Ads by Google X

رواية الماسة المكسورة الفصل الرابع و الاربعون 44 - بقلم ليلة عادل

الصفحة الرئيسية

   

 رواية الماسة المكسورة الفصل الرابع و الاربعون 44 -  بقلم ليلة عادل

[بعنوان: إكتمال القمر ]
منزل نانا الثامنة مساءً.

تقدمت فايزة بخطوات واثقة ممزوجة بكبرياء لا يليق إلا بها، وأغلقت نانا الباب بابتسامة عريضة وتوجهت إليها وهي تقول.
نانا بتملق: حقيقي البيت نور.
التفتت لها فايزة (بإرستقراطية، ملوحةً بأنفها) وقالت بإشمئزاز: بيئة أوي يا نانا، بليز بلاش الكلام البلدي ده.
نانا: أوكي، شرفتيني.
فايزة: ميرسي.
نانا وهي تشير بيدها: اتفضلي من هنا.
توجهتا حتى الريسبشن وجلست فايزة على المقعد.
نانا: الهانم تشرب إيه؟
فايزة: قهوة.
نانا بتأدب: لحظة.
توجهت نانا إلى المطبخ، وعلى ملامح وجهها علامات استفهام، بينما أخذت فايزة تنظر من حولها باستغراب. بعد دقائق، عادت نانا مع القهوة وقدمتها لها.
فايزة، وهي تأخذ الفنجان: إنتي ما عندكيش خدامين؟
جلست نانا على الأريكة: إجازة.

نظرت لها فايزة بطرف عينيها وتحدثت من طرف أنفها: اممم… طبعاً، إنتي بتسألي نفسك إيه الموضوع المهم اللي ممكن أكون عايزاكي فيه؟!!
وضعت نانا قدمًا فوق قدم وقالت وهي تحتسي القهوة: الصراحة استغربت يعني، مش بالعادة.
فايزة، بغرور لا يليق إلا بها: نانا، أنا محتاجة منك مساعدة بسيطة. أنا كان ممكن أختار أي حد، بس قلت إنتي معانا من زمان وفي بينا عشرة، فا ليه ما اختاركيش!!
نانا: أنا في الخدمة في أي وقت يا هانم، مستحيل أنسى فضل الباشا عليا.
وضعت فايزة الفنجان على الطاولة ونظرت لها بتركيز: عايزة أعرف كل خطوات عزت: بيروح فين، بيجي منين، كل حاجة. إنتي مخزن أسراره لإنك سكرتيرته الخاصة، وعارفة كمان إن نور صاحبتك الأنتيم بقت Assistant سليم. عايزاكي تتكلمي معاها وهي كمان تنقلك كل أخبار سليم. كل حاجة وأي حاجة، سواء صغيرة أو كبيرة، تتقال لي. صدقيني يا نانا، طول ما أنتي بترضي فايزة هتفضلي في المكانة اللي إنتي فيها، وأحسن كمان. الشقة الحلوة دي ممكن تكون فيلا، وعربيتك اللي تحت دي تتحول لعربية آخر موديل… وإنتي وشطارتك.
أخرجت من حقيبة يدها ظرفًا، أخذته نانا منها وفتحته، فوجدت مبلغًا كبيرًا من الدولارات. أكملت فايزة: ده حصيلة صغيرة أو عربون محبة، ماشي؟ نهضت ثم نظرت لها بتحذير: “طإنتي تحت عيني، خدي بالك.
نهضت نانا: أنا تحت أمرك يا هانم، وهنفتح عينينا، بس هو فيه حاجة معينة عايزة تعرفيها؟
نظرت لها فايزة باستغراب: “تقصدين إيه؟

نانا: يعني هل المعلومات اللي إنتي عايزاها دي تخص الستات بس، ولا كمان معلومات عن المشاريع والفلوس؟
فايزة بتأكيد: قلت لك كل حاجة، خصوصًا سليم. موضوع الستات؟ لا، أنا واثقة في عزت جدًا، الموضوع ده ما فكرتش فيه لحظة، بس برضه ما عنديش مانع إنك تركزي فيه، بس خلي نور هي اللي تركز فيه اوي مع سليم. فهمتي؟
نانا: فهمت يا هانم.
فايزة: كل أسبوع هتستني مني مكالمة، ولو فيه حاجة ضرورية كلميني. في حاجة تانية محتاجة تسأليها يا نانا؟
هزت نانا رأسها بنفي.
توجهت فايزة إلى الباب، وخلفها نانا، وعند وصولها استدارت وقالت محذرة: أنا طبعًا مش محتاجة أقولك إن الموضوع ده مابينا، عشان إنتِ عارفة لو فكرتِ في الخيانة، هي رصاصة طايشة. تمام يا نسمة؟
ارتسمت على شفتي نانا ابتسامة، وهزت رأسها بإيجاب.
حركت فايزة رأسها ثم خرجت. فور خروجها، بدأت نانا تضحك وهي تضرب كفًا بكف بمرح وتقول: إنتِ فعلاً اختارتي أنسب حد يراقب عزت.
توجهت إلى الريسبشن وأخذت هاتفها من على الطاولة التي تتوسط الأنتريه، ثم قامت بعمل مكالمة لعزت. بعد قليل، جاءها صوت عزت من الاتجاه الآخر.
عزت بجمود: إيه يا نانا؟ فيه حاجة؟ مش اتفقنا متتكلميش طول ما أنا في البيت؟
نانا: لا، ما أنا متأكدة إن فايزة مش عندك عشان كده اتصلت.

عزت بتعجب: وجايبة منين الثقة دي إن فايزة مش هنا؟
نانا: “لإنها كانت عندي. بكرة لازم تيجي عشان أفهمك اللي حصل.
عزت بخضة: في حاجة؟
نانا: متتخضش، هي بس عايزاني أشتغلها عصفورة. بكرة ها أفهمك. باي دلوقتي.
أغلقت هاتفها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة عريضة.
بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠◠⁠‿⁠◕⁠)⁩ ⁦♥️
قصر الراوي
جناح سليم وماسة، الثانية عشر ظهراً
خرجت ماسة من المرحاض مرتدية البرنص، توقفت أمام المرآة وبدأت تضع زيت الشعر على خصلاتها. وفي الخارج، كان رشدي يقف يحمل شنطة هدايا ويراقبها من فتحة الباب الصغيرة. أزاحت جزءًا من كتفها لتضع الكريم، لكنه فتح الباب ودخل دون استئذان.
رشدي: ست الحُسن!
اتسعت عينا ماسة بخضة، عدّلت وضع البرنص على جسدها بسرعة وتأكدت من إحكامه. التفتت نحوه بحدة وتوتر وهي تعقد حاجبيها بضيق.
ماسة بحدة: رشدي، إنت دخلت هنا إزاي؟

رشدي متقدمًا نحوها: الباب كان مفتوح.
ماسة بتوتر وتعجب: مفتوح؟! أنا متأكدة إني قفلته! لو سمحت، خليك عندك.
رشدي مبتسمًا متوقفًا عند الباب: مش عارف… يمكن الخدامة دخلت ونسيت تقفله وراها.
تقدمت ماسة نحوه وهي تهز رأسها ببراءة: يجوز. طب، في حاجة؟
رشدي: أمم…
دقق النظر إلى رقبتها، حيث بدت البصمة التي تركها سليم عليها واضحة.
رشدي بمكر: إيه اللي على رقبتك ده؟ سليم ضربك ولا إيه؟
ماسة باستغراب وتوتر: لا، ماضربنيش.
وضعت يدها على رقبتها بتوتر، ونظرت في المرآة بخجل وهي ترفع ياقة البرنص لتخفي أثر البصمة.
رشدي بمكر: آه، فهمت.
ابتلعت ماسة ريقها بخجل وقالت بجدية: ماقولتش عايز إيه؟ وليه دخلت بالطريقة دي؟
رشدي بمزاح سخيف: أصلّي مش متعود أخبط. أمال ليه فايزة دايمًا بتقول عليّا ما اتربتش؟ هههه… كنت في مكان كده وأنا بلف، شوفت الفستان ده في الفاترينا…

أخرج لها فستانًا ورديًا قصيرًا وأمسكه من الحمالات.
اكمل: قولت ده معمول مخصوص لست الحُسن والجمال.
ماسة متعجبة: ده ليا أنا؟
رشدي بغزل: أمم، أول ما شوفته قولت مش هايليق غير على ست الحسن.
أخذت ماسة الفستان منه بإمتنان: ميرسي يا رشدي. طب ممكن تخرج؟ عايزة ألبس.
رشدي: أنا خلاص ماشي. ياريت تلبسيه وأشوفه عليكي.
ماسة بأسف: آسفة، سليم منعني من إني ألبس عريان.
رشدي بخبث: بس ما أعتقدش إنه منعك تقعدي في القصر باللبس ده.
ماس: لا، هو منعني، عموماً ميرسي على الهدية، ممكن تمشي بقى؟
رشدي: كان نفسي أشوفه عليك، يلا مش مهم، هتخيله. سلام يا ست الحسن.
تحرك رشدي وخرج. نظرت له ماسة وهي تقلب وجهها بانزعاج.
ماسة مغمغمة: رخم.
ثم ألقت بالفستان على الفراش دون اهتمام.

مجموعة الراوي الثانية مساءً
مكتب طه
نشاهد طه وصافيناز ومنى وعماد مجتمعين في المكتب، وعلى ملامح وجوههم الانزعاج والغضب.
منى بغضب: يعني خلاص انتهى كل شيء.. سليم كسبنا في الآخر…
وجهت نظراتها لصافيناز اضافت: إنتِ قلتي ماسة هي مدخل سليم ولما تتدمر علاقتهم هنقدر نخلي سليم مشتت ووقتها هناخد مكانه.
صافيناز بجبروت: صح وفشلت، أعملك إيه؟ بعدين ما إنتِ جربتي إنتِ وعماد وفشلتوا، وإنتِ خسرتي، شعرك، وهو كان ممكن يخسر إيده، واحمدي ربنا إنه ما قتلكيش. عايزة إيه؟
بعدين عايزة تجربي تلعبي تاني!! جربي، أنا عن نفسي هوقف كل حاجة، استسلمت، بقولك الباشا وقف في وشي أنا ومامي وهددنا وقال: أي حاجة هتحصل هاعتبرها منكم إنتوا، وهيطردنا برة القصر..عندك استعداد تغامري؟ غامري..
أكملت بتهديد وهي تشير بأصابع يدها: بس اسمعوا، يوم ما يحصل حاجة عليا وعلى أعدائي، هقول للباشا منى وطه كانوا معانا من البداية.
طه بتحدي: منى اسكتي بقى وكفاية اللي عملتيه من ورايا، أنا قلتلكم من الأول هنخسر، سليم مش سهل، وأهو الباشا اتخلى عننا، كفاية بقى.
عماد: عارفين إننا غلطنا.
منى: غلطنا إزاي؟

عماد: بدأنا اللعب بدري اوي، بعيد عن إن الهانم كان كل همها إنها تطرد ماسة برة القصر وتخلي سليم يطلقها، وإحنا ساعدنا في ده واستغلينا كرهها ده، لكن أوعوا تنسوا إن هدفنا الأساسي كان سليم مش ماسة. إحنا استعجلنا، كان لازم نصبر شوية لحد لما سليم يعدي بينا لمرحلة الأمان، ونفهم كويس مدى ترابط علاقتهم ونعرف هندخل منين بالضبط مش شوية الحاجات الفارغة اللي عملناها.
صافيناز بغضب: كل مشكلة وقعنا فيها قربتهم من بعض أكتر، ودلوقتي الباشا بقى معاها وخسرنا كل شيء.
عماد: عشان لعبنا غلط واستعجلنا، حتى أنا استعجلت.
منى بكره: يعني بجد هنستسلم ونسيب سليم ياخد مكان الباشا؟
عماد بتخويف: لو عايزة المرة الجاية لسانك يتقص، جربي تحطي سليم والباشا في دماغك. إحنا لازم نوقف اللعب دلوقتي خالص، عين الباشا مفتحة علينا، وأكيد هتحصل حاجة ووقتها هنستغلها.
طه: أنا نفسي ترضوا باللي معاكم وتفوقوا من وهم إنكم تاخدوا مكان سليم.
💞_____________بقلمي_ليلةعادل(⁠.⁠ ⁠❛⁠ ⁠ᴗ⁠ ⁠❛⁠.⁠)
قصر الراوي
غرفة سليم وماسة، ٦:٣٠م
نشاهد ماسة تتوقف أمام التسريحة وترتدي فستانا ناعما وتضع أحمر شفاه بلون شفتيها.

خرج سليم من حجرة الملابس وهو يرتدي قميصًا وبنطالًا. اقترب منها بابتسامة جميلة حتى توقف خلفها مباشرة، وأحاط خصرها بأحد ذراعيه، وأسند رأسه بين حنايا كتفيها وعنقها، قائلاً وهو يضع قبلة على خدها.
سليم: لسه مخلصتيش؟
ماسة تبسمت: لا، خلصت ثانية بس.
جلس سليم على الفراش في انتظارها، وهو يشاهدها بإبتسامة، تضع المسكاره وترتدي بعض الاكسسوارات، لكن وقعت عينه على الفستان الذي جلبه لها رشدي موضوعا على الفراش…
سليم وهو ممسك بالفستان: جميل الفستان ده، كنتِ بتفكري تلبسيه؟ وافتكرتِ إنه عريان ومش هينفع تنزلي بيه تحت؟! حاسس إنه أول مرة أشوفه، ولا أنا ناسي؟
ماسة ببراءة: هو فعلاً أول مرة تشوفه، بس مش أنا اللي جايباه، ده رشدي جابه لي هدية النهارده.
سليم بتعجب وهو يتك على الكلمة: رشدي؟
ماسة هزت رأسها بإيجاب وقالت بتفسير: لقيته الصبح جاي الأوضة ومعاه شنطة وبيقولي إنه كان في مكان وشاف الفستان ده وحس إنه هيبقى جميل عليا، وطلب مني ألبسه النهاردة على العشاء. بس أنا طبعًا قلت له سليم منعني ألبس عريان وكده.
سليم بغضب شديد، تأكل قلبه قال بجمود وهو يتكلم: شافه؟ قام جايبه وطلب منك كمان تلبسيه عشان يشوفه عليكي؟

زفر زفرة طويلة بقوة، وهو يضغط على أسنانه ويقبض على كفه بقوة، يحاول أن يكبت جماح غضبه وغيرته التي كانت تضرب في رأسه كأن هناك مدقًا يضرب بها بقوة، وتلك النيران التي تشتعل داخل قلبه وتأكل كل خلية به.
سليم توقف أمامها: أنا هحاول ما اتعصبش، هحاول..
ماسة بعد إذنك، رشدي بالذات لا، وأظن أنتِ عارفه ليه.
ماسة بتوتر: بس أنا ما عملتش حاجة، أنا بس خدت منه الهدية.
سليم بضيق: ما تقبليش منه هدية ولا أي حاجة، كل مرة بأتكلم معاكِ وأقولك إني بغير عليكي من نفسي، إني مش باتحمل حتى ضحكتك تكون لحد غيري، لكن مش بلاقي عندك صدى لكلامي، طب ليه كده؟ فهميني، أنتِ قاصدة تعصبيني؟
هزت رأسها بــ لا أكمل سليم بضيق: عارف إني بتعالج دلوقتي، بس أنتِ نفسك قلتِي لي مروان قال لك إن في حاجات بعض رجال ما بتقبلهاش، ودي حاجة طبيعية، أنا بقى، يا ستي، مش قابل ده لو سمحت احترمي غيرتي.
ماسة اقتربت منه بدفاع: والله العظيم يا سليم، أنا قبلت منه الهدية بحسن نية. حقيقي، بتعامل مع أخواتك كلهم زي أخواتي عمار ويوسف. متزعلش
(ثم وضعت قبلة على خده) أديك شايفه أصلاً مرمي فين من الصبح.
سليم بجمود: عموماً، أنا هعرف أزاي أخلي رشدي يبطل حركاته دي. أنا عارف هو بيعمل ليه كده، عشان يعصبني. عايز يخليني أغلط، بس أنا مش هناوله اللي في باله.

ماسة وهي تمسك يده وتنظر في ملامح وجهه بتركيز: إحنا اتفقنا مهما حاولوا، مش هتتعصب صح؟ مش هتخليهم يستفزوك تاني. أنتِ وعدتني.
سليم بتصميم: صح وعدتك، بس في دي ما وعدتكيش بيها لحظة ورجعلك.
خرج سليم والغضب يخفي ملامح وجهه.
توجه إلى غرفة رشدي في الطابق الثالث، فتح الباب بقوة. كان رشدي يرتدي برنص الحمام ويقف أمام خزانة ملابسه. اقترب منه سليم وتوقف أمامه.
رشدي بسخرية ممزوجة ببرود: خير، متلغبط في الأوضة ولا إيه؟
سليم بهدوء قاتل لكن بنبرة رجولية تعكس قوته، قال بتحذير: بص يا رشدي، أنا أكتر واحد فاهمك وفاهم قذارتك. يمكن وقعت في الفخ مرة، بس يستحيل أعيدها تاني.
ركز النظر داخل عينه بنظرة مرعبة، قائلاً: رشدي، شيل مراتي من دماغك، عايز تعصبني وتلاعبني، واجهني. خليها بينا، ماتدخلش الستات دي مش رجولة.
رشدي باستفزاز و برود: واضح إن الهدية معجبتكش.
قلب سليم عينه التي توحشت بنظرات مرعبة، قال بنبرة جهورية هزت أركان المكان باتساع بؤبؤ عينه: رشدي… ماتستفزنيش أحسنلك، مالكش دعوة بماسة، علشان المرة الجاية مش هتلحق حتى تندم.
حاول رشدي أن يشعره أنه لا يهتم: المفروض أخاف؟
سليم بتحذير: لو منك أخاف.

وفجأة وضع سليم كف يده على رقبة رشدي في موضع الخنقة، وقرب وجهه من وجه رشدي بشدة، الذي اتسعت عيناه ويبدو أنه لا يستطيع التنفس، محاولًا نزع يد سليم من على رقبته.
سليم بتهديد: لو نفسك عمرك يطول، ابعد عنها وعني. ده آخر تحذير. مفهوم؟ مش هعيد كلامي تاني.
أبعد يده، وأخذ رشدي يكح وهو يحاول أن يتنفس. ثم رمقه سليم بنظرة مرعبة وتحرك للخارج.
نظر له رشدي بحقد وكراهية وهو يجز على أسنانه.
جلس على المقعد، واضعًا رأسه بين يديه، بينما يفكر في كل ما حدث، يشعر بالإهانة والغضب من تهديد سليم، لكنه أيضًا يخفي شيئًا أكثر خطورة.
رشدي يحدث نفسه بكره: فاكر نفسه فوق الكل؟
جزّ على أسنانه وأخذ أنفاسه بصوت مرتفع، والكره يخرج من عينيه: الصبر… هو الصبر. وهندمك.
أكمل بنبرة حاقدة: هخلي حياتك جحيم، بس الصبر. والقوة اللي انت فيها دي هتبقى ضعف. وهتبقى مكسور. هكسرك يا سليم… وما أكونش رشدي! بس الصبر.
ثم ضحك وهو يتحسس رقبته: يلا المهم ان انا استفزيتك وعكرت عليك مزاجك.
فيلا مجاهد، الثامنة مساءً
نشاهد مكي وهو يجلس مع الحراس ويتحدثون ويأخذ منهم الأخبار لكنه في الحقيقة كان يحاول أن يسترق لو نظرة لسلوى.

مكي: خلوا عينكم مفتحة.
أحد الحراس: تشرب شاي؟
مكي وعينه على شرفة سلوى: أشرب.
كان يتمنى أن تخرج وتطل عليه ويراها ولو لحظة.. وبعد دقائق خرجت وجلست في الحديقة تقرأ كتابًا. لم تنتبه لتواجده لكنه رآها وأخذ ينظر لها بابتسامة جميلة وشوق طوال جلسته.
منزل سارة، التاسعة مساءً
نشاهد عماد يتوقف في الشرفة ويدخن سيجارة. بعد دقائق اقتربت منه سارة وهي تحمل بين يديها صينية عليها أكواب شاي.
سارة بنداء: عماد.
إلتفت لها بابتسامة.. ألقى بالسيجارة وأخذ منها الصينية.
عماد: تسلم إيدك.
توقفت سارة بجانبه: ها بتفكر في إيه؟
عماد: في إللي حصل وكلام الباشا وبالأخص وإحنا قاعدين على السفرة وعينه بتبص على عين كل واحد فينا، حاسس إن كل حاجة في لحظة اتقلبت عليا مش فاهم إيه النحس ده.

سارة: أصبر شوية وبعدين كمل إللي هتكمل فيه عشان بس الباشا ما يزعلش منكم.
هز عماد رأسه بنعم: هو ده إللي هعمله. هفضل أجمع في الأوراق وأستفها وأستنى لحد ما ألاقي الثغرات إللي هتخليني أرمي سليم من على الكرسي وأنا مرتاح.
سارة: هتلاقي صافيناز دلوقتي إيه النار قايدة فيها. هي وفايزة علشان ماسة هتفضل في القصر بأمر من الباشا والله فرحانة بيهم أوي.
عماد: فايزة هتموت من رعبها، أنا مكنتش متوقع أنهم يستسلموا بعد كلام الباشا بالسرعة دي، بس عارفة فايزة طلعت ليها نقطة ضعف ودي برضه هتبقى من ضمن الأوراق إللي هاستغلها، أنا دلوقتي هقعد أتفرج عليهم واحد واحد، وأدرسهم صح. أنا غلطت لما استعجلت ومشيت ورا خطط صافيناز وتركيز فايزة مع ماسة، وافتكرت بكده ممكن أقدر أوصل بسرعة. يلا محدش بيتعلم بالساهل. لسة فيه فرصة بس لازم أستغلها صح المرة الجاية.
منزل نانا، العاشرة مساءً
نشاهد نانا وعزت يجلسان في الريسبشن وهي ترتدي قميص نوم حريري يبرز مفاتنها بسخاء.
عزت بسخرية: يا زين ما اختارت فايزة.
نانا وهي تضحك: أنا فضلت أضحك ساعة كاملة عليها بس هي ليه عملت كده؟ دي أول مرة يعني حتى عايزاني أجند نور.
عزت: كل ده عشان وقفت المؤامرات إللي عاملين يعملوها في ماسة وسليم، من وقت ما رجعوا، أنا مش عايز أخسر سليم لإنه لو عرف هيسيب السفينة تغرق وممكن المرة دي يساعد على غرقها ومش هلومه.

نانا: أخيرًا أقتنعت. عموماً انسى المهم أعمل إيه أجند نور؟
عزت: جنديها بس ابعتيلي أنا الأول وأقولك إيه إللي تقوليه وإيه لا.
نانا بسعادة ودلع: إحنا لازم نحتفل بالإنتصار على الطاووسة.
نهضت وشغلت الأغاني وأخذت ترقص.
💞_____________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
وخلال عام لم تستطع عائلة الراوي فعل أي شيء… فالكل كان مرعوباً على منصبه في المجموعة ووجوده في القصر، بعد ذلك الفرمان الذي أصدره عزت والذي كان بمثابة حكم الإعدام لهم…زبالرغم من أن بداخلهم كانوا يتمنون أن يجدوا الفرصة التي من خلالها سيحصلون على مرادهم…
وعلى جانب آخر، كانت علاقة ماسة وسليم في أفضل حالاتها، مليئة بالحب والحنان والهدوء، ليست بها مشاكل بالمعنى الحقيقي للكلمة…
حتى سليم، الذي كان مجنوناً متملكاً وعندما يغضب لا يعي ما يفعله، تغير بشكل ملموس وأصبح قادراً على تمالك نفسه ولجم كباح غضبه عندما يغار عليها…لقد أصبح تغير سليم ملحوظاً لمرأى الجميع…
كان معظم تواجد سليم وماسة في فيلتهم وليس في القصر كما كان في السابق، وأصبحت لهما حياتهما الخاصة…
وكلما مرت الأيام، زاد سليم في عشقه وجنونه الهوسي وتعلقه بها، ولم يتغير!!! لكنها لم تنزعج منه، بل على العكس، كانت تشعر أن هذا هو الحب الحقيقي وأن عشقه من نوع خاص…

ونشاهد أيضاً مدى تغير ماسة المستمر وتطورها في كافة النواحي، واكتسابها العديد من اللغات ونجاحها في الصف الاول والثاني الاعدادي ودخلها الصف الثالث، هي وسلوى.
علاقتها بهبة وأصدقائها زادت قوة، وكانت تخرج معهم من حين لآخر، وكان سليم داعماً كبيراً لها ولم يمنعها أبداً من تكوين صداقات مع أشخاص يشبهونها.
أما علاقتها بعائلة الراوي، فقد ظلت كما هي ولم تتغير… بل على العكس، أصبحت صافيناز لا تتعامل معها وتبدلت معاملتها لها بشكل واضح جداً…
وأصبح سليم هو الملك الحقيقي للمجموعة بسبب نجاحه في كافة المشاريع التي دخلها… كما نلاحظ غيرة إخوته منه ومن نجاحاته واقترابه من الباشا بشكل أكبر، وعدم تمكنهم من فعل شيء له بالرغم من استمرارهم في محاولة إفشاله أو القيام بمخططات لإحراجه مع الباشا، لكنهم لم ينجحوا ولو مرة واحدة كان سليم يعرف لكنه لم يهتم يندر لتلك الاعيب وكأنها مجرد محاولات الوصول لكرسي العرش.
أما عن علاقة مكي وسلوى، فقد ظلت كما هي…
ظل مكي متمسكاً بقراره بعدم تجاوزه معها إلا عندما تصبح شابة ناضجة تختاره بعقلها قبل قلبها…
كان دائم السؤال عنها عن طريق سليم، وكلما زارت ماسة، كان يظل يشاهدها ويسترق النظرات إليها، ويبعث لها الهدايا عندما تنجح في المدرسة…
ويبعث لها أيضاً رسائل نصية من رقم آخر…
كانت لا تعرف من يبعث لها تلك الرسائل وتلك الهدايا…
لكن كان لديها شعور أنه هو من يفعل ذلك…

وبالرغم من كل ذلك، كان مكي أمامها يتقن التمثيل بقوة، حتى هي أصبحت لا تهتم لأمره وركزت في دراستها لكي تصبح في هذا المستوى الذي وصلت إليه…
ونانا اقتربت أكثر من فايزة وكانت تنقل لها أخباراً خاطئة، فيما كانت علاقتها بعزت تزداد قوة.
أما هبة وياسين، فقد أصبحت علاقتهما أقوى من أي وقت مضى. كانت علاقة مليئة بالتفاهم والتناغم، تنساب بينهما المشاعر كما لو أنها لغة خاصة لا يفهمها سواهما. كل لحظة قضياها معًا كانت تأكيدًا على عمق ارتباطهما، وعلى انسجام قلبيهما بطريقة يصعب وصفها.
ولهذا، قررا أن يكون الزواج هو الخطوة التالية في رحلتهما المشتركة. وبعد عام من خطبتهما، اتفقا على أن الوقت قد حان لتتويج هذا الحب العميق برابطة أبدية، لتبدأ حياتهما كزوجين بكل الشغف والتفاهم الذي يجمعهما.
🌹______❤️ بقلمي_ليلةعادل❤️________🌹
في قاعة الفرح الكبيرة الثامنة مساءً،
كانت الأضواء تلمع بألوانها الزاهية، وكل زاوية تحمل لمسة من الفخامة. الزهور تملأ المكان، والستائر الحريرية تتدلى برقة من السقف. كان هناك تنسيق مذهل بين الذهب والفضي، وجو من الرفاهية يملأ الأجواء. الضيوف كانوا يتدفقون من كل مكان، منهم مشاهير الفن والمجتمع، يبتسمون ويتبادلون الأحاديث، بينما الموسيقى الهادئة تعزف في الخلفية.
وكانت عائلة الراوي، حاضرة بكل قوتها وحضورها البارز. فايزة، كانت تجلس بثقة على مقعدها، تبدو أنيقة في ملابسها الفاخرة التي تعكس مكانتها الرفيعة. عزت، كان يقف بجانبها، مرتديًا بدلة راقية، يراقب الأجواء بحذر، ملابسهم الأنيقة كانت تظهر بقوة أن هذه العائلة تنتمي إلى عالم آخر، عالم من الثراء والسلطة.

سليم وماسة كانا موجودين أيضًا، وهما يتنقلان بين الضيوف بابتسامات رقيقة، بينما كانت عائلة ماسة تلتف حولهم في حرص، تعبيرًا عن فخرهم بهذه اللحظة. كانت الأجواء مليئة بالتشويق والانتظار.
فايزة لم تكن لتترك الفرصة تمر دون تعليق، قالت بلهجة ثابتة: انا مش متخيلة إن الرعاع دول حضروا الفرح.
صافيناز: طبعاً متوقعة، ما هي بقت صاحبتها جدًا.
عزت بانتقاد: أنتم مملين بجد.
منى بتهكم: الصراحة يا باشا، الهانم عندها حق، الخدم دول يحضروا فرح ياسين؟
رشدي ضاحكًا: متفكوكوا شوية وبطلوا ملل!
أكمل وهو يضحك بسخرية: بلاش شغل العواجيز ده، ولا عوانس الفرح! ….. ولا بيسموهم ايه دول؟ اللي طول الفرح يقعدوا يتريقوا على الناس؟ اسمهم إيه يا فيفي؟ يضحك.
فريدة وهي تضحك: مش عارفة، اسأل منى! بس أول مرة يبقى عندك حق.
منى: وأنا أعرف منين كلام البيئة ده؟
طه مقاطعًا: ركزوا في الفرح وبطلوا الكلام ده.
تنهدت فايزة بضجر.

على خشبة المسرح، كان ياسين وهبة يتبادلان
النظرات المليئة بالحب والسعادة. كانت هبة ترتدي فستان زفاف فاخر بتصميم عصري وأنيق، يجسد الأنوثة والجمال، بينما كان ياسين يظهر في بدلة سوداء أنيقة مع رباط عنق يكمل مظهره الملكي. كانت الأضواء تسلط عليهما، وكان الجميع ينظر إليهما بتأثر وإعجاب.
وفي تلك اللحظة، بدأ عرض الفيديوهات التي تم تحضيرها خصيصًا لهذا اليوم، حيث عرضت اللحظات الجميلة التي جمعتهما معًا، من أول لقاء لهما وحتى تلك اللحظة السحرية. الجميع كان يتفاعل مع الفيديوهات، بعضهم يمسح دمعة، وبعضهم يبتسم.
ثم جاء دور رقصة العريس والعروس، حيث بدأ ياسين وهبة رقصة مشتركة، والمحيطين بهم يصفقون ويشجعون. كانت الحركات ناعمة وراقصة، وكأنها تعبير عن الحب الكبير الذي جمع بين قلبيهما. الضيوف يرقصون معهم، وأضواء القاعة تتناغم مع الموسيقى.
ياسين وهو يتمايل وهبة بين احضانه قال بعشق: أوعدك إني من اللحظة دي هعيش بس عشان خاطر أسعدك وأعمل لك كل حاجة تخليكي مبسوطة
وأيامنا كلها هتكون سعادة فرح ونحقق احلامنا سوا
هبة: أنا متأكدة إن كل أيامنا هتكون سعادة وفرح عشان احنا بقينا مع بعض وبنحب بعض، أنا بموت فيك يا ياسين.
ياسين: وانا كمان بحبك قوي ضمها ولف بها بسعادة وفرح.
كان هذا الفرح ليس مجرد احتفال بالزواج، بل كان حلمًا تحقق، وعلاقة صادقة بين قلبين متصلين بحب لا يعرف الحدود.
وفي اليوم التالي، ذهب ياسين وهبة إلى برشلونة.

مظهر عام لمدينة برشلونة ، فهي مدينة تاريخية مليئة بالمعالم السياحية التي تروي قصص الماضي.
في صباح مشرق في برشلونة، كانت الشمس تشرق على البحر، والجو كان جميلًا للغاية. كان ياسين وهبة يمشيان معًا في شوارع لا رامبلا”، وكل شيء من حولهم كان مليئًا بالحركة، الناس كانوا يضحكون ويتحدثون، والهواء كان عليلًا، وكأنهم في عالم آخر.
كانت هبة ترتدي فستانًا خفيفًا بألوان زاهية، بينما كان ياسين يرتدي قميصًا أبيض وبنطلونًا، لكنه بدا في غاية الأناقة. كانا يبتسمان دائمًا وكأنهما لا يصدقان أنهما في هذا المكان.
وقف ياسين أمام كشك صغير: يلا جربي الشوكولاتة دي، سمعت إنها مشهورة هنا.
ابتسمت هبة: ماشي، أنا بحب الشوكولاتة، إن شاء الله تكون حلوة.
اشترى ياسين كوبين من الشوكولاتة الساخنة وقدم لها واحدًا: خدي، ده أجمل مشروب في برشلونة.
احتست هبة: ميرسي، طعمه جميل جدًا فعلا.
ياسين: تعالي نتمشى يا مزتي
وبعد أن انتهيا من الشوكولاتة، قررا التوجه إلى بارك غويل كان المكان مليئًا بالطبيعة والألوان، والمباني التي صممها غاودي كانت ذات شكل غريب وسحري. كانا يمشيان معًا وسط الأشجار والممرات الحجرية، فقالت هبة.
هبة وهي تنظر للطبيعة من حولها:المنظر هنا مش معقول! وكأننا في فيلم.

ياسين بنظرات عاشقه: وأنا جنبك، كل حاجة هنا بتبقى أجمل. حسيت إني في مكان مش زي أي مكان تاني. الدنيا دي فعلاً مش زي أي حاجة قبل كده وأنا معاكي
هبة بحب: وأنا كمان، مفيش حاجة زي اليوم ده. لو كل الأيام تبقى زي النهاردة، مش هحتاج حاجة تانية.
ياسين وهو ينظر داخل عينيها: أنا من زمان بحلم باللحظة دي، إننا نكون سوا في مكان زي ده، لوحدنا. وكل لحظة أقرب من التانية.
ضحكت هبة: وأنا كنت بحلم باللحظة دي، بس الحقيقة إنها أحلى بكتير من كل الأحلام اللي كنت شايفاها.
تبادلا النظرات بصمت وعشق واكملا سيرهما في حديقه
بعد أن مشيا في الحديقة قليلًا، قررا الجلوس على مقعد حجري في وسط الحديقة. مسك ياسين يدها: أنا مش عاوز اللحظة دي تخلص. نفسي اليوم ده يفضل مستمر طول العمر.
تبتسم هبه بخفة، عيونها تتأمل في عينيه: وأنا كمان، بس أكيد الحياة مش دايمًا هتكون زي النهاردة. لازم نعيش كل لحظة وكأنها آخر لحظة. ومهما مر الزمن، اللحظة دي هتفضل محفورة في قلبي.
نظر ياسين: طب لو الحياة مش هتكون زي النهاردة، خليني أعيش معاكِ كل يوم زي النهاردة. معاكِ بس، معاكِ في كل مكان.
هبة تبتسم برقة: طول ما إحنا سوا أنا متأكدة. بقولك إيه يا ياسين؟ كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع. إحنا أول ما نرجع، هنروح القصر ولا هنروح على فيلتنا؟

ياسين ينظر إليها بحب وتفهم: زي ما تحبي، اللي أنت عايزاه أنا معاكي فيه.
عدلت هبة من جلستها، فكرت قليلًا ثم ردت بجدية: بص بصراحة، أنا حابة نكون في القصر لما تكون ماسة وسليم موجودين، غير كده لا.
ياسين يفكر قليلًا ثم يقول بعقلانية: بصي، أنا معنديش مانع، انا حابب تكون لينا حياتنا بعيده عن القصر، بس انا عايزك ما تربطيش حياتنا بحياة ماسة وسليم، عشان حياتهم شويه غريبة وليها وضع خاص، يعني ماسة مش مقبولة زي ما أنت عارفة في القصر من ناحية ماما، لحد اللحظة دي مش قادرة تتقبلها. لكن أنت حاجة تانية.
هبة: طب ما أنا زيها، أنا بحس إن الهانم مش حباني.
ياسين متعجباً: ليه بتقولي كده؟
هبة رفعت كتفها لأعلى: ما أعرفش، هي ما قالتهاش، بس أنا حاسة إن عينيها بتقول كده.
ياسين يتنهد بهدوء قال بعقلانية: لا خالص صدقيني هي بتحبك انتي لسه معرفتهاش كويس عشان تصدري أحكامك، بصي، إحنا هنرجع القصر، ولو ما عجبكيش نروح الفيلا. بس زي ما قلت لك، ما تربطيش تواجد ماسة وسليم بحياتنا.
هبة: تمام. بس جميلة برشلونة، كويس إني ما رحتهاش قبل كده، ورحتها معاك.
ياسين تبسم بحب: أنا برضه ما زرتش برشلونة قبل كده، وعد مني، كل فترة هأخدك وهوريكي بلاد ما كنتش سافرتيها قبل كده.
هبة: موافقع، أنا اصلا ما سافرتش بلاد كتير، يعني سافرت لندن وكندا وأبوظبي، روحت مراكش في المغرب بس.

ياسين رفع حاجبه متعجباً: بس كده؟ لا، ده إحنا هنلف العالم مع بعض، خصوصًا تركيا
هبة تضحك برقة، عينيها تشع سعادة والحماس: وأنا موافقة
بعد قضاء ياسين وهبة شهر العسل في برشلونة، مدينة السحر والجمال، عادوا إلى مصر، وكانت أيامهم مليئة بالسعادة والحب. ومع مرور الوقت، كانت حياتهم معًا تسير في تناغم وجمال، لكن هبة بدأت تشعر بالغربة في القصر. هي لم تكن معتادة على هذه الحياة؛ في منزلها كان التواصل والحميمية جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، حيث كانوا جميعًا يحبون بعضهم البعض ويعيشون في جو من الود والتقارب. أما في القصر، فلم يكن هناك أي من هذه الروابط؛ كل فرد يعيش في عالمه الخاص، وهو ما جعل هبة تشعر بالعزلة رغم أنهم في نفس المكان. بالطبع، كانت ماسة وفريدة هما الأقرب إليها، لكن الغربة داخل القصر بدأت تؤثر عليها.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩
قصر الراوي العاشرة صباحاً.
جناح سليم وماسة.
كانت هبة تجلس على الأريكة، بينما كانت ماسة جالسة بجانبها تتبادلان الأحاديث.
هبة بلهجة متعبة بحيرة وهي تتحسس راقبتها: حاسة إني مش مرتاحة. مفيش حاجة واضحة، بس في حاجه غلط، مش قادرة أفهمها.
ماسة بدهشة: هو في حد بيضايقك؟

هبة تهز رأسها بلا: لا خالص. بالعكس، كل واحد في حاله. بنشوف بعض صدفة مش قادرة أشرح، حاسة بالخنقة، في حاجة غريبة. مود مش حلو هو انتي مش حاسة بنفس إللي أنا حساه يا ماسة.
ماسة تبتسم بحزن: مش عارفة، أصلاً أنا أغلب وقتي زي ما أنتي عارفة، يا عند ماما يا في فيلتنا، مش بقعد هنا كتير. بآجي بس عشانك والله.
هبةبصوت منخفض: وأنا كمان… بس أنا زعلانة منك يا ماسة. إنتي ضحكتي عليا.
ماسة مستغربة: ضحكت عليكي في إيه؟
هبة بحزن: قلتي لي إن فايزة هانم حد كويس وجميل، بس أنا حاسة إنها ست “حادة” جدًا.
ماسة تبتسم بخجل: بصي،أنا قلتلك ده من وجهة نظري وتعاملي معاها.
هبه باعتراض: من وجهة نظرك ايه يا ماسة؟ دي بتعاملك من مناخيرها، أو مافيش معاملة أصلاً. أنا ما شفتهاش مرة حتى بتقولك صباح الخير، أو حتى كلمة عادية، ده و أنا قاعدة معاكي بتقول لي: “صباح الخير يا هبة ما بتقولش “صباح الخير يا ماسة وبتتجاهلك.
نظرت ماسة إليها بتفهم: يا ستي، عادي. أنا اتعودت. سيبك مني، إنتِ متضايقة منها ليه؟
هبة بتنهيد وعدم راحة: ماعرفش، بحسها جامدة كده، هو ما حصلش بينا حوار، بس مش عارفة ليه مش قادره احبها قلبي مقفول منها، ومنى دي؟ يا نهار أبيض، فظيعة! وصافيناز وعماد يا ستار عليهم… قلبي مش مرتاح لهم ولا رشدي حاجة مالهاش وصف، حقيقي؟!، أحسن ناس هنا هما سليم وطه وإبراهيم وفريدة، وطبعًا إنتِ، حتى طة برضو، نص نص، عشان بتاع مراته اوي! وأنا محبش الراجل اللي من نوع ده حتى لو طيب.

ماسة: طب والحل هتعملي ايه؟!
هبة تبتسم بحزن: مش عارفة، هقلل أكيد من تواجدي هنا، وياسين مش هيقول أي حاجة، أنا حاسة إني في مكان غريب؟ مش عارفة، الحياة هنا مش نفس اللي تعودت عليها.
تنهدت ماسة بينما كانت تحاول أن تجد الكلمات التي تُريح هبة. لم تعرف ماذا تقول، لكن كان واضحًا أن هناك شيئًا ما يثقل قلب صديقتها.
ماسة: أنا الفترة الجاية مش هكون هنا عشان عندي
امتحانات عشان داخلة الثانوي ادعي لي أنجح.
هبه: ربنا معاكي يا حبيبتي خلاص لما ترجعي تاني يبقى نرجع سوا ونخرج بقى وتكون داليدا رجعت من لندن.
ماسة: اتفقنا.
وخلال تلك الفترة، كانت علاقة هبة وفايزة متوترة دائمًا ومليئة بالصدمات. لم تستطع هبة الانسجام مع أفراد القصر، خاصة مع فايزة، التي كانت تعارض بشدة علاقة هبة بماسة.
في فيلا عائلة ماسة الواحدة مساءً
كانت سلوى تجلس في الحديقة، محاطة بالخضرة والنباتات، تغرق في قراءة أحد الكتب. بعد قليل، اقتربت ماسة منها بابتسامة كبيرة، ثم قامت بعناقها بحب.
ماسة بحب: حبي، عاملة إيه؟

سلوى تبتسم بسعادة: الحمد لله يا مسموسة، أخبارك إيه؟ مبروك!
ماسة بابتسامة عريضة: مبروك لينا إحنا الاتنين! ماما فين؟
سلوى بنظرة موجهة ناحية الفيلا: ماما جوه.
ماسة تبتسم: طب أنا هروح أسلم عليها، وهأجي أقعد معاكي.
بينما كانت ماسة تتجه نحو المنزل، كان مكي يقف بعيدًا عنهم قليلاً، يراقب المشهد بابتسامة خفيفة على وجهه. كان نظره موجهًا نحو سلوى وماسة، لكنه ظل صامتًا.
ماسة وهي تلتفت إلى مكي: مكي، خلاص، امشي إنت، سليم هياخدني بالليل.
مكي بابتسامة هادئة: تمام.
تبادل مكي وسلوى نظرة خاطفة، كانت سلوى قد لاحظت نظرته لكنها لم تهتم. بدلاً من ذلك، جلست بسرعة مرة أخرى، وواصلت قراءة كتابها. بينما كان مكي يقف قليلاً، مترددًا، ثم اقترب منها قائلاً بحذر.
مكي بصوت هادئ: مبروك.
سلوى بتردد، دون النظر إليه مباشرة: الله يبارك فيك.
ظلت سلوى تركز ف قراءتها، بينما كانت نبرة مكي تعكس قليلًا من التردد، لكن سلوى لم تعره أي اهتمام، مسح مكي على وجهه بتحرك متسارع نحو السيارة، قبل أن يخطف نظرة مشتاقة نحو سلوى، ثم يرحل.

مكي وهو يجلس في السيارة، يتحدث بنبرة مليئة بالتفكير: قربنا أوي… كلها ٣ سنين أو ٤
نظر إلى الطريق أمامه، وكأن الكلمات التي قالها تملأ عقله بأفكار متعددة، بينما استمر في قيادة السيارة وهو يفكر في المستقبل بإبتسامة مشرقة
في قصر الراوي – الحديقة
كانت الحديقة مليئة بالألوان والحياة. جلست هبة وماسة معًا وسط الطبيعة، يتبادلان الضحكات والأحاديث الدافئة. استعرضتا أزياء من مجلات الموضة وشاركتا لحظات من السعادة الخالصة، ومن الشرفة العلوية، كانت فايزة تراقبهما بصمت، بعينين تحملان مزيجًا من الضيق والاستياء.
حين لاحظت فايزة ماسة تغادر الحديقة متجهة نحو الداخل، قررت النزول بخطوات ثابتة هبطت السلم حتى وصلت إلى الحديقة وجلست بجوار هبة التي كانت لا تزال مبتسمة.
فايزة وهي تحرك يديها بتململ: أمال ماسة فين؟
هبة: راحت تعملنا جيلي.
ضحكت فايزة ضحكة تحمل معاني خفية، ثم قالت بسخرية واضحة: أنا مش قادرة أفهم… لحد إمتى هتفضل كده؟
هبة بتعجب: سوري، مش فاهمة.
فايزة بتنهيدة: يعني مش قادرة تنسى أصلها.مع إنّ فات حوالي ٣ سنين على جوازها من سليم. ولسه مش قادرة تسيب وراها الماضي القذر بتاعها… مطبخها الحقير اللي خرجت منه.

هبة بهدوء لكن بحزم: أنا مش شايفة إن فيها أي مشكلة خالص إنها تعمل بإيديها جيلي أو أي حاجة يعني! وأنا شخصيًا أحيانًا بعمل أكل لياسين، اللي أنا بعرف أعمله. إحساس إنك تعملي حاجة بإيديك لجوزك أو لأي حد بتحبيه ده شيء جميل جدًا. حضرتك يمكن ما جربتهوش، لكن لو جربتيه مرة، حتى لو حاجة بسيطة زي تقطيع خيار لشخص بتحبيه، هتحسي بالسعادة.
فايزة ببرود: يمكن أحس بسعادة وأنا بعمل حاجات تانية كتير. كل واحد لازم يعمل شغلانته، مش كده؟
هبة بعقلانية: حضرتك حرة، لكن أنا برضه مش شايفة، أن في أي حاجة غلط في اللي ماسة بتعمله. هو يعني ما حصلش قبل كده إن أي حد من بناتك أو حتى منى عملت حاجة لجوزها؟ لو ده ما حصلش، يبقى فيه مشكلة حقيقية.
فايزة بحدة: أنا شايفة يا هبة إنك قربتي اوي من ماسة مؤخرًا. هي مش من سنك، ولا من طبقتك، ولا حتى شبهك عشان تكونوا قريبين بالشكل ده.
هبة بدهشة: أنا مش فاهمة، إيه المشكلة لما أقرب من ماسة؟
فايزة بحدة: قلت لك، هي مش من سنك.
هبة بثقة: بصراحة، ده شيء يخصني لوحدي. أنا كبيرة كفاية وعندي وعي كافي عشان أختار أصدقائي. أهلي مربيني كويس ومديني حرية اختيار علاقاتي، والحمد لله لحد النهارده اختياراتي سليمة.
فايزة بلهجة صارمة: بس المرة دي، أعتقد إنك غلطتي.
هبة بهدوء: ده رأيك، لكن من وجهة نظري أنا ما غلطتش. ماسة مرات ابن حضرتك. المفروض ما يبقاش ده موقفك منها.

فايزة بانفعال: هو أنا اللي هتعلم منك إيه اللي ينفع وإيه اللي ما ينفعش؟
هبة بثبات: لا طبعًا، لكن بما إنك سمحتي لنفسك تتدخلي في اختياري لأصدقائي، يبقى ليّ الحق أتدخل وأقول رأيي في طريقة معاملتك لماسة.
فايزة بحزم: هبة، ما تنسيش نفسك.
هبة تنظر إليها بثبات وتنهض: أنا ما نسيتش نفسي يا هانم. بعد إذنك.
نظرت لها فايزة وهي تجز على أسنانها، توقفت على أمل أنها تحاول أن تأخذ حقها من هبة.
فايزة: ممكن أعرف بقى هتفضلي لحد إمتى حارمة ابني من الخلفة؟ إنتِ داخلة على سنة.
توقفت هبة وهي تحاول الثبات وإمساك نفسها لكي لا تقوم بتوبيخ فايزة، ثم التفتت بابتسامة وقالت:
دي برضه حاجة تخصني أنا.
أنا وياسين مقررين ده من قبل ما نتجوز وهو وافق. لو في عنده مشكلة في الموضوع ده أظن لازم يكلمني. ومادام هو ما كلمنيش يبقى ما عندوش مشكلة،
حاولت فايزة استفزازها: بس انتي بقى عندك 23 سنة هتفكري تجيبي طفل امتى هو من حقه يكون له ابن، أنا خلفت طه وأنا عندي ١٨.
هبة: والله لما أحس نفسي اني قد المسؤولية دي أكيد هجيب، وبعدين أنا عندي 23 سنة مش 53 سنة أنا اللي قدي لسه ما ارتبطوش أصلاً وبعدين أنا مستحيل أخلي الدادة هي اللي تربي ولادي مش واخدة على كده، بعد اذنك بقى.
غادرت هبة الحديقة بخطوات ثابتة، تاركة فايزة تجلس بمفردها، تفكر في كلماتها التي أصابتها بالغل

قالت فايزة: حقيرة إنتي كمان طلعتي حقيرة.
في غرفة نوم هبة وياسين
كانت هبة تجلس على السرير وتبدو متضايقة. يدخل ياسين الغرفة ويلاحظ تعابير وجهها.
ياسين مستغربًا: إيه اللي حصل؟ ليه متضايقة كده؟
هبة بتنهد: ماعرفش والدتك مش حباني ليه على طول جافة جدًا معايا.
ياسين مستغربًا: جافة؟ إزاي؟؛
هبة بغضب: مش عارفة هي ليه متضايقة من علاقتي بماسة، مش فاهمة دي حياتي وأنا حرة أختار علاقاتي وأعمل اللي أنا عايزاه.
جلس ياسين بجانبها: وبعدين؟
هبة بتنهد: كمان اتدخلت في موضوع الحمل، وقالت لي ليه مأجلاه؟ وأنا جاوبتها أنا وأنت متفقين على الموضوع ده من قبل ما نتجوز، ولما يجي الوقت المناسب أكيد هفكر أجيب بيبي لأني أنا اللي هربي، وهشيل المسؤولية وأنا دلوقتي مشغولة في دراستي.
ياسين محاولًا الفهم: وبعدين
هبةبغضب: وقالت لي إنتي كبيرة وعندك 23 سنة، ولازم تفكري في الإنجاب. وأنا جاوبتها إني مش جاهزة.
ياسين: وقالت إيه تاني؟

هبة بتنهد: قالت لي إنها نفسها تفرح بأولادك، واني أبطل الدلع بتاعي ده وإنها خلفتكم وهي لسه يا دوبك ١٨ سنة وبرده قعدت تاني فتحت موضوع ماسه إنتي ليه مصاحباها أوي هي مش سنك ومش زيك، بصراحة أنا كنت هقول لها وانتي مالك بس مسكت نفسي بالعافيه احتراماً ليك، قلت لها طب بعد إذنك ومشيت
ياسين حاولًا تهدئتها قال بعقلانية: طيب، مش لازم تاخدي الكلام ده على أعصابك، الكلام عادي جداً كل أم بتقوله لمرات ابنها وأكيد والدتك كمان بتقول لك هاتي ولد او بنت نفسي أشوف أحفاد والا أنا غلطان.
هبة بحزن: حاسة بجد إن خصوصيتي هنا منهكة.
وأن والدتك فعلاً كرهاني خصوصا لما بتشوفني قاعدة مع ماسة بيركبها عفريت.
ياسين بحنو: هبة خصوصية ايه اللي منهكة، ماما مش بتتدخل في حياة حد. احنا عيلة شبه مفككة، عايشين مع بعض لكن كل واحد في حياته الخاصة.
هبة بضيق: يعني أنا بكذب عليك.
ياسين بهدوء: لا أنا بس بفهمك ان الموضوع ما لوش أي علاقة انها بتنتهك خصوصيتك، صدقيني يا هبة، في موضوع ماسة أنا معاكِ تمامًا، لكن في موضوع الحمل، هي كانت بتقول لكِ كده عشان نفسها تفرح بابني زي ما قالت لك وإن كل اخواتي خلفوا على طول.
هبة متنهدة: مش قادره أتحمل كده بجد مامتك أنا مش قادرة أستوعبها، أنا مش هقول لك انها مش كويسة معايا بس فيها حاجة كده مش مخلية بينا في كيميا، كمان قصركم ده على قد ما هو كبير على قد ما هو بجد غريب ويخنق،، أنا دلوقتي عرفت ليه ماسة ما بتحبش تقعد هنا.

ياسين بابتسامة خفيفة: طب يلا، لو حابة نروح نقعد في الفيلا بتاعتنا؟
هبة بتنهيدة: آه، نفسي بجد نروح.
ياسين بابتسامة رقيقة:حاضر، يا ستي نروح، على فكرة إنتي اللي بتجيبيني هنا.
هبة: أنا وماسة متفقين لما تبقى هنا أنا ببقى موجودة.
ياسين بمهاودة: حاضر وأنا هكلم ماما إنها ملهاش علاقة بيكي اجهزي لحد ماجي..
جناح فايزة وعزت
عزت جالس على الأريكة بجانب فايزة، بينما ياسين يجلس على المقعد المقابل، ويبدو عليه الضيق.
ياسين: بصوت حازم، محاولاً الحفاظ على هدوئه ماما، لو سمحت، ما لكِيش علاقة بهبة تاني ولا بعلاقتها بماسة، ولا بموضوع الخلفة بعد إذنك.
فايزة بغضب: يعني إيه؟ أنا اللي مفروض كنت أقولك لكن أنا ما رضيتش أعمل مشكلة وسكت، لكن راحت هي تشتكي لك؟دي طلعت بنت مش كويسة
قطب ياسين حاجبيه، ثم تحدث بنبرة جادة:
ماما لو سمحتي،بلاش الأسلوب ده ،إيه المشكلة لما تحكي لي حاجة ضايقتها؟ أمال تحكي لمين؟
فايزة باستفزاز: ما عندك ماسة ما بتقولش لسليم حاجة! رغم إنها مرت بالأسوأ منه بكتير
ياسين بحيرة: تصدقي، أنا مش فاهمك. أوقات تشكري في ماسة وأوقات تغلطي فيها. أنا بجد مش فاهمك.

عزت: هي والدتك كده. حكاية متاهة ملهاش آخر.
فايزة مقاطعة: قولتكم قبل كدة، أنا ما عنديش مشكلة مع ماسة غير أصلها الواطي. لو كانت زينا، ما كانش هيبقى عندي مشكلة، بلعكس كنت هكون داعمة ليها جدًا.
ياسين بهدوء: عموماً يا ست الحبايب؟ ده مش موضوعنا، لو سمحتِ ما تتكلميش مع هبة تاني،. أنا بحب ماسة، وما عنديش مشكلة أبدًا إن مراتي تكون صديقتها المقربة. أنا مش زي حضرتك ببص للناس من أصلهم، يهمني الأخلاق…
وموضوع الخلفة. ده قراري، وأنا مش عايز أخلف دلوقتي…
بعدين حضرتك من إمتى بتتدخلي في خصوصياتنا؟
فايزة بغضب: أنا ما اتدخلتش في خصوصياتك.
عزت محاولًا التخفيف: ياسين، فايزة ما غلطتش لما اتكلمت مع هبة في موضوع الخلفة، هي من حقها تتكلم معاها مادام بتكلمها بكل هدوء وبكل احترام، وانت عارف والدتك وأسلوبها هبه بس حساسه شوية؟!
أما موضوع ماسة، مش هقدر أقول لك حاجة فيه. أنا تعبت، وكلنا زهقنا.. فخلي هبة تتعلم أنها تسمع من هنا وتخرج من نفس الودن، فايزة. هتفضل طول عمرها كده، نفس الكلام الممل ما بيتغيرش، هي ما بتزهقش.
فايزة متعجبه نظرت له: ايه كلام اللي بتقوله ده يا عزت؟! انت سامع نفسك؟؛

عزت: بقول الحقيقه أنتى موقفك من ماسة مستحيل يتغير بعرف ابنك ومراته طريقه التعامل
ياسين: فعلا هعمل كدة.
فايزة تنظر من أعلى لأسفل لياسين: بقيت زي أخوك بالظبط حاسة إني شايفة سليم قدامي
ياسين يتنهد: ممكن أفاجئك وتلاقيني أسوأ منه. عموماً، أنا قلت لحضرتك اللي عندي. بعد إذنك.
خرج ياسين وتوجه للخارج، تنظر فايزة لآثاره بغضب: ماشي يا هبة حاضر.
عزت بحدة: أنا مش هتكلم عشان أنا حقيقى تعبت منك.
وبالفعل، ذهب ياسين وهبة إلى فيلتها، ولم يعودا إلا بعد فترة. وفي ذلك الوقت، كانت ماسة قد عادت إلى القصر بعد انتهائها من امتحانات الصف الثالث الإعدادي.
بالطبع، ظلت الأحداث والعلاقات على حالها، بنفس التوتر، ونفس البعد، ونفس الجمود، وكأن الزمن توقف دون أن يجد أي فرصة للتغيير أو الإصلاح.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
بعد فترة)
قصر الراوي العاشرة صباحاً
المطبخ

نرى ماسة تقوم بعمل قالب كيك. ويظهر عليها السعادة وهي تعده.
وبعد قليل، قامت بتقطيع الكيك ووضعته في طبق بشكل مهندم مع فنجان القهوة وكوب من الماء.
خرجت من المطبخ، كانت صافيناز وفريدة في الهول مع عماد و طه.
ماسة: أنا عملت الكيك، اتفضلوا الطبق بتاعكم.
وضعته على الطاولة في منتصف الأنتريه، ثم تساءلت: فايزة هانم فين؟
صافيناز: في المكتب.
ماسة: أوكي، عن إذنكم، ازيك يا عماد؟
عماد: بخير، الحمد لله، بس أنتي داخلة لفايزة هانم عادي كدة؟!
ماسة هزت رأسها بإيجاب: اه ايه المشكلة؟!.
عماد: ما فيش مشكلة بس مستغربين يعني أول مرة؟!
ماسة: محتاجة أتكلم معاها شوية، يعني فات سنين أظن جه الوقت إني أتكلم معاها وخاصة إني بقيت قد المواجهة دلوقت.
طه: تمام فعلاً في لحظات فيها بيبقى محتاجين نبقى أقوياء عشان نعرف نكون قد المواجهة بالتوفيق يا ماسة.
تبسمت ماسة له، توجهت إلى المكتب، طرقت الباب الذي كان مفتوحًا وتوقفت في انتظار الإذن. سمعت صوت فايزة يرحب بها، دخلت بابتسامة لطيفة.

ماسة: فايزة هانم، عملت لكِ فنجان قهوة وكيك. أتمنى يعجبوكِ.
رفعت فايزة عينيها باستغراب: ده من نفسك كده؟
جلست ماسة على المقعد الأمامي للمكتب بحماس وسعادة.
ماسة بابتسامة ورقي: بصراحة، أهاا أنا عندي علم ان حضرتك بتحبي الكيك بالشوكولاته وبتحبي تشربي معاه قهوة سادة، فحبيت أعملهم لكِ بإيديا وأتكلم مع حضرتك شوية لو ممكن.
فايزة التي كانت تراقبها من أعلى لأسفل، وهي تتحرك في مقعدها يميناً ويساراً حاولت أن تستنبط منها ما تريده، ثم تحدثت بلهجة استعلائية، وخنافة: قولي، أنا سامعاكي.
أخذت ماسة نفسًا عميقًا وهي تركز في ملامح وجهها، محاولة إيجاد طريقة للتواصل مع فايزة.
متسة بعقلانية ممزوج بنبرة مليئه بالعاطفة: أنا عارفة إن الكلام اللي هقوله كان المفروض أقوله من زمان، من وقت ما دخلت القصر من أكثر من سنة تقريبًا، بس كنت بخاف ومترددة دايمًا… أنا عارفة إنكم استقبلتوني بشكل لطيف ومحترم، وعمري ما حد فيكم حاول يضايقني! بس برضه، أنا حاسة إن الموضوع لحد دلوقتي مش مقبول..
أنا فاهمة إننا مش متساويين، أو مش في نفس المستوى. أنا مش متعلمة زيكم، ولا بتكلم زيكم، ولا بفهم زيكم. في بينا مسافات وفجوات كتير، بس صدقيني، أنا اتغيرت كتير، حضرتك مكنتيش بتتكلمي معايا لما كنتي بتيجي عند منصور، إنما ياسين وفريدة كانوا بيتكلموا معايا أكتر، فاعتقد إنهم حسوا بالفرق الكبير بين ماسة القديمة وماسة دلوقتي..

دققت النظر في ملامح وجهها برجاء:
أنا نفسي في فرصة بس تكون من القلب تكون حقيقية مش مظهر وخلاص، صدقيني أنا نفسي نكون عيلة حقيقية.
نهضت ماسة، وحاولت أن تبين لها مدى التغيير الذي طرأ عليها اضافت وهي تمرر يدها على جسدها:
بصي كده، بقيت إزاي؟ شوفي طريقة كلامي، قعدتي. أنا حتى شاطرة في التعليم ودلوقتي داخلة أولي ثانوي.
جلست بزاوية ووجهت نظرها إليها، تحاول كسب تعاطفها وتغيير وجهة نظرها:
صدقيني، أنا بحب سليم جدًا وهو كمان بيحبني جدًا. جوازنا بقى أمر واقع، وأعتقد إنه من الأفضل إننا نصلح الحاضر، لأننا لو فضلنا نبص للماضي، مش هنتحرك خطوة لقدام، جربيني، ربينى من أول وجديد كأني بنتك وعلميني وخليني بالشكل المرضي ليكي، وأنا بتعلم بسرعة وشاطرة فبلاش البعد ..
(أضافت بنبرة حزينه بعين ترقرق بدموع: سليم يستاهل يكون ليه عائلة كبيرة حقيقية مش مظهر وبس ..
قلبه اللي حبني مش بادإيده عاقبتوه كتير كفاية ..
يمكن قصادكم بيتظاهر بإنه مش فارق معاه!
بس صدقيني هي فارقة معه، إنتي مامته وأكيد فاهمة وحاسة بيه ..
لحد امتى هتفضلوا معاقبينه؟ على حاجة مش بايديه! صدقيني مكنش بايده إنه حبني واختارني.
استمعت فايزة لها بإعجاب، وقد لاحظت التغيير الكبير في ماسة. لأول مرة، اقتربت منها بهذا الشكل بعد كل هذه السنوات ويحدث بينهم ذلك الحوار العميق الذي كان لابد ان يحدث من فترة.

فايزة وهي تمد وجهها بإعجاب: إنتِي طلعتِ بنت هايلة يا ماسة، مبهرة، حقيقي مبهرة. تخيلي إني كان المفروض أقعد معاكي القاعده دي، من أول ما دخلتِ القصر. بقالك هنا سنة و11 شهر بالظبط ولسه ما قعدناش مع بعض. عجبني كلامك، وهرد عليكِ.
عدلت من جلستها، نظرت إليها بعقلانية وقالت بنبرة مليئه بالعمليه ليس بها اي نوع من العاطفه:
خلينا نتكلم بصراحة، أنا مش هقدر أتقبلك 100% زي ما أنتي عايزة، يعني مش هبقى زي الأم اللي بتحب زوجة ابنها من أول لحظة، يبقى في بينا جو اسري وود والكلام ده، لكن ممكن أوعدك إني هحاول… يمكن المحاولة تنجح، ويمكن تفشل! وانتِ بقى حاولي تبذلي جهدك، لأن فيكي لسة شوية رتوش من ماسة القديمة، ما تغيرتيش 100%
لكن اللي ممكن أوعدك بيه، وده عشان سليم بس، إني هحاول أتعامل معاكي بشكل أفضل. هقلل من الحدود شوية، لكن أكتر من كده، ما تحلميش يا ماسة ..
مررت عينيها عليها بتكبر: من غير زعل وبصراحه اكتر إنتي هتفضلي بالنسبه لي ماسة بنت سعدية الخدامه ومجاهد الفلاح والمطبخ هو مكانكم الطبيعي مش القصر، بس زي ما قلتلك هخلي فيه شويه تعامل ما بينا بسيط وده عشان خاطر عيون سليم.
ماسة بثقة، تنظر لها بعينيها المملوءتين بالعزم:
لكن أنا هخليك تحبيني وتقبلي بيَّ، و الرتوش البسيطة اللي بتتكلمي عنها، أنا هغيرها. هبقى شخص تاني، مش هتعرفيني، وأوعدك إنك هتشوفي فيَّا مرات سليم عزت الراوي، وفايزة هانم إن شاء الله.. أتمنى القهوة والكيك يعجبك. عن إذنك
نهضت ماسة وتقدمت بعض الخطوات نحو الباب، لكنها توقفت فجأة واستدارت، عيونها مليئة بالدموع والألم.

ماسة بوجع في قلبها:
على فكرة، أنا مش ذنبي إنه حبني واتجوزني، رغم كل البنات اللي شافهم، واللي أكيد أفضل مني.
ومش ذنبي كمان إن ربنا خلقني فقيرة، بنت راجل فلاح بسيط، وست بسيطة اشتغلت خادمة في البيوت عشان تساعد جوزها…
مش ذنبي إن أبويا ما قدرش يعلمني بسبب الفقر، واضطر يشغلنا من وإحنا صغيرين في البيوت علشان نقدر ناكل…
كل الحاجات اللي أنا بقولك عليها مش ذنبي !
دي حاجات مكتوبالي ومحدش بيقدر يغير المكتوب .. بس في حاجة الإنسان ممكن يغيرها زي التعليم أنا محطيتش ايدي على خدي واستكفيت زي ناس تانية ! لا.. أنا عايزة اتعلم عايزة أطور من نفسي .. واعتقد نجحت ولسه كمان هنجح ..
مش عيب يا هانم إن الإنسان يتولد فقير ،
بس العيب إنه يرضى بالفقر وما يحاولش يحسن من نفسه .. ولا عيب إن الإنسان ظروفه تخليه يبقى جاهل بس العيب إنه ميطورش من نفسه وميحولش و يسعى إنه يتعلم حتى لو أخذ في التعليم ده سنين .. بس المهم في الآخر يوصل لمراده ..صدقيني أنا فكرت كتير قبل ما أتكلم مع حضرتك الكلام ده، أنا عارفه إنهم كانوا سنة و11 شهر وكلها شهر بالظبط وهكمل ٣ سنين على جوازي من سليم، بس حسيت إنه مينفعش أفضل ساكتة وقافلة على نفسي، وقاعدة في الاوضة، وحاطة حدود وخايفة.. مش منطق .. كان لازم حد فينا ياخد الخطوة دي ولأني متأكدة إنها عمرها ماتيجي منكم أنا أخذتها .. ومش فارق معايا أي حاجة… أنا خلاص بقيت مرات سليم فلازم بقى تبدأوا تقتنعوا بالشيء ده ، لأنه صعب يتغير حاولوا تحبوني وتتقبلوني على الأقل عشان خاطر ابنكم يبقى سعيد.. بعد إذنك يا هانم.

قالت ماسة اخر كلمتها تلك بقوه وسيطره
ثم خرجت ماسة، ودموعها تغرق عينيها في صمت.
بينما فايزة تبسمت في هدوء: إنتِ حكايه يا ماسة. مش سهلة، ولا ساذجة زي ما كنا فاكرين. لكن حظك إن عزت اتخذ القرار، ومستحيل يرجع فيه. وأنا مش هقدر أقلل من نفسي وأرجع ألعب معاكِ زي الأول. المهم إنك بعيدة عني، والباقي مش مهم.”
💕_________بقلمي_ليلة عادل________💕
بعد مرور شهر قبل عيد الميلاد وزواج سليم وماسة بيوم
فيلا سليم – الحديقة الثانية مساءً
نشاهد ماسة تجلس في الحديقة على الأرجوحة تقرأ إحدى المجلات، وكانت ترتدي فستانًا ورديًا ذو حمالات رفيعة وقصير، وكان نصف شعرها على شكل ضفيرة بشكل تاج، بينما تركت باقي شعرها منسدلًا خلف ظهرها. وزينت الفستان ببعض الإكسسوارات، ولم تضع كعادتها أي مستحضرات تجميل، فهي لا تحتاج إليها. هي جميلة وملكة في ذلك الثوب الوردي الذي دائمًا تحب أن ترتديه ويظهرها بجاذبية وطلة ساحرة. كان شعاع الشمس ساقطًا على تلك الخرزتين الزرقاوين اللتين تمتاز بهما عيناها، مما جعلهما يشعان جمالًا.
(ننتبه بعد مرور العامين أن ملامح ماسة تغيرت نوعًا ما؛ فقد زاد طولها وتبدلت معالم أنوثتها، فأصبحت شابة جميلة وليست تلك الطفلة المراهقة)
بعد دقائق، دخل سليم من الباب الزجاجي للفيلا، وهو يرتدي بدلته السوداء. وعندما وقعت عيناه عليها، بدأ يمرر نظره عليها من أعلى لأسفل بإعجاب شديد، فعلى الرغم من مرور سنوات على زواجهما، إلا أنه ما زال مبهورًا ومفتونًا بها بشدة. وعندما يراها تجلس هكذا، تخطف نظره رغما عنه، مما يجعل قلبه يدق كسمفونية عاشقة، ويذهب عقله إلى مكان آخر لا يعرف طريق العودة منه.

أخرج سليم أنفاسًا ساخنة بعشقها الهوسي الذي يزداد يومًا بعد يوم، واقترب منها قائلاً بنبرة تتلألأ كالعصافير العاشقة:
سليم بابتسامة جذابة: ماستي الحلوة.
وعندما استمعت ماسة لصوته، ارتسمت على وجنتيها ابتسامة عريضة مشرقة، التفتت برأسها في زاويته وهو يقترب منها، وعينيها تتحركان بعشق مع كل خطوة يخطوها نحوها حتى توقف أمامها.
سليم بشوق: وحشتيني يا قطعة السكر.
مدت ماسة يدها وأمسكت كفه وقالت بنبرة عاشقة ومشتاقة:
ماسة: إنت كمان وحشتني أوي يا كراميل.
أحنّى سليم ظهره قليلاً نحوها وقبلها بعشق على وجنتيها.
جلس بجانبها وهو يمسك يديها وينظر إليها بتحديق، وعيناه لا ترمش بعشق، بطريقة جعلتها ترتعش من تلك النظرة العاشقة المغلفة بالإعجاب والغزل الشديد. جعل قلبها يدق وأنفاسها تتسارع حتى احمرت وجنتاها. هبطت عيناها لأسفل بخجل في محاولة منها لتعود إلى صوابها.
ماسة بتلعثم وخجل: مش هتبطل تبصلي كده؟
سليم بغزل وعشق وهو يحدق بها: مستحيل أبطل أبصلك كده. (وضع يده فوق قلبها) لسة قلبك بيدق بسرعة، وبتتوهي والكلام بيروح منك كل ما أبصلك كده.
رفعت ماسة عينيها نحوه وهي تهز رأسها بنعم: طب أعمل إيه؟ أصلك مابتشوفش نفسك بتبصلي إزاي؟ رغم إنه مر حوالي ثلاث سنين على جوازنا، بس لسة بحس بنفس الرعشة، ونفس الكهرباء، نفس الابتسامة اللي مش بعرف أوقفها طول ما أنا شايفاك وطول ما إنت بتبصلي كده.

سليم بوضع يده أسفل ذقنها ورفع وجهها نحوه: إنتي اللي حلوة أوي. أعمل لك إيه؟ وبعدين، ينفع كده؟
ماسة باستغراب: ينفع إيه؟
سليم بغزل وهو يمرر عينه على ملامحها: كل ما أروح الشغل، أرجع ألاقيكي حلوة كده؟ كل يوم بيمر بتحلوي أكتر…
مد يده وقرصها من خدها بمداعبة محببة أكمل: هاروح منك فين بعد كده؟ هتجنني أكتر ما أنا مجنون بيكي.
ماسة بابتسامة: أيوة، أنا عايزاك تتجنن بيا، زي ما أنا مجنونة بيك وبحبك.
سليم بجدية خفيفة: أنا كنت عايز أتكلم معاك في موضوع مهم، بس بتمنى إنك توافقين. هزعل أوي لو رفضتي.
ماسة بحب وهي تمسك يده: إنت أي حاجة بتقولها، أنا موافقة عليها.
سليم: بس لازم تعرفي الأول، وتفكري كويس، لإن بعد قرارك ده فيه حاجات كتير هتتغير لحد آخر العمر.
ماسة بثقة وهى تمسح بكفها على خده مرورا بشعره للخلف بعين عاشقة: حتى لو لحد آخر نفس. أي حاجة إنت بتقولها أو بتعملها، أنا موافقة عليها من غير ما أعرفها. أنا موافقة.
سليم بإصرار: بس أنا مصر إنك تعرفي الأول.
ماسة مبتسمة: قولي يا سيدي. طب ما تستنى تتغدى الأول بعدين تقول لي.
سليم برفض: لا، أنا حابب إنك تعرفي الأول.

أخذ أنفاسًا عميقة ونظر بتركيز في بحور عينيها، ثم قال بنبرة عاشقة:
سليم بجدية: تقبلي تتجوزيني وتعيشي باقي عمرك معايا لحد آخر نفس؟
نظرت له ماسة للحظة وهي تحاول استيعاب ما يقوله، فكانت ملامح سليم حينها صادقة جدًا، وجدية جدًا، كأنه يقولها بشكل حقيقي وليس مزاحًا. كان ينظر إليها بعينيه وهو ينتظر ردها حقًا، كأنها ليست زوجته ويتمنى أن توافق. وفجأة أخرجت ماسة ضحكة عالية مرحة دون رد.
سليم بجدية: ها، مردتيش؟
ماسة بتعجب وهي تضحك: أرد على إيه؟
سليم بجدية: موافقة تتجوزيني ولا لأ؟
ماسة وهي تمعن النظر فيه بتعجب: مالك يا سليم؟
سليم بجدية شديدة ووحدة خفيفة: مالك إنتي! ماتردي عليا وبطلي تضحكي. موافقة تتجوزيني ولا لأ؟
نظرت ماسة له وهي تضحك، ثم قالت بمزاح:
ماسة: لا…
وأكملت في ضحكتها المجلجلة بشكل أكبر.
زفر سليم بضيق ونظر إليها بتركيز أكبر باستفهام:

سليم بإستهجان: ماسة، بطلي ضحك. أنا بتكلم جد مش بهزر. موافقة تتجوز
ماسة وهي ما زالت تضحك: وانا قولتك لا.
سليم: طب ممكن أعرف مش موافقة تتجوزيني ليه؟
نظرت ماسة له وهي تحاول كتم ضحكتها على طريقة سليم الغريبة والجدية، والتي لم تفهمها.
ماسة: أصلي متجوزة… معلهش، جيت متأخرة.
ابتسم سليم بخفة: متجوزة مين؟ مين سعيد الحظ ده؟
حاولت ماسة مسك ضحكتها ومسايرته: متجوزة واحد زي القمر بعيون خضر، وبموت فيه.
ارتسمت على شفتي سليم نصف ابتسامة لطيفة وقال: كملي، عايز أعرف مواصفات سعيد الحظ إللي خطفك مني.
ماسة: ماشي، هقولك… هو طويل، شاب وسيم، والعيون خضراء زي البحر، وعنده روح مرحة دايمًا، ومليان حب. وبيموت فيا.
سليم ابتسم بشكل أوسع وقال: أنا بحسد سعيد الحظ ده! وكملي محتاج اعرف تفاصيله أكتر.
ماسة: ماشي هقول لك …
مررت عينيها في تفاصيل وجهه وملامحه بعشق، مدت أصابع يديها على خديه ومررتها على ذقنه وقالت بنبرة حالمة: عنده دقن حلوة أوي أوي…
مررت أصابعها على شفتيه وأكملت بهيام:

ولا شفايفه بتدوبني فيه كل ما أبصلها…
رفعت عينيها على عينيه وهي تمرر أصابع يديها عليها وأكملت بحب: ولا نظرات عينيه، يا روحي، عليهم… كل ما يبصولي كده، قلبي بيفضل يدق بسرعة، والكهربا بتمسك فيا ونفسي بينحاش…
مررت يدها على شعره بعشق، وأكملت:
ولا شعره… أوف أوف يجنن… ولا لما بياخدني في حضنه بحس إن أنا مش موجودة على الأرض، طايرة في السما. كل حاجة فيه تخليني أعشقه. هو أول حب في حياتي، (مسكت يده) أول واحد مسكت إيده، ودق له قلبي، وعرفت معاه معنى الحب، والرعشة اللي بتمسك في كل الجسم. (وهي تشير بأصابع يدها) عرفته وأنا قد كده (🤏) وكبرت معاه، مستحيل أحب حد غيره ولا قلبي يدق لغيره…
سحبت يدها من بين يديه وأكملت بجدية:
ماسة: معلش، طلبك مرفوض.
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة وقال بلطف:
سليم: يا بخته، كان نفسي تقبلي تتجوزيني. طب ماتجربي، والله أنا قمور وطيب وبعرف أحكي حواديت قبل النوم.
ماسة بمزاح لطيف: لا معلهش، بحب جوزي. يلا بقى هنرش ميه…
تبسم سليم وقال بجدية وحسم: خلاص بقى، بطلي هزار. تتجوزيني ولا لأ؟

ماسة بإستغراب:زإيه يا سليم مالك بس؟
سليم: مالي.
ماسة بإستهجان:وعمال تقولي كلام غريب وتتجوزيني وبتتكلم جد أوي، ومحسسني إننا مش متجوزين. وكمان بتزعقلي عشان بضحك على كلامك ده. إيه، شارب حاجة ولا مالك؟ ولا قلة الأكل تعبتك؟
سليم وهو يعقد حاجبيه بإستنكار: مين قال لك إن إحنا متجوزين؟
ماسة بإستغراب وهي تضيق عينيها: يعني إيه؟
سليم: يعني مين قالك إن إحنا متجوزين؟ جبتي منين الثقة دي؟
ماسة بصدمة: يعني إيه!! إحنا إيه مش متجوزين؟
سليم تبسم على طريقتها وقال: متجوزين بس فاضل حتة صغيرة كده.
ماسة وهي تهز رأسها وتنظر أمامها: أنا مش فاهمة حاجة.
سليم: فاضل أوراق الإثبات على جوازنا.
ماسة نظرت له: بس إحنا معانا أوراق إثبات.
سليم: بس مزورة، أنا عملت الأوراق دي بس علشان خاطر نعرف نسافر براحتنا، محدش يوجع دماغنا. (بغزل) وماستي الحلوة، دلوقتي هتكمل 18 سنة بكرة، فخلاص بقى نكتب الكتاب بشكل رسمي.

ماسة نظرت له، فهِي أخيرًا فهمت ما يقوله:
آه، قولتلي فهمت فهمت، يخربيت الهزار.
سليم: بعد ما فهمتي، موافقة تتجوزيني ولا لأ؟
ماسة بمرح: إنت مصر يعني!! طيب نلعب سوا.
نظرت له من أعلى لأسفل بابتسامة خبيثة وقالت:
ماسة: سيبني أفكر.
سليم: ماشي يا ستي فكري.
ماسة بمزاح: اتحايل عليا طيب شوية.
سليم تبسم وقال بمزاح ورجاء: بالله عليكي يا ماسة، توافقي تتجوزيني؟ عشان خاطري تتجوزيني، أنا طيب خالص، وغلبان، وبحبك وبموت فيكي، وهعملك كل حاجة نفسك فيها. وافقي وافقي.
ماسة تبسمت: هتجيبلي لايون بالكاتشب؟
سليم: هاجيبلك شركة لايون وتعملك شيبسي بالكاتشب ليكي مخصوص، بس وافقي.
ماسة: وهتصحى من النوم تعملي سندوتشات جبنة لما أجوع؟

سليم: هو أنا عمري رفضت؟ مش باصحى من النوم وأقولك حاضر وأروح أعملك السندوتشات من غير حرف؟ ها!!
هزت ماسة رأسها بنعم أكمل: طب إيه اللي هيخليني أبطل أعمل كده يعني؟ بس عموماً هريحك وأوعدك إني هفضل أصحى من أحلتها نومة وأعملك السندوتشات اللي إنتي عايزاها، بس لو أعلنت إفلاسي بسبب السهر، أوعى تسيبيني.
ماسة وهي تبتسم: مش هسيبك، بس أعملي السندوتشات ومعاها شاي بلبن.
تبسم سليم وهز رأسه بموافقة. أكملت ماسة: هاتسيبني أكمل تعليمي لحد لما أزهق وأقولك مش عايزة أكمل؟
سليم بتأكيد: طبعاً، وحتى لو زهقتي، هاجري وراكي وهخليك تكملي لحد ما تعملي الدكتوراه كمان.
ماسة بحب وعين اغرورقت بالدموع: وهتفضل تحبني لحد آخر لحظة؟
سليم بعشق ووعد: لحد آخر نفس.
ماسة: حتى لو أنا اتخانقت معاك وقلتلك إني بكرهك، مش عايزة أكمل معاك، طلقني، هتفضل تحبني وتتمسك بيا؟
هز سليم رأسه نعم بعين تملأها الدموع، وضع كفه على خدها بثقة ووعد: الموت هو الحاجة الوحيدة اللي هتفرق بيني وبينك.
ماسة بتأثر وشغف: بعد الشر عليك يا حبيبي، أوعدني إنك حتى لو أنا إللي طلبتها في لحظة غضب، مش هتسمعني وهتفضل متمسك بيا. مش هتسيبني أبداً مهما حصل، أوعدني.
سليم بحسم وبنبرة رجولية: والله العظيم ماهسيبك… أوعي إنتي إللي تسيبيني.

هزت ماسة رأسها بلا بحسم: مستحيل أموت قبل ما أعملها.
نظرت له من أعلى لأسفل وقالت بابتسامة ومزاح محبب: بصراحة، الإغراءات قوية أوي، وأنا اتغريت خلاص… موافقة.
نظر سليم لها قائلاً بابتسامة: مش محتاجة تفكري تاني؟ ولا في حاجة تانية عايزة تقوليها؟ القعدة دي مش هتتكرر تاني.
ماسة تبسمت وهي تضم كفها بكفه بشدة: لا خلاص، مفيش حاجة تانية. أهم حاجة إنك هتفضل معايا وتحبني لآخر العمر وبس.
تبسم لها بعشق وهو يركز النظر في تفاصيل وجهها بعشق لثواني. تنهد سليم وسحب يده من على وجهها وأدخل يده في جيب الجاكيت وأخرج من جيبه علبة قطيفة قائلاً: ماتقلقيش، المهم إنتي إللي أوعي تسيبيني في يوم من الأيام، لإن أنا مستحيل أعملها ولا حتى أفكر فيها.
فتح لها العلبة وأمسك يدها، بدأ في خلع الخاتم القديم وألبسها الخاتم الجديد…
كان شكله غريب وجميل جداً
(الخاتم الذي كانت ترتديه في الحلقات الأولى واللي فيه الحجر الكريم اللي لقاه في اول الحلقات وشالوا في الخزنه)
ماسة وهي تنظر للخاتم: الله يا سليم، ده شكله حلو أوي وغريب في نفس الوقت. عامل زي خواتم الفراعنة والملوك، تحسوا بينور… فخامة.
سليم: أنا إللي راسمه بإيدي.
ماسة: الخاتم إللي فات برده إنت إللي رسمه بإيدك.
سليم: بس ده أنا مقتبس فكرته من شكل خاتم تاني. مش أنا قلتلك إني بتاجر في الإنتيكات؟ أخدت الفكرة من حاجة تشبه له وظبطتها بطريقة حديثة ونفذتها.

نظرت ماسة للخاتم الذي بين أصابعها بإعجاب:
تسلم إيدك يا روح قلبي، يا أحلى كراميل في الدنيا.
فردت يدها وضمته بشدة… ضما بعضهما بقوة. قبلها سليم من خدها، أبتعد قليلاً وحاول تقبيلها من شفتيها لكنها أبعدت شفتيها عنه. نظر لها سليم بإستغراب وهو يرفع أحد حاجبيه؟
ردت ماسة على تلك النظرة: لما نتجوز.
سليم وهو يميل برأسه قليلاً: كده يا ماسة.
ماسة بمرح: آه، جنان بجنان لما نتجوز قانوني.
تبسم سليم: حبيت الفكرة. قبلها من أيدها… بكرة حضري نفسك عشان عملك مفاجأة.
ماسة: هتعمل إيه؟
سليم: سبيها مفاجأة.
ماسة وهي تضحك: هتطلب إيدى من بابا ولا إيه؟ هههه.
سليم مد يده وقرصها من خدها بمداعبة: أسمعي الكلام يا قطعة السكر وبطلي لماضة، بكرة هتعرفي.
تبسما لبعضهما بحب.

ماسة: طب هروح أحضر لنا الغداء.
هز سليم رأسه بنعم. نهضت ماسة وتحركت إلى الداخل. كان يراقبها سليم بعينه بابتسامة، ثم أخرج هاتفه وقام بعمل مكالمة.
سليم: ألو… إيه يا إسماعيل، ظبط كل حاجة تمام بعد العصر على ٤.. تمام. سلام. أغلق هاتفه وأخذ يفكر بشيء بسعادة.
💞_____________بقلمي_ليلة عادل
_ فيلا عائلة ماسة
– غرفة TV الرابعة مساءً
نرى مجاهد وسعدية يجلسان معًا ويتحدثان، وأكواب الشاي على الطاولة.
سعدية بعدم فهم: يعني هو قالك بكرة هيعملها فرح ولا إيه؟ أنا مش فاهمة.
مجاهد: فرح إيه يا وليا؟ هو هيجيبها ويجيب معاه مأذون والشهود ويكتب الكتاب وخلاص.
سعدية بإستغراب: يا سبحان الله، الواحد مش مصدق إنه عدَّى ٣سنين كده بسرعة.
أمسكت سعدية كوب الشاي وأعطته لمجاهد وهي تقول: بقولك إيه يا أبو عمار، سونا أم محمد، مرات عبده.
مجاهد وهو يحتسي الكوب بصوت: زمالها؟
سعدية: عايزة سلوى لمحمد، أخد الأصانص وتوظف، وبنى الشقة بتاعته.

مجاهد: وماله؟ محمد كويس وبيصلي، وعمره ما شرب سيجارة. نخلص موضوع ماسة ونشوف.
سعدية: بس تفتكر سليم هيوافق؟
مجاهد بإستغراب: سليم مالو؟
سعدية: مش جوز أختها؟ ومحمد ولا حاجة جنب سليم.
مجاهد بتهكم: لو فكرتي كده، بنتك هتقعد جنبك، تفتكري إن اللي زي سليم يتعوض؟ ده مرة في العمر.
سعدية: يمكن البت لما تدخل جامعة تاخد حد كويس، ولا سليم يشوفلها حد من أصحابه الأكابر.
مجاهد بتعجب: مادام كده، مقولتيش لأم محمد تقفل الموضوع ليه؟
سعدية: قولت أعرفك برده وأشوف رأيك.
مجاهد: البت كل ما تتستر بدري أحسن. وما تحلميش بواحد زي سليم… محمد ما يتعيبش، وشبهنا يا سعدية.
سعدية: عندك حق يا أبو عمار، خلاص بكرة هفاتح البت في الموضوع.
-الفيلا سليم وماسة
-غرفة النوم١٢ص
-نشاهد ماسة متمددة على الفراش، ترتدي بيجاما وتقرأ القرآن. وبعد قليل، خرج سليم من المرحاض وهو يرتدي ملابس منزلية (تيشرت وبنطال). اقترب منها بابتسامة، وعندما جاء ليتمدد بجانبها، نظرت ماسة له باستغراب شديد.

ماسة بتساؤل: إنت رايح فين؟
سليم وهو يعدل المخدة: هنام.
ماسة وهي ترفع أحد حاجبيها: تنام فين حضرتك؟
نظر سليم لها بعينيه: جنبك حضرتك.
قبل أن يرفع قدمه ليتمدد، أوقفته ماسة قائلة:
ماسة وهي تشير بيدها: استنى! عندك روح، نام في أوضة تانية، مفيش نوم هنا (بدلع). لا يجوز يا كراملتي!
سليم: بطلي هزار.
ماسة بدلع وهي تتك على الكلمة: مابهزرش، مش إحنا بكرة هنكتب الكتاب وإنت لسه النهاردة طالب إيدي؟ يبقى تنام هنا إزاي؟ يلا، بيتك بيتك.
ضحك سليم بخفة: بطلي الهزار المجنون ده، مش للدرجة دي.
ماسة بدلع: بالعكس، الجنان للدرجة دي وأكتر. أمال سموه جنان ليه؟! يلا، روح بقى.
سليم باستغراب: عايزاني أنام برة خالص؟ يعني هتتحملي؟
ماسة: ها أعتبرك مسافر.
تنهد سليم ونظر للأعلى بتذمر: أنا إللي جبته لنفسي، أنتي ما بتصدقي تلعبي… عجبتك اللعبة؟

ماسة: جداً! يلا بقى. (وهي تدفعه بلطف) يلا روح.
سليم بمهاودة: طيب، بالراحة. هنام على الأرض وأمري لله.
تبسمت ماسة، وتوجه سليم نحو الخزانة وجلب بطانية وبدأ في تحضيرها على الأرض، وكانت ماسة تبتسم. وبعد الانتهاء، تمدد سليم، وعدلت ماسة من نومتها في زاويتها.
ماسة: على فكرة، ممكن تنام في أوضة تانية بدل ما ظهرك يوجعك وتصحى الصبح تعيطلي.
تبسم سليم بخفة وعدل نومته في زاويتها وهو ينظر لها: أعيطلك؟! لا، مش هاعيطلك يا ماستي الحلوة.
ماسة: طب بجد، روح نام في أوضة تانية عشان ظهرك.
سليم: أنا مبسوط كده، بعدين تقدري تنامي من غيري.
ماسة قولتلك، هأقنع نفسي إنك مسافر. (تبسمت) عارف، أنا مبسوطة أوي، مش عارفة ليه بدأت أصدق إننا هنتجوز بكرة بجد، وكأن اللي فات كان بروفة أو حلم… متوترة جداً. والمشكلة، طريقتك مخلاياني أعيش الإحساس ده بكل تفاصيله.
نظر سليم لها ووضع يده أسفل خده ليسنده، قائلاً بإستغراب وبحّة ناعمة: إنتي مش حابة الشعور ده؟
هزت ماسة رأسها بنفي وهيام: بالعكس، عجبني أوي. فكرني بآخر ليلة في بيتنا، بالتوتر والقلق وأنا مش فاهمة رايحة فين؟ حياة جديدة في نفس اللحظة. فرحانة إني هكون مع الشخص اللي بحبه. (تنهدت) مش ناوي تسربلي أي معلومة.

سليم باقتضاب وجدية: يلا نامي، هنصحى بدري.
ماسة: إنت غلس على فكرة.
عدل من جسده ونام على ظهره قائلاً: يلا نامي يا عنيدة، بكرة يومنا طويل.
ماسة تبسمت: تصبح على خير يا كراميل.
سليم: وإنتي بخير يا روح كراميل
_ اليوم التالي
_ غرفة سليم وماسة العاشرة صباحاً
نشاهد ماسة نائمة على الفراش في سبات عميق، وكان شعاع الشمس ينير الغرفة. كان فراش سليم فارغاً. بدأت ماسة تتململ على الفراش، تمطت وهي تحاول أن تستوعب ما حولها. نظرت لفراش سليم، وجدته فارغاً!
ماسة وهي تتحدث مع نفسها: حتى يوم الإجازة صاحي بدري… فظيع.
تململت مرة أخرى، ثم وجدت وردة حمراء على الوسادة. جلست بابتسامة عريضة وأمسكتها، واستنشقت عبيرها بهيام. مدت يدها وأمسكت هاتفها من على الكومودينو، وقامت بعمل مكالمة لسليم مع تبادل الصور بينهما.
ماسة: ألو.

أتاها صوت سليم من الاتجاه الآخر، وهو يرتدي ملابس رياضية، يبدو أنه كان يركض من العرق الذي يهبط منه وأنفاسه العالية.
سليم بابتسامة عريضة: aşkım
ماسة: بتجري طبعاً كالعادة؟
سليم: طبعاً، إنتِ عارفة، ده من الأساسيات. صحيتي إمتى؟
ماسة: حالا.
سليم: عجبتك الوردة يا أحلى وردة؟
ماسة: أوي أوي.
سليم: طب يلا قومي يا عشقي، افطري وخدي شاور، علشان في ناس جايالك كمان ساعة.
ماسة بتعجب: ناس مين؟
سليم بلطف: هتعرفي يا شقية، بس شوية.
ماسة: طب تعال نفطر سوا.
سليم: تؤ، مش هارجع دلوقتي. ورايا شوية حاجات هعملها.
ماسة باستغراب: هتعمل إيه؟ إنت مش قولت النهاردة هنكتب كتاب رسمي وحاجات كده؟

سليم: آه.
ماسة: طب إيه؟
سليم بنوع من الجدية: بطلي رغي وروحي أفطري، بالليل هتفهمي كل حاجة.
ماسة: إيه ده؟! هو أنا لسه هشوفك بالليل؟ ليه؟ إنت فين؟ وهتعمل إيه كل ده؟
سليم بمداعبة: يلا روحي يا غلباوية.
ماسة بمزاح: سليم إنت غلس… باي.
ضحك سليم:باي.
نظر إلى الهاتف، شغل الأغانى، وضبط السماعات، وأكمل ركضه.
في اتجاه آخر عند ماسة
نشاهد ماسة وهي تنهض من الفراش، تدخل المرحاض، ثم تأخذ حمامًا ساخنًا، وبعدها تجلس في المطبخ لتتناول الإفطار. وأثناء ذلك، استمعت إلى جرس الباب. ذهبت لتفتحه، وعندما فتحته، وجدت سلوى وبعض الفتيات وهن يحملن حقائب. نظرت لهن ماسة بإستغراب.
ماسة بتعجب: سلوى؟ هبه!!
سلوى: حبيبتي، مبروك!

ضمتها، وكان يبدو على ملامح ماسة الاستغراب.
نظرت لها سلوى: مالك؟
ماسة: مين دول؟ وفي أيه؟!
سلوى: هفهمك بس دخليهم… اتفضلوا.
أمسكت سلوى ماسة من معصمها وسحبتها لتبتعدا قليلاً عن الفتيات.
سلوى: بصي، سليم كلمني الصبح وقال لي إنه عملك مفاجأة حلوة. الناس دول كوافير وبتاع ميكب عشان حفلة بالليل.
ماسة: حفلة! سليم ما قاليش عن حفلة.
سلوى: هو كمان ما قالش أكتر من كده، بس شكله عامل لك حاجة خطيرة.”
ماسة بسعادة: أنا اتحمست أوي!
سلوى وهي تسحبها بحماس: تعالي بقى علشان سليم جاي الساعة ٤.
وبالفعل، صعد الجميع إلى غرفة النوم وبدأن في تجهيز ماسة لهذا اليوم الفاصل في حياتها. أخيرًا، سيكتمل قمرها ليكون بدراً ليضيء حياتها.
بدأت الفتيات في وضع ومستحضرات التجميل، وتصفيف شعرها بشكل جذاب، وزينوه بتاج رقيق جعلها تبدو حقًا كأميرة من أميرات ديزني.
بعد الانتهاء، خرج الجميع وظلت سلوى وماسة. نهضت سلوى واقتربت من الكيس المعلق على خزانة الملابس الذي يحتوي على الفستان، ثم نادت على ماسة.

سلوى بلهفة:ماسة!
استدارت ماسة برأسها وأعطتها ابتسامة.
فتحت سلوى سوستة الكيس ببطء ليظهر الفستان الأبيض الراقي، فستان زفاف في منتهى الروعة. نهضت ماسة واقتربت حتى توقفت أمامه بدهشة وفرحة غامرة. أخذت تمرر عينيها عليه بسعادة وانبهار من جماله ورقة تطريزه وتفاصيله.
ماسة بانبهار: شكله حلو أوي!”
سلوى وهي تنظر له: حقيقي، ذوق سليم راقي جدًا. (وجهت نظراتها لها بفرحة) مبروك عليكِ يا حبيبتي.
نظرت ماسة إليها بابتسامة وضمتها بقوة، ثم ابتعدت قليلاً.
ماسة بفرحة حقيقية: أنا حاسة إني بأتجوز من أول وجديد…
سلوى بلطف: والله، سليم بجد شخص جميل، قدر يخليكي تعيشي تفاصيل اليوم من أول وجديد كأنه أول مرة، بحاجات بسيطة.
تبسمت بلطف وقالت: مش بس النهاردة، ده من إمبارح وهو كده. هبقى أحكيلك بعدين. يلا نلبس بقى قبل ما يجي.
وبالفعل، بدأت ماسة وسلوى في ارتداء الفساتين وتجهيز نفسيهما.
بعد الانتهاء…
كانت ماسة تشبه الملكات حقًا، بالرغم من بساطة إطلالتها، لكنها كانت جميلة تخطف الأنظار. كان الفستان الأبيض يتشكل على جسدها الحريري، مفصلاً منحنياته بسخاء، رغم احتشامه، لكنه كان في غاية الجمال. أما سلوى، فقد ارتدت فستانًا أحمر سادة بحزام ذهبي يبرز جمال قوامها، وتركت شعرها منسدلاً، وأضفت لمسة من مستحضرات التجميل، بما في ذلك النمش الذي زادها جمالاً.

بعد مرور وقت قصير، جاء سعدية ومجاهد وأشقاء ماسة، وكذلك فريدة وياسين، وهبه.
استقبلهم سليم الذي كان يقف مع مكي وعشري وإسماعيل، أصدقائه، وهو يتحدث ويضحك معهم. كان مرتديًا بدلة سوداء، وكان في منتهى الوسامة والجاذبية.
فريدة بدهشة: إيه يا سليم، المفروض أقولك مبروك ولا إيه؟ يا مجنون، إيه اللي بتعمله ده؟
سليم بمرح: الله يبارك فيكي يا أخت المجنون.
هبة: هو في احلى من الجنان، ياريت تتجنن كده على طول يا سليم، عقبالك يا ياسين.
ياسين بدعابة: عاجبك كده افضل انت عامل في مفاجات للست ماسة، وانا انام على الكنبه من أستاذه هبه.
هبه: اتعلم منه.
ضحك الجميع.
فريدة: ماسة فين؟
سليم: فوق.
فريدة: هطلع لها.
هبة: خديني معاكي يا فريدة.

هز سليم رأسه بالموافقة، وصعدت فريدة وهبة الدرج.
غرفة النوم
فور دخول فريدة قالت بفرحة:
فريدة: مبروك يا ماسة، ربنا يسعدكم.
هبة: مبروك يا قطعة السكر سليم الراوي قامت بضمها
كده ما اعرفش غير فجاه ليه عندك واحده
ماسة: والله العظيم انا كمان ما كنتش عارفه انا اتفاجئت النهارده.
وأثناء ذلك دخلت سعدية الغرفة.
سعدية: المأذون جه، يلا.
ماسة بحماس: يلا.
نظرت ماسة في المرآة لتتأكد من شكلها. تبسمت وهبطت.
كان سليم يقف مع مكي وعشري وياسين يتحدثون ويضحكون، وحين وقعت عيناه على أميرة قلبه، توقف العالم من حوله في تلك اللحظة. أخذ يمرر عينيه عليها من أعلى لأسفل… على ذلك الفستان الذي يصف منحنيات جسدها بشكل مثير ويبرز جمالها الأخاذ. رفع عينه إلى وجهها الجميل وتلك الخرزتين الزرقاوين اللتين تشبهان أعماق المحيط، وهو غارق فيهما. مرر نظره على شفتيها الكرزيتين اللتين يعشق طعمهما وعلى وجهها البريء الذي يشع جمالًا ورقة. تلك الابتسامة التي تخطف قلبه جعلته يتسارع أنفاسه. أخذ يحدق بها كأنه يريد أن يشبع من رؤيتها ولو للحظة. تنهد وابتلع لعابه محاولًا تهدئة قلبه الذي شعر بتسارعه.

بدأ بالتحرك نحوها وكان قلبه سابقًا خطواته. وقف أمامها بابتسامة جذابة ومد يده إليها.
سليم: قطعة السكر… عشقي الأول والأخير.
تبسمت ماسة برقة ومدت يدها: كراميل.
أحنى سليم رأسه قليلًا وقبل يدها برقي، وعينه مسلطة عليها، ثم ضم كفها بكفه وتحرك بها حتى الأريكة، وعلى وجهه ابتسامة مشرقة.
كان المأذون يجلس ومعه مجاهد، الأشقاء، مكي، إسماعيل، وعشري. بدأ المأذون بكتابة العقد.
كان سليم يردد الكلمات وعينه على ماسة التي كادت تحلق من السعادة والعشق. كانا يشعران كأنهما يتزوجان لأول مرة، والماضي لم يعد له وجود.
السعادة الغامرة كانت تملأ وجوه الجميع.
بعد الانتهاء، زغردت سعدية وضمت ماسة، وكذلك سلوى. شد ياسين المنديل وهو يضحك بمرح.
مكي بمزاح: معلش، عايز أتجوز بسرعة. يعني سليم يتجوز مرتين وأنا لسة؟
هبة بتعجب: إيه ده؟ إنت بتصدق الحاجات دي؟
مكي: شوية.
فريدة بمزاح: مامي لو شافته وهو بيعمل الحركة دي كانت سمعته محاضرة!
سعدية: الهانم عندها حق، دي بدع.

فريدة بلطف: بس مش عيب لو كهزار. الهانم حتى الهزار عندها غير مسموح.
مجاهد: ربنا يخليها لكم ويهديها.
هبه: انا ما ليش دعوه انا عايزه فرح يتعمل لي زي ده لما تم 25 وكل خمس سنين تعملي فرح جديد يا كده يا هنيمك في الحمام نفسه.
سلوى: ما تقلقيش احنا كلنا بندعمك صح يا ماسة.
ماسة: صح يا سوسكا
ياسين: انتوا عليا انتم الثلاثه الله يسامحكم يسامحك يا سليم
ضحك الجميع
سليم: مكي، ابعت حد مع المأذون.
مكي: أمرك يا باشا.
خرج المأذون مع مكي.
سليم بجدية، وهو ينظر لمجاهد: أظن كنت صادق في وعدي معاك يا عمى مجاهد.
مجاهد بامتنان: عمري ما شكيت للحظة في صدق كلامك يا سليم يابني.
سليم بتوضيح: كده ماسة بقت مراتي شرعًا وقانونًا، وحقها القانوني مثبت على أوراق رسمية مش مزورة.

سعدية بشكر: والله يا سليم، إحنا واثقين فيك كفاية اللي عملته معانا.
كل ذلك الحديث وماسة صامتة تنظر لهم بابتسامة. كان سليم منتبهًا لها بشدة.
سليم: مالك؟
ماسة: مبسوطة وفي نفس الوقت مستغربة. مش عارفة أعمل إيه؟ إيه رد الفعل اللي المفروض أعمله وما يكونش أوفر؟
سليم بعشق: اعملي اللي حاساه، يا قلبي. مالكيش دعوة بحد.
ماسة: متأكد؟
هز سليم راسه بإيجاب بيقين: متأكد.
ابتسمت وضمته بشدة وهي تدفن رأسها بين حنايا رقبته.
ماسة بعشق: هو ده اللي كان نفسي أعمله من أول ما كتبنا الكتاب.
سليم: وأنا كنت عايز أعمل كده وفجأة…
أحاط خصرها بذراعيه وضمها بقوة، وأخذ يلف بها بسعادة وسط ضحكاتهما.
ياسين: أنا شايف إن الحفلة انتهت، نمشي؟
ماسة: لسه بدري! خليكم نتغدى سوا.

هبة: بدري ايه اليوم يومك يا عروسه وضعت قبلة على خدها.
سليم: مكي، خليك معاهم وإنت وعشري وصلوهم.
هز مكي رأسه بالإيجاب، بينما بدأ الجميع بالمغادرة بعد وداع سليم وماسة.
بعد خروج الجميع، عاد سليم إلى ماسة، التي كانت تقف مكانها مبتسمة، وكأنها تحاول استيعاب ما حدث. أقترب منها بخطوات هادئة، ووقف أمامها مباشرة.
سليم: كده حفلتهم خلصت… حفلتنا إحنا بقى لسه هتبدأ.
ماسة بتعجب: مش فاهمة!
سليم بابتسامة ماكرة: تفتكري يعني أنا ملبسك كده عشانهم؟!
أمسك يدها بلطف وسحبها نحو السلم، صاعدًا بها إلى إحدى الغرف.
ماسة بإستغراب: إنت ليه جايبنا هنا
سليم: هاتعرفي.
فتح الباب، فور فتحه نشاهد قلبًا أحمر كبيرًا من الورد الأحمر على الأرض، وبعض الشموع والبالونات التي تزين الغرفة بطريقة جميلة وجذابة جدًا. فقد صنع لها سليم أجواء شاعرية جميلة.
أخذت ماسة تمرر عينيها على المكان باندهاش ممزوج بسعادة، بابتسامة غزت قلبها قبل شفتيها. وضعت يدها على فمها بعينين اغرورقت بالدموع.

ماسة: الله! حلوة أوي. وجهت جسدها في زاويته:
ربنا يخليك ليا يا حبيبي وما يحرمنيش منك أبدًا.
التفت سليم نحوها وقال بحب: عارف إنه بسيط وما يلقش بأميرتي الجميلة، بس حسيت إنه كده هيكون أجمل و…
قاطعت ماسة جملته: كل ما كان بسيط كل ما كان أجمل. على فكرة، الحفلة اللي كانت تحت بكل بساطتها عجبتني، حتى هنا يمكن لو كنت عملت حفلة فخمة ما كنتش عجبتني زي دي.
سليم تبسم: الحمد لله إنها عجبتك. كنت خايف ما تعجبكيش.
تنهد واقترب منها ومرر أصابع ظهر يده على خدها بنعومة، مركزًا النظر في ملامح وجهها بعشق وقال بنبرة عاشقة رجولية ناعمة تعكس مدى عشقه وسعادته:
في جوايا معاني كتيرة نفسي أقولها بس مش عارف! كأن كل الكلام تاه مني! كأني رجعت طفل صغير بيتعلم الكلام، بس اللي أنا متأكد منه إني مبسوط، وقلبي مبسوط. في إحساس جميل أوي مالي قلبي وروحي وكياني، حتى لو النهاردة مش أول ليلة لينا! وطبعًا أول مرة بتكون الأجمل دايمًا، بس النهاردة مختلف، أنا واقف قصادك وإنتي لابسة الفستان ده، وإنتي فاهمة وواعية وناضجة، وعارفة إنتي بتعملي إيه؟! حتى لو كنتي لبستيه قبل كده وإنتي موافقة بإرادتك! بس النهاردة لبستيه، وإنتي مختاراني بعقلك وقلبك سوا، مش زي المرة اللي فاتت اخترتيني بقلبك بس…
مرر عينه عليها من أعلى لأسفل وقال بحب بابتسامة جذابة: ده حتى شكلك النهاردة مختلف. إنتي جميلة في كل وقت، بس النهاردة فيكي حاجة مختلفة! أو يمكن المرة دي حاسس إني معايا بنت ناضجة مش طفلة لابسة فستان فرح ومش عارفة ولا فاهمة حاجة وكل اللي فاهماه عن الجواز حضن وبوسة وننام جنب بعض… أنا حابب الليلة أكتر، مع إن المفروض أحب أول ليلة أكتر..

ضحك بحيره من نفسة أضاف:
بصي، أنا متلغبط بس مبسوط أوي. إحنا متغيرين. إنتي ناضجة وأنا اتغيرت كتير عن زمان. سليم اللي اتجوزك مش سليم اللي واقف قصادك. أنا حاببني معاكي. فاهمة حاجة؟
تبسمت له ماسة برقة بتفهم، فهي تفهم جيدًا تلك الكلمات والمشاعر واللخبطة التي يعيشها سليم. فهو يشعر أنها أخيرًا اختارت أن تكون معه بكامل إرادتها وعقلها، وليس بقلبها فقط. اختارت أن تكمل معه ذلك الزواج وتلك الحياة.
ماسة بنبرة عاشقة وبعين اغرورقت بالدموع:
أنا كمان مبسوطة أوي، وإحساسك وصلي لأني كمان حاساه..
أمسكت يده بانضمام وأكملت بعقلانية:
سليم، أنا لما اخترتك زمان وأنا لسة يدوب ١٥ سنة ومش فاهمة حاجة اخترتك بكامل إرادتي، مش بقلبي بس، وعقلي كمان. مين ما تحبش واحد احترمها وحماها، ولما ظهر في حياتها حسّت بالأمان والسند الحقيقي، وأنه وحبها ووقف في وش كل الناس، حتى أهله، عشان بس تبقى معاه؟ الست عايزة إيه غير كده من الراجل اللي هتكمل عمرها معاه؟ وخليك واثق، لو الزمن عاد بيا هختارك بقلبي وعقلي. مش هقولك تاني إحنا بنكبر بدري أوي وبنفهم بدري، يعني بنت ١٥ عندكم، عندنا بنت عشرين. يمكن ما كنتش فاهمة حاجة من اللي هيحصل بينا يوم فرحنا، بس كنت فاهمة يعني إيه حياة زوجية ومسؤولية وواعية بكل شيء، أنا بقى هتفضل أول ليلة بينا هي الأجمل، ويستحيل أنساها مهما عدت الليلة دي. وهتفضل ببراءتها ورقتها والعبط اللي كنت فيه أجمل، كفايه انك كنت معايا في منتهى الرقه خليتني اعدي اللحظه من غير خوف.

تبسم سليم لها بسعادة وحب. ضم وجهها بكفيه ووضع قبلة على عينيها، ونظر لها بتدقيق عاشق:
أنا بحبك أوي، وجوايا حب كبير ليكي، حب لسة ما تخلقش له معاني. ما فيش في قاموس المعاني اللغة العربية وجميع اللغات تعبير يوصف الحب اللي جوايا ليكي. اللي أقدر أقوله إني بحبك، وماقدرش أعيش من غيرك، ومش بحس بقوتي غير وإنتي جنبي. يمكن هما بيشوفوني ضعيف جنبك، بس الحقيقة لا. أنا جنبك قوي، ومن غيرك بأبقى ضعيف وحاسس بالنقص.
ماسة بنبرة عاشقة: وأنا كمان بحبك أوي أوي، ومش بحس بالأمان غير وإنت جنبي ومعايا. الأمان ده كلمة كبيرة أوي على قد ما هي صغيرة، بس عظيمة. إنت السند والظهر والأمان. بحبك أوي يا سليم.
ضمته بقوة وهي تمسح على ظهره بحب. ابتعدت ماسة قليلًا
ماسة متسائلة بفضول: كراميل، نفسك في إيه؟
كاد أن ينطق، لكن أسرعت ماسة وقالت: استنى، إيه رأيك كل واحد فينا يكتب اللي نفسه فيه في ورقة وبعدين نديها لبعض؟ ها
سليم بابتسامة: موافق طبعًا.
أخذ سليم يبحث عن أوراق وقلم، وجد قلمًا ونوتة صغيرة، أعطاها لماسة. أخذتها وكتبت أمنيتها ثم أغلقت الورقة وأعطتها له. أخذ يكتب أيضًا وأغلق الورقة تبادلا الابتسامات
سليم: جاهزة؟

ماسة: جاهزة. يلا.
(تبادلا الأوراق).
ماسة: استنى، نفتح سوا. يلا ١… ٢… ٣…
فور فتح الأوراق، نظرا لبعضهما بابتسامة عريضة. الكلمات المكتوبة ظهرت على الأوراق
(ماسة كتبت: نفسي في نونو)
(سليم كتب: بيبي شبهك).
ارتسمت على شفتي ماسة ابتسامة سعيدة، وقالت بفرح: نفس الأمنية.
سليم بابتسامة دافئة: وإن شاء الله هتتحقق.
وضع سليم يده على بطنها، وهو يتحسسها بلطف، وقال بتمني: عمري ما تمنيت حاجة بالشغف ده،
قد إيه اتمنيت إني أجيب طفل منك. ومش هجيب طفل ولا اتنين… تؤ، أطفال كتير. ونبني العيلة اللي بتمناها طول عمري.
ماسة بشغف: إمتى بقى؟ ما خلاص أنا كملت ١٨.
سليم: خلصي الثانويه العامه، تقدري تركزي في الحمل وبعدين الدكتور قال لما تتم 19 او 20 نخليها 19.
ماسة: ماشي.

سليم: تيجي نرقص؟
هزت ماسة رأسها بنعم: ماشي.
أخرج سليم هاتفه من جيبه وسماعات الأذن البلوتوث. وضع إحداها في أذنه والأخرى في أذنها. أحاط خصرها بذراعيه بعشق، وأحاطت هي رقبته بيديها بابتسامة مشرقة. بدأا في الرقص على أنغام أغنية “قرب كمان” لتامر حسني.
ماسة بمزاح: أمال فين عمورة؟
سليم: عجبتني لما سمعتها، هتعجبك أوي، ولايقة علينا.
ماسة: ماشي. أصلًا أي حاجة منك بتعجبني.
أخذا يتمايلان على أنغام الأغنية بعشق يخرج من عينيهما، وهما ينظران لبعضهما، يغرقان في لحظة حالمة، وكأنهما وحدهما في العالم.
وأنا جنبك، حبيبي، بجد مش عارف أقولك إيه
معاك الوقت بيعدي وماحسش بيه
وأي كلام هايوصف إيه في لحظة بعيشها وأنا وياك
كفاية عليا تبقى في حضني وأبقى معاك
قرب كمان من حضني، وحس باللي بحس بيه

دانا من زمان مستني أعيش وياك اللحظة دي
يا حبيبي، قول بحبك وأنا أقولها معاك
حبيبي، يفوت سنين وأيام، على حبك فقلبي يزيد
كأني بعيش من الأول، في حب جديد
بعدت كتير، وحضنك عنه مهما بعدت، بارجع ليه
وقلبي يدوب في إحساسه اللي عايش فيه
ومع انتهاء الكلمات والموسيقى، حملها بين ذراعيه وأخذ يدور بها بسعادة.
أمسك كفها ووضعه على شفتيه، وطبع قبلة طويلة في بطن كفها بحب جارف، بينما عينيه تتابعانها بشغف لا يرمش، وعشق كاد يحطم قلبه. كانت دقات قلب ماسة تتسارع تحت وطأة تلك النظرات التي تتغلغل في أعماقها، تجردها من كل دفاعاتها. ابتلعت ريقها وشفتيها ترتسم عليهما ابتسامة خجولة.
أحاط سليم بخصرها بذراعه بقوة، ساحبًا إياها نحوه حتى التصقت به تمامًا. مرر أصابعه على وجنتها برقة محب، قبل أن يميل برأسه قليلًا، ينظر إلى شفتيها بنظرات مشتعلة، كأنه ينتظر لحظة لم الشمل. لم يتمالك نفسه وأطبق شفتيه على شفتيها بشوق غامر.
لم تتردد ماسة سوى لحظات قبل أن تبادله ذلك الشعور، تائهة في عالمه. تبادلا القبلة بحرارة وشوق يكاد يلتهم الوقت، وكأن كل لحظة تعانق فيها شفتاهما هي أبدية. لم تكن تلك القبلة كافية، فقد أشعلت بينهما لهيبًا لا يخمد، ورغبة طغت على كل شيء.

بالرغم من أنها لم تكن المرة الأولى بينهما، فهي زوجته منذ سنوات، إلا أنه شعر وكأنها المرة الأولى بكل تفاصيلها. وكأنها ليلة البداية، حيث يمتزج الحب بالشوق بعمق لا يوصف.
ابتعد سليم أخيرًا، مستندًا بجبينه على جبينها، وأنفاسه متسارعة. أغمضت ماسة عينيها، تحاول السيطرة على تلك الرجفة التي غمرت كل كيانها.
سليم، ببحة رجولية ناعمة ومشتاقة، قال: “مستعدة تدخلي معايا ‘ليفل جديد؟
تبسمت ماسة برقة، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم فتحت عينيها وقالت: مستعدة.
ابتسم سليم وحمل ماسة بين ذراعيه، وتوجه بها إلى الفراش. قضيا أمسية شاعرية على أنغام الحب والعشق، حيث مر الوقت وكأن الدنيا توقفت، كل لحظة كانت كعمر جديد. همسات سليم كانت تطوف حول ماسة كما لو كانت نسيمًا عليلًا في ليلة صيفية هادئة. وبكل لمسة، كان قلب ماسة ينبض بإيقاع حبهما، وكانا يعيشان في عالم خاص بهما بعيدًا عن كل شيء يمكن أن يعيق سعادتهما. وبينما كانت الأنغام العذبة تحيط بهما، شعرا أن لا شيء يمكن أن يفرق بينهما في هذا العالم الخاص.
تتداخل مشاعر العاطفة والطمأنينة بينهما، حيث يسكن كل منهما في قلب الآخر كظل لا يفارقه. ينساب الوقت بينهما بهدوء، مملوءًا بلحظات من التواصل الصامت الذي يفهمه كل منهما دون حاجة للكلمات. يفيض الحب بينهما بلا جهد، كل لمسة تحمل في طياتها معنى أعمق من الكلمات، وكل نظرة تروي قصة لا يفهمها سواهما. كانا في حالة من الانسجام التام، حيث تمازجت أرواحهما في لحظات من الحميمية، تمنح كل منهما شعورًا بالأمان والاحتواء.
❤️_______ بقلمي_ليلة عادل________ ❤️

قصر الراوي الخامسة مساءً
غرفة صافيناز وعماد
نرى صافيناز مستلقية على الفراش، وابتسامة تعب تزين وجهها، بينما يجلس عماد بجانبها، محيطًا بذراعيه حول ظهرها بحنان، في الغرفة كان يجتمع معظم العائلة: سليم بملامح هادئة، ماسة بابتسامة مشرقة، فايزة بتعبير مطمئن، عزت ينظر بفضول، منى تهز رأسها بإعجاب، هبة بنظرة مرحة، وياسين صامتًا لكن عيناه تفيض بالفرح.
هبة بوجه مشرق: ألف مبروك يا صافي، مبروك يا عماد.
عماد: الله يبارك فيكي.
صافيناز بابتسامة ضعيفة: الله يبارك فيكي يا هبة، عقبالك.
هبة بغمزة مازحة: لا يا ستي، مش قبل سنة.
عزت يرفع حاجبه متسائلًا: طيب الدكتور قال لكِ هتفضلي نايمه على ظهرك قد إيه يا صافي؟
صافيناز بتنهيدة ضجر: أول ثلاث شهور لحد الخامس … مش عارفة إيه الملل ده.
ياسين: هو انتي دلوقتي في الشهر الكام؟؟ التاني.
صافيناز بإختناق: اه في التاني بس بجد أكتر حاجة هتجنن من ساعة ما سمعتها إني هفضل ثلاث شهور ملازمة السرير ماقومش منه غير على التواليت انتم متخيلين القرف.

ماسة تبتسم بحماس: ولا ملل ولا حاجة، أنا وهبة هنشغلك، المهم تقومي بالسلامة، والحمل يمر على خير. (ثم تضحك بخجل) وعقبالي بقى.
عزت يضحك وهو يرفع حاجبيه: هو أنتي كده مش مفروض تحملي خلاص؟
ماسة بوجه جاد لكن مبتسم: لا، لما أكمل 19 سنة كمان. اتفقت أنا وسليم إن الأفضل نستنى لما أخلص الثانوية.
فايزة تهز رأسها موافقة، بابتسامة فخر: مظبوط كده، صح جدًا.
هبة تضحك وهي تميل نحو ماسة: تعالي يا ماسة نحمل مع بعض، عشان يبقوا ولادنا قد بعض، ونسلف لبعض البامبرز.
ماسة تضحك بحرارة، عيناها تتلألآن بالحماس: موافقة! فكرة تحفة! ونجنن سليم وياسين مع بعض.
ياسين يضحك: أنا متأكد… ده اللي أنتم عايزين تعملوه أصلاً، تجننوني أنا وأخويا!
سليم بمزاح: نعمل إيه؟ مفترين.
وضعت هبة يديها على خصرها وهي تقول بنبرة احتجاج: هو أنتم مش عايزين تعملوا حاجة! عايزينا إحنا نخلف ونولد ونتعب، وانتوا تقعدوا كده بشوات؟ لازم برضه يطلع عينيكم زينا، أمال هي كلمة بابا دي بالساهل؟
ماسة بتتأيد: إنتي صح.
رد سليم بضحكة خافتة ونبرة تحد: “انتقام يعني؟ انتقمي يا هبة!
هبة تتظاهر بالجدية ثم تضحك بمكر: طبعاً، ما تقلقش! أنا لو مش تعبانة هقول إن أنا تعبانة… غلاسة! اتعلمي يا صافيناز.

صافيناز تغمز بعينها وتبتسم بثقة: انتِ هتوصيني؟ ما تقلقيش!
ياسين وهو يضحك: الحق يا عماد انا وانتم وسليم، البنات اتفقوا علينا.
عماد بمزاح: هنعمل ايه معلش مضطرين نتحمل،، الهرمونات عاملة عمايلها.
ضحك الجميع بمرح
(بعد مرور أشهر)
خلال الأشهر الأولى من الحمل، كانت ماسة وهبة ترافقان صافيناز باستمرار، يقضيان معها وقتًا طويلاً لتسلية وقتها والتخفيف عنها، خصوصًا بعدما طلب منها الطبيب البقاء مستلقية على ظهرها لمدة ثلاثة أشهر لتثبيت الحمل، كما نعلم، وخلال تلك الفترة، بدأت صافيناز تفكر في مشروع خاص بها، تخطط له بصبر وحماس، وهو إطلاق خط إنتاج لمستحضرات التجميل.
مجموعة الراوي
مكتب عزت العاشرة صباحاً
نرى صافيناز في شهرها الخامس، بطنها مرتفع قليلاً، تجلس في غرفة الاجتماعات الصغيرة داخل مكتب عزت، يحيط بها عزت، فايزة، وجميع أشقائها، يستمعون لها وهي تعرض فكرتها عن المشروع، بينما يراجعون الدراسات التي أعدتها بنفسها.
عزت بتعجب وهو يهز رأسه وعينه في الأوراق: أنا عايز أفهم… انتِ كنتِ بترتاحي عشان الحمل يثبت، ولا كنتِ بتفكري في مشروع جديد؟

صافيناز بتوضيح: الاثنين. إيه المشكلة لما أستغل الوقت وأفكر في حاجة تخصني؟ كل اللي عايزاه من حضرتك هو إنك تموّلني وبس والمشروع ده أنا متأكدة إنه هينجح.
رشدي مستنكرا: وانتِ ما عندِكش فلوس تكفي المشروع ده؟ ده انتٍ معاكِ اللي يغطيه أربع مرات!
صافيناز بحزم: المشروع ده هيكون باسمي لوحدي، لكن تحت اسم عائلة الراوي، أنا عايزة أعمل حاجة تخصني شخصيًا وبعدين ايه المشكلة يعني لما الباشا يغطيني بالفلوس ما هو غطاك قبل كده في أكثر من مشروع وفشل على الأقل أنا مبلغي صغير جداً و نجاحه أكيد.
طه: عاجبني حماسك يا صافي شكلك داخلة الموضوع بتركيز وبقوة وفعلا المبلغ مش كبير
ومنتجات التجميل حقيقي ناجحة جداً بس الأهم تتعمل صح.
فايزة بتوضيح وعملية: مظبوط، بس ما حدش بيشتري مستحضرات تجميل مصرية، أو حتى منتجات عناية بالبشرة والشعر. ممكن تتعاقدي مع شركة عالمية، تاخدي خط إنتاج تحت اسمك، وتكوني الوكيل الحصري في مصر والوطن العربي، انتي عارفه المنتج المصري بالاخص فى النوعية دي من المنتجات ما بيكونش عليه قابلية قوي.
فريدة: بالظبط لأنهم ما بيهتموش بالكواليتي.
صافيناز هزت رأسها بإيجاب مفسرة بعملية: صح، ده اقتراح كويس، لكن فكرتي أبعد من كده. أنا عايزة خط إنتاج مصري بالكامل باسمنا، نروج له بإعلانات قوية وعايزة المنتجات تعتمد على مواد طبيعية 100% ونوصل بها للعالمية. أنا بدرس الموضوع بجدية من ثلاثة أشهر، وضمنه إن المشروع هيغطي تكلفته بسرعة، وهيساهم في وضع اسمنا على الخريطة الدولية كمُصنعين احنا عمرنا ما صنعنا كل شغلنا في الاستيراد دلوقت ان احنا نصدر.

سليم بتوضيح: بس انتِ نسيتي إن عندنا إنتاج خاص بالفعل، زي مصانع الحديد والأسمنت والقطن والقطن المصري ده لا غبار عليه.
ده غير طبعا خط الانتاج بتاع الذهب والالماظ
ما فيش بيت في مصر مش لابس سلسله او حلق او خاتم من خط انتاج وتصاميم الراوي.
صافيناز: بالضبط، لكن دي حاجات ثقيلة، أنا بتكلم عن قطاع مختلف، حاجة تهم كل بيت وكل سيدة، من جميع الفئات، ليه نفضل نستورد من بره؟ خلينا نصنع منتجاتنا بأنفسنا.
عزت تساءل: طيب يا سليم، إيه رأيك؟
سليم هز رأسه وهو يقلب في الأوراق بإيجاب: أنا موافق. الفكرة لطيفة، وتكلفتها مش كبيرة .. رفع عينه ونظر له قائلا بعملية: مبدئيًا ممكن نبدأ بخط إنتاج صغير لمنتجين أو ثلاثة، ولو نجح نزود الأنواع.
صافيناز: اتفقنا! من بكرة هكلم الألمان لاستيراد الماكينات، وأجهزة المصنع.
سليم: بس تأكدي من إن الراجل هيبيع المصنع بسعر معقول.
صافيناز برجاء: طب ما تكلموا انت يا سليم انا مش عارفة اظبط معه السعر أصل أنا فكرت لو هابني من الأول هياخد وقت لكن أجيب حاجة جاهزة ما دام كده كده هو عرضه للبيع.
سليم هز رأسه بإيجاب: صح جداً، خلاص سيبي الموضوع ده عليا أنا هكلمه.

عزت: هل في حد عنده اعتراض على المشروع؟
هز الجميع رؤوسهم بالموافقة، وبدت علامات الحماس واضحة على وجوههم.
فريدة:طب هتسمي المنتج بتاعك ايه
صافيناز رفعت حاجب بعنطظة: كوين.
تسبسم الأشقاء الذكور وفريدة على عنطظتها التي لا تنتهي.
وبالفعل، بدأت صافيناز الانشغال بالتحضير للمشروع، وكل العائلة دعمتها لتحقيق حلمها.
((بعد فترة))
قصر الراوي
جناح صافيناز وعماد السادسة ونصف مساء
تجلس صافيناز أمام مرآة التسريحة، تضع مستحضرات التجميل، وهي بكامل أناقتها، بينما يقوم عماد بارتداء ملابسه يتجهزون للخروج بعد للعشاء.
عماد متحيرًا، رفع حاجبيه: أنا مش فاهم، ليه مصممة تسافري لوحدك؟ مش المفروض أكون معاكي؟ ممكن يحصل لك حاجة وإنتِ هناك لوحدك؟
صافيناز بابتسامة واثقة، تحرك شفتيها بخفة: هيحصل لي إيه يعني؟ أنا لازم أسافر عشان أفهم تفاصيل أكتر هناك، وأتفق مع استشاريين جلدية وخبراء تجميل. فاكر إن ممكن أختار أي حد؟ اسم “كوين” لازم يكون عالمي عشان أوصل للعالمية لازم أختار بعناية اللي هيشتغلوا في مصنعي كمان أتفق على المواد اللي هتجيلي من بره أشوفها بعيني.

عماد: ماشي… أنا معاكِ خصوصًا إن المصنع خلاص قرب يجهز والمعدات في الطريق. بس برضه، أنا لازم أكون معاكي.
تنهدت صافيناز وعدلت من جلستها ونظرت له بتعابير وجه حازمة: مش هينفع، إنت لازم تكون هنا. مين هيستقبل المعدات؟ مين هيشرف على كل التفاصيل؟ أنت عيني هنا، وأنا هناك.
عماد مغتاظ، عبس جبينه: بس…
قاطعته صافيناز بتصميم: وبعدين، أنا كمان عايزة أولادي يتولدوا هناك، عشان ياخدوا الجنسية. إنت خليك هنا، وبعدين لما يقرب ميعاد الولادة، بكام يوم، هكلمك تيجي.
عماد بصوت منخفض، يبدو عليه التردد: حاضر… براحتك. بس يا حبيبة قلبي أول ما تحسي إنك محتاجاني كلميني وانا هاخد أول طيارة واجي لك على طول تمام.
وقفت صافيناز بإبتسامة: تمام يا روحي يلا بقى عشان ما نتأخرش على العشا هتسهرني فين
عماد: في أي مكان انتي عايزاه.
على السفرة،
تجتمع عائلة الراوي لتناول العشاء.
فايزة، باحتجاج: إيه الجنان ده؟ تسافري لوحدك إزاي؟

صافيناز، بابتسامة:خلاص يا مامي، تعالي معايا.
فايزة بتنهيدة: هو أنا فاضية؟
عزت بنبرة هادئة: مش لازم يعني، يا صافيناز، لما تولدي وتقومي بالسلامة تبقي تشوفي إنتِ عايزة تعملي إيه؟
صافيناز، بإصرار: أنا مش تعبانة، ومحتاجة السفر ده! بجد اتخنقت، عايزة أغير جو وأشوف مشروعي.
فريدة، مازحة: خلاص يا بابي، إنت عارف صافي… لو قررت حاجة، مستحيل حد يغير رأيها!
عزت: المهم تاخدي بالك من نفسك.
صافيناز: متقلقش عليا.
منزل سارة
الريسبشن
تجلس سارة على الأريكة تتحدث مع عماد يبدو عليها الضجر.
سارة بدون اكتراث، ترفع كتفيها: خليها تسافر لوحدها، ولا خليها تغور في داهية. مالك؟ هتموت عليها ليه؟
عماد متعجبا: إزاي أسيبها تسافر وهي حامل؟ وإنتِ عارفة إن الحمل ده أصلاً في مشكلة.
سارة بابتسامة ساخرة، تضيق عينيها: ألف سلامة عليها، هي زي القطط بسبع أرواح. خليها تسافر عشان نبقى براحتنا.

عماد: حاضر يا سارة بس انا كان لازم أعمل كده عشان هي ما تشكش في حاجة بس انا هاجي أقعد معاكي هنا ازاي.
سارة بخبث: عادي، انت هتقولها مش هتقدر تقعد في القصر من غيرها. قول لها إنك مش هترتاح معاهم، وهي هتصدقك وإنك هتقعد عند طنط. وبعدين، تعال أقعد معايا هنا، وطنط عارفة اللي بينا.
عماد: عندك حق عشان نقعد بقى براحتنا مع بعض عشان انتي وحشتيني.
سارة وهي تتلاعب في شعرها: قل لي بقى خليتها تكتب لك التوكيل والا لا.
عماد: اه طبعاً عملت لي توكيل عشان أقدر أباشر كل حاجة بس ما رضيتش تعملي توكيل بإدارة نسبتها قالت لي هيحصل مشكلة كبيرة.. واكتشفت حاجة إن الباشا عامل لنفسه توكيلات منهم كلهم لو حصل أي حاجة لحد فيهم، سافر مثلا او حد فيهم جراله حاجة هو اللي بيدير، وخدي الكبيرة في حالة الموت الأسهم بترجع للباشا إلا سليم واخد حق الإدارة بس منه.
سارة: امال الأسهم بتاعته لو مات هتروح لمين
عماد: سليم هو اللي يحدد بس انا قلبي بيقول لي ان سليم هينقلهم لماسة.
ساره: ما اعتقدش لو كان عايز يعمل كده كان عمل من زمان بس برده خلي عينك مفتحة
عماد: طبعا ده اكبر نسبه فيهم.
وبعد أيام قليلة، سافرت صافيناز إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتبدأ في تنفيذ خططها الخاصة بمشروعها الجديد، بينما بقي عماد في مصر يواصل العمل على تجهيز المصنع واللوجستيات الخاصة بالمعدات وبطبع كان مقيم مع سارة.

أوقات مختلفة إمكان متفرقة في أمريكا
نشاهد صافيناز وهي تتحرك بين مصانع المستحضرات التجميلية الكبرى، تقوم بالتنسيق معهم والاتفاق مع المديرين لشراء المواد الخام، وكذلك الاتفاق مع مستشارين وخبراء التجميل والجلدية. كان يبدو عليها التركيز والجدية.
في احد المطاعم الكبيرة
نرى صافيناز وهي تجلس مع أحد الخبراء على إحدى الطاولات يتبادلان الأحاديث.
صافيناز تتحدث بالإنجليزية بشكل جدي وعملي جدًا:
“أنا أريد أن تكون المنتجات طبيعية، لا تحتوي على أي مواد كيميائية. أريد شيئًا مختلفًا. قم بإجراء تجاربك في مختبراتك، واكتب لي الأجهزة التي تحتاجها، وسأقوم بتجهيز أفضل مختبر في الشرق الأوسط لك في مصر. سأعطيك كل ما تحتاجه، لكن في المقابل أريد منك منتجًا طبيعيًا لا يوجد مثله، قوم بتجربته على بعض النساء من مختلف الألوان والبشرات، وحين أتأكد أن المنتج جيد بل ممتاز، سنبدأ بتسويقه بشكل جيد. وبالمقابل سأعطيك مبلغا لم تحلم به من قبل ويكفي انك ستعمل تحت ظلال عائلة الراوي ،أنت بالتأكيد تعرف من هم عائلة الرواي.
الخبير:
“نعم، لا تقلقي، سأبذل جهدي. ومن اليوم سأبدأ العمل على هذا المنتج. أنتِ تريدين أن تبدأي بأحمر الشفاه، ومورد، وماسكرا للعين؟ تريدينها بمواد طبيعية لا تحتوي على مواد كيميائية؟ يعني بالمختصر طبية.

صافيناز:
“نعم، أريدك أن تفرغ نفسك غدًا. سنقوم باستدعائك لتجلس مع بعض استشاريي الجلدية والمنسقين، لتتفقوا معًا على التفاصيل.
الخبير: تمام.
أخرجت صافيناز شيكًا من حقيبتها، وقدمته له: هذا المبلغ مجرد بداية.
نظر الخبير إلى المبلغ، وكان يبدو أنه كبير، فاتسعت عيناه، وقال بابتسامة:
لا تقلقي صافيناز هانم سأكون قد ثقتك
تحركت صافيناز وهي تشعر بالانتصار.
بعد فترة
الفندق الذي تمكث فيه صافيناز
غرفة الفندق
نراها على الفراش، ويبدو عليها التعب. كان عرقها يتصبب من جبينها. تتحدث في هاتفها:
“مش عارفة يا عماد، تعبانة اوي. لا لا، ما تقولش لحد.، أنا هاروح المستشفى وأشوف في إيه. والله ما عملت مجهود، ولادة إيه يا مجنون؟ أنا لسه في نص السابع. تمام، سلام.

بدأت صافيناز في النهوض، وهي تشعر بالتعب. بدأت بتبديل ملابسها، وفتحت الباب، حيث كان أحد الحراس.
الحارس: صافيناز هانم، إحنا جاهزين.
هزت رأسها بإيجاب، وتحركت معه وكان يبدو عليها الإرهاق.
وصلت إلى المشفى، ويبدو أنهم كانوا قد علموا عن موعد وصولها. استقبلوها وأجروا لها فحوصات، ولكن تفاجأت بأنهم سيقومون بإجراء عملية لها الآن.
مطار القاهرة الدولي
نرى صافيناز تهبط من طائرة خاصة وتبدو عليها السعادة و ترتسم الابتسامة على وجهها وكان خلفها الجاردت يحملون الحقائب وحمل الأطفال
قصر الراوي
– الهول
نرى جميع أفراد عائلة الراوي يجلسون في الهول وعلامات الذهول على وجوههم، خاصة عماد الذي يبدو متجهمًا وعيناه مليئتان بالغضب. فريدة تبدو متوترة وهي تهز الطفل الذي تحمله بلطف، بينما صافيناز تجلس بهدوء وتبتسم بثقة.
عماد بغضب، ووجهه محمر وعيناه متسعتان: يعني إيه تولديهم واحنا ما نعرفش؟ انتي مجنونة؟
صافيناز ببرود، حاجباها مرفوعان بابتسامة خفيفة: إيه المشكلة؟ كنت عايزة أعمل لكم مفاجأة.
عزت باستهجان، حاجباه معقودان وصوته منخفض بغضب مكبوت: مفاجأة إيه؟ تولدي لوحدك وما تقوليش؟ طب اتحطيتي في الموقف وما عرفتيش تبلغيني؟ تمام، فين الحراس ماقالوش ليه؟ وبعد ما ولدتي، ما قلتيش ليه؟

فايزة بضيق: إنتي غلطانة يا صافيناز. افرضي كان حصل لك حاجة! إزاي تخاطري بنفسك؟
صافيناز بتبرير، عيناها تلمعان ببرود: أنا كنت رايحة أطمن بس، ولما تعبت فجأة قالوا لي هتولدي. أعمل إيه يعني؟
رفع عماد صوته، بوجه مشدود وعيناه تحاولان السيطرة على غضبه: هو أنا مش كلمتك؟ بعد ما وصلتي المستشفى، قلتي لي ما تقلقش، أنا كويسة!
صافيناز تبتسم بارتباك خفيف وهي تهز كتفيها: حسيت إن أنا هخوفك… بجد والله مفاجأة حلوة. روحت لوحدي ورجعت بثلاثة!
نظرت هبة إلى الجميع وحاولت كسر حدة النقاش بابتسامة خفيفة: خلاص يا جماعة، مبروك يا صافيناز.
جلس ياسين و وضع يده على ذقنه، ظهر عليه القلق لكن حاول التماسك: أيوه بجد خلاص، إحنا بس كنا خايفين عليكي يا صافي. المفاجأة على قد ما هي جميلة،بس كان لازم حد يكون جنبك.
سليم، الذي كان يتابع الموقف بتركيز، يقترب من صافيناز ويضع يده على كتفها: المهم إنك دلوقتي بخير حمد لله على سلامتك يا حبيبتي.
ماسة تبتسم بحماس وعيناها تلمعان بالفضول: مبروك يا صافي! سميتيهم إيه؟
نظرت صافيناز إلى ماسة بفخر وابتسامة واسعة: زين ومريم.
ماسة بإعجاب: الله، أسامي جميلة! ربنا يخليهم لك يا رب، وحمد لله على سلامتك.
عماد بتنهد وهو ينظر إلى صافيناز: يعني انتي دلوقتي كويسة؟
صافيناز بثقة وابتسامة صغيرة: أيوه كويسة… إيه؟ مش عايز تشوف ولادك؟

أخذ عماد الطفل الذي تحمله صافيناز بعناية، ويبدو أن غضبه تحول إلى حنان. نظر إلى الطفلة مريم بعينين مليئتين بالحب: حبيبة بابا. وضع قبلة على جبينها برفق.
ماسة نظرت إلى فريدة بابتسامة مشرقة: ممكن أشيله؟
فريدة وهي تبتسم وتبدو مطمئنة: أه طبعًا.
حملت ماسة الطفل زين بحذر، تضمّه إليها بحب وتبتسم وهي تنظر إلى وجهه: يا روحي… حبيب قلبي، زي القمر ما شاء الله عليه.
بص يا سليم زي القمر.
نظر سليم: فعلاً ماشاء الله عليه وضع قبلة على رأسه
ابتسم الجميع أخيرًا، والتوتر هدأ في الهول تدريجيًا.
هبة تساءلت: هتعملوا حفلة سبوع.
فايزة: طبعًا
بعد عدة أيام، بدأوا في تجهيز حفلة السبوع في القصر. كانت الأجواء مفعمة بالفرح والحماس. تم تحضير الطعام والحلويات بعناية، وتوزيع المهام بين الجميع لإعداد كل شيء في الوقت المحدد. العائلة والأصدقاء وصلوا، وتجمعوا في القاعة الكبيرة، حيث سادت أجواء من المرح والبهجة.
الجميع كان يتبادل التهاني، ويمضي الوقت في الحديث والضحك. ماسة وهبة كانتا تلتقطان الصور لتوثيق كل لحظة، بينما كانت فريدة وصافيناز تشرفان على تنظيم الحفل والتأكد من راحة الضيوف.

عندما حان وقت تقديم الهدايا، اهتم الجميع بالأطفال الذين لفتوا الأنظار بابتساماتهم الصغيرة. كانت الحفلة مليئة بالذكريات الجميلة واللحظات السعيدة التي سيحتفظ بها الجميع طويلًا.
💞__________بقلمي_ليلة عادل 。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。
(بعد مرور أشهر)
في إحدى العيادات النسائية، الساعة السابعةمساءً.
نشاهد سليم وماسة يجلسان على المقعد الأمامي للمكتب، والطبيبة تمسك بين يديها أوراقًا وتنظر إليها بتدقيق، بينما كان سليم وماسة ينظران إليها بابتسامة مشرقة، وكأنهما ينتظران خبرًا سعيدًا.
الطبيبة: بتاخدي حبوب منع الحمل من إمتى؟
ماسة بتردد: من وأنا عندي 16 سنة.
تساءلت الطبيبة بعملية: والدكتور هو اللي كاتبها لك ولا انتِ اللي خدتيها بمزاجك؟
ماسة: الدكتور كاتبها لي.
أكمل سليم حديثها : هو حصل حمل وهي لسه 16 سنة، بس حصل إجهاض في الشهر الثاني، بالتحديد في آخر أسبوع من الشهر الثاني، والدكتور في المستشفى هو اللي كتب لها النوع ده.

ماسة بتوتر: هو في حاجة؟
الطبيبة بتوضيح: لا، ما فيش حاجة، يعني ده شيء طبيعي جدًا لما بتاخدي حبوب منع الحمل لفترات طويلة، خصوصًا في سن صغير. يعني ممكن نحتاج فترة أطول في العلاج، لكن مش لازم يكون في مشكلة.
ماسة بخوف: يعني أنا مش هحمل؟
الطبيبة تطمئنها: طبعًا يا ماسة هتحملي باذن الله،
ما تقلقيش، ما عندكِش أي حاجة تمنع الحمل. كمان أستاذ سليم، بس اللي كان ممكن يحصل في ثلاث شهور ممكن يحصل في ستة أو سنة بالكثير.
سليم: وايه السبب؟!
الطبيبة: بسبب الحبوب اللي أخدتها لفترة طويلة كان المفروض نغير الوسيلة كل فترة حتى لو مرتاحين عليها.
سليم بترقب: لو في حاجة، ممكن تقولي؟
ابتسمت الطبيبة: والله ما في حاجة. بعدين أنتم لسه صغيرين. أنتِ عندكِ 19 سنة، ما تقلقوش. لو في حاجة أكيد هقول. هكتب لكِ شوية أدوية هتاخديها بانتظام وهنتابع مع بعض، وإن شاء الله، خلال ست شهور بالكثير، هيكون في حمل. مش عايزاكِ تقلقي ولا تتوتري لأن التوتر والقلق مش كويس لو إحنا بنفكر نجيب بيبي. هنمشي على جدول كده مع بعض عشان يحصل في علاقة في الأوقات دي، لأن دي الأوقات اللي فيها احتمالية نسبه حدوث الحمل فيها أكبر، تمام؟

سليم: تمام.
في أحد الكافيهات على النيل السادسة مساءً
نرى سليم وماسة يجلسان أمام بعضهما على طاولة. كان سليم يمسك بيدها، وعيناه تحدقان بها بحنان.
سليم بتطمين: aşkım، دي حاجة كانت متوقعة. معروفة يعني، لما تبقي واخدة منع حمل لفترة طويلة أو حتى لو كانت فترة صغيرة، بس مش معنى كدة إنك مش هتحملي.
سحبت ماسة نفساً عميقاً وأخفض عينيها :خايفة يا سليم، خايفة الحلم يروح.
نظر سليم في وجهها بحب وطمأنينة: مش هيروح، وهتبقي أحلى ماما. أنا متأكد إن حور هتيجي قريب وتنور حياتنا متاخفيش يا عشقي.
بدأت الدموع تسقط من عين ماسة ووجهها يعكس القلق: خايفة أوي، مش قادرة
أكملت بتوتر، وهى تلمس وجهه بحذر: هو أنت ممكن تسيبني لو ما خلفناش؟
نظر لها سليم بنظرة مليئة بالاستغراب والحيرة. نهض وجلس بجانبها، وأمسك بيدها بلطف: ايه اللي أنتِ بتقوليه ده؟! أنا لو هكون أب وهسمح إنه يكون لي طفل في الدنيا دي، مش هيكون غير منك أنتِ وبس. أوعي تقولي الكلمة دي تاني، هزعل منك عشان هحس إنك مش واثقة في حبي.
ماسة بصوت هادئ: أنا واثقة في حبك يا سليم، بس إنت من حقك تكون أب.
سليم مستغربًا: هو انت ليه محسساني إن الدكتورة قالت ما فيش أمل؟ ليه دخلتي في المود النكد ده؟! إن شاء الله هنخلف وهيبقى معانا حور وجاسر ولدين وبنتين زي ما اتفقنا. لو عايزة تاني أنا جاهز، مش هقولك لأ.

نظر إليها بابتسامة حنونة: اضحكي بقى، يلا اضحكي وريني ضحكتك الحلوه اللي بتنسينى اي وجع او تعب.
ماسة ابتسمت برقة رغم الدموع اللي في عينيها:
أنا واثقة في ربنا أنه ان شاء الله هيفرحني.
سليم بابتسامة دافئة: وأنا كمان واثق في ربنا.
وضع قبله طويله على جبينها بحنان وضمها بين أحضانه.
مرت السنة، وماسة كانت ملتزمة بالعلاج الطبي بكل دقة، تأخذ الحقن والأدوية المنشطة وتلتزم بالجدول الموضوع، بجانب اجتهادها في دراستها في الثانوية، لكن مع كل اختبار حمل فاشل كانت تجريه ماسة تشعر باليأس والألم في قلبها يزداد، كانت حياتها تدور حول تلك اللحظة التي طالما تمنت أن تأتي، ولكنها لم تتحقق.
بينما سليم دائمًا إلى جانبها، يحاول تخفيف معاناتها. كان يرى الألم في عيونها، ويسعى جاهدًا لرفع معنوياتها، لكنه كان يشعر في نفس الوقت بأنها أصبحت قريبة من حافة الاستسلام. كان واثقًا في قدرة الله، ولكنه كان يعلم أن ماسة بحاجة إلى دعم كبير لتتمكن من الاستمرار.
سليم كان يحاول جاهدًا أن يخفي ألمه، فهو أيضًا يشعر بالوجع، وكان قلبه يتمزق كلما رأى ماسة في تلك الحالة، يتمنى أن يرزق بطفل منها، هي بالذات، هو الذي رفض تمامًا فكرة وجود أي طفل من علاقاته السابقة، وهو الذي رفض وتسبب بإجهاض طفله من لورجينا. والآن، بعد كل ما مر به، أصبح كل ما يتمناه هو أن يرزق بطفل واحد من ماسة، أن يرى حلم الأبوة يتحقق معها، ولو لمرة واحدة، يتمنى أن يكون لهما ذلك الأمل الصغير الذي يعيد الحياة إلى قلوبهم.

((بعد عام آخر))
فيلا سليم وماسة
غرفة النوم الخامسه مساء
نرى سليم يقف أمام المرحاض مرتديًا ملابس منزلية، وملامح وجهه تعكس التوتر. بعد قليل، فتحت ماسة باب المرحاض وهي ترتدي بيجاما. نظر إليها سليم كأنه ينتظر خبرًا يود سماعه. رفعت عينيها له بأسف وهي تزم شفتيها.
هز سليم رأسه بتفهم، وهو يلوي شفتيه بنظرات ضيق محبطة، قائلاً بنبرة مكتومة: عادي، نستنى شهرين كمان، ولو محصلش حاجة نروح للدكتور تاني، ماشي؟” اقترب منها بابتسامة، وهو يمسح على كتفيها بحنان. متقلقيش، ده طبيعي. وضع قبلة على إحدى عينيها.
رفعت ماسة عينيها وقالت بهدوء وثبات: “هنسميها حور، يا سليم… اتفقنا.
رفع سليم عينيه لها: إيه؟
ماسة: هنسمي النونو حور.
سليم تبسم وهو يربت على كتفها: إن شاء الله، أنا وعدتك قبل كده… من خديها.
ماسة: هتعملها أوضة حلوة باللون البمبي.
سليم بتأكيد: ده أكيد، بس تيجي إن شاء الله وهأعملها كل حاجة.

توسعت الابتسامة على شفتي ماسة وقالت: ماشي… هي عموماً كلها ٨ شهور وتيجي، فيدوب تبدأ… هااا… مستعد ولا…
ركز سليم النظر في ملامحها وهو يضيق عينيه، يحاول أن يفهم ما تقوله.
سليم بعدم فهم: مين جاي كمان ٨ شهور؟
ماسة: النونو، حور، حوريتك يا بابا سليم.
سليم، لحد الآن، لم يستوعب أنها حامل، وكان يظن أنها تقوم بمقلب في البداية: “أنا مش فاهم حاجة، عايزة تقولي إيه؟
رفعت ماسة اختبار الحمل في وجهه وهي تقول بسعادة وحماس: علامتين، يا سليم! علامتين، شايف؟ وعملتُه ٣ مرات وكل مرة بيطلع علامتين والله.
اتسعت عينا سليم بصدمة: إيه؟
ماسة بسعادة: أيوة، كنت برخم عليك. أنا حامل… حامل يا سليم!
اتسعت عينا سليم بفرحة وسعادة غمرت قلبه وكيانه، فأخيرًا تحقق حلمهما الأكبر بأن يرزقا بطفل، جزء منها وجزء منه، ويُتوج ذلك العشق ويجعل بينهما رابطًا مقدسًا.
سليم بنبرة مكتومة، وهو مازال مصدومًا: حامل!!
هزت ماسة رأسها بنعم بحماس بعينين تغرقها دموع الفرحه: أيوة، حامل والله.
فجأة جذبها إليه بقوة، وضمها بشدة، وحملها وأخذ يدور بها، وهما ينظران إلى بعضهما بسعادة غامرة. بعد اكثر من 5 سنوات، أخيرًا سيرزقان بطفلهما الأول. سيكون لسليم العائلة التي طالما تمناها…

لكن هل ستتقبل عائلته ذلك الطفل، أم سيحاولون التخلص منه مثل المرة الماضية؟

يتبع…. 
google-playkhamsatmostaqltradent