رواية لحن الحياة الفصل الثاني و الخمسون 52 - بقلم سهام صادق
قفصً جديد (52)
**************
انتهى كل شئ في غمضت عين.. العرس الذي حلمت به مضي
سعاده والديها رغم حزنهم على شقيقها الذي لم يطيب حزنهم عليه بعد..
كان حفل الزفاف بسيط للغايه..مجرد مظهر للفرح بين جيرانها واحبابهم... فكيف تعيش الفرح وشقيقها لم يمر عاما على وفاته بعد...ومع احتضان والدتها القوى لها ثم ابيها أدركت أن أجمل دفئ هو دفئ الوالدين.. ليلتقط ياسر ذراعها بذراعه ويسير بها لسيارته ومهرة تقف بعيدا بجانب رقية وجاسم تنظر إليها بنظرات تخبرها أن الصفحه الجديده من الكتاب ستفتح على لحن حياه جديده من عمرها
.....................................................
دلفت للشقة خلفه وهي تحمل فستانها بأيديها.. لم تكن عيناها مسلطه الا علي خطواتها المتثاقله.. وتقدم منها ياسر يغلق باب الشقه ولم يكن أقل منها من مشاعر متخبطه... فمنذ الصباح والماضي يحوم حوله... عرس.. زوجه.. ليله البناء.. حمل.. طفله ثم موت.. آلم الماضي يجثو عليه ومع تعدد المشاهد بدء قلبه يرسم له نهاية ما دخله بقدميه مرة اخري
ووقف للحظات يعطيها ظهره ولا أحد منهم يتفوه بشئ الا صوت أنفاسهم يتعالا.. فأرخي جفنيه ورطب شفتيه بلسانه ورسم ابتسامه مصطنعه على شفتيه جاهد في رسمها وأقترب منها هاتفا بأسمها
- ريم
كانت الكلمات تقف على طرف شفتيه تأبى الخروج وهو يطالعها كيف تقف تفرك يداها بتوتر بعد أن تركت طرفي ثوب عرسها
ولثم جبينها بقبلة طويلة لعله يخرج فيها أسفه ثم تمتم بدفئ
- كنتي جميله اوي النهارده
أراد أن يشعرها بأنها حقا عروس ويعطيها جزء من حقها كأي فتاة
فأغمضت عيناها من أثر تلك المشاعر... مشاعر مع رجل أحبته ولكن هو لم يحبها.. وعادت تستجمع قواها وفتحت عيناها
وهي تعلم أنه سيخبرها ان زواجهم مؤقت ومجرد وقت وكل منهم يعود إلى حياته القديمه
ليبتعد عنها متأملا حالتها واخيرا خرجت الكلمات التي رتبها بصعوبة
- أنتي عارفه حياتنا هتكون ازاي
وقبل أن يبدء بشرح اي شئ لها تسألت بوجوم
- فين الاوضه اللي هتكون مكان اقامتي
فهم انها أدركت سبب تخبطه... لينظر إليها طويلا معتذرا ووضع بكلتا يديه على ذراعيها
- ريم انتي فاهمه الوضع اللي اتحطينا فيه
فتعلقت عيناها على ذراعيه التي تحاصرها.. فخطت للخلف فأبتعد عنها مزيحا يداه
- خلينا نكون اصدقاء ياريم أو اخوات..
طعنة قوية طعنت قلبها اخوه.. أصدقاء..وهي تراه كحبيب.. عشقته بقسوته وجموده.. وعاد حديث مهرة لعقلها
فهتفت داخلها " أين هذا الحب الذي ظننتيه يامهرة"
وتمالكت إنهزامها ورجفت شفتيها
- متقلقش مش هتحس بوجودي.. كأننا شركاء سكن مش اكتر
وتابعت وهي تنظر حولها تتحاشا نظراته
- فين الاوضه من فضلك
لينتبه ياسر لصوتها بعد أن كان سارح في ملامحها الحزينه مؤنبا نفسه على ظلمها مع رجلا مثله بماضي مظلم متذكرا رفيف يلعنها عما فعلت ولكن أصبح غليله يشفي عندما علم بزواج عمار منها ورغبته في تأديبها بعد أن اخبره أن أذاها لم يصيبه وحده ووعد عمار بوظيفة جديده مساعده منه لأجل تخليصهم من سم رفيف
وتحرك امامها وفتح باب الغرفة ثم أنار الإضاءة
- ديه اوضتك لو حابه تغيريها مع اوضتي معنديش مشكله
فدلفت للغرفه بصمت تطالع الأثاث الذي تركت له انتقاءه
- لاء الاوضه جميله وعجبتني
فطالعها ياسر للحظات بعد أن جلست علي الفراش وكاد أن يخرج ويغلق الباب خلفه
- هغير هدومي واجي اسخن الاكل
فأبتسم متذكرا الطعام الذي بعثته والدتها مع شقيقها وكأنهم اليوم سيكونوا بمجاعة ولكن هذه هي العادات كما أخبره شقيقها الصغير " على"
وأغلق الباب بصمت.. لتلتف نحو الباب المغلق ثم انفجرت باكيه فلم تعد تحتمل قدرتها على تمثيل القوة
.................................................
أختلس النظرات إليها ضاحكا..ولا يعلم كيف طاوع جنونها هذا
فبعد إنتهاء عرس ريم وياسر..اخذت تلح عليه كالأطفال بأن يصطحبها للسير في الطرقات وانتهى الأمر بهم أمام عربة المثلجات.. ومسح فمه بالمنديل وهو يتذوق ما يأكل بتلذذ
- طعمه حلو
فألتفت إليه بمتعه وهي مندمجه في لعق خاصتها ببطئ
- عيب عليك.. عم مانجه احلى واحد يعمل آيس كريم في المنطقة
ليضحك جاسم من قلبه على معرفة زوجته بكل شئ خاص بعالمها المتواضع
- نفسي اعرف أنتي بتعرفي الناس ديه ازاي..ده انتي ولا كأنك زبونه عندهم
فأسبلت جفنيها ببرآة
- تتسكع في الطرقات اكتر تعرف أماكن اكتر وناس اكتر
ألجمه تشبيها وفي ثواني معدودة كان يضحك بقوة حتى بدء يسعل
- تتسكع وطرقات يامهرة... ماشاء الله أنتي موسوعه ياحببتي
فأرتسمت على شفتيها ابتسامه واسعه وحركت كتفيها بفخر
- عيش واتبسط من غير تكلف
وتابعت بنبرة درامية مضحكه
- ده مبدئ في الحياه
فحدق بها مبتسما... الحياه بالفعل جميله دون زيف أو تصنع فعالم المال جعله يدرك الفرق
وعادوا يكملوا السير وهو لا يفعل شئ إلا مشاكستها.. ووقف أمامها يخرج من سترته منديلا وتقدم منها يرفع فكها بأنامله ويمسح جانب شفتيها مبتسما
- كملي رغي ياام مبادئ في الحياه
فضحكت بملئ قلبها لتتعلق بذراعه
- اتعلم مني بقى
.......................................................
تأففت بحنق من كم الدبابيس المثبتة بطرحتها.. معاناة كانت مع سحاب الفستان وقد نجحت بأمره ولكن الآن لم تعد تقوى على التحمل فستقضي الليل بأكمله هكذا.. لتسمع طرقات ياسر علي الباب يسألها بقلق
- ريم انتي كويسه
ونظر إلى ساعته.. فساعتان بالغرفة ولم يسمع لها صوت.. فقد سخن الطعام للمرة الثانيه من أجلها ولكن إلى الآن مازالت بحجرتها
ووجدها تفتح الباب له حانقه
- ممكن تساعدني.. انا خلاص تعبت
فنظر إلى هيئتها مبتسما
- مندتيش عليا من بدري ليه
ومسك يدها بحنو بعد أن شعر انها أوشكت على البكاء وأخذ يمازحها بلطف جديد عليه
- تعالى اما اساعدك.. بدل ما هتقضي الليل كله كده
واجلسها على الفراش ليقف يزيل عنها الدبابيس المثبته وهو يضحك
- ايه اللي بيعملوا فيكوا ده.. دول بيدبسوكم ياريم
فضحكت على مزاحه ليبتسم على ضحكتها
- علبتين دبابيس للأسف.. انا حاسه اني متثبته على اتجاه واحد
لتصدح قهقهته عاليا.. فتعلقت عيناها عليه وقلبها يخفق بجنون.. واشاحت وجهها للجهة الأخرى بعد أن وجدته يسلط عيناه نحوه
وبعد وقت لم تشعر به كان يبتعد عنها مبتسما
- المهمه تمت بنجاح
لتنهض ريم من أمامه تحرر شعرها من عقدته.. فوقف سارحا بخصلات شعرها السوداء القصيره التي لاقت على ملامحها البسيطه وفاق من شروده فيها هاربا من أمامها.. مخبرا قلبه أن يتوقف عن رسمها كزوجه إليه
............................................
وقفت رفيف امامه بردائها القصير الشفاف.. فأغمض عمار عيناه بقوه هاتفا بضيق داخله
- اعمل فيها إيه ديه.. اولع فيها وفي هدومها
وفتح عيناه بعد أن سمع صوتها
- عمار
ومع سمع صوتها تذكر أمر شقيقته التي لا يريدها أن تتفتح عيناها على هذا التبجح.. ونهض من فوق الاريكه التي يجلس عليها وامسك ذراعها بغضب
- انتي ازاي تطلعي من الاوضه كده
فتآوهت بآلم تمسك كفه المطبوقه على ذراعها بأحكام تزيلها عنها
- انت تؤلمني عمار
فدفعها أمامه بجمود
- وياريتك بتحسي بالآلم..ده انتي حياتك كلها أذى في أذى
ودفعها للغرفه التي تشاركه فيها
- اللبس ده متخرجيش بيه من الاوضه ديه وياريت متلبسهوش مش انا الراجل اللي بيجري ورا شهوته
ماكان كلامه الا يزيدها افتنان به.. ورغم آلم جسدها من أثر دفعاته اقتربت منه تقبله وهو ثابت بمكانه...فأزاحها عنه بغضب
وخرج من الغرفة صافعا الباب بقوه
ونظر إلى غرفة شقيقته المغلقه ثم خرج من الشقة بأكملها.. لتضع علياء اذنها على باب غرفتها وهي تشعر بالقلق على شقيقها
وعادت تجلس على فراشها كما كانت تفكر في حديث صديقتها
..............................................
صعدت الدرجات الرخاميه ذو الملمس الرطب بعد أن خلعت حذائها العالي فلم تعد تحتمل تورم قدميها.. لينظر إليها جاسم مستمتع بمشيتها التي تشبه البطريق فألتفت نحوه تسأله بحنق
- انت بتضحك على ايه.. رجلي وجعتني ومش مستحمله امشي بالجذمه
ونظرت إلى قدماها ثم ل "هدى" التي فتحت له الباب مرحبه بهم مع ابتسامه ودودة على شفتيها...واتبعها ضاحكا بعدما أبلغ هدى انا تذهب لغرفتها كي تستريح
- طيب رجلك وجعاكي وفهمنا...ماشيه تطوحي كده ليه زي البطريق
فوقفت أمام الدرج تعض على شفتيها بقوة ثم عادت إليه
- شايف انا كنت ساكته وزوجه مؤدبه.. وف حالي
فضحك على شراستها وهي تحدق به
- قصدك أن انا اللي بشاكس.. لا ياحببتي انا بقول الحقيقه
لتجذبه من عنقه بعد ضغط علي زر الإنذار لديها
- شيلني ياجاسم.. عشان تقول عليا بطريق تاني
فصدحت صوت ضحكاته عاليا ومدام في النهايه سيحملها فليداعبها قليلا بمزاحه
- اشيلك ايه ده كان زمان... انتي بقيتي دلوقتي دبدوبه ياحببتي
فدفعته على صدره بوجه عابس ومازالت تجذب عنقه إليها
- مدام دبدوبة مافيش تنازل اني اتشال ياجاسم
فحملها مرغما عنه ضاحكاً وهو يخبرها أن وزنها قد زاد أما هي كانت تتعلق بعنقه تدندن كي تلهي نفسها من مزاحه السئ الذي يدمر نفسيتها كأنثي
" قاتلتي ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني... من أين أتيت؟ وكيف أتيت؟ وكيف عصيت بوجداني؟
ومع كل مقطع ومقطع من كلمات الغنوة كانت تصرخ بعلو صوتها
الي أن سطحها على الفراش وضحكاته تتعالا
- بس كفايه يامجنونه
لتتعالا نبرة صوتها ثانية
" من أين أتيت وكيف أتيت
فألقي جاسم سترته واقترب منها
- ده شكل الليله ديه هتكون لطيفه ياحببتي
وأمتدت يداه نحو حجابها يزيله عنها مبتسما
- كنتي جميله النهارده اوي ياحببتي.. الفستان عليكي يجنن
لتتوقف عن التلحين مع نفسها مبتسمه
- بجد ياجاسم... يعني مبقتش دبدوبه
فتعلقت عيناه بها ومال نحوها يداعب وجهها بكفه
- مين المغفل اللي قال كده
فأنتعش وجهها بعد أن سب نفسه
- انت ياحبيبي
وضاعوا بعدها في لحظاتهم الجميله
.............................................
تسير في غرفتها دون هواده وهي تتخيل لو كان كريم تزوج بسمه..تلك الصديقه الخائنة التي ائتمنتها على حياتها.. وكلما عاد صوت كريم لاذنيها وهو يخبرها دون شعور بالجرم في حقها كان الغضب يتآكلها.. مشاعر الغضب والغيرة تملكت قلبها ولحظتها علمت انها كانت أكبر مغفلة... ذهبت لمنزل بسمه لتواجها لعلها مازالت بكندا ولكن لا أثر لها
وهوت بجسدها فوق الفراش زافرة أنفاسها بقوة ثم نهضت وهي لم تعد تحتمل كبت غضبها أكثر من ذلك.. فمنذ أن أعترف لها بالحقيقه وهي منزوية على نفسها صامته
واتجهت لغرفته بخطى سريعه.. لتجده يقف أمام المرآة يهندم ملابسه وينثر عطرة دون أن يلتف إليها
حربا باردة اصبحت تدور بينهم ولكن هي لن تحتمل
فقد لعب على أكثر وتر حساس لديها تجاهلها فهي دوما عاشقة للاهتمام والدلال فقد الابنه الوحيده لوالديها ورغم قله مواردهم الا أنهم كانوا يعطوها كل ما رغبت حتي لو حرموا أنفسهم فيكفيهم هي
- مش هتبرر غلطك ياكريم في حقي...المفروض دلوقتي نبقى متعادلين انت جرحتني زي ماجرحتك
كان لا يبلى بحديثها فتركيزه جعله منصب على ساعه يده إلى أن وقفت أمامه غاضبه
- انت مبتردش عليا ليه.. اكتر حاجه عارف اني بكرهها التجاهل
وهنا انفجرت شفتيه بضحكة رجولية صاخبه
- التجاهل في الوقت ده أنسب حل ياحببتي..واحمدي ربنا ان حياتنا وصلت للتجاهل بس
فدمعت عيناها وهي لا تريد شئ إلا حنانه عليها
- انا مسمحاك في حقي ياكريم عشان انا السبب... بس انت كمان سامحني
عيناه تحجرت على دموعها رغم أنه بدء يغفر الا ان الدرس لا بد أن يتقن تعليمه لها
- للأسف يامرام أنني ضيعتي كل رصيد حبك
وتخطاها كي ينصرف من أمامها .. فقبضت على ذراعه بضعف
- انا كنت عايزه أنجح واوصل عشانك.. عشان متجيش في يوم تعايرني بفقري وتسبني زي ما سبتني زمان
وبدأت تذكره بالماضي... يعلم أن أكبر غلطه فعلها بحياته هو بداية الزواج العرفي منها ولكن الماضي انتهى وهو عاد كريم القديم مجددا معها قبل أن يشوه فقد عائلته
وشعر بيديها علي صدره تطلب منه اللجوء لدفئ احضانه الا انه ابعدها عنه بجمود
- عمرك ما فهمتيني يامرام.. انتي عجبك كريم الشرقاوي الراجل الغني
وانصرف من امامها وقد تجمدت ملامحه.. هي من سعت للفت انظاره بكل الطرق فور أن علمت بمكانته وأنه شقيق من.. ولكن كل هذا لم يفرق معه لأنه احبها بقلبه القديم الحنون وليس بقلب الشاب العابث
............................................
نظرت رفيف لطعام الفطور الذي تذمرت عليه الايام الماضيه ولكن قررت أن تعتاد على الأمر رغم أن معدتها لم تعتاد
لتضع علياء طبق الفول أمامها ومعه اقراص الفلافل الساخنه
ثم أتت بطبق الجبن وشرائح الطماطم
- انا بخدم عليكي الايام ديه وبقول عروسه
هتفت علياء عبارتها بأستنكار.. لتجذب رفيف الخبز من أمامها بحنق فلولا انها جائعه ما اكلت
- وماذا سأفعل بعد ذلك سيده علياء.. انسيتي أنني زوجه شقيقك وخدمتك لي واجبه عليكي
فنهضت علياء مزمجرة فقد كانت تخدمها بطيب خاطر من أجل شقيقها ولكن الآن
- خدمة مين اللي واجب.. انا بخدمك ذوق مني بس عشان اعرفك أصول الاحترام والذوق
وأشارت لنفسها
- بس انا غلطانه من النهارده مافيش ذوق في مبدء اخدم نفسك بنفسك واه نتبع النظام الأوربي اللي أنتي عايشه بي
وتابعت وهي تنظر للمطبخ
- عليكي غسيل الأطباق اللي هناكل فيها بعد كده
فطالعتها رفيف حانقه
- انا رفيف أجلي أطباق.. نووو نوو
لتضيق عين علياء بشراسه
- مهما نونوتي هتغسلي الأطباق
واصبحت تلك عادتهم اليوميه.. ليخرج عمار من غرفته صائحا بهم
- مش كل يوم صوتكم هيسمع الجيران
فصمتوا على الفور بعد سمعوا صوته..لتحدق علياء برفيف متمتمه
- قلبتي راحتنا
فأسبلت رفيف اهدابها واقتربت منه تعانقه وتطبع على خده قبلة سريعه خائفة من غضبه فهي تستغل وجود علياء حتى لا ينفرها كالعادة
- صباح الخير حبيبي
فلوت علياء شفتيها بأمتعاض بعدما طالعتها وحملت دفاترها وحقيبتها هاتفه بصوت خافت
- حبيبك.. حبك برص
وأغلقت الباب خلفها... ليدفعها عمار عنه
- بلاش اساليبك الرخيصه ديه قدام اختي
ليحتقن وجه رفيف من اهانته التي أصبحت لا تسمع غيرها وانصدم وهو يجدها تجذبه إليها وتقبله.. وابتعدت عنه تلهث أنفاسها متمتمه
- ستحبني عمار مثلما احبك.. انا لا اخسر
وانصرفت من أمامه ليقف مصدوما من فعلتها
................................................
تأمل كنان زوجته وشقيقته كيف يتمازحون وجواد الذي عاد اخيرا من إقامته مع عمه راغبا في العيش بينهم مندمج معهم حتى والدته عادت معهم من الضيعه وتجلس بينهم بمقعدها تتناول فطورها وتبتسم على حديثهم
كانت عائشة تتحدث مع ورد من أجل الذهاب للتسوق لجلب ملابس للطفل القادم رغم أن الوقت مازال مبكرا فهي للتو بدأت بشهرها الخامس
وتوقفوا عن حديثهم بعد أن سمعوا صوت كنان
- اتركوا حديثكم جانبا الان أيتها الثرثرات وانتبهوا لي
لتضحك كل من عائشة و ورد وأيضا جواد الذي ترك كأس الحليب خاصته ليستمع اليه اما فريده تنتظر أن تعرف ما سيخبرهم به ابنها
-سننتقل لمنزل آخر أكبر من هذا
فصفق جواد بيديه فرحا بذلك الخبر
- وبحديقة أكبر أليس كذلك خالو
فضحك كنان على حماسه الذي اشتاق اليه
- نعم حبيبي
لتتسأل ورد فقد اعتادت على هذا المنزل
- ما السبب كنان.. المنزل رائع
فأرتسمت على شفتيه ابتسامه حانيه
- لقد أصبحنا أسرة كبيرة ورد.. غير الضيف القادم
فهمت انه يقصد طفلهم بذلك.. لتحرك رأسها في صمت
إلى أن انتهى فطورها وجاء موعد مغادرة كل من عائشه وكنان للعمل..فتعلقت ورد بعنقه قبل أن يتجه نحو سيارته
- أتى لي بالحلوي كنان
فضحك وهو ينحني نحو وجنتها يقبلها
- سأجلب لكم جميعا ورد.. فأنا أصبحت ابا لثلاث الان والرابع قادم في الطريق
واتجه لسيارته تحت انظارها المحبه.. وعائشة تلوح لها بيدها وهي تصعد السيارة جانبه
........................................
انفردت بها والدتها جانبا تسألها بلهفة ام
- طمنيني ياريم كل حاجه تمام يابنتي
لم تفهم في البدايه سؤال والدتها الا عندما حركت لها عيناها كي تطمئن قلبها ومع صمت ريم للحظات.. هتفت والدتها
- اكيد اتكسفتي بنتي وانا عارفاها
وبدأت والدتها تستنكر فعلتها وتخبرها أن هذا لا يصح فهو زوجها والرجل لا يصبر على زوجته كثيرا وريم تقف لا تعرف كيف تجعلها تنتظر أن تسمع منها الاجابه وقبل أن تخبر والدتها كاذبه أن كل شئ على مايرام.. صدح صوت والدها بأن يكفيها الثرثرة وتترك ابنتها وزوجها... لتتحرك والدتها من أمامها على مضض ومع انشغال ريم مع والدها واخيها وياسر الذي كان يقف يطالعهم مبتسما.. اقتربت منه مشيرة له
- قرب يا ياسر ياحبيبي
فمال نحوها ياسر بتوجس لتهمس له ببعض الكلمات ثم ابتعدت عنه بعد وجدت ريم تقترب منهم تنظر إليهم بتعجب
وانصرفت أهلها.. فوقفت تطالعه
- هي ماما كانت بتقولك ايه
فنظر إليها ياسر طويلا متذكرا حديث والدتها ثم ضحك
- كانت بتوصيني عليكي
وانصرف بعدها من أمامها قبل أن يخبرها صراحه بالأمر
...........................................
بكت مرام بحرقة وهي تغلق الهاتف بعد أن تحدثت مع مهرة طالبة منها أن تجعل جاسم يطلب من كريم ان يأتوا اجازه للوطن.. شعرت مهرة بوجود خطب ما بينهم ولكن مرام لم تصرح لها بشئ
أصبح لديها أمرين ترغب في اخبار جاسم بهم وبالاصح سؤال وطلب.. سؤال عن الماضي العالق بين حياه ريم وياسر
ومهاتفته بشقيقه لأخذ اجازه قصيره دون أن توضح له أن هذا طلب من مرام
ووقفت مع نفسها قليلا تفكر.. كيف ستبدء بالحوار معه.. فجاسم يحلل كل شئ بطريقة سريعه وبالتأكيد سيشك في اقتراح مهرة بجعل كريم يأخذ اجازه ليراه
وبعد دقائق حسمت أمرها وقررت أن تصنع له مشروب ساخن وتذهب لغرفه مكتبه
ودلفت بتمهل وهي تحمل المشروب الساخن هاتفه ببتسامه هادئة على شفتيها
- ممكن أعطلك ياحبيبي لدقايق
فرفع جاسم عيناه نحوها مبتسما
- ممكن واعطلك وحبيبي...كل الكلمات المؤدبه ديه في قاموس مراتي
ونظر إلى ما تحمله وقد اشتم رائحة مشروب الشوكولاته الساخن الذي يعشقه
- لاء انا كده قلبي مش مطمن.. عملتي مصيبه ايه ولا هتعملي ايه
فأقتربت منه وقد لوت شفتيها بأمتعاض
- ديما كده واخد عني فكره وحشه
ليضحك على عبوسها الطفولي.. تاركا الملف الذي كان يطالعه جانبا
- تعالى يامهرة كل أذان صاغية ليكي
وفور أن أشار إليها بالأقتراب جانبه واعتدل في جلسته .. خطت سريعا نحو الاريكه الجالس عليها ووضعت ما تحمله على الطاولة التي أمامه
وجلست علي فخذيه تعانقه بمرح
- لاء انا قررت اقعد هنا
فصخك على فعلتها الطفوليه محيطا خصرها بذراعه
- خير يامهرة
فأخذت تلاعبه قليلا.. قبلة تطبعها على خده هذا ثم خده الآخر
- وحشتني ياحبيبي
وداعبت لحيته ببطئ وهو سارح في أفعالها رافعا حاجبيه منتظرا نهاية الدلال ورقتها
- تعرف انت الايام ديه بتحلو وبتصغر
فأتسعت بؤبؤي عيناه هاتفا
- حلو وبصغر يبقى المصيبة أكبر
ليتآوه بعدها...بعد انا دفعته على صدره
- شوف اه انت اللي بتضيع اللحظة الحلوه
وكادت أن تنهض عنه إلا أنه عاد يجذبها إليه ضاحكا
- لاء عندك حق.. خليني ادلع شويه
وسايرها كما تسايره إلى أن أخرجت ما في جبعتها
- جاسم عندي سؤالين... قصدي سؤال واقتراح
فهمس وهو يجذبها أكثر إليه ويداعب عنقها
- سمعك قولي
ومع سماع اسم ياسر فهم مغزى سؤالها
- انقلي على الاقتراح... لأن اجابة السؤال ده مش عندي
فهتفت حانقه
- ليه مش عندك انت اكتر واحد عارف ياسر.. انا عايزه اساعدهم ياجاسم
وتوقفت عن جدالها عندما أنهى مناقشتهم بتحذير
- مهرة قولتلك مليون مره ياسر هو اللي يقدر يحكي لريم عن
ماضيه.. هيجي وقت وكل حاجه لوحدها هتبان
وتابع وهو يحرك يده على خصلات شعرها
- اعدلي وشك الجميل ده وقوليلي الاقتراح
فتنهدت بسأم بعد أن تأكدت انه لن يخبرها بشئ
- كريم ومرام
فحدق بها جاسم بقلق
- ماله كريم
لتنظر إليه بهدوء تطمئنه
- مافيش حاجة متقلقش.. بس ايه رأيك ينزلوا اسبوع كده اجازه ونشوف التوأم
فأبتسم جاسم على ذكر الصغار.. فهو يجعل كريم دوما تصويرهم وسماع صوتهم
- هكلمه واشوفه مع اني من فتره اقترحت عليه ينزل يستقر هنا لكن رفض.. شكل الحياه هناك عجباه
فصمتت وهي تستمع اليه ولم ترغب في بث القلق إليه عن شعورها بخلاف بين كريم ومرام
............................................
استمعت عايدة بملل للحديث الدائر بين السائق الجديد ومن يحادثها على الهاتف بعد أن سمحت له بأن يتحدث وهو يقود بها ولكن لم تهتم بالامر الا عندما بدء يثرثر مع حاله
- مش عاجبه الشغل في متاجر ابوه.. وعنده اخت متجوزه رجل أعمال تركي والتانيه مرات جاسم الشرقاوي.. اللي ازاي يعمل ايه يولع في نفسه
فأنتبهت عايدة لسماع اسم جاسم
- انت تقصد جاسم الشرقاوي مين
فتعلثم نادر في الحديث بعد أن أدرك حماقته في الثرثرة
- انا مقصدش ياهانم متاخديش في بالك
لتهتف عايدة بجمود
- جاسم مين اللي تقصده.. ومين اللي كنت بتتكلم عنه
فشعر نادر بأن لا مفر من أخبارها عن كرم صديقه وشقيقتيه
.............................................
حسمت علياء قرارها وقد اقتنعت بفكره صديقتها فلا بأس أن تطلب منه المساعده بعد أن يأست في الحصول عن وظيفه تناسب وضعها ورغم أن لقائها ب " ريان " اقتصر على مرة واحدة الا انها ستذهب للشركة التي ذهبت لها من قبل وستنتظره بالخارج.. كل ما كان يشغلها أن تزيل عبئها عن شقيقها صحيح عاد لعمله بمساعدة شخص ما ولكن شقيقها الان اصبح لديه زوجه أحق منها فيه.. فيكفيه كل ما يفعله من أجلها إلى الآن
كان الوقت يمر هي تنتظر خروجه من الشركه بعد أن علمت من حارس الأمن موعد انصرافه ورغم تأخيره عن الموعد الذي أخبرها به الحارس الا انها انتظرت تحت اشعه الشمس المحرقة تقزقز حبات اللب بملل وعندما لمحته يخرج دفعت حبات اللب المتبقية في حقيبتها وعدلت من هندامها واتجهت نحوه
- بس بس
صوت عجيب سمعه على مقربه منه ولكن لم يهتم بالامر.. وكاد أن يدلف لسيارته إلا أنه فجأه وجدها أمامه تهتف بحنق
- عماله ابسبس ابسبس مافيش اي ألتفافه منك
كان ريان يحدق بها وهو حانق ففي النهايه أخيها تزوج شقيقته
- ماذا ترى ي يافتاة السوق
فتهجم وجه علياء من نعته لها بذلك
- هعديلك غلطك.. عشان في مثل عندنا بيقول لو ليك حاجه عند..
وبترت إحدى الكلمات وأكملت " يقوله ياسيدي"
فأزداد وجه ريان احتقانا من لسانها هذا
- ابتعدي عن السيارة يافتاه.. لست أملك الوقت مثلك
ووضع قدمه داخل السياره ولكن وجدها تجذبه من ذراعه
- سيد ريان عايزه خدمه منك اد كده
وقربت اصبعيها لبعضهم.. لتريه حجم طلبها الصغير بينهم
فحدق ريان بقبضتها على ذراعها.. فوجدها انتبهت لفعلتها المتهورة وتهتف ببرآة ووداعة لا تليق بها
- هتساعدني صح
لم يكن يعلم ماهي الخدمه التي تريدها منه.. ولكن مع تحولها لقطه هادئة وديعه تحت أنظاره.. جعله يتقبل منها اي شئ في تلك اللحظه
- ما الخدمه التي تريديها مني
لتتهلل اسارير علياء ولمعت عيناها
- عايزه شغل يناسب وقت دراستي
فدار بعينيه على صفحات وجهها البرئ.. وحماسها الذي يشبه حماس الأطفال.. ولرغبة ملحة لا يعلم مصدرها قرر أن يساعدها في خدمتها الصغيره ودخولها لقفصها الجديد معه
...............................................
كانت السعادة تطل من عينيها وهي ترى فرحة رقية بجانب مراد.. رقية المشاغبه اخيرا قد دخلت القفص مثلهم كما اخبرتها ورد واصرت على ريم أن تلتقط لها بث مباشر للعرس وريم لم تبخل عليها
ومع تعبها من أثر الوقوف طيلة الوقت..اتجهت لأحد الطاولات تجلس عليها تتابع زوجها الواقف مع السيد عماد والد مراد يتحدث معه ويضحك.. ودارت بعينيها بملل وارهاق
لتقع عيناها على ياسر الذي يحدق بريم غاضبا بعد أن وقفت تتحدث مع احد الاشخاص ويبدو أنه اصطدم بها ويعتذر منها
ولولا مرور تلك اللحظه من أمامها سريعا.. لكانت ألتقطت صورة ل ياسر الذي يظهر عكس ما بداخله لريم.. فأسبوع مضى على زواجهم ولا جديد يحدث إلا تمثيل السعاده على والدي ريم
وجالت بعينيها بين الموجودين لتجد نرمين تدلف لقاعة الزفاف تتعلق بذراع شقيقها الذي تتذكره جيدا.. فتعلقت عيناهم معا لتشيح نرمين عيناها بعيدا عنها.. ومع خطواتها هي وشقيقها أدركت أين أصبح هدفها
لتقف أمام جاسم مبتسمه تصافحه.. وايضا شقيقها ومع مرور الوقت قررت أن لا تركز بالأمر...فلا شئ يستدعي أن تختنق من أفعال نرمين.. ففي النهايه عم بعرس والكل يضحك ويبتسم وسعيد
ونهضت من فوق مقعدها متجها إلى رقية التي كانت تشير إليه
فأقتربت منها مهرة مبتسمه تهمس بأذنها
- كفايه تنطيط انتي متعبتيش
فضحك رقيه وهي تميل عليها
- عايزه اطلع كل طاقتي في الفرح.. عشان اروح انام لأسبوع
فضحكت مهرة بعد أن فهمت مغزى حديثها
- ده هيولع فيكي
وعادت رقية إلى فرحتها مع عائلتها وأصدقائها.. لتحدق مهرة بالمكان باحثة عن جاسم.. لتنتبه لخروجه من القاعة مع نرمين
فوقفت في مكانها غاضبه.. حتى هنا تحوم حوله
ووجد ريم تقف خلفها تقص لها عن سبب خروجه الذي جعله تشعر بالقرف من نرمين
- عملت نفسها دايخه ومش قادرة تتنفس.. ومالت على جوزك تطلب منها يساعدها مع ان اخوها موجود..
فتجمدت عين مهرة أمامها.. وخطت نحو الخارج تبحث عنهم
لتجد نرمين تميل برأسها على كتف جاسم الواقف بظهره اتجاهها وتمسك بيدها زجاجة المياه..وتلاقت عيناهم بصمت
يتبع بأذن الله
*********
•تابع الفصل التالي "رواية لحن الحياة" اضغط على اسم الرواية