رواية لحن الحياة الفصل السادس و الخمسون 56 - بقلم سهام صادق
حقيقة قاسية(56)
**************
لمسات حانيه كانت تداعب وجهه.. يتظاهر أمامها انه مازال غافي وهي مازالت على وضعها نائمه بقربه.. تبتسم من حين لآخر لا تصدق انها وهبته حتى جسدها بكل رضي وحب وأصبحت امرأته..لمست يدها كانت تحرقه لا يستطيع فتح عيناه فترى فيهما الخواء.. ومرت الدقائق وهم هكذا هي لا تكف عن مطالعته ببتسامه صادقه واعين تلمع بها سعادتها وهو مغمض العينين يصارع أفكاره وقلبه الذي أصبح يريدها بشده ولكن ظلام الماضي مازال داخله...وبسببه ادخلها معه لحياه لا تستحقها
وقرر فتح عيناه اخيرا وتمالك مشاعره ببروده قاسيه
ولكن قبضه قويه اعتصرت قلبه وهو يرى ابتسامتها الحنونه وسؤال واحد يدور داخله هل تستحق منه الألم ليشعرها انه ندم علي تلك الليله التي أتت بسبب ضعفه
انتظرت منه سماع اي شئ ولكنه كان يطالعها بصمت.. فتبدلت ملامحها وقد فهمت الاجابه.. فهو ندم علي علاقتهما أمس
وقبل أن تحاول لملمت شتات نفسها حتي لا يرى ضعفها وجدته يبتسم لها
- صباح الخير ياريم.. نمتي كويس
ثلاث كلمات نطقهم بإبتسامه جاهد على رسمها أحيوا قلبها من جديد.. وعاد وجهها يشرق ثانيه..
لو أحدا سأله عن معنى الآلم تلك اللحظه.. لكانت الاجابه حاضره
ان تجده من يحبك بكل ظلامك وعيوبك بل ويقدم لك حياته كلها بوجه مبتسم راضي بالقليل
فأبتمست وهي تتورد خجلا من تذكرها ماحدث بينهم
- صباح الخير
الكلمات لم تكن تستطيع إخراجها من حلقها من شده خجلها.. تنتظر سماعه ولكن لا شئ قاله الا انه نهض من جانبها متمتما
- اتاخرنا علي الشغل.. حاولي اجهزي بسرعه عشان اوصلك في طريقي
فتعلقت عيناها به وهو يسير نحو المرحاض.. عمل سيذهبوا إليه بعد اول ليلتهم.. ولكن تلاشى حزنها سريعا متنهده تقنع قلبها
- ما انتوا مأخدتوش اجازه ياريم.. بطلي كسل واقومي اجهزي عشان تحضري ليكم الفطار
ونهضت بعدها بنشاط.. ليمر الوقت.. ووقفت تعد الفطور سريعا ثم حملته تضعه على المائدة.. فقد صنعته بكل حب اليوم رغم ضيق الوقت ووضعته بحماس الا انه أتاها صوته وهو يحمل مفاتيحه الخاصه
- ريم مافيش وقت عندي اجتماع بعد ساعه
أراد أن يهرب بعيدا عنها لعله يرتب مشاعره..ولا يعرف ان العقل بدء يصور كل تلك اللحظات رغم أن القلب مازال غافي بعشقه
فنظرت للطعام الذي أعدته.. ثم نظرت نحوه وهو متجه نحو باب الشقه.. لتحسم امرها وتتبعه بعد أن حملت حقيبة يدها
طيلة الطريق جلست ويداها تتلاعب بحقيبتها بتوتر تسأله إذا كان سيعود مبكرا ام لا وهو يجيبها بعبارات مختصره
واوقف سيارته أمام الشركه التي تعمل بها.. ثم ألتف إليها
- خدي بالك من نفسك
قلبها يرفرف من مجرد كلمات لا تعني شئ في قاموس المحبين.. يلقيها عليها ليرضي ضميره وعندما يرى سعادتها يصرخ قلبه ويهتف
" راضيه عاشقه محبه بفقر ما تعطيه لها "
وودعته ببتسامه مشرقه تنير وجهها المستدير.. ليظل واقف بسيارته يطالع خطواتها وقلبه راغب بجذبها نحوه.. ريم اتت إليه بالترياق ولكن مايفعله هو كالمريض الذي لا يرى أملا بنفسه فيلقي بالدواء بعيدا
وبدأت أنفاسه تتعالا.. ليسند برأسه على عجلة القيادة زافرا أنفاسه
- مش قادر اتحمل حبك ياريم.. بحبك وخايف عليكي من الماضي اللي مقدرتش اتخلص منه.. حتى السنين مدوتش الوجع ولا شعوري بالذنب
.............................
اجتمعوا في منزل رقيه فقد أتوا للمباركه لها بعد تأجيل زيارتها اسبوعان من عودتها
- مهرة مش معقول بطنك كبرت.. ده انا كنت قربت أشك انه حمل كاذب
ألقت رقيه مزحتها لتضحك ريم وهي تضع طبق الحلوى علي الطاوله
فحدقت بهم مهرة بحنق.. فقد تركت العمل بمكتب السيد فؤاد بسبب وضعها هذا الي أن تلد لتعود مجددا لمهنتها التي تعشقها وأشارت إليهم
- عقبال ما افرح فيكم انتوا الاتنين
فرفعت رقيه يداها عاليا
- أمين.. انا عايزه ابقى بطيخه كده
مرح وسعاده رقيه كان يظهر بوميض مختلف وميض الحب الذي تحياه مع مراد
ولكن ريم ابتلعت غصه بحلقها.. طفل ومن ياسر امنيه بعيده.. فمنذ تلك الليله وهو لا يقترب منها.. رغم أنها بعد ليلتهم تلك أعدت له عشاء جميل وارتدت من الملابس التي كانت تخفيها ولكن ياسر هاتفها واعتذر فهو مع احد أصدقائه بالمشفي
ليلتها اطفأت الشموع ومعها انطفى شئ بداخلها..ولم يكن الشئ الا حلما جميلا رسمته معه
ولكن في الصباح ومع إرهاقه نسيت كل شئ وعاد قلبها ينبض بحبه.. واسبوع مضى منذ تلك الليله ولم تعد تراه الا ليلا عندما يحملها من فوق الاريكه التي تغفو عليها بعد ساعات من الانتظار
لتستيقظ علي قبلته الدافئه التي يلثم بها جبينها وبعدها يمسح على وجهها يخبرها أن تغفو ويترك بعدها الغرفه
وفاقت على صراخ رقيه بعد أن قذفتها مهرة بالوساده الخاصه بالاريكه الجالسه عليها
- كفايه تريقه هو انا اخلص من تريقة جاسم وأكرم تتريقي انتي عليا
فضحكت رقيه وهي تنظر لريم
- بقت شرسه اوي
فأبتمست ريم وهي تشاركهم الحديث
- لاء مهره طيبه وحنينه يارقيه متقوليش عنها كده
فأسبلت مهرة اهدابها برضى ولكن لم تكتمل لحظه الإطراء
- بس انتي تجنبي تضغطي على زر الشراسه اللي عندها
وما كان من رقيه الا ان طرقعت بكفها مع كف ريم
- مكدبتش ولا ريم كدبت
واتجهوا نحو بعضهم يحدقون بها وهي تطالعهم بشراسه حقيقيه وكادت أن تنهض لتريهم شراستها الا ان عادت تجلس ثانيه
- لاء مش قادره تعبانه.. المره اللي جايه ابقى اعرفكم ازاي تتريقوا عليا
وألتقطت طبق الحلوى الذي أمامها وأخذت تلتهمه بأستمتاع وهم يطالعوها بأعين متسعه لينفجروا بعدها ضاحكين
.............................
أنهوا طعامهم بصمت ونهض عمار قبلهم متمتما بحمد
- الحمدلله.. الاكل طعمه جميل تسلم أيديكم
فطالعته رفيف بسعاده
- لقد أعدته بمفردي
فنظر هو لشقيقته التي نهضت تحمل طبقها.. فحركت رأسها بتأكيد
- ايوه ياعمار.. رفيف هي اللي طبخت النهارده وبقت تتعلم بسرعه
كان عمار سعيدا بما يسمعه فلو أنكر علاقتهما التي بدأت تسير كالازواج لن ينكر قلبه الذي بدء يخفق من تغيرها.. تغيرها أصبح يعطيه مبرراً قوياً لتصديق مشاعرها نحوه .. وطالعها مبتسما
- تسلم ايدك يارفيف
فأتسعت أبتسامتها ونهضت هي الأخرى تعاون علياء في توضيب الطاوله.. ليقفوا بالمطبخ علياء تجلي الأطباق ورفيف تعد الشاي ليحتسوه سويا
رفيف اندمجت مع حياتهم البسيطه.. رغم أن مازالت عيوبها كما هي ولكن مع تلك العائله فهمت معنى الدفئ العائلي
نشأت في عائله ثريه، أموال، دلال لكن لا اب ولا ام.. تربت على ايد المربيات تزوج والدها والدتها بعد علاقه غير شرعيه..ثم طلقها ليعود بعدها لزوجته ام أولاده.. والدتها كانت امريكيه مغنيه في احد الملاهي الليله.. وفي صفقه عمل بأمريكا فاز بليله ماجنه ولشعوره بالذنب تزوجه ثم تم الطلاق بينهم.. ف حبه كان لزوجته ام ولاده وابنه وطنه.. ورغم عدم تقبلها لها إلا أنها سمحت لها بأن تتربي بين أولادها فلا مفر من وجودها
وفاقت علي فوران الشاي.. فنظرت لها علياء بتسأل
- سرحانه في ايه
فحركت رفيف رأسها بعد أن فاقت من شرودها
- لا شئ علياء
وحملت الصنيه بعد أن وضعت عليها الكؤس.. لتطالعها علياء ثم عادت تكمل مهامها لتلحقها كي ترتشف الشاي معهم فقد اشتاقت لشقيقها وجلساتهم تلك
............................
عادت ريم من زيارتها لرقيه سعيده من تجمعهم الذي بدء يجعلها تخرج من قوقعتها
لتجد أنوار الشقه مضاءه متعجبه أن ياسر عاد اخيرا مبكرا.. فألقت بحقيبتها علي أقرب شئ قابلها ثم اتجهت نحو الغرفه
وقبل أن تتفوه بشئ وجدته يعد حقيبة سفر ويضع بها ملابسه
- انت مسافر
هتفت بنبرة مذبذبه.. فألتف نحوها ببطئ.. فرغم وجود بديل لرحله عمله إلا أنه وافق على الفور.. أراد البعد قليلا.. أراد أن يختبر بعدها عنه كما قال له الطبيب النفسي في زيارته له بعد ليلتهم
" إذا أرادت أن ترى مقدار تعلقك بشئ أخفيه من حياتك.. ابتعد.. لحظتها ستعلم هل بعدك انساك ام ما زادك الا شوقً"
وجاء الحل سريعا عندما عرض عليه ريان رحله العمل التي من المفترض أن يذهب هو ولكن ياسر وجدها فرصه
الرحله كانت للجزائر حيث فرع الشركه الجديد لهم هناك.. والمدة اسبوعان
- لازم اسافر ياريم.. هما اسبوعين مش هتأخر
فتجمدت عيناها عليه ثم على حقيبة ملابسه
- اسبوعين.. دول كتير اوي
ألم يكفيها وجع جفاءه فضاف لوجعها البعد
- انت بتبعد عني عشان اللي حصل بينا صح.. انت ندمان
وسقطت دموعها ببطئ
- ليه بتعمل فيا كده
فأقترب منها سريعا وقلبه يدمي من الآلم واحتضنها بقوه
- هنتكلم في كل حاجه لما ارجع.. تمام
وبعدها عنه يمسح دموعها
- انا لو ندمت لحظه من عمري فهندم على معاملتي ليكي وألمك
مع كلماته ولمساته على وجهها.. رضي القلب بما يمنح إليه
................................
ابتسم وهو يري الرسائل التي تبعثها له وهي جالسه جانبه الاريكه ولكن كل منهما يجلس على طرفها
رساله وراء رساله ترضى بها رجولته وتذبذب ثباته أمام أنوثتها الطاغيه
رفيف أنثى بمعنى الكلمه شكلا وأفعالا احيانا يشعر بالاختناق من تحررها هذا الذي مارسته مع العديد من الرجال وأحيانا أخرى يجد عقله في سبات عميق وقلبه يتقافز بين اضلعه
- بعدين بقى في شغل المراهقات اللي بتعمليه ده
هتف بجمود رغم سعادته بالأمر.. لتنظر إليه بعبوس
- ما دخلك انت فأنا افعل ذلك مع زوجي
كانت تتحدث بمشاكسها اكتسبتها من طباع علياء
فلم يجد عمار ردا الا انه ابتسم فظهرت غمازتيه
فأقتربت منه رفيف تقبله على كلتاهما.. وهو جلس مدهوشا من فعلتها
- اعشقهم بك عماري
صفارات إنذار من عقله ولكن القلب دفعه ليعود إلى سباته العميق.. وبدء القلب يتراقص إلى أن جلست على قدميه تحيط عنقه وتتدلل عليه
فوقف علياء تتداري عيناها المختلسه بعيدا عنهم.. لم تقصد التجسس ولكنها كانت ذاهبه نحوهم تشاركهم الحديث ولكن لم يعد وجودها مناسب وآلم انغرز بقلبها فشقيقها لم يعد لها وحدها بل أصبح له زوجه حتي لو كان زواج لم يرغب به
وظلت بالمطبخ تنظف ما نظفته مجددا تخفي حالها منهم فلو اتجهت لغرفتها ستقطع عليهم لحظتهم
- أين علياء
وجه عمار سؤاله بعد أن ازاحها عنه
- بالمطبخ
فأمتعض منها عمار وعاد إلى رشده
- خدي بالك من تصرفاتك قدام علياء يارفيف.. واوعاكي تنسى أن هي اللي جوه وانتي بره
فأتسعت عيناها بغضب
- ماذا تقصد.. انت تطردني.. انا احب علياء صدقني ولكن اهانتك تلك المره قاسيه عمار
ودون ألتفافه منها إليها.. نهض متجها للمطبخ ناظرا لظهر شقيقته
- انتي لمعتي المطبخ.. كفايه تنضيف
فهتفت وهي تداري عنه ملامحها الحزينه وحاولت أن تعود لطبيعتها المرحه
- انت عارفني بحب اعمل كل حاجه بضمير
فضحك وهو يقترب منها يمازحها
- بتحطي ضميرك في كل حاجه الا المذكره
ومع مزاحهم وحضنه الدافئ إليها.. وجدت نفسها تنفض رأسها من وسواس الشيطان لها بأن شقيقها سينساها
...............................
نظرت لنرمين التي صعدت لسيارتها وانصرفت لخارج الفيلا وزوجها يقف ينظر لها فاتحا لها ذراعيه بعد أن وجدها تخرج من السياره.. فتجاوزت عبوسها جانبا واتجهت إليه
- هي نرمين كانت هنا
فأبتسم وهو يطالعها وأجاب بهدوء
- كان في مشاكل في الأوراق الصفقه والمفروض بكره هنقدم ورقها ومافيش وقت.. فتناقشنا فيها وريان كان موجود بس مشي ربع ساعه
كانت تستمع إليه.. تسير ببطئ جانبه إلى أن صعدوا لغرفتهما
وفور أن دلفوا للغرفه.. ألقت بجسدها على الفراش تضع بيدها على بطنها المنتفخه
- بقيت اتعب بسرعه.. فين ايام ما كنت كتله من النشاط
فضحك على تعبيراتها وجلس على الفراش جانبها
- قصدك كتله من المصايب
وقبل أن تبادر بأي ردة فعل.. هتفت وهو يضحك على عبوسها
- معزومين آخر الأسبوع على فرح شهاب الدميتري.. اكيد طبعا منستهوش
فتبدلت ملامحها
- هو حد ينسى حضرت الظابط برضوه.
وتمتمت بهمس بعد أن نهض من جانبها
- العيله ديه ورايا ورايا.. فاضل يطلعولي في الحلم
................................
قفزت رقيه بسعاده من فوق الاريكه الجالسه عليه بعد أن سمعت صوته
- رورو.. كائن الوطواط بتاعي فين
فوقفت بعد أن كانت تركض إليه تعقد ساعديها أمام صدرها
- خد بعضك وارجع مكان ما كنت فيه يامراد... انا وطواط
فتقدم منها ضاحكا يحتضنها
- مراتي وادلعك براحتي في مانع ياست أنتي
فأبتعدت عنه ترفع أطراف قدميها وتعانقه
- موافقه بس مع كل دلع ميعجبنيش هتدفع غرامه
فحرك حاحبيه بمكر
- غرامه.. بقيتي مستغله اوي..وعلى العموم انا عارف غراماتك من زمان
لتتذكر كيف كان يراضيها.. لتجده يخرج من جيب سترته نوعان من قطع الشيكولاته التي تحبها للتقافز متعلقه بعنقه حتي كاد يختنق.. فربت على ظهرها بحنو
- رقيه أنا كده هتخنق.. عبري عن سعادتك بالشيكولاته بطريقه الأزواج ياحببتي
فأبتعدت عنه تنظر إليه مستفهمه
- اللي هي ازاي ديه يامراد
فسحب يدها خلفه غامزا لها
- تعالى وانا اقولك
.....................................
جلس يتأملها وهي تصنع له قالب الكعك الذي أراده.. فقد أصبح دائم العوده مبكرا قبل أن انصرافها.. وتحولت ملاحظته من الورق الذي كان يعلقه على باب الثلاجه إلى ملاحظات شفويه وهو يتذوق الطعام أمامها بالمطبخ
عيناه كانت تدور بينها وبين شوكة الطعام
- اليوم الطعام ممتاز
فرفعت علياء عيناها نحوه وهي تزين قالب الكعك
- الحمدلله اني اخيرا اخدت درجه ممتاز من ريان باشا
كانت تتحدث بطريقتها التي اعتاد عليها.. فقهقه بصخب وهو يمسح فمه بالمنديل
- أردت أن أجبر خاطرك اليوم
فطالعته بتذمر وهي تلوي شفتيها بأمتعاض
- شكراً
رغم عبوس وجهها الا انه كان سعيد بكل شئ يعيشه معها حتي لو كانت مجرد دقائق معدوده.. لينظر إليها وهي تركز في تزين الكعكه التي أوشكت على الانتهاء وهو يتمنى أن يلتهمها هي وليست الكعكه فهو لم يكن يوما من محبين الحلوى ولكن لم يجد شئ يأخرها عن موعد انصرافها الا ان يطلب منها أن تصنع له كعكه يتناولها بعد طعامه متذكرا
..............................
نظر بشير نحو العائشه التي تجلس أمامه متوتره في المطعم الخاص بشقيقته واعين ورد وليليان تنظر إليهم بفضول
فأنتبه بشير لزوج العيون المحدقه به
- لم يتبقى سوا كنان لأكون محاصر
فأبتمست عائشه يخجل ليتأملها بشير بحب.. فهو أراد محادثتها اليوم ليخبرها بمشاعره وخطوته في اخبار كنان بكل شئ حتى يتقدم لخطبته
- أصبحتي جميله بالحجاب عائشه
فوضعت عائشه بيدها على حجابها تتلامسه بسعاده
- ورد وليليان أخبروني بهذا.. انا سعيده بهذا الأمر
كان قلب بشير يتراقص وهو يراها بهذا الحماس..لتقع عيناه على شقيقته وهي تعزف له بيدها بحالميه وكأنه تحمل الكمان بين ذراعيها.. فعض على شفتيه بحنق
- انهضي عائشه لنبحث عن مكان آخر
وحدق بقوه بشقيقته و ورد التي أخذت تضحك على أفعال ليليان.. لتلف عائشه نحوهم فتضحك هي الأخرى
- ثلاث مجانين اجتمعوا ليكونوا أصدقاء
قالها بشير بهمس لنفسه.. ليتنهد متمتما بخفوت
- لماذا الأمر صعب هكذا.. اهدء بشير واخبرها سريعا بمشاعرك
ومن دون مقدمات هتف
- عائشه انا احبك وأريد الزواج منك
فألتفت نحوه ببطئ متسعه العينين.. بعد أن كانت عيناها نحو الجهة الأخرى
ولكن تصفيق عالي أتى من خلفه وصوتً ساخراً
- حب وزواج سيد بشير... لذلك تهرب مني
كانت عين كل من ورد وليليان عالقه نحو سيلا التي عادت لاسطنبول بعد رحلتها وتقدمت من عائشه مالت نحوها
- كان يحبني وانا خطيبة شقيقك.. وبعدها تلاعب بكى انتي
الصدمه كانت متسعه بعينيهم
- سيلا
فألتفت نحو صوت كنان الغاضب فلم تجد الا صفعه على وجهها
- اخرسي
الكل وقف صامتا.. فوضعت هي يدها على وجنتها متألمه تنظر إليه
- انتي اسوء اختيار قمت به بحياتي
واقترب منها بحقد
- كنت أعلم بالأمر لست أنا من تتلاعب به النساء ..لا أريد رؤيتك في عائلتي مجددا
فحدقت به بغل وسارت من جانبه لتهمس بجانب أذنه كفحيح الأفعى
- ايلام هنا ومعاها طفل بالعاشره
لتتجمد ملامحه من ذكرى الماضي.. لتقف عيناه على ورد الواقفه تطالعه بترقب
................................
وقفت أمام المرآة تنظر لهيئتها حانقه.. فبكت وهي تتذمر
- الفستان ضاق.. بقيت شبه الفيل
وأخذت تدور حول نفسها تنظر لبطنها البارزه.. ثم تحسست وجهها لتقع عيناها على انفها واقتربت من المرآه أكثر محدقه
- هي مناخيري كبرت ولا انا بيتهيألي
كان قد جهز نفسه من زمن وانتظرها بالأسفل ولكن صعد بعد أن بعث لها هدى مرتان وتعود لتخبره بأنها دقائق وستأتي
فالدقائق مرت وهي لم تهبط.. ودلف للغرفه ليقق مصدوما وهو يجدها تحادث نفسها حانقه
- اعمل ايه دلوقتي في مناخيري ديه
فأنفجر ضاحكا وهو يقترب منها
- انتي اتجننتي يامهرة
فطالعته بوجوم وحركت رأسها له تخبره انها بالفعل قد جنت
فعادت ضحكاته تتعالا
- هنتأخر ياحببتي
فتذكرت المكان الذاهبين إليه بضيق.. ستتلاقي بعايدة ونرمين بالتأكيد فهذا عرس شقيقهم ونظرت إليه تسأله
- جاسم حاول تكذب عليا وقولي اني طالعه حلوه
ثم نظرت لجسدها
- قولي اني قوامي ممشوق.. وجسمي جسم غزال
فتعلقت عيناه بها.. وتحرك للخلف يحدق بها
- يعني لما اقولك كده هتصدقيني
فحركت رأسها له بحماس.. فأقترب منها يقبل جبينها ثم ابتعد عنها مبتسما
- قمر ياحببتي.. انتي ماليكان ياقلبي
فأستنكرت حديثه
- انت بتكذب عليا
وما كان منه إلا أن ضرب كفوفه ببعضهم
- الصبر يارب.. قوليلي طيب اعملك ايه
فدمعت عيناها.. ليزفر أنفاسه ببطئ
- انا بقيت حساسه اوي ياجاسم.. وانت السبب هما قالوا ان الست لما تتكتأب يبقى السبب من جوزها
ولم تشعر بعدها الا يجذبها من مرفقها بعد أن ألتقط حقيبتها وهندم لها حجابها
- ده أنا اللي جالي اكتئاب
وبعد نصف ساعه.. كانوا يدلفون لحفل الزفاف تتعلق بذراعه وترسم على شفتيها ابتسامه هادئه وتمازحه بلطف وهو يبتسم
وأول من تقدمت نحوهم عايدة التي رمقتها بنظره لطيفه لأنها جانبه ولكن داخلها يود أن يحرقها مما فعلته.. فأبنتها قد خطبت لذلك الشاب الذي تحبه وقد ربحت الجوله
وتقدمت ابنتها بخطيبها تعرفه عليها.. لتقف عايدة تحادث جاسم وعيناها تشع نيران من الغضب نحو مهرة وجاسم يستمع لكلمات الشكر من الفتاه والشاب لزوجته فيزداد فخره بها
ومر الوقت لتجلس هي على إحدى الطاولات تنظر حولها
مشاهير.. اعلامين.. وفنانين.. ورجال أعمال الكل يضحك ويجامل الآخر بنفاق
وعايدة تتهادي بخطواتها وفستانها المجسم من حين لآخر أمامها ولكن هي كانت تنتظر ظهور واحده.. نرمين
ووقعت عيناها اخيرا على نرمين.. كانت رائعه بفستانها أعين الكثير من الرجال انتقلت نحوها
ووجدتها تتجه نحو زوجها.. فعلمت أن هدف كل تلك الاناقه والابتسامه المتسعه ليس إلا لجاسم..
وسمعت ضحكات عايدة التي جلست جانبها على المقعد المجاور لها
- شايفه لايقين على بعض ازاي.. مش عارفه ازاي جاسم مقتنع بيكي زوجه.. ده حتى انتي نسب ميشرفش بأخوكي الحرامي وامك اللي كانت فاتحه محل بقاله.. دخلتي عالم مش بتاعك
لم بوجعها كلامها المسموم الا حديثها عن والدتها.. والدتها المرأة المكافحه عار.. هل كان الفقر والعمل في يوم وسم يسئ لصاحبه.. وتجمدت يداها على كأس العصير القابع بيدها.. أرادت أن تسكبه بوجهها ولكن عندما نظرت لزوجها وهو من حين لآخر يطالعها تمالكت نفسها.. ما يمنعها عنها هو.. لا تريد لا أحد أن يعيبه بها وألتفت نحوها ببطئ
- حاجه واحده بس اللي منعاني عنك.. لولا جاسم واني عرف السبب اللي بيخليكي تعملي كده
وابتسمت وهي تنقل عيناها على زوجها
- عايزه تظهري للناس اني انسانه همجيه ..
وارتشفت من كأسها وهي تطالع زوج عايدة وهو يقف مع زوجته الأخرى
- بصي على جوزك وهتعرفي سبب جوازه من واحده دون المستوى... ولما تعرفي الاجابه منه تعالى قوليلي اه تفيديني ونعرف ليه الزواج بيسبب بنات الحسب والنسب ويروح يدور على الناس الدون مستوى
كانت عين عايدة جاحظه على زوجها وهي يقف مبتسما مع غريمتها رغم أنها نبهت عليه أن لا يأتي بها اليوم معه
وعندما رأت حالتها تلك.. نهضت مهرة بهدوء
- هروح اشوف جوزي بدل ما واحده من عائلات الحسب والنسب تفضل تلف وتدور حواليه
لتقع عين عايدة على شقيقتها وقد فهمت مقصدها
...............................
جاء تعبها في صالحها.. قله الطعام وضعف بنيتها جعل جسدها يبدء في الهزلان ومع الأجواء البارده اصابتها حمى ونزلت برد قويه
مال نحوها يضع يده على رأسها يتحسس جبينها
- الحمدلله.. الحراره نزلت
وتنهد براحه.. لتبتسم وهي تميل بجسدها نحو الوساده لتتسطح
وكاد أن ينهض من جانبها
- خليك جانبي ياكريم
فظل بمكانه ينظر إليها.. فأغمضت عيناها.. ليمد كفه يمسح على وجهها برفق..
كان قلبها يخفق بقوه.. كريم مازال يحبها ولكن يعاقبها بسبب جرح كبريائه وسقطت دموعها ببطئ وهي تضم كفه بيدها
- بتعيطي ليه دلوقتي
كانت تبكي بصمت.. فخرج صوتها ضعيف
- وحشتني حنيتك عليا ياكريم.. انا عارفه اني انانيه وبنسي ساعات اللي حواليا بسبب حبي لنفسي.. صدقني غصب عني يمكن عشان اتربيت أن كل حاجه مجابه ليا رغم ضيق حال اهلي الا انهم كانوا بيعملوا على قد ما بيقدورا.. دخلت الجامعه الامريكيه وكان عالم جديد عليا بصيت لفوق.. عيني بدأت تلمع على حاجات عمري ما شوفتها.. بس رغم كل عيوبي كنت صادقه في حبك
سمعها بحب وقلبه يآلمه على قسوته معها الايام الماضيه.. وزفر أنفاسه بعد صراع طويل بين قلبه وعقله
فمال نحو جبينها يلثمه
- خفي عشان اخدت انتي والولاد فسحه حلوه
وكان الصفح على هيئه كلمات
.................................
الاسبوعان قد اوشكوا على الانتهاء.. كل يوم يهاتفها يسأل على حالها وحال والديها..دقائق معدودة ثم ينتهي الحديث
كانت جالسه على الفراش بأنهاك بعد أن وضبت المنزل ولم يتبقى سوا غرفته.. لم تذهب للجلوس في بيت والديها بعد سفره بل ظلت في الشقه تنام على فراشه.. تقضي اليوم بعملها ثم تذهب لبيت والديها لتعود ليلا للنوم
لا تعرف لما أرادت البكاء.. ولكن قلبها بدء يؤلمها وجدت الرجل الذي كانت تنتظر ملاقته ولكن لم تجد حبه بل الآلم.. معه صدقت كلمات " نزار قباني" عندما قال في احد اشعاره
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنت بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدٌ
وثلجٌ ونـار
وعندما وجدت بكائها قد طال.. مسحت دموعها وتذكرت غرفته التي يجب عليها تنظيفها بأتقان
..............................
تقدمت منه تحمل فنجان القهوة وعيناها مسلطه على الفندق الذي يطالع تخطيطه قبل وبعد التنفيذ.. فظلت على وقفتها مائله تنظر لشاشه حاسوبه الشخصي وتغير من وضع فنجان القهوة على الطاوله حتى كاد أن ينسكب
فسألها وهو يختلس النظرات إليها ويكاد ان يضحك
- ما الامر علياء
فتعلقت عيناها بصورة الفندق بعد الإنشاء
- جميل اوي شكله
وبدأت تثرثر دون شعور منها
- تعرف انا كان نفسي ابقي مهندسه بس الظروف حكمت ادخل معهد
شعر حزنها ببعض الكلمات
- لما لم تدخلي ما رغبتي
فطالعته ثم طالعت الفندق مجددا
- محبتش مجموع.. بابا وماما ماتوا في نفس السنه الاخيره ليا في الثانوي.. الدنيا ساعتها انتهت من حياتي
آلم اعتصر قلبه وهو يسمعها.. لأول مره يتألم من أجل احدهم
احب قربها وحديثها.. فأستغل انبهارها بما تشاهده والاسئلتها عن المعمار.. فجلست على طرف الاريكه التي يجلس عليها لتستمع له.. يتحدث ويغرق في ملامحها التي تتحول من الانبهار للاستفهام والتفكير
ولم يقطع حديثهم الا رنين جرس المنزل لتنهض على الفور من فوق الاريكه مدركه خطائها
- انا قاعدت هنا ازاي
فضحك وهو يطالعها
- كنتي غافيه علياء... اذهبي للمطبخ لترى وسأري انا من الطارق
واتجه كل منهما لوجهته.. ففتح ريان الباب لينصدم من وجود نريمان أمامه
- هالو ريان.. اشتقت لك
فتهجم وجه ريان٥
- ماذا تريدي ناريمان.. سمعت بخطبتك من ثري خليجي.. الن اتخلص من وجودك
فحركت شفتيها بأثاره
- لا عزيزي.. لن تتخلص مني
ودلفت لداخل الشقه.. تنظر حولها
- انتقلت لشقه أخرى.. ذوقك دوما ممتاز
فزفر أنفاسه بحنق.. وأغلق الباب بقوة وسار خلفها بضيق
فأتجهت بأنظارها على أركان الشقه وجلست على احد المقاعد تضع بساق فوق الأخرى
- جاءت اتحدث معك في مشروع ريان
فجلس ريان هو الآخر ينتظر سماع حديثها إلى أن بدأت في اخباره عن المشروع
ولكن توقفت وهي تجد علياء تدلف إليهم تتنحنح بحرج وعيناها عالقه على ناريمان بفستانها القصير
- انا خلصت شغلي
فنهض ريان واتجها إليها
- تمام.. لا تأتي الفتره المقبله حتى تنتهي امتحاناتك
وانصرفت بعد ان حركت له رأسها بالإيجاب.. فصفقت ناريمان بيدها
- ريان يعامل خادمه بكل لباقه وذوق.. اراي تقدم هايل بحياتك عزيزي
فرمقها ريان بأعين جامده.. لتهتف
- أخبرني ما رأيك بالمشروع
................................
ألبوم من الصور.. وجريده كل هذا أمامها منذ ليله أمس
ياسر كان متزوج قبلها.. كان لديه زوجه قتلت
وانتقلت عيناها نحو الفتاه الجميله.. تتأملها للمره المئه.. وتلتقط من حين لآخر دبلة زواجهم وحذاء صغير وردي
صندوق وجدته أسفل الخزانه لم يكن مغلقً.. فيبدو أن ياسر لم يغلقه لتأتي لها كل الحقيقه دون ترتيب
وسقطت دموعها ببطئ
- هو ده الماضي يا ياسر
...............................
قذف الجهاز اللوحي الخاص به بقوه على مكتبه بعد أن رأى ما نشر على الكثير من المواقع الخاصه بتداول أخبار صفوة المجتمع.
" رجل الأعمال جاسم الشرقاوي تزوج من اخت سارق اقتحم فيلته.. وسؤال يطرحوه كيف احب اخت سارق.. ولماذا تم إخفاء تلك الحقيقه.. ولماذا عملت لديه بشركته ثم تزوجها "
لتدلف مهرة تلك اللحظه غرفة مكتبه تبتسم
يتبع بأذن الله
********
•تابع الفصل التالي "رواية لحن الحياة" اضغط على اسم الرواية