رواية لحن الحياة الفصل السادس و الاربعون 46 - بقلم سهام صادق
دون تخطيط(46)
***************
كان وكأنه في عالم آخر ، عقله مغيب وحرارة جسده تزداد وصراخ يأتي له من بعيد وبكاء وتوسل
ففتح عيناه والعرق يتصبب من فوق جبينه ليجد نفسه يحاول تقبيل احداهن ولم تكن الا آخر إمرأة يريد إذائها بحياته ..العقل كان يرغب بها فهو من يهيئها له بطريقة مغريه ولكن قلبه يرفض بل وأصبح يتآلم وهو يسمع آنينها ويديها الصغيره تدفعه عنها وتطلب منه ان يتركها
وابتعد عنها سريعا لينظر الي هيئتها فحجابها كان علي وشك ان يزيله عنها وملابسها يبدو عليها أثر عبث يديه
وارتد للخلف بخطوات مذعوره وهو يشعر بالعطش أكثر اليها ..فأبتعد أكثر عنها وصوت بكائها وانينها يعلو
ليتجه نحو أقرب أريكه يتمدد عليها ثم أغمض عيناه لعله يفيق مما هو فيه .. ليزداد اضطراب أنفاسه وعرقه الذي بدء يتدفق بغزاره
وقفت تائهة في مكانها ترتجف بخوف ..لأول مره تري الرجل الذي احبته هكذا .. لأول مره تخافه
لحظه أدركت فيها معني ان تسقط من حافة الهاويه وتري مصيرك أمام عينيك ..وضمت ذراعيها علي جسدها وبكت بحرقة وهي تتخيل ما كان سيحدث لولا ابتعاده عنها .. لحظات مرت وهي تقف بضياع وعيناها مثبته نحو الفراغ
واستردت أنفاسها بصعوبه..لتتحرك قدميها للداخل فرغم كل خوفها منه الا أنها أرادت ان تطمئن عليه فالرجل الذي كان أمامها منذ قليل ليس مديرها الذي تعرفه ..ليس ياسر الرجل الذي احبته رغم جمود قلبه
وسارت بخطوات بطيئة مرتجفه ويداها مازالت مضمومه علي جسدها ..ووقفت علي بعد يمكنها من رؤيته ..فوجدته ممدد علي الاريكة مغمض العينين
أرادت ات تقترب منه ولكن مشهد ماكان سيفعله بها جعلها تفر هاربه من شقته وتضم حقيبتها لصدرها وتبكي بصمت .. ووقفت في الناحية الاخري من الطريق تطالع البناية ، فعاد قلقها عليه يقتحم قلبها المحب وأخرجت هاتفها بأيد مرتعشه لتبحث عن رقم مهرة وفور ان علا الرنين ردت مهرة
- ريم
وقبل ان تسألها عن حالها .. سمعت صوت أنفاسها الهادر فهتفت مهرة بقلق وهي تنظر لجاسم الذي يقود السياره ويصطحبها للغداء
- ريم مالك ..فيكي ايه
انتبه جاسم للحديث ولكن ظلت عيناه مثبته علي الطريق وأخيرا خرج صوت ريم بتعلثم
- مهرة...خلي جاسم بيه يلحق مستر ياسر في شقته ..شكله تعبان اوي
كانت مهرة علي وشك ان تسألها كيف علمت بذلك
فأنقطع الخط وعادت تدق عليها ولكن الهاتف قد انغلق
فنظرت مهرة لجاسم بقلق
- جاسم ..ياسر تعبان وفي شقته
فأوقف جاسم سيارته ..متسائلا بحده فمنذ عمل ياسر معه وهو دوما يجد فيه الموظف المخلص حتي انه أصبح يعطيه المناصب بشركته ويتولي أشياء كثيره عنه ..لأنه يعلم أن ماله في يد آمنه
- وريم عرفت ده ازاي ..ده كان لسا مكلمني من ساعتين
فحركت رأسها دون فهم ...ناظرة إلي هاتفها
- معرفش حاجه ده الكلام اللي ريم قالته وتليفونها اتقفل
وطالعته وعقلها يدور بأشياء بعيده
...................
أغلقت الباب علي نفسها سريعا بعد ان دارت شحوب وجهها ودموعها عن والدتها...جسدها كان يرتجف واغمضت عيناها بآلم وهي تكتم صوت شهقاتها..مازالت تشعر بأنفاس ياسر الساخنه علي وجهها مازالت تتذكر يديه التي كانت تضمها وقربهم المتلاصق .. وانهارت علي البساط القديم خلف باب غرفتها وبكت وهي تلوم نفسها مردده
- ازاي اوافق أروح بيته ..انا الغلطانه
................
انصرف الطبيب بعد ان طمئنه علي حالة ياسر وان ما به ليس الا أنه تحت تأثير مخدر من الأنواع المنشطه
وقد قالها الطبيب مبتسما بمغزي فهمه جاسم علي الفور فهو في الاصل طبيبا صيدليا ولكن اخذ عقله يدور بنقطه ياسر ومنشط كيف هذا ..ياسر لا يهوي النساء يعيش على ذكرى زوجته .. رجلا كل حياته في العمل ولمعت عيناه عندما تذكر ريم
لتتجمد ملامح وجهه ريم وياسر ومنشط
ودار عقله بجميع الاحتمالات فخرج من غرفة ياسر بعد ان أعطاه الطبيب حقنة تجعله يغفي براحه حتي يعود إلى كامل وعيه
ومر الوقت وهو جالس بالخارج ينتظر استيقاظه .
...............
عاد جاسم ليلا ينظر إلي زوجته الجالسه علي الفراش تقضم أظافرها بتوتر .. فخلع سترته بأرهاق متسائلا
- فين ورد
فوقفت علي أقدامها وهتفت
- ورد خرجت مع أكرم
وتابعت بلهفة
- طمني ايه اللي حصل ..ريم عرفت ان ياسر تعبان ازاي
فأتجه نحو المرحاض ينعش جسده بالماء البارد بعدما اخذ ملابسه
- الاجابه عند ريم يامهرة
وتركها دون ان يضيف كلمه أخرى متذكرا ما حدث مع ياسر وما أخبره به ..فهو لم يتناول غير القهوه مع رفيف التي أتت تناقشه في بعض الأوراق وبعدها انصرفت لتأتي اليه ريم وقد كان بغير وعيه ومن نظراته فهم أنه قد حاول ان يعتدي عليها لولا سيطرته على نفسه والدوار الذي شعر به بعد ان انخفض ضغط الدم لديه
وخرج من المرحاض يجفف شعره ..ليجد مهرة تقف أمام المرحاض تنتظره بلهفه وفضول وقبل ان تسأله هتف
- مش هتلاقي غير الصمت لو سألتي فغيري الموضوع يامهرة
وكادت ان تجادله الا ان إشارة من نظره عيناه ..جعلتها تصمت فلو لم يخبرها فستهاتف ريم غدا لتلتقي بها وتعرف منها ما حدث
وأقنعت نفسها بالأمر ..لتنظر إليه وهو يعدل من هندام قميصه القطني ويمشط خصلات شعره بأصابعه ثم هتف بنبرة حازمه قبل ان يغادر الغرفه
- اللي حصل في الشركه ده ياريت ميحصلش تاني
كانت تظن أنه نسي أمر مافعلته مع كنان ولكن يبدو ان زوجها يخزن لها ما اقترفته لنهاية اليوم
وبعدها تركها تنظر إليه متسعة العينين من مزاجه تلك الليله
- لاء شكل الليله ديه محتاجه سيطرة علي لساني ..ده مش طايق نفسه ولا طايقني
................
لم يتناول العشاء معها وأردف لغرفة مكتبه يتابع عمله وينظر للايملات التي كان عليه مطالعتها بالشركه .. ومر بعض الوقت وهو جالس هكذا
ولكن شرد قليلا وهو لا يصدق إلى الان ان رفيف من وضعت لياسر المخدر فمن سيفعل ذلك فهي من أعدت القهوه ولكن نفس السؤال الذي لم يجد له اجابه لماذا تفعل ذلك؟
وعاد بذاكرته لبضعه أشهر قبل رحيل عمار لديه وقد اعترف له لما حدث مع رفيف معتذرا منه
وابتسم ساخرا علي حاله فيوما كان معجب بها وبجمالها وثقافتها ويريدها زوجه له
وانقطع حبل أفكاره وهو يجد مهرة تحمل طبقين بهم قطع كعك وبجانبهم أكواب من الشاي وهتفت بحماس كي تلطف الجو المشحون بينهم
- لقيت نفسي قاعده لوحدي وانت مرضتش تتعشا قولت اجيب الكيكه اللي عملتها ونقعد نتسلي وناكل ونشرب الشاي ونرغي شويه
فطالعها بفهم وهو رافع حاجبيه
- نرغي وأكيد في نفس الموضوع
وتابع وهو يعود لمطالعه ما أمامه
- خدي بعضك وامشي انا ولا جعان ولا فاضي اتسلي
وفجأه وجدها أمامه تجذبه من ذراعيه
- ابدا ده انا مش ماشيه غير لما تدوق من الكيكه اللي عملتها ..ديه كيكه بمقادير تركيه ياجاسم عملتها مع ورد وقولت لا يمكن اكلها الا لما جوزي حبيبي يجي
وجذبته بقوه أكبر كي تحركه من مقعده
- يلا نقص الشريط
وضحكت وهي تتابع
- قصدي ناكل الكيكه وتقولي رأيك
ونهض معها مرغما وجلس جانبها فهو يعلم أنها ستستدرجه لتعلم ما حدث ولكن سيلتزم الصمت
ونظر لشكل الكعكه مضيقا عيناه
- انتي متأكده أنك انتي اللي عملاها
فأبتسمت وهي تعطيه طبقه
- انت ليه شاكك في قدراتي المطبخيه
فضرب جبهتها بعد ان تناول منها الطبق
- قدرات مطبخيه ... مصطلحاتك ديما بتبهرني ياحببتي
وأخذ يستطعم بشوكته الكعكه فقد كان طعمها لذيذ ولكن لا يصدق انها صنع زوجته
- هحاول أصدق ان انتي اللي عملتيها من غير مساعدة ورد
فضحكت وهي تأكل القطعه التي بشوكتها وشهقت فجأة بعدما وقفت القطعه بحلقها وأخذت تسعل الي ان أعطاها كأس الشاي خاصتها سريعا ناظرا لها بقلق وارتشفت بعض قطرات الشاي وعادت تأخذ أنفاسها بعدما هدء السعال ونظرت إليه ثم هتفت بأعتراف
- مش انا اللي عملت الكيكه ديه ورد
فطالعها جاسم للحظات ثم انفجر ضاحكا من اعترافها وكأنها خافت من كذبتها
ودفعته علي صدره برفق
- متضحكش
فوضع الطبق الذي يحمله وأخذ منها كأس الشاي وابتسم وهو يحدق بها
- تعرفي انى بحب جنونك علي هبلك ده
فأبتسمت بأستحياء ثم اتسعت عيناها وهي تتذكر أنه يذمها
- انا مجنونه وهابله
فمال نحوها يعبث بخصلات شعرها ضاحكا
- ديه مميزات ياحببتي فيكي وانا بذكر دلوقتي مميزاتك
ولثم وجنتيها بقبلات دافئه وامتدت يداه يعبث بلياقة منامتها فسألت
- هو ايه اللي حصل مع ياسر وريم
فرفع يداه نحو وجنتيها يداعبهم وحدق بشفتيها مبتسما
- حصل كل خير ياحببتي
فتمتمت وهي تجد شفتيه تتحرك ببطئ نحو شفتاها
- عايزه أعرف حصل ايه
وصدح صوت أكرم عاليا بالخارج وهو يصرخ ب ورد علي تركها المطعم بعد ان انضم لهم كنان
فنظر جاسم إليها وأخذ يزفر أنفاسه بقوه علي وجهها وهي تكتم صوت ضحكاتها حتي لا يفتضح أمرهم
- بتضحكي علي ايه ..علي خيبتك
فأنفجرت ضاحكه بخفوت وهي تطالعه كيف أبتعد عنها
- بصراحه بقيت تصعب عليا ... بس متقلقش كله في ميزان حسناتك ياحببتي
ونهضت من فوق الاريكه راكضه لخارج الغرفه بعد ان طالعها بنظرات حانقه
واتبعها وهو يجدها تقف بينهم تسألهم عن سبب صراخهم و ورد تهتف بضيق
- الأستاذ بيقولي مبسوطه ومقضياها خروج وهو هنا قاعد في قلق ومدام نفسيتي ارتاحت أرجع معاه علي تركيا ..ده كان عايز يخدني معاه علي المطار يامهرة ومجهز كل حاجه وهو اللي قايله يخرجني
وصعدت لاعلي تبكي علي كلمات كنان وهو ينعتها ببرودة القلب وهو لا يقدر علي بعدها
لتنظر مهرة لاكرم معاتبه
- ليه عملت كده .. ورد هترجع كده كده لكنان بس محتاجه وقت تهدي وتريح اعصابها
فنظر إليها أكرم متأسفا
- الراجل بيحبها يامهرة وسايب شغله وحياته وجايه وراها يتحايل ويعتذر وندمان كفايه كده عليه
فتهكم وجهها فهو من فعل ذلك فليتحمل ...وسمعت صوت جاسم مؤكدا
- أكرم عنده حق يامهرة ..كنان ندمان
فوقفت تحدق بهم هم الاثنان ثم تركتهم وهي تهتف
- خليه يندم أكتر وأكتر
....................
نظرت رفيف لناريمان اللي اقتحمت مكتبها وهتفت بسعاده
- نجحت خطتنا أليس كذلك
فأبتسمت إليها رفيف
- لم يأتي للعمل ولم تأتي هي أيضا ..يبدو انها كانت ليله حافلة
فأتسعت ابتسامة ناريمان وهي تتذكر ريان عندما يعرض الزواج علي ريم وترفض ..فكيف ستقبل الزواج به بعد ما حدث بينها وبين ياسر وغير سمعتها التي ستتولي تلك المهمه هناء سكرتيرة ياسر
ففي كل الاتجاهات عند عودت ريان من سفره سيدرج ان ريم ليست الفتاة التي يظنها .. سيثيروا الشكوك بين علاقتها ب ياسر
وزفرت رفيق أنفاسها بحنق
- ماذا فعلتي مع السيد عدنان ..هل قبل منحك عمار كحارس شخصي لكي
فحركت ناريمان يدها علي خصلات شعرها وهي تتذكر ليلة أمس وهي تقضيها مع عدنان والذي يعمل عمار حاليا حارس له
- لا تقلقي .. سيعمل لدي من بعد غد
وضحكت بأستمتاع
- وستسير خطتنا كما اتفقنا
فنهضت رفيف من مقعدها وانحنت نحو صديقتها
- ريان لن يتزوجك ناريمان لا تحلمي بهذا الشئ وانا فعلت ذلك معك لأني اعلم بحب ياسر لريم ولكن لن يعترف بشئ وسيظل هكذا فأردت تحركيه
وابتعدت عن صديقتها ..فأخذت ناريمان تطالعها بضيق من أخبارها الدائم بأن شقيقها لن يتزوجها فهي تعلم ذلك وليست بحاجه لمعرفتها ولكن تأمل في يوم ان يدرك ريان حبها ولكن مدام لن تجعله يتزوج تلك الفتاة التي هي متأكده أنه إذا تزوجها ستمتلكه لها وحدها عكس زوجته السابقه التي كانت نسخه منها ومن رفيف
........................
نظرت بسمه للفستان الأبيض الذي انتقته لكتب كتابها وعرسها في نفس الوقت ..لم يكن فستان زفاف ولكن رغبت ان ترتدي مشابه له ..واخذت تتأمل تفاصيل جسدها بأبتسامة واسعه ..بعد عدة أيام ستسير زوجته وستعطيه كل ما يريد ..ستكون زوجه معطاءه عكس مرام فقد علمت نقاط ضعف مرام ولن تصبح مثلها وتخسره وفي دوامه سعادتها نسيت خطتها القديمه مع مشيرة وكيف دخلت اطار حياتهم
......................
حمل كريم حقيبة سفره ..فرحلة عمله التي أجلها في تلك الليله بعد ما حدث مع مرام وبعد ما مر به
ووجد مرام تقترب منه متفاجأه
- انت مسافر ياكريم
فطالعها ببرود اعتادته منه
- انتي شايفه ايه
واتجه نحو غرفة أولاده يقبلهما وهي تتبعه متسائله
- ديه رحلة لندن اللي اتأجلت مش كده
فخرج من غرفة صغيريه ولم يعد يحتمل اهتمامها هذا فهتف ساخرا
- اه رحلت لندن اللي اتأجلت عشانك
واقترب منها بفحيح وهو يحدق بها
- كنتي عايزه تجهضيه واه اتحققتلك أمنيتك في نفس الليله
وحمل حقيبته بعدها وانصرف ليتركها تقف مصدومه من معرفته .. ووضعت بيدها علي شفتيها تكتم شهقتها ثم ركضت خلفه تهتف بأسمه ولكن قد رحل
.....................
تغيبت عن عملها امس فأخذت والدتها تسألها عن السبب أخبرتها عن عدم ذهابها لعملها مرة أخرى فهتفت والدتها بقلق
- حصل حاجه في شغلك ياريم اتطردتي يابنتي
ومن دون اجابه ضربت علي صدرها
- هندفع فلوس الجمعية منين اللي دخلناها عشان عملية ابوكي
واخذت تذكرها بقيمة المرتب وحالهم وان والدها لم يعد قادر علي العمل ولكن عندما رأت الدموع بعين ابنتها ..احتضنتها مشفقة
- خلاص يابنتي مش مهم ..ربك مبينساش عباده تدبر
وخرجت والدتها من غرفته ..فجلست علي فراشها باكيه متذكرة المسئوليات التي أصبحت علي عاتقها
صحيح لم يحدث شئ لها من ياسر ولكن قلبها يؤلمها كلما تذكرت أنها لولا رحمه الله بها لحدث ما لم تريد تذكره
ونهضت من فوق فراشها تذهب لعملها فهي بحاجه لذلك المرتب
..................
وقف ياسر يرتشف من فنجان قهوته وهو ينظر من شرفة شقته مفكرا فيما حدث ..ويتوعد داخله لرفيف ولكن قرر الصمت هو وجاسم حتي لا تتأذي سمعت ريم وقرر ان يبتعد عن الفرع الإداري ويمسك إدارة أحد المصانع التابعه للمجموعه
واغمض عيناه بندم وقد قرر ان يعتذر من ريم
ونظر لساعة يده فكانت تسير ببطئ وهو لن يذهب لعمله الا علي الظهيرة فليست لديه رغبة بالعمل
وسارت من أمامه صورة ريم وهي تبكي وتدفعه عنها بضعف كي لا يفعل بها شئ
فقبض علي يده بقوة متمتما
- حسابك معايا يارفيف بس الدنيا تهدي وهعرف اخد حقها منك
........................
تمطئت مهرة علي الفراش بتكاسل وهي تنظر نحو جاسم الذي تأخر للذهاب لعمله بعد سهرتهم سويا ليلة أمس ووجدته يلتف نحوها مبتسما
- هنتغدي بره النهارده وابقي شوفي ورد
فنهضت من فوق الفراش بثوبها القصير وعانقته
- فكره حلوه واه بدل الغدا اللي اتأجل من يومين
ولمعت عيناها عندما تذكرت ذلك اليوم وإلي الآن جاسم لم يخبرها عما حدث وريم هاتفها مغلق
- انت مش هتقولي على اللي حصل .. انا قلقانه علي ريم ياجاسم
فضحك علي افعالها فهي تدور حول ذات الموضوع منذ ذلك اليوم فحدقت به بضيق
- علي العموم انا هروحلها بيتها اطمن عليها لو مفتحتش التليفون بتاعها
فتنهد جاسم وهو لا يريدها ان تعرف السبب الذي بتأكيد حكايته لن تكون مكتمله ...الا اذا شرح ياسر الأمر لريم وأوضح لها كل شئ
- مهرة ريم لو عايزه تقولك حاجه هتيجي وتحكيلك ..بلاش فضولك ده
فحركت رأسها بضيق وهي تعلم صحة كلامه ولكنها تخاف علي ريم وتعدها كشقيقة لها وانحني نحو جبينها يلثمه بقبلة حنونه ثم داعب وجنتيها
- بحبك وانتي بتسمعي الكلام
وانصرف من أمامها لتقف هاتفه بحنق
- مبيقولش غير اللي عايز يقوله
...................
منذ بداية دوامها هذا الصباح وهي تستمع إلى همهمات الموظفين وخاصه النساء لم تضع ب ببالها ان تعرف بما يتحدثون فيه .. ولكن اتضح كل شئ لها وهي تجلس في أستراحه العمل وترتشف فنجان قهوة من أجل الصداع الذي يدق رأسها كالطبول واقتربت منها احداهن تسأله بخبث
- وهيتجوزك علي كده
ثم تابعت
- لاء طلعتي شاطره وقعتي واحد من المديرين
ووقفت تصرخ دون وعي
- انتي بتقولي ايه
لتتعالا الهمهمات واحداهن تهتف
- ان الله حليم ستار
وأخرى تنظر لها بشمئزاز ويتحدثوا عن ذهابها لشقة مديرهم وما بينهم
فتذكرت هناء فهي بالتأكيد من لديها الحقيقه لهؤلاء فهناء من بعثتها من يومان وتحركت بخطي سريعه لمكتب هناء ولكن وجدتها تقف في بهو الشركه أمام ياسر الذي قد جاء للعمل ووقف يزيل نظارته عن عيناه وبجانبه أحد محاميون الشركه
فجذبت يد هناء قائله لها برجاء وهي تتحاشا نظرات ياسر
- هناء تعالى معايا قوليلهم ان انتي اللي بعتيني بالملف لمستر ياسر
ونطقت اسمه بصعوبه ..لتتسع عين ياسر وهو ينظر لهناء التي وقفت مرتبكه ثم صاحت بها
- انا بعتك ياريم ..ده انتي اللي اتحيلتي عليا عشان تروحي
فنظرت إليها ريم بصدمه من كذبتها فهي ذهبت من أجلها لأنها كانت تريد الانصراف مبكرا من أجل والدتها ووجدته تنظر لياسر تخبره بكذب أنها من رغبة بذلك
صدمتها كانت كبيره هي تدرك انها في غابة حقيقية غابة بها بشر ... ووقف ياسر يستمع لهم وعيناه تدور بينهم وبعض الموظفين انتبهوا للحديث الدائر فخرج صوته صادحا بجمود
- وفيها ايه لما تيجيلي شقتي انا وريم جوازنا بعد شهر ومن يومين كتبنا الكتاب ومظنش أننا لازم نوضح كل حاجه لاي حد
ونظر الي يدها التي تعلقت عين هناء عليها فأكمل وهو يطالع تلك التي وقفت متخشبه بمكانها
- قولتلك ياحببتي ألبسي خاتم جوازنا ..انا عارف انك اكيد نستيه
ورسم ابتسامة علي شفتيه فأبتسم البعض وتحولوا لمهنئين ليتقبل ياسر التهنئة بملامح جامده اما هي وقفت لا تشعر بأي شئ يدور حولها
.................
وقفت خلف باب المرحاض تكتم صوت أنفاسها بعد ان استمعت لاسم زوجها في الحديث الدائر بين المرأتان ولم ينتبهوا لوجدها .. كان جاسم قد اصطحبهم لمطعم فخم ليتناولوا طعام الغداء
ولكن حديث المرأتان جذب اذنيها
- شوفتي مرات جاسم الشرقاوي ..عاديه خالص بيقولوا كانت موظفه عنده
فضحكت المرأة بتهكم وهي ترد علي صديقتها
- ولا استيل حتي ..تقريبا نزوه وهيزهق منها قريب
فتابعت الأخرى وهي تهندم خصلات شعرها
- الفرصه قدام نرمين سهله أنها تتجوزه بس الهانم رافضه تخرب حياتهم
فتعالت ضحكاتهم لتكمل وهي تضع أحمر الشفاه علي شفتيها
- خليها معجبه بيه في صمت كده .. لحد ما تخسر فرصتها
وغادروا بعدها ولم يعوا ان طعناتهم وصلت لمن يعنوها دون تخطيط
يتبع بأذن الله
**********
•تابع الفصل التالي "رواية لحن الحياة" اضغط على اسم الرواية