Ads by Google X

رواية لِبچَشان الفصل الحادي عشر 11 - بقلم عفاف العريشي

الصفحة الرئيسية

   

 رواية لِبچَشان الفصل الحادي عشر 11 - بقلم عفاف العريشي

 
                                   (يونس) 
وقفت ونظرت الى العملة والتي يدورها جعلتني كالسابق الجندي ذا الاعين البيضاء ربطت الحصان جيداً وشرعت بالذهاب الى صديق، كان جالساً امام النيران المشتعلة، أمسك حصوة صغيرة وقذفتها أصابت انفه امسكها صارخاً وقال: 
_ اللعنة عليك فلتصاب يديك، من هنا؟ 
 لم ارد فاكمل حديثه ونبرة تهدديه قائلاً: 
_ الان تختبئ أتريد اللعب مع جنود لِبچَشان البواسل يا هذا  
 
قلت هامساً  
_ أنا هنا أيها الغبي ماذا تفعل؟ 
 
 وقف يرهف السمع وقال: 
_ من الذي تنعته بالغبي لقد اغضبتني كثيراً والان اخرج وإلا..  
 
وضعت يدي على كتفه من الخلف وهمست بأذنه قائلاً:  
_ وإلا ماذا؟ 
 
سقط فزعاً وقال: 
 _اه يا امي 
 استغرق بضعة دقائق لكي يعود لرباطة جأشه وقال بتعجب عندما رآني: 
_ يونس أين كنت طوال هذا الوقت؟ 
 
_ انها قصه طويله تريد سماعها 
 _ بالطبع كلي آذان صاغية 
قصصت عليه ما حدث بهدوء وأنا أشاهد تعابير وجهه الصادقة بين الفنة والأخرى فصديق من الشخصيات النقية التي يسهل قراءتها وهذا ما أكد لي إيماني بأن للحياة جهة أخرى جميلة لم نذهب إليها بعد ويوجد الكثير من الفرص لم يحن وقتها، 
قال بهدوء: 
_ والان ما سبب عودتك الى هنا؟ 
_ لآخذك معي. 
_ وكيف ذلك؟ 
 _ سنخرج من هنا الآن قبل أن يرانا أحد فيا صديقي أنا بحاجتك، هل سترفض طلبي وتردني خائباً؟  
لا أقوى على ذلك فأنت صديقي الذي آتي إليه حين ارغب بالجلوس مع نفسي اعلم أنك لا تتذكر ولكنني أتذكر وهذا يكفي، أليس كذلك يا اخي؟ 
 
 ابتسمت وقلت: 
_هو كذلك والآن هيا بنا  
وقف وقال:  
_هيا الى شيلا الشقيقة 
_ أليست مسقط رأسك؟ 
_ بلى ولكنني افضل النسيان 
  
نظرتُ إليه بهدوء وقلت:  
_إذن لنذهب  
تسللنا إلى حيث الجواد بهدوء فالوقت متأخر والجميع لأجل تمرين الصباح الخاص بهم أبقى على هيئه يونس التي يعرفها صديق وبدأنا نشق آخر المسير الى شيلا وصلنا إلى المشارف قبل بزوغ الفجر أرض خضراء جميلة على مرمى البصر والأشجار الكثيفة على جانبيها أعطاها منظراً بديعاً 
 قال صديق متثاءبً:  
 _ أود الخلود للنوم 
_ لا عليك تستطيع النوم كيفما تشاء 
_ حسناً  
وصلت أخيراً، استطعنا الولوج نظراً للأوسمة والعملات وسألت أحد الحراس عن قصر الملك جواد وقال في المنتصف فالمدينة دائريه الى حد ما وقصر الملكي هو مركزها لم تكن بذلك السوء أبداً تتميز المنازل الطينية والحياة الريفية وهي الغالبة هنا هادئة جداً الناس تسير بهدوء والحياة هنا أجمل بكثير في نظري لكي يسرع وأتأمل أكثر رأيت حقول خلابة والكثير من الاشجار الشاهقة خلفها، شكلها الدائري عندما تقع في أي زاوية تشاهد القصر أمامك وخلفك الحقول الزراعية وخلفها الاشجار، 
صحت بحماس وهتفت لصديق : 
_ انظر يا صديق يا له من منظر أخاذ. 
ولكن لا رد، هتفت ثانية: 
_ صديق ؟ 
نظرتُ خلفي ورأيته يتأمل أحد المنازل، أيقنت أنه المنزل ذاته الذي ترعرع به، ورجل مسن يقف أمامه بوهن، قال صديق بعبرات متحجرة : 
_ إنه هو ؛ إنه هو . 
_ من يا صديق؟  
قفز أرضاً وركض إلى الرجل وأنا على خطاه. 
 
                                 * 
 
 " صديق " 
رأيته هو أبي، قفزتُ ،سارعت إليه بشوق فأنا لا أشعر بضغينة حياله 
_ السلام عليك يا اب....سيدي  
_ وعليك السلام ورحمة الله يا بُني  
_ هل تريد أية مساعدة ؟ 
_ أجل فقط أردت البحث عن ابنتي  
 
قلت: 
_ أين هى وسآتي لك بها ؟ 
قال: 
_ لقد ذهبت باكراً إلى البئر لجلب الماء ولم تعد، هلا ذهبت إلى هناك ؟ 
_ بالطبع ، ولكن ما اسمها ؟ 
_ آيلا؛ اسمها آيلا، وأشكرك كثيراً  
 
داهمتني الشكوك حيال أمر ما رفعت يدي بوجهه ولكنه لم يتحرك أو ينظر لها فقط ينظر إلى نقطة ثابتة أمامه، 
نظرت إلى يونس ثم له وقلت: 
_ لا تقلق يا أبتي سأعود لك بها. 
 
صعدت خلف يونس وأخبرته أنه أبي وأنه ضرير الآن وأنني سأخبره بقصتي لاحقاً ولكن الآن علىّ إيجاد شقيقتي الصغرى آيلا. 
ذهبنا إلى هناك كان هناك حشد كبير من السيدات والفتيات ، لا أعلم هل سأجد صعوبة في التعرف عليها لقد أصبحت مختلفة الآن ولكنني سأجدها فهي بمثابة نصف قلب أمي اتذكرها عندما كنت صغيراً وهى في الثالثة من عمرها لا تستطيع نطق حروف اسمى فيخرج منها " ثديق ". 
 
دققتُ النظر في الجميع وتوقفت عند إحداهن كانت فتاة يافعة وقوية من نظرتها وهى تحدق بمنافستها على المياه، انتهت وكادت تمر جوارنا، قلت بعدما وقفت أمامها : 
_ آيلا ؟ 
توقفت تدقق النظر بوجهي لبضعة دقائق ثم صاحت: 
_ صديق ! 
 
لقد فقدت النطق اقسم أن الحروف تجمدت بحلقي وانا أرى أمامي فتاة شابة مختلفة حتى أنها قالت صديق وليس " ثديق " اكتفيتُ بإماءة رأسي.
 
 
وضعت دلو الماء جانباً، قفزت تعانقني وهى تقول بصوت باكي: 
_ لما تأخرت هكذا يا أخي ألا تعلم أن الديار أضحت مظلمة دون نورها 
_ لا يا عزيزتي ها أنا أمامك الآن  
ضممت ساعدي إلى صدري بحركة درامية وقلت بشجن مصطنع: 
_ قمري ،نجمتي المضيئة ها هو الضابط المغوار صديق يقف أمامك ينتظر عقابه طالباً للغفران. 
بكت وابتسامة جميلة تشق وجهها قائلة: 
_ كفاك تمثيلاً أيها الوغد. 
ابتسمت لها ونظرت إليها قليلاً وسألتها قلقاً: 
_ كيف أضحى أبي ضريراً؟ 
أخفضت نظرها للأرض حزناً وأجابت: 
_ بعد وفاة أمنا وتركك للمنزل حزن حزناً شديداً لقد بات ضريراً إثر صدمة لما يحتملها عقله يا أخي، لما تركته قبل خمس سنوات وذهبت هكذا؟ 
سأحكي لكي ولأبي كل شيء ولكن قبلاً أود أن أعرفك على يونس هو صديقي وأخي هاتي هذا الدلو أحمله أنا. 
حملته وذهب ثلاثتنا إلى المنزل حيث أبي لا يزال واقفاً هناك. 
قالت آيلا بهدوء وهى تقبل يده: 
_ ها أنا ذا يا أبي. 
_ أين كنتِ يا ابنتي لقد قلقت عليكِ 
_ لا تقلق فقط الازدحام كما تعلم، هيا لندلف فالطقس شديد البرودة اليوم ولكن قبلاً أود أن أقدم لك ضيوفاً. 
_ صديق ورفيقه 
صمتُ لبضعة دقائق وأنا أحاول جاهداً قراءة ملامحه، قال بهدوء: 
_ تعال يا صديق ،اقترب يا بُنى 
اقتربتُ فرحاً ووقفت قبالته، لطمني على وجهي لم أستطع الحديث يحق له أن يفعل بي أكثر من ذلك. 
عانقني بعدها وقال: 
_ لم يكن عليك دفع الثمن أبداً يا بني، أبداً. 
بكيت: 
_ بلى يا أبي، كان لازماً علىّ الوقوف بجانبك ما لي سواك أنت وآيلا أرجوك سامحني. 
_ وهل ظننت يوماً أني لم أسامحك، لا يا صديق لقد دفعت من عمرك وحياتك وحريتك لأجلنا، أخجل من نفسي أحياناً فبعد وفاة مياسين لم أستطع منحكما الحب والطمأنينة أرجوكما أغفرا لوالديكما الضرير. 
 
تعانقنا ثلاثتنا وقضيت بضعة ساعات رفقتهما ثم ذهبت رفقة يونس إلى قصر الملك جواد واعداً باللقاء والبقاء إلى جانبهما دائماً. 
القصر رائع ولكنه ليس ضخماً كقصر لازورد بل حالته تدل على الثراء مقارنة بالمنازل الطينية التي بجانبه، 
دلفنا من البوابة بهدوء فالملك هنا يسمح بولوج العامة وأصحاب المشاكل والأزمات من شعبه. 
 
                                 * 
 
" يونس " 
قصر شيلا رائع للغاية وبسيط أيضاً مقارنة بقصر لازورد الملكي،  
وقفنا أمام العرش الخاص بالملك بانتظاره إلى أن خرج بهدوء وجلس قائلا: 
_ فلتسمحا لي أن أرحب بكما بطريقة لائقة. 
_ نشكرك يا مولاي، ولكن جئنا لطلب واحد ونريده بأقرب وقت. 
_ تفضل  
_ أريد ترياق ريديس، لطفل أصيب إثر شراب الميلاد . 
_ من أخبرك بأن الترياق هنا ؟ 
_ الجميع يعلم بذلك  
_ من أي إمارة أتيت ؟ 
_ من لازورد يا مولاي  
تعالى الهتاف والضجيج من الحراس والوزراء وقال : 
_ نحن لا نرد أي سائل خائباً لك ما طلبت، وأشار إلى أحد الحراس والذي ذهب مسرعاً وعاد بعد بضعة دقائق بقنينة صغيرة تحوي سائلا أحمر اللون وضعتها بحقيبتي وكدنا نخرج، صدح صوت أحد الحراس قائلاً: 
_ هجوم على القصر يا مولاي ! 
هب الجميع واقفاً، أخرجوا سيوفهم من الغمد. 
وكذلك فعلنا أنا وصديق هتف الملك بالحراس : 
_ فلتأمنوا المخارج والمداخل جميعها وليذهب أحدكم آمراً الجنود بحماية الملكة والأمير، هيا. 
ذهب عدد لا بأس به لداخل القصر وكنا أنا وصديق رفقة الملك بالإضافة إلى الجنود ودارت معركة استمرت لوقت لا بأس به، إلى أن انتبهت إلى أحد الجنود يحاول مباغتة الملك من الخلف بحركة سريعة ضربتُ ذراعه بنصل سيفي وأمسكت به جاذباً إياه إلى الحراس، عندما انتهينا كان جرح يدي ينزف إثر الإجهاد العنيف. 
نظرتُ إلى صديق كان على ما يرام مجرد جرح بسيط فوق حاجبه والملك على ما يرام أيضاً، ذهب مسرعاً إلى داخل القصر ونحن بالخلف كانت الجثث المتناثرة في الطرقات أثر عظيم على قلوبنا جميعاً، حينما دلفنا إلى إحدى الغرف وجدنا طفل صغير جالساً محتضناً لرأس سيدة مغلقة العينين واضعة يدها على جرح معدتها الغائر والدماء تحيط بهما، كان يبكي بصوت مسموع ركض الملك إليه وصرخ بالحرس ناهراً، عما حدث لزوجته وقفتُ أتأمل الطفل الباكي تذكرتُ حينها يونس الطفل عندما توقفت والدته وهما وحيدين بالمنزل وجلس فوق فراشها محتضناً رأسها ليقص عليها إحدى القصص الطفولية التي كانت تقصها على مسامعه دائماً، نائمة بوجه شاحب وهو يبكي إلى أن انقطعت أنفاسه ليأتي والده ويحملها إلى المستشفى، ويستمر بتأملها من خلف زجاج غرفتها بالعناية المركزة، لا أحد يعيره أدنى اهتمام كان يريد فقط عناق يطمئنه لا أكثر ولكنه لم يجده، 
استدار الملك تجاهنا وقال: 
_ ستظلون هنا بشيلا. 
                               *
google-playkhamsatmostaqltradent