Ads by Google X

رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الحادي عشر 11 - بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

 رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الحادي عشر 11 - بقلم تسنيم المرشدي 

«حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنا»
«الفصل الحادي عشر»

                              ***
قُضيت ثلاثة أيام العزاء، لقد قام يوسف بدوره على أكمل وجه بمساعدة بلال، كان ثلاثة أشخاص في آن واحد، يتابع عمله ويقف في العزاء مع أهل المتوفي وأخيراً لم ينسى لينة من يومه.

لقد عانى للغاية في تلك الأيام، فلقد وقع على عاتقه مسؤوليات عديدة وكان جديراً بها.

ولج لمنزله بعد منتصف الليل، فكان لديه بعض الأعمال في المعرض عليه إنهائها أولاً قبل عودته، ألقى بجسده المنهك على أقرب أريكة قادته قدميه إليها.

تراجع برأسه للخلف وأوصد عينيه، لقد شعر لوهلة أنه لن يتخلص مما كان فيه، اخترق سؤالها أذنيه بنبرتها الأنثوية الرقيقة:  
_ يوسف.. أنت كويس؟

فتح عينيه بتمهل وهو يجيبها بصوته الخافت:
_ كويس، أنتِ لسه صاحية ليه؟

ابتسمت بعفوية ناظرة لدفترها الذي بين يديها وأردفت بحماس: 
_ كنت بتعلم تركي

اعتدل يوسف في جلسته ورمقها بنظرات معاتبة قبل أن يردد مستاءً:
_ دا وقت تعليم تركي يا لينة؟، أنتِ ناسية أنك تالتة السنة دي، يعني مفيش وقت عشان يضيع..

تفهمت معاتبته لها، اقتربت منه وجلست على الأريكة المجاورة له، تنهدت قبل أن تخبره: 
_ متقلقش والله أنا عاملة اللي عليا وزيادة، بس مش طبيعي يعني أقعد للساعة ٢ أذاكر يا يوسف، كفاية دروس طول اليوم والمذاكرة اللي بعدهم، بسلي نفسي عشان مزهقش من كتر المذاكرة

تفهم يوسف موقفها ولم يعقب، أخفض بصره على دفترها ثم قال بنبرته الرخيمة: 
_ وريني اتعلمتي إيه؟

ناولته لينة بحماسة شديدة، بينما لم يفهم يوسف ما دونته فأعاد النظر إليها وحاجييه معقودان:
_ إيه الكلام دا، مش فاهم حاجة 

قهقت لينة بعجرفة فهي فقط من تفهم ما دونته، أخذت دفترها ومالت بجسدها لليمين لكي تكون أقرب إليه، لم يكن هناك ما يفرقهما سوى سنتيمترات قليلة، بدأت تشير إلى بعض الكلمات بسبابتها وهي تنطقها: 
_ دي مثلاً معناها "ماما" بتنطق "annem"، 
"آ نيـ م"

ردد يوسف الكلمة خلفها فاتسعت ابتسامتها لإستجابته معها، فنطقت كلمة أخرى وهي تردد بتهمل لكي ينطقها صحيحة: 
_ دي معناها "أخي" بتنطق "kardeşim"، " "كـارديشم"

رددها يوسف نطقها الصحيح فازدادت لينة تلهفاً لإخباره المزيد، فتوقف قليلاً لتستمد بعض الشجاعة قبل أن تنطق كلمة بحد عينها، زفرت أنفاسها ثم أشارت على كلمةٍ ما ونطقتها بهُيام: 
_ دي بقى "Seni seviyorum"، "سيني سيڤ يورم" 

تعجب يوسف من أسلوبها الذي انعكس عن بدايته، فكانت تخبره بمعنى الكلمة قبل نطقها، التفت إليها متسائلاً عن معناها بفضول:
_ معناها إيه؟

ابتلعت لينة ريقها ونظرت في سودتاه مجيبة إياه بنبرة مُتيمة:
_ "بحبك"

خفق قلب يوسف بشدة، وكأنه اعتراف صريح إليه، لم يشعر بتلك الإضطرابات من قبل، ماذا يحدث لقلبه، إنه مجرد توضيح لمعنى الكلمة، فما كل تلك الضجة الحادثة؟!

شعر يوسف بافتضاح أمره أمامها إن مكث لثانية أخرى، انتفض من مكانه وهو يهرب بنظريه بعيداً، معللاً سبب هروبه:
_ معلش بقى معتش قادر أفتح عيني، يلا تصبحي على خير 

_ "وأنت من أهل الخير"
قالتها هامسة وهي تتابع طيفه الذي اختفى خلف باب غرفته، تنهدت ثم ولجت لغرفة السيدة ميمي راجية النوم، فمن كان السبب في إبقائها مستيقظة قد عاد ولم يعد هناك مجالاً للهرب بعد.

على الصعيد الآخر، كان يحاول تهيئة عقله أن الأمر عادياً، ولا يوجد به شيء مريب، فهي لينة ودوماً ما يصدر منها تصرفات غريبة، الأمر لا يستحق كل ذلك التفكير.

بدل ثيابه سريعاً فلم تكن لديه القدرة على أخذ استحمام، استلقى على الفراش بهدوء لكي لا يسبب الإزعاج لأخيه، لكنه كلما أغفل عينيه يُعاد الموقف في ذاكرته ناهيك عن قلبه الذي يخفق بشدة وكأنه مازال أمامها. 

تأفف حين فشل في استخراج تلك الذكرى من عقله، سحب الوسادة من أسفل رأسه ووضعها أعلاها لربما تنجح في سلب كل أفكاره حتى يستطيع النوم. 

                               ***

أشرقت الشمس فسقط عموداً ذهبياً على غرفة السيدة ميمي، متسللاً من زجاج النافذة على عيناي لينة المتناثر شعرها الكستنائي على الوسادة.

فركت عينيها حينما ضجرت من الضوء ثم مدت يدها حاجبة الضوء عنها، استقامت بجسدها فانسدل بعضاً من خصلاتها على وجهها، رفعتهم بأناملها ونهضت باحثة عن إسدالها. 

ارتدته ثم خرجت من الغرفة باحثة بعينيها عن الجميع، لمحت ذلك الجالس هناك يرتشف كوباً من الشاي، عضت على شفتيها ولم تتردد في الإقتراب منه.

حمحم بصوت عالٍ فانتبه لها يوسف، ألقت تحية الصباح وهي تجلس جواره: 
_ صباح الخير

"صباح النور"
قالها يوسف وهو يضع الكوب أعلى الطاولة، صدح رنين هاتفه فعقد حاجبيه متعجباً حين قرأ الإسم المدون، تنهد ثم أجاب بصوته الأجش:
_ آنسة فاطمة.. 

انتبهت حواس لينة بالكامل بعد نطقه إسم إمرأة، حرصت على سماع صوتها لعلها تعرف هويتها، لكن صوتها كان منخفض للغاية ولم تستطيع معرفة من تكون. 

"أنا كنت محتاجة أقابل حضرتك ضروري النهاردة" 
أردفتها فاطمة بينما أجاب يوسف بتلقائية:
_ بس أنا مش هينفع أجي البيت 

اتسعت مقلتي لينة بذهول لما وقع على مسامعها، سيطرت عليها الغيرة فلم تشعر بتعابير وجهها التي احتدت وهي تطالعه بغيظ في انتظار انتهائه من تلك المكالمة، بينما تابع يوسف حواره مع فاطمة التي قالت باستحياء: 
_ أنا متفهمة طبعاً، وأكيد مينفعش تيجي لأني لوحدي، لو ينفع أجي أنا المعرض؟

لم يعترض يوسف على اقتراحها فهذا أنسب حل، زفر أنفاسه ثم رد عليها بجدية: 
_ تمام هستناكي هناك، بس ياريت لو قبل الضهر عشان بعد كدا مش بكون موجود 

"بإذن لله هكون عند حضرتك الساعة ١١" 
أخبرته بموعد مجيئها قبل أن تغلق، لاحظ يوسف نظرات لينا المشتعلة، كاد أن يسألها عما بها لكنها بادرت بسؤاله:
_ مين دي؟ وعايزاك تقابلها في البيت إزاي يعني؟

تعجب يوسف من اهتمامها المبالغ، ابتسم بخفة وأجاب على أسئلتها بتلقائية: 
_ دي بنت أستاذ عبد الرحمن الله يرحمه، عايزة تتكلم معايا 

بدون تفكير سألته بغيرة واضحة:
_ تتكلم معاك في إيه؟

بتهكم شديد أردف يوسف:
_ معرفش، لسه مقابلتهاش 

طالعته بأعين ضائقة ثم هتفت بآخر أسئلتها أو ربما هناك المزيد بعد: 
_ ممم وهتتقابلوا فين؟

باختصار هدر:
_ في المعرض 

أنهى جملته ثم نهض ليذهب إلى مكان عمله، تابعته لينة بخطوات مهرولة، تتآكلها الغيرة حتى كادت أن تقتلها من شدتها.

أدار يوسف مقبض الباب فتفاجئ بوقوف "شهد" خلفه، ابتسمت بسماجة ثم رددت:
_ إزيك يا يوسف؟ 

حد يوسف نبرته حتى بات صوته خشن وقال:
_ كويس 

لم يضيف المزيد وغادر، فتملقت الأخرى من أسلوبه البارد معها، وعادت بنظراتها إلى صديقتها قائلة:
_ يا باي دمه سم، بتحبي فيه إيه دا؟!

لم تتحمل لينة كلمات شهد السخيفة وهدرت بها شزراً:
_ أوف، مليون مرة أقولك ملكيش دعوة بيه 

تعجبت شهد من عصبيتها المبالغة، طالعتها لبرهة قبل أن تتسائل بفضول:
_ في إيه مالك، مش معقول كل العصبية دي عشان كلمته!!

تأففت لينة ثم أولاتها ظهرها وتوجهت للداخل، تبعتها شهد ورحبت بالسيدة ميمي التي ظهرت للتو ثم ولجت خلف لينة الغاضبة. 

جلست على طرف الفراش وسألتها باهتمام:
_ ها قولي مالك؟ أكيد الموضوع مش هيخرج عن سي روميو!!

رمقتها لينة بنظرات مشتعلة فتأكدت الأخرى من حدسها، قهقهت بسماجة ثم اقتربت منها حتى أصبحت ملاصقة لها وأردفت بحماس:
_ احكي بقى..

زفرت لينة أنفاسها بضجر ثم بدأت تقص عليها ما أثار غيرتها بعصبية مبالغة..

                             ***

في تمام الساعة الحادية عشر ظهراً، طُرق باب مكتب يوسف فسمح للطارق بالدخول، فُتح الباب من قِبل فاطمة بزيها الأسود حداداً على أبيها، ابتسمت بإستحياء ثم تعمدت ترك الباب مفتوحاً.

نهض يوسف ورحب بها باحترام:
_ اتفضلي يا آنسة فاطمة 

جلست الفتاة فبادر يوسف متسائلاً بذوق: 
_ تحبي تشربي إيه؟

رفضت مسرعة:
_ شكراً، أنا مش جاية أشرب، ياريت تسمعني وتقدر تساعدني في مشكلتي..

عاد يوسف بأدراجة إلى كرسيه، وكلماتها تتأرجح في عقله، يا تُرى ماذا تريد، حمحم قبل أن يهتف مع مراعاته عدم إطالة النظر إليها:
_ اتفضلي، ولو في إيدي حاجة مش هتردد

أخذت فاطمة شهيقاً عميق قبل أن تبدأ في قص ما جاءت لأجله:
_ يمكن الكلام دا مش وقته بس مضطرة أقوله، فيه واحد كان متقدم لي في حياة بابا، وهو للأسف رفض، وأنا متعلقة بالشاب دا جداً وبصراحة رجع يكلمني تاني بعد وفاة بابا وعايز يتقدم تاني، وأنا خايفة أقول لحد من أعمامي لأنهم كانوا عارفين إن بابا رفضه يعني أكيد هيرفضوا هما كمان، كنت عشمانك فيك تكلمهم وتقنعهم بيه، هما عارفينك وعارفين غلاوتك عند بابا الله يرحمه يعني كلامك هيفرق جداً..

ضاق يوسف بعينيه أمامه لدقيقة دون تعقيب، ثمة 
أموراً لم تخبره بها، هناك الكثير يجهله، رفع عينيه عليها وسألها مستفسراً:
_ معلش اعذريني، بس طلاما أنتِ طلبتي مساعدتي وعايزاني أدخل في الموضوع فأنا مش هقدر أتكلم من غير ما أعرف شوية تفاصيل كدا، أولهم ليه أستاذ عبد الرحمن رفضه؟ 

ترددت الفتاة كثيراً في إخباره، لكن ما عليها سوى ذلك وإلا لن يساعدها، أخفضت رأسها ونظرت إلى كفوفها التي تفركهم بشدة ثم بدأت تخبره بهدوء:
_ معندوش شقة، ومعندوش دخل ثابت..

رفعت عينيها على يوسف وواصلت متلهفة:
_ بس هو بيحبني و..

قاطعها يوسف بسؤاله من منطلق العقل:
_ حبه دا هيأكلكم وهيعشكم؟!

طالعته فاطمة بخجل اجتاحها وتشكل على وجنتيها فباتوا حمرواتين، أخرجت زفيراً قبل أن تجيبه:
_ هنعيش في بيتنا مؤقتنا على لما يجيب شقة..

تفاجئ يوسف مما قالته، لم يستطيع رفع بصره عنها مذهولاً من حديثها الوضيع، استشف ضعف شخصيتها وأنه قد نجح في اللعب بها، حمحم وبهدوء حاول أن يريها الأمر من منظور آخر:
_ آنسة فاطمة أنتِ زي أختي، وأنا لو واحد اتقدم بالمواصفات اللي أنتِ قولتيها دي مش هوافق، أستاذ عبد الرحمن كان عنده وجهة نظر إنه يرفضه، أنتِ للأسف مضحوك عليكي بكلمتين حلوين ودا اللي هو بيسعى ليه عشان يوصل لبيتكم، والدليل أنه محترمش حرمة الميت وكلمك أول ما عرف أن والدك توفى، رغم أنه هو لو راجل كان أتقدم لعمامك وأقنعهم بأسباب منطقية مش يكلمك أنتِ، الراجل يتفق مع راجل زيه، إنما اللي يدخل للحريم دا بنقول عليه نطع! 
هو عارف إنك متأثرة بيه وبكلمتين هتوافقي بيه تاني! 

أخذ يوسف نفساً عميق قبل أن يسترسل ما تبقى لديه:
_ تقدري تقوليلي أختك هتروح فين؟ هتعيش معاكم إزاي؟ طيب أنتِ تقبلي إن راجل غريب يكون معاها في نفس البيت؟!

تدخلت فاطمة موضحة:
_ دا مش غريب، دا هيبقى جوز أختها!

بإبتسامة هادئة هتف:
_ جوزك أنتِ، إنما هيفضل غريب عنها ودا حرام 

جادلته فاطمة بعظم اقتناع:
_ حرام إزاي وهو هيبقى من محارمها؟! 

أوضح لها يوسف بنبرته الرزينة:
_ في حديث للرسول صل الله عليه وسلم بيقول
"إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت."
الحمو دا شامل أختك!! نهى الرسول عن الخلوة بيها حتى لو في وجودك، أنتِ متعرفيش جوزك نيته إيه؟ ولا بيبص لها إزاي، وأنتِ عايزة تقعديهم في بيت واحد!!

احتدت ملامح فاطمة وهي تلقي كلماتها بإقتضاب يشوبه الإتهام: 
_ على حد علمي إنك مقعد بنت عندك في البيت ولا هي قريبتك ولا فيه بينكم اللي يخليها قاعدة في بيت فيه شابين!! 

فارت الدماء في عروق يوسف، فهو لن يتحمل إهانة لينة بشتى الطرق، كز أسنانه وحاول إخماد غضبه، فهي في النهاية وصية شخص عزيز عليه، طالعها بجمودٍ قبل أن يردف كلماته الباردة: 
_ أنا واثق من نفسي، وواثق من أخويا، لكن مش واثق من اللي أنتِ جيباه! 

لم يروق لفاطمة ما أردفه يوسف، نهضت عن مقعدها ونظرت إليه بحسرة:
_ أفهم من كدا إنك بترفض تساعدني

نهض يوسف وأوضح لها نواياه:
_ أساعدك بالأصول يا آنسة فاطمة، باباكي نفسه رفضه، أنا هوافق إزاي؟، يوفر لك سكن ويشتغل شغلة كويسة ووقتها أقدر أساعدك وأتكلم مع عمامك، لكن أروح أقولهم إيه؟ واحد متقدم لبنت أخوكم وطمعان يعيش معاها في بيت والدها!!
دا كلام يُعقل يطلع من راجل لرجالة؟!

شعرت فاطمة بغصة مريرة في حلقها، تلألأت العبرات في عينيها، فلقد تبخر آخر آمالها، فكيف ستقنعهم بهذا الشاب إن رفض يوسف؟

بصعوبة تحدثت قبل أن تجهش باكية:
_ شكراً لحضرتك وأسفة على الإزعاج 

أولاته ظهرها وتوجهت إلى الباب فأوقفها يوسف بندائه: 
_ آنسة فاطمة..

التفتت إليه بأملاً قد خلق داخلها فواصل هو:
_ ياريت تسيبي لي رقمه، ومعتيش تكلميه، متخونيش ثقة والدك عشان أي حد

لم يراودها الخجل تلك المرة بل دهسها وكأن سيارة نقل هائلة قد دهستها، ابتلعت ريقها وعادت إليه فكان قد أحضر يوسف قلماً ودفتر، دونت به الرقم ثم هرولت إلى الخارج سريعاً دون أن تنظر إليه. 

طالع يوسف الرقم بنظرة مطولة وهو يرتب لمكالمة هاتفية لذلك الشاب، أنتبه لرنين هاتفه فأجاب على الفور: 
_ رمضان باشا بيكلمني بنفسه!

في تلك اللحظة قد دلف بلال إلى المكتب وبيديه بعض الأوراق فأشار إليه يوسف بالجلوس، بينما أشار بلال إلى ساعة يده يحثه على التعجل لكي يذهب.

_ "عريس!"
هتف بها يوسف وهو يطالع بلال بصدمة، بينما علم بلال أن المكالمة سوف تطول مدتها فنهض لكي يغادر فأشار إليه يوسف مرة أخرى بالجلوس مجيباً على خاله: 
_ وإيمان موافقة عليه؟

تجمدت حواس بلال حين صغى لكلمات يوسف ولم يستطيع الجلوس، بل اقترب منه لعله يسمع ما يخبره خاله به، كان يقف على أحر من الجمر ينتظر إنهاء يوسف المكالمة.

_ "ماشي يا خالي، هسألك عنه وأرد عليك" 
أنهى يوسف المكالمة بجملته، فصاح بلال غاضباً لا يصدق ما سمعه: 
_ هو إيه دا اللي هسألك عليه؟ 
عريس!! 
وهي موافقة؟ 

أسرع يوسف في توضيح سوء الفهم:
_ اصبر يابني، لسه مفيش حاجة حصلت، دا واحد متقدم وخالي عايز يسأل عنه قبل ما يدخله البيت عشان لو حصل نص...

قاطعه بلال بهجوم شديد:
_ بس يا يوسف أنت بتقول إيه؟! 

جن جنون بلال، جاب الغرفة ذهاباً وجيئاً بخطى مهرولة وهو يردد بعدم تصديق:
_ وهو كل عريس بيتقدم بيقولك أسأل عليه؟

هز يوسف رأسه نافياً سؤال بلال الذي ازداد حنقاً، لقد وضحت الصورة أمام عينيه الآن، جلس على المقعد بإهمال ورفع نظريه على يوسف مردداً بعصبية:
_ معنى إنه يخليك تسأل عليه، يعني موافق، وإلا كان رفض زي اللي قبله، دا غير إنها هي نفسها مرفضتش، عن كلامك هي اللي بترفض مش أبوها!! 

دار يوسف من حول المكتب وجلس مقابل بلال، حاول تهدئته قدر المستطاع: 
_ ممكن تهدى..

لم يهدأ بلال بل هتف عالياً غير متقبل أمر يوسف: 
_ أهدى! أهدى إزاي بعد اللي سمعته دا؟

تأفف يوسف ورفع من نبرته لكي يجبر بلال على سماعه:
_ أيوة تهدى لأن مفيش حاجة تخليك متعصب كدا، هو قالي أسأل عليه يعني لسه موافقوش..

قاطعه بلال بحنق:
_ومرفضوش!

تأفف يوسف تلك المرة بصوت عالٍ وصاح به شزراً: 
_ يابني أفهم بقى، أنا قصدي إن الموضوع كله في إيدي، خالي مستني أسأل عليه يعني في إيدي أطول المدة على قد ما أقدر، وفي إيدي برده أكلمه يا بلال عنك، ومش كلام على إنك عريس زي أي حد، لا خالص أنا قادر إني أخليكم تتجوزوا آخر الشهر دا لو تحب!! 

تفاجئ بلال من كلمات يوسف الواثقة، طالعه بأعين جاحظة فتابع يوسف بتهكم:
_ وكنت أقدر أعمل كدا من زمان، بس أنت اللي كنت رافض..

شعر بلال بضياعها منه، ولن يتحمل ذلك قط، مال للأمام ليكون أقرب ليوسف وقال:
_ يعني إيه، المفروض أعمل إيه دلوقتي؟

بهدوء أخبره يوسف:
_ مش هتعمل حاجة أنا اللي هعمل

"متأكد إني مش هترفض؟"
سأل بلال بتوجس، فهو على علم بمشاعرها تجاه يوسف، بثقة أجابه يوسف: 
_ يابني عيب عليك دا أنت بتكلم يوسف الراوي..

تقوس ثغر بلال بإبتسامة عريضة ثم نهض مردداً: 
_ ماشي يا إبن الرواي، ورينا هتعمل إيه

كاد أن يغادر إلا أنه تريث حين تذكر ما جاء لأجله، عاد إلى المكتب ودفع الأوراق بيديه أمام يوسف موضحاً ماهما:
_ بص على العربيات دول مش حاسسهم وأبويا مُصر يجيبهم، قولت أكيد أنت اللي هتقنعه لو فيهم حاجة 

اكتفى يوسف بإيماءة من رأسه بينما غادر بلال على الفور، سحب يوسف الأوراق ليتفحص السيارات جيداً قبل أن يبدى رأيه فيهما. 

                            ***

حل المساء، فعاد يوسف ليصطحب لينة ويعودان إلى المنزل، لم تحظى لينة بسؤاله طيلة اليوم عن مقابلته مع فاطمة، فكانت شهد مرافقة لهما اليوم.

لم تطيق الإنتظار بعد، التفتت إليه وبنبرة مليئة بالغيرة سألته:
_ كانت عايزة منك إيه؟ 

عقب يوسف على سؤالها دون أن يلتفت إليها: 
_ هي مين؟

"اللي كلمتك الصبح"
قالتها لينة بصوت حاد فأجبرت يوسف على التعجب من أسلوبها، حدجها لبرهة قبل أن يردف: 
_ اه، فاطمة.. 

ازدادت غيرة لينة وكزت أسنانها بعصبية، لم تخفض نظرها عنه قط، تنتظر استكمال حديثه الناقص، لكن لا تدري هل ستصمد وهو يحادثها عن إمرأة أخرى أم ستقلب الوسط رأساً على عقب؟

قطع يوسف بكلماته حبال أفكارها: 
_ فيه واحد متقدم لها وعايزاني أقنع اعمامها بيه..

شعرت لينة ببعض الراحة داخلها، تنهدت ثم بفضول تابعت أسئلتها:
_ واشمعنا أنت، ما تروح تقولهم هي

حاول يوسف إنهاء الحوار سريعاً، فلا يحب التحدث عما لا يعنيه فقال:
_ عادي يا لينة، أنا كنت قولتلها لو محتاجة حاجة كلميني 

عقدت ذراعيه لأعلى صدرها وبتذمر واضح صاحت:
_ وأنت متعود بقى تساعد كل واحدة كدا؟!!

بهدوءٍ يشوبه الريبة من أمرها أردف:
_ بساعد أي حد محتاجني يا لينة..

نطق اسمها وهو يطالعها بغرابة، ثم عاد ناظراً أمامه لكي يسير من ذلك الطريق القريب منهما، انتهبت لينة لتغير سيرهما فتسائلت بملل:
_ أنت جايبنا هنا تاني ليه؟

صف السيارة وهو يجيبها:
_ عايز أتكلم مع خالي في موضوع مهم

قلبت لينة عينيها فهدر هو متعجباً:
_ أنتِ بتضايقي ليه لما بتيجي هنا؟

توترت لينة من سؤاله، حتماً لن تخبره السبب الحقيقي، ابتلعت ريقها لتعطي فرصة لعقلها في إيجاد عِلة تخبره بها، نظرت إليه ثم وضحت بكلمات زائفة:
_ مش بضايق، بس أنت كل مرة بتيجي هنا بليل وأنا بكون تعبانة من الدورس، بس كدا 

هز رأسه وهو يتمتم داعياً: 
_ إن شاءالله منطولش

صعدا كلاهما ثم قرع يوسف جرس المنزل، فُتح له في خلال ثانيتين، تقوس ثغر يوسف بإبتسامة حين رآى إبن خاله ورحب به: 
_ دا أنا حظي حلو بقى عشان أشوفك

بادله أسامة الإبتسام مع ترحيبه الحار: 
_ واحشني يا جو والله 

_ "وأنت كمان أخبار الكلية إيه" 
سأله يوسف بينما أجاب أسامه بتذمر:
_ أهو ماشية.. 

صوب أسامة عينيه على لينة الواقفة خلف يوسف ورحب بها: 
_ إزيك يا لينة؟ 

باختصار مصاحب للحياء أردفت:
_ الحمد لله

دعاهم أسامة للداخل، ثم نادى على والده الذي جاء على الفور عند علمه بوجودهما، رحب بهما بحفاوة شديدة على عكس هادية التي كانت باردة معهما. 

اختفت من أمامهم مسرعة، ولجت لغرفة إيمان وحذرتها بألا تخرج، يكفي تقليل من شأنها لهذا الحد، ثم عادت هي لمضايفتهم على مضضٍ. 

بعد أحاديث تبادلاها الرجال، حمحم يوسف قبل أن يطالب خاله بما يريد:
_ لو سمحت يا خالي، كنت محتاج أتكلم معاك في موضوع كدا..

مرر رمضان نظراته على الجميع فانسحبوا خلف بعضهم، رافقت لينة هادية بينما دلف أسامة إلى غرفته. 

قلق رمضان من طلب يوسف وسأله بتوجس: 
_ مش خير يا يوسف؟

شكل يوسف بسمة على شفتيها لكي يبث فيه الطمأنينة، وقال بصوته الرخيم: 
_ كل خير إن شاء الله، فيه عريس متقدم لإيمان..

تفاجئ رمضان بهذا الخبر، فهو قد أخبره في الصباح بوجود خاطب فمتى ظهر الآخر، قطب رمضان حاجبيه بغرابة مردداً بذهول:
_ عريس!! دا غير اللي قولتلك عليه؟

أماء يوسف برأسه مؤكداً قبل أن يوضح له:
_ دا بلال صاحبي، أكيد عارفه 

أبدى رمضان معرفته ببلال قائلاً:
_ أيوة أعرفه عز المعرفة 

اتسعت إبتسامة يوسف وتابع حديثه:
_ الرسول صل الله عليه وسلم قال "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج"
وقالنا برده "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"

تمم رمضان على ما قاله يوسف بقوله:
_ صدق رسول الله صل الله عليه وسلم

عاد يوسف لمواصلة حديثه: 
_ وبلال خلق ودين، وجدع وصاحب صاحبه، دا لولاه مكنتش وصلت للمكانة اللي أنا فيها دي، 
راجل يعتمد عليه وبيتقي ربنا في شغله وحياته 
دا غير إن مادياً كويس جداً جداً وهيقدر يعيشها في مستوى مرفه، أنا أضمنهولك براقبتي يا خالي. 

شعر رمضان بالحيرة، فلم يقع في أمراً هكذا من قبل، طالع في الفراغ أمامه للحظة قبل أن يهتف متسائلاً:
_ طيب والعريس التاني دا أقوله إيه؟

تدخل يوسف باقتراحه:
_ أعتقد يا خالي إن مش صعب رفضه، أنا فهمت من كلامك الصبح إنكم لسه موفقتوش عليه

أكد رمضان على حديث يوسف بصوته الأجش:
_ فعلاً، أنا كنت عايز أسأل عليه الأول ولو شخص كويس كنت هحاول أقنع إيمان 

أسرع يوسف في الحديث متلهفاً: 
_ يبقى تقوله كل شيء قسمة ونصيب زي اللي قبله، طلاما كدا كدا إيمان مش موافقة، وبدل ما تقنعها بيه أقنعها ببلال!! 

أخفض رمضان نظريه ليفكر في كل ما قيل، لم يجد صعوبة في رفض الخاطب، فهو ليس أول من 
رفضوه، هو يثق في يوسف كثيراً وحتماً لن يتدخل في الأمر إلا لمصلحة إبنة خاله. 

رفع رمضان بصره على يوسف وبهدوءٍ هدر: 
_ مبدأياً يابني طلاما أنت شايف أنه مناسب ووكويس أنا مش هراجع وراك، بس اديني مهلة أتكلم مع هادية وإيمان وأرد عليك

وافقه يوسف في رأيه لكنه حاول التأكيد عليه بقوله:
_ براحتك يا خالي، بس حاول تقنعهم بلال فرصة مش هتتكرر تاني، أنا واثق من كدا. 

"إن شاء الله يابني، اللي فيه الخير يقدمه ربنا" 
أنهى رمضان حوارهما بكلماته، نهض يوسف مستأذناً منه:
_ استأذن أنا بقى، تصبح على خير 

نهض رمضان غير موافقاً على ذهابه:
_ لا لا تمشي إيه، لسه هتتشعى معانا

رفض يوسف بلطف: 
_ لا معلش يا خالي مرة تانية، لينة تعبانة طول اليوم من الدورس وبتبقى عايزة ترتاح 

لم يطيل رمضان، فخرج يوسف إلى الخارج فتفاجئ بجلوس أسامة برفقة لينة بفردهما يتسامران، لم يشعر بأسنانه التي كادت أن تُفتك.

حمحم وبصوت غاضب صاح:
_ لينة..

ذعرت لينة من نبرته فنهضت تلقائياً عند رؤيته، اقترب منها وأردف أمراً:
_ يلا عشان نمشي..

أماءت له بقبول وخوف معاً، لا تعلم من أين أتى ذاك الرعب الذي تملك بخلاياها، أوقفهما أسامة بسؤاله الذي وجهه إلى لينة:
_ لينة عندك انستجرام؟

كادت ليناة أن تجيبه إلا أن يوسف قد أسبق بالإجابة بحدة:
_ لأ، معندهاش 

أرخى يوسف من ملامحه المشدودة وابتسم على مضضٍ قبل أن يوجه حديثه للآخرين: 
_ تصبحوا على خير 

رد جميعهم في آن واحد: 
_ وأنت من أهله

نظراته كانت كفيلة لإرهاب لينة، ابتلعت ريقها وتابعت خطواته السريعة، إلى أن استقلا السيارة، 
ثم لم يتحمل يوسف لثانية أخرى وسألها مستفسراً بنبرة جامدة:
_ أنتِ إيه اللي قعدك مع أسامة لوحدكم؟

لم تتفاجئ لينة من السؤال، فكانت على استعداد له، حركت رأسها ناحيته وهي تجيبه بهدوء:
_ آبلة هادية دخلت المطبخ، معرفتش أعمل إيه

"وكان بيتكلم في إيه؟"
هتف يوسف بسؤال آخر بحدة فأجابت لينة بتلقائية:
_ معرفش، مركزتش، سيبته يتكلم وخلاص.. 

لم يعقب يوسف، تعجب من انفعاله المبالغ، فماذا يمكن أن يحدث إذا تحدثا قليلاً، إنها لينة اخر، أكثر من يثق فيها، لكن مشكلته إنه لا يثق فيمن يقفون أمامها. 

هدأ رويداً رويداً لكنه لم يتناول الأحاديث معها إلى أن وصلا إلى منطقتهم، ترجلت لينة أولاً بخطوات مهرولة فهي متعبة للغاية، تريد فقط  الإستلقاء لتنعم ببعض النوم.

كانت رؤيتها مشوشة بعض الشيء لركضها بتلك السرعة الذي أدى إلى إلتواء قدمها اليمنى، فآنت بألم شديد ثم أمسكت بسور الدرج لكي لا تفقد توازن جسدها. 

حاولت الصعود لكنها لا تتحمل الضغط على قدمها، في تلك اللحظة قد تابعها يوسف وتعجب من وقوفها، اقترب منها متسائلاً بحيرة:
_ مالك، واقفة كدا ليه؟
  
أخبرته بما حدث فحاول تشجيعها على الصعود بقوله: 
_ طيب امسكي في الطرابزين واطلعي براحة 

بنبرة مرتجفة تهدد بالبكاء تمتمت:
_ مش عارفة أضغط عليها، بتوجعني.. 

هتفت آخر جملتها ثم بكت من الألم، فلم يتحمل يوسف بكائها المفاجئ، مسحت لينة عبراتها بأناملها سريعاً، رفعت عينيها للأعلى لا تدري كيف ستصعد بتلك الحالة إلى الطابق الثاني.

حشرت أنفاسها حين شعرت بذراعه الذي حاوط به خصرها، التفتت ناظرة إليه لتتأكد مما هما عليه، ازدادت دهشتها حين قال: 
_ اسندي إيدك على كتفي 

طالعته لينة لبرهة غير مصدقة ما يحدث، حثها هو بإشارة من عينيه فامتلثت على الفور، أصبحت بين أحضانه دون سابق إنذار، شاعرة بنبضاته التي تعزف خلف كتفها.

كان يرفعها يوسف من آن لآخر حتى تخطوا جميع الدرجات، طرق يوسف الباب فلن ينجح في فتحه وهي بين ذراعيه. 

فتح له أخيه الذي تعجب من وضعهما وتسائل بريبة من أمرهما:
_ في إيه؟

هاجمه يوسف مستاءً: 
_ وسع ندخل الأول

تنحى زياد جانباً فأدلف يوسف أولاً ليساعد لينة على الدخول، ثم مال بها بحذر عند وصوله للأريكة حتى اعتلتها، كانت تخرج منها آنة كلما حاولت تحريك قدميها، فحذرها يوسف بقوله:
_ معتيش تحركيها، هدخل أشوف لو فيه مرهم هنا ينفعك 

انسحب يوسف من بينهما باحثاً عن شيء يضمد به آلامها، عاد زياد بنظريه عليها وتسائل باهتمام:
_ إيه اللي حصل لرجليكي؟

أجابته بنبرة خافتة:
_ اتلوت وأنا طالعة على السلم 

خرجت السيدة ميمي من غرفتها بعدما أدت ركعتان قيام ليل، ذعرت حين رأت دموع لينة على مقلتيها، هرولت إليها متوجسة خيفة خشية أن مكروه قد أصابها، بخوف واضح سألتها:
_ مالك يا لينة، بتعيطي ليه؟

أخبرها زياد من خلفها: 
_ رجليها اتلوت وهي طالعة السلم.. 

"يا حبيبتي، وريني رجلك كدا"
هتفت ميمي بآسى وحزن ثم جلست القرفصاء لكي تتفحص قدمها، شهقت بذعر حين رأت تورم كاحلها وتمتمت بحزن:
_ رجليكي وارمة خالص

حضر يوسف الذي وقعت كلمات ميمي على أذنيه فرد عليها: 
_ أنا ملقتش حاجة هنا تنفعها، هنزل أشتري من الصيدلية 

اختفى يوسف فور إخبارهم بذهابه، بينما نهضت السيدة ميمي قائلة:
هروح أجيب مية دافية أعملك كمادات عليها

اختنقت لينة من ذلك الحجاب الذي لم تخلعه منذ عدة ساعات، تريد التحرر منه بأي ثمن، حاولت النهوض لربما تستطيع التوجه إلى غرفة السيدة ميمي وتعطى خصلاتها بعض الحرية.

لم تنجح في الوقوف بمفردها، يزداد الألم كلما دعست على قدمها، أشفق زياد على حالتها المذرية فأراد مساعدتها، اقترب منها ثم مد يده لها وهو يهتف:
_ تعالي وأنا أساعدك..

لم تفكر لينة ثانية بل أبدت رفضها بتعب:
_ لأ شكراً..

حاول زياد مرة أخرى، فهو يرى معاناتها ويريد فقط تقديم العون لها:
_ يابنتي تعالي هدخلك الأوضة 

هزت رأسها رافضة ثم مالت على جدار الأريكة وأوصدت عينيها لحين حدوث أمراً يهدئ من آلامها، أطلقت صرخة قوية حين لامست تلك المنشفة المبللة بالماء الدافئ قدمها. 

آزرتها ميمي وحثتها على التحمل:
_ معلش يا لينة، استحملي عشان تهدى شوية

كررت السيدة ميمي فعلتها حتى عاد يوسف، أقترب منهم وخصيصاً لينة، وضع ما معه جانباً ثم وقف أمام لينة وانحنى عليها، ثم أحاطها بذراعيه وهو يردد:
_ قومي معايا براحة

تشبثت لينة في ذراعيه ثم نهضت بصعوبة بالغة، رفع زياد حاجبيه متعجباً من أمر تلك الفتاة، لقد رفضت مساعدته منذ دقائق لكنها لا تبدي أي ردة فعل أمام يوسف!!
ولم تكن المرة الأولى، بل منذ دلوفها من ذلك الباب ترفضه دوماً، شعر زياد بغرابة تصرفاتها معه، كز أسنانه وهو يتابعهم بغضب تأجج داخله. 

ساعد يوسف لينة على دخول غرفة والدته ومن ثم ساعدها على الاستلقاء، نظر إلى والدته وأمرها بلطف: 
_ شوفي يا أمي عندك مراهم ادهني لها أنتِ، أنا برا لو احتجتوني

أماءت له ميمي ثم جلست بجوار قدمي لينة وبدأت تملس على كاحلها المتورم بحذر لكي لا تؤلمها. 

بينما ولج يوسف لغرفته، فك أزرار قميصه الذي ألقاه على الفراش، كاد أن يتابع تبديل ثيابه إلا أن رنين هاتفه قد منعه، توجه نحو الفراش واختلس النظر إلى هاتفه الموضوع أعلاه، عقد حاجبيه تلقائياً فور رؤيته لاسم المتصل.

جلس على طرف الفراش ثم تناول الهاتف وأجاب: 
_ إيمان! 

يا ترى إيمان عايزة منه إيه؟
مستنية رأيكم ♥️

 •تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent