رواية عشق الصقر الفصل الحادي عشر 11 - بقلم سارة حسن
في عتمة الليل و السكون المحيط بهم بعد ساعات من منتصف الارض ، ينفث من انفه و فمه ذلك الدخان الكثيف من تلك الارجيله المليئه باالحشيش، في ذلك المكان السري الذي لا يتوافد عليه سوي القليل
هتف احدي الرجال و هو يشعل الفحم : طولت غيابك علينا يا معلم عيد
زفر عيد الدخان و لم يجيبه، فمال عليه رجل آخر قائلا بهمسا: من ساعة القاعده اياها و هو كده مش طايق نفسه و لا طايق حد
اجابه الاخر: حقه برضو يا جدع و هي سهله عليه ياكل قلم علي وشه كده قدام كبرات البلد
انتهي من اشعال الفحم و قال: ما عرفش يعلم عليه غير صقر
هتف عيد بهما بغضب: بتقولو ايه ياض انت و هو
اجاب احدهم: و لا حاجه يا معلم بساله علي مكان المعسل
اقتحم جلستهم و تمدد علي الاريكه الخشبيه و هتف بحماس: لافيني ولعه ياض خرمان.
ضحك احدهم قائلا: الله و معلم مجد كمان وصل، دي الليله صباحي يا رجاله
هتف مجد لذلك الشارد : ايه يا عيد مش تمسي
اجابه عيد بتافف: دماغي مش ريقالك يا مجد الساعه دي
قال له : دماغك مش رايقه من ساعه القاعده اياها و كده مش صح، لازم تظهر و تقفله تاني اه عشان ماحدش يستقل بيك
اسودت عينين عيد و قال : انا يوقفني زي العويل عشان راجل ما استعناش اشغله عندي يمسحلي جزمتي
اخذ انفاسآ متتاليه من ارجيلته و قال مزودآ البنزين علي نيران عيد: اه يا اخي هاتقولي علي صقر، ده قادر و دايما يحب يعمل نفسه كبير علي حساب اي حاجه ، و اللي يطاطيله ها
قاطعه عيد منفعلآ بغضب: اللي يطاطيله يا مجد، ما عاش و لا كان اللي يقل مني
اشار له مجد مؤيدآ بقوة و قال مؤكدا: امال يا جدع، عشان كده بقولك حقك ما تسيبهوش ، بس على الهادي
انتبه اليه عيد و قال : ازاي
نفث الدخان مجددا و قال بابتسامه خبيثه: ها قولك …
،،،،،،،،،،
السلام عليكم و رحمة الله
تلك الكلمات التي القي بها صقر تحيته علي التجمع العائلي الذي وجده في بهو البيت الكبير عند دخوله، رددوا جميعا من خلفه التحيه، تقابلت عينيه بتلك الجالسه بجانب جده و التي اخفضت عينيها عنه بارتباك من حضوره الذي اصبح يربكها مؤخرا.
قال عتمان : حمد الله علي السلامه يا صقر، كنت هاكلمك تيجي بدري بس انت سبقتني و جيت
جلس صقر قبالته منتهبآ: خير ياجدي
اجابه عتمان : خير يا بني ان شاء الله، في عريس جاي لبنت من بناتنا و عايزك تسأل عليه
لا إراديآ توجهت عينيه عليها ثم قال بترقب : لمين
كانت اجابه والدته هذه المرة : اختك يا صقر و اكملت ضاحكه: كبرت و خطابها بقوا علي الباب
ابتلع ريقه و قال بأنفاسآ هادئه: خير ان شاء الله ، من عيله مين
اجاب رحيم : من عيله همام انا اعرف ابوة و اعمامه بس العريس لا، و دي مهمتك يا بني
اوما برأسه و قال : بسيطه، اللي فيه الخير ربنا يقدمه
قال عتمان من خلفه : ونعم بالله يا بني
قالت سعاد بابتسامه مبالغ فيها :شوفتي البنات هايكبرونا يا أمل، دي ايناس منين ما اخدها في حته، ام ده تكلمني و ام ده تلمحلي، و انا اقولهم بنتي ماتخرجش برة العيله ابدا
ثم اكلمت و هي تلوح لها بيدها ضاحكه: عقبال مانفرح بيهم عن قريب يا اختي
اخفضت ايناس وجهها قائله بخجل مصطنع: بس بقي يا ماما
لم يعجب الجميع بتلميحات سعاد المبطنه بزواج ايناس لصقر، رغم انهم لم يتحدثوا في ذلك الموضوع الا في صغرهم و كانت ايناس وقتها في عمر الطفوله و كذلك صقر ، و عندما كبر صقر ابدي رفضه معللا انه لا يراها سوي ابنت عمه و مثل شقيقته، لكن استمرت سعاد في زرع تلك الفكرة في عقل ايناس حتي تصبح زوجة كبير العائله.
قال الجد و هو يهم بالوقوف: ايناس حفيدتي مش هاديها غير للي رايدها و يصونها يا سعاد و نصيبها لسه ما جاش ، يوم ما يجي و يخبط علي دارنا صقر هو الي هايسال عليه
ثم تحرك مستغفرآ متجهآ الي غرفته مستندا علي صقر.
هبت ايناس واقفه بضيق من حديث جدها، بينما نظرت سعاد لشقيقتها نظرة معاتبه فاخفضت امل عينيها عنها بقله حيله فا مابيدها لتفعله و ابنها لا يريد زيجه ابنتها.
و انفض الجمع كل في اتجاه ،
مالت كارما براسها لزهرة متسائله : هو الجو اتكهرب كده ليه
نظرت اليها زهرة و قالت : هو انتي ما فهمتيش
ذمت شفتيها و قالت : كلامهم كله تلميحات، مافهمتش
ضحكت زهرة بخفوت و قالت : احسن برضو
قضبت حاجبيها متسائله: ليه
تنهدت زهرة و قالت بشرود: في حاجات بتبقي احسن لما تفضل مستخبيه يا كارما
_ هو انا ليه حاسه انك مش مبسوطه من العريس
نظرت لها و قالت بيأس: مش فارقه خلاص
_ زهرة
تنهدت بعمق و قالت بخفوت: ها حكيلك يا كارما
،،،،،،،،،،،،،،
دثرة صقر بالغطاء وقال له : ما تبصليش كده يا جدي
اجابه عتمان قائلا: بما انك فاهم نظرة عيني اكيد انت عارف كمان انا عايز اقولك ايه
مسح صقر علي وجهه و قال : غصب عني يا جدي، مش عارف اشوفها غير انها زي زهرة
تنهد عتمان و اردف: لامتي يا صقر، عايز افرح بيك و اشوف عيالك قبل ما اموت
هتف علي الفور: بعد الشر عليك يا جدي
_ انت عارف رغم ان مابيعجبنيش كتير من تصرفات سعاد و طولة لسان ايناس ، بس كان عشمي تاخدها تحت جناحك و اطمن عليها جارك
تنهد صقر بتعب و قال : قلبي مش رايدها
اوما له عتمان بتفهم : و الحب بالرضا مش بالغصب
ابتسم صقر و تسائل: كنت هاتعمل ايه يا جدي لو كانت جدتي ضحي مش رايداك
غامت عينيه بالحنين مجيبآ: لو كان قلبها خالي، كنت هاعمل كل اللي اقدر عليه عشان يتملي بيا، كنت هاحاوطها بقلبي و اصبر عليها لحد ما تحبني
صمت صقر قليلا و قال بتردد: حتي لو كانت شيفاك بصورة تانيه، واخده عنك صورة مش فيك ، او يمكن فيك بس دي طبيعتك و مش هاتعرف تغيرها
نظر له عتمان بتمعن و اجابه: لو واخده صورة غلط اصححها ، و لو الطبع مخليها تنفر (تبعد) عني، يبقي اتحكم فيه، ما الشاري لازم يتعب شويه
اوما له صقر و استقام واقفآ معللا ارهاقه، اصطحبته نظرات الجد من خلفه و شعور بداخله ان حفيده علي مشارف الهوي.
،،،،،،،،،،،،،
بتحبي يا زهرة
وضعت كفها علي فم كارما التي هتفت بتلك الكلمات بعد الاستماع لحديث زهرة.
_ اشش اسكتي هاتفضحيني
حركت راسها و قالت كارما بخفوت : معلش اصل اتفاجئت، ازاي و امتي انا من وقت ما جيت ماشوفتش تقريبا رجاله غير الغفر اللي برة
اخفضت زهرة عينها و قالت بتوتر: صاحب صقر
رددت كارما من خلفها بأستفهام: صاحب صقر ؟ و ده فين
_ اوقات كتير بيجي هنا في شغل، كلامنا ما يتعداش السلام، بس بحس من عينيه حاجه غريبه رغم انها بتبقي ثواني و ينزلها الارض، غصب عني يا كارما قلبي اتعلق بيه.
اجابتها كارما بتأثر : عشان كده مش مبسوطه بالعريس المتقدملك
ردت زهرة عليها بحزن: كان عندي امل، بس يظهر خلاص نصيبي كده
شعرت كارما بالحزن لاجلها قائله:انتي ممكن ترفضي يا زهرة ما اعتقدش عمي او جدي و حتي صقر يغصبوكي علي الجواز، و يمكن العريس ده يبقي كويس و لما تعرفيه تحبيه
ترقرقت العبارات بعينين زهرة فأدركت كارما ان الفعل اصعب من الحديث، احتضنتها مؤازة شاعرة بالحزن لاجلها.
،،،،،،،،،،،،،،،،،
جلست تقضم في اظافرها و والدتها تفكر بحل لتلك المعضله
هتفت ايناس بضيق: خلاص كده ياماما صقر طار من ايدي
جذبتها والدتها من ذراعها هاتفه: لا طبعا ، اصبري بس بفكر في حل
قالت ايناس : حل؟ حل ايه ده جدي رماها في وشنا و جابهلنا علي بلاطه
فكرت سعاد قليلا و قالت : زودي العيار معاه حبتين
نفخت و قالت: بيصدني يا ماما هاعمل ايه، ارمي نفسي عليه
اتسعت عينين سعاد و قالت بغضب: لالا ان شاء الله مش اللي في بالي
انتبهت لها ايناس مستفهمه: هو ايه الى في بالك يا ماما
جلست سعاد ببطئ و عقلها يعيد بعض الاحداث سريعآ: يوم ما صقر جه من السفر كنا بنفطر و لما عمي سأل عليه كارما قالت انه رجع امبارح، عرفت منين و هو كان جاي بعد نص الليل
ضيقت ايناس عينيها برييه و هتفت: يعني ايه
_ يعني تفتحي عينك يا قلب امك ، شكلنا نايمين علي ودانا و مقصوفة الرقبه ما بتضعيش وقت
ابتلعت ايناس ريقها خوفآ من فقدانه، و اشتعلت عينيها غضبآ من وجودها الجبريآ في حياتها.
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عشق الصقر ) اسم الرواية