رواية لِبچَشان الفصل العاشر 10- بقلم عفاف العريشي
صدح الصوت الرنان قائلا:
_لا توجد نهاية للقصة، النهاية هى قصتك أنت.
_وكيف أدون النهاية إذن، وأنا أشعر بالتيه لا أدرى أين والدايّ وهل أمي لاتزال على قيد الحياة؟
_الأثنان بأمان يا مولاي، ولكن عليك بالمعافرة لكى تصل فمازال الطريق أمامك.
_من أنت ولما تساعدني؟
_أنا حامي العهد.
_حقاً، ولما يساعدني حامي العهد؟
_ لأنك النجم المنتظر، من سينير ظلام سماءنا.
_أنا لست منقذاً لأحد، فالجميع هنا يرضى بالهوان والذل إذن لما الجهاد في سبيل حقيقة مقبولة بالنسبة لهم.
_يجب أن تُزيل حجاب عقولهم يا مولاي، ولا أحد يصلح لهذه المهمة سواك.
_حسناً سأبذل قصارى جهدي ولكن بشرط؟
_وما هو؟
_أن تخبرني أين أبى وأمي؟
_أعتذر، فلا دخل لي بهذا الأمر.
_لمّ؟
_أنا هنا للمساعدة، أنا رفقتك دائما بالقلادة ستجدني أمامك حينما تحظى بالمسئولية الكاملة لتحمل مشقة إعادة العهد كسالفه.
_وإن خالفت هذا الاتفاق؟
_هذا ليس اتفاقاً وإنما هو مناقشة بالأمور التي يجب عليك إتمامها لا أكثر.
_ما اسمك؟
_أنا حامى العهد لا أحد يستطيع إخراجي من القلادة سوى حامل دم ريديس.
_لقد علمت أننى حفيد ريديس أهذا صحيح؟
_بالطبع، وكيف لي أن أقف أمامك الآن.
_إذن من الخائن الذى أودى بوالديّ للسجن؟
اختفت الأعين فجأة وعادت الإضاءة كالسابق، نظرت بالأرجاء كمحاولة يائسة لإيجاده حتى أننى حاولت إخراجه من القلادة ولكن بلا جدوى إلى أن سقط الكتاب أمامي وظهرت رسالة مفادها:
» الخائن هو نفسه الوفي الذى عاهد على الأمانة والصدق، وفى لحظة الالتفات طعن بخنجر الخيانة، فلا وجود للنقاء في منتصف بركة راكدة»
ماذا يقصد بمنتصف بركة راكدة؟
توقفت عن التفكير عندما اشتد ألم ذراعي فجأة برغم التقطيب الممتاز الذى قام به الطبيب ولكن الألم يداهمني بين الفنة والأخرى.
أمسكت بعلبة الدواء الذى هو عبارة عن خليط من بعض الأعشاب المساعدة بتسكين الآلام.
حاولت الاسترخاء قليلا فمازال أمامي متسع من الوقت على اجتماع الوزراء، بعد عدة دقائق سمعت صوت طرقات الباب
دلف الحارس الخاص بيعقوب وأخبرني برغبة الضابط بمقابلتي ولكن ما لفت نظري فعلا هى يده الملفوفة بقماش طبى نفس الموضع الذى ضربت به الرجل الملثم.
بعد زمن قصير كنت أسير أمام الحارس للغرفة الخاصة بيعقوب والأفكار تكاد تمزق دهاليز عقلي، أيعقل أن يكون هو ذلك الملثم؟
ولما لا وجنودي الذين هربوا فور إصابتي، كان يعقوب جالساً وحالما رآني هكذا هب واقفاً يسألني عن السبب وراء إصابة ذراعي هكذا
أجبته قائلا:
_لا شيء فقط هجوم من قبل مجهول.
_وجنودك أو هؤلاء الخونة عديمي الشرف، كيف تخرج دون التأكد من هويتهم يا يونس.
_منذ عودتي من جيكا وذاكرتي ليست على ما يرام، ولم أكن أعرف هويتهم.
_أعلم أن المهمة كانت شاقة عليك، ولكن لا أريد خسارتك فأنت صديقي قبل أن تكون مساعدي.
صمت لبرهة وارتسمت على ثغره ابتسامة صغيرة قائلاً بتأثر:
_فقدت صديقاً ولا أريد فقدان الآخر.
_أتقصد السيد وليد؟
نظر لعيني بهدوء وصمت هنيهة ثم قال:
_لم يكن مجرد صديق بل أخ، أتمنى أن يكون سعيداً بحياته رفقة بدر.
اكتفيتُ بإيماءة بسيطة والنظر للأرض أمامي، قال بعد وقت قصير:
والآن يجب أن تأخذ قسطاً وفيراً من الراحة.
أردتُ البوح بمكنون صدري للسيد يعقوب،
صمت بحيرة وانصرفت بعد أن حاولت النظر لنفس اليد التي أصبتها ولكن يعقوب كان يضعها خلف ظهره واقفاً بشموخ.
أفكار الشك تساورني عن حارسه أيعقل أن يكون هو من قام بخيانة أبي؟
لم أعد للغرفة بل ذهبت إلى الساحة ومنها إلى السجن حيث لونار صاحبة اللسان السليط.
قالت بعدما دلفت:
_يبدو أن السجن نال إعجابك.
_إلى حد ما.
_ما سبب زيارتك إذن؟
_لا شيء أردت التأكد من أمر ما.
_وما هو؟
_حقيقة أنك صديقة أمي.
_ألا يكفى رؤيتك للأصفاد وصوت تعذيبي دليلاً لك.
_لا.
_إذن؟
_كم عمرك؟
_أنا بالثامنة والعشرين.
_وانا بالثلاثين.
_أنظروا إلى سخرية القدر ابن صديقتي يفوقني بالعمر.
_كفاك ترهات لونار.
_حسناً لا بأس، على أي حال لا أريد مشاجرتك ولكن حالما أخرج سترى بعينك، وإلى حينها استمتع بقدر استطاعتك برؤية الأشياء من حولك لأنني سأقتلع عينك الجميلة من محجرها.
نظرتُ لها بامتعاض وقلت:
_ترأفاً بحالتك لن أقوم بأي تصرف حيال سخافتك.
_يا حبيب خالتك، حقاً أحسنت بدر تربيتك وتهذيبك.
صمت وقلت بعد برهة:
_أبى من قام بتربيتي يا لونار، فأمي وافتها المنية قبل زمن.
_لا تهذي بدر لازالت شابة بمقتبل العمر.
_وأنا أكبرك بعامين؟
أجابت وعبراتها تهدد بالهطول:
_أجل، حتى ولو كنت تكبرني بالضعف فهي لازالت شابة، لقد عاهدت على الصمود والبقاء بجانبي إلى الممات.
_والآن ما أريد إخبارك به هو خطة للهرب من هذا المكان الرث.
_وإلى أين سأذهب؟
_إلى مكان رائع للغاية.
خرجنا سويا إلى الساحة الخلفية بعدما حررت وثاقها كانت هادئة الخطى إثر جرح قدمها الذى لم يتماثل للشفاء بعد.
قلت هامسا:
_انتظريني!
ظهرت علامات الحيرة على قسمات وجهها ولكنني تجاهلت الأمر وذهبت مسرعاً إلى الداخل وعدتُ حاملاً عباءة سوداء كبيرة وحقيبتي القماشية بعدما ارتديتُ واحدة مماثلة، وضعتها على رأسها بهدوء وأسرعت بالخروج رفقتها.
بالخارج عندما وصلنا كانت دارين تقف رفقة جوادي شهاب وجواد آخر.
قلت لها شاكراً:
_أشكرك دارين، لولا مساعدتك ما خرجت سالماً.
_هذا واجبى سيد يونس، فالفضل الأول لك بإنقاذ طفلي
امتطيت صهوة جوادي وشاهدتها وهى تساعد لونار لامتطاء الجواد الآخر وتذكرت ما حدث قبل إسبوع ..
《 كنت في طريقي إلى اجتماع المجلس التشريعي للقاء بأهم الوزراء وكاتمي الأسرار الملكية لمناقشة آخر تطورات الإدارات بالمملكة .
رأيت دارين واقفة بآخر الرواق تتحدث الى إحدى الخادمات تبكى توجهت إليها وسألتها عما بها ..
قالت بهدوء :
_لا شيء سيدي فقط بعض المشكلات .
_ حسناً، ولكن لما البكاء ؟
نظرت إلىّ بدموع وقالت بعدما أخفضت رأسها :
_طفلي لقد سقيته شراب الميلاد قبل أيام وهو الآن بحالة مزرية للغاية وظهرت العديد من الأعراض كالبقع الحمراء على جلده ويرفض الحليب وبات يصرخ كثيراً .
_ ألم تأخذيه للطبيب ؟
_بلى فعلت
_وما تشخيصه ؟
_ تسمم يا سيدي، سيموت طفلي بعد شراب الحياة، ولا وجود للدواء بلازورد يا سيدي فقط بإحدى الإمارات الأخرى
_أي إمارة ؟
_إمارة شيلا فهي مطلة على المحيط والغابة وهناك يتم صناعة الدواء
_وكم مدة الرحلة إلى شيلا ؟
_ثلاثة أيام للوصول .
_حسناً دارين لا عليكِ فقط أخبريني بالتفاصيل وأنا سأذهب لإحضار الدواء لطفلك .
انفرجت أساريرها فرحة وسألتني :
_أحقاً يا سيدي ؟
_حقاً ولكن كيف يمكنني الحصول على الدواء وما اسمه ؟
_إنه ترياق يصنع هناك يقولون أنها طريقة ريديس ولا أحد يعلم السر سوى رجل واحد هو جواد حاكم شيلا، ولأن الصراع محتد بين شيلا ولازورد فلا نستطيع الولوج للإمارة .
_كيف لا يمكنكم الولوج لقد رأيت العبيد من شيلا يقومون بالأعمال هنا منذ بضعه ايام
_ اجل هذا صحيح فالعبيد يأتون الى هنا للتجارة والعمل وذلك يعود الى الاتفاقية بين الملكين راكان وجواد ولكننا لا نستطيع الذهاب فبالنهاية هم العبيد اي يمكنه سرقتنا او ارتكاب جرائم شتى
_ أرى انكِ تبالغين
_ لا فهذه هي الاتفاقية وانا لا اقوى على الذهاب وترك صغيري المريض هنا
_ حسناً لا عليكِ سأذهب الان ولكن هلا جلبت لي بعض الحاجات
_ بالتأكيد
وخلال الرحلة كنت اتحرك رفقه شهاب بسرعه شديدة لكي اصل بأسرع وقت ممكن.
بعد يوم كامل من التحرك توقفت قليلاً لأخذ قسط من الراحة فجسدي اضحى يئن وجعاً توقفت ساعتين ثم اكملت المسير الى الجنوب مررت على البحيرة يليها حدود الصحراء ثم دلفت الى حدودها لكي اتحرك بطريق مختصر فالليل اقبل سريعاً اليوم
توقفت ثانيه خلف صخره عملاقه عندما رأيت مخيم الجنود على مرمى بصري أملاً بإيجاد صديق ذا راس الطماطم العفنة،
وقفتُ منتصباً متربصاً قرابة الساعتين رأيت وجوه مألوفة ولكني لا اعرفهم واخيراً ها هو صديق يتثاءب اشرت له كثيراً دون جدوى زفرت بضيق ثم نظرت الى حصاني شهاب وإلى الحقيبة القماشية نزعت شارة الوزير ووضعتها بداخلها لكي تصبح ملابسي كسائر الجنود بالطبع هذا جنون واخرجت الخاتم وارتديته واضعاً اياه أمامها انتظرت لثواني قبل ان اسقط ارضاً محاولة للصمت.
*
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لِبچَشان) اسم الرواية