رواية قلوب تائهة الفصل التاسع 9 - بقلم سهام صادق
الــفـــصــل التـــاســـع
أحست بأن خطواتها أصبحت تتباطئ ، لم تشعر بنفسهاا سو وهو يمد يدهه ليمسك أحد أيديها ويقول : يلا يامريم وصلنا
نظرت اليه وهي تتأمل تلك المكان ، فكان مكان هادئ للغايه يدل علي رقي اصحابه ، نزلت من سيارته وهي تقف تتطلع الي تلك البنايه التي امامهاا
ادهم : هتفضلي واقفه كتير
نظرة اليه ثانيه ، وكأن اعينهاا مازالت لا تصدق ان هذا الشخص الذي يحادثهاا ويقف بجانبهاا ليس سواها ، انتبهت علي صوته وهو يقول : مريم ، ثم عاد اليها ثانية ليمسك احد ايديهاا ليأخذهاا الي مصير لا تعلم عنه شئ
كانت مثل التائها لا تعرف شئ ، وكأنهاا قد اصيبت بغيبوبه افقدتهاا كل حواسهااا ، وجدت نفسهاا تقف بجانبه وهو يدخلها تلك الشقه ويفتح بيدهه احد الانوار ، لتتطلع اليه وتتأمل تلك المملكه الجميله التي ستعيش فيها معه
نظرت اليه لتتأمل معالم وجهه وهي تقول : احنا هنعيش هنا
أدهم بهدوء : ديه شقتك يامريم ، هتعيشي فيها ، ثم تنهد قليلا وقال : وانا هكون هنا مجرد ضيف مش اكتر
مريم بتسأل : مش فاهمه ضيف ازاي
ادهم : مش مهم تفهمي يامريم ، المهم دلوقتي عجبتك الشقه
مريم بأرتباك : اه جميله
ادهم : كل حاجه هتلاقيهاا عندك ، ولو احتاجتي حاجه كلمي الامن او البواب وهماا هيجبوهالك ، ثم اشار علي احد الهواتف وقال : دوسي علي الزر ده واطلبي منهم الي تحتاجيه
وكاد ليلتف بظهرهه ليغادر ، ولكن
مريم: هو انت هتمشي
ادهم : في حاجه عايزاها تاني
نظرت له بخجل شديد ، فقد كانت تريد ان تقول له لا تتركيني وحيده ابقي معي ولكنها اخفضت راسهاا بحزن وهي تقول : لاء شكراا
نظر لهاا ليتأملهاا قليلاا ، ثم تركها وذهب وهو يعلم انهاا الوحيده من ظُلمت في تلك اللعبه المخادعه
نظرت تتأمل الفراغ الذي تركهه ، وبدون ان تشعر فرت دمعة من عيناهاا وكأن الدموع اصبحت تشفق علي صاحبتهاا لتبكي معهاا علي حالهاا، وقفت تتطلع الي تلك الشقه وهي تقول : برضوه هفضل لوحدي
.................................................. ...........
ذهب الي قصرهه الفخم ، وهو يتذكرهاا عندما تركهاا بمفردهاا ونظراتها الحزينه التي مازالت عالقه به ، تنهد بضيق شديد وهو يخلع سُترته ، وامتدا علي فراشه بعد ان اشاح برابطه عنقه التي تخنقه وبالاصح ضميرهه هو الذي يخنقهه
شردا قليلا وهو يتذكر!!
انت هترفدها من الشركه يا ادهم
ادهم بضيق : انت عارف اني مبحبش اظلم حد بسبب حد تاني ، بس انا هكتفي اني انقلهاا من هناا
احمد وبدون قصد : وتفتكر اياد هيسكت لو عرف
ادهم بحده : مجرد وقت وهينساهاا ، انت فاكر ان اياد بتعجبه النوعيه ديه ، ثم قال بسخريه : هي بس عجبته شويه وقال ما اجرب العب بيهاا وبعدين لما ازهق ارميهاا
ثم قال بضيق : اياد اخوياا وانا اكتر واحد عرفه
احمد بتنهد : بس هي ايه ذنبهاا من ده كله ، هي متعرفش اصلا حاجه
ادهم بضيق : المهم دلوقتي يا احمد ، تشوف الاستاذ مختفي فين ، خايف يتهور ويعمل حاجه قبل الفرح انا مش ناقص مشاكل ولا وجع دماغ
وقبل ان ينصرف احمد ، نظر له طويلاا يتأمل معالم وجهه ، ثم غادر ليتابع اعماله
نظر لبعض الاوراق التي امامه ، ولاول مره يشعر بعدم رغبته في موصلة عمله الذي بات يعشقه.. نهض من علي كرسيه ووقف امام تلك النافذه التي تطل علي الخارج ، كان بصرهه يحلق لاعلي وهو سارح في أفكار كثيره ، ثم بدء بصرهه يجول لاسفل بدون هُدي وكاد أن يلتف ليكمل متابعة عمله ... الي ان رئهااا ظل يتطلع لهاا كثيره ولاول مره ينظر لهاا هكذا وبالاصح لاول مره يتطلع الي امرأه بتلك النظرهه ، نظرة ليس كما اعتاد عليهاا ، نظره قد نساها منذ زمن ... وجدهاا تهبط بمستواهاا لتلك الطفله الصغيره وهي تمد لها يدها بهذه العلبه ، كانت تمسح علي وجهها بحنان وكأنهاا تملك حنان العالم بأجمعه ، نظر لهاا بتأمل شديد وكأن عينيه لاول مره تبصر بتلك المنظر ، ياله من مشهد جميل مشهد العطاء واحساسك بالغير ، كم كانت جميله تلك القُبله الحانيه التي اسقطتها علي خد تلك الطفله وتلك الرحمه التي بعثت شعاعا جميلاا وكأن هذا الشعاع اراد ان يوصل لمقصدهه لذاك القلب الذي فقدهه منذ زمن بعيد قد ابدله بقلب قاسي لا يشعر ، رأي أبتسامتهاا الحانيه وهي تودعهاا بعدما اخرجت من حوذتها بعض النقود لتعطيها لها ، كانت نظرتها لها ليست مجرد مساعدها يقدمها شخص لشخص لسبيل الواجب ، انما محتاجا يعطي محتاجا ، فأحدهم يحتاح للحب والاخر يحتاج لتلك البسمه ، ظل يتأمل تلك النظرات وكأن ادميته تصرخ به وتقول هذا هو العالم الحقيقي وليس عالمكم ...
تنهد بألم عندما تذكر ما فعله بهاا ، فهي لا تستحق كل هذاا ، ولماذا تستحق وهي بعيده عن عالمهم تماما بتلك البسمه الحانيه وهذا النقاء الصافي كبرائة الطفل تماما
لم يكن يدري بنفسه ، وهو يعدل عن قراره وبدل ان يجعلهاا تبتعد ، اقترب منها هو وتزوجها ...
تنهد بحزن وهو يشعر بأن هذه الزيجه لن يعاني احداا منهاا سواها ، فعمهاا قد اخذ مايريد من المال ، واخاهه كانت لعبه فقط يريدهاا ، وهو الان السجان
تذكر نظرتهاا وكأنها كانت تريد ان تقول له ، لماذا اتيت بي لهناا ،وستتركني وترحل ...
لم يفق من كل هذا الشرود الا علي صوت رنين هاتفه
.................................................. .........
نفس الوحده احاطتها ، وكأن الوحده اصبحت رفيق دربهاا
لم تكن تشعر لماذا عيناها تبكي ، هل تبكي علي حال صاحبتها ، ام تبكي علي وحدتها ،وماذا بك ايضا ايهاا القلب ، هل انت تبكي معي ام انك تبكي لانك اصبحت تائهه ، لم تفق من هذا الشعور الا عندما تذكرت تلك المجلات التي تضم صورهه
نهضت سريعاا لتجلبها حيث جلبتها معهاا وهي تغادر بيتهاا بعدما اصبحت زوجته،ولاول مره تستطيع عيناها ان تتأمله ، وقفت للحظات تتأمل أبتسامته وكلما تأملتهاا أبتسم قلبهاا وأبتسمت هي ، كانت تشاهده وكأنها طفلا صغيرا يشاهد احد الرسوم المتحركه بشغف شديد، ولكن توقفت فجأه ووضعت أحد كفيهاا الصغير علي وجهها لتمنع عينها من رؤيت ماخشت ان تراهه ، وكأن عينهاا رفضت هذا التمنع ..فأزاحت بكفها قليلاا ... وهي تحدث نفسهاا : ياله من تحرر مقزز، لم تصدق نفسها وهي تراهه وهويقف بجانب تلك المرأه التي تلتصق به بملابسها العاريه في احد الحفلات، ظلت تنظر لهما وكأنها كانت تريد ان تبحث عن شئ لتكذب مارأت عيناها ، ولكن ابتسامته هذه كانت تعبر عن رضاهه بكل هذا
نظرت لصورته ثانية وكأنه امامهاا ، وهي تريد ان تعاتبه ولكن اول ما نطق به لسانها
يارب متزعلش منه ، يارب سامحه واهديه ، ظل لسانهاا يدعو وكأنه يدعو لصاحبه ، شعرت بالأسي الشديد وكأنهاا تخشي من عاقبة ذنبا لم تفعله.... ونست كل شئ حتي هذا الجرح الذي وجعها عندما راته بجانب اخري ،ووضعت رأسهاا علي الوساده وهي تنطق بقول الله تعالي (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )....
الي انا نمت بدون ان تشعر.. بقلب خائف علي صاحبه من العقاب وليس من ألم بات يشعر به
.................................................. ....
كان يقف ولأول مره يصرخ في وجه اخاهه الذي طالما أعتبرهه اباهه وليس اخاهه الاكبر
اياد بغضب : طردتهاا ليه يا ادهم ، ليه وهي ملهاش ذنب
كل ذنبها اني اعجبت بيهاا للحظه ، بتعقبها بياا
ولا عشان خايف اني متجوزش شاهي ، واعملك مشاكل واخسرك صفقات بملاين ، ها رد
كان يتطلع له بهيئته الجامده وكأن لا شئ يؤثر فيه ...وقال : المأذون علي وصول ،ثم تركه وانصرف وكأنه حجرساكن يتحرك
اما هو وقف للحظات وهو يتأمل تلك المكان بأسي ، ويتذكرهاا ... كم كنتي ملاكاا جميلا يامريم
ثم تنهد بأسي وهو يحمدالله .. بأن ابعدهاا عن هذا العالم الغافل .... الذي اصبحت فيه هي ايضاا بدون ان تشعر وكل هذا بسبب قلوب اصبحت أنانيه كاصحابهاا
.................................................. ..........
اصبح شعورهه يزداد بأنه لاشئ بالنسبه لاقرب من لديه
أمسك احد المجلات ونظر لها بأسي ، وهو يقول:
حتي خبر جواز ابني اكون اخر من يعلم يا ادهم ، ليه برضوه مصمم انك تلغيني من حياتكم ليه ليه يابني
كل ده عشان بتعقبني ، ياا يا ادهم بقيت قاسي اووي
ثم تنهد بأسي وهو يتذكرهه عندما كان طفلاا صغيراا
: انت بتضرب ماما ليه يابابا ، انت مش بتحبهاا ديه حتي ماما طيبه وبتحبك ، ديه ديما بتدعيلك وهي بتصلي
ثم تذكر دموعه وهو يحتضن امه ويقول : ماما مش بترد ليه يابابا ، انت ضربتهاا تاني ، هي هتصحي صح دلوقتي
لم يدري بنفسه سواا عندما وهي تقترب منه وتقبله وتقول: ياا يازيزو بجد الجو بره تحفه ولا المايه ياحبيبي ، مقولكش
ثم انتبهت لتلك المجله التي يمسكهاا بيدهه ، ونظرت للخبر وقالت : اكيد بالمناسبه ديه لازم اجيب فستان من باريس ولا ايه يازيزو يعني يرضيك مراتك حببتك تكون اقل من اي حد ، بس ده الفرح بكره ، بليز يازيزو اتصرف ياحبيبي عشان خاطر نانسي حبيبتك
نظر لهاا بشرود وكأنه مازال في شرودهه ثم أبتسم لهاا
اقتربت منه ثانية وكأنها علمت بموافقته وقالت : ميرسي ياحبيبي
.................................................. .........
وقفت تغطي جسدهاا بذاك الشال ، وكأنهاا تريد ان تحمي نفسهاا من شئ مجهول ينتظرها وكأن روحهاا اصبحت تشعر بما يدور حولهاا ، تنهدت بأسي وهي تنظر الي ماء النيل من شرفتهاا الجديده التي اصبحت تطل عليه ، سرحت قليلاا وكأنهاا تريد ان تسبح في احلامهاا لتهرب من هذا الواقع الذي اصبحت تائهه فيه ، انتبهت لشرودهاا هذا
عندما سمعت صوت اقدام خلفهاا ، وانفاس تهبط وتعلو وكأن صاحبها يصارع شئ بداخله، التفت سريعاا لتري من خلفها
فوجدته يقف وينظر لهاا بهدوء وهو يتأملهاا
ادهم : عامله ايه دلوقتي يامريم
وبنبرة صوتها الهادئه : الحمدلله ، ثم قالت بصوت خائف : انت هتسبني علطول لوحدي هناا
ادهم بتنهد وهو يلتف ليرحل ثانيه : انا مش فاضيلك ولا فاضي للدلع ، واظن انك متعوده علي كده
نظرت له بأسي شديد وكادت ان تسأله علي سبب زوجه منهاا مادام لا يرغب في وجودهاا ولماذا اخبرها بأنه يحبها ، ولكن استوقفهاا صوت رنين هاتفه ، وبعدها غادر المكان وتركاهاا كما كانت بمفردهاا
.................................................. ..........
وقف ليتأمل نفسه في ذاك المرئه ، كان وجهه تائه لا يعرف ماذا يريد ، تطلع لنفسه ثانيه وهو يقول وكأنه يسأل ذلك الشخص الذي يشبهه : مالك يا أياد بقيت كده ، فوق بقي وارجع لنفسك وحياتك
وكأن شيطانه بدء يحادثه : انت نسيت نفسك كده ليه ، عيش وانسي كل حاجه وأرميها ورا ضهرك ، ده الدنياا جميله اوي
أبتسم لشيطانه وكأنه ذكرهه بما كان يريد ، و
كأنه الان قد عاد الي ثوابه ، وما من دقائق وكان
كما اعتاد .. يجلس في مكانه المخصص ويطلب من صاحب البار مايريد كي يعيش وينسي تلك الحفل التي ستقام بعد ساعات معدوده لتتم تلك الزيجه
.................................................. ........
وقف يتأمل هذا الرجل ، وهو يقول له
انا خيري صاحب مطعم الهدي المعروف
ادهم : اهلاا ، اتفضل خير يا استاذ خيري
خيري بأبتسامه : انا جاي بطالب الشركه بحقي وبما انك صاحب الشركه والمسئول .. فأنا جيتلك يا ادهم باشا
ادهم بعدم فهم : تطالب بحقك ، بي أيه يا استاذ
خيري ببرود : ماهو لأخد حقي ، لهرفع قضيه ، ماهو مش معقول موظفينك بيستغفلوك وبيتعقدوا مع شركتكم وهما لساا علي تعاقد مع حد تاني
ادهم بضيق : انت بتقول اايه ، وموظفين ايه
خيري ببرود : في موظفه عندك في الحسابات ، كانت شغاله عندي ومتعقده مع المطعم بتاعي سنه كامله والعقد لسا منتهاش ، قصدي المفروض كان ينتهي في المده الي كانت شغاله هنا يعني من 4 شهور
ثم تابع قائلاا وقال بسخريته المعهوده هي استغفلتكم ولا ايه
ادهم بضيق : اتكلم بأحترام فاهم ، وحقك هتاخدهه والي غلط هيتعاقب ،هي مين الموظفه ديه
خيري بنصر: مريم عبدالله ، ثم تنهد بخبث وقال هما حالين لاخد الشرط الجزائي الي هو 50 الف جنيه ، لأما هرفع قضيه علي شركتكم والموظفه الي هناا ، ها هنتفق ولا هتضحوا بالموظفه ومش مهم سمعة الشركه لما حد من موظفينهاا يستغفلوا صاحبهاا
يتبع بأذن الله
*********
•تابع الفصل التالي "رواية قلوب تائهة" اضغط على اسم الرواية