Ads by Google X

رواية لا تقولي لأ الفصل الحادي عشر 11 - بقلم زينب سمير

الصفحة الرئيسية

 رواية لا تقولي لأ الفصل الحادي عشر 11 - بقلم زينب سمير 

11..

في المدرسة، دخل كاران تاني يوم المدرسة بخطوات بطيئة تقيلة، خايف يواجه، خايف يشوف آثار الصدمة عليها، قعد في أقرب مكان يسمحله يشوفها أول ما توصل كعادته، قدامه لمح لينا وشارف قاعدين.. لأول مرة يكونوا متفارقين، بيتبادلوا نظرات محدش فاهمها غيرهم، سُلبت منها كل معالم الصداقة اللي بينهم، نظرات كراهيـة.. وإشمئزاز.. 
صداقة سنين إتفككت في لحظة! ومش باكي عليها
ما هما خسروه كاميليا! شافوا رغبته فيها، وحبه ليها ومهتموش! 
يبقى ميستهلوش يزعل عليهم، عربيتها وصلت في الوقت دا، الباب أتفتح وقف وهو مخضوض مستني يشوف آثار جريمتهم على ملامحها، حزن وإنهيار.. خيبة أمل؟ صدمة ودموع.. عقدة جديدة زي ما أتمنوا؟
لكن ولا حاجة من دي ظهرت على ملامحها، هدوء تام، برود شديد.. بسمة خفيفة واثقة ظهرت في عيونها
وقفت ما بينهم هما التلاتة، عيونهم بتتحرك عليها بدهشـة بعدم فهم، وهي بتبصلهم بسخرية!
بأبسط حركة ممكن شفايفها أتفتحت وأتحركت، صوتها وصل ليهم كويس.. بوضوح!
- من شهرين قولتيلي يالينا لو أعتذرتلك وقولت إني ندمانة هتبعدي عني، هتسيبني في حالي مهما كنت عاملة فيكِ.. أشترطتي أقولها بصوتي وأنا بقولك دلوقتي أنا أسفة وندمانة..
هتسامحيني؟
بصتلها بدهشـة.. بعدم فهم، وزهول!
مثلت كاميليا التفكير و- ياترى بتفكري أنا أسفة على أية؟ إني طلعت بتكلم ومعرفتكيش؟ الحقيقة لا.. أنا فعلًا بيجيلي أوقات متكلمش فيها.. لما أكون مش عايزة أتكلم، سمعتوا عن الصمت الأنتقائي قبل كدا؟
عمومًا دا مش موضوعنا
بصت للطلاب اللي بدأوا يلتفوا حوالينهم و- تحبوا نتكلم هنا ولا نقعد في مكان لوحدنا أحسن؟ 
قرب كاران منها أخيرًا بدأ يستوعب اللي بيحصل!
- كاميليا بالنسبة لكل اللي حصل أنا..
وقفته و- سيبني أنا أحكيه.. 
مفيش حد بيتغير بين يوم وليلة، أكيد مكنتش هصدق عطفكم عليا دا خاصةً بعد التهديدات الفظيعة اللي أتقالت والجرايم اللي سمعتها عنكم، بس حقيقي أفترضت حُسن النيـة، لحد ما لمحت لينا بتتسحب يوم المخزن، والنور بيطفي، مكنتش فاهمة اللي بيحصل، كنت بدأت أخاف وفهمت لعبتكم.. الآذى النفسي زي ما معروف عنكم
ظهور كاران بالنسبالي مكنش مفهوم.. صدفة؟
حتى لو المرة الأولى صدفة، مرة عم أمين أكيد مكانتش صدفة، خاصةً أن زي ما دورتوا ورايا، دورت وراكم وكان سهل أعرف عنوان كاران فين وأن بيته مش قريب من بيتي تمامًا
واللي آكد تفكيري، إن عم أمين رفض الإتهام اللي أتهمناه بيه، عما تحليل وعرف إنه أخد منشطات عن طريق مشروب، بالصدفة قدمهوله حد من الشباب!
اللعبة خيوطها بدأت توضح قدامي بتصرفاتكم باقي الأيام وحنيتكم الفجائية، 
سألت نفسي كتير تعملي أية ياكاميليا؟ تسكتي وتفاجئيهم في الأخير أنك كنتِ كاشفة خطتهم! هيعتبروها لعبة وفشلت مش هيحصل حاجة
ولا.. تلعبي أنتي عليهم، تعرفيهم قد أية الموضوع مش مرح زي ما متخيلين!
ومن هنا جـه دوري أنا
بسمة ثقة ظهرت على ملامحها، ونظرة شغب، ومكر..
بدأت تتحرك بثقة وسط الطلاب اللي أتجمعوا وكلهم بيسمعوا و- أنتوا فكرتوا إني وحيدة عايزة صُحبة، لكن الحقيقة أنا اللي أخترت الوحدة بنفسي أنا كنت عايزة أخويا وبس.. بعد ما مشى مكنتش عايزة أقرب من أي حد، وحدتي أخترتها بنفسي، مكنتش عايزة ونـس..
عكسكم.. 
شاورت للينا و- أنتي وبتقضي معايا وقت ومفكرة إنك بتعلقيني بيكِ كان بيحصل العكس، أنتي اللي كنتِ متلهفة إنك تقضي الوقت معايا
زي ما دورتوا ورايا، دورت وراكم.. أنتي وحيدة، عايزة ونس، حد تتعاملي معاه بأعتيادية كأنك طبيعية، برة عقدك أنتي وأصحابك، بعيد عن شارف وكاران اللي عارفين عنك كل تفصيلة فدايمًا عاملين مراقبة عليكِ..
فبقيتلك كدة، كنت بشوف التردد في عيونك، لهفتك على كل مرة بكلمك فيها نحكي سـوا.. كل خروجة
كنت سيباكي تفكري إنك بتعلقيني بيكِ.. مش العكس!
علشان لما أبعد، تتفاجئي إنك أنتي اللي خسرتي الصُحبة اللي بتدوري عليها.. مش أنا
أنتي اللي تفتقديني.. مش أنا
أنتي اللي تتوجعي.. مش أنا
أما شارف..
بصتله وقربت منه- كان دايمًا أكتر طرف فيكم بيدي، بيسمع، بيقرب، بيعطي، مبياخدش، فخليته يحس إنه لأول مرة بيعمل العكس، معايا هو لقى اللي فاقده، صديق يسمعه، يلجأله بدل ما بيلتجأ ليه، 
شخص كل ما الدنيا صوتها يعلى يدور عليه علشان يكلمه وأصواته تهدأ
بقيت زي المُسكن، علشان لما أبعد والأصوات تعلى يدور عليا بلهفة وميلاقينيش.. وهو كان مفكر العكس
بيحسسني بإحساس الأخوة، كأنه أخويا اللي بعيش معاه لحظاته
أو زي ما فكر، بيدق يجرح بيـه كاران
بصلها بدهشـة، إنها فهمته! 
ضحكت بسخرية و- لما لقيت اللعبة راحت لهنا قولت أشطا أوي، كدا اللعبة هتحلو، كدا مش بس هوجعهم لما أمشي، كدا هكسر صداقتهم، وهدمر علاقتهم، الحب لما يدخل في الصداقة بيفككها
سبتك تلعب بيا قدام كاران، علشان أخسرك أنت وكاران بعض..
حركة سيئة عارفة، بس كان لازم تدوقوا طعم الآذى اللي بتوجعوا بيه غيركم
أما كاران
ملك اللعبة
صاحب الساحة
بصتله، عيونه كانت متجمدة عليها، مليانة دموع!
مش مفهومة نظراته، خيبة؟
ضحكت و- هي الخيبة، كنت مستنية أشوف الخيبة دي في عيونك، لما تكتشف الحقيقة، إنك لأول مرة تكون اللعبة.. مش مالكها، لما تعرف إن في غيرك أشطر منك في التمثيل.. 
حتى النظرات
قربت تبص في عيونه، ملامح أختفت منها البراءة لأول مرة، ظهرت نظرات ياريتها شبة نظرات أخواته.. كراهيـة معروف سببها
لكنها كانت كراهيـة مجهولة السبب، كراهية ممزوجة بإشمئزاز وسخرية..
نفس النظرات اللي أتوعد هو ولينا إن الناس هتبصلها بيها
هي دلوقتي بتبصله بيها!
- كنت مستنية أشوف خيبتك لما تعرف أن حتى أكتر حد بتثق في عيونه، أول حد تحس إنه بريء حقيقي، حتى هو مطلعش بريء! بل لأول مرة تفشل إنك تعرف دا.. 
ودلوقتي..
صقفت بصوت عالي تلفت أنتباه الكل و- برأيكم.. 
مين لعبه أحلى؟ تنكروا إني فزت عليكم؟
مش بس آذيتكم نفسيًا، بل دمرت صداقة دامت عشر سنين زي ما بتفتخروا بيها؟
صداقتكم كانت هشـة؟ ولا.. أنا عرفت أستغل بعض الهفوات اللي فيها؟
إحساس التوهه اللي أنتوا فيه، الحسرة، والصدمة
دا كان أحساس كل واحد أدمر على إيدكم وأنتوا مفكرين الموضوع لعبة، دا أحساس كل واحد آذتوه علشان سبب تافه زي إنه قال على قَصة لينا وحشة، وقع عصير على كاران، او لعب أحسن من شارف في تدريب السلة
أنا مكنتش ناوية أعمل دا كله، أنا مش كدا
بس بقيت كدا لأن كان لازم حد يوقفكم عند حدكم و..
بصت لكاران بنظرات ذات معزى و- وأنا محدش يقولي متقوليش لا.. محدش يمنعي أعمل حاجة أو يجبرني أعمل حاجة
أنا مش لعبتك.. عيوني طول الوقت كانت بتقول دا
بس أنت كنت بتفهمها غلط.. 
عملت كام حركة بإيديها بنفس الطريقة الغلط اللي شاور بيها قبل كدا وضحكت بسخرية
وحده فهمها، لما أعتذر منها قبل كدا عن كل اللي بيعمله بس بإشارات مش مظبوطة
فكرها مفهمتش!
'أسف على كل اللي عملته.. أنتِ مستحقيش مني كدا'
فكان ردها
'أسفة على كل اللي عملته.. بس أنت تستحق كل دا'
المدرسين ظهروا وخلصوا المسرحية، خلوا الكل يروح على فصله، الناس بتمشي قدامهم وتروح وتمشي، وهما ثابتين، بيبصوا التلاتة لبعض بتوهه، متشاركين نفس الإحساس
فراغ.. كأنهم هوا، عالم كله أتقلب في دماغهم
لما لمرة واحدة وبس.. بقيوا الضحايا مش الملوك!
لما أتوجعوا.. موجعوش
لما عرفوا قد أية أفعالهم بتسيب تساؤلات كتيرة جوه الأنسان
لما فضلوا يسألوا نفسهم أمتى وأزاي ولية، وأسئلة كتير ملهاش جواب
بس فوق كل دا، تيجي صداقتهم
هل كانت هشـة؟ لية فجأة بقيوا حاسين أن في أسوار وأسوار تفصل بينهم، عقلهم مبقاش كتب مفتوحة على بعض!
يمكن لأن كل واحد خبا سـر جواه؟
شارف كتم حبه للينا، لينا كتمت حبها لكاران
كاران كان عارف بحب الأتنين ومثل عدم المعرفة!
فبنوا من غير ما يحسوا سـد بينهم وبين بعض!
ولا أية مشكلتهم؟ ان صداقتهم كانت مليانة آذية، ليهم قبل غيرهم
اللي يعرفوه حاليًا، أن الصداقة دي مينفعش تكمل
بس مينفعش تنتهي!
بصمت تام بعد لحظات طويلة كل واحد فيهم يمشي في طريقه
ولأول مرة طريقهم ميبقاش واحد!
****
فينك؟ أنا من غيرك، أنا مش عاقل ولا مجنون..
أنا مطحون، والدنيا دي رحايا
شجر الليمون، دبل على أرضه.. 

كانت بتغني كاميليا وهي ماسكة لعبة أخوها، أخر أغنية سمعوها سـوا وعجبته، مسكت الحظاظة بتاعته تلعب فيها بشرود و- وبكدا خلصت الخطة وخلصت من الحكاية دي..
سكتت شوية كأنها بتسمع أخوها، عارفة لو موجود هيقول أية و- لا مش ندمانة، كانوا يستحقوا دا، كان لازم يفوقوا، صدقني أنا كدا ساعدتهم
أمم لا مش زعلانة.. بص يمكن شوية، قضيت معاهم وقت حلو
ومنكرش.. هما فيهم حاجة حلوة، فيهم حاجات كتير حلوة بس هما أختاروا يبقوا كدا، كانوا بيآذوا نفسهم قبل الكل متعرفش لية!
كأنهم بينتقموا من حد.. فيهم هما! لينا بتعمل كل المشاكل دي علشان تلفت أنتباه أهلها ليها حتى لو هيزعقوا، 
لينا هي اللي بتحركهم.. حبهم ليها رهيب..
مسدت على صورة ليه بحب و- بيفكرني بحبك ليـا، كاران بيحبها كأخت ليه.. نصه التاني بس هي مفهمتش دا ومكتفتش بالحتة دي بس، لكن شارف!
مهووس بيها، عيونه دايمًا عليها، حافظ أقل حركة ليها
عارف؟
شارف مكنش عنده أعتراض تكون مع كاران طالاما دي رغبتها، المهم تكون مبسوطة، أن لينا تكون مبسوطة دي رغبته الأولى والأخيرة
يمكن علشان كدا أنا أستغليت لينا، إني أكون مُسكن لشارف بس.. مش كفاية
وجع لينا هو كمان وجع شارف، فضربت عصفورين بحجر

لا لا.. متقولش عليا شريرة، أنا بس كنت عايزة أفوقهم!
يمكن الطريقة غلط.. بس دا اللي جـه معايا
وهزت كتفها بجهل..
حتى الشرير في لحظة ممكن تلاقيه طيب، والطيب.. طيبته مش دايمة!
الأبيض والأسود مجوش من فراغ كل شئ وعكسه دا مش مجرد سراب
كلنا.. في لحظة، منقلبين! في لحظة نحب ولحظة نكره، لحظة نطبطب ولحظة نلدع
وكلنا رد فعل لأفعال غيرنا، في اللي شاطر يتحكم في ذاته وفي اللي نقطته السودة هي اللي بتتحكم فيه
أحنا كلنا مختلين بأختلاف الدرجات، في اللي بينفذ، في اللي بيفكر، في اللي بيتخيل، وكله حسب ما بيريحه حاله
وقليل أوي.. بس موجود، طيبته هي اللي طاغية
والدنيا دي رحايا..
****
دخل كاران بيته وهو مكبوت، جواه أصوات كتير وحاجات كتير مش عارف يفسرها، مخنوق، لقى أخواته موجودين، تجاهلهم علشان يطلع أوضته وقفه صوت أخوه- مش هتسلم ياكاران؟
- أبعد عني الساعة دي
- أنهاردة هكلم أبوك هعرفه باللي حصل في المدرسة، لازم يشوف الفيديو وأزاي عريتنا قدام الناس
حتة بنت هبلة وعبيطة تخليك أضحوكة كدا! طيب بذمتك واحد زيك يمسك مليارات أزاي ويديرها!
- أسكت
- هي البت حلوة مننكرش بس مش للدرجة دي يعني!
كدا أي منافس لينا حلو نقلق منه
بصوت عصبي- قولتلك أسكت
- ولو مسكتش هتعمل أية؟ هتضربني ولا هتقف مشلول زي ما كنت واقف قدامها مش قادر تعمل حاجة، كاتم دموعك زي العيل الـ..
صرخ وهو بيقرب منه يضربه بغل- قولتلك أسكت، أخرس بقى أخرس
بدأ يضربه بغل يطلع فيه كل الكبت اللي جواه، حيرة كل السنين اللي كبرت جواه بسببه هو وأخته
لية بيكرهوه كدا، لية هما مزيفين، لية شوية فلوس يعملوا بينهم كل دا
لية كل علاقاته بالناس مش حقيقية، مليانة مصالح وكدب ونفاق

- كاران..

صوت والده المزهول وقفه، بعد عن أخوه وهو بينهج، بص للأرض وهو مستعد لأي حاجة.. حتى والده علاقته الأفضل في الحياة، مستعد إنها تدمر!
لكن.. اللي أتقال مختلف تمامًا عن اللي توقعه!
- لينا أنتحرت ياكاران
صوت مامته المنهار صدح في المكان ووقتها العالم كله وقف بيـه، لينا! لينا.. 
الشخص الوحيد اللي بيخاف عليه، بيحاول يحميه من الدنيا، أخته، نصه التاني، الصورة الضعيفة منه..
هتروح منه؟
وقتها جـت لحظة الأدراك، حتى لو أتبنى بينهم ألف سور، متقابلوش بالسنين، بعدوا وراحوا وجم.. هيفضلوا بنفس المكانة عند بعضهم البعض
هتفضل علاقتهم متشابكة ومش مفهمة ولكنها أعمق من أن يستوعبها حد
حتى هما!

يتبع...

لـ زينب - سمير

 •تابع الفصل التالي "رواية لا تقولي لأ" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent