رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل العاشر 10 - بقلم تسنيم المرشدي
«حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنا»
«الفصل العاشر»
***
استشعر يوسف ما يجري خلف كلمات عبدالرحمن، فلم يعطيه فرصة لإكمالها، فهذا بعيداً كل البعد عنه، حمحم وأسبق بالحديث وهو يربت على يدي عبد الرحمن الموضوعة على يده:
_ أنا مش عايز حضرتك تقلق من حاجة، أنا متكفل بيك وببناتك، صدقني أنتوا في عنيا، مرتبك هتوصلك وكأنك موجود، وكل اللي أقدر أعمله معاكم مش هتردد لحظة إني أعمله، أطمن.
رده كان رفضاً قاطعاً لطلب عبد الرحمن قبل أن يطالبه به، استشف عبد الرحمن ذلك جيداً، فهو على علم بذكاء يوسف وحتماً هو قصد كلماته تلك.
لم يكن له عين يطالبه بما تمناه وفكر فيه طويلاً، على الرغم من أنه لن يطمئن على ابنتيه إلا معه، فهو يخشى الله، ومن يتقى الله في تصرفاته لا خوفاً على بناته معه.
تنهد عبد الرحمن وتبسم في وجهه ممتناً له ثم شكره بلطف:
_ فيك الخير يا يوسف، ربنا يجازيك خير يارب
بادله يوسف الإبتسام ثم تفحص ساعة يده وأستاذن منه:
_ عن إذنك، مضطر أمشي لأني لسه مروحتش المعرض،لو احتجت أي حاجة متترددش تكلمني
شكره عبد الرحمن مراراً ثم غادر يوسف الغرفة، فتقابل مع إبنة عبد الرحمن الكُبرى، تعجبت من سرعة زيارته وقالت على استحياء:
_ حضرتك لسه مشربتش الشاي
رد يوسف بإحترام وهو يغض بصره عنها:
_ معلش مضطر أمشي، المرة الجاية أشربه
تقدم خطوات من الباب ثم توقف عن سيره وعاد برأسه إليها وأردف بحرج:
_ آنسة فاطمة، بعد إذنك لو احتجتم لحاجة كلميني، هتلاقي رقمي مع والدك
أماءت له بقبول وشكرته ممتنة لذوقه:
_ أكيد، شكراً
_"عفواً، على إيه بس"
أردفهم يوسف ثم غادر وعاد إلى عمله، جلس على كرسي مكتبه وأسند رأسه على حافته وظل يعيد ما قاله لعبد الرحمن خشية أن يكون قد أخطأ وجرحه دون قصد.
فزع حين اقتحم بلال مكتبه بأسلوب غير حضاري، ألقى ما معه من أوراق وهو يوضح له ماهم بنبرة مريبة:
_ دول أوراق عربيات جديدة عايزين نخلصهم من الجمارك
ألقى كلماته وأولاه ظهره لكي يخرج لكن يوسف أوقفه بسؤاله:
_ استنى، فيه إيه مالك على الصبح
أراد بلال الهروب فقال بتجهم وعبوس:
_ مفيش حاجة
أسرع يوسف في اللحاق به، أمسكه من ذراعه مجبراً إياه على التوقف ثم بهدوء هتف:
_ تعالى أقعد بس كدا
سار بلال معه ثم جلس على الكرسي بإهمال، باتت تعابيره عابسة كلما تذكر ما اقترفه، جلس يوسف مقابله وسأله بقلق:
_ حصل إيه لكل دا؟
مال بلال بجسده للأمام مستنداً بمرفقيه على فخذيه، شهيقاً وزفيراً فعل مراراً لعله يتمالك أعصابه التالفة لكنه لم يستطيع فصاح عالياً بعصبية شديدة:
_ أصل أنا غبي، جيت أكحلها عميتها..
حاول يوسف تهدئته فهدر بنبرته الرزينه:
_ طيب إهدى يا بلال عشان تعرف تتكلم، فهمنى بالراحة، إيه اللي حصل؟
عاد بلال بظهره إلى الخلف ثم وضع قدميه على الطاولة الزجاجية أمامه، طالع سقف الغرفة لبرهة قبل أن يقص عليه ما حدث البارحة:
_ إمبارح روحت إيمان و...
قاطعه يوسف بسؤاله:
_ إيمان مين؟
طالعه بلال بنفاذ صبر وهدر به مستاءً:
_ بنت خالك..
عقد الآخر حاجبيه متعجباً مما يقوله فاستشف بلال نظراته وأوضح له:
_ شوفتها وهي خارجة من القاعة وكنت عايز أتكلم معاها بأي طريقة، طلعت طالبة أوبر، المهم مشيت العربية وقولتلها أعتبريني العربية اللي طلبيتها، قمت أنا بعقليتي الفذة قولت لما أقولها إنك بتعتبرها أخوها يمكن تحل عنك، أقوم قايلها يوسف بيعتبرك أخته تبقى في اعتبار أختي أنا كمان!
إعتدل بلال في جلسته ونبرته باتت حادة وتابع بإستهزاء:
_ قولتلها إنها أختي يا يوسف!!
طالعه يوسف لبرهة قبل أن تدوي ضحكاته في المكان، حاول التوقف لكن دون جدوى، كلما حاول السيطرة على قهقهته ينفجر مرة أخرى بقوة أكبر، استاء بلال للغاية من ضحكاته التي استفزته، انتفض بعصبية وهو يتمتم بلوم:
_ أنا غلطان إني قولتلك حاجة
لحق به يوسف وهو يحاول جاهداً بألا يضحك:
_ خلاص خلاص، معتش هضحك، أقعد
رفض بلال طلبه معللاً أسبابه:
_ لا مش فاضي ورايا شغل
أصر يوسف على جلوسه مرة أخرى، فعاد بلال عندما رأى إلحاحه، جلس يوسف وبالكاد يستطيع تمالك ضحكاته، تأفف بلال بضجر وضيق واضحين، حرك رأسه مستنكراً تصرفه الساذج حتماً لديه حق للضحك.
وضع بلال يده على وجهه لثوانٍ ثم انفجر ضاحكاً وهو يتمتم:
_ قولتلها إنها أختى..
شاركه يوسف الضحك وبات كليهما لا يعرفان طريق للتوقف، بعد دقائق قضاها يضحكان على فعلة بلال الغبية هتف بنفاذ صبر:
_ ما تتجوز بقى يا يوسف خليها تفقد الأمل فيك
هدأت ضحكات الآخر تدريجياً وهو يتذكر عبد الرحمن، تنهد ثم قال مستاءً:
_ بمناسبة الجواز، روحت أشوف أستاذ عبد الرحمن لأنه تعبان، وعرفت أن عنده كانسر
احتدت ملامح بلال متأثراً بما أخبره به يوسف الذي واصل مالم ينهيه:
_ قالي إنه خايف على بناته وعايز يطمن عليهم، الكلام كله كان بيدور عليا طبعاً
فغر بلال فاهه بذهول وررد بدهشة:
_ طلبك للجواز؟!
_ كان هيطلب فعلاً، بس أنا مدتلوش فرصة، بس وعدته إني متكفل بيهم، لكن جواز لأ صعب أوي
فكر بلال بصوت عالٍ مع صديقه وهو يجيب المكان من حوله بنظراته:
_ بس أنا عارف بناته، محترمين أوي والكبيرة مبترفعش وشها من الأرض طول ماهي ماشية، أوقات كنت بشوفها وهي جاية له هنا
نهض يوسف من مكانه وتوجه إلى كرسي مكتبه واعتلاه ثم هتف بوجهة نظره:
_ ما أنا عارفهم يابني، بس لأ، مش هتجوز عشان أرضي حد دي هتبقى مراتي بقيت عمري، يعني لازم أكون أنا اللي مختارها، لما أشوفها أقول أيوة هي دي اللي تنفع مراتي
طالع يوسف الفراغ أمامه وهو يواصل حديثه بتهكم يشوبه الغرابة من تفكيره:
_ أنا الموضوع مكنش شاغلني بجد، بس هو فيه حد مش بيفكر في الجواز؟
على الأقل يرسم حياته اللي جاية في أفكاره، أنا مفيش خلاص، أنا بدأت أقلق على نفسي
عاد يوسف بأنظاره على بلال وتابع ساخراً:
_ لا بجد بدأت أقلق، يعني واحد تافه زيك يحب ويبقى عايز ياخد خطوة زي دي وأنا مبفكرش إزاي؟!
قلب بلال عينيه لعله يأتي بفكرة لتلك العقدة، زم شفتيه وهو يقترح عليه:
_ يمكن بسبب لينة؟
_ "إزاي؟"
تسائل يوسف بفضول فهتف بلال موضحاً:
_ يعني تقريباً هي اللي أخدة كل وقتك، بسبب مسؤولياتها ودروسها، أنت يومك كله ليها يا يوسف عايز تفكر في حد تاني إزاي؟
أخرج يوسف تنهيدة مطولة ثم مال للأمام واستند بساعديه على مكتبه الخشبي وأردف برضاء تام:
_ وعمري ما اضايقت، ولا حسيت في مرة إني زهقت، أنا حابب أعمل كدا، بحس إني صاين الأمانة كويس مش أي كلام
قاطعه بلال بإسيتاء:
_ أيوة يا يوسف بس دي أنانية، لازم تفكر في نفسك شوية، إيه المشكلة إنك تعطي نفسك حقوقها زي أي شاب، فيه شباب في سننا دا وعندهم عيال!
تشدق يوسف وهو يحك ذقنه وأردف وجهة نظره:
_ ما أنا خايف اللي تيجي متتقبلش الوضع، أو تغير منها أو مثلاً أتلهي معاها وأنسى لينة ودا مش هيريح ضميري، خليني مستني بقى لما تقدر تعتمد على نفسها وهي اللي تقولي خلاص اكتفيت منك ووقتها أبقى أشوف حالي
جحظت عيناي بلال وصاح بتزمجر:
_ وأنا هفضل أستناك وأستناها إن شاء الله؟!
_ "ما تروح تتقدم لها وتخلصني"
يريد يوسف الخلاص فحثه على أخذ خطوة رسمية بينما شهق بلال بذهول كأن يوسف قد قام بسبِه:
_ أنت عايزني أروح أتقدم لها وأنا عارف إنها بتفكر في راجل غيري؟!!
ضاق يوسف بعينيه فحماقته حقاً لا تصدق، هرب بلال من عيناي يوسف ووضح له الأمر الحاضر:
_ تفرق يا صاحبي، أنا الوقتي لسه على البر ومستني يحصل جديد، لكن إني أخد خطوة رسمية كدا مبقاش راجل
تنهد يوسف وحاول تعديل مفاهميه الخاطئة:
_ متحسبهاش كدا، فكر فيها إنك بتعوضها مثلاً، هتلاقي الوضع اختلف، وبعدين يلا اتفضل مع السلامة عشان أنا قايم أودي لينة دروسها
انسحب بلال دون إضافة المزيد فهو تأخر على عمله أيضاً وحتماً سيتلقى توبيخاً بهذا القدر من والده، بينما التقط يوسف مفتاح السيارة وغادر.
***
بعد مرور بعض الساعات، أدى يوسف فريضة العشاء ثم ذهب لأخذ لينة ليعود بها إلى المنزل، كان يلاحظ صمتها طيلة اليوم، لم يعتادها هادئة هكذا، فالمشاكسة خلقت فقط لأجلها.
حمحم ليجذب انتباهها إليه، فنظرت إليه متسائلة بفتور:
_ في حاجة يا يوسف؟
_ "مالك، مش متعود عليكي كدا؟"
سألها بفضول فأجابته هي مختصرة:
_ عادي، مليش مزاج واليوم كان طويل وتعبانة وكدا
حرك رأسه ثم تذكر شيئاً عزم على فعله، استدار بالسيارة عند أول منعطف قابله وسار في وجهته المقصودة.
بعد دقائق قد وصلا إلى وجهته، مررت لينة نظريها على المكان بين يوسف وبلهجة مرهقة سألته:
_ إحنا جايين هنا ليه؟
بإختصار أردف:
_ هعمل حاجة فوق، انزلي تعالي معايا
رفضت طلبه بإيماءة من رأسها معللة:
_ لا سيبني أنا هنا
صمم يوسف على رأيه فقال:
_ أنا ممكن أطول فوق ومينفعش تقعدي لوحدك في العربية في وقت زي دا
زفرت لينة أنفاسها بملل مختلط بالضجر، امتثلت لأمره ورافقته لحين وصولهم إلى الشقة المقصودة، طرق يوسف بابها وانتظر حتى فتحت له زوجة خاله، قابلتهم بوجه بشوش ورحبت بهم بحفاوة:
_ البيت نور، لا البيت إيه دا الشارع كله نور والله أهلاً وسهلا اتفضلوا
بادلها يوسف الإبتسام والترحيب:
_ منور بأهله يا مرات خالي
اكتفت لينة بإبتسامة لم تتعدى شفاها، دعتهم هادية إلى الصالون ثم استأذنت منهما لتخبر إيمان بوجود يوسف، حتماً ستأسرها السعادة إن علمت بحضوره.
لم تتطرق هادية باب غرفتها بل ولجت على الفور، وجهها خير دليل على تلك الحماسة التي تملكتها، تعجبت إيمان من دخولها المفاجئ وتصرفاتها المريبة وسألتها بفتور:
_ في إيه، ومين اللي جه؟
بنبرة متحمسة أجابتها:
_ يوسف برا!!
بعدم استيعاب لهوية يوسف ذاته سألتها إيمان:
_ يوسف مين؟
قلبت هادية عينيها بتهكم وصاحت مستاءة من سذاجة سؤالها:
_ إحنا نعرف كام يوسف؟
انتفضت إيمان من مكانها، تريد التأكد من حدسها، اقتربت من والدتها وقلبها يكاد يخترق ثيابها من فرط تدفق الدماء به وهتفت متسائلة بنبرة مرتجفة:
_ يوسف مين؟ يوسف إبن عمتي؟
أماءت لها هادية مؤكدة، طالعتها إيمان بأعين متسعة ثم أردفت وهي تدفعها للخارج:
طيب اخرجي عشان أغير هدومي بسرعة
ضحكت هادية على تصرفاتها ثم عادت إلى ضيوفها لحين حضور إيمان، اختارت إيمان من الثياب أجملهم ثم وقفت أمام المرآة تضع مورد على وجنتيها ثم أضافت بعضاً منه على شفتيها.
نظرت إلى صورتها المنعكسة نظرة متفصحة قبل أن تهم بالخروج، كانت تتعرقل قدميها لسيرها العفوي إلى أن وصلت إلى الصالون الخاص بهم.
أخذت شهيقاً وأخرجته بتهمل ثم خطت إلى الداخل وعينيها لا تريان سوى يوسف، رسمت بسمة سعيدة على ثغرها ورحبت به قائلة:
_ إزيك يا يوسف؟
بنبرة لطيفة عكس المعتاد منه قال:
_ بخير يا إيمان، أنتِ أخبارك إيه؟
السعادة دون غيرها تتراقص داخلها، تنهدت ثم أجابته بنبرة حيوية:
_ أنا كويسة الحمدلله
حمحمت هادية وأشارت بعينيها إلى لينا التي تجاورها فهتفت إيمان مرحبة بها وعينيها مازالت مُسلطة على يوسف:
_ إزيك يا لينة معلش مختش بالي
بفتور يشوبه الضيق أجابتها:
_ كويسة..
أنتبه الجميع ليوسف حين أصدر صوتاً ليعيروه اهتماهم، نظر إلى إيمان وبإبتسامة هادئة وجه حديثه لها:
_ ممكن نتكلم شوية..
وكأن دلو من المياه الباردة قد سُكب على الجميع في آن واحد، ذُهلت لينة بطلبه الجرئ أو ربما الوقح أمامها، خشيت أن يكون قد أطاع والدته في طلبها المتكرر، لن تحتمل تلك المفاجئة بل ستقضي عليها حتماً.
لم ترفع إيمان نظريها عنه مذهولة من طلبه، وكأن أمنياتها لطلاما دعت بتحقيقها ستتحقق الآن، التفتت حيث والدتها وأشارت إليها بالخروج فامتثلت الأخرى على الفور برفقة لينة التي لم تستوعب إلى الأن طلب يوسف.
اعتدلت إيمان في جلستها، وانتظرت ما يود قوله بفروغ صبر، بينما توتر يوسف قليلاً فالمواجهة حتمياً ليست بتلك السهولة التي ظنها.
حمحم ثم بدأ حديثه قائلاً:
_ إيمان أنتِ بنت ذكية، وطيبة وتستاهلي اللي يقدرك، اللي يكون شبهك ويحبك..
لمعت عيناي إيمان بفرحة عارمة، فكل ما دعت به على وشك الإستجابة، ازدادت نبضاتها بقوة ناهيك عن أنفاسها التي ازداد معدلها، شعر يوسف بكل ما يدور في عقلها الآن، لكن عليه إستكمال الأمر حتى وإن جاء على غير هواها.
تابع كلماته المنتقاه بعناية لكي لا يجرح قلبها:
_ أنا بتكلم معاكي كأخت ليا وعايز مصلحتك...
توقف عقلها عند تلقيبه لها بالشقيقة مرة ثانية، لا يهم ما سيقال بعد ماقيل، لم تصغي لحرفٍ واحد بعد ذلك، أخفضت رأسها في إنتظار انتهائه مما جاء لأجله لكي تنهض وتعود إلى غرفتها.
استشعر يوسف رفضها لسماع المزيد، لكنه لن يتوقف قبل أن يردف جميع ما لديه:
_ مش عايزك توقفي حياتك عشان حد، بصي لنفسك وإنك تستاهلي تعيشي زي أي بنت، تحب وتتحب في إطار علاقة شرعية، حاولي تبصي لنفسك شوية هتشوفي الدنيا بشكل تاني، هتلاقيها تستحق، فكري في كلامي كويس ولو عايزة نصيحتي خدي اللي بيحبك مش اللي بتحبيه، اللي بيحبك هيديكي مشاعره وقلبه ووقته وفلوسه وهيتقي ربنا فيكي، على عكس اللي بتحبيه ممكن يتقي ربنا فيكي بس مش هيديكي مشاعره ولا قلبه، الحياة هتبقى جافة أوي وملهاش طعم..
نهض يوسف وهو يتمتم:
_ أنا كدا خلصت اللي عندي، ربنا يكتب لك الخير يارب
لم ينتظر رداً بل توجه إلى الخارج على الفور، استأذن من زوجة خاله وغادر برفقة لينة التي تشتعل غيظاً من تلك الجلسة المنفردة.
لم تستقل السيارة بعد فسألته بنبرة حادة:
_ هنشرب الشربات قريب؟
توقف يوسف عن تشغيل السيارة ونظر إليها بغرابة وهو يردد ما قالته بعدم استعياب:
_ شربات إيه اللي هنشربه؟
التفتت لينة بكامل جسدها إليه وبهجوم أردفت:
_ طلبت تقعدوا لوحدكم، أكيد فيه سبب كبير
ابتسم يوسف بتهكم وهتف معللاً تصرفه:
_ شوفي أنا مكنتش حابب حد يعرف بس هقولك، بس إياكِ ميمي تاخد خبر
أماءت له فاستكمل حديثه:
_ كنت بقولها تشوف نفسها ومتستناش حد، مش هفضل شايل هم إنها قاعدة مستنياني وعمرها بيضيع على الفاضي
فغرت لينة فاها بذهول شديد ورددت بعدم تصديق:
_ أنت قلت لها كدا؟
أسرع يوسف في نفي سؤالها موضحاً:
_ لا طبعاً أنا بقولك أنتِ بس أنا عملت كدا ليه
بالكاد أخفت لينة ابتسامتها السعيدة بصعوبة، تصنعت الحماقة وأعادت سؤاله بنبرة ماكرة:
_ وأنت ليه قولتلها كدا، أقصد يعني فيها إيه مش عاجبك؟
هز يوسف رأسه باستنكار شديد، نظر أمامه ثم أشعل محرك السيارة وأجابها باختصار:
_ هو مش لازم الجواز يتبنى على دوافع؟!، سواء بقى حب أو إعجاب أو حتى راحة، التلاتة مش حاسسهم يبقي أكيد مش هروح أتجوز لمجرد إن حد عايز كدا
_ "حتى لو كان الحد دا مامتك؟"
تسائلت بتوجس خشية سماع إجابته فأردف بثقة دون تفكير:
_ حتى لو كانت أمي، في قاعدة للعلماء بتقول "ليس من الحقوق عقوق " حقي إني أختار شريكة حياتي لأنها حياتي أنا ولو رفضت طلب ليها ميبقاش عقوق أبداً بس طبعاً مش هجيب واحدة متكنش مش موافقة عليها برده، فهمتي؟!
اكتفت بإيماءة من رأسها، طالعت الطريق أمامها ولم تستطيع منع ابتسامتها تلك المرة، الآن أطمئن قلبها، ياليته يعلم بمشاعرها، ياليته يقرأ عبارات الغزل التي في عينيها، ياليته يرى نفسه من عينيها هي ليعلم مدى غلاوته.
إنه الصديق والحبيب، والأهل والسكن، إنه دوماً كان ملجئها الوحيد لطالما لم يتبقى غيره، كان الملاذ الأمن لها يوم تركهما خالهما دون رحمة، كان الكتف الحنون التي مالت عليه منذ سبعة أعوام حين خشية سرعة القطار والكثير من المشاعر التي اكتسبتها بفضله..!
أخرجت تنهيدة وكذلك ذكرياته من عقلها، وبحماس واضح أردفت:
_ شغلنا حاجة نسمعها
برفض واضح أردف يوسف:
_ لا إحنا خلاص هنوصل أهو
بنبرة لحوحه رقيقة هتفت:
_ Lütfen (أرجوك)
لم يعقب يوسف بل اكتفى بإبتسامة فاستشفت الأخرى قبوله وأسرعت في اختيار أغنية قبل أن يصلا إلى منطقتهما.
قطع يوسف نصف المسافة فاقترحت لينة شيئاً ما خطر على بالها:
_ يوسف، ممكن تقف عند أي ماركت
لم يمانع يوسف طلبها وعند رؤية أول بائع صف السيارة أمامه، أخذ نفساً ونظر إليها وقال:
_ ها هتجيبي إيه؟
اتسعت إبتسامتها بمبالغة فاستشف يوسف ما ترمي إليه وهلل ممازحاً:
_ يا فلوسك اللي هتطير يا يوسف
عضت لينة على شفتيها بخجل فتابع يوسف ساخراً:
_ بتتكسفي أوي
بنبرة مائعة أردفت وهي تميل رأسها بدلال:
_ طبعاً مش بنوتة
"وأحلى بنوتة"
هتف يوسف بعفوية، فلمعت عيناي لينة كبريق ثغرها المبتسم، ترجل يوسف أولاً فتبعته هي والأدرينالين خاصتها في أذهى سعادته.
هرولت للداخل كالطفل الذي لقى مأواه، سار خلفها يوسف ولم يعلق على اختياراتها، بل انتظر حتى فرغت من متطلباتها ثم حاسب عليهم وغادرا عائدين إلى منزلهما.
أسبقت لينة في صعود درجات السُلم، قرعت الجرس مرات متتالية فلم يجيب أحدهم، استدارت وطالعت يوسف بحيرة وتسائلت بقلق:
_ ماما ميمي نامت ولا إيه؟
استبعد يوسف تلك الفكرة وجاء بفكرة بديلة:
_ أكيد لأ لسه بدري، ممكن تكون بتصلي قيام
_ "ممكن"
هتفت بها لينا فاقترح عليها يوسف وهو يستدير بجسده ليعطيها جانبه الأيسر:
_ طلعي مفتاحي وافتحي
تفاجئت لينة باقتراحه وبتردد مدت يدها في جيب بنطاله وحرصت بألا تنظر في عينيه في تلك اللحظة، أتت بالمفتاح ثم قامت بفتح الباب وإذا بالسيدة ميمي تهرول من غرفتها، تمهلت حين رأتهما قد دلفا إلى المنزل.
اعتذرت منهما معللاً عدم استقبالهما:
_ كنت بصلي ياولاد معلش
هتف يوسف ماحياً حرجها بقوله:
_ مفيش حاجة يا حبيبتي
حدجت ميمي الأكياس البلاستيكية التي في يدي يوسف وسألته بفضول:
_ دا إيه كل دا يا يوسف؟
نظر يوسف إلى يمينه حيث تقف لينة وأجاب والدته بمزاح:
_ لا دي لينة نوت تفلسني بس
انفجرت لينا ضاحكة ثم عاتبته مازحة:
_ محدش بيسمع صوتك وأنا بشتري يعني؟!
رد عليها بدون تفكير:
_ الماركت كله مش كتير عليكي
رفعت لينة كفوفها مشكلة إياهم على هيئة قلب مع ابتسامتها العذبة، انسحبت من بينهما لتبدل ثيابها ويبدأوا سهرتهما.
توقفت عن السير لتذكر شيء فوجهت حديثها ليوسف:
_ كلم زياد يجي
أماء لها بقبول وهاتف أخيه لكي يهم بالمجيء على الفور، بينما انشغلت لينة في تحضير بعض الحلوى لقضاء سهرة سعيدة معاً.
***
"يابنتي بقالي ساعة بتحايل عليكي تتكلمي، هو قالك إيه عشان كل العياط دا؟"
هتفت هادية بنفاذ صبر وعدم تحمل لكثرة بكائها التي تجهل سببه، تأففت بضيق واضح ثم صاحت منفعلة:
_ خلصي قولي في إيه قبل ما أبوكي وأخوكي يرجعوا
مسحت إيمان أنفها المسيل بظهر يدها، ابتلعت ريقها وأجابتها بنبرة مرتجفة:
_ جاي عشان يقولي إني أبطل أستناه، وأشوف نفسي، وموقفش حياتي عشان حد مبيحبنيش، وأخد اللي بيحبني عشان دا اللي هيسعدني، وأنا أستحق أحسن منه!!
بذهول تام تمتمت هادية:
_ هو قالك كدا؟!
أعادت إيمان مسح عبراتها بعصبية وهي تجيبها:
_ هو متكلمش عن نفسه، قال الكلام بصيغة نصيحة، بس لا هو أهبل ولا أنا غبية عشان مفهمش الكلام عليه، أنا بعد كل السنين دي يرفضني بالشكل دا؟
نهضت عن مقعدها وجابت الغرفة ذهاباً وإياباً وتابعت تمتمتها بحنق وندم شديدان:
_ أنا اللي غلطانة فعلاً، فكرت إن فيه أمل، فكرت إني لو استنيت كل حاجة هتتغير، مفيش حاجة اتغيرت، محاولش يبص لي لو لمرة، والمرة اللي بص فيها في عيني كان عشان يقولي أنسيني وشوفي حياتك بعيد عني، أنا اللي أستاهل اللي حصلي، أنا اللي أستاهل!!
اقتربت منها والدتها وربتت على ظهرها مآزرة إياها، طالعت الفراغ أمامها وهي تكز أسنانها بعصبية، زفرت أنفاسها وصاحت من بين أسنانها المتلاحمة:
_ يبقى تشوفي نفسك، مع أول عريس هيتقدم لازم نوافق، عشان تثبيتله إن الحياة مش واقفة عليه والرجاله غيره كتير، وكانوا بس يتمنوا رضاكي!
هدرت إيمان عالياً وهي تحرر جسدها بعيداً عن والدتها:
_ بس أنا مش عايزة إلا هو، مش شايفة راجل غيره ينفعني، مش هقدر أضحك على نفسي وأنا عارفاني كويس
لم تتحمل هادية المزيد من السخافة وصاحت بها مندفعة:
_ فين كرامتك من كل دا يا إيمان، دا داس عليها بأقذر جزمة وأنتِ تقوليلي مش شايفة غيره!
لم تقتنع إيمان بكلمات والدتها وهتفت معارضة:
_ مفيش كرامة في الحب
فغرت هادية فاها بذهول، فلم تتوقع رد وضيع كردها ذاك، لم تستطيع مجاراة الحوار قبل أن تعدل مفاهيمها الخاطئة:
_ مين اللي قال كدا، الحب لو مصانش الكرامة وحافظ عليها ميتساهلش يتقال عليه حب، الراجل اللي معاكي لو محترمكيش وزعلك مفرقش معاه، ميستاهلش يتقال عنه راجل، الرجالة بتصون وتحافظ وتغير ولو غلط يعتذر ويصلح غلطه، وتكوني أبقى عنده من نفسه، لكن أنتِ مش فارقة معاه يبقى هو كمان ميفرقش معاكي، وأنا بعد كدا مش هسمع لك تاني، ولو جه عريس محترم أنا أول اللي هيوافقوا طلاما أنتِ مش عارفة مصلحة نفسك
تركتها هادية بعدما انتهت من قول ما يحتم عليها قوله، لعلها تعود إلى رشدها وتنظر إلى مصلحتها، لم تقتنع إيمان بذلك الهراء بسهولة، فكيف تبدله برجلاً غيره بتلك البساطة وكأنه مزهرية ستغير مكانها.
ألا تعلم والدتها ما عاشته فيما مضى؟، ألم ترى كم عانت لأجل نظرة منه، ألم تشعر بقلبها المحطم في كل مرة يقسو عليها بها، شاهدت رفضه المستمر ولم تستطيع كرهه، فكيف تنساه الأن لأن والدتها من أرادت ذلك؟
جلست إيمان على طرف الفراش بإهمال ورددت من بين بكائها الغزير:
_ هو اللي عايز كدا، هو اللي طلب مني كدا..
طالعت الفراغ أمامها معيدة جميع ذكرياتها المؤلمة معه فتملك الغضب منها حتى ظنت أنها كرهته حينها..!
***
عادت راكضة بعدما أحضرت دفتراً وقلم، وقفت أمام ثلاثتهم وبدأت تشرح اللعبة التي اقترحتها بحماس:
_ كل واحد هيكتب كلمة توصف أنت شايف اللي قدامك إزاي، وليكن ماما ميمي هتكتب لزياد وزياد يكتب لها وأنا أكتب ليوسف والعكس، بعد كدا هنلزقها على جبينا والمفروض نشرح للي هنبتدي بيه كل حاجة معناها نفس معنى الكلمة وهو المفروض يعرفها من نفسه.
وافقوها ثم بدأوا في تدوين الكلمات لبعضهم البعض، انتهوا مما يفعلونه ثم قاموا بلصق الورقة على جبهتم.
اقترحت لينة اختيار السيدة ميمي أولاً لأنها تكبرهم عمراً، بدأ يوسف في شرح ما دونه زياد على جبينها:
_ حاجة بتساعد المرضى إنهم يمشوا
عقدت ميمي حاجبيها وهي تفكر جيداً في تفسير ما قاله يوسف، اتسعت عينيها وهي تهلل:
_ العكاز؟
صفقوا لها جميعاً فتعجبت من ذلك اللقب ووجهت لزياد سؤالاً قبل استكمال لعبتهم:
_ اشمعنا عكاز يا زياد؟
على الرغم من خجله الذي كان ظاهراً للجميع إلا أنه لم يدعه يسيطر عليه، وأجابها بأسلوبه الساخر:
_ ياستي مدققيش
أصرت ميمي على معرفة اختياره لتلك الكلمة التي وصفها بها بنبرة ملحة:
_ خلاص مش هكمل طلاما مش هتقول
تذمرت لينة وصاحت بحنق موبخة زياد:
_ لا قولها بقى عايزين نكمل
أخفض زياد رأسه وحدج كفوفه التي كان يفركها بتوتر ثم أردف بنبرة هادئة لا تشبه قط:
_ عشان أنتِ اللي شيلتي البيت بعد ما بابا الله يرحمه مات، إحنا كبرنا وبقينا في العمر دا بسببك...
شعر زياد بحماقته، فلم يعتاد البوح بتلك الصراحة ناهيك عن نبرته الرقيقة، بالله شعر بالإهانة في حقه فتراجع ساخراً كما كان:
_ وكفاية كدا عشان حسيت إني أهبل أوي
انفجرا جميعهم ضاحكين، وعلى الرغم من المرح الذي تسبب به زياد، إلا أن والدته قد غمرتها السعادة بكلماته، واستحثت مدى حبه لها رغم أنه لم يعترف لها من قبل.
تابعوا لعبتهم باختيار لينة ليوسف، فبدأت هي موضحة ما دونته خصيصاً من أجله:
_ طبعاً أنا اللي لازم أوضح، مش عارفة ليه بس مش مهم
ابتسمت بعفوية فأجبرت يوسف على الإبتسام لذلك الغموض المريب، ثم واصلت استرسالها:
_ حاجة مينفعش البيت من غيرها، بيتبني البيت على أساسه، ومن غيره البيت يتهد
حاول يوسف مراراً الوصول إلى معنى كلماتها فلم يستطيع، هز رأسه نافياً لمعرفته بالكلمة وقال:
_ مش عارف، أنتِ كاتبة إيه
ردت عليه بتلقائية:
_ فكر شوية يا يوسف، طيب بص هسهلها عليك، عندنا منه ٣ في البيت، يبقى إيه؟
_بعد لحظات ردد يوسف ما أخبرته به في عقله ثم هتف غير متأكداً من إجابته:
_ عمود؟
صاحت لينة بفرحة:
_ برافو
تشدق يوسف مع عقده لحاجبيه متسائلاً بفضول:
_ اشمعنا عمود؟
هربت لينة منه بإرتشافها بعضاً من كأس العصير وأجابته دون أن ترفع عينها عليه:
_ إجابتي في كلامي اللي قولته في الأول
لم يعقب يوسف وأعاد كلماتها وشعر بالسعادة تغلغلو داخل قلبه، تدخل زياد بقوله:
_ دوري أنا بقى، هقول لينة مكتوب لها إيه؟
حمحم وهو يعتدل في جلسته ليكون مقابلها، ثم فكر قليلاً فيما سيخبرها به قبل أن يردف باستخفاف:
_ حاجة بندبحها في العيد
صعقت لينة مما قاله ورمقت يوسف بذهول وهي تردد:
_ خروف يا يوسف؟!!
كاد يوسف أن يوضح لها إلا أنها أسرعت في إزالة الورقة لكي تتأكد بنفسها، ارتخت ملامحها حين قرأت المدون بها وتمتمت:
"أمانة"
أخرجها زياد من حالتها بضحكه الذى دوى في الأرجاء، رفعت لينة نظريها إلى يوسف بنظرة خجولة نادمة لتصديقها ألاعيب زياد، بادلها يوسف إبتسامة هادئة لكي يمحي خجلها البائن، تحدثت السيدة ميمي معاتبة زياد:
_ بطل رخامة ياواد، دوري أنا بقى أقولك مكتوب لك إيه
ابتسمت بعفوية ثم قالت مازحة:
_ والله ما أنا عارفة أقولك إيه، الكلمة ملهاش معنى تاني
تدخل يوسف ساخراً منه:
_ معناها مبتريحش نفسك
قطب زياد جبينه، ولم يستطيع صبراً حتى أزال الورقة ليقرأ المدون بها، رفع شفتيه العُليا باستهزاء وهو يقرأ:
_ شقاوة!!
طالعته لينة بتهكم وهي تردف مشاكسة إياه:
_ دي الشقاوة دي ثغره في قاموسك
ضحك جميعهم عدا زياد الذي قلب عينيه ضجراً من كلماتها، وكعادته لن يمرق الليلة دون أن يتصرف بحماقة، صوب عينيه على الكأس خاصتها وبحركة سريعة لم ينتبه لها أحدهم، سرقه من على الطاولة ثم ارتشف قدراً منه.
انتبهت له لينة فصرخت وهي توبخه:
_ أوف على الرخامة، مبحبش حد يشرب من مكاني، بقرف..
هدر به يوسف بغضب:
_ زياد، هات الكاس، ودي آخر مرة تعمل كدا تاني
ناوله زياد الكأس وهو يطالع لينة بنظرات متشفية، نهض يوسف عن أريكته وتوجه إلى المطبخ ثم أحضر كأساً آخر من العصير، كاد أن يهم بالخروج، إلا أن قدميه توقفت وعاد ينظر إلى الكاس الذي ارتشف منه أخيه.
شيء ما داخله يحثه على أخذ رشفة، فما المانع؟، رفع الكأس ونظر إليه بغرابة فحاجته المُلحة على تذوقه تبدوا مريبة، لم يمانع من أخذ رشفة واحدة، رفع الكأس عند فمه ثم تراجع وبحث عن المكان نفسه التي شربت منه لينة وقام بأخذ رشفة سريعة.
لا يعلم سبب تلك الإبتسامة التي تشكلت على محياه، ولا عن ذلك الشعور الذي راوده، أعاد وضع الكأس على الطاولة الرخامية وعاد حيث يجلس الجميع.
توسط أريكته بعدما ناول لينة الكأس فشكرته بلطف، صدح رنين هاتفه فتعجب من ذلك المتصل في وقت متأخر، تفاجئ برقم السيد عبد الرحمن، فأجاب على الفور:
_أستاذ عبد الرحمن!
جائه صوتاّ باكي متحشرج:
_ أستاذ يوسف، بابا مات!
هستنى تقولولي إيه اكتر موقف عجبكم والعكس
متبخلوش بآرائكم ♥️
•تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية