس لها ممازحاً:
- احلا لصيمه دوقتها بحياتي. 
ضحكت وهي تلملم نفسها وتنهض، جهزت له كل شيئ ليستحم وساعدته في ذلك، كان يمازحها ويضحك معها حتى شعرت بأنه معها بكل جوارحه، وكأن لا وجود لرجوه فى قلبه ولم يعرفها يوماً! 
 فقررت أن تستمتع به ومعه طالما بخيمتها، وتباً لكل شيئ آخر. 

عاد قصير من رحلة الصيد القصيرة التي إصطحب فيها محمود وبعض رجال القبيلة، وتم إستلام الصيد منهم من قِبل نساء القبيلة، وعلى الفور بدأو في تجهيزه للشواء. 

إما سالم فخرج من خيمته وتوجه أخيراً للشيخه عوالي.. 
- شيخه.. ياعمتي انا سالم. 
- ادخل ياسويلم. 
دلف إلي الخيمة وألقي التحية على الشيخه ومايزه، وجلس إلي جوارها بدعوة له من يدها التي ربتت على الفراش ثم قالت له:
- هااا اشوف وجهك عم يضوي ضوي والفرحه مبينه بعيونك.. عرفت ان نقاوة عين عوالي مايعلا عليها ياسويلم. 
- أ اي ياعمتي عاشت ايدك وعينك. 
- سالم بلا لف ودوران، انت تزوجت وصار عندك مره وخيمه، والحين اريد انقولك إن الماضي لزوم يولي بكل مافيه ويتنسى. 

- ايش تقصدي ياعمتي، اذا على... 
- أي عليها ياسالم، على اللي خلتك تترك خيمتك ثاني يوم زواجك وتهمل الديار وتهج بيها للحضر تطبب وتداوي، وكله على عين مرتك وتحت انظارها، استحلفك بالله فيه حد سوا اللي سويته بالقبيلة من قبل ياسالم؟ 
مايزه:
- والله ولا بغير القبيلة يسونها. 
- ياعمتي يعني انتي ماشفتي حالتها، اتركها تموت وانتي تعرفي ماليها حد يحن عليها ولا يهتم لأمرها عاشت ولا ماتت؟ 
- وانت اريدك متلهم تصير، ماتهتم لأمرها بعد اليوم، وحتى لو ماقدرت، أكتم اهتمامك بقلبك وماتبينه لحدا، وبالأخص زوجتك.. بعد عن الفانص ياسالم ماعاد يربطك بها شي. 

- راح انحاول ياعمتي، من الحين مالي علاقة بيها 
- زين، وانا الحين اشوفك تحكي الصدق ولا لا.. اتروح تمشي لعمك قصير وتقوله الشيخه تريدك، وانا اليوم أنهي هي القصة من اساسها. 

سألها وقد تحفزت جميع خلايا جسده:
- كيف يعني تنهيها، ايش راح تسوي ياعمتي عرفيني. 
- من شوي جاني صياح ولد عمك مناحي وطلب وساطتى لحتى ازوجه رجوه، 
هو سبق وطلبها بمجلس النهوة على بنيات قصير وهلال رده، اعرف هلال رده لأجلك، بس مايصير رجوه تضل بلا زواج، وانا وانت نعرف أن اللي تريده ابعدلها من نجوم السما، وانا نويت انخلي قصير يزوجها ونفتك من وجيج الراس هاد كلو. 

هب واقفاً وهو لا يستوعب ماسمعه، وكأن عمته عوالي القت عليه قنبلة شتتت جميع أفكاره، فصاح برفض:

- مين هاد صياح كمان اللي يتزوج رجوه؟ يعني بربك ياعمتي رجوه يتزوجها هاد اللي رجوله متل رجول الماعز ووجهه ماينشاف فيه شي؟ 
- وانت ايش دخلك، لتكون انت اللي راح تنام جواره بالخيمة وتشوف رجوله؟ 
هي راح ترضى فيه وغصب عنها، هاد فرصتها الوحيده وغيره ماحد راح يقف بباب خيمة ابوها ويطلبها زوجه ليه وأم لعياله. 

-وانشالله ماحد وقف ولا حد طلب، ياعمتي والله شعلتي النار بضلوعي، ايش انام جواره وينام جوارها، بربي اذا قرب صياح من رجوه لأكون مكسر اديه ورجليه واذبحه واصلخه واعمل جلده قربة ينقلون بيه المي من البير للهوايش والبهايم تشرب. 

- صياح راح ياخد رجوه ياسالم ولا انت ولا غيرك يقدر يقرب صوبه، وفكر بس تعملها وأنا اللي بوقفلك، وانا وانت والأيام طوال. 
- ماتسوي هكي معي ياعمتي، الا رجوه. 
- هااا عرفت الحين انك كذاب وماراح تبعد ولا شي،
_ لا مو كذاب، بس كمان صياح لا، واذا انا ماتزوجتها ماترموهنها متل الجيفه لكلاب القبيلة. 
- صكر خشمك وتحشم، احنا ماعندنا كلاب، احنا كلنا ولاد عمومه ومن فخذ واحد، يعني اذا صياح كلب أنت تصير كلب متله..
 هيا ياسالم أغرب عن وجهي، واذا شفتك تحوم حول رجوه والله لاخليك عبره لكل شباب القبيلة، والله هي أول مره اشوف الفنص مايقتصر عالبنيات وامتد للرجال بعد! 
- عمتيييي. 
- يلا غادر الخيمة بلا عمتي بلا خالتي، امشي ولا عاد تحاكيني الا لمن يرد عقلك براسك وترجع سويلم العاقل وعلى شو ماأقول تقولي تم وحاضر وابشري ياعمه.
- انا رايح بستين داهيه ياعمه. 
- اي الله معك. 

خرج من الخيمة وهو يشعر بالدم يغلي بعروقه، 
ذهب إلي المجلس، حيث شباب القبيلة وشيابها، الكل ملتف حول الشيخ قصير، وبعض الشباب تولوا مهمة الشواء،
 فجلس سالم ولم يكترث لوابل المباركات الذي إنهال عليه، وكانت عيناه يبحثان في وسط الجمع عن شخص ما، 
وماان وقعتا عليه حتى حدجه بنظرة نارية وكأنه يخبره بأنه إقترف جرم كبير.
أما الآخر فبمجرد أن رأى سالم ينظر إليه هكذا حتى تبسم بسعادة، 
فالحين فقط إطمأن قلبه ولاح له بصيص من أمل أن طلبه قد يلقى قبول، وقد كان يظنه مازال مستحيلاً.
أما آدم فقد لحظ نظرات سالم لصياح، فإقترب منه وجلس بجواره وهمس له متسائلاً:
- ايش فيك، ليش تناظر الشب بهالطريقة، ايش سوالك؟
- لا ولا شي، انا بس ماأحبه من زمان.
- صياح؟ بس والله الرجال زين وينعد عالاصابع من زينة شباب القبيلة، هو دوم معي انا وعمي قصير بصفقات السلاح وعمك كتير يثق فيه.، وانا بعد. 
- اي وبعدين، انقوم ندقله تحيه يعني ولا ايش؟ 
- لااااا  مبين الموضوع كبير وإلا مااعرفا. 
صمت سالم وصمت معه آدم، ومر بعض الوقت وإذ بفتى يقترب من الشيخ قصير ويهمس له فى أذنه، فقام قصير، وتوجه لخيمة الشيخه عوالي،
 فعلم سالم أنها أنذرت وهاهي تنفذ، فضرب الأرض بقبضة يدة قهراً، أما قصير، لم يغيب كثيراً وعاد لمجلسه، أمال بجزعه على إبنه هلال وتشاور معه، فأومأ هلال بالموافقة بعد مناقشة قصيرة، فرفع قصير رأسه وقال بصوت مرتفع:
- ياقوم، اليوم صياح ولد مناحى ابن عمي وخوي طلب النهوة على بنت عمه رجوه بتي وأنا عطيته.. ومن الحين رجوه منهي عليها من صياح. 

كان الخبر بمثابة الصدمة لأغلب الحضور، وبالأخص لسالم وآدم، وثوانٍ معدودة مرت وكانت كفيلة بوصول طيور الأخبار الصغيرة للخيام ونشر الخبر، وسمع الجميع صرخة مدوية مصدرها خيمة رجوه، فتجاهلها قصير ورفع كلتا يديه وأردف:
- يلا الفاتحه يارجال، والعرس بيتحدد بيني وبين صياح وراح يتم بأقرب وقت. 

يتتبع..

  •تابع الفصل التالي "رواية عقاب ابن الباديه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent